حضرت امام علی عليهالسلام نے فرمایا:
بھائی چارے کے پردے میں اپنے بھائی کا حق ضائع نہ کرو، کیونکہ وہ شخص بھائی قرار نہیں پاسکتا جس کا تو حق ضائع کردے
شرح ابن ابی الحدیدج16ص105، من لا یحضرہ الفقیہ حدیث5835
منها «2» أنه لو لم يجز اجتماع الأمر و النهي لما وقع نظيره و قد وقع كما في العبادات المكروهة كالصلاة في مواضع التهمة و في الحمام و الصيام في السفر و في بعض الأيام.
بيان الملازمة أنه لو لم يكن تعدد الجهة مجديا في إمكان اجتماعهما لما جاز اجتماع حكمين آخرين في مورد مع تعددها لعدم اختصاصهما من بين الأحكام بما يوجب الامتناع من التضاد بداهة تضادها بأسرها و التالي باطل لوقوع اجتماع الكراهة و الإيجاب أو الاستحباب في مثل الصلاة في الحمام و الصيام في السفر و في عاشوراء و لو في الحضر و اجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الإباحة أو الاستحباب في مثل الصلاة في المسجد أو الدار.
و الجواب عنه أما إجمالا فبأنه لا بد من التصرف و التأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع بعد قيام الدليل على الامتناع ضرورة أن
______________
(1) انظر قوانين الأصول 1/ 140.
(2) هذا هو الوجه الثاني الذي استدل به، قوانين الأصول 1/ 142.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
162
الظهور لا يصادم البرهان مع أن قضية ظهور تلك الموارد اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد و لا يقول الخصم بجوازه كذلك بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين و بوجهين فهو أيضا لا بد [له] من التفصي عن إشكال الاجتماع فيها لا سيما إذا لم يكن هناك مندوحة كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلا كما لا يخفى.
[أقسام العبادات المكروهة]
و أما تفصيلا فقد أجيب عنه بوجوه «1» يوجب ذكرها بما فيها من النقض و الإبرام طول الكلام بما لا يسعه المقام فالأولى الاقتصار على ما هو التحقيق في حسم مادة الإشكال فيقال و على الله الاتكال إن العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام.
أحدها ما تعلق به النهي بعنوانه و ذاته و لا بدل له كصوم يوم عاشوراء «2» و النوافل المبتدأة في بعض الأوقات «3».
ثانيها ما تعلق به النهي كذلك و يكون له البدل كالنهي عن الصلاة في الحمام «4».
ثالثها ما تعلق النهي به لا بذاته بل بما هو مجامع معه وجودا
______________
(1) راجع مطارح الأنظار/ 130 و ما بعده.
(2) الكافي 4/ 146، باب صوم عرفة و عاشوراء، الأحاديث 4 إلى 7- و للمزيد راجع وسائل الشعية، 7/ 339 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب.
(3) الكافي 3/ 288 باب التطوع في وقت الفريضة و الساعات التي لا يصلّى فيهاالاستبصار 1/ 277 باب وقت نوافل النهار- و للمزيد راجع وسائل الشيعة 3/ 170، الباب 38 من أبواب المواقيت.
(4) الافي 3/ 390 الحديث 12 من باب الصلاة في الكعبة ... الخ.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
163
أو ملازم له خارجا كالصلاة في مواضع التهمة «1» بناء على كون النهي عنها لأجل اتحادها مع الكون في مواضعها.
[الجواب عن القسم الأول من العبادات المكروهة]
أما القسم الأول فالنهي تنزيها عنه بعد الإجماع على أنه يقع صحيحا و مع ذلك يكون تركه أرجح كما يظهر من مداومة الأئمة عليهم السلام على الترك إما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك فيكون الترك كالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض و إن كان مصلحة الترك أكثر فهما حينئذ يكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهم في البين و إلا فيتعين الأهم و إن كان الآخر يقع صحيحا حيث إنه كان راجحا و موافقا للغرض كما هو الحال في سائر المستحبات المتزاحمات بل الواجبات و أرجحية الترك من الفعل لا توجب [1] حزازة و منقصة فيه أصلا كما يوجبها ما إذا كان فيه مفسدة غالبة على مصلحته و لذا لا يقع صحيحا على الامتناع فإن الحزازة و المنقصة فيه مانعة عن صلاحية التقرب به بخلاف المقام فإنه على ما هو عليه من الرجحان و موافقة الغرض
______________
(1) التهذيب 2/ 219 الحديث 71 من باب 11 ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و المكان ... الخ.
و للمزيد راجع وسائل الشيعة 3/ 466 الباب 34 من أبواب مكان المصلي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
164
كما إذا لم يكن تركه راجحا بلا حدوث حزازة فيه أصلا.
و إما لأجل ملازمة الترك لعنوان كذلك من دون انطباقه عليه فيكون كما إذا انطبق عليه من غير تفاوت إلا في أن الطلب المتعلق به حينئذ ليس بحقيقي بل بالعرض و المجاز ف إنما يكون في الحقيقة متعلقا بما يلازمه من العنوان بخلاف صورة الانطباق لتعلقه به حقيقة كما في سائر المكروهات من غير فرق إلا أن منشأه فيها حزازة و منقصة في نفس الفعل و فيه رجحان في الترك من دون حزازة في الفعل أصلا غاية الأمر كون الترك أرجح.
نعم يمكن أن يحمل النهي في كلا القسمين على الإرشاد إلى الترك الذي هو أرجح من الفعل أو ملازم لما هو الأرجح و أكثر ثوابا لذلك و عليه يكون النهي على نحو الحقيقة لا بالعرض و المجاز فلا تغفل.
[الجواب عن القسم الثاني من العبادات المكروهة]
و أما القسم الثاني فالنهي فيه يمكن أن يكون لأجل ما ذكر في القسم الأول طابق النعل بالنعل كما يمكن أن يكون بسبب حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها لأجل تشخصها في هذا القسم بمشخص غير ملائم لها كما في الصلاة في الحمام فإن تشخصها بتشخص وقوعها فيه لا يناسب كونها معراجا و إن لم يكن نفس الكون في الحمام بمكروه و لا حزازة فيه أصلا بل كان راجحا كما لا يخفى.
و ربما يحصل لها لأجل تخصصها بخصوصية شديدة الملاءمة معها مزية فيها كما في الصلاة في المسجد و الأمكنة الشريفة و ذلك لأن الطبيعة المأمور بها في حد نفسها إذا كانت مع تشخص لا يكون له شدة الملاءمة و لا عدم الملاءمة لها مقدار من المصلحة و المزية كالصلاة في الدار مثلا و تزداد تلك المزية فيما كان تشخصها بما له شدة الملاءمة و تنقص فيما إذا لم تكن له ملائمة و لذلك ينقص ثوابها تارة و يزيد أخرى و يكون النهي فيه لحدوث نقصان في مزيتها فيه إرشادا إلى ما لا نقصان فيه من سائر الأفراد و يكون أكثر ثوابا منه و ليكن
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 165
هذا مراد من (قال إن الكراهة في العبادة بمعنى أنها تكون أقل ثوابا) و لا يرد عليه بلزوم اتصاف العبادة التي تكون أقل ثوابا من الأخرى بالكراهة و لزوم اتصاف ما لا مزيد فيه و لا منقصة بالاستحباب لأنه أكثر ثوابا مما فيه المنقصة لما عرفت من أن المراد من كونه أقل ثوابا إنما هو بقياسه إلى نفس الطبيعة المتشخصة بما لا يحدث معه مزية لها و لا منقصة من المشخصات و كذا كونه أكثر ثوابا و لا يخفى أن النهي في هذا القسم لا يصح إلا للإرشاد بخلاف القسم الأول فإنه يكون فيه مولويا و إن كان حمله على الإرشاد بمكان من الإمكان.
[الجواب عن القسم الثالث من العبادات المكروهة]
و أما القسم الثالث فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة المتحدة مع ذاك العنوان أو الملازمة له بالعرض و المجاز و كان المنهي عنه به حقيقة ذاك العنوان و يمكن أن يكون على الحقيقة إرشادا إلى غيرها من سائر الأفراد مما لا يكون متحدا معه أو ملازما له إذ المفروض التمكن من استيفاء مزية العبادة بلا ابتلاء بحزازة ذاك العنوان أصلا هذا على القول بجواز الاجتماع.
و أما على الامتناع فكذلك في صورة الملازمة و أما في صورة الاتحاد و ترجيح جانب الأمر كما هو المفروض حيث إنه صحة العبادة فيكون حال النهي فيه حاله في القسم الثاني فيحمل على ما حمل عليه فيه طابق النعل بالنعل حيث إنه بالدقة يرجع إليه إذ على الامتناع ليس الاتحاد مع العنوان الآخر إلا من مخصصاته و مشخصاته التي تختلف الطبيعة المأمور بها في المزية زيادة و نقيصة بحسب اختلافها في الملاءمة كما عرفت.
و قد انقدح بما ذكرناه أنه لا مجال أصلا لتفسير الكراهة في العبادة بأقلية الثواب في القسم الأول مطلقا و في هذا القسم على القول بالجواز كما انقدح حال اجتماع الوجوب و الاستحباب فيها و أن الأمر الاستحبابي يكون على نحو
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
166
الإرشاد إلى أفضل الأفراد مطلقا على نحو الحقيقة و مولويا اقتضائيا كذلك و فعليا بالعرض و المجاز فيما كان ملاكه ملازمتها لما هو مستحب أو متحدا «1» معه على القول بالجواز.
و لا يخفى أنه لا يكاد يأتي القسم الأول هاهنا فإن انطباق عنوان راجح على الفعل الواجب الذي لا بدل له إنما يؤكد إيجابه لا أنه يوجب استحبابه أصلا و لو بالعرض و المجاز إلا على القول بالجواز و كذا فيما إذا لازم مثل هذا العنوان فإنه لو لم يؤكد الإيجاب لما يصحح الاستحباب إلا اقتضائيا بالعرض و المجاز فتفطن.
[الدليل الثاني للمجوزين و جوابه]
و منها أن أهل العرف يعدون من أتى بالمأمور به في ضمن الفرد المحرم مطيعا و عاصيا من وجهين «2» فإذا أمر المولى عبده بخياطة ثوب و نهاه عن الكون في مكان خاص كما مثل به الحاجبي [1] و العضدي «3» فلو خاطه في ذاك المكان عد مطيعا لأمر الخياطة و عاصيا للنهي عن الكون في ذلك المكان.
و فيه مضافا إلى المناقشة في المثال بأنه ليس من باب الاجتماع ضرورة أن الكون المنهي عنه غير متحد مع الخياطة وجودا أصلا كما لا يخفى
______________
(1) في «ب»: متحدة.
(2) دليل آخر للمجوزين، قوانين الأصول 1/ 148.
(3) انظر شر العضدي على مختصر المتهى لابن الحاجب/ 92، 93. مسألة استحالة كون الشيء واجبا حراما من جهة واحدة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
167
المنع إلا عن صدق أحدهما إما الإطاعة بمعنى الامتثال فيما غلب جانب الأمر أو العصيان فيما غلب جانب النهي لما عرفت من البرهان على الامتناع.
نعم لا بأس بصدق الإطاعة بمعنى حصول الغرض و العصيان في التوصليات و أما في العبادات فلا يكاد يحصل الغرض منها إلا فيما صدر من المكلف فعلا غير محرم و غير مبغوض عليه كما تقدم «1».
بقي الكلام في حال (التفصيل من بعض الأعلام «2» و القول بالجواز عقلا و الامتناع عرفا).
و فيه أنه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع إلا طريق العقل فلا معنى لهذا التفصيل إلا ما أشرنا إليه من النظر المسامحي الغير المبتني على التدقيق و التحقيق و أنت خبير بعدم العبرة به بعد الاطلاع على خلافه بالنظر الدقيق و قد عرفت فيما تقدم «3» أن النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر و النهي بل في الأعم فلا مجال لأن يتوهم أن العرف هو المحكم في تعيين المداليل و لعله كان بين مدلوليهما حسب تعيينه «4» تناف لا يجتمعان في واحد و لو بعنوانين و إن كان العقل يرى جواز اجتماع الوجوب و الحرمة في واحد بوجهين فتدبر.
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأول [مناط الاضطرار الرافع للحرمة]
أن الاضطرار إلى ارتكاب الحرام و إن كان يوجب ارتفاع حرمته و العقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه لو كان مؤثرا له كما إذا لم يكن
______________
(1) في الامر العاشر/ 156.
(2) المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد 2: 110، و قد ينسب ذلك لإى صاحب الرياض (قده) أيضا و كأنه مسموع منه شفاها، على حد تعبير صاحب مطارح الأنظار/ 129.
(3) في الامر الرابع/ 152.
(4) في «ب» تعينه.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 168
بحرام بلا كلام إلا أنه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار بأن يختار ما يؤدي إليه لا محالة فإن الخطاب بالزجر عنه حينئذ و إن كان ساقطا إلا أنه حيث يصدر عنه مبغوضا عليه و عصيانا لذاك الخطاب و مستحقا عليه العقاب لا يصلح لأن يتعلق به الإيجاب و هذا في الجملة مما لا شبهة فيه و لا ارتياب.
[حكم الاضطرار بسوء الاختيار]
و إنما الإشكال فيما إذا كان ما اضطر إليه بسوء اختياره مما ينحصر به التخلص عن محذور الحرام كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسطها بالاختيار في كونه منهيا عنه أو مأمورا به مع جريان حكم المعصية عليه أو بدونه فيه أقوال هذا على الامتناع.
و أما (على القول بالجواز فعن أبي هاشم [1] أنه مأمور به و منهي عنه و اختاره الفاضل القمي «1» ناسبا له إلى أكثر المتأخرين و ظاهر الفقهاء).
و الحق أنه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه و عصيان له بسوء الاختيار و لا يكاد يكون مأمورا به كما إذا لم يكن هناك توقف [2] عليه أو بلا انحصار به و ذلك ضرورة أنه حيث كان قادرا على ترك
______________
(1) قوانين الأصول 1/ 153، في التنبيه الثاني، من قانون دلالة النهي على الفساد.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
169
الحرام رأسا لا يكون عقلا معذورا في مخالفته فيما اضطر إلى ارتكابه بسوء اختياره و يكون معاقبا عليه كما إذا كان ذلك بلا توقف عليه أو مع عدم الانحصار به و لا يكاد يجدي توقف انحصار التخلص عن الحرام به لكونه بسوء الاختيار.
إن قلت كيف لا يجديه و مقدمة الواجب واجبة.
قلت إنما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة و لذا لا يترشح الوجوب من الواجب إلا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراكهما في المقدمية.
و إطلاق الوجوب بحيث ربما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها إنما هو فيما إذا كان الواجب أهم من ترك المقدمة المحرمة و المفروض هاهنا و إن كان ذلك إلا أنه كان بسوء الاختيار و معه لا يتغير عما هو عليه من الحرمة و المبغوضية و إلا لكانت الحرمة معلقة على إرادة المكلف و اختياره لغيره و عدم حرمته مع اختياره له و هو كما ترى مع أنه خلاف الفرض و أن الاضطرار يكون بسوء الاختيار.
[حكم توسط الأرض المغصوبة]
(إن قلت «1» إن التصرف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول و البقاء حرام بلا إشكال و لا كلام و أما التصرف بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم و يتوقف عليه التخلص عن التصرف الحرام فهو ليس بحرام في حال من الحالات بل حاله حال مثل شرب الخمر المتوقف عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات.
______________
(1) إشارة الى مختار الشيخ (قده) مطارح الأنظار/ 155، الهداية 6 من القول في جوا اجتماع الأمر و النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 170
و منه ظهر المنع عن كون جميع أنحاء التصرف في أرض الغير مثلا حراما قبل الدخول و أنه يتمكن من ترك الجميع حتى الخروج و ذلك لأنه لو لم يدخل لما كان متمكنا من الخروج و تركه و ترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلا ترك الدخول فمن لم يشرب الخمر لعدم وقوعه في المهلكة التي يعالجها به مثلا لم يصدق عليه إلا أنه لم يقع في المهلكة لا أنه ما شرب الخمر فيها إلا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع كما لا يخفى.
و بالجملة لا يكون الخروج بملاحظة كونه مصداقا للتخلص عن الحرام أو سببا له إلا مطلوبا و يستحيل أن يتصف بغير المحبوبية و يحكم عليه بغير المطلوبية.
[جواز ما انحصر به التخلص عن الحرام]
قلت هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلص مأمورا به و هو موافق لما أفاده شيخنا العلامة أعلى الله مقامه على ما في تقريرات بعض الأجلة «1») لكنه لا يخفى أن ما به التخلص عن فعل الحرام أو ترك الواجب إنما يكون حسنا عقلا و مطلوبا شرعا بالفعل و إن كان قبيحا ذاتا إذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه و لم يقع بسوء اختياره إما في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام و إما في الإقدام على ما هو قبيح و حرام لو لا [أن] «2» به التخلص بلا كلام كما هو المفروض في المقام ضرورة تمكنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.
و بالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا كما يتمكن منه دخولا غاية الأمر يتمكن منه بلا واسطة و منه بالواسطة و مجرد عدم التمكن منه إلا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا كما هو الحال في البقاء فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الأوقات فكذلك الخروج مع أنه مثله في
______________
(1) مطارح الأنظار/ 155. الهداية 6، من القول في جواز اجتماع الأمر و النهي.
(2) اثبتناها من بعض النسخ المطبوعة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
171
الفرعية على الدخول فكما لا تكون الفرعية مانعة عن مطلوبيته قبله و بعده كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيته و إن كان العقل يحكم بلزومه إرشادا إلى اختيار أقل المحذورين و أخف القبيحين.
و من هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا و تخلصا عن المهلكة و أنه إنما يكون مطلوبا على كل حال لو لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار و إلا فهو على ما هو عليه من الحرمة و إن كان العقل يلزمه إرشادا إلى ما هو أهم و أولى بالرعاية من تركه لكون الغرض فيه أعظم [ف] «1» من ترك الاقتحام فيما يؤدي إلى هلاك النفس أو شرب الخمر لئلا يقع في أشد المحذورين منهما فيصدق أنه تركهما و لو بتركه ما لو فعله لأدى لا محالة إلى أحدهما كسائر الأفعال التوليدية حيث يكون العمد إليها بالعمد إلى أسبابها و اختيار تركها بعدم العمد إلى الأسباب و هذا يكفي في استحقاق العقاب على الشرب للعلاج و إن كان لازما عقلا للفرار عما هو أكثر عقوبة.
و لو سلم عدم الصدق إلا بنحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ف هو غير ضائر بعد تمكنه من الترك و لو على نحو هذه السالبة و من الفعل بواسطة تمكنه مما هو من قبيل الموضوع في هذه السالبة فيوقع نفسه بالاختيار في المهلكة أو يدخل الدار فيعالج بشرب الخمر و يتخلص بالخروج أو يختار ترك الدخول و الوقوع فيهما «2» لئلا يحتاج إلى التخلص و العلاج.
[بقاء المضطر إليه بسوء الاختيار]
إن قلت كيف يقع مثل الخروج و الشرب ممنوعا عنه شرعا و معاقبا عليه عقلا مع بقاء ما يتوقف عليه على وجوبه لسقوط و [وضوح] «3» سقوط الوجوب مع امتناع المقدمة المنحصرة و لو كان بسوء الاختيار و العقل قد استقل بأن
______________
(1) أثبتناه من بعض النسخ المطبوعة.
(2) في «ب»: فيها.
(3) أثبتناها من هامش «ب» المصححة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 172
الممنوع شرعا كالممتنع عادة أو عقلا.
[عدم المنافاة بين حرمة المقدمة و لزوم إتيانها]
قلت أولا إنما كان الممنوع كالممتنع إذا لم يحكم العقل بلزومه إرشادا إلى ما هو أقل المحذورين و قد عرفت لزومه بحكمه فإنه مع لزوم الإتيان بالمقدمة عقلا لا بأس في بقاء ذي المقدمة على وجوبه فإنه حينئذ ليس من التكليف بالممتنع كما إذا كانت المقدمة ممتنعة.
[المضطر إليه المحرم لا يكون مامورا به]
و ثانيا لو سلم ف الساقط إنما هو الخطاب فعلا بالبعث و الإيجاب لا لزوم إتيانه عقلا خروجا عن عهدة ما تنجز عليه سابقا ضرورة أنه لو لم يأت به لوقع في المحذور الأشد و نقض الغرض الأهم حيث إنه الآن كما كان عليه من الملاك و المحبوبية بلا حدوث قصور أو طرو فتور فيه أصلا و إنما كان سقوط الخطاب لأجل المانع و إلزام العقل به لذلك إرشادا كاف لا حاجة معه إلى بقاء الخطاب بالبعث إليه و الإيجاب له فعلا فتدبر جيدا.
و قد ظهر مما حققناه فساد القول بكونه مأمورا به مع إجراء حكم المعصية عليه نظرا إلى النهي السابق مع ما فيه من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب و الحرمة و لا يرتفع غائلته (باختلاف زمان التحريم و الإيجاب قبل الدخول و بعده كما في الفصول «1») مع اتحاد زمان الفعل المتعلق لهما و إنما المفيد اختلاف زمانه و لو مع اتحاد زمانهما و هذا أوضح من أن يخفى كيف و لازمه وقوع الخروج بعد الدخول عصيانا للنهي السابق و إطاعة للأمر اللاحق فعلا و مبغوضا و محبوبا كذلك بعنوان واحد و هذا مما لا يرضى به القائل بالجواز فضلا عن القائل بالامتناع.
كما لا يجدي في رفع هذه الغائلة كون النهي مطلقا و على كل حال و كون الأمر مشروطا بالدخول ضرورة منافاة حرمة شيء كذلك مع وجوبه
______________
(1) الفصول/ 138، الفصل الرابع من فصول النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 173
في بعض الأحوال.
[عدم اجتماع الوجوب و الحرمة في الخروج]
و أما القول «1» بكونه مأمورا به و منهيا عنه ففيه مضافا إلى ما عرفت من امتناع الاجتماع فيما إذا كان بعنوانين فضلا عما إذا كان بعنوان واحد كما في المقام حيث كان الخروج بعنوانه سببا للتخلص و كان بغير إذن المالك و ليس التخلص إلا متنزعا عن ترك الحرام المسبب [1] عن الخروج لا عنوانا له أن الاجتماع هاهنا لو سلم أنه لا يكون بمحال لتعدد العنوان و كونه مجديا في رفع غائلة التضاد كان محالا لأجل كونه طلب المحال حيث لا مندوحة هنا و ذلك لضرورة عدم صحة تعلق الطلب و البعث حقيقة بما هو واجب أو ممتنع و لو كان الوجوب أو الامتناع بسوء الاختيار و ما قيل (أن الامتناع أو الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار) إنما هو في قبال استدلال (الأشاعرة للقول بأن الأفعال غير اختيارية بقضية أن الشيء ما لم يجب لم يوجد).
فانقدح بذلك فساد الاستدلال لهذا القول بأن الأمر بالتخلص و النهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما و لا موجب للتقييد عقلا لعدم استحالة كون الخروج واجبا و حراما باعتبارين مختلفين إذ منشأ الاستحالة إما لزوم اجتماع الضدين و هو غير لازم مع تعدد الجهة و إما لزوم التكليف بما لا يطاق و هو ليس بمحال إذا كان مسببا عن سوء الاختيار و ذلك لما عرفت من
______________
(1) راجع قوانين الأصول 1/ 140، قانون اجتماع الأمر و النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
174
ثبوت الموجب للتقييد عقلا و لو كانا بعنوانين و أن اجتماع الضدين لازم و لو مع تعدد الجهة مع عدم تعددها هاهنا و التكليف بما لا يطاق محال على كل حال نعم لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب بسقوط التكليف بالتحريم أو الإيجاب.
[حكم الصلاة في الدار المغصوبة اضطرارا]
ثم لا يخفى أنه لا إشكال في صحة الصلاة مطلقا في الدار المغصوبة على القول ب الاجتماع و أما على القول بالامتناع فكذلك مع الاضطرار إلى الغصب لا بسوء الاختيار أو معه و لكنها وقعت في حال الخروج على القول بكونه مأمورا به بدون إجراء حكم المعصية «1» عليه أو مع غلبة ملاك الأمر على النهي مع ضيق الوقت أما مع السعة فالصحة و عدمها مبنيان على عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضد و اقتضائه فإن الصلاة في الدار المغصوبة و إن كانت مصلحتها غالبة على ما فيها من المفسدة إلا أنه لا شبهة في أن الصلاة في غيرها تضادها بناء على أنه لا يبقى مجال مع إحداهما للأخرى مع كونها أهم منها لخلوها من المنقصة الناشئة من قبل اتحادها مع الغصب لكنه عرفت عدم الاقتضاء بما لا مزيد عليه فالصلاة في الغصب اختيارا في سعة الوقت صحيحة و إن لم تكن مأمورا بها
الأمر الثاني [صغروية الدليلين لكبرى التعارض أو التزاحم]
قد مر «2» في بعض المقدمات أنه لا تعارض بين مثل خطاب صل و خطاب لا تغصب على الامتناع تعارض الدليلين بما هما دليلان حاكيان كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا بل إنما هو من باب
______________
(1) اختاره الشيخ (قده)، مطارح الأنظار/ 153، و ابن الحاجب، راجع شرح مختر الأصول 94.
(2) في الأمر التاسع من المقصد الثاني في النواهي/ 155.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 175
تزاحم المؤثرين و المقتضيين فيقدم الغالب منهما و إن كان الدليل على مقتضى الآخر أقوى من دليل مقتضاه هذا فيما إذا أحرز الغالب منهما و إلا كان بين الخطابين تعارض فيقدم الأقوى منهم ا دلالة أو سندا و بطريق الإن يحرز به أن مدلوله أقوى مقتضيا هذا لو كان كل من الخطابين متكفلا لحكم فعلي و إلا فلا بد من الأخذ بالمتكفل لذلك منهما لو كان و إلا فلا محيص عن الانتهاء إلى ما تقتضيه الأصول العملية.
[تطبيق ملاك التزاحم على الاجتماع]
ثم لا يخفى «1» أن ترجيح أحد الدليلين و تخصيص الآخر به في المسألة لا يوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا كما هو قضية التقييد و التخصيص في غيرها مما لا يحرز فيه المقتضي لكلا الحكمين بل قضيته ليس إلا خروجه فيما كان الحكم الذي هو مفاد الآخر فعليا و ذلك لثبوت المقتضي في كل واحد من الحكمين فيها فإذا لم يكن المقتضي لحرمة الغصب مؤثرا لها لاضطرار أو جهل أو نسيان كان المقتضي لصحة الصلاة مؤثرا لها فعلا كما إذا لم يكن دليل الحرمة أقوى أو لم يكن واحد من الدليلين دالا على الفعلية أصلا.
ف انقدح بذلك فساد الإشكال في صحة الصلاة في صورة الجهل أو النسيان و نحوهما فيما إذا قدم خطاب لا تغصب كما هو الحال في ما إذا كان الخطابان من أول الأمر متعارضين و لم يكونا من باب الاجتماع أصلا و ذلك لثبوت المقتضي في هذا الباب ك ما إذا لم يقع بينهما تعارض و لم يكونا متكفلين للحكم الفعلي فيكون وزان التخصيص في مورد الاجتماع وزان التخصيص العقلي الناشئ من جهة تقديم أحد المقتضيين و تأثيره فعلا المختص بما إذا لم يمنع عن
______________
(1) هذا ردّ على الشيخ (قدّس سرّه)، مطارح الأنظار/ 152.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
176
تأثيره مانع المقتضي لصحة مورد الاجتماع مع الأمر أو بدونه فيما كان هناك مانع عن تأثير المقتضي للنهي له أو عن فعليته كما مر تفصيله.
و كيف كان فلا بد في ترجيح أحد الحكمين من مرجح
و قد ذكروا لترجيح النهي وجوها
. منها أنه أقوى دلالة
لاستلزامه انتفاء جميع الأفراد بخلاف الأمر.
و قد أورد عليه بأن ذلك فيه من جهة إطلاق متعلقه بقرينة الحكمة كدلالة الأمر على الاجتزاء بأي فرد كان.
و قد أورد عليه بأنه لو كان العموم المستفاد من النهي بالإطلاق بمقدمات الحكمة و غير مستند إلى دلالته عليه بالالتزام لكان استعمال مثل لا تغصب في بعض أفراد الغصب حقيقة و هذا واضح الفساد فتكون دلالته على العموم من جهة أن وقوع الطبيعة في حيز النفي أو النهي يقتضي عقلا سريان الحكم إلى جميع الأفراد ضرورة عدم الانتهاء عنها أو انتفائها إلا بالانتهاء عن الجميع أو انتفائه.
قلت دلالتهما على العموم و الاستيعاب ظاهرا مما لا ينكر لكنه من الواضح أن العموم المستفاد منهما كذلك إنما هو بحسب ما يراد من متعلقهما ف يختلف سعة و ضيقا فلا يكاد يدل على استيعاب جميع الأفراد إلا إذا أريد منه الطبيعة مطلقة و بلا قيد و لا يكاد يستظهر ذلك مع عدم دلالته «1» عليه بالخصوص إلا بالإطلاق و قرينة الحكمة بحيث لو لم يكن هناك قرينتها بأن يكون الإطلاق في غير مقام البيان لم يكد يستفاد استيعاب أفراد الطبيعة و ذلك لا ينافي دلالتهما على استيعاب أفراد ما يراد من المتعلق إذ الفرض عدم الدلالة على أنه المقيد أو المطلق.
______________
(1) الظاهر أن أصل العبارة: عدم دلالة، (حقائق الاصول 1/ 412).
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
177
اللهم إلا أن يقال إن في دلالتهما على الاستيعاب كفاية و دلالة على أن المراد من المتعلق هو المطلق كما ربما يدعى ذلك في مثل كل رجل و أن مثل لفظة كل تدل على استيعاب جميع أفراد الرجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله و قرينة الحكمة بل يكفي إرادة ما هو معناه من الطبيعة المهملة و لا بشرط في دلالته على الاستيعاب و إن كان لا يلزم مجازا أصلا لو أريد منه خاص بالقرينة لا فيه لدلالته على استيعاب أفراد ما يراد من المدخول و لا فيه إذا كان بنحو تعدد الدال و المدلول لعدم استعماله إلا فيما وضع له و الخصوصية مستفادة من دال آخر فتدبر.
و منها أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة
. و (قد أورد عليه في القوانين «1» بأنه مطلقا ممنوع لأن في ترك الواجب أيضا مفسدة إذا تعين).
و لا يخفى ما فيه فإن الواجب و لو كان معينا ليس إلا لأجل أن في فعله مصلحة يلزم استيفاؤها من دون أن يكون في تركه مفسدة كما أن الحرام ليس إلا لأجل المفسدة في فعله بلا مصلحة في تركه.
و لكن يرد عليه أن الأولوية مطلقا ممنوعة بل ربما يكون العكس أولى كما يشهد به مقايسة فعل بعض المحرمات مع ترك بعض الواجبات خصوصا مثل الصلاة و ما يتلو تلوها.
و لو سلم فهو أجنبي عن المقام [1] فإنه فيما إذا دار بين الواجب و الحرام.
______________
(1) قوانين الأصول 1/ 153، في قانون اجتماع الأمر و النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
178
و لو سلم فإنما يجدي فيما لو حصل به القطع.
و لو سلم أنه يجدي و لو لم يحصل فإنما يجري فيما لا يكون هناك مجال لأصالة البراءة أو الاشتغال كما في دوران الأمر بين الوجوب و الحرمة التعيينيين لا فيما تجري كما في محل الاجتماع لأصالة البراءة عن حرمته فيحكم بصحته و لو قيل بقاعدة الاشتغال في الشك في الأجزاء و الشرائط فإنه لا مانع عقلا إلا فعلية الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عنها عقلا و نقلا.
نعم لو قيل [1] بأن المفسدة الواقعية الغالبة مؤثرة في المبغوضية و لو لم يكن الغلبة بمحرزة فأصالة البراءة غير جارية بل كانت أصالة الاشتغال بالواجب لو كان عبادة محكمة و لو قيل بأصالة البراءة في الأجزاء و الشرائط لعدم تأتي قصد القربة مع الشك في المبغوضية فتأمل.
و منها الاستقراء
فإنه يقتضي ترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب كحرمة الصلاة في أيام الاستظهار و عدم جواز الوضوء من الإناءين المشتبهين.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
179
و فيه أنه لا دليل على اعتبار الاستقراء ما لم يفد القطع.
و لو سلم فهو لا يكاد يثبت بهذا المقدار.
و لو سلم ف ليس حرمة الصلاة في تلك الأيام و لا عدم جواز الوضوء منهما مربوطا بالمقام لأن حرمة الصلاة فيها إنما تكون لقاعدة الإمكان و الاستصحاب المثبتين لكون الدم حيضا فيحكم بجميع أحكامه و منها حرمة الصلاة عليها لا لأجل تغليب جانب الحرمة كما هو المدعى هذا لو قيل بحرمتها الذاتية في أيام الحيض و إلا فهو خارج عن محل الكلام.
و من هنا انقدح أنه ليس منه ترك الوضوء من الإناءين فإن حرمة الوضوء من الماء النجس ليس إلا تشريعيا و لا تشريع فيما لو توضأ منهما احتياطا ف لا حرمة في البين غلب جانبها فعدم جواز الوضوء منهما و لو كذلك بل إراقتهما كما في النص «1» ليس إلا من باب التعبد أو من جهة الابتلاء بنجاسة البدن ظاهرا بحكم الاستصحاب للقطع بحصول النجاسة حال ملاقاة المتوضئ من الإناء الثانية إما بملاقاتها أو بملاقاة الأولى و عدم استعمال مطهر بعده و لو طهر بالثانية مواضع الملاقاة بالأولى.
نعم لو طهرت على تقدير نجاستها بمجرد ملاقاتها بلا حاجة إلى التعدد و انفصال الغسالة لا يعلم تفصيلا بنجاستها و إن علم بنجاستها حين ملاقاة الأولى أو الثانية إجمالا فلا مجال لاستصحابها بل كانت قاعدة الطهارة محكمة.
الأمر الثالث الظاهر لحوق تعدد الإضافات بتعدد العنوانات
و الجهات في أنه لو كان تعدد الجهة و العنوان كافيا مع وحدة المعنون وجودا في جواز الاجتماع كان تعدد الإضافات مجديا ضرورة أنه يوجب أيضا
______________
(1) التهذيب 1/ الباب 11، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 43- 44.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 180
اختلاف المضاف بها بحسب المصلحة و المفسدة و الحسن و القبح عقلا و بحسب الوجوب و الحرمة شرعا فيكون مثل أكرم العلماء و لا تكرم الفساق من باب الاجتماع كصل و لا تغصب لا من باب التعارض إلا إذا لم يكن للحكم في أحد الخطابين في مورد الاجتماع مقتض كما هو الحال أيضا في تعدد العنوانين فما يتراءى منهم من المعاملة مع مثل أكرم العلماء و لا تكرم الفساق معاملة تعارض العموم من وجه إنما يكون بناء على الامتناع أو عدم المقتضي لأحد الحكمين في مورد الاجتماع.
حوزوی کتب
کفایۃ الاصول حصہ اول
الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه]
الثالث [كيفية استعمال المجازي]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي]
الثالث عشر [المشتق]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب
المقصد الثاني النواهي
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات
المقصد الثالث المفاهيم
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف
المقصد الرابع العام و الخاص
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين
کفایۃ الاصول حصہ اول
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
ثم إنه قد استدل «1» على الجواز بأمور.
[الدليل الأول للمجوزين]
منها «2» أنه لو لم يجز اجتماع الأمر و النهي لما وقع نظيره و قد وقع كما في العبادات المكروهة كالصلاة في مواضع التهمة و في الحمام و الصيام في السفر و في بعض الأيام. بيان الملازمة أنه لو لم يكن تعدد الجهة مجديا في إمكان اجتماعهما لما جاز اجتماع حكمين آخرين في مورد مع تعددها لعدم اختصاصهما من بين الأحكام بما يوجب الامتناع من التضاد بداهة تضادها بأسرها و التالي باطل لوقوع اجتماع الكراهة و الإيجاب أو الاستحباب في مثل الصلاة في الحمام و الصيام في السفر و في عاشوراء و لو في الحضر و اجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الإباحة أو الاستحباب في مثل الصلاة في المسجد أو الدار.
و الجواب عنه أما إجمالا فبأنه لا بد من التصرف و التأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع بعد قيام الدليل على الامتناع ضرورة أن ______________ (1) انظر قوانين الأصول 1/ 140.
(2) هذا هو الوجه الثاني الذي استدل به، قوانين الأصول 1/ 142.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
162 الظهور لا يصادم البرهان مع أن قضية ظهور تلك الموارد اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد و لا يقول الخصم بجوازه كذلك بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين و بوجهين فهو أيضا لا بد [له] من التفصي عن إشكال الاجتماع فيها لا سيما إذا لم يكن هناك مندوحة كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلا كما لا يخفى.
[أقسام العبادات المكروهة]
و أما تفصيلا فقد أجيب عنه بوجوه «1» يوجب ذكرها بما فيها من النقض و الإبرام طول الكلام بما لا يسعه المقام فالأولى الاقتصار على ما هو التحقيق في حسم مادة الإشكال فيقال و على الله الاتكال إن العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام.
أحدها ما تعلق به النهي بعنوانه و ذاته و لا بدل له كصوم يوم عاشوراء «2» و النوافل المبتدأة في بعض الأوقات «3».
ثانيها ما تعلق به النهي كذلك و يكون له البدل كالنهي عن الصلاة في الحمام «4». ثالثها ما تعلق النهي به لا بذاته بل بما هو مجامع معه وجودا ______________ (1) راجع مطارح الأنظار/ 130 و ما بعده.
(2) الكافي 4/ 146، باب صوم عرفة و عاشوراء، الأحاديث 4 إلى 7- و للمزيد راجع وسائل الشعية، 7/ 339 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب.
(3) الكافي 3/ 288 باب التطوع في وقت الفريضة و الساعات التي لا يصلّى فيهاالاستبصار 1/ 277 باب وقت نوافل النهار- و للمزيد راجع وسائل الشيعة 3/ 170، الباب 38 من أبواب المواقيت.
(4) الافي 3/ 390 الحديث 12 من باب الصلاة في الكعبة ... الخ.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
163 أو ملازم له خارجا كالصلاة في مواضع التهمة «1» بناء على كون النهي عنها لأجل اتحادها مع الكون في مواضعها.
[الجواب عن القسم الأول من العبادات المكروهة]
أما القسم الأول فالنهي تنزيها عنه بعد الإجماع على أنه يقع صحيحا و مع ذلك يكون تركه أرجح كما يظهر من مداومة الأئمة عليهم السلام على الترك إما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك فيكون الترك كالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض و إن كان مصلحة الترك أكثر فهما حينئذ يكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهم في البين و إلا فيتعين الأهم و إن كان الآخر يقع صحيحا حيث إنه كان راجحا و موافقا للغرض كما هو الحال في سائر المستحبات المتزاحمات بل الواجبات و أرجحية الترك من الفعل لا توجب [1] حزازة و منقصة فيه أصلا كما يوجبها ما إذا كان فيه مفسدة غالبة على مصلحته و لذا لا يقع صحيحا على الامتناع فإن الحزازة و المنقصة فيه مانعة عن صلاحية التقرب به بخلاف المقام فإنه على ما هو عليه من الرجحان و موافقة الغرض ______________ (1) التهذيب 2/ 219 الحديث 71 من باب 11 ما يجوز الصلاة فيه من اللباس و المكان ... الخ. و للمزيد راجع وسائل الشيعة 3/ 466 الباب 34 من أبواب مكان المصلي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
164 كما إذا لم يكن تركه راجحا بلا حدوث حزازة فيه أصلا.
و إما لأجل ملازمة الترك لعنوان كذلك من دون انطباقه عليه فيكون كما إذا انطبق عليه من غير تفاوت إلا في أن الطلب المتعلق به حينئذ ليس بحقيقي بل بالعرض و المجاز ف إنما يكون في الحقيقة متعلقا بما يلازمه من العنوان بخلاف صورة الانطباق لتعلقه به حقيقة كما في سائر المكروهات من غير فرق إلا أن منشأه فيها حزازة و منقصة في نفس الفعل و فيه رجحان في الترك من دون حزازة في الفعل أصلا غاية الأمر كون الترك أرجح.
نعم يمكن أن يحمل النهي في كلا القسمين على الإرشاد إلى الترك الذي هو أرجح من الفعل أو ملازم لما هو الأرجح و أكثر ثوابا لذلك و عليه يكون النهي على نحو الحقيقة لا بالعرض و المجاز فلا تغفل.
[الجواب عن القسم الثاني من العبادات المكروهة]
و أما القسم الثاني فالنهي فيه يمكن أن يكون لأجل ما ذكر في القسم الأول طابق النعل بالنعل كما يمكن أن يكون بسبب حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها لأجل تشخصها في هذا القسم بمشخص غير ملائم لها كما في الصلاة في الحمام فإن تشخصها بتشخص وقوعها فيه لا يناسب كونها معراجا و إن لم يكن نفس الكون في الحمام بمكروه و لا حزازة فيه أصلا بل كان راجحا كما لا يخفى.
و ربما يحصل لها لأجل تخصصها بخصوصية شديدة الملاءمة معها مزية فيها كما في الصلاة في المسجد و الأمكنة الشريفة و ذلك لأن الطبيعة المأمور بها في حد نفسها إذا كانت مع تشخص لا يكون له شدة الملاءمة و لا عدم الملاءمة لها مقدار من المصلحة و المزية كالصلاة في الدار مثلا و تزداد تلك المزية فيما كان تشخصها بما له شدة الملاءمة و تنقص فيما إذا لم تكن له ملائمة و لذلك ينقص ثوابها تارة و يزيد أخرى و يكون النهي فيه لحدوث نقصان في مزيتها فيه إرشادا إلى ما لا نقصان فيه من سائر الأفراد و يكون أكثر ثوابا منه و ليكن كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 165
هذا مراد من (قال إن الكراهة في العبادة بمعنى أنها تكون أقل ثوابا) و لا يرد عليه بلزوم اتصاف العبادة التي تكون أقل ثوابا من الأخرى بالكراهة و لزوم اتصاف ما لا مزيد فيه و لا منقصة بالاستحباب لأنه أكثر ثوابا مما فيه المنقصة لما عرفت من أن المراد من كونه أقل ثوابا إنما هو بقياسه إلى نفس الطبيعة المتشخصة بما لا يحدث معه مزية لها و لا منقصة من المشخصات و كذا كونه أكثر ثوابا و لا يخفى أن النهي في هذا القسم لا يصح إلا للإرشاد بخلاف القسم الأول فإنه يكون فيه مولويا و إن كان حمله على الإرشاد بمكان من الإمكان.
[الجواب عن القسم الثالث من العبادات المكروهة]
و أما القسم الثالث فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة المتحدة مع ذاك العنوان أو الملازمة له بالعرض و المجاز و كان المنهي عنه به حقيقة ذاك العنوان و يمكن أن يكون على الحقيقة إرشادا إلى غيرها من سائر الأفراد مما لا يكون متحدا معه أو ملازما له إذ المفروض التمكن من استيفاء مزية العبادة بلا ابتلاء بحزازة ذاك العنوان أصلا هذا على القول بجواز الاجتماع. و أما على الامتناع فكذلك في صورة الملازمة و أما في صورة الاتحاد و ترجيح جانب الأمر كما هو المفروض حيث إنه صحة العبادة فيكون حال النهي فيه حاله في القسم الثاني فيحمل على ما حمل عليه فيه طابق النعل بالنعل حيث إنه بالدقة يرجع إليه إذ على الامتناع ليس الاتحاد مع العنوان الآخر إلا من مخصصاته و مشخصاته التي تختلف الطبيعة المأمور بها في المزية زيادة و نقيصة بحسب اختلافها في الملاءمة كما عرفت.
و قد انقدح بما ذكرناه أنه لا مجال أصلا لتفسير الكراهة في العبادة بأقلية الثواب في القسم الأول مطلقا و في هذا القسم على القول بالجواز كما انقدح حال اجتماع الوجوب و الاستحباب فيها و أن الأمر الاستحبابي يكون على نحو
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
166 الإرشاد إلى أفضل الأفراد مطلقا على نحو الحقيقة و مولويا اقتضائيا كذلك و فعليا بالعرض و المجاز فيما كان ملاكه ملازمتها لما هو مستحب أو متحدا «1» معه على القول بالجواز. و لا يخفى أنه لا يكاد يأتي القسم الأول هاهنا فإن انطباق عنوان راجح على الفعل الواجب الذي لا بدل له إنما يؤكد إيجابه لا أنه يوجب استحبابه أصلا و لو بالعرض و المجاز إلا على القول بالجواز و كذا فيما إذا لازم مثل هذا العنوان فإنه لو لم يؤكد الإيجاب لما يصحح الاستحباب إلا اقتضائيا بالعرض و المجاز فتفطن.
[الدليل الثاني للمجوزين و جوابه]
و منها أن أهل العرف يعدون من أتى بالمأمور به في ضمن الفرد المحرم مطيعا و عاصيا من وجهين «2» فإذا أمر المولى عبده بخياطة ثوب و نهاه عن الكون في مكان خاص كما مثل به الحاجبي [1] و العضدي «3» فلو خاطه في ذاك المكان عد مطيعا لأمر الخياطة و عاصيا للنهي عن الكون في ذلك المكان.
و فيه مضافا إلى المناقشة في المثال بأنه ليس من باب الاجتماع ضرورة أن الكون المنهي عنه غير متحد مع الخياطة وجودا أصلا كما لا يخفى ______________ (1) في «ب»: متحدة.
(2) دليل آخر للمجوزين، قوانين الأصول 1/ 148.
(3) انظر شر العضدي على مختصر المتهى لابن الحاجب/ 92، 93. مسألة استحالة كون الشيء واجبا حراما من جهة واحدة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
167 المنع إلا عن صدق أحدهما إما الإطاعة بمعنى الامتثال فيما غلب جانب الأمر أو العصيان فيما غلب جانب النهي لما عرفت من البرهان على الامتناع.
نعم لا بأس بصدق الإطاعة بمعنى حصول الغرض و العصيان في التوصليات و أما في العبادات فلا يكاد يحصل الغرض منها إلا فيما صدر من المكلف فعلا غير محرم و غير مبغوض عليه كما تقدم «1».
بقي الكلام في حال (التفصيل من بعض الأعلام «2» و القول بالجواز عقلا و الامتناع عرفا). و فيه أنه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع إلا طريق العقل فلا معنى لهذا التفصيل إلا ما أشرنا إليه من النظر المسامحي الغير المبتني على التدقيق و التحقيق و أنت خبير بعدم العبرة به بعد الاطلاع على خلافه بالنظر الدقيق و قد عرفت فيما تقدم «3» أن النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر و النهي بل في الأعم فلا مجال لأن يتوهم أن العرف هو المحكم في تعيين المداليل و لعله كان بين مدلوليهما حسب تعيينه «4» تناف لا يجتمعان في واحد و لو بعنوانين و إن كان العقل يرى جواز اجتماع الوجوب و الحرمة في واحد بوجهين فتدبر. و ينبغي التنبيه على أمور.
الأول [مناط الاضطرار الرافع للحرمة]
أن الاضطرار إلى ارتكاب الحرام و إن كان يوجب ارتفاع حرمته و العقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه لو كان مؤثرا له كما إذا لم يكن ______________ (1) في الامر العاشر/ 156.
(2) المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد 2: 110، و قد ينسب ذلك لإى صاحب الرياض (قده) أيضا و كأنه مسموع منه شفاها، على حد تعبير صاحب مطارح الأنظار/ 129.
(3) في الامر الرابع/ 152.
(4) في «ب» تعينه.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 168
بحرام بلا كلام إلا أنه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار بأن يختار ما يؤدي إليه لا محالة فإن الخطاب بالزجر عنه حينئذ و إن كان ساقطا إلا أنه حيث يصدر عنه مبغوضا عليه و عصيانا لذاك الخطاب و مستحقا عليه العقاب لا يصلح لأن يتعلق به الإيجاب و هذا في الجملة مما لا شبهة فيه و لا ارتياب.
[حكم الاضطرار بسوء الاختيار]
و إنما الإشكال فيما إذا كان ما اضطر إليه بسوء اختياره مما ينحصر به التخلص عن محذور الحرام كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسطها بالاختيار في كونه منهيا عنه أو مأمورا به مع جريان حكم المعصية عليه أو بدونه فيه أقوال هذا على الامتناع.
و أما (على القول بالجواز فعن أبي هاشم [1] أنه مأمور به و منهي عنه و اختاره الفاضل القمي «1» ناسبا له إلى أكثر المتأخرين و ظاهر الفقهاء).
و الحق أنه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه و عصيان له بسوء الاختيار و لا يكاد يكون مأمورا به كما إذا لم يكن هناك توقف [2] عليه أو بلا انحصار به و ذلك ضرورة أنه حيث كان قادرا على ترك ______________ (1) قوانين الأصول 1/ 153، في التنبيه الثاني، من قانون دلالة النهي على الفساد.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
169 الحرام رأسا لا يكون عقلا معذورا في مخالفته فيما اضطر إلى ارتكابه بسوء اختياره و يكون معاقبا عليه كما إذا كان ذلك بلا توقف عليه أو مع عدم الانحصار به و لا يكاد يجدي توقف انحصار التخلص عن الحرام به لكونه بسوء الاختيار.
إن قلت كيف لا يجديه و مقدمة الواجب واجبة.
قلت إنما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة و لذا لا يترشح الوجوب من الواجب إلا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراكهما في المقدمية.
و إطلاق الوجوب بحيث ربما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها إنما هو فيما إذا كان الواجب أهم من ترك المقدمة المحرمة و المفروض هاهنا و إن كان ذلك إلا أنه كان بسوء الاختيار و معه لا يتغير عما هو عليه من الحرمة و المبغوضية و إلا لكانت الحرمة معلقة على إرادة المكلف و اختياره لغيره و عدم حرمته مع اختياره له و هو كما ترى مع أنه خلاف الفرض و أن الاضطرار يكون بسوء الاختيار.
[حكم توسط الأرض المغصوبة]
(إن قلت «1» إن التصرف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول و البقاء حرام بلا إشكال و لا كلام و أما التصرف بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم و يتوقف عليه التخلص عن التصرف الحرام فهو ليس بحرام في حال من الحالات بل حاله حال مثل شرب الخمر المتوقف عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات. ______________ (1) إشارة الى مختار الشيخ (قده) مطارح الأنظار/ 155، الهداية 6 من القول في جوا اجتماع الأمر و النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 170
و منه ظهر المنع عن كون جميع أنحاء التصرف في أرض الغير مثلا حراما قبل الدخول و أنه يتمكن من ترك الجميع حتى الخروج و ذلك لأنه لو لم يدخل لما كان متمكنا من الخروج و تركه و ترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلا ترك الدخول فمن لم يشرب الخمر لعدم وقوعه في المهلكة التي يعالجها به مثلا لم يصدق عليه إلا أنه لم يقع في المهلكة لا أنه ما شرب الخمر فيها إلا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع كما لا يخفى. و بالجملة لا يكون الخروج بملاحظة كونه مصداقا للتخلص عن الحرام أو سببا له إلا مطلوبا و يستحيل أن يتصف بغير المحبوبية و يحكم عليه بغير المطلوبية.
[جواز ما انحصر به التخلص عن الحرام]
قلت هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلص مأمورا به و هو موافق لما أفاده شيخنا العلامة أعلى الله مقامه على ما في تقريرات بعض الأجلة «1») لكنه لا يخفى أن ما به التخلص عن فعل الحرام أو ترك الواجب إنما يكون حسنا عقلا و مطلوبا شرعا بالفعل و إن كان قبيحا ذاتا إذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه و لم يقع بسوء اختياره إما في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام و إما في الإقدام على ما هو قبيح و حرام لو لا [أن] «2» به التخلص بلا كلام كما هو المفروض في المقام ضرورة تمكنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.
و بالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا كما يتمكن منه دخولا غاية الأمر يتمكن منه بلا واسطة و منه بالواسطة و مجرد عدم التمكن منه إلا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا كما هو الحال في البقاء فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الأوقات فكذلك الخروج مع أنه مثله في ______________ (1) مطارح الأنظار/ 155. الهداية 6، من القول في جواز اجتماع الأمر و النهي.
(2) اثبتناها من بعض النسخ المطبوعة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
171 الفرعية على الدخول فكما لا تكون الفرعية مانعة عن مطلوبيته قبله و بعده كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيته و إن كان العقل يحكم بلزومه إرشادا إلى اختيار أقل المحذورين و أخف القبيحين.
و من هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا و تخلصا عن المهلكة و أنه إنما يكون مطلوبا على كل حال لو لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار و إلا فهو على ما هو عليه من الحرمة و إن كان العقل يلزمه إرشادا إلى ما هو أهم و أولى بالرعاية من تركه لكون الغرض فيه أعظم [ف] «1» من ترك الاقتحام فيما يؤدي إلى هلاك النفس أو شرب الخمر لئلا يقع في أشد المحذورين منهما فيصدق أنه تركهما و لو بتركه ما لو فعله لأدى لا محالة إلى أحدهما كسائر الأفعال التوليدية حيث يكون العمد إليها بالعمد إلى أسبابها و اختيار تركها بعدم العمد إلى الأسباب و هذا يكفي في استحقاق العقاب على الشرب للعلاج و إن كان لازما عقلا للفرار عما هو أكثر عقوبة.
و لو سلم عدم الصدق إلا بنحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ف هو غير ضائر بعد تمكنه من الترك و لو على نحو هذه السالبة و من الفعل بواسطة تمكنه مما هو من قبيل الموضوع في هذه السالبة فيوقع نفسه بالاختيار في المهلكة أو يدخل الدار فيعالج بشرب الخمر و يتخلص بالخروج أو يختار ترك الدخول و الوقوع فيهما «2» لئلا يحتاج إلى التخلص و العلاج.
[بقاء المضطر إليه بسوء الاختيار]
إن قلت كيف يقع مثل الخروج و الشرب ممنوعا عنه شرعا و معاقبا عليه عقلا مع بقاء ما يتوقف عليه على وجوبه لسقوط و [وضوح] «3» سقوط الوجوب مع امتناع المقدمة المنحصرة و لو كان بسوء الاختيار و العقل قد استقل بأن ______________ (1) أثبتناه من بعض النسخ المطبوعة.
(2) في «ب»: فيها.
(3) أثبتناها من هامش «ب» المصححة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 172
الممنوع شرعا كالممتنع عادة أو عقلا.
[عدم المنافاة بين حرمة المقدمة و لزوم إتيانها]
قلت أولا إنما كان الممنوع كالممتنع إذا لم يحكم العقل بلزومه إرشادا إلى ما هو أقل المحذورين و قد عرفت لزومه بحكمه فإنه مع لزوم الإتيان بالمقدمة عقلا لا بأس في بقاء ذي المقدمة على وجوبه فإنه حينئذ ليس من التكليف بالممتنع كما إذا كانت المقدمة ممتنعة.
[المضطر إليه المحرم لا يكون مامورا به]
و ثانيا لو سلم ف الساقط إنما هو الخطاب فعلا بالبعث و الإيجاب لا لزوم إتيانه عقلا خروجا عن عهدة ما تنجز عليه سابقا ضرورة أنه لو لم يأت به لوقع في المحذور الأشد و نقض الغرض الأهم حيث إنه الآن كما كان عليه من الملاك و المحبوبية بلا حدوث قصور أو طرو فتور فيه أصلا و إنما كان سقوط الخطاب لأجل المانع و إلزام العقل به لذلك إرشادا كاف لا حاجة معه إلى بقاء الخطاب بالبعث إليه و الإيجاب له فعلا فتدبر جيدا.
و قد ظهر مما حققناه فساد القول بكونه مأمورا به مع إجراء حكم المعصية عليه نظرا إلى النهي السابق مع ما فيه من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب و الحرمة و لا يرتفع غائلته (باختلاف زمان التحريم و الإيجاب قبل الدخول و بعده كما في الفصول «1») مع اتحاد زمان الفعل المتعلق لهما و إنما المفيد اختلاف زمانه و لو مع اتحاد زمانهما و هذا أوضح من أن يخفى كيف و لازمه وقوع الخروج بعد الدخول عصيانا للنهي السابق و إطاعة للأمر اللاحق فعلا و مبغوضا و محبوبا كذلك بعنوان واحد و هذا مما لا يرضى به القائل بالجواز فضلا عن القائل بالامتناع.
كما لا يجدي في رفع هذه الغائلة كون النهي مطلقا و على كل حال و كون الأمر مشروطا بالدخول ضرورة منافاة حرمة شيء كذلك مع وجوبه
______________ (1) الفصول/ 138، الفصل الرابع من فصول النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 173 في بعض الأحوال.
[عدم اجتماع الوجوب و الحرمة في الخروج]
و أما القول «1» بكونه مأمورا به و منهيا عنه ففيه مضافا إلى ما عرفت من امتناع الاجتماع فيما إذا كان بعنوانين فضلا عما إذا كان بعنوان واحد كما في المقام حيث كان الخروج بعنوانه سببا للتخلص و كان بغير إذن المالك و ليس التخلص إلا متنزعا عن ترك الحرام المسبب [1] عن الخروج لا عنوانا له أن الاجتماع هاهنا لو سلم أنه لا يكون بمحال لتعدد العنوان و كونه مجديا في رفع غائلة التضاد كان محالا لأجل كونه طلب المحال حيث لا مندوحة هنا و ذلك لضرورة عدم صحة تعلق الطلب و البعث حقيقة بما هو واجب أو ممتنع و لو كان الوجوب أو الامتناع بسوء الاختيار و ما قيل (أن الامتناع أو الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار) إنما هو في قبال استدلال (الأشاعرة للقول بأن الأفعال غير اختيارية بقضية أن الشيء ما لم يجب لم يوجد).
فانقدح بذلك فساد الاستدلال لهذا القول بأن الأمر بالتخلص و النهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما و لا موجب للتقييد عقلا لعدم استحالة كون الخروج واجبا و حراما باعتبارين مختلفين إذ منشأ الاستحالة إما لزوم اجتماع الضدين و هو غير لازم مع تعدد الجهة و إما لزوم التكليف بما لا يطاق و هو ليس بمحال إذا كان مسببا عن سوء الاختيار و ذلك لما عرفت من ______________ (1) راجع قوانين الأصول 1/ 140، قانون اجتماع الأمر و النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
174 ثبوت الموجب للتقييد عقلا و لو كانا بعنوانين و أن اجتماع الضدين لازم و لو مع تعدد الجهة مع عدم تعددها هاهنا و التكليف بما لا يطاق محال على كل حال نعم لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب بسقوط التكليف بالتحريم أو الإيجاب.
[حكم الصلاة في الدار المغصوبة اضطرارا]
ثم لا يخفى أنه لا إشكال في صحة الصلاة مطلقا في الدار المغصوبة على القول ب الاجتماع و أما على القول بالامتناع فكذلك مع الاضطرار إلى الغصب لا بسوء الاختيار أو معه و لكنها وقعت في حال الخروج على القول بكونه مأمورا به بدون إجراء حكم المعصية «1» عليه أو مع غلبة ملاك الأمر على النهي مع ضيق الوقت أما مع السعة فالصحة و عدمها مبنيان على عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضد و اقتضائه فإن الصلاة في الدار المغصوبة و إن كانت مصلحتها غالبة على ما فيها من المفسدة إلا أنه لا شبهة في أن الصلاة في غيرها تضادها بناء على أنه لا يبقى مجال مع إحداهما للأخرى مع كونها أهم منها لخلوها من المنقصة الناشئة من قبل اتحادها مع الغصب لكنه عرفت عدم الاقتضاء بما لا مزيد عليه فالصلاة في الغصب اختيارا في سعة الوقت صحيحة و إن لم تكن مأمورا بها
الأمر الثاني [صغروية الدليلين لكبرى التعارض أو التزاحم]
قد مر «2» في بعض المقدمات أنه لا تعارض بين مثل خطاب صل و خطاب لا تغصب على الامتناع تعارض الدليلين بما هما دليلان حاكيان كي يقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا بل إنما هو من باب ______________ (1) اختاره الشيخ (قده)، مطارح الأنظار/ 153، و ابن الحاجب، راجع شرح مختر الأصول 94.
(2) في الأمر التاسع من المقصد الثاني في النواهي/ 155.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 175
تزاحم المؤثرين و المقتضيين فيقدم الغالب منهما و إن كان الدليل على مقتضى الآخر أقوى من دليل مقتضاه هذا فيما إذا أحرز الغالب منهما و إلا كان بين الخطابين تعارض فيقدم الأقوى منهم ا دلالة أو سندا و بطريق الإن يحرز به أن مدلوله أقوى مقتضيا هذا لو كان كل من الخطابين متكفلا لحكم فعلي و إلا فلا بد من الأخذ بالمتكفل لذلك منهما لو كان و إلا فلا محيص عن الانتهاء إلى ما تقتضيه الأصول العملية.
[تطبيق ملاك التزاحم على الاجتماع]
ثم لا يخفى «1» أن ترجيح أحد الدليلين و تخصيص الآخر به في المسألة لا يوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا كما هو قضية التقييد و التخصيص في غيرها مما لا يحرز فيه المقتضي لكلا الحكمين بل قضيته ليس إلا خروجه فيما كان الحكم الذي هو مفاد الآخر فعليا و ذلك لثبوت المقتضي في كل واحد من الحكمين فيها فإذا لم يكن المقتضي لحرمة الغصب مؤثرا لها لاضطرار أو جهل أو نسيان كان المقتضي لصحة الصلاة مؤثرا لها فعلا كما إذا لم يكن دليل الحرمة أقوى أو لم يكن واحد من الدليلين دالا على الفعلية أصلا.
ف انقدح بذلك فساد الإشكال في صحة الصلاة في صورة الجهل أو النسيان و نحوهما فيما إذا قدم خطاب لا تغصب كما هو الحال في ما إذا كان الخطابان من أول الأمر متعارضين و لم يكونا من باب الاجتماع أصلا و ذلك لثبوت المقتضي في هذا الباب ك ما إذا لم يقع بينهما تعارض و لم يكونا متكفلين للحكم الفعلي فيكون وزان التخصيص في مورد الاجتماع وزان التخصيص العقلي الناشئ من جهة تقديم أحد المقتضيين و تأثيره فعلا المختص بما إذا لم يمنع عن ______________ (1) هذا ردّ على الشيخ (قدّس سرّه)، مطارح الأنظار/ 152.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
176 تأثيره مانع المقتضي لصحة مورد الاجتماع مع الأمر أو بدونه فيما كان هناك مانع عن تأثير المقتضي للنهي له أو عن فعليته كما مر تفصيله.
و كيف كان فلا بد في ترجيح أحد الحكمين من مرجح
و قد ذكروا لترجيح النهي وجوها . منها أنه أقوى دلالة لاستلزامه انتفاء جميع الأفراد بخلاف الأمر. و قد أورد عليه بأن ذلك فيه من جهة إطلاق متعلقه بقرينة الحكمة كدلالة الأمر على الاجتزاء بأي فرد كان.
و قد أورد عليه بأنه لو كان العموم المستفاد من النهي بالإطلاق بمقدمات الحكمة و غير مستند إلى دلالته عليه بالالتزام لكان استعمال مثل لا تغصب في بعض أفراد الغصب حقيقة و هذا واضح الفساد فتكون دلالته على العموم من جهة أن وقوع الطبيعة في حيز النفي أو النهي يقتضي عقلا سريان الحكم إلى جميع الأفراد ضرورة عدم الانتهاء عنها أو انتفائها إلا بالانتهاء عن الجميع أو انتفائه.
قلت دلالتهما على العموم و الاستيعاب ظاهرا مما لا ينكر لكنه من الواضح أن العموم المستفاد منهما كذلك إنما هو بحسب ما يراد من متعلقهما ف يختلف سعة و ضيقا فلا يكاد يدل على استيعاب جميع الأفراد إلا إذا أريد منه الطبيعة مطلقة و بلا قيد و لا يكاد يستظهر ذلك مع عدم دلالته «1» عليه بالخصوص إلا بالإطلاق و قرينة الحكمة بحيث لو لم يكن هناك قرينتها بأن يكون الإطلاق في غير مقام البيان لم يكد يستفاد استيعاب أفراد الطبيعة و ذلك لا ينافي دلالتهما على استيعاب أفراد ما يراد من المتعلق إذ الفرض عدم الدلالة على أنه المقيد أو المطلق.
______________ (1) الظاهر أن أصل العبارة: عدم دلالة، (حقائق الاصول 1/ 412).
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
177 اللهم إلا أن يقال إن في دلالتهما على الاستيعاب كفاية و دلالة على أن المراد من المتعلق هو المطلق كما ربما يدعى ذلك في مثل كل رجل و أن مثل لفظة كل تدل على استيعاب جميع أفراد الرجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله و قرينة الحكمة بل يكفي إرادة ما هو معناه من الطبيعة المهملة و لا بشرط في دلالته على الاستيعاب و إن كان لا يلزم مجازا أصلا لو أريد منه خاص بالقرينة لا فيه لدلالته على استيعاب أفراد ما يراد من المدخول و لا فيه إذا كان بنحو تعدد الدال و المدلول لعدم استعماله إلا فيما وضع له و الخصوصية مستفادة من دال آخر فتدبر.
و منها أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة
. و (قد أورد عليه في القوانين «1» بأنه مطلقا ممنوع لأن في ترك الواجب أيضا مفسدة إذا تعين).
و لا يخفى ما فيه فإن الواجب و لو كان معينا ليس إلا لأجل أن في فعله مصلحة يلزم استيفاؤها من دون أن يكون في تركه مفسدة كما أن الحرام ليس إلا لأجل المفسدة في فعله بلا مصلحة في تركه.
و لكن يرد عليه أن الأولوية مطلقا ممنوعة بل ربما يكون العكس أولى كما يشهد به مقايسة فعل بعض المحرمات مع ترك بعض الواجبات خصوصا مثل الصلاة و ما يتلو تلوها. و لو سلم فهو أجنبي عن المقام [1] فإنه فيما إذا دار بين الواجب و الحرام. ______________ (1) قوانين الأصول 1/ 153، في قانون اجتماع الأمر و النهي.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
178 و لو سلم فإنما يجدي فيما لو حصل به القطع.
و لو سلم أنه يجدي و لو لم يحصل فإنما يجري فيما لا يكون هناك مجال لأصالة البراءة أو الاشتغال كما في دوران الأمر بين الوجوب و الحرمة التعيينيين لا فيما تجري كما في محل الاجتماع لأصالة البراءة عن حرمته فيحكم بصحته و لو قيل بقاعدة الاشتغال في الشك في الأجزاء و الشرائط فإنه لا مانع عقلا إلا فعلية الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عنها عقلا و نقلا. نعم لو قيل [1] بأن المفسدة الواقعية الغالبة مؤثرة في المبغوضية و لو لم يكن الغلبة بمحرزة فأصالة البراءة غير جارية بل كانت أصالة الاشتغال بالواجب لو كان عبادة محكمة و لو قيل بأصالة البراءة في الأجزاء و الشرائط لعدم تأتي قصد القربة مع الشك في المبغوضية فتأمل. و منها الاستقراء
فإنه يقتضي ترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب كحرمة الصلاة في أيام الاستظهار و عدم جواز الوضوء من الإناءين المشتبهين.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
179 و فيه أنه لا دليل على اعتبار الاستقراء ما لم يفد القطع.
و لو سلم فهو لا يكاد يثبت بهذا المقدار.
و لو سلم ف ليس حرمة الصلاة في تلك الأيام و لا عدم جواز الوضوء منهما مربوطا بالمقام لأن حرمة الصلاة فيها إنما تكون لقاعدة الإمكان و الاستصحاب المثبتين لكون الدم حيضا فيحكم بجميع أحكامه و منها حرمة الصلاة عليها لا لأجل تغليب جانب الحرمة كما هو المدعى هذا لو قيل بحرمتها الذاتية في أيام الحيض و إلا فهو خارج عن محل الكلام.
و من هنا انقدح أنه ليس منه ترك الوضوء من الإناءين فإن حرمة الوضوء من الماء النجس ليس إلا تشريعيا و لا تشريع فيما لو توضأ منهما احتياطا ف لا حرمة في البين غلب جانبها فعدم جواز الوضوء منهما و لو كذلك بل إراقتهما كما في النص «1» ليس إلا من باب التعبد أو من جهة الابتلاء بنجاسة البدن ظاهرا بحكم الاستصحاب للقطع بحصول النجاسة حال ملاقاة المتوضئ من الإناء الثانية إما بملاقاتها أو بملاقاة الأولى و عدم استعمال مطهر بعده و لو طهر بالثانية مواضع الملاقاة بالأولى.
نعم لو طهرت على تقدير نجاستها بمجرد ملاقاتها بلا حاجة إلى التعدد و انفصال الغسالة لا يعلم تفصيلا بنجاستها و إن علم بنجاستها حين ملاقاة الأولى أو الثانية إجمالا فلا مجال لاستصحابها بل كانت قاعدة الطهارة محكمة.
الأمر الثالث الظاهر لحوق تعدد الإضافات بتعدد العنوانات
و الجهات في أنه لو كان تعدد الجهة و العنوان كافيا مع وحدة المعنون وجودا في جواز الاجتماع كان تعدد الإضافات مجديا ضرورة أنه يوجب أيضا ______________ (1) التهذيب 1/ الباب 11، باب تطهير المياه من النجاسات، الحديث 43- 44.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 180
اختلاف المضاف بها بحسب المصلحة و المفسدة و الحسن و القبح عقلا و بحسب الوجوب و الحرمة شرعا فيكون مثل أكرم العلماء و لا تكرم الفساق من باب الاجتماع كصل و لا تغصب لا من باب التعارض إلا إذا لم يكن للحكم في أحد الخطابين في مورد الاجتماع مقتض كما هو الحال أيضا في تعدد العنوانين فما يتراءى منهم من المعاملة مع مثل أكرم العلماء و لا تكرم الفساق معاملة تعارض العموم من وجه إنما يكون بناء على الامتناع أو عدم المقتضي لأحد الحكمين في مورد الاجتماع.
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول