حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: تمہارے درمیان میرے اہلِ بیت علیھم السلام کی مثال سفینہ نوح ؑ کی سی ہے، جو اس پر سوار ہو ا نجات پاگیا اور جو پیچھے رہ گیا غرق ہوگیا شرح ابن ابی الحدید ج 1ص276، بحارالانوار کتاب الامامۃ باب7

البھجہ المرضیہ فی شرح الفیہ حصہ دوم

الثاني من التّوابع التوكيد

و يقال له التأكيد و هو- كما في شرح الكافية- تابع يقصد به كون المتبوع علي ظاهره «1». بالنّفس أو بالعين الاسم أكّدا مع ضمير طابق المؤكّدا

(بالنّفس أو بالعين) بمعني الذّات (ألاسم أكّدا) تأكيدا معنويّا يقتضي التّقرير «2» (مع ضمير) متّصل بهما (طابق المؤكّدا)- بفتح الكاف- في إفراده و تذكيره و فروعهما ك «جاء زيد نفسه متيّما بهند نفسها».

و اجمعهما بأفعل إن تبعا ما ليس واحدا تكن متّبعا

(و اجمعهما) أي النّفس و العين (بأفعل إن تبعا ما ليس واحدا) أي مثنّي أو مجموعا، فقل «جاء الزّيدان أنفسهما و أعينهما» (تكن متّبعا) للّغة الفصيحة و يجوز أن يؤتي بهما مفردين و هو دون الجمع «3» فتقول «جاء الزّيدان نفسهما» و مثنّيين و هو

(1) أي: لم يصدر عن سهو و غلط أو تجوّز.

(2) أي: يوجب تثبيت متبوعه.

(3) في الفصاحة.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 339

دون الإفراد، «1» فتقول «جاء الزّيدان نفساهما».

و كلّا اذكر في الشّمول و كلا كلتا جميعا بالضّمير موصلا

(و كلا اذكر فى) التّأكيد المقتضي (الشّمول) «2» أي العموم لجميع أفراد المؤكّد أو أجزائه «3» (و كلا) و (كلتا) و (جميعا) قال المصنّف و أغفلها أكثر النّحويّين، و نبّه سيبويه على أنّها «4» بمنزلة كلّ معني و استعمالا، و لم يذكر لها شاهدا من كلام العرب.

و ائت (بالضّمير) المطابق (موصلا) بهذه الأربعة، ك:

هم جميعهم لقوهم كلّهم و الدّار صارت كلّها محلّهم «5»

و استعملوا أيضا ككلّ فاعلة من عمّ في التّوكيد مثل النّافلة

(و استعملوا أيضا ككلّ) لفظا على وزن (فاعلة) مشتقّا (من عمّ في التّوكيد) فقالوا «جاء النّاس عامّة»، و هو (مثل النّافلة) تاؤه تصلح للمذكّر و المؤنّث.

و بعد كلّ أكّدوا بأجمعا جمعاء أجمعين ثمّ جمعا

و دون كلّ قد يجي‏ء أجمع جمعاء أجمعون ثمّ جمع‏

(و بعد كلّ أكّدوا بأجمعا) للمذكّر و (جمعاء) للمؤنّث و (أجمعين) للجمع‏

(1) فالتثنية في المرتبة الثالثة من الفصاحة.

(2) مقابل مقتضي التقرير، أعني النفس و العين.

(3) فالأول نحو رأيت القوم كلهم، و الثاني نحو اشتريت الدار كلها، أي: بجميع أجزائها.

(4) أي: جميعا بمنزلة كل معني لكونها للشمول ككلّ و استعمالا في التبعية و اتصال الضمير المطابق للمتبوع. (5) فجميعهم بالرفع تأكيد ل (هم) و كلهم بالنصب تأكيد ل (هم) في لقوهم و معهما الضمير المطابق للمتبوع و كلها بالرفع تأكيد لفاعل (صارت) و معه الضمير المؤنث المطابق لمتبوعه و الأولان لشمول الأفراد و الأخير للأجزاء البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 340

المذكّر (ثمّ جمعا) لجمع المؤنّث، و لا يؤكّد بها قبله عندهم «1».

(و) لكن (دون كلّ قد يجي‏ء) في الشّعر (أجمع) و (جمعاء) و (أجمعون ثمّ جمع) كقوله:

[يا ليتني كنت صبيّا مرضعا تحملني الذّلفاء حولا أكتعا]

[إذا بكيت قبّلتني أربعا] إذا ظللت الدّهر أبكي أجمعا

و المختار جوازه في النّثر، قال صلّي اللّه عليه و آله: «فله سلبه أجمع».

تتمة: أكّدوا بعد أجمع بأكتع فأبصع فأبتع و بعد جمعاء بكتعاء فبصعاء فبتعاء و بعد أجمعين بأكتعين فأبصعين فأبتعين و بعد جمع بكتع فبصع فبتع و شذّ مجي‏ء ذلك على خلاف ذلك. «2»

ثمّ إنّ النكرة إذا لم يفد توكيدها- بأن كانت غير محدودة كحين و زمان فلا يجوز [تأكيدها] باتّفاق.

و إن يفد توكيد منكور قبل و عن نحاة البصرة المنع شمل‏

(و إن يفد توكيد منكور) بأن كان محدودا كيوم و شهر و حول (قبل) عند الكوفيّين. قال المصنف: هو «3» أولي بالصّواب سماعا و قياسا، و منه:

يا ليتني كنت صبيّا مرضعا تحملني الذّلفاء حولا أكتعا «4»

(و عن نحاة البصرة المنع) من توكيد النكرة (شمل) لما أفاد أيضا.

(1) أي: لا يؤكد بهذه الأربعة قبل التأكيد بكل فلا يقال جاء القوم أجمعون كلّهم.

(2) أي: مجي‏ء هذه التأكيدات على خلاف هذا الترتيب.

(3) أي: جواز تأكيد النكرة إذا كان مفيدا بأن كان محدودا أولي بالصواب لسماع ذلك من العرب و لكونه مطابقا لقواعد التأكيد.

(4) فاكتع تأكيد لحول مع أنه نكرة.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 341

و اغن بكلتا في مثنّي و كلا عن وزن فعلاء و وزن أفعلا

(و اغن «1» بكلتا في مثنّي و كلا عن وزن فعلاء) أي جمعاء في المؤنّث (و وزن أفعلا) أي أجمع في المذكّر، و أجاز الكوفيّون استعمال ذلك «2» قياسا.

و إن تؤكّد ألضّمير المتّصل بالنّفس و العين فبعد المنفصل‏

عنيت ذا الرّفع و أكّدوا بما سواهما و القيد لن يلتزما

(و إن تؤكّد الضّمير المتّصل بالنّفس و العين فبعد) أن يؤكّده (المنفصل عنيت) بهذا «3» الضّمير (ذا الرّفع)، نحو «قوموا أنتم أنفسكم» بخلاف «قوموا أنفسكم»، و يجوز تأكيد ذا النّصب و الجرّ بهما و إن لم يؤكّد بمنفصل «4».

(و أكّدوا) الضّمير المتصل المرفوع (بما سواهما «5» و القيد) المذكور «6» حينئذ (لن يلتزما) فيجوز تركه.

و ما من التّوكيد لفظي يجي‏ء مكرّرا كقولك أدرجي ادرجي‏

(و ما من التّوكيد لفظىّ) «7» هو الّذي (يجي‏ء مكرّرا) و يكون في المفرد و الجملة، فالأوّل إمّا بلفظه (كقولك ادرجي ادرجي) «8» أو بمرادفه كقوله «أنت بالخير

(1) أي: لا يجوز تأكيد التثنية المذكر بأجمع و لا المؤنث بجمعاء بل أكّدهما بكلا و كلتا فقط.

(2) أي: تأكيد التثنية بأجمع و جمعاء.

(3) أى: باتيان المنفصل فيما إذا كان المتبوع المتّصل مرفوعا.

(4) نحو رأيته نفسه و مررت به نفسه.

(5) أي: سوي النفس و العين.

(6) أي: التأكيد بالمنفصل فيجوز تركه نحو جاؤا كلّهم أجمعون‏

(7) أي: قسم من التأكيد لفظى.

(8) المقصود تأكيد الفعل فقط و إن تكرّر معه الفاعل أيضا فلا يرد عليه أنه من تأكيد الجملة. البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 342

حقيق قمين»، «1» و الثاني إمّا يقترن بحرف عطف و هو الأكثر كقوله تعالى: أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ ثُمَّ أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ «2» أولا، كقوله:

أيا من لست أقلاه و لا في البعد أنساه‏

لك اللّه علي ذلك لك اللّه لك اللّه «3»

و لا تعد لفظ ضمير متّصل إلّا مع اللّفظ الّذي به وصل‏

(و لا تعد لفظ ضمير متّصل) إذا أكّدته تأكيدا لفظيّا (إلّا مع اللّفظ الّذي به وصل) نحو «مررت بك بك» و «رأيتك رأيتك»، و لوضوح أمر المنفصل «4» سكت عنه.

كذا الحروف غير ما تحصّلا به جواب كنعم و كبلى‏

(كذا) أي كالضّمير المتّصل (الحروف غير ما تحصّلا به جواب) فيجب إعادة ما اتّصل بها، نحو أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَ كُنْتُمْ تُراباً وَ عِظاماً أَنَّكُمْ «5» «6». و شذّ:

حتّي تراها و كأنّ و كأن «7» [أعناقها مشدّدات بقرن‏]

و اشذّ منه «8»:

[فلا و اللّه لا يلفي لما بي‏] «و لا للما بهم» ابدا دواء

(1) فأكد (حقيق) بمرادفه في المعني و هو قمين و إن لم يتّحدا لفظا.

(2) القيامة، الآية: 34 و 35.

(3) فلك اللّه جملة مبتدء و خبر كرّر للتأكيد بغير عطف.

(4) لأن معني المنفصل أنه غير متصل بشي‏ء ليذكر مع التأكيد.

(5) فأكد (أنّ) مع ما اتّصل بها (كم).

(6) المؤمنون، الآية: 35.

(7) كرّر الحرف من غير ذكر متّصل به.

(8) لاتّصال التابع بما لم يتّصل بالمتبوع.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 343

أمّا الحروف الجوابيّة (كنعم و كبلى) فيجوز أن يؤكّد بإعادتها وحدها.

و مضمر الرّفع الّذي قد أنفصل أكّد به كلّ ضمير اتّصل‏

(و مضمر الرّفع الّذي قد انفصل أكّد به كلّ ضمير أتّصل) مرفوعا أو غيره، نحو اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ «1» و «قمت أنت» و «أكرمتك أنت» و «مررت بك أنت».

البقرة، الآية: 35.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 344

الثالث من التوابع العطف‏

العطف إمّا ذو بيان أو نسق و الغرض الآن بيان ما سبق‏

فذو البيان تابع شبه الصّفة حقيقة القصد به منكشفة

[القسم الاول من قسمي العطف عطف بيان‏]

(ألعطف إمّا ذو بيان أو نسق، و الغرض الآن بيان ما سبق، «1» فذو البيان تابع شبه الصّفة) في أنّ (حقيقة القصد به منكشفة) لكنّه مخالف لها في أنّه لا يكون مشتقّا و لا مؤوّلا.

فأولينه من وفاق الأوّل ما من وفاق الأوّل النّعت ولي‏

فقد يكونان منكّرين كما يكونان معرّفين‏

(فأولينه من وفاق الأوّل) «2» أي المتبوع (ما من وفاق الأوّل النّعت ولي) من تذكير و إفراد و غير ذلك.

إذا علمت ذلك (فقد يكونان) أي العطف و متبوعه (منكّرين) نحو «إسقني شربا

(1) أي: ما سبق في البيت و هو البيان.

(2) (من) للبيان، أي: أعط عطف البيان من موافقة متبوعه ما أعطيت النعت من وفاق متبوعه و هو أربعة من عشرة فواحدا من التذكير و التأنيث و واحدا من الإفراد و التثنية و الجمع، و واحدا من التعريف و التنكير، و واحدا من الرفع و النصب و الجرّ.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 345

حليبا» (كما يكونان معرّفين) نحو «ذكرت اللّه في الواد المقدّس طوى»، «1»

و أشار بإتيانه بكاف التّشبيه المفهمة للقياس الشّبهيّ «2» بل الأولويّ لأنّ احتياج النّكرة إلى البيان أشدّ من غيرها- إلى خلاف من منع إتيانهما «3» نكرتين كالزّمخشري، أو ذهب إلي اشتراط زيادة تخصيصه. «4»

فائدة: جعل أكثر النّحويّين التّابع المكرّر به لفظ المتبوع «5» كقوله:

(1) فطوي بيان للمقدس، و هما معرفتان المعطوف بالعلمية و المعطوف عليه بأل، و التبس الأمر على بعض الأساطين من الشراح حيث توهم أن المقدس عطف بيان للوادي، و غفل من أن عطف البيان لا يكون مشتقا و لا مؤولا، كما مرّ من الشارح قبل أسطر.

(2) القياس إعطاء حكم شي‏ء لشي‏ء آخر لمشابهتهما في علة الحكم و هو على قسمين شبهيّ و أولويّ، إذ قد تكون العلة في المشبه أقوي من المشبه به فأولويّ، و قد يكون مساويا معه فشبهيّ.

مثلا إذا ورد دليل على أن الخمر نجس لأنه مسكر، و كان مايع غير الخمر مسكرا بمقدار إسكار الخمر فيقاس على الخمر، و يقال: هذا المايع نجس كما أن الخمر نجس لكونه مثل الخمر في الإسكار، فهذا قياس شبهي و أما إذا كان الإسكار في ذلك المايع أشد من الإسكار في الخمر فالقياس أولويّ، و هو أقوي دليلا من الشبهيّ. ففيما نحن فيه نعلم أن عطف البيان أنما يؤتي به لبيان المعطوف عليه و إيضاحه و عطف البيان في المعرفة مسلم عند النحاة، و أما النكرة و إن لم يرد من أقوال النحاة دليل على مجيئه عطف بيان إلا أن قياسه علي المعرفة دليل عليه. فاستدلّ المصنف بهذا الدليل لمجي‏ء النكرة عطف بيان لتشبيهه النكرة بالمعرفة، و في هذا إشارة إلى خلاف من منع من إتيان عطف البيان، و معطوفه نكرتين كالزمخشري أو خلاف من أجاز عطف البيان في النكرة لكن بشرط أن يكون في المعطوف زيادة تخصيص للمعطوف عليه. فدفع الخلافين بدليل القياس و حاصله أنه لا معني لإتيان المعرفة بيانا و لا نجوّز ذلك في النكرة مع أن العلّة موجودة في النكرة.

(3) أي: المعطوف و المعطوف عليه.

(4) نحو جائني انسان رجل.

(5) لا معناه، فإن (نصر) التابع أي: الثاني مصدر، و المتبوع علم لشخص، فكأنه قال يا نصر الذي هو نصر للناس نصرا، و الثالث مفعول مطلق معمول لنصر الثاني، و المراد أنه إذا كان التابع تكرار اللفظ المتبوع-

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 346

[إنّي و أسطار سطرن سطرا] لقائل يا نصر نصر نصرا

عطف بيان. قال المصنف: و الأولي عندي جعله توكيدا لفظيّا، لأنّ عطف البيان حقّه أن يكون للأوّل به زيادة وضوح، و تكرير اللّفظ لا يتوصّل به إلى ذلك.

و صالحا لبدليّة يرى في غير نحو يا غلام يعمرا

(و صالحا لبدليّة يرى) «1» عطف البيان (فى) جميع المسائل (غير) مسألتين:

الأولي أن يكون التّابع مفردا معربا و المتبوع منادي (نحو يا غلام يعمرا) «2» فيجب في هذه الحالة كونه عطف بيان، و لا يجوز أن يكون بدلا لأنّه لو كان [بدلا] لكان في تقديره حرف النّداء، «3» فيلزم ضمّه.

و نحو بشر تابع البكريّ و ليس أن يبدل بالمرضيّ‏

(و) الثّانية- أن يكون المعطوف خاليا من لام التّعريف و المعطوف عليه معرّفا بها مجرورا بإضافة صفة مقترنة بها «4» (نحو بشر) الّذي هو (تابع البكريّ) في قوله:

أنا ابن التّارك البكري بشر [عليه الطّير ترقبه وقوعا]

فيجب في هذه الحالة أن يكون عطفا (و ليس أن يبدل بالمرضىّ) عندنا، لأنّه حينئذ يكون في تقدير إعادة العامل، فيلزم إضافة الصّفة المعرفة باللّام إلي الخالي عنها،

- دون معناه جعله أكثر النحويّين عطف بيان، و أما إذا كان تكرارا لفظا و معني فلا خلاف في أنه تأكيد، فتدبّر.

(1) يعني: كل تابع يصلح لأن يكون عطف بيان يصلح لأن يكون بدلا، إلّا في موردين.

(2) فيعمر مفرد معرب و غلام منادي مبني على الضم لكونه نكرة مقصودة.

(3) لأن البدل في نية تكرار العامل و لو تكرر العامل و هو حرف النداء لصار يعمر مبنيا على الضم، لأنه يصير بذلك منادي مفرد معرفة.

(4) أي: بلام التعريف.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 347

و هو غير جائز، كما تقدّم، «1» و هو مرضي عند الفرّاء لتجويزه ما يلزم عليه، «2» و قد تقدّم تأييده.

تنبيه: استشكل ابن هشام في حاشية التّسهيل ما علّلنا به هاتين المسألتين بأنّهم يغتفرون في الثّواني [أي التّوابع‏] ما لا يغتفرون في الأوائل، «3» و قد جوّزوا في «إنّك أنت» كون أنت تأكيدا [للكاف‏] و كونه بدلا مع أنّه لا يجوز «إنّ أنت».

(1) في باب الإضافة.

(2) الضمير يعود إلى تقدير إعادة العامل، يعني لتجويز الفراء ما يلزم على هذا التقدير، و هو إضافة الصفة المعرّفة باللام إلى الخالي عنها و قد تقدم تأييد قول الفرّاء باستعمال الإمام الشافعي له في خطبته بقوله:

(الجاعلنا) في باب الإضافة.

(3) يعني عدم جواز إضافة الصفة المعرف باللام إلى الخالي عنه أنما هو في الأوائل، أي: غير التوابع، و أما في الثوانى، أي: التوابع فلا بأس، و الدليل على ذلك أنهم جوزوا في (إنك أنت) أن يكون (أنت) بدلا مع انّه لا يجوز دخول إن على أنت. البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 348

القسم الثاني من قسمى العطف عطف النّسق‏

و هو بفتح السّين: اسم مصدر «نسقت الكلام أنسقه» أي عطفت بعضه علي بعض، و المصدر بالتّسكين.

تال بحرف متبع عطف النّسق كاخصص بودّ و ثناء من صدق‏

(تال بحرف متبع) بكسر الباء (عطف النّسق «1» كأخصص بودّ و ثناء من صدق).

فالعطف مطلقا بواو ثمّ فا حتّي أم أو كفيك صدق و وفا

(فالعطف مطلقا) أي لفظا و معنى «2» (بواو) و (ثمّ) و (فاء) و (حتّى) بالإجماع، و

(1) عطف النسق مبتدء و تال خبره المقدم و باء بحرف بمعني مع و الجار و المجرور و متعلّق بتال و متبع صفة لتال و المعنى: عطف النسق تابع مع حرف معقّب.

فتال بحرف يخرج التوابع الآخر من النعت و البيان و البدل، سوي التابع الذي مع بعض الحروف كالنعت في قولنا جائني زيد العالم، لأنّ العالم مع حرف التعريف فأخرجه بقوله متبع لأنّ حرف التعريف ليست من الحروف المتبعة أي: المعقّبة لشي‏ء عقيب شي‏ء.

(2) فإن هذه الحروف كما تعطف لفظا أي إعرابا كذلك تعطف معني أيضا، بمعني أنّها تعطي للمعطوف حكم المعطوف عليه مثلا الواو في قلنا جاء زيد و عمرو، كما أنها تعطي لعمرو إعراب زيد، تعطيه حكم زيد، أي: المجى‏ء أيضا بخلاف لا العاطفة مثلا ففي قولنا جاء زيد لا عمرو المجي‏ء ثابت لزيد، و منفي عن عمرو.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 349

كذا (أم) و (أو) علي الصّواب «1» (كفيك صدق و وفا).

و أتبعت لفظا فحسب بل و لا لكن كلم يبد امرؤ لكن طلا

(و أتبعت لفظا فحسب) أي لا معني (بل) عند سيبويه «2» (و لا) و (لكن) عند الجميع و ليس عند الكوفيّين «3» (كلم يبد أمرؤ لكن طلا) أي ولد بقر الوحش.

فاعطف بواو لاحقا أو سابقا في الحكم أو مصاحبا موافقا

(فاعطف بواو لا حقا) في الحكم، نحو وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ «4» «5».

أو سابقا في الحكم) نحو كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ «6»

(1) اختلفوا في أن (أم و أو) عاطفان مطلقا لفظا و معني أو لفظا فقط فذهب بعضهم و منهم المصنف و الشارح إلى الأول، لأنّ زيدا و عمرا في قولنا في الدار زيد أو عمرو و كذا قولنا في الدار زيد أم عمرو متساويان عند المتكلّم في صلاحيّة كونهما في الدار و كذا في الشكّ في تعيّن كل واحد منهما و ذهب بعض إلى الثاني و دليلهم عدم اجتماعهما في الحكم عند المتكلّم ففي المثال يري المتكلّم أنه إن كان في الدار زيد فعمرو خارج عنها و بالعكس فحكم المتبوع غير ثابت للتابع.

(2) لا خلاف بينهم في أنّ (بل) في النفي و النهي لعطف اللفظ فقط دون المعنى، و إنما الخلاف فيما إذا وقعت في الإثبات و الأمر نحو جاء زيد بل عمرو أو أضرب زيدا بل عمرا فالأكثر على أنها للعطف لفظا و معنى، فإن المعني جاء زيد بل عمرو أيضا جاء، و أضرب زيدا بل عمرا أيضا أضربه.

و قال سيبويه: أنها في الإثبات و الأمر أيضا للعطف اللفظي فقط فإنها للإضراب و الإضراب رفع اليد عن الحكم السابق و إثباته للّاحق فالمعطوف و المعطوف عليه ليسا مشتركين في الحكم.

(3) الخلاف في ليس في أنها تستعمل للعطف أم لا، فذهب الكوفيون إلى جوازه نحو جاء زيد ليس عمرو برفع عمرو و منعه الآخرون و قالوا أنها لا تستعمل إلّا فعلا ناسخا للمبتدا و الخبر، و ليس الخلاف في أنّها لمطلق العطف أو اللفظ فقط كما يوهمه ظاهر العبارة.

(4) فإن إرسال إبراهيم لاحق و متأخّر عن إرسال نوح.

(5) الحديد، الآية: 26.

(6) فإن الوحي للذين من قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سابق و متقدم على الوحي للرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 350

اللَّهُ «1» (أو مصاحبا موافقا) فيه، نحو فَأَنْجَيْناهُ وَ أَصْحابَ السَّفِينَةِ «2» «3».

و اخصص بها عطف الّذي لا يغني متبوعه كاصطف هذا و ابني‏

(و) على هذا «4» (اخصص بها عطف الّذي لا يغني متبوعه) عنه كفاعل ما يقتضي الإشتراك (كاصطف هذا و ابني) و «تخاصم زيد و عمرو» «5».

و الفاء للتّرتيب باتّصال و ثمّ للتّرتيب بانفصال‏

(و الفاء للتّرتيب باتّصال) و تعقيب، نحو الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ «6» «7».

و أمّا قوله تعالى: وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً «8» «9»، فمعناه أردنا

(1) الشورى، الآية: 3.

(2) فالمعطوف أي: أصحاب السفينة موافق للمعطوف عليه، و هو الضمير العائد إلى نوح في الانجاء لانهم انجوا في وقت واحد.

(3) العنكبوت، الآية: 15.

(4) أي: على ما ذكر من أن الواو يعطف بها المصاحب الموافق اختص عطف التابع الذي لا يغني متبوعه بالواو، لأن الذي لا يغني متبوعه عنه أي: يحتاج إليه مصاحب لمتبوعه و ليس في حروف العطف ما يصلح لعطف المصاحب غير الواو فيختص عطفه بالواو لا بغيره من العواطف.

(5) إنما مثل بمثالين لأن اقتضاء الاشتراك قد يكون ذاتيا كالاصطفاف، إذا لا يمكن حصول الصف بواحد، و قد يكون نوعيا كالتخاصم لإمكان أن يكون شخص خصما لآخر، و لا يكون الآخر خصما له، لكن نوع الفعل الذي هو باب التفاعل يقتضي أن يكون بين اثنين.

(6) فإن تسوية أجزاء البدن بعد الخلقة و متصلة بها.

(7) الانفطار، الآية: 7.

(8) ظاهر الآية تقدم المعطوف و هو مجي‏ء البأس، أي: الغضب على المعطوف عليه أي: الإهلاك على خلاف ما ذكر أن الفاء للتعقيب فأجاب بأنّ المعطوف مقدّر، و هو أردنا و معلوم أن مجي‏ء البأس عقيب إرادة اللّه عزّ و جلّ.

(9) الأعراف، الآية: 4.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 351

إهلاكها فجاءها، و قوله تعالى: وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى‏ فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى‏ «1» «2» فمعناه فمضت مدّة فجعله.

(و ثمّ للتّرتيب) لكن (بانفصال) و مهلة، نحو فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ «3» «4» و تأتي بمعني الفاء، نحو:

[كهز الرّديني تحت العجاج‏] جري في الأنابيب ثمّ اضطرب «5»

و اخصص بفاء عطف ما ليس صلة علي الّذي استقرّ أنّه الصّلة

(و اخصص بفاء عطف ما ليس صلة) بأن خلا من العائد (علي الّذي أستقرّ أنّه الصّلة) نحو «الّذي يطير فيغضب زيد الذّباب» «6» و لا يجوز عطفه بغيرها لأنّ شرط ما عطف علي الصّلة أن يصلح لوقوعه صلة. و إنّما لم يشترط ذلك في العطف بالفاء لجعلها ما بعدها مع ما قبلها في حكم جملة واحدة لإشعارها بالسّببيّة.

بعضا بحتّى اعطف على كلّ و لا يكون إلّا غاية الّذي تلا

و أم بها اعطف إثر همز التّسوية أو همزة عن لفظ أي مغنية

(1) هذا إشكال على قيد الاتصال، فإن جعل المرعي غثاءا أي باليا يقع بعد إخراج المرعي بمدة طويلة، و لا يكون متصلا به، فأجاب بأن المعطوف عليه هنا أيضا مقدّر، و ليس المذكور و التقدير أخرج المرعى، فمضت مدة فجعله غثاء أحوى، و معلوم أنّ جعله غثاء متصل بمضي المدة.

(2) الاعلى، الآية: 4 و 5.

(3) و مشيئة النشر، أي: القيامة منفصل عن الإقبار أي الدفن بمدة طويلة.

(4) عبس، الآية: 21 و 22.

(5) المعطوف، و هو اضطرب متصل بالمعطوف عليه (جري في الأنابيب) لأن اضطراب الرمح يقع بعد جريه في الأنابيب بغير فصل.

(6) عطف بالفاء (يغضب) و هو خال من الضمير لرفعه الظاهر (زيد) على (يطير) و هو متحمل للضمير، و الذباب خبر للّذي. البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 352

(بعضا) تحقيقا أو تأويلا (بحتّي اعطف علي كلّ) نحو «أكلت السّمكة حتّي رأسها» «1».

ألقي الصّحيفة كي يخفّف رحله و الزّاد حتّى نعله ألقاها «2»

(و لا يكون) المعطوف بها (إلّا غاية الّذي تلا) «3» رفعة أو خسّة،

نحو:

قهرناكم حتّي الكماة فأنتم تهابوننا حتّي بنينا الأصاغر «4»

فرع: حتّي في عدم التّرتيب كالواو «5».

(و أم) باتّصال «6» (بها اعطف بعد همز التّسوية) و هي الهمزة الدّاخلة علي جملة في محلّ المصدر، نحو سَواءٌ عَلَيْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا «7».

و ربّما أسقطت الهمزة إن كان خفا المعني بحذفها أمن‏

[و لست أبالي بعد فقدي مالكا] أموتي ناء أم هو الآن واقع «8»

(1) بنصب رأس مثال للبعض الحقيقي، فإن المعطوف (رأس) بعض السمكة حقيقة.

(2) المعطوف و هو نعله بعض المعطوف عليه أي الزاد تأويلا لأن النعل ليس بعضا من الزاد حقيقة، بل بعض مجازي.

(3) غاية الشي‏ء نهايته و آخره.

(4) فالكماة غاية (كم) في قهرناكم رفعة إذ المعني غلبناكم حتى شجعانكم و (بنينا الأصاغر) غاية (نا) في تهابوننا في الخسة و الضعف، لأن المعني تخافون منا حتي من أطفالنا الصغار.

(5) فيعطف بها المتقدّم على المتأخر و بالعكس.

(6) أم المتصلة ما وقع بين جملتين مرتبطتين بحيث يتمّ إحداها بالأخرى، كارتباط جملتي الشرط و الجزاء و المنفصلة ما وقع بين جملتين مستقلتين و لهذا تسمي المنفصله كما يظهر ذلك في أمثلة القسمين.

(7) إبراهيم، الآية: 21.

(8) هذا مثال لما كانت الجملتان اسميّتين كما أن الذي قبله للفعليتين، و كلاهما مؤولان بالمصدر، فالأول تقديره سواء علينا الجزع و الصبر، و الثاني تقديره لست أبالي بنأي موتي و وقوعه الآن.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 353

سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَ دَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ «1» «2». (أو همزة عن لفظ أي مغنية) بأن طلب بها و بأم التّعيين، «3» نحو: وَ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ «4»، أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ «5».

[لعمرك ما أدري و إن كنت داريا] شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر

فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني فقلت أ هي سرت أم عادني حلم‏

أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ «6».

و ربّما اسقصت الهمزة إن كان خفا المعني بحذفها أمن) نحو سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ «7» «8».

(1) مثال لاختلاف الجملتين، فإن المعطوفة اسمية و المعطوف عليها فعلية.

(2) الأعراف، الآية: 193.

(3) و هذا معني أي، لأن الاستفهامية لطلب التعيين.

و اعلم أن أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلّا بين جملتين، كما مر في الأمثلة، و أما التي تقع بعد همزة الاستفهام فيجوز عندهم أن يقع بين مفردين أو جملتين، و المفردان قد يكونان مسندين كالمثال الأول، فإن بعيد و قريب خبران لمبتدء مقدّر، أي: هو قريب أم هو بعيد، و قد يكونان مسندا إليهما كالمثال الثاني لأن المعطوف و المعطوف عليه أعني أنتم و السماء مبتدآن، أي: أنتم أشدّ أم السماء أشدّ؟ و الجملتان قد تكونان مبدوّتين بالمسند إليه كما في البيت الأول، لأن شعيب في الجملتين مبتدأ، و بعده خبره.

و قد تكون الأولي مبدوّة بالمسند إليه و الثانية بالمسند، كما في البيت الثاني، فالأولي مبدوّة بهي و (هي) مبتدء، و الثانية مبدوّة (بعاد) و هو فعل فاعله (حلم).

و قد تكونان مبدوّتين بالمسند كما في الآية، فقريب خبر لما و (يجعل) فعل و (ربّي) بعده فاعله، و الصحيح أن المعطوف و المعطوف عليه في الموارد الخمسة جملتان.

(4) الأنبياء، الآية: 109.

(5) النازعات، الآية: 27.

(6) الجن، الآية: 25.

(7) على قراءة من حذف همزة الاستفهام.

(8) البقرة، الآية: 6.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص:

354 و بانقطاع و بمعني بل وفت إن تك ممّا قيّدت به خلت‏

[فو اللّه ما أدري و إن كنت داريا] بسبع رمين الجمر أم بثمان «1»

(و بانقطاع و) هي الّتي (بمعني بل وفت) «2» مع اقتضاء الإستفهام كثيرا (إن تك ممّا قيّدت به) من تقدّم إحدي الهمزتين عليها (خلت) نحو لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ «3»، أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها «4» «5»، و قد لا يقتضي الإستفهام نحو أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَ النُّورُ «6» «7».

خيّر أبح قسّم بأو و أبهم و اشكك و إضراب بها أيضا نمي‏

(خيّر أبح قسم بأو) نحو «تزوّج هندا أو أختها» و «اقرأ فقها أو نحوا» و «الاسم نكرة أو معرفة»، «8» و الفرق بين الإباحة و التّخيير جواز الجمع في تلك دونه «9».

(1) و التقدير أبسبع.

(2) أي: (أم) التي أتت بمعني بل، و هي للإضراب، أي: الانصراف، و رفع اليد عن المعطوف عليه.

(3) السّجدة، الآية: 2 و 3.

(4) لا يتوهّم أنّ (أم) هنا واقعة بعد همزة الاستفهام، فهي من أقسام المتّصلة فإنّ الاستفهام في المتّصلة لطلب التّعيين، و هنا لإنكار المعطوف و المعطوف عليه فإنّ المراد بالآية ما يعبد من دون اللّه و أنّهم لا أرجل لهم فيمشون و لا أيدي لهم فيبطشون.

(5) الأعراف، الآية: 195.

(6) لأن (هل) للاستفهام، فإرادة الاستفهام من (أم) تحصيل للحاصل.

(7) الرعد، الآية: 16.

(8) فالأول للتخيير، و الثاني للإباحة، و الثالث للتقسيم، أي: أنت مخيّر، لأن تتزوج بهند أو أختها و يباح لك قراءة الفقه و النحو و الاسم على قسمين نكرة و معرفة.

(9) أي: إذا كانت أو للاباحة يجوز الجمع بين المعطوف و المعطوف عليه كجواز الجمع بين الفقه و النحو دون التخيير لعدم جواز الجمع بين الأختين.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 355

(و أبهم) «1» بها أيضا، نحو إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى‏ هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «2» (و اشكك) «3» نحو لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ «4» (و إضراب «5» بها أيضا نمي) أي نسب للكوفيّين و أبي علي و ابن برهان، نحو:

ماذا تري في عيال قد برمت بهم لم أحص عدّتهم إلّا بعدّاد

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية لو لا رجاؤك قد قتّلت أولادي «6»

و ربّما عاقبت الواو إذا لم يلف ذو النّطق للبس منفذا

(و ربّما عاقبت) أو (الواو) أي جاءت بمعناها «7» (إذا لم يلف ذو النّطق) أي لم يجد المتكلّم (للبس منفذا) بل أمنه، نحو

جاء الخلافة أو كانت له قدرا «8» [كما أتي ربّه موسي علي قدر]

و مثل أو في القصد إمّا الثّانية في نحو إمّا ذي و إمّا النّائية

(و مثل أو فى) إفادة (القصد «9» إمّا الثّانية في نحو) انكح (إمّا ذي و إمّا

(1) الإبهام أن يجعل المخاطب في الترديد مع علم المتكلم بتعين أحد الامرين، ففي الآية أخرج الكلام في صورة الاحتمال مع العلم بأن من وحد اللّه و عبده فهو على هدى، و انّ من عبد غيره فهو في ضلال.

(2) السّبأ، الآية: 24.

(3) أي: استعمل (أو) في مورد شك المتكلم، كما في الآية، فإن الكلام صدر ممن يشك في مقدار لبثه.

(4) المؤمنون، الآية: 113.

(5) الإضراب رفع اليد عن المعطوف عليه إلى المعطوف صاعدا أو نازلا، و الموضوع للإضراب في الأصل (بل) فالأول كالبيت الآتي، و (الثاني) نحو وفيت ديني فما بقي إلّا مأة، بل خمسون.

(6) أي: بل زادوا ثمانية فصرف النظر عن قوله ثمانين إلى الزيادة بثمانية، فالمعني بل هم ثمانية و ثمانون. (7) جائت أو بمعني الواو، لإفادة الجمع بين المعطوف و المعطوف عليه.

(8) فمعلوم هنا أن المتكلم لم يكن في مقام الترديد، بل يريد أن الخلافة جائت و أنها بقدر من اللّه تعالى. (9) أي: في معاني (أو) الستة الإباحة و التقسيم و التخيير و الإبهام و التشكيك و الإضراب.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص:

356 النّائية) «1» و «جالس إمّا الحسن و إمّا ابن سيرين» «2» إلي آخره، و أكثر النّحويّين علي أنّ إمّا هذه عاطفة و خالفهم ابن كيسان و أبو على، و تبعهما المصنّف تخلّصا «3» من دخول عاطف علي عاطف و فتح همزتها لغة تميميّة.

فرع: يستغني عن «إمّا» بأو، نحو «قام إمّا زيد أو عمرو»، و عن الأولي بالثّانية، كقوله:

نهاض بدار قد تقادم عهدها و إمّا بأموات ألمّ خيالها «4»

و عن «إمّا» ب «و إلّا»، «5» كقوله:

فإمّا أن تكون أخي بصدق فأعرف منك غثّي من سميني‏

و إلّا فاطّرحني و اتّخذني عدوّا أتّقيك و تتّقيني «6»

و قد يستغني عن «ما» كقوله:

و قد كذّبتك نفسك فاكذبنها فإن جزعا و إن إجمال صبر «7»

و قد يجي‏ء «إمّا» عارية «8» عن الواو، كرواية قطرب:

(1) أي: انكح، إمّا هذه المرأة أو تلك البعيدة فهنا لإفادة التخيير.

(2) هذا للإباحة، و للتقسيم نحو الكلمة إمّا اسم و إمّا فعل و إمّا حرف، و للإبهام نحو أنا إمّا متزوج أو أعزب إذا أردت إخفاء أمرك على المخاطب و التشكيك كقولك فلان إمّا إلى الجنة و إمّا إلى النار، و الإضراب كقولك إني بلغت إمّا السبعين و إمّا الثمانين.

(3) أي: مخالفتهم في عاطفية (امّا) هذه لأجل التخلّص من إشكال دخول عاطف على عاطف، لأن الواو عاطف، فإذا قلنا ان (إمّا) أيضا عاطف تورّطنا في هذا الإشكال.

(4) إذا التقدير (إمّا بدار) فاستغني عنها (و إمّا بأموات).

(5) مركبة من واو العطف و إن الشرطية و لا النافية.

(6) و التقدير و امّا فاطرحنى.

(7) في الأصل فإمّا جزعا و إمّا إجمال صبر فحذفت (ما) فإن أصل (إمّا) أن ما أدغمت النون في الميم.

(8) أي: خالية عن الواو.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 357

لا تفسدوا آبالكم أيمالنا أيمالكم «1»

و أول لكن نفيا أو نهيا و لا نداء أو أمرا أو إثباتا تلا

(و أول لكن) «2» عارية عن الواو (نفيا أو نهيا) و أتبعها بمفرد، نحو «ما قام زيد لكن عمرو» و «لا تضرب زيدا لكن عمرا» (و «لا» «3» نداء أو أمرا أو إثباتا تلا) ك «يا ابن أخي لا ابن عمّي» و «اضرب زيدا لا عمرا» و «قام زيد لا عمرو»، و خالف ابن سعدان في الأوّل، «4» و «لا» مبتدأ خبره «تلا» النّاصب لما قبله «5» مفعولا.

و بل كلكن بعد مصحوبيها كلم أكن في مربع بل تيها

و انقل بها للثّان حكم الأوّل في الخبر المثبت و الأمر الجلي‏

(و بل كلكن بعد مصحوبيها، «6» كلم أكن في مربع بل تيها) و «لا تضرب زيدا بل عمرا» (و انقل بها للثّان حكم الأوّل) إذا وقعت (في الخبر المثبت و الأمر الجلي) نحو «قام زيد بل عمرو» و «اضرب زيدا بل خالدا»، «7» و أجاز المبرّد كونها ناقلة في غير ما ذكر «8».

(1) و الأصل إمّا لنا و إمّا لكم و امّا غير (قطرب) فقرأ و (إما) لا (إيما).

(2) أي: ضعها بعد نفي أو نهي.

(3) (لا) عطف على (لكن) و (نداء) مفعول (تلا) أي: و لا تلا نداء أو أمرا أو إثباتا.

(4) أي: في وقوعها بعد النداء.

(5) أي: لما قبل تلا و هو (نداء) و ما بعده.

(6) أي: بعد مصحوبي لكن و هما النفي و النهي، أي: مثل لكن في العطف، و نفي حكم الأول عن الثاني. (7) فالقيام في الجملة الأولي ثابت لعمرو و الضرب في الثانية ثابت لخالد.

(8) أي: في النفي و النهي أيضا، فيجوز في قولنا لا تضرب زيدا بل عمرا قصد نقل النهي إلى عمرو، أي: لا تضرب عمرا أيضا و كذا النفى.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 358

فصل: الضّمير المنفصل و المنصوب المتّصل كالظّاهر في جواز العطف عليه من غير شرط «1».

و إن علي ضمير رفع متّصل عطفت فافصل بالضّمير المنفصل‏

أو فاصل مّا و بلا فصل يرد في النّظم فاشيا و ضعفه اعتقد

(و إن علي ضمير رفع متّصل) بارز أو مستتر (عطفت فافصل) بينهما (بالضّمير المنفصل) نحو كُنْتُمْ أَنْتُمْ أو آباؤُكُمْ «2» «3» اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ «4». (أو فاصل مّا) «5» نحو يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ «6» «7» ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا «8» «9».

(و بلا فصل يرد) العطف (في النّظم فاشيا) و في النّثر قليلا، نحو:

[و رجي الأخيطل من سفاهة رأيه‏] ما لم يكن و أب له لينالا «10»

و حكي سيبويه «مررت برجل سواء و العدم» «11» (و) مع ذلك (ضعفه اعتقد) «12».

(1) أي: من غير شرط الفصل كما في المرفوع المتصل، فالمنفصل نحو أنت و زيد عالمان و إياك و الشر، و المنصوب المتصل نحو نصرتك و زيدا.

(2) عطف آبائكم على (تم) في كنتم و فصل (بأنتم) مثال للبارز، و المثال الثاني للمستتر، إذ المعطوف عليه فيه الضمير المستتر في (اسكن).

(3) الأنبياء، الآية: 54.

(4) البقرة، الآية: 35.

(5) أي: أي فاصل كان و لو غير الضمير المنفصل.

(6) عطف (من) على الواو في يدخلون، و الفاصل ضمير المفعول (ها).

(7) الرعد، الآية: 23.

(8) المعطوف آبائنا، و المعطوف عليه (نا) في أشركنا و العاطف (لا) و الفاصل واو الزائدة.

(9) الأنعام، الآية: 148.

(10) عطف (أب) على المرفوع المتصل في يكن من غير فصل.

(11) عطف العدم على الضمير المستتر في سواء، أي: سواء هو و العدم.

(12) أي: و مع أن سيبويه حكي ذلك عن العرب فهو ضعيف.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص:

359 و عود خافض لدي عطف على ضمير خفض لازما قد جعلا

(و عود خافض لدي عطف علي ضمير خفض لازما قد جعلا) «1» عند جمهور البصريّين، نحو فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً «2»، نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ «3» و علّلوه «4» بأنّ ضمير الجرّ حينئذ شبيه بالتّنوين و معاقب له فلم يجز العطف عليه كالتّنوين، و بأنّ «5» حقّ المعطوف و المعطوف عليه أن يصلحا لحلول كلّ واحد منهما محلّ الآخر، و ضمير الجرّ لا يصلح لذلك «6» فامتنع إلّا بإعادة الجارّ. قال المصنف:

و ليس عندي لازما إذ قد أتى في النّظم و النّثر الصّحيح مثبتا

و الفاء قد تحذف مع ما عطفت و الواو إذ لا لبس و هي انفردت‏

بعطف عامل مزال قد بقي معموله دفعا لوهم اتّقي‏

(و ليس عندي لازما) تبعا ليونس و الأخفش و الزّجّاج و الكوفيّين لأنّ شبه‏

(1) يعني إذا عطفت على الضمير المجرور يجب إعادة الجارّ على المعطوف سواء كان الجار مضافا أو حرف جر كما تري في الآيتين الأولي لحرف الجر (ل) و الثانية للمضاف (إله).

(2) فصّلت، الآية: 11.

(3) البقرة، الآية: 133.

(4) هذا التعليل خاص بالمجرور بالإضافة، و حاصله أن ضمير الجر حين وقوعه مضافا إليه شبيه بالتنوين لاتصاله بالاسم و تمامية الاسم به و أنه خلف و معاقب للتنوين لحذف التنوين عند الإضافة، و كما لا يجوز العطف على التنوين بدون المنون فكذا لا يجوز العطف على الضمير المضاف إليه بدون المضاف.

(5) هذا الدليل مشترك بين المجرور بالإضافة و حرف الجرّ و حاصله أن قاعدة العطف أن يصلح كل من المعطوف و المعطوف عليه وقوعه مقام الآخر، بأن يتقدم المعطوف على المعطوف عليه، و ضمير الجر لا يصلح لذلك أي: لا يقع مقام المعطوف، ففي مثل قولنا له و لزيد مال إذا لم نعد اللام صار له و زيد مال فإذا قدمنا المعطوف صار لزيد و (ه) مال فاستعمل الضمير المتصل منفصلا.

(6) لكونه ضميرا متصلا، فإن أخّرناه انفصل و لا يستعمل المتصل منفصلا.

البهجة المرضية على ألفية ابن مالك، ص: 360

الضّمير بالتنوين، لو منع من العطف عليه لمنع من توكيده و الإبدال منه «1» كالتّنوين، مع أنّ ذلك جائز بالإجماع و لأنّه لو كان الحلول «2» شرطا في صحّة العطف لم يجز «ربّ رجل و أخيه» «3» لامتناع دخول ربّ علي المعرفة- كما تقدّم- مع جوازه. و أيضا لنا السّماع (إذ قد أتي في النّظم و النّثر الصّحيح مثبتا) كقراءة حمزة و ابن عبّاس و الحسن و مجاهد و قتادة و النّخعي و الأعمش و غيرهم الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ «4» «5» و حكاية قطرب «ما فيها غيره و فرسه «6» و أنشأ سيبويه‏

[فاليوم قرّبت تهجونا و تشتمنا فاذهب‏] فما بك و الأيّام من عجب‏

(و الفاء قد تحذف مع ما عطفت) إذا أمن اللّبس نحو فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ «7» أي فأفطر فعدّة.

(و) كذا (الواو) تحذف مع ما عطفت (