قد عرف «1» العام بتعاريف
و قد وقع من الأعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارة و الانعكاس أخرى بما لا يليق بالمقام فإنها تعاريف لفظية تقع في جواب السؤال عنه بما «2» الشارحة لا واقعة في جواب السؤال عنه بما «3» الحقيقية كيف و كان المعنى المركوز منه في الأذهان أوضح مما عرف به مفهوما و مصداقا و لذا يجعل صدق ذاك المعنى على فرد و عدم صدقه المقياس في الإشكال عليها بعدم الاطراد أو الانعكاس بلا ريب فيه و لا شبهة يعتريه من أحد و التعريف لا بد أن يكون بالأجلى كما هو أوضح من أن يخفى.
فالظاهر أن الغرض من تعريفه إنما هو بيان ما يكون بمفهومه جامعا بين ما لا شبهة في أنها أفراد العام ليشار به إليه في مقام إثبات ما له من الأحكام لا بيان ما هو حقيقته «4» و ماهيته لعدم تعلق غرض به بعد وضوح ما هو محل الكلام بحسب الأحكام من أفراده و مصاديقه حيث لا يكون بمفهومه العام محلا لحكم من الأحكام.
______________
(1) راجع معارج الاصول/ 81، و زبدة الاصول/ 95، و المستصفى 2/ 32.
(2) في «أ»: بالما، و في «ب»: بالماء.
(3) في «أ»: بالما، و في «ب»: بالماء.
(4) في «ب» حقيقة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 216
[أقسام العام]
ثم الظاهر أن ما ذكر له من الأقسام من الاستغراقي [1] و المجموعي و البدلي إنما هو باختلاف كيفية تعلق الأحكام به و إلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد و هو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه غاية الأمر أن تعلق الحكم به تارة بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم و أخرى بنحو يكون الجميع موضوعا واحدا بحيث لو أخل بإكرام واحد في أكرم كل فقيه مثلا لما امتثل أصلا بخلاف الصورة الأولى فإنه أطاع و عصى و ثالثة بنحو يكون كل واحد موضوعا على البدل بحيث لو أكرم واحدا منهم لقد أطاع و امتثل كما يظهر لمن أمعن النظر و تأمل.
و قد انقدح أن مثل شمول عشرة و غيرها لآحادها المندرجة تحتها ليس من العموم لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كل واحد منها فافهم.
فصل لا شبهة في أن للعموم صيغة تخصه
لغة و شرعا كالخصوص كما يكون ما يشترك بينهما و يعمهما ضرورة أن مثل لفظ كل و ما يرادفه في أي لغة كان تخصه و لا يخص الخصوص و لا يعمه و لا ينافي اختصاصه به استعماله في الخصوص عناية بادعاء أنه العموم أو بعلاقة العموم و الخصوص.
و معه لا يصغى إلى ذلك أن إرادة الخصوص متيقنة و لو في ضمنه بخلافه و جعل اللفظ حقيقة في المتيقن أولى و لا إلى أن التخصيص قد اشتهر و شاع حتى قيل ما من عام إلا و قد خص و الظاهر يقتضي كونه حقيقة لما هو الغالب تقليلا للمجاز مع أن تيقن إرادته لا يوجب اختصاص الوضع به مع
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 217
كون العموم كثيرا ما يراد و اشتهار التخصيص لا يوجب كثرة المجاز لعدم الملازمة بين التخصيص و المجازية كما يأتي توضيحه و لو سلم فلا محذور فيه أصلا إذا كان بالقرينة كما لا يخفى.
فصل [في بيان ما دل على العموم]
ربما عد من الألفاظ الدالة على العموم النكرة في سياق النفي أو النهي و دلالتها عليه لا ينبغي أن تنكر عقلا لضرورة أنه لا يكاد يكون طبيعة معدومة إلا إذا لم يكن فرد منها بموجود و إلا كانت موجودة لكن لا يخفى أنها تفيده إذا أخذت مرسلة [1] لا مبهمة قابلة للتقيد و إلا فسلبها لا يقتضي إلا استيعاب السلب لما أريد منها يقينا لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من أفرادها و هذا لا ينافي كون دلالتها عليه عقلية فإنها بالإضافة إلى أفراد ما يراد منها لا الأفراد التي يصلح لانطباقها عليها كما لا ينافي دلالة مثل لفظ كل على العموم وضعا كون عمومه بحسب ما يراد من مدخوله و لذا لا ينافيه تقييد المدخول بقيود كثيرة.
نعم لا يبعد أن يكون ظاهرا عند إطلاقها في استيعاب جميع أفرادها و هذا هو الحال في المحلى باللام جمعا كان أو مفردا بناء على إفادته للعموم و لذا لا ينافيه تقييد المدخول بالوصف و غيره و إطلاق التخصيص على تقييده ليس إلا من قبيل ضيق فم الركية لكن دلالته على العموم وضعا محل منع بل إنما يفيده فيما إذا اقتضته الحكمة أو قرينة أخرى و ذلك لعدم اقتضائه وضع اللام و لا مدخوله و لا وضع آخر للمركب منهما كما لا يخفى و ربما يأتي في المطلق و المقيد بعض الكلام مما يناسب المقام.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 218
فصل [في تحقيق العام المخصص]
لا شبهة في أن العام المخصص بالمتصل أو المنفصل حجة فيما بقي فيما علم عدم دخوله في المخصص مطلقا و لو كان متصلا و ما احتمل دخوله فيه أيضا إذا كان منفصلا كما هو المشهور «1» بين الأصحاب بل لا ينسب الخلاف إلا إلى بعض «2» أهل الخلاف.
و ربما فصل «3» بين المخصص المتصل فقيل بحجيته فيه و بين المنفصل فقيل بعدم حجيته و احتج النافي بالإجمال لتعدد المجازات حسب مراتب الخصوصيات و تعيين «4» الباقي من بينها بلا معين ترجيح بلا مرجح.
و التحقيق في الجواب أن يقال إنه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازا أما في التخصيص بالمتصل فلما عرفت من أنه لا تخصيص أصلا و أن أدوات العموم قد استعملت فيه و إن كان دائرته سعة و ضيقا تختلف باختلاف ذوي الأدوات فلفظة كل في مثل كل رجل و كل رجل عالم قد استعملت في العموم و إن كان أفراد أحدهما بالإضافة إلى الآخر بل في نفسها في غاية القلة.
و أما في المنفصل فلأن إرادة الخصوص واقعا لا تستلزم استعماله فيه و كون الخاص قرينة عليه بل من الممكن قطعا استعماله معه في العموم قاعدة و كون الخاص مانعا عن حجية ظهوره تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر لا مصادما لأصل ظهوره و معه لا مجال للمصير إلى أنه قد استعمل فيه مجازا كي يلزم الإجمال.
______________
(1) انظر مطارح الأنظار/ 192.
(2) كأبي ثور و عيسى بن أبان، راجع الإحكام في أصول الأحكام، الجزء الثاني/ 43.
(3) كالبلخي، راجع المصدرا لمتقدم/ 444.
(4) في «ب» تعيّن.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 219
لا يقال هذا مجرد احتمال و لا يرتفع به الإجمال لاحتمال الاستعمال في خصوص مرتبة من مراتبه.
فإنه يقال مجرد احتمال استعماله فيه لا يوجب إجماله بعد استقرار ظهوره في العموم و الثابت من مزاحمته بالخاص إنما هو بحسب الحجية تحكيما لما هو الأقوى كما أشرنا إليه آنفا.
[الفرق بين المخصص المتصل و المنفصل]
و بالجملة الفرق بين المتصل و المنفصل و إن كان بعدم انعقاد الظهور في الأول إلا في الخصوص و في الثاني إلا في العموم إلا أنه لا وجه لتوهم استعماله مجازا في واحد منهما أصلا و إنما اللازم الالتزام بحجية الظهور في الخصوص في الأول و عدم حجية ظهوره في خصوص ما كان الخاص حجة فيه في الثاني فتفطن.
و قد أجيب عن الاحتجاج «1» بأن الباقي أقرب المجازات.
و فيه لا اعتبار في الأقربية بحسب المقدار و إنما المدار على الأقربية بحسب زيادة الأنس الناشئة من كثرة الاستعمال و (في تقريرات بحث شيخنا الأستاذ «2» قدس سره في مقام الجواب عن الاحتجاج ما هذا لفظه.
و الأولى أن يجاب بعد تسليم مجازية الباقي بأن دلالة العام على كل فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده و لو كانت دلالة مجازية إذ هي بواسطة عدم شموله للأفراد المخصوصة لا بواسطة دخول غيرها في مدلوله فالمقتضي للحمل على الباقي موجود و المانع مفقود لأن المانع في مثل المقام إنما هو ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله و المفروض انتفاؤه بالنسبة إلى الباقي لاختصاص المخصص بغيره ف لو شك فالأصل عدمه انتهى موضع الحاجة.)
______________
(1) الجواب للمحقق القمي و المحقق الحائري، القوانين 1/ 266، الفصول/ 200.
(2) مطارح الأنظار/ 192، في العموم و الخصوص.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 220
قلت لا يخفى أن دلالته على كل فرد إنما كانت لأجل دلالته على العموم و الشمول فإذا لم يستعمل فيه و استعمل في الخصوص كما هو المفروض مجازا و كان إرادة كل واحد من مراتب الخصوصيات مما جاز انتهاء التخصيص إليه و استعمال العام فيه مجازا ممكنا كان تعين «1» بعضها بلا معين ترجيحا بلا مرجح و لا مقتضى لظهوره فيه ضرورة أن الظهور إما بالوضع و إما بالقرينة و المفروض أنه ليس بموضوع له و لم يكن هناك قرينة و ليس له موجب آخر و دلالته على كل فرد على حدة حيث كانت في ضمن دلالته على العموم لا يوجب ظهوره في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه فالمانع عنه و إن كان مدفوعا بالأصل إلا أنه لا مقتضى له بعد رفع اليد عن الوضع نعم إنما يجدي إذا لم يكن مستعملا إلا في العموم كما فيما حققناه في الجواب فتأمل جيدا.
فصل [في المخصص المجمل]
[المخصص اللفظي المجمل مفهوما]
إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملا بأن كان دائرا بين الأقل و الأكثر و كان منفصلا فلا يسري إجماله إلى العام لا حقيقة و لا حكما بل كان العام متبعا فيما لا يتبع فيه الخاص لوضوح أنه حجة فيه بلا مزاحم أصلا ضرورة أن الخاص إنما يزاحمه فيما هو حجة على خلافه تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر لا فيما لا يكون كذلك كما لا يخفى.
و إن لم يكن كذلك بأن كان دائرا بين المتباينين مطلقا أو بين الأقل و الأكثر فيما كان متصلا فيسري إجماله إليه حكما في المنفصل المردد بين المتباينين و حقيقة في غيره.
______________
(1) في «أ»: تعيين.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 221
أما الأول فلأن العام على ما حققناه «1» كان ظاهرا في عمومه إلا أنه لا يتبع ظهوره في واحد من المتباينين اللذين علم تخصيصه بأحدهما.
و أما الثاني فلعدم «2» انعقاد ظهور من رأس للعام لاحتفاف الكلام بما يوجب احتماله لكل واحد من الأقل و الأكثر أو لكل واحد من المتباينين لكنه حجة في الأقل لأنه المتيقن في البين.
فانقدح بذلك الفرق بين المتصل و المنفصل و كذا في المجمل بين المتباينين و الأكثر و الأقل فلا تغفل.
[المخصص اللفظي المجمل مصداقا]
و أما إذا كان مجملا بحسب المصداق بأن اشتبه فرد و تردد بين أن يكون فردا له أو باقيا تحت العام فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لو كان متصلا به ضرورة عدم انعقاد ظهور للكلام إلا في الخصوص كما عرفت.
و أما إذا كان منفصلا عنه ففي جواز التمسك به خلاف و التحقيق عدم جوازه إذ غاية ما يمكن أن يقال في وجه جوازه أن الخاص إنما يزاحم العام فيما كان فعلا حجة و لا يكون حجة فيما اشتبه أنه من أفراده فخطاب لا تكرم فساق العلماء لا يكون دليلا على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء فلا يزاحم مثل أكرم العلماء و لا يعارضه فإنه يكون من قبيل مزاحمة الحجة بغير الحجة و هو في غاية الفساد فإن الخاص و إن لم يكن دليلا في الفرد المشتبه فعلا إلا أنه يوجب اختصاص حجية العام في غير عنوانه من الأفراد فيكون أكرم العلماء دليلا و حجة في العالم الغير الفاسق فالمصداق المشتبه و إن كان مصداقا للعام بلا كلام إلا أنه لم يعلم أنه من مصاديقه بما هو حجة لاختصاص حجيته بغير الفاسق.
و بالجملة العام المخصص بالمنفصل و إن كان ظهوره في العموم كما إذا
______________
(1) في صفحة 219.
(2) في «ب»: و لعدم.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 222
لم يكن مخصصا بخلاف المخصص بالمتصل كما عرفت إلا أنه في عدم الحجية إلا في غير عنوان الخاص مثله فحينئذ يكون الفرد المشتبه غير معلوم الاندراج تحت إحدى الحجتين فلا بد من الرجوع إلى ما هو الأصل في البين هذا إذا كان المخصص لفظيا.
[المخصص اللبي المجمل مصداقا]
و أما إذا كان لبيا فإن كان مما يصح أن يتكل عليه المتكلم إذا كان بصدد البيان في مقام التخاطب فهو كا لمتصل حيث لا يكاد ينعقد معه ظهور للعام إلا في الخصوص و إن لم يكن كذلك فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته كظهوره فيه.
[الفرق بين المخصص اللفظي و اللبي]
و السر في ذلك أن الكلام الملقى من السيد حجة ليس إلا ما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن إرادته للعموم فلا بد من اتباعه ما لم يقطع بخلافه مثلا إذا قال المولى أكرم جيراني و قطع بأنه لا يريد إكرام من كان عدوا له منهم كان أصالة العموم باقية على الحجية بالنسبة إلى من لم يعلم بخروجه عن عموم الكلام للعلم بعداوته لعدم حجة أخرى بدون ذلك على خلافه بخلاف ما إذا كان المخصص لفظيا فإن قضية تقديمه عليه هو كون الملقى إليه كأنه كان من رأس لا يعم الخاص كما كان كذلك حقيقة فيما كان الخاص متصلا و القطع بعدم إرادة العدو لا يوجب انقطاع حجيته إلا فيما قطع أنه عدوه لا فيما شك فيه كما يظهر صدق هذا من صحة مؤاخذة المولى لو لم يكرم واحدا من جيرانه لاحتمال عداوته له و حسن عقوبته على مخالفته و عدم صحة الاعتذار عنه بمجرد احتمال العداوة كما لا يخفى على من راجع الطريقة المعروفة و السيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية أصالة الظهور.
و بالجملة كان بناء العقلاء على حجيتها بالنسبة إلى المشتبه هاهنا بخلاف هناك و لعله لما أشرنا إليه من التفاوت بينهما بإلقاء حجتين هناك تكون قضيتهما بعد تحكيم الخاص و تقديمه على العام كأنه لم يعمه حكما من رأس
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 223
و كأنه لم يكن بعام بخلاف هاهنا فإن الحجة الملقاة ليست إلا واحدة و القطع بعدم إرادة إكرام العدو في أكرم جيراني مثلا لا يوجب رفع اليد عن عمومه إلا فيما قطع بخروجه من تحته فإنه على الحكيم إلقاء كلامه على وفق غرضه و مرامه فلا بد من اتباعه ما لم تقم حجة أقوى على خلافه.
بل يمكن أن يقال إن قضية عمومه للمشكوك أنه ليس فردا لما علم بخروجه من حكمه بمفهومه فيقال في مثل لعن الله بني أمية قاطبة «1» إن فلانا و إن شك في إيمانه يجوز لعنه لمكان العموم و كل من جاز لعنه لا يكون مؤمنا فينتج أنه ليس بمؤمن فتأمل جيدا.
إيقاظ [إحراز المشتبه بالأصل الموضوعي]
لا يخفى أن الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل لما كان غير معنون بعنوان خاص بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص كان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي في غالب الموارد إلا ما شذ ممكنا فبذلك يحكم عليه بحكم العام و إن لم يجز التمسك به بلا كلام ضرورة أنه قلما لا يوجد «2» عنوان يجري فيه أصل ينقح به أنه مما بقي تحته مثلا إذا شك أن امرأة تكون قرشية او غيرها فهي و إن كانت وجدت إما قرشية أو غيرها فلا أصل يحرز أنها قرشية أو غيرها إلا أن أصالة عدم تحقق الانتساب بينها و بين قريش «3» تجدي في تنقيح أنها ممن لا تحيض إلا إلى خمسين لأن المرأة التي لا يكون بينها و بين قريش «4» انتساب أيضا باقية تحت ما دل على أن المرأة إنما ترى الحمرة إلى خمسين و الخارج عن تحته هي القرشية فتأمل تعرف.
وهم و إزاحة [التمسك بالعام في غير الشك في التخصيص]
ربما يظهر عن بعضهم التمسك بالعمومات فيما إذا شك
______________
(1) كامل الزيارات/ 176، الباب 71.
(2) ي «ب»: لم يوجد.
(3) في «أ و ب» القريش.
(4) في «أ و ب» القريش.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 224
في فرد لا من جهة احتمال التخصيص بل من جهة أخرى كما إذا شك في صحة الوضوء أو الغسل بمائع مضاف ف يستكشف صحته بعموم مثل أوفوا بالنذور فيما إذا وقع متعلقا للنذر بأن يقال وجب الإتيان بهذا الوضوء وفاء للنذر للعموم و كل ما يجب الوفاء به لا محالة يكون صحيحا للقطع بأنه لو لا صحته لما وجب الوفاء به و ربما يؤيد ذلك بما ورد من صحة الإحرام و الصيام قبل الميقات «1» و في السفر «2» إذا تعلق بهما النذر.
[عدم جواز التمسك بالعام في غير مقام التخصيص]
و التحقيق أن يقال إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكفلة لأحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها إذا أخذ في موضوعاتها أحد الأحكام المتعلقة بالأفعال بعناوينها الأولية «3» كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد و الوفاء بالنذر و شبهه في الأمور المباحة أو الراجحة ضرورة أنه معه لا يكاد يتوهم عاقل إذا شك في رجحان شيء أو حليته جواز التمسك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حليته.
نعم لا بأس بالتمسك به في جوازه بعد إحراز التمكن منه و القدرة عليه فيما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلا فإذا شك في جوازه صح «4» التمسك بعموم دليلها في الحكم بجوازها و إذا كانت محكومة بعناوينها الأولية بغير حكمها بعناوينها الثانوية وقع «5» المزاحمة بين المقتضيين و يؤثر الأقوى منهما لو
______________
(1) التهذيب 5/ 53، الاحاديث 8 الى 10 من باب 6 المواقيت.
الاستبصار 2/ 161 الاحايث 8 الى 10 من باب 93 من أحرم قبل الميقات، و للمزيد راجع وسائل الشيعة 8/ 236 الباب 13 من ابواب المواقيت.
(2) التهذيب 4/ 235 الحديث 63 و 64 من باب 57 حكم المسافر و المريض في الصيام و للمزيد راجع وسائل الشيعة 7/ 139 البا 10 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث 1 و 7.
(3) في «أ»: الاولوية.
(4) في «أ»: فصح.
(5) في «أ»: فتقع.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 225
كان في البين و إلا لم يؤثر أحدهما و إلا لزم الترجيح بلا مرجح فليحكم عليه حينئذ بحكم آخر كالإباحة إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب و الآخر للحرمة مثلا.
و أما صحة الصوم في السفر بنذره فيه بناء على عدم صحته فيه بدونه و كذا الإحرام قبل الميقات فإنما هو لدليل خاص كاشف عن رجحانهما ذاتا في السفر و قبل الميقات و إنما لم يأمر بهما استحبابا أو وجوبا لمانع يرتفع مع النذر و إما لصيرورتهما راجحين بتعلق النذر بهما بعد ما لم يكونا كذلك كما ربما يدل عليه ما في الخبر من كون (: الإحرام قبل الميقات كالصلاة قبل الوقت). «1» لا يقال لا يجدي صيرورتهما راجحين بذلك في عباديتهما ضرورة كون وجوب الوفاء توصليا لا يعتبر في سقوطه إلا الإتيان بالمنذور بأي داع كان.
فإنه يقال عباديتهما إنما تكون لأجل كشف دليل صحتهما عن عروض عنوان راجح عليهما ملازم لتعلق النذر بهما هذا لو لم نقل بتخصيص عموم دليل اعتبار الرجحان في متعلق النذر بهذا الدليل و إلا أمكن أن يقال بكفاية الرجحان الطارئ عليهما من قبل النذر في عباديتهما بعد تعلق النذر بإتيانهما عباديا و متقربا بهما منه تعالى فإنه و إن لم يتمكن من إتيانهما كذلك قبله إلا أنه يتمكن منه بعده و لا يعتبر في صحة النذر إلا التمكن من الوفاء و لو بسببه فتأمل جيدا.
بقي شيء [في إحراز عدم فردية شيء للعام بأصالة العموم]
و هو أنه هل يجوز التمسك بأصالة عدم التخصيص في إحراز عدم كون ما شك في أنه من مصاديق العام مع العلم بعدم كونه محكوما
______________
(1) لم نعثر على الخبر المشار اليه في المتن، و لكن ورد أنه كمن صلّى في السفر اربعا و ترك الثنتين.
راجع الكافي 4/ 321 الحديث 2، 6 من باب من حرم دون الوقت.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
226
بحكمه مصداقا له مثل ما إذا علم أن زيدا يحرم إكرامه و شك في أنه عالم او ليس بعالم فيحكم عليه بأصالة عدم تخصيص أكرم العلماء أنه ليس بعالم بحيث يحكم عليه بسائر ما لغير العالم من الأحكام.
فيه إشكال لاحتمال اختصاص حجيتها بما إذا شك في كون فرد العام محكوما بحكمه كما هو قضية عمومه و المثبت من الأصول اللفظية و إن كان حجة إلا أنه لا بد من الاقتصار على ما يساعد عليه الدليل و لا دليل هاهنا إلا السيرة و بناء العقلاء و لم يعلم استقرار بنائهم على ذلك فلا تغفل.
حوزوی کتب
کفایۃ الاصول حصہ اول
الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه]
الثالث [كيفية استعمال المجازي]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي]
الثالث عشر [المشتق]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب
المقصد الثاني النواهي
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات
المقصد الثالث المفاهيم
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف
المقصد الرابع العام و الخاص
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين
کفایۃ الاصول حصہ اول
المقصد الرابع العام و الخاص
فصل
قد عرف «1» العام بتعاريف و قد وقع من الأعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارة و الانعكاس أخرى بما لا يليق بالمقام فإنها تعاريف لفظية تقع في جواب السؤال عنه بما «2» الشارحة لا واقعة في جواب السؤال عنه بما «3» الحقيقية كيف و كان المعنى المركوز منه في الأذهان أوضح مما عرف به مفهوما و مصداقا و لذا يجعل صدق ذاك المعنى على فرد و عدم صدقه المقياس في الإشكال عليها بعدم الاطراد أو الانعكاس بلا ريب فيه و لا شبهة يعتريه من أحد و التعريف لا بد أن يكون بالأجلى كما هو أوضح من أن يخفى.
فالظاهر أن الغرض من تعريفه إنما هو بيان ما يكون بمفهومه جامعا بين ما لا شبهة في أنها أفراد العام ليشار به إليه في مقام إثبات ما له من الأحكام لا بيان ما هو حقيقته «4» و ماهيته لعدم تعلق غرض به بعد وضوح ما هو محل الكلام بحسب الأحكام من أفراده و مصاديقه حيث لا يكون بمفهومه العام محلا لحكم من الأحكام. ______________ (1) راجع معارج الاصول/ 81، و زبدة الاصول/ 95، و المستصفى 2/ 32.
(2) في «أ»: بالما، و في «ب»: بالماء.
(3) في «أ»: بالما، و في «ب»: بالماء.
(4) في «ب» حقيقة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 216
[أقسام العام]
ثم الظاهر أن ما ذكر له من الأقسام من الاستغراقي [1] و المجموعي و البدلي إنما هو باختلاف كيفية تعلق الأحكام به و إلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد و هو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه غاية الأمر أن تعلق الحكم به تارة بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم و أخرى بنحو يكون الجميع موضوعا واحدا بحيث لو أخل بإكرام واحد في أكرم كل فقيه مثلا لما امتثل أصلا بخلاف الصورة الأولى فإنه أطاع و عصى و ثالثة بنحو يكون كل واحد موضوعا على البدل بحيث لو أكرم واحدا منهم لقد أطاع و امتثل كما يظهر لمن أمعن النظر و تأمل. و قد انقدح أن مثل شمول عشرة و غيرها لآحادها المندرجة تحتها ليس من العموم لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كل واحد منها فافهم.
فصل لا شبهة في أن للعموم صيغة تخصه لغة و شرعا كالخصوص كما يكون ما يشترك بينهما و يعمهما ضرورة أن مثل لفظ كل و ما يرادفه في أي لغة كان تخصه و لا يخص الخصوص و لا يعمه و لا ينافي اختصاصه به استعماله في الخصوص عناية بادعاء أنه العموم أو بعلاقة العموم و الخصوص.
و معه لا يصغى إلى ذلك أن إرادة الخصوص متيقنة و لو في ضمنه بخلافه و جعل اللفظ حقيقة في المتيقن أولى و لا إلى أن التخصيص قد اشتهر و شاع حتى قيل ما من عام إلا و قد خص و الظاهر يقتضي كونه حقيقة لما هو الغالب تقليلا للمجاز مع أن تيقن إرادته لا يوجب اختصاص الوضع به مع
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 217
كون العموم كثيرا ما يراد و اشتهار التخصيص لا يوجب كثرة المجاز لعدم الملازمة بين التخصيص و المجازية كما يأتي توضيحه و لو سلم فلا محذور فيه أصلا إذا كان بالقرينة كما لا يخفى.
فصل [في بيان ما دل على العموم]
ربما عد من الألفاظ الدالة على العموم النكرة في سياق النفي أو النهي و دلالتها عليه لا ينبغي أن تنكر عقلا لضرورة أنه لا يكاد يكون طبيعة معدومة إلا إذا لم يكن فرد منها بموجود و إلا كانت موجودة لكن لا يخفى أنها تفيده إذا أخذت مرسلة [1] لا مبهمة قابلة للتقيد و إلا فسلبها لا يقتضي إلا استيعاب السلب لما أريد منها يقينا لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من أفرادها و هذا لا ينافي كون دلالتها عليه عقلية فإنها بالإضافة إلى أفراد ما يراد منها لا الأفراد التي يصلح لانطباقها عليها كما لا ينافي دلالة مثل لفظ كل على العموم وضعا كون عمومه بحسب ما يراد من مدخوله و لذا لا ينافيه تقييد المدخول بقيود كثيرة.
نعم لا يبعد أن يكون ظاهرا عند إطلاقها في استيعاب جميع أفرادها و هذا هو الحال في المحلى باللام جمعا كان أو مفردا بناء على إفادته للعموم و لذا لا ينافيه تقييد المدخول بالوصف و غيره و إطلاق التخصيص على تقييده ليس إلا من قبيل ضيق فم الركية لكن دلالته على العموم وضعا محل منع بل إنما يفيده فيما إذا اقتضته الحكمة أو قرينة أخرى و ذلك لعدم اقتضائه وضع اللام و لا مدخوله و لا وضع آخر للمركب منهما كما لا يخفى و ربما يأتي في المطلق و المقيد بعض الكلام مما يناسب المقام.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 218
فصل [في تحقيق العام المخصص]
لا شبهة في أن العام المخصص بالمتصل أو المنفصل حجة فيما بقي فيما علم عدم دخوله في المخصص مطلقا و لو كان متصلا و ما احتمل دخوله فيه أيضا إذا كان منفصلا كما هو المشهور «1» بين الأصحاب بل لا ينسب الخلاف إلا إلى بعض «2» أهل الخلاف.
و ربما فصل «3» بين المخصص المتصل فقيل بحجيته فيه و بين المنفصل فقيل بعدم حجيته و احتج النافي بالإجمال لتعدد المجازات حسب مراتب الخصوصيات و تعيين «4» الباقي من بينها بلا معين ترجيح بلا مرجح.
و التحقيق في الجواب أن يقال إنه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازا أما في التخصيص بالمتصل فلما عرفت من أنه لا تخصيص أصلا و أن أدوات العموم قد استعملت فيه و إن كان دائرته سعة و ضيقا تختلف باختلاف ذوي الأدوات فلفظة كل في مثل كل رجل و كل رجل عالم قد استعملت في العموم و إن كان أفراد أحدهما بالإضافة إلى الآخر بل في نفسها في غاية القلة. و أما في المنفصل فلأن إرادة الخصوص واقعا لا تستلزم استعماله فيه و كون الخاص قرينة عليه بل من الممكن قطعا استعماله معه في العموم قاعدة و كون الخاص مانعا عن حجية ظهوره تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر لا مصادما لأصل ظهوره و معه لا مجال للمصير إلى أنه قد استعمل فيه مجازا كي يلزم الإجمال.
______________ (1) انظر مطارح الأنظار/ 192.
(2) كأبي ثور و عيسى بن أبان، راجع الإحكام في أصول الأحكام، الجزء الثاني/ 43.
(3) كالبلخي، راجع المصدرا لمتقدم/ 444.
(4) في «ب» تعيّن.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 219
لا يقال هذا مجرد احتمال و لا يرتفع به الإجمال لاحتمال الاستعمال في خصوص مرتبة من مراتبه. فإنه يقال مجرد احتمال استعماله فيه لا يوجب إجماله بعد استقرار ظهوره في العموم و الثابت من مزاحمته بالخاص إنما هو بحسب الحجية تحكيما لما هو الأقوى كما أشرنا إليه آنفا.
[الفرق بين المخصص المتصل و المنفصل]
و بالجملة الفرق بين المتصل و المنفصل و إن كان بعدم انعقاد الظهور في الأول إلا في الخصوص و في الثاني إلا في العموم إلا أنه لا وجه لتوهم استعماله مجازا في واحد منهما أصلا و إنما اللازم الالتزام بحجية الظهور في الخصوص في الأول و عدم حجية ظهوره في خصوص ما كان الخاص حجة فيه في الثاني فتفطن.
و قد أجيب عن الاحتجاج «1» بأن الباقي أقرب المجازات.
و فيه لا اعتبار في الأقربية بحسب المقدار و إنما المدار على الأقربية بحسب زيادة الأنس الناشئة من كثرة الاستعمال و (في تقريرات بحث شيخنا الأستاذ «2» قدس سره في مقام الجواب عن الاحتجاج ما هذا لفظه.
و الأولى أن يجاب بعد تسليم مجازية الباقي بأن دلالة العام على كل فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده و لو كانت دلالة مجازية إذ هي بواسطة عدم شموله للأفراد المخصوصة لا بواسطة دخول غيرها في مدلوله فالمقتضي للحمل على الباقي موجود و المانع مفقود لأن المانع في مثل المقام إنما هو ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله و المفروض انتفاؤه بالنسبة إلى الباقي لاختصاص المخصص بغيره ف لو شك فالأصل عدمه انتهى موضع الحاجة.) ______________ (1) الجواب للمحقق القمي و المحقق الحائري، القوانين 1/ 266، الفصول/ 200.
(2) مطارح الأنظار/ 192، في العموم و الخصوص.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 220
قلت لا يخفى أن دلالته على كل فرد إنما كانت لأجل دلالته على العموم و الشمول فإذا لم يستعمل فيه و استعمل في الخصوص كما هو المفروض مجازا و كان إرادة كل واحد من مراتب الخصوصيات مما جاز انتهاء التخصيص إليه و استعمال العام فيه مجازا ممكنا كان تعين «1» بعضها بلا معين ترجيحا بلا مرجح و لا مقتضى لظهوره فيه ضرورة أن الظهور إما بالوضع و إما بالقرينة و المفروض أنه ليس بموضوع له و لم يكن هناك قرينة و ليس له موجب آخر و دلالته على كل فرد على حدة حيث كانت في ضمن دلالته على العموم لا يوجب ظهوره في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه فالمانع عنه و إن كان مدفوعا بالأصل إلا أنه لا مقتضى له بعد رفع اليد عن الوضع نعم إنما يجدي إذا لم يكن مستعملا إلا في العموم كما فيما حققناه في الجواب فتأمل جيدا.
فصل [في المخصص المجمل]
[المخصص اللفظي المجمل مفهوما]
إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملا بأن كان دائرا بين الأقل و الأكثر و كان منفصلا فلا يسري إجماله إلى العام لا حقيقة و لا حكما بل كان العام متبعا فيما لا يتبع فيه الخاص لوضوح أنه حجة فيه بلا مزاحم أصلا ضرورة أن الخاص إنما يزاحمه فيما هو حجة على خلافه تحكيما للنص أو الأظهر على الظاهر لا فيما لا يكون كذلك كما لا يخفى.
و إن لم يكن كذلك بأن كان دائرا بين المتباينين مطلقا أو بين الأقل و الأكثر فيما كان متصلا فيسري إجماله إليه حكما في المنفصل المردد بين المتباينين و حقيقة في غيره. ______________ (1) في «أ»: تعيين.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 221
أما الأول فلأن العام على ما حققناه «1» كان ظاهرا في عمومه إلا أنه لا يتبع ظهوره في واحد من المتباينين اللذين علم تخصيصه بأحدهما.
و أما الثاني فلعدم «2» انعقاد ظهور من رأس للعام لاحتفاف الكلام بما يوجب احتماله لكل واحد من الأقل و الأكثر أو لكل واحد من المتباينين لكنه حجة في الأقل لأنه المتيقن في البين. فانقدح بذلك الفرق بين المتصل و المنفصل و كذا في المجمل بين المتباينين و الأكثر و الأقل فلا تغفل.
[المخصص اللفظي المجمل مصداقا]
و أما إذا كان مجملا بحسب المصداق بأن اشتبه فرد و تردد بين أن يكون فردا له أو باقيا تحت العام فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لو كان متصلا به ضرورة عدم انعقاد ظهور للكلام إلا في الخصوص كما عرفت.
و أما إذا كان منفصلا عنه ففي جواز التمسك به خلاف و التحقيق عدم جوازه إذ غاية ما يمكن أن يقال في وجه جوازه أن الخاص إنما يزاحم العام فيما كان فعلا حجة و لا يكون حجة فيما اشتبه أنه من أفراده فخطاب لا تكرم فساق العلماء لا يكون دليلا على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء فلا يزاحم مثل أكرم العلماء و لا يعارضه فإنه يكون من قبيل مزاحمة الحجة بغير الحجة و هو في غاية الفساد فإن الخاص و إن لم يكن دليلا في الفرد المشتبه فعلا إلا أنه يوجب اختصاص حجية العام في غير عنوانه من الأفراد فيكون أكرم العلماء دليلا و حجة في العالم الغير الفاسق فالمصداق المشتبه و إن كان مصداقا للعام بلا كلام إلا أنه لم يعلم أنه من مصاديقه بما هو حجة لاختصاص حجيته بغير الفاسق.
و بالجملة العام المخصص بالمنفصل و إن كان ظهوره في العموم كما إذا ______________ (1) في صفحة 219.
(2) في «ب»: و لعدم.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 222
لم يكن مخصصا بخلاف المخصص بالمتصل كما عرفت إلا أنه في عدم الحجية إلا في غير عنوان الخاص مثله فحينئذ يكون الفرد المشتبه غير معلوم الاندراج تحت إحدى الحجتين فلا بد من الرجوع إلى ما هو الأصل في البين هذا إذا كان المخصص لفظيا.
[المخصص اللبي المجمل مصداقا]
و أما إذا كان لبيا فإن كان مما يصح أن يتكل عليه المتكلم إذا كان بصدد البيان في مقام التخاطب فهو كا لمتصل حيث لا يكاد ينعقد معه ظهور للعام إلا في الخصوص و إن لم يكن كذلك فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته كظهوره فيه.
[الفرق بين المخصص اللفظي و اللبي]
و السر في ذلك أن الكلام الملقى من السيد حجة ليس إلا ما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن إرادته للعموم فلا بد من اتباعه ما لم يقطع بخلافه مثلا إذا قال المولى أكرم جيراني و قطع بأنه لا يريد إكرام من كان عدوا له منهم كان أصالة العموم باقية على الحجية بالنسبة إلى من لم يعلم بخروجه عن عموم الكلام للعلم بعداوته لعدم حجة أخرى بدون ذلك على خلافه بخلاف ما إذا كان المخصص لفظيا فإن قضية تقديمه عليه هو كون الملقى إليه كأنه كان من رأس لا يعم الخاص كما كان كذلك حقيقة فيما كان الخاص متصلا و القطع بعدم إرادة العدو لا يوجب انقطاع حجيته إلا فيما قطع أنه عدوه لا فيما شك فيه كما يظهر صدق هذا من صحة مؤاخذة المولى لو لم يكرم واحدا من جيرانه لاحتمال عداوته له و حسن عقوبته على مخالفته و عدم صحة الاعتذار عنه بمجرد احتمال العداوة كما لا يخفى على من راجع الطريقة المعروفة و السيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية أصالة الظهور.
و بالجملة كان بناء العقلاء على حجيتها بالنسبة إلى المشتبه هاهنا بخلاف هناك و لعله لما أشرنا إليه من التفاوت بينهما بإلقاء حجتين هناك تكون قضيتهما بعد تحكيم الخاص و تقديمه على العام كأنه لم يعمه حكما من رأس
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 223
و كأنه لم يكن بعام بخلاف هاهنا فإن الحجة الملقاة ليست إلا واحدة و القطع بعدم إرادة إكرام العدو في أكرم جيراني مثلا لا يوجب رفع اليد عن عمومه إلا فيما قطع بخروجه من تحته فإنه على الحكيم إلقاء كلامه على وفق غرضه و مرامه فلا بد من اتباعه ما لم تقم حجة أقوى على خلافه.
بل يمكن أن يقال إن قضية عمومه للمشكوك أنه ليس فردا لما علم بخروجه من حكمه بمفهومه فيقال في مثل لعن الله بني أمية قاطبة «1» إن فلانا و إن شك في إيمانه يجوز لعنه لمكان العموم و كل من جاز لعنه لا يكون مؤمنا فينتج أنه ليس بمؤمن فتأمل جيدا.
إيقاظ [إحراز المشتبه بالأصل الموضوعي]
لا يخفى أن الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل لما كان غير معنون بعنوان خاص بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص كان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي في غالب الموارد إلا ما شذ ممكنا فبذلك يحكم عليه بحكم العام و إن لم يجز التمسك به بلا كلام ضرورة أنه قلما لا يوجد «2» عنوان يجري فيه أصل ينقح به أنه مما بقي تحته مثلا إذا شك أن امرأة تكون قرشية او غيرها فهي و إن كانت وجدت إما قرشية أو غيرها فلا أصل يحرز أنها قرشية أو غيرها إلا أن أصالة عدم تحقق الانتساب بينها و بين قريش «3» تجدي في تنقيح أنها ممن لا تحيض إلا إلى خمسين لأن المرأة التي لا يكون بينها و بين قريش «4» انتساب أيضا باقية تحت ما دل على أن المرأة إنما ترى الحمرة إلى خمسين و الخارج عن تحته هي القرشية فتأمل تعرف.
وهم و إزاحة [التمسك بالعام في غير الشك في التخصيص]
ربما يظهر عن بعضهم التمسك بالعمومات فيما إذا شك ______________ (1) كامل الزيارات/ 176، الباب 71.
(2) ي «ب»: لم يوجد.
(3) في «أ و ب» القريش.
(4) في «أ و ب» القريش.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 224
في فرد لا من جهة احتمال التخصيص بل من جهة أخرى كما إذا شك في صحة الوضوء أو الغسل بمائع مضاف ف يستكشف صحته بعموم مثل أوفوا بالنذور فيما إذا وقع متعلقا للنذر بأن يقال وجب الإتيان بهذا الوضوء وفاء للنذر للعموم و كل ما يجب الوفاء به لا محالة يكون صحيحا للقطع بأنه لو لا صحته لما وجب الوفاء به و ربما يؤيد ذلك بما ورد من صحة الإحرام و الصيام قبل الميقات «1» و في السفر «2» إذا تعلق بهما النذر.
[عدم جواز التمسك بالعام في غير مقام التخصيص]
و التحقيق أن يقال إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكفلة لأحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها إذا أخذ في موضوعاتها أحد الأحكام المتعلقة بالأفعال بعناوينها الأولية «3» كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد و الوفاء بالنذر و شبهه في الأمور المباحة أو الراجحة ضرورة أنه معه لا يكاد يتوهم عاقل إذا شك في رجحان شيء أو حليته جواز التمسك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حليته.
نعم لا بأس بالتمسك به في جوازه بعد إحراز التمكن منه و القدرة عليه فيما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلا فإذا شك في جوازه صح «4» التمسك بعموم دليلها في الحكم بجوازها و إذا كانت محكومة بعناوينها الأولية بغير حكمها بعناوينها الثانوية وقع «5» المزاحمة بين المقتضيين و يؤثر الأقوى منهما لو ______________ (1) التهذيب 5/ 53، الاحاديث 8 الى 10 من باب 6 المواقيت.
الاستبصار 2/ 161 الاحايث 8 الى 10 من باب 93 من أحرم قبل الميقات، و للمزيد راجع وسائل الشيعة 8/ 236 الباب 13 من ابواب المواقيت.
(2) التهذيب 4/ 235 الحديث 63 و 64 من باب 57 حكم المسافر و المريض في الصيام و للمزيد راجع وسائل الشيعة 7/ 139 البا 10 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث 1 و 7.
(3) في «أ»: الاولوية.
(4) في «أ»: فصح.
(5) في «أ»: فتقع.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 225
كان في البين و إلا لم يؤثر أحدهما و إلا لزم الترجيح بلا مرجح فليحكم عليه حينئذ بحكم آخر كالإباحة إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب و الآخر للحرمة مثلا.
و أما صحة الصوم في السفر بنذره فيه بناء على عدم صحته فيه بدونه و كذا الإحرام قبل الميقات فإنما هو لدليل خاص كاشف عن رجحانهما ذاتا في السفر و قبل الميقات و إنما لم يأمر بهما استحبابا أو وجوبا لمانع يرتفع مع النذر و إما لصيرورتهما راجحين بتعلق النذر بهما بعد ما لم يكونا كذلك كما ربما يدل عليه ما في الخبر من كون (: الإحرام قبل الميقات كالصلاة قبل الوقت). «1» لا يقال لا يجدي صيرورتهما راجحين بذلك في عباديتهما ضرورة كون وجوب الوفاء توصليا لا يعتبر في سقوطه إلا الإتيان بالمنذور بأي داع كان.
فإنه يقال عباديتهما إنما تكون لأجل كشف دليل صحتهما عن عروض عنوان راجح عليهما ملازم لتعلق النذر بهما هذا لو لم نقل بتخصيص عموم دليل اعتبار الرجحان في متعلق النذر بهذا الدليل و إلا أمكن أن يقال بكفاية الرجحان الطارئ عليهما من قبل النذر في عباديتهما بعد تعلق النذر بإتيانهما عباديا و متقربا بهما منه تعالى فإنه و إن لم يتمكن من إتيانهما كذلك قبله إلا أنه يتمكن منه بعده و لا يعتبر في صحة النذر إلا التمكن من الوفاء و لو بسببه فتأمل جيدا.
بقي شيء [في إحراز عدم فردية شيء للعام بأصالة العموم]
و هو أنه هل يجوز التمسك بأصالة عدم التخصيص في إحراز عدم كون ما شك في أنه من مصاديق العام مع العلم بعدم كونه محكوما ______________ (1) لم نعثر على الخبر المشار اليه في المتن، و لكن ورد أنه كمن صلّى في السفر اربعا و ترك الثنتين.
راجع الكافي 4/ 321 الحديث 2، 6 من باب من حرم دون الوقت.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
226 بحكمه مصداقا له مثل ما إذا علم أن زيدا يحرم إكرامه و شك في أنه عالم او ليس بعالم فيحكم عليه بأصالة عدم تخصيص أكرم العلماء أنه ليس بعالم بحيث يحكم عليه بسائر ما لغير العالم من الأحكام.
فيه إشكال لاحتمال اختصاص حجيتها بما إذا شك في كون فرد العام محكوما بحكمه كما هو قضية عمومه و المثبت من الأصول اللفظية و إن كان حجة إلا أنه لا بد من الاقتصار على ما يساعد عليه الدليل و لا دليل هاهنا إلا السيرة و بناء العقلاء و لم يعلم استقرار بنائهم على ذلك فلا تغفل.
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول