حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: مومن ہمیشہ خیر کی راہوں میں ہوتا ہےاور جب اس کے جسم سے روح قبض کی جارہی ہوتی ہےاس وقت بھی خدا کی حمد بجالارہا ہوتا ہے۔ کنزالعمال حدیث 682

کفایۃ الاصول حصہ دوم

فصل [في أصالة البراءة]

لو شك في وجوب [1] شي‏ء أو حرمته و لم تنهض عليه حجة جاز شرعا و عقلا ترك الأول و فعل الثاني و كان مأمونا من عقوبة مخالفته كان عدم نهوض الحجة لأجل فقدان النص أو إجماله و احتماله الكراهة أو الاستحباب أو تعارضه فيما لم يثبت بينهما ترجيح بناء على التوقف في مسألة تعارض النصين فيما لم يكن ترجيح في البين.

و أما بناء على التخيير كما هو المشهور فلا مجال لأصالة البراءة و غيرها لمكان وجود الحجة المعتبرة و هو أحد النصين فيها كما لا يخفى‏

و قد استدل على ذلك بالأدلة الأربعة

. كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 339

أما الكتاب‏

ف بآيات أظهرها قوله تعالى وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا «1».

و فيه أن نفي التعذيب قبل إتمام الحجة ببعث الرسل لعله كان منه منه تعالى على عباده مع استحقاقهم لذلك و لو سلم اعتراف الخصم بالملازمة بين الاستحقاق و الفعلية لما صح الاستدلال بها إلا جدلا مع وضوح منعه ضرورة أن ما شك في وجوبه أو حرمته ليس عنده بأعظم مما علم بحكمه و ليس حال الوعيد بالعذاب فيه إلا كالوعيد به فيه فافهم.

و أما السنة

ف بروايات «2»

منها حديث الرفع «3»

حيث عد (: ما لا يعلمون) من التسعة المرفوعة فيه فالإلزام المجهول مما لا يعلمون فهو مرفوع فعلا و إن كان ثابتا واقعا فلا مؤاخذة عليه قطعا.

لا يقال ليست المؤاخذة من الآثار الشرعية كي ترتفع بارتفاع التكليف المجهول ظاهرا فلا دلالة له على ارتفاعها [1].

فإنه يقال إنها و إن لم تكن بنفسها أثرا شرعيا إلا أنها مما يترتب عليه بتوسيط ما هو أثره و باقتضائه من إيجاب الاحتياط شرعا فالدليل على رفعه دليل على عدم إيجابه المستتبع لعدم استحقاق العقوبة على مخالفته.

لا يقال لا يكاد يكون إيجابه مستتبعا لاستحقاقها على مخالفة التكليف‏ ______________ (1) الإسراء: 15.

(2) في «ب»: فروايات.

(3) الكافي/ 2 كتاب الإيمان و الكفر، باب ما رفع عن الأمة، الحديث 2، الفقيه 1/ 36، الباب 14، الحديث 4، و الخصال 2/ 417، باب التسعة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 340

المجهول بل على مخالفة «1» نفسه كما هو قضية إيجاب غيره.

فإنه يقال هذا إذا لم يكن إيجابه طريقيا و إلا فهو موجب لاستحقاق العقوبة على المجهول كما هو الحال في غيره من الإيجاب و التحريم الطريقيين ضرورة أنه كما يصح أن يحتج بهما صح أن يحتج به و يقال لم أقدمت مع إيجابه و يخرج به عن العقاب بلا بيان و المؤاخذة بلا برهان كما يخرج بهما.

و قد انقدح بذلك أن رفع التكليف المجهول كان منه على الأمة حيث كان له تعالى وضعه بما هو قضيته «2» من إيجاب الاحتياط ف رفعه فافهم.

ثم لا يخفى «3» عدم الحاجة إلى تقدير المؤاخذة و لا غيرها من الآثار الشرعية في (: ما لا يعلمون) فإن ما لا يعلم من التكليف مطلقا كان في الشبهة الحكمية أو الموضوعية بنفسه قابل للرفع و الوضع شرعا و إن كان في غيره لا بد من تقدير الآثار أو المجاز في إسناد الرفع إليه فإنه ليس ما اضطروا و ما استكرهوا إلى آخر التسعة بمرفوع حقيقة.

نعم لو كان المراد من الموصول في (: ما لا يعلمون) ما اشتبه حاله و لم يعلم عنوانه لكان أحد الأمرين مما لا بد منه أيضا ثم لا وجه «4» لتقدير خصوص المؤاخذة بعد وضوح أن المقدر في غير واحد غيرها فلا محيص عن أن يكون المقدر هو الأثر الظاهر في كل منها أو تمام آثارها التي تقتضي المنة رفعها كما أن ما يكون بلحاظه الإسناد إليها مجازا هو هذا كما لا يخفى.

فالخبر دل على رفع كل أثر تكليفي أو وضعي كان في رفعه منه على الأمة كما ______________ (1) في «ب»: مخالفته.

(2) في «ب»: قضية.

(3) خلافا لما أفاده الشيخ، فرائد الأصول/ 195.

(4) المصدر السابق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 341

استشهد الإمام عليه السلام بمثل «1» هذا الخبر في رفع ما استكره عليه من الطلاق و الصدقة و العتاق.

ثم لا يذهب عليك أن المرفوع فيما اضطر إليه و غيره مما أخذ بعنوانه الثانوي إنما هو الآثار المترتبة عليه بعنوانه الأولي ضرورة أن الظاهر أن هذه العناوين صارت موجبة للرفع و الموضوع للأثر مستدع لوضعه فكيف يكون موجبا لرفعه.

لا يقال كيف و إيجاب الاحتياط فيما لا يعلم و إيجاب التحفظ في الخطإ و النسيان يكون أثرا لهذه العناوين بعينها و باقتضاء نفسها.

فإنه يقال بل إنما تكون باقتضاء الواقع في موردها ضرورة أن الاهتمام به يوجب إيجابهما لئلا يفوت على المكلف كما لا يخفى.

و منها حديث الحجب «2»

و قد انقدح تقريب الاستدلال به مما ذكرنا في حديث الرفع إلا أنه ربما يشكل «3» بمنع ظهوره في وضع ما لا يعلم من التكليف بدعوى ظهوره في خصوص ما تعلقت عنايته تعالى بمنع اطلاع العباد عليه لعدم أمر رسله بتبليغه حيث إنه بدونه لما صح إسناد الحجب إليه تعالى.

[حديث الحل‏] و منها (قوله عليه السلام: «4» كل شي‏ء لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه) الحديث حيث دل على حلية ما لم يعلم حرمته مطلقا و لو كان من جهة عدم الدليل على حرمته و بعدم الفصل قطعا بين إباحته و عدم وجوب الاحتياط فيه و بين عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية يتم المطلوب. ______________ (1) المحاسن 2/ 339، الحديث 124.

(2) التوحيد للصدوق (ره) 413، باب الترعيف و البيان و الحجة، الحديث 9. و الوسائل: 18/ 12، باب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 28.

(3) أورده الشيخ (ره) على الاستدلال بهذا الحديث، فرائد الأصول/ 199.

(4) قريب من هذا المضمون روايات، الوسائل: 12/ 59، باب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديثان 1 و 4 و الوسائل: 17/ 90، باب 61 من الأطعمة المباحة، الأحاديث، 1 و 2 و 7.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

342 مع إمكان أن يقال ترك ما احتمل وجوبه مما لم يعرف حرمته فهو حلال تأمل.

[حديث السعة]

و منها (قوله عليه السلام «1»: الناس في سعة ما لا يعلمون) فهم في سعة ما لم يعلم أو ما دام لم يعلم وجوبه أو حرمته و من الواضح أنه لو كان الاحتياط واجبا لما كانوا في سعة أصلا فيعارض به ما دل على وجوبه كما لا يخفى.

لا يقال قد علم به وجوب الاحتياط.

فإنه يقال لم يعلم الوجوب أو الحرمة بعد فكيف يقع في ضيق الاحتياط من أجله نعم لو كان الاحتياط واجبا نفسيا كان وقوعهم في ضيقه بعد العلم بوجوبه لكنه عرفت أن وجوبه كان طريقيا لأجل أن لا يقعوا في مخالفة الواجب أو الحرام أحيانا فافهم‏

[حديث كل شي‏ء مطلق‏]

و منها (قوله عليه السلام «2»: كل شي‏ء مطلق حتى يرد فيه نهي) و دلالته يتوقف على عدم صدق الورود إلا بعد العلم أو ما بحكمه بالنهي عنه و إن صدر عن الشارع و وصل إلى غير واحد مع أنه ممنوع لوضوح صدقه على صدوره عنه سيما بعد بلوغه إلى غير واحد و قد خفي على من لم يعلم بصدوره.

لا يقال نعم و لكن بضميمة أصالة العدم صح الاستدلال به و تم.

فإنه يقال و إن تم الاستدلال به بضميمتها و يحكم بإباحة مجهول الحرمة و إطلاقه إلا أنه لا بعنوان أنه مجهول الحرمة شرعا بل بعنوان أنه مما لم يرد عنه النهي واقعا.

لا يقال نعم و لكنه لا يتفاوت فيما هو المهم من الحكم بالإباحة في مجهول الحرمة كان بهذا العنوان أو بذاك العنوان. ______________ (1) الوسائل: 1: 1073، باب 5 من أبواب النجاسات، الحديث 11 بتفاوت يسير في العبارة.

(2) الوسائل: 18/ 127، باب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 60.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 343

فإنه يقال حيث إنه بذاك العنوان لاختص بما لم يعلم ورود النهي عنه أصلا و لا يكاد يعم ما إذا ورد النهي عنه في زمان و إباحته «1» في آخر و اشتبها من حيث التقدم و التأخر.

لا يقال هذا لو لا عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت حرمته.

فإنه يقال و إن لم يكن بينها الفصل إلا أنه إنما يجدي فيما كان المثبت للحكم بالإباحة في بعضها الدليل لا الأصل فافهم.

و أما الإجماع‏

فقد نقل «2» على البراءة إلا أنه موهون و لو قيل باعتبار الإجماع المنقول في الجملة فإن تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل و من واضح النقل عليه دليل بعيد جدا.

و أما العقل‏

فإنه قد استقل بقبح العقوبة و المؤاخذة على مخالفة التكليف المجهول بعد الفحص و اليأس عن الظفر بما كان حجة عليه فإنهما بدونها عقاب بلا بيان و مؤاخذة بلا برهان و هما قبيحان بشهادة الوجدان.

و لا يخفى أنه مع استقلاله بذلك لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته فلا يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل كي يتوهم أنها تكون بيانا كما أنه مع احتماله لا حاجة إلى القاعدة بل في صورة المصادفة استحق العقوبة على المخالفة و لو قيل بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل.

[عدم وجوب دفع غير العقوبة من المضار]

و أما ضرر غير العقوبة فهو و إن كان محتملا إلا أن المتيقن منه فضلا عن محتمله ليس بواجب الدفع شرعا و لا عقلا ضرورة عدم القبح في تحمل بعض المضار ببعض الدواعي عقلا و جوازه شرعا مع أن احتمال الحرمة أو الوجوب لا ______________ (1) في «ب»: إباحة.

(2) راجع الوجه الثاني من وجوه التقرير الثاني للإجماع على حجية البراءة في كلام الشيخ

(قده) فرائد الأصول/ 202.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 344

يلازم احتمال المضرة و إن كان ملازما لاحتمال المفسدة أو ترك المصلحة لوضوح أن المصالح و المفاسد التي تكون مناطات الأحكام و قد استقل العقل بحسن الأفعال التي تكون ذات المصالح و قبح ما كان ذات المفاسد ليست براجعة إلى المنافع و المضار و كثيرا ما يكون محتمل التكليف مأمون الضرر نعم ربما تكون المنفعة أو المضرة مناطا للحكم شرعا و عقلا.

إن قلت نعم و لكن العقل يستقل بقبح الإقدام على ما لا تؤمن مفسدته و أنه كالإقدام على ما علم مفسدته كما استدل به شيخ الطائفة «1» قدس سره على أن الأشياء على الحظر أو الوقف.

قلت استقلاله بذلك ممنوع و السند شهادة الوجدان و مراجعة ديدن العقلاء من أهل الملل و الأديان حيث إنهم لا يحترزون مما لا تؤمن مفسدته و لا يعاملون معه معاملة ما علم مفسدته كيف و قد أذن الشارع بالإقدام عليه و لا يكاد يأذن بارتكاب القبيح فتأمل.

و احتج للقول بوجوب الاحتياط فيما لم تقم فيه حجة بالأدلة الثلاثة

. أما الكتاب‏

فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم «2» و عن الإلقاء في التهلكة «3» و الآمرة بالتقوى «4». و الجواب أن القول بالإباحة شرعا و بالأمن من العقوبة عقلا ليس قولا بغير علم لما دل على الإباحة من النقل و على البراءة من حكم العقل و معهما لا مهلكة في اقتحام الشبهة أصلا و لا فيه مخالفة التقوى كما لا يخفى. ______________ (1) عدة الأصول 2/ 117 و لكن المترائى منه غير هذا.

(2) الأعراف: 33، الإسراء: 36، النّور: 15.

(3) البقرة: 195.

(4) البقرة: 102، التغابن: 16.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 345

و أما الأخبار فبما «1» دل على وجوب التوقف عند الشبهة معللا في بعضها بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في المهلكة من الأخبار الكثيرة الدالة عليه مطابقة أو التزاما و بما «2» دل على وجوب الاحتياط من الأخبار الواردة بألسنة مختلفة.

و الجواب أنه لا مهلكة في الشبهة البدوية مع دلالة النقل على [الإباحة] «3» و حكم العقل بالبراءة كما عرفت.

و ما دل على وجوب الاحتياط لو سلم و إن كان واردا على حكم العقل فإنه كفى بيانا على العقوبة على مخالفة التكليف المجهول.

و لا يصغى إلى ما قيل «4» من أن إيجاب الاحتياط إن كان مقدمة للتحرز عن عقاب الواقع المجهول فهو قبيح و إن كان نفسيا فالعقاب على مخالفته لا على مخالفة الواقع و ذلك لما عرفت من أن إيجابه يكون طريقيا و هو عقلا مما يصح أن يحتج به على المؤاخذة في مخالفة الشبهة كما هو الحال في أوامر الطرق و الأمارات و الأصول العملية.

إلا أنها تعارض بما هو أخص و أظهر ضرورة أن ما دل على حلية المشتبه أخص بل هو في الدلالة على الحلية نص و ما دل على الاحتياط غايته أنه ظاهر في وجوب الاحتياط مع أن هناك قرائن دالة على أنه للإرشاد فيختلف إيجابا و استحبابا حسب اختلاف ما يرشد إليه. ______________ (1) الوسائل: 18/ 75 الباب 9 من أبواب صفات القاضي/ الحديث 1- الوسائل 14/ 193، الباب 157 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 2. الوسائل: 18/ 111 الباب 12 من أبواب صفات القاضي/ أحاديث: 3، 4، 10، 31، 35.

(2) الوسائل: 18/ 111 الباب 12 من أبواب صفات القاضي/ أحاديث: 1، 37، 41، 54.

(3) أثبتناها من «ب».

(4) القائل هو الشيخ الأعظم، فرائد الأصول/ 208.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 346

و يؤيده أنه لو لم يكن للإرشاد لوجب [يوجب‏] تخصيصه لا محالة ببعض الشبهات إجماعا مع أنه آب عن التخصيص قطعا كيف لا يكون (قوله: قف عند الشبهة فإن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) للإرشاد مع أن المهلكة ظاهرة في العقوبة و لا عقوبة في الشبهة البدوية قبل إيجاب الوقوف و الاحتياط فكيف يعلل إيجابه بأنه خير من الاقتحام في الهلكة.

لا يقال نعم و لكنه يستكشف منه «1» على نحو الإن إيجاب الاحتياط من قبل ليصح به العقوبة على المخالفة.

فإنه يقال إن مجرد إيجابه واقعا ما لم يعلم لا يصحح العقوبة و لا يخرجها عن أنها بلا بيان و لا برهان فلا محيص عن اختصاص مثله بما يتنجز فيه المشتبه لو كان كالشبهة قبل الفحص مطلقا أو الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي فتأمل جيدا.

و أما العقل‏

[التقرير الأول العلم الإجمالي‏]

ف لاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه و ترك ما احتمل حرمته حيث علم إجمالا بوجود واجبات و محرمات كثيرة فيما اشتبه وجوبه أو حرمته مما لم يكن هناك حجة على حكمه تفريغا للذمة بعد اشتغالها و لا خلاف في لزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي إلا من بعض الأصحاب. و الجواب أن العقل و إن استقل بذلك إلا أنه إذا لم ينحل العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي و شك بدوي و قد انحل هاهنا فإنه كما علم بوجود تكاليف إجمالا كذلك علم إجمالا بثبوت طرق و أصول معتبرة مثبتة لتكاليف بمقدار تلك التكاليف المعلومة أو أزيد و حينئذ لا علم بتكاليف أخر غير التكاليف الفعلية في الموارد المثبتة من الطرق و الأصول العملية. ______________ (1) في «ب»: عنه.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 347

إن قلت نعم لكنه إذا لم يكن العلم بها مسبوقا بالعلم بالتكاليف «1». قلت إنما يضر السبق إذا كان المعلوم اللاحق حادثا [آخر] و أما إذا لم يكن كذلك بل مما ينطبق عليه ما علم أولا فلا محالة قد انحل العلم الإجمالي إلى التفصيلي و الشك البدوي.

إن قلت إنما يوجب العلم بقيام الطرق المثبتة له بمقدار المعلوم بالإجمال ذلك إذا كان قضية قيام الطريق على تكليف موجبا لثبوته فعلا و أما بناء على أن قضية حجيته و اعتباره شرعا ليس إلا ترتيب ما للطريق المعتبر عقلا و هو تنجز ما أصابه و العذر عما أخطأ عنه فلا انحلال لما علم بالإجمال أولا كما لا يخفى.

قلت قضية الاعتبار شرعا على اختلاف ألسنة أدلته و إن كان ذلك على ما قوينا في البحث إلا أن نهوض الحجة على ما ينطبق عليه المعلوم بالإجمال في بعض الأطراف يكون عقلا بحكم الانحلال و صرف تنجزه إلى ما إذا كان في ذاك الطرف و العذر عما إذا كان في سائر الأطراف مثلا إذا علم إجمالا بحرمة إناء زيد بين الإناءين و قامت البينة على أن هذا إناؤه فلا ينبغي الشك في أنه كما إذا علم أنه إناؤه في عدم لزوم الاجتناب إلا عن خصوصه دون الآخر و لو لا ذلك لما كان يجدي القول بأن قضية اعتبار الأمارات هو كون المؤديات أحكاما شرعية فعلية ضرورة أنها تكون كذلك بسبب حادث و هو كونها مؤديات الأمارات الشرعية.

هذا إذا لم يعلم بثبوت التكاليف الواقعية في موارد الطرق المثبتة بمقدار المعلوم بالإجمال و إلا فالانحلال إلى العلم بما في الموارد و انحصار أطرافه بموارد تلك الطرق بلا إشكال كما لا يخفى.

[التقرير الثاني أصالة الحظر]

و ربما استدل ب ما قيل «2» من استقلال العقل بالحظر في الأفعال الغير الضرورية قبل الشرع و لا أقل من الوقف و عدم استقلاله لا به و لا بالإباحة ______________ (1) في «أ»: بالواجبات.

(2) قرر الشيخ (قده) هذا الوجه العقلي بقوله: «الوجه الثاني»، فرائد الأصول/ 214.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

348 و لم يثبت شرعا إباحة ما اشتبه حرمته فإن ما دل على الإباحة معارض بما دل على وجوب التوقف أو الاحتياط.

و فيه أولا أنه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف و الإشكال و إلا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة.

و ثانيا أنه ثبت الإباحة شرعا لما عرفت من عدم صلاحية ما دل على التوقف أو الاحتياط للمعارضة لما دل عليها.

و ثالثا أنه لا يستلزم القول بالوقف في تلك المسألة للقول بالاحتياط في هذه المسألة لاحتمال أن يقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان و ما قيل «1» من أن الإقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما يعلم فيه المفسدة ممنوع و لو قيل بوجوب دفع الضرر المحتمل فإن المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالبا ضرورة أن المصالح و المفاسد التي هي مناطات الأحكام ليست براجعة إلى المنافع و المضار بل ربما يكون المصلحة فيما فيه الضرر و المفسدة فيما فيه المنفعة و احتمال أن يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا مع أن الضرر ليس دائما مما يجب التحرز عنه عقلا بل يجب ارتكابه أحيانا فيما كان المترتب عليه أهم في نظره مما في الاحتراز عن ضرره مع القطع به فضلا عن احتماله.