حضرت امام علی عليهالسلام نے فرمایا:
ایمان کے چار ارکان ہیں: ۱۔خدا پر توکل ۲۔اپنے معاملات خدا کے سپرد کردینا ۳۔خدا کے حکم کے آگے سر تسلیم خم کردینا ۴۔خدا کی قضا پر راضی رہنا۔
بحارالانوار کتاب الروضۃ باب16 حدیث154
فلا يعتبر في حسنه شيء أصلا بل يحسن على كل حال إلا إذا كان موجبا لاختلال النظام و لا تفاوت فيه بين المعاملات و العبادات مطلقا و لو كان موجبا للتكرار فيها و توهم «1» كون التكرار عبثا و لعبا بأمر المولى و هو ينافي قصد الامتثال المعتبر في العبادة فاسد لوضوح أن التكرار ربما يكون بداع صحيح عقلائي مع أنه لو لم يكن بهذا الداعي و كان أصل إتيانه بداعي أمر مولاه بلا داع له سواه لما ينافي قصد الامتثال و إن كان لاغيا في كيفية امتثاله فافهم.
بل يحسن أيضا فيما قامت الحجة على البراءة عن التكليف لئلا يقع فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته من المفسدة و فوت المصلحة.
و أما البراءة العقلية [اشتراط البراءة العقلية بالفحص]
فلا يجوز إجراؤها إلا بعد الفحص و اليأس عن الظفر بالحجة على التكليف لما مرت «2» الإشارة إليه من عدم استقلال العقل بها إلا بعدهما.
و أما البراءة النقلية
ف قضية إطلاق أدلتها و إن كان هو عدم اعتبار
______________
(1) المتوهم هو الشيخ (قده) راجع فرائد الأصول، ص 299.
(2) في الاستدلال على البراءة بالدليل العقلي، ص 343.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
375
الفحص في جريانها كما هو حالها في الشبهات الموضوعية إلا أنه استدل «1» على اعتباره بالإجماع و بالعقل فإنه لا مجال لها بدونه حيث يعلم إجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات بحيث لو تفحص عنه لظفر به.
و لا يخفى أن الإجماع هاهنا غير حاصل و نقله لوهنه بلا طائل فإن تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب لو لم يكن عادة بمستحيل لقوة احتمال أن يكون المستند للجل لو لا الكل هو ما ذكر من حكم العقل و أن الكلام في البراءة فيما لم يكن هناك علم موجب للتنجز إما لانحلال العلم الإجمالي ب الظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال أو لعدم الابتلاء إلا بما لا يكون بينها علم بالتكليف من موارد الشبهات و لو لعدم الالتفات إليها «2».
فالأولى الاستدلال للوجوب بما دل من الآيات «3» و الأخبار «4» على وجوب التفقه و التعلم و المؤاخذة على ترك التعلم في مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم بقوله تعالى كما في الخبر «5» (: هلا تعلمت) فيقيد بها أخبار البراءة لقوة ظهورها في أن المؤاخذة و الاحتجاج ب ترك التعلم فيما لم يعلم لا ب ترك العمل فيما علم وجوبه و لو إجمالا فلا مجال للتوفيق بحمل هذه الأخبار على ما إذا علم إجمالا فافهم.
و لا يخفى اعتبار الفحص في التخيير العقلي أيضا بعين ما ذكر في البراءة فلا تغفل.
و لا بأس بصرف الكلام في بيان بعض ما للعمل بالبراءة قبل الفحص من
______________
(1) راجع فرائد الأصول/ 300 و 301.
(2) في العبارة تسامح.
(3) التوبة: 122 و النحل: 43.
(4) الفقيه 6/ 277، الباب 176 ذيل الحديث 10- الكافي 1/ كتاب 2/ احاديث الباب 1.
(5) الأمالي للشيخ/ 9- الصافي/ 555.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 376
التبعة و الأحكام.
أما التبعة فلا شبهة في استحقاق العقوبة على المخالفة فيما إذا كان ترك التعلم و الفحص مؤديا إليها فإنها و إن كان مغفولة حينها و بلا اختيار إلا أنها منتهية إلى الاختيار و هو كاف في صحة العقوبة بل مجرد تركهما كاف في صحتها و إن لم يكن مؤديا إلى المخالفة مع احتماله لأجل التجري و عدم المبالاة بها.
نعم يشكل في الواجب المشروط و الموقت لو أدى تركهما قبل الشرط و الوقت إلى المخالفة بعدهما فضلا عما إذا لم يؤد إليها حيث لا يكون حينئذ تكليف فعلي أصلا لا قبلهما و هو واضح و لا بعدهما و هو كذلك لعدم التمكن [1] منه بسبب الغفلة و لذا التجأ المحقق الأردبيلي «1» و صاحب المدارك «2» قدس سرهما إلى الالتزام بوجوب التفقه و التعلم نفسيا تهيئيا فتكون العقوبة على ترك التعلم نفسه لا على ما أدى إليه من المخالفة.
فلا إشكال حينئذ في المشروط و الموقت و يسهل بذلك الأمر في غيرهما لو صعب على أحد و لم تصدق كفاية الانتهاء إلى الاختيار في استحقاق العقوبة على ما كان فعلا مغفولا عنه و ليس بالاختيار و لا يخفى أنه لا يكاد ينحل هذا الإشكال إلا بذلك أو الالتزام بكون المشروط أو الموقت مطلقا معلقا لكنه قد اعتبر على نحو لا تتصف مقدماته الوجودية عقلا بالوجوب قبل الشرط أو الوقت غير التعلم
______________
(1) راجع كلامه قدس سره) في مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان 2/ 110، عند قوله:
و اعلم أيضا أنّ سبب بطلان الصلاة .. الخ.
(2) راجع مدارك الأحكام/ 123، في مسألة إخلال المصلي بإزالة النجاسة عن بدنه أو ثوبه.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
377
فيكون الإيجاب حاليا و إن كان الواجب استقباليا قد أخذ على نحو لا يكاد يتصف بالوجوب شرطه و لا غير التعلم من مقدماته قبل شرطه أو وقته.
و أما لو قيل بعدم الإيجاب إلا بعد الشرط و الوقت كما هو ظاهر الأدلة و فتاوى المشهور فلا محيص عن الالتزام بكون وجوب التعلم نفسيا لتكون العقوبة لو قيل بها على تركه لا على ما أدى إليه من المخالفة و لا بأس به كما لا يخفى و لا ينافيه ما يظهر من الأخبار من كون وجوب التعلم إنما هو لغيره لا لنفسه حيث إن وجوبه لغيره لا يوجب كونه واجبا غيريا يترشح وجوبه من وجوب غيره فيكون مقدميا بل للتهيؤ لإيجابه فافهم.
و أما الأحكام ف لا إشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة بل في صورة الموافقة أيضا في العبادة فيما لا يتأتى منه قصد القربة و ذلك لعدم الإتيان بالمأمور به مع عدم دليل على الصحة و الإجزاء إلا في الإتمام في موضع القصر أو الإجهار أو الإخفات في موضع الآخر فورد في الصحيح «1» و قد أفتى به المشهور صحة الصلاة و تماميتها في الموضعين مع الجهل مطلقا و لو كان عن تقصير موجب لاستحقاق العقوبة على ترك الصلاة المأمور بها لأن ما أتى بها و إن صحت و تمت إلا أنها ليست بمأمور بها.
إن قلت كيف يحكم بصحتها مع عدم الأمر بها و كيف يصح الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصلاة التي أمر بها حتى فيما إذا تمكن مما أمر بها كما هو ظاهر إطلاقاتهم بأن علم بوجوب القصر أو الجهر بعد الإتمام و الإخفات و قد بقي من الوقت مقدار إعادتها قصرا أو جهرا ضرورة أنه لا تقصير هاهنا يوجب
______________
(1) التهذيب 3/ 266، الباب 23 الصلاة في السفر، الحديث/ 80، و وسائل الشيعة 15/ 531 الباب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4.
التهذيب 2/ 162 الباب 9 تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض و المسنون، الحديث 93.
و وسائل الشيعة 4/ 766 الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 1.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
378
استحقاق العقوبة و بالجملة كيف يحكم بالصحة بدون الأمر و كيف يحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة لو لا الحكم شرعا بسقوطها و صحة ما أتى بها.
قلت إنما حكم بالصحة لأجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمة في حد ذاتها و إن كانت دون مصلحة الجهر و القصر و إنما لم يؤمر بها لأجل أنه أمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل و الأتم.
و أما الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة ف إنها بلا فائدة إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي كانت في المأمور بها و لذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا مع تمكنه من التعلم فقد قصر و لو علم بعده و قد وسع الوقت.
فانقدح أنه لا يتمكن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الإتمام و لا من الجهر كذلك بعد فعل صلاة الإخفات و إن كان الوقت باقيا.
إن قلت على هذا يكون كل منهما في موضع الآخر سببا لتفويت الواجب فعلا و ما هو سبب لتفويت الواجب كذلك حرام و حرمة العبادة موجبة لفسادها بلا كلام.
قلت ليس سببا لذلك غايته أنه يكون مضادا له و قد حققنا في محله «1» أن الضد و عدم ضده متلازمان ليس بينهما توقف أصلا.
لا يقال علي هذا فلو صلى تماما أو صلى إخفاتا في موضع القصر و الجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما لكانت صلاته صحيحة و إن عوقب على مخالفة الأمر ب القصر أو الجهر.
فإنه يقال لا بأس بالقول به لو دل دليل على أنها تكون مشتملة على المصلحة
______________
(1) مبحث الضد، في الأمر الثاني، عند دفع توهم المقدمية بين الضدين ص 130.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
379
و لو مع العلم لاحتمال اختصاص أن يكون كذلك في صورة الجهل و لا بعد أصلا في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شيء و الجهل به كما لا يخفى و قد صار بعض الفحول «1» بصدد بيان إمكان كون المأتي في غير موضعه مأمورا به بنحو الترتب و قد حققناه في مبحث الضد امتناع الأمر بالضدين مطلقا و لو بنحو الترتب بما لا مزيد عليه فلا نعيد.
ثم إنه ذكر «2» لأصل البراءة شرطان آخران.
أحدهما
أن لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى.
ثانيهما أن لا يكون موجبا للضرر على آخر
.) و لا يخفى أن أصالة البراءة عقلا و نقلا في الشبهة البدوية بعد الفحص لا محالة تكون جارية و عدم استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية و الإباحة أو رفع التكليف الثابت بالبراءة النقلية لو كان موضوعا لحكم شرعي أو ملازما له فلا محيص عن ترتبه عليه بعد إحرازه ف إن لم يكن مترتبا عليه بل على نفي التكليف واقعا فهي و إن كانت جارية إلا أن ذاك الحكم لا يترتب لعدم ثبوت ما يترتب عليه بها و هذا ليس بالاشتراط.
و أما اعتبار أن لا يكون موجبا للضرر ف كل مقام تعمه قاعدة نفي الضرر و إن لم يكن مجال فيه لأصالة البراءة كما هو حالها مع سائر القواعد الثابتة بالأدلة الاجتهادية إلا أنه حقيقة لا يبقى لها مورد بداهة أن الدليل الاجتهادي يكون بيانا و موجبا للعلم بالتكليف و لو ظاهرا فإن كان المراد من الاشتراط ذلك ف لا بد من اشتراط أن لا يكون على خلافها دليل اجتهادي لا خصوص قاعدة الضرر فتدبر و الحمد لله على كل حال.
______________
(1) و هو كاشف الغطاء (قدس سره) كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرء/ 27 في البحث الثامن عشر.
(2) ذكرهما الفاضل التونى (قده) في الوافية/ 79، في شروط التمسّك بأصالة البراءة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
380
ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان قاعدة الضرر و الضرار على نحو الاقتصار و توضيح مدركها و شرح مفادها و إيضاح نسبتها مع الأدلة المثبتة للأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية أو الثانوية و إن كانت أجنبية عن مقاصد الرسالة إجابة لالتماس بعض الأحبة فأقول و به أستعين.
[أحاديث نفي الضرر]
إنه قد استدل عليها بأخبار كثيرة.
منها (موثقة زرارة «1» عن أبي جعفر عليه السلام: إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار و كان منزل الأنصاري بباب البستان و كان سمرة يمر إلى نخلته و لا يستأذن فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة فجاء الأنصاري إلى النبي صلى الله عليه و آله فشكا إليه فأخبر بالخبر فأرسل رسول الله و أخبره بقول الأنصاري و ما شكاه فقال إذا أردت الدخول فاستأذن فأبى فلما أبى فساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله فأبى أن يبيعه فقال لك بها عذق في الجنة فأبى أن يقبل فقال رسول الله صلى الله عليه و آله للأنصاري اذهب فاقلعها و ارم بها إليه فإنه لا ضرر و لا ضرار).
(و في رواية الحذاء «2» عن أبي جعفر عليه السلام: مثل ذلك إلا أنه فيها بعد الإباء ما أراك يا سمرة إلا مضارا اذهب يا فلان فاقلعها و ارم بها وجهه) إلى غير ذلك من الروايات الواردة في قصة سمرة و غيرها «3» و هي كثيرة و قد ادعي «4» تواترها مع اختلافها لفظا و موردا فليكن المراد به تواترها إجمالا بمعنى
______________
(1) التهذيب 7: 146، الحديث 36 من باب بيع الماء، مع اختلاف لا يخل بالمقصود الكافي 5:
292، الحديث 2 من باب الضرار.
الفقيه 3: 147 الحديث 18 من باب المضاربة.
(2) الفقيه 3: 59 الحديث 9 الباب 44 حكم الحريم.
(3) الفقيه 3: 45 الحديث 2 الباب 36 الشفعة.
الكافي 5: 280 الحديث 4 باب الشفعة.
التهذيب 7: 164، 727.
(4) ايضاح الفوائد، فخر المحققين 2: 48 كتاب الدين، فصل التنازع.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
381
القطع بصدور بعضها و الإنصاف أنه ليس في دعوى التواتر كذلك جزاف و هذا مع استناد المشهور إليها موجب لكمال الوثوق بها و انجبار ضعفها مع أن بعضها موثقة فلا مجال للإشكال فيها من جهة سندها كما لا يخفى.
[المراد من نفي الضرر]
و أما دلالتها فالظاهر أن الضرر هو ما يقابل النفع من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال تقابل العدم و الملكة كما أن الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر جيء به تأكيدا كما يشهد به إطلاق المضار على سمرة و حكي عن النهاية «1» لا فعل الاثنين و إن كان هو الأصل في باب المفاعلة و لا الجزاء على الضرر لعدم تعاهده من باب المفاعلة و بالجملة لم يثبت له معنى آخر غير الضرر.
كما أن الظاهر أن يكون لا لنفي الحقيقة كما هو الأصل في هذا التركيب حقيقة أو ادعاء كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل (: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) «2» و (: يا أشباه الرجال و لا رجال) «3» فإن قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء لا نفي الحكم أو الصفة كما لا يخفى.
و نفي الحقيقة ادعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة مما لا يخفى على من له معرفة بالبلاغة.
و قد انقدح بذلك بعد إرادة نفي الحكم الضرري «4» أو الضرر الغير المتدارك «5» أو إرادة النهي من النفي جدا «6» ضرورة بشاعة استعمال الضرر
______________
(1) النهاية لابن الاثير 3: 81 مادة ضرر. و فيها «الضرار: فعل الاثنين ... و قيل هما بمعنى، و تكرارهما للتأكيد».
(2) دعائم الإسلام 1: 148 في ذكر المساجد.
(3) نهج البلاغة، الخطبة 27.
(4) التزم به الشيخ في فرائد الاصول/ 314 في الشرط الثاني المحكي عن الفاضل التوني من شروط اصالة البراءة، و كذا في رسالة قاعدة لا ضرر المطبوعة في المكاسب 373.
(5) ذهب اليه الفاضل التوني (ره)، الوافية/ 79، في شروط التمسك بأصالة البراءة.
(6) اختاره السيد مير فتاح، العناوين/ 198، العنوان العاشر. و مال اليه شيخ الشريعة الاصفهاني، قاعدة لا ضرر و لا ضرار، 44.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 382
و إرادة خصوص سبب من أسبابه أو خصوص الغير المتدارك منه و مثله لو أريد ذاك بنحو التقييد فإنه و إن لم يكن ببعيد إلا أنه بلا دلالة عليه غير سديد و إرادة النهي من النفي و إن كان ليس بعزيز إلا أنه لم يعهد من مثل هذا التركيب و عدم إمكان إرادة نفي الحقيقة حقيقة لا يكاد يكون قرينة على إرادة واحد منها بعد إمكان حمله على نفيها ادعاء بل كان هو الغالب في موارد استعماله.
ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الثابت له بعنوانه لوضوح أنه العلة للنفي و لا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه و ينفيه بل يثبته و يقتضيه.
[نسبة القاعدة مع أدلة الأحكام الأولية]
و من هنا لا يلاحظ النسبة بين أدلة نفيه و أدلة الأحكام و تقدم أدلته على أدلتها مع أنها عموم من وجه حيث إنه يوفق بينهما عرفا بأن الثابت للعناوين الأولية اقتضائي يمنع عنه فعلا ما عرض عليها من عنوان الضرر بأدلته كما هو الحال في التوفيق بين سائر الأدلة المثبتة أو النافية لحكم الأفعال بعناوينها الثانوية و الأدلة المتكفلة لحكمها بعناوينها الأولية.
نعم ربما يعكس الأمر فيما أحرز بوجه معتبر أن الحكم في المورد ليس بنحو الاقتضاء بل بنحو العلية التامة.
و بالجملة الحكم الثابت بعنوان أولي.
تارة يكون بنحو الفعلية مطلقا أو بالإضافة إلى عارض دون عارض بدلالة لا يجوز الإغماض عنها بسبب دليل حكم العارض المخالف له فيقدم دليل ذاك العنوان على دليله.
و أخرى يكون على نحو لو كانت هناك دلالة للزم الإغماض عنها بسببه عرفا حيث كان اجتماعهما قرينة على أنه بمجرد المقتضي و أن العارض مانع فعلي هذا
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
383
و لو لم نقل بحكومة دليله على دليله لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله كما قيل «1».
[نسبة القاعدة مع أدلة الأحكام الثانوية]
ثم انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين كدليل نفي العسر و دليل نفي الضرر مثلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين و إلا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى و إن كان دليل الآخر أرجح و أولى و لا يبعد أن الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما لا من باب التعارض لعدم ثبوته إلا في أحدهما كما لا يخفى هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أولي أو ثانوي آخر.
و أما لو تعارض مع ضرر آخر فمجمل القول فيه أن الدوران إن كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين فلا مسرح إلا لاختيار أقلهما لو كان و إلا فهو مختار.
و أما لو كان بين ضرر نفسه و ضرر غيره ف الأظهر عدم لزوم تحمله الضرر و لو كان ضرر الآخر أكثر فإن نفيه يكون للمنة على الأمة و لا منة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر و إن كان أكثر.
نعم لو كان الضرر متوجها إليه ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر اللهم إلا أن يقال إن نفي الضرر و إن كان للمنة إلا أنه بلحاظ نوع الأمة و اختيار الأقل بلحاظ النوع منه فتأمل.
______________
(1) التزم الشيخ (قده) بحكومة دليل لا ضرر على أدلة العناوين الأولية، فرائد الأصول 315، في الشرط الثاني مما ذكره عن الفاضل التوني من شروط البراءة.
حوزوی کتب
کفایۃ الاصول حصہ دوم
المقصد السادس الأمارات
الأمر الرابع [بيان امتناع أخذ القطع بحكم في موضوع نفسه]
[المقدمة الثانية في بعض أحكام مطلق الأمارات]
فصل [في حجية ظواهر الألفاظ]
فصل الإجماع المنقول بخبر الواحد حجة
فصل المشهور بين الأصحاب حجية خبر الواحد في الجملة
فصل في الوجوه «1» التي أقاموها على حجية الظن
فصل [في الكشف و الحكومة]
خاتمة يذكر فيها أمران استطرادا
فصل [في أصالة البراءة]
بقي أمور مهمة لا بأس بالإشارة إليها
فصل [أصالة التخيير]
فصل [أصالة الاحتياط]
المقام الثاني في دوران الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين
خاتمة في شرائط الأصول
فصل في الاستصحاب
فقد استدل عليه بوجوه
و لا بأس بصرفه إلى تحقيق حال الوضع
ثم إن هاهنا تنبيهات
السابع [الأصل المثبت]
الثالث عشر [استصحاب الحكم المخصص]
المقصد الثامن في تعارض الأدلة و الأمارات
فصل [التعدي عن المرجحات المنصوصة]
فصل [المرجحات الخارجية]
الخاتمة الاجتهاد و التقليد
فصل في التقليد
کفایۃ الاصول حصہ دوم
خاتمة في شرائط الأصول
أما الاحتياط [حسن الاحتياط مطلقا]
فلا يعتبر في حسنه شيء أصلا بل يحسن على كل حال إلا إذا كان موجبا لاختلال النظام و لا تفاوت فيه بين المعاملات و العبادات مطلقا و لو كان موجبا للتكرار فيها و توهم «1» كون التكرار عبثا و لعبا بأمر المولى و هو ينافي قصد الامتثال المعتبر في العبادة فاسد لوضوح أن التكرار ربما يكون بداع صحيح عقلائي مع أنه لو لم يكن بهذا الداعي و كان أصل إتيانه بداعي أمر مولاه بلا داع له سواه لما ينافي قصد الامتثال و إن كان لاغيا في كيفية امتثاله فافهم.
بل يحسن أيضا فيما قامت الحجة على البراءة عن التكليف لئلا يقع فيما كان في مخالفته على تقدير ثبوته من المفسدة و فوت المصلحة.
و أما البراءة العقلية [اشتراط البراءة العقلية بالفحص]
فلا يجوز إجراؤها إلا بعد الفحص و اليأس عن الظفر بالحجة على التكليف لما مرت «2» الإشارة إليه من عدم استقلال العقل بها إلا بعدهما.
و أما البراءة النقلية
ف قضية إطلاق أدلتها و إن كان هو عدم اعتبار ______________ (1) المتوهم هو الشيخ (قده) راجع فرائد الأصول، ص 299.
(2) في الاستدلال على البراءة بالدليل العقلي، ص 343.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
375 الفحص في جريانها كما هو حالها في الشبهات الموضوعية إلا أنه استدل «1» على اعتباره بالإجماع و بالعقل فإنه لا مجال لها بدونه حيث يعلم إجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات بحيث لو تفحص عنه لظفر به.
و لا يخفى أن الإجماع هاهنا غير حاصل و نقله لوهنه بلا طائل فإن تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل صعب لو لم يكن عادة بمستحيل لقوة احتمال أن يكون المستند للجل لو لا الكل هو ما ذكر من حكم العقل و أن الكلام في البراءة فيما لم يكن هناك علم موجب للتنجز إما لانحلال العلم الإجمالي ب الظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال أو لعدم الابتلاء إلا بما لا يكون بينها علم بالتكليف من موارد الشبهات و لو لعدم الالتفات إليها «2».
فالأولى الاستدلال للوجوب بما دل من الآيات «3» و الأخبار «4» على وجوب التفقه و التعلم و المؤاخذة على ترك التعلم في مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم بقوله تعالى كما في الخبر «5» (: هلا تعلمت) فيقيد بها أخبار البراءة لقوة ظهورها في أن المؤاخذة و الاحتجاج ب ترك التعلم فيما لم يعلم لا ب ترك العمل فيما علم وجوبه و لو إجمالا فلا مجال للتوفيق بحمل هذه الأخبار على ما إذا علم إجمالا فافهم.
و لا يخفى اعتبار الفحص في التخيير العقلي أيضا بعين ما ذكر في البراءة فلا تغفل. و لا بأس بصرف الكلام في بيان بعض ما للعمل بالبراءة قبل الفحص من ______________ (1) راجع فرائد الأصول/ 300 و 301.
(2) في العبارة تسامح.
(3) التوبة: 122 و النحل: 43.
(4) الفقيه 6/ 277، الباب 176 ذيل الحديث 10- الكافي 1/ كتاب 2/ احاديث الباب 1.
(5) الأمالي للشيخ/ 9- الصافي/ 555.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 376
التبعة و الأحكام.
أما التبعة فلا شبهة في استحقاق العقوبة على المخالفة فيما إذا كان ترك التعلم و الفحص مؤديا إليها فإنها و إن كان مغفولة حينها و بلا اختيار إلا أنها منتهية إلى الاختيار و هو كاف في صحة العقوبة بل مجرد تركهما كاف في صحتها و إن لم يكن مؤديا إلى المخالفة مع احتماله لأجل التجري و عدم المبالاة بها.
نعم يشكل في الواجب المشروط و الموقت لو أدى تركهما قبل الشرط و الوقت إلى المخالفة بعدهما فضلا عما إذا لم يؤد إليها حيث لا يكون حينئذ تكليف فعلي أصلا لا قبلهما و هو واضح و لا بعدهما و هو كذلك لعدم التمكن [1] منه بسبب الغفلة و لذا التجأ المحقق الأردبيلي «1» و صاحب المدارك «2» قدس سرهما إلى الالتزام بوجوب التفقه و التعلم نفسيا تهيئيا فتكون العقوبة على ترك التعلم نفسه لا على ما أدى إليه من المخالفة.
فلا إشكال حينئذ في المشروط و الموقت و يسهل بذلك الأمر في غيرهما لو صعب على أحد و لم تصدق كفاية الانتهاء إلى الاختيار في استحقاق العقوبة على ما كان فعلا مغفولا عنه و ليس بالاختيار و لا يخفى أنه لا يكاد ينحل هذا الإشكال إلا بذلك أو الالتزام بكون المشروط أو الموقت مطلقا معلقا لكنه قد اعتبر على نحو لا تتصف مقدماته الوجودية عقلا بالوجوب قبل الشرط أو الوقت غير التعلم
______________ (1) راجع كلامه قدس سره) في مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان 2/ 110، عند قوله:
و اعلم أيضا أنّ سبب بطلان الصلاة .. الخ.
(2) راجع مدارك الأحكام/ 123، في مسألة إخلال المصلي بإزالة النجاسة عن بدنه أو ثوبه. كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
377 فيكون الإيجاب حاليا و إن كان الواجب استقباليا قد أخذ على نحو لا يكاد يتصف بالوجوب شرطه و لا غير التعلم من مقدماته قبل شرطه أو وقته.
و أما لو قيل بعدم الإيجاب إلا بعد الشرط و الوقت كما هو ظاهر الأدلة و فتاوى المشهور فلا محيص عن الالتزام بكون وجوب التعلم نفسيا لتكون العقوبة لو قيل بها على تركه لا على ما أدى إليه من المخالفة و لا بأس به كما لا يخفى و لا ينافيه ما يظهر من الأخبار من كون وجوب التعلم إنما هو لغيره لا لنفسه حيث إن وجوبه لغيره لا يوجب كونه واجبا غيريا يترشح وجوبه من وجوب غيره فيكون مقدميا بل للتهيؤ لإيجابه فافهم.
و أما الأحكام ف لا إشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة بل في صورة الموافقة أيضا في العبادة فيما لا يتأتى منه قصد القربة و ذلك لعدم الإتيان بالمأمور به مع عدم دليل على الصحة و الإجزاء إلا في الإتمام في موضع القصر أو الإجهار أو الإخفات في موضع الآخر فورد في الصحيح «1» و قد أفتى به المشهور صحة الصلاة و تماميتها في الموضعين مع الجهل مطلقا و لو كان عن تقصير موجب لاستحقاق العقوبة على ترك الصلاة المأمور بها لأن ما أتى بها و إن صحت و تمت إلا أنها ليست بمأمور بها.
إن قلت كيف يحكم بصحتها مع عدم الأمر بها و كيف يصح الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصلاة التي أمر بها حتى فيما إذا تمكن مما أمر بها كما هو ظاهر إطلاقاتهم بأن علم بوجوب القصر أو الجهر بعد الإتمام و الإخفات و قد بقي من الوقت مقدار إعادتها قصرا أو جهرا ضرورة أنه لا تقصير هاهنا يوجب
______________ (1) التهذيب 3/ 266، الباب 23 الصلاة في السفر، الحديث/ 80، و وسائل الشيعة 15/ 531 الباب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث 4.
التهذيب 2/ 162 الباب 9 تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض و المسنون، الحديث 93. و وسائل الشيعة 4/ 766 الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 1.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
378 استحقاق العقوبة و بالجملة كيف يحكم بالصحة بدون الأمر و كيف يحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة لو لا الحكم شرعا بسقوطها و صحة ما أتى بها.
قلت إنما حكم بالصحة لأجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمة في حد ذاتها و إن كانت دون مصلحة الجهر و القصر و إنما لم يؤمر بها لأجل أنه أمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل و الأتم.
و أما الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة ف إنها بلا فائدة إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي كانت في المأمور بها و لذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا مع تمكنه من التعلم فقد قصر و لو علم بعده و قد وسع الوقت. فانقدح أنه لا يتمكن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الإتمام و لا من الجهر كذلك بعد فعل صلاة الإخفات و إن كان الوقت باقيا.
إن قلت على هذا يكون كل منهما في موضع الآخر سببا لتفويت الواجب فعلا و ما هو سبب لتفويت الواجب كذلك حرام و حرمة العبادة موجبة لفسادها بلا كلام.
قلت ليس سببا لذلك غايته أنه يكون مضادا له و قد حققنا في محله «1» أن الضد و عدم ضده متلازمان ليس بينهما توقف أصلا.
لا يقال علي هذا فلو صلى تماما أو صلى إخفاتا في موضع القصر و الجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما لكانت صلاته صحيحة و إن عوقب على مخالفة الأمر ب القصر أو الجهر.
فإنه يقال لا بأس بالقول به لو دل دليل على أنها تكون مشتملة على المصلحة ______________ (1) مبحث الضد، في الأمر الثاني، عند دفع توهم المقدمية بين الضدين ص 130.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
379 و لو مع العلم لاحتمال اختصاص أن يكون كذلك في صورة الجهل و لا بعد أصلا في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شيء و الجهل به كما لا يخفى و قد صار بعض الفحول «1» بصدد بيان إمكان كون المأتي في غير موضعه مأمورا به بنحو الترتب و قد حققناه في مبحث الضد امتناع الأمر بالضدين مطلقا و لو بنحو الترتب بما لا مزيد عليه فلا نعيد.
ثم إنه ذكر «2» لأصل البراءة شرطان آخران.
أحدهما أن لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى.
ثانيهما أن لا يكون موجبا للضرر على آخر .) و لا يخفى أن أصالة البراءة عقلا و نقلا في الشبهة البدوية بعد الفحص لا محالة تكون جارية و عدم استحقاق العقوبة الثابت بالبراءة العقلية و الإباحة أو رفع التكليف الثابت بالبراءة النقلية لو كان موضوعا لحكم شرعي أو ملازما له فلا محيص عن ترتبه عليه بعد إحرازه ف إن لم يكن مترتبا عليه بل على نفي التكليف واقعا فهي و إن كانت جارية إلا أن ذاك الحكم لا يترتب لعدم ثبوت ما يترتب عليه بها و هذا ليس بالاشتراط.
و أما اعتبار أن لا يكون موجبا للضرر ف كل مقام تعمه قاعدة نفي الضرر و إن لم يكن مجال فيه لأصالة البراءة كما هو حالها مع سائر القواعد الثابتة بالأدلة الاجتهادية إلا أنه حقيقة لا يبقى لها مورد بداهة أن الدليل الاجتهادي يكون بيانا و موجبا للعلم بالتكليف و لو ظاهرا فإن كان المراد من الاشتراط ذلك ف لا بد من اشتراط أن لا يكون على خلافها دليل اجتهادي لا خصوص قاعدة الضرر فتدبر و الحمد لله على كل حال.
______________ (1) و هو كاشف الغطاء (قدس سره) كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرء/ 27 في البحث الثامن عشر.
(2) ذكرهما الفاضل التونى (قده) في الوافية/ 79، في شروط التمسّك بأصالة البراءة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
380 ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان قاعدة الضرر و الضرار على نحو الاقتصار و توضيح مدركها و شرح مفادها و إيضاح نسبتها مع الأدلة المثبتة للأحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية أو الثانوية و إن كانت أجنبية عن مقاصد الرسالة إجابة لالتماس بعض الأحبة فأقول و به أستعين. [أحاديث نفي الضرر]
إنه قد استدل عليها بأخبار كثيرة.
منها (موثقة زرارة «1» عن أبي جعفر عليه السلام: إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار و كان منزل الأنصاري بباب البستان و كان سمرة يمر إلى نخلته و لا يستأذن فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة فجاء الأنصاري إلى النبي صلى الله عليه و آله فشكا إليه فأخبر بالخبر فأرسل رسول الله و أخبره بقول الأنصاري و ما شكاه فقال إذا أردت الدخول فاستأذن فأبى فلما أبى فساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله فأبى أن يبيعه فقال لك بها عذق في الجنة فأبى أن يقبل فقال رسول الله صلى الله عليه و آله للأنصاري اذهب فاقلعها و ارم بها إليه فإنه لا ضرر و لا ضرار).
(و في رواية الحذاء «2» عن أبي جعفر عليه السلام: مثل ذلك إلا أنه فيها بعد الإباء ما أراك يا سمرة إلا مضارا اذهب يا فلان فاقلعها و ارم بها وجهه) إلى غير ذلك من الروايات الواردة في قصة سمرة و غيرها «3» و هي كثيرة و قد ادعي «4» تواترها مع اختلافها لفظا و موردا فليكن المراد به تواترها إجمالا بمعنى
______________ (1) التهذيب 7: 146، الحديث 36 من باب بيع الماء، مع اختلاف لا يخل بالمقصود الكافي 5:
292، الحديث 2 من باب الضرار.
الفقيه 3: 147 الحديث 18 من باب المضاربة.
(2) الفقيه 3: 59 الحديث 9 الباب 44 حكم الحريم.
(3) الفقيه 3: 45 الحديث 2 الباب 36 الشفعة.
الكافي 5: 280 الحديث 4 باب الشفعة.
التهذيب 7: 164، 727.
(4) ايضاح الفوائد، فخر المحققين 2: 48 كتاب الدين، فصل التنازع.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
381 القطع بصدور بعضها و الإنصاف أنه ليس في دعوى التواتر كذلك جزاف و هذا مع استناد المشهور إليها موجب لكمال الوثوق بها و انجبار ضعفها مع أن بعضها موثقة فلا مجال للإشكال فيها من جهة سندها كما لا يخفى.
[المراد من نفي الضرر]
و أما دلالتها فالظاهر أن الضرر هو ما يقابل النفع من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال تقابل العدم و الملكة كما أن الأظهر أن يكون الضرار بمعنى الضرر جيء به تأكيدا كما يشهد به إطلاق المضار على سمرة و حكي عن النهاية «1» لا فعل الاثنين و إن كان هو الأصل في باب المفاعلة و لا الجزاء على الضرر لعدم تعاهده من باب المفاعلة و بالجملة لم يثبت له معنى آخر غير الضرر.
كما أن الظاهر أن يكون لا لنفي الحقيقة كما هو الأصل في هذا التركيب حقيقة أو ادعاء كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل (: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) «2» و (: يا أشباه الرجال و لا رجال) «3» فإن قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء لا نفي الحكم أو الصفة كما لا يخفى.
و نفي الحقيقة ادعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة مما لا يخفى على من له معرفة بالبلاغة.
و قد انقدح بذلك بعد إرادة نفي الحكم الضرري «4» أو الضرر الغير المتدارك «5» أو إرادة النهي من النفي جدا «6» ضرورة بشاعة استعمال الضرر
______________ (1) النهاية لابن الاثير 3: 81 مادة ضرر. و فيها «الضرار: فعل الاثنين ... و قيل هما بمعنى، و تكرارهما للتأكيد».
(2) دعائم الإسلام 1: 148 في ذكر المساجد.
(3) نهج البلاغة، الخطبة 27.
(4) التزم به الشيخ في فرائد الاصول/ 314 في الشرط الثاني المحكي عن الفاضل التوني من شروط اصالة البراءة، و كذا في رسالة قاعدة لا ضرر المطبوعة في المكاسب 373.
(5) ذهب اليه الفاضل التوني (ره)، الوافية/ 79، في شروط التمسك بأصالة البراءة.
(6) اختاره السيد مير فتاح، العناوين/ 198، العنوان العاشر. و مال اليه شيخ الشريعة الاصفهاني، قاعدة لا ضرر و لا ضرار، 44.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 382 و إرادة خصوص سبب من أسبابه أو خصوص الغير المتدارك منه و مثله لو أريد ذاك بنحو التقييد فإنه و إن لم يكن ببعيد إلا أنه بلا دلالة عليه غير سديد و إرادة النهي من النفي و إن كان ليس بعزيز إلا أنه لم يعهد من مثل هذا التركيب و عدم إمكان إرادة نفي الحقيقة حقيقة لا يكاد يكون قرينة على إرادة واحد منها بعد إمكان حمله على نفيها ادعاء بل كان هو الغالب في موارد استعماله.
ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الثابت له بعنوانه لوضوح أنه العلة للنفي و لا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه و ينفيه بل يثبته و يقتضيه.
[نسبة القاعدة مع أدلة الأحكام الأولية]
و من هنا لا يلاحظ النسبة بين أدلة نفيه و أدلة الأحكام و تقدم أدلته على أدلتها مع أنها عموم من وجه حيث إنه يوفق بينهما عرفا بأن الثابت للعناوين الأولية اقتضائي يمنع عنه فعلا ما عرض عليها من عنوان الضرر بأدلته كما هو الحال في التوفيق بين سائر الأدلة المثبتة أو النافية لحكم الأفعال بعناوينها الثانوية و الأدلة المتكفلة لحكمها بعناوينها الأولية.
نعم ربما يعكس الأمر فيما أحرز بوجه معتبر أن الحكم في المورد ليس بنحو الاقتضاء بل بنحو العلية التامة.
و بالجملة الحكم الثابت بعنوان أولي.
تارة يكون بنحو الفعلية مطلقا أو بالإضافة إلى عارض دون عارض بدلالة لا يجوز الإغماض عنها بسبب دليل حكم العارض المخالف له فيقدم دليل ذاك العنوان على دليله.
و أخرى يكون على نحو لو كانت هناك دلالة للزم الإغماض عنها بسببه عرفا حيث كان اجتماعهما قرينة على أنه بمجرد المقتضي و أن العارض مانع فعلي هذا
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
383 و لو لم نقل بحكومة دليله على دليله لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله كما قيل «1».
[نسبة القاعدة مع أدلة الأحكام الثانوية]
ثم انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين كدليل نفي العسر و دليل نفي الضرر مثلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين و إلا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى و إن كان دليل الآخر أرجح و أولى و لا يبعد أن الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما لا من باب التعارض لعدم ثبوته إلا في أحدهما كما لا يخفى هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أولي أو ثانوي آخر.
و أما لو تعارض مع ضرر آخر فمجمل القول فيه أن الدوران إن كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين فلا مسرح إلا لاختيار أقلهما لو كان و إلا فهو مختار.
و أما لو كان بين ضرر نفسه و ضرر غيره ف الأظهر عدم لزوم تحمله الضرر و لو كان ضرر الآخر أكثر فإن نفيه يكون للمنة على الأمة و لا منة على تحمل الضرر لدفعه عن الآخر و إن كان أكثر. نعم لو كان الضرر متوجها إليه ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر اللهم إلا أن يقال إن نفي الضرر و إن كان للمنة إلا أنه بلحاظ نوع الأمة و اختيار الأقل بلحاظ النوع منه فتأمل. ______________ (1) التزم الشيخ (قده) بحكومة دليل لا ضرر على أدلة العناوين الأولية، فرائد الأصول 315، في الشرط الثاني مما ذكره عن الفاضل التوني من شروط البراءة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 384
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول