الظاهر أن النهي بمادته و صيغته في الدلالة على الطلب مثل الأمر بمادته و صيغته غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود و في الآخر العدم فيعتبر فيه ما استظهرنا اعتباره فيه بلا تفاوت أصلا نعم يختص النهي بخلاف و هو أن متعلق الطلب فيه هل هو الكف أو مجرد الترك و أن لا يفعل.
و الظاهر هو الثاني و توهم أن الترك و مجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار فلا يصح أن يتعلق به البعث و الطلب فاسد فإن الترك أيضا يكون مقدورا و إلا لما كان الفعل مقدورا و صادرا بالإرادة و الاختيار و كون العدم الأزلي لا بالاختيار لا يوجب أن يكون كذلك بحسب البقاء و الاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف.
[عدم دلالة النهي على التكرار]
ثم إنه لا دلالة لصيغته على الدوام و التكرار كما لا دلالة لصيغة الأمر و إن كان قضيتهما عقلا تختلف و لو مع وحدة متعلقهما بأن يكون طبيعة واحدة بذاتها و قيدها تعلق بها الأمر مرة و النهي أخرى ضرورة أن وجودها يكون بوجود فرد واحد و عدمها لا يكاد يكون إلا بعدم الجميع كما لا يخفى.
و من ذلك يظهر أن الدوام و الاستمرار إنما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة مطلقة غير مقيدة بزمان أو حال فإنه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة إلا بعدم جميع أفرادها الدفعية و التدريجية.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 150
و بالجملة قضية النهي ليس إلا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له كانت مقيدة أو مطلقة و قضية تركها عقلا إنما هو ترك جميع أفرادها.
ثم إنه لا دلالة للنهي على إرادة الترك لو خولف أو عدم إرادته بل لا بد في تعيين ذلك من دلالة و لو كان إطلاق المتعلق من هذه الجهة و لا يكفي إطلاقها من سائر الجهات فتدبر جيدا.
فصل اختلفوا في جواز اجتماع الأمر و النهي في واحد و امتناعه
على أقوال «1» ثالثها «2» جوازه عقلا و امتناعه عرفا
و قبل الخوض في المقصود يقدم أمور
. الأول [بيان المراد بالواحد الذي تعلق به الأمر و النهي]
المراد بالواحد مطلق ما كان ذا وجهين و مندرجا تحت عنوانين بأحدهما كان موردا للأمر و بالآخر للنهي و إن كان كليا مقولا على كثيرين كالصلاة في المغصوب و إنما ذكر لإخراج ما إذا تعدد متعلق الأمر و النهي و لم يجتمعا وجودا و لو جمعهما واحد مفهوما كالسجود لله تعالى و السجود للصنم مثلا لا لإخراج الواحد الجنسي أو النوعي كالحركة و السكون الكليين المعنونين بالصلاتية و الغصبية.
الثاني الفرق بين هذه المسألة و مسألة النهي في العبادة «3»
هو أن الجهة المبحوث عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي أن تعدد الوجه و العنوان في الواحد يوجب تعدد متعلق الأمر و النهي بحيث يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه واحد أو لا يوجبه بل يكون حاله حاله فالنزاع في سراية كل
______________
(1) راجع مطارح الأنظار/ 129. في اجتماع الأمر و النهي.
(2) مجمع الفائدة و البرهان للأردبيلي 2: 110.
(3) في «ب» العبادات.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 151
من الأمر و النهي إلى متعلق الآخر لاتحاد متعلقيهما وجودا و عدم سرايته لتعددهما وجها و هذا بخلاف الجهة المبحوث عنها في المسألة الأخرى فإن البحث فيها في أن النهي في العبادة [أو المعاملة] «1» يوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجه إليها.
نعم لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة.
[تقرير الفصول في الفرق بين المسألتين]
فانقدح أن الفرق بين المسألتين في غاية الوضوح و أما (ما أفاده في الفصول «2» من الفرق بما هذه عبارته.
ثم اعلم أن الفرق بين المقام و المقام المتقدم و هو أن الأمر و النهي هل يجتمعان في شيء واحد أو لا أما في المعاملات فظاهر و أما في العبادات فهو أن النزاع هناك فيما إذا تعلق الأمر و النهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة و إن كان بينهما عموم مطلق و هنا فيما إذا اتحدتا حقيقة و تغايرتا بمجرد الإطلاق و التقييد بأن تعلق الأمر بالمطلق و النهي بالمقيد انتهى موضع الحاجة) فاسد فإن مجرد تعدد الموضوعات و تغايرها بحسب الذوات لا يوجب التمايز بين المسائل ما لم يكن هناك اختلاف الجهات و معه لا حاجة أصلا إلى تعددها بل لا بد من عقد مسألتين مع وحدة الموضوع و تعدد الجهة المبحوث عنها و عقد مسألة واحدة في صورة العكس كما لا يخفى.
و من هنا انقدح أيضا فساد الفرق بأن النزاع هنا في جواز الاجتماع عقلا و هناك في دلالة النهي لفظا فإن مجرد ذلك لو لم يكن تعدد الجهة في البين لا يوجب إلا تفصيلا في المسألة الواحدة لا عقد مسألتين هذا مع
______________
(1) أثبتناها من «ب».
(2) الفصول/ 140، فصل في دلالة النهي على فساد المنهي عنه.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
152
عدم اختصاص النزاع في تلك المسألة بدلالة اللفظ كما سيظهر.
الثالث [في كون مسألة الاجتماع أصولية]
أنه حيث كانت نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت المسألة من المسائل الأصولية لا من مبادئها الأحكامية و لا التصديقية و لا من المسائل الكلامية و لا من المسائل الفرعية و إن كانت فيها جهاتها كما لا يخفى ضرورة أن مجرد ذلك لا يوجب كونها منها إذا كانت فيها جهة أخرى يمكن عقدها معها من المسائل إذ لا مجال حينئذ لتوهم عقدها من غيرها في الأصول و إن عقدت كلامية في الكلام و صح عقدها فرعية أو غيرها بلا كلام و قد عرفت في أول الكتاب «1» أنه لا ضير في كون مسألة واحدة يبحث فيها عن جهة خاصة من مسائل علمين لانطباق جهتين عامتين على تلك الجهة كانت بإحداهما من مسائل علم و بالأخرى من آخر فتذكر.
الرابع [في كون المسألة عقلية لا لفظية]
أنه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن المسألة عقلية و لا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع و الامتناع فيها بما إذا كان الإيجاب و التحريم باللفظ كما ربما يوهمه التعبير بالأمر و النهي الظاهرين في الطلب بالقول إلا أنه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما كما هو أوضح من أن يخفى و ذهاب البعض «2» إلى الجواز عقلا و الامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللفظ بل بدعوى أن الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنين و أنه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين و إلا فلا يكون معنى محصلا للامتناع العرفي غاية الأمر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع فتدبر جيدا.
الخامس [شمول النزاع في مسألة الاجتماع لأنواع الإيجاب و التحريم]
لا يخفى أن ملاك النزاع في جواز الاجتماع و الامتناع يعم جميع أقسام الإيجاب و التحريم كما هو قضية إطلاق لفظ الأمر و النهي
______________
(1) في الأمر الأول من مقدمة الكتاب/ 7.
(2) الأردبيلي في شرح الإرشاد 2/ 110.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 153
و دعوى الانصراف إلى النفسيين التعيينيين العينيين في مادتهما غير خالية عن الاعتساف و إن سلم في صيغتهما مع أنه فيها ممنوع «1».
نعم لا يبعد دعوى الظهور و الانسباق من الإطلاق بمقدمات الحكمة الغير الجارية في المقام لما عرفت من عموم الملاك لجميع الأقسام و كذا ما وقع في البين من النقض و الإبرام مثلا إذا أمر بالصلاة و الصوم تخييرا بينهما و كذلك نهى عن التصرف في الدار و المجالسة مع الأغيار فصلى فيها مع مجالستهم كان حال الصلاة فيها حالها كما إذا أمر بها تعيينا «2» و نهى عن التصرف فيها كذلك في جريان النزاع في الجواز و الامتناع و مجيء أدلة الطرفين و ما وقع من النقض و الإبرام في البين فتفطن.
السادس [اعتبار المندوحة و عدمه في محل النزاع]
أنه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال بل ربما قيل بأن الإطلاق إنما هو للاتكال على الوضوح إذ بدونها يلزم التكليف بالمحال.
و لكن التحقيق مع ذلك عدم اعتبارها في ما هو المهم في محل النزاع من لزوم المحال و هو اجتماع الحكمين المتضادين و عدم الجدوى في كون موردهما موجها بوجهين في رفع غائلة اجتماع الضدين أو عدم لزومه و أن تعدد الوجه يجدي في رفعها [دفعها] و لا يتفاوت في ذلك أصلا وجود المندوحة و عدمها و لزوم التكليف بالمحال بدونها محذور آخر لا دخل له بهذا النزاع.
نعم لا بد من اعتبارها في الحكم بالجواز فعلا لمن يرى التكليف بالمحال محذورا و محالا كما ربما لا بد من اعتبار أمر آخر في الحكم به كذلك أيضا.
و بالجملة لا وجه لاعتبارها إلا لأجل اعتبار القدرة على الامتثال و عدم
______________
(1) في «ب»: ممنوعة.
(2) في «ب»: تعيّنا.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 154
لزوم التكليف بالمحال و لا دخل له بما هو المحذور في المقام من التكليف المحال فافهم و اغتنم.
السابع [ابتناء النزاع على تعلق الأحكام بالطبائع لا الأفراد]
أنه ربما يتوهم تارة أن النزاع في الجواز و الامتناع يبتني على القول بتعلق الأحكام بالطبائع و أما الامتناع على القول بتعلقها بالأفراد فلا يكاد يخفى ضرورة لزوم تعلق الحكمين بواحد شخصي و لو كان ذا وجهين على هذا القول.
و أخرى أن القول بالجواز مبني على القول بالطبائع لتعدد متعلق الأمر و النهي ذاتا عليه و إن اتحد وجودا و القول بالامتناع على القول بالأفراد لاتحاد متعلقهما شخصا خارجا و كونه فردا واحدا.
و أنت خبير بفساد كلا التوهمين فإن تعدد الوجه إن كان يجدي بحيث لا يضر معه الاتحاد بحسب الوجود و الإيجاد لكان يجدي و لو على القول بالأفراد فإن الموجود الخارجي الموجه بوجهين يكون فردا لكل من الطبيعتين فيكون مجمعا لفردين موجودين بوجود واحد فكما لا يضر وحدة الوجود بتعدد الطبيعتين لا يضر بكون المجمع اثنين بما هو مصداق و فرد لكل من الطبيعتين و إلا لما كان يجدي أصلا حتى على القول بالطبائع كما لا يخفى لوحدة الطبيعتين وجودا و اتحادهما خارجا فكما أن وحدة الصلاتية و الغصبية في الصلاة في الدار المغصوبة وجودا غير ضائر بتعددهما و كونهما طبيعتين كذلك وحدة ما وقع في الخارج من خصوصيات الصلاة فيها وجودا غير ضائر بكونه فردا للصلاة فيكون مأمورا به و فردا للغصب فيكون منهيا عنه فهو على وحدته وجودا يكون اثنين لكونه مصداقا للطبيعتين فلا تغفل.
الثامن [اعتبار وجود المناطين في المجمع]
أنه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلا إذا كان في كل واحد من متعلقي الإيجاب و التحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 155
التصادق و الاجتماع كي يحكم على الجواز بكونه فعلا محكوما بالحكمين و على الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين أو بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى كما يأتي تفصيله «1».
و أما إذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك فلا يكون من هذا الباب و لا يكون مورد الاجتماع محكوما إلا بحكم واحد منهما إذا كان له مناطه أو حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما قيل بالجواز و الامتناع هذا بحسب مقام الثبوت.
و أما بحسب مقام الدلالة و الإثبات فالروايتان الدالتان على الحكمين متعارضتان إذا أحرز أن المناط من قبيل الثاني فلا بد من حمل المعارضة حينئذ بينهما في الترجيح و التخيير و إلا فلا تعارض في البين بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلا لكونه أقوى مناطا فلا مجال حينئذ لملاحظة مرجحات الروايات أصلا بل لا بد من مرجحات المقتضيات المتزاحمات كما يأتي الإشارة «2» إليها.
نعم لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض فلا بد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة فتفطن.
التاسع [في ما يستكشف به المناط]
أنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب أن يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها و المنهي عنها مشتملة على مناط الحكم مطلقا حتى في حال الاجتماع فلو كان هناك ما دل على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال و لو لم يكن إلا إطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل و هو.
أن الإطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي لكان دليلا على ثبوت
______________
(1) راجع التنبيه من تنبيهات اجتماع الأمر و النهي، ص 174.
(2) راجع التنبيه من تنبيهات اجتماع الأمر و النهي، ص 174.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
156
المقتضي و المناط في مورد الاجتماع فيكون من هذا الباب و لو كان بصدد الحكم الفعلي ف لا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز إلا إذا علم إجمالا بكذب أحد الدليلين فيعامل معهما معاملة المتعارضين و أما على القول بالامتناع فالإطلاقان متنافيان من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلا فإن انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضي له يمكن أن يكون لأجل انتفائه إلا أن يقال إن قضية التوفيق بينهما هو حمل كل منهما على الحكم الاقتضائي لو لم يكن أحدهما أظهر و إلا ف خصوص الظاهر منهما.
فتلخص أنه كلما كانت هناك دلالة على ثبوت المقتضي في الحكمين كان من مسألة الاجتماع و كلما لم تكن هناك دلالة عليه فهو من باب التعارض مطلقا إذا كانت هناك دلالة على انتفائه في أحدهما بلا تعيين و لو على الجواز و إلا ف على الامتناع.
العاشر «1» [ثمرة بحث الاجتماع و أحكامها]
أنه لا إشكال في سقوط الأمر و حصول الامتثال بإتيان المجمع بداعي الأمر على الجواز مطلقا و لو في العبادات و إن كان معصية للنهي أيضا و كذا الحال على الامتناع مع ترجيح جانب الأمر إلا أنه لا معصية عليه و أما عليه و ترجيح جانب النهي فيسقط به الأمر به مطلقا في غير العبادات لحصول الغرض الموجب له و أما فيها فلا مع الالتفات إلى الحرمة أو بدونه تقصيرا فإنه و إن كان متمكنا مع عدم الالتفات من قصد القربة و قد قصدها إلا أنه مع التقصير لا يصلح لأن يتقرب به أصلا فلا يقع مقربا و بدونه لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة كما لا يخفى و أما إذا لم يلتفت إليها قصورا و قد قصد القربة بإتيانه فالأمر
______________
(1) من هنا الى ص 184 عند قوله «ضرورة أنه لولا جعله» سقط من نسخة (أ) المعتمدة
عندنا.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 157
يسقط لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به لاشتماله على المصلحة مع صدوره حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا فيحصل به الغرض من الأمر فيسقط به قطعا و إن لم يكن امتثالا له بناء على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح و المفاسد واقعا لا لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح لكونهما تابعين لما علم منهما كما حقق في محله.
مع أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك فإن العقل لا يرى تفاوتا بينه و بين سائر الأفراد في الوفاء بغرض «1» الطبيعة المأمور بها و إن لم تعمه بما هي مأمور بها لكنه لوجود المانع لا لعدم المقتضي.
و من هنا انقدح أنه يجزي و لو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحة العبادة و عدم كفاية الإتيان بمجرد المحبوبية كما يكون كذلك في ضد الواجب حيث لا يكون هناك أمر يقصد أصلا.
و بالجملة مع الجهل قصورا بالحرمة موضوعا أو حكما يكون الإتيان بالمجمع امتثالا و بداعي الأمر بالطبيعة لا محالة غاية الأمر أنه لا يكون مما تسعه بما هي مأمور بها لو قيل بتزاحم الجهات في مقام تأثيرها للأحكام الواقعية و أما لو قيل بعدم التزاحم إلا في مقام فعلية الأحكام لكان مما تسعه و امتثالا لأمرها بلا كلام.
[الفرق بين الاجتماع و التعارض]
و قد انقدح بذلك الفرق بين ما إذا كان دليلا الحرمة و الوجوب متعارضين و قدم دليل الحرمة تخييرا أو ترجيحا حيث لا يكون معه مجال للصحة أصلا و بين ما إذا كانا من باب الاجتماع.
و قيل بالامتناع و تقديم جانب الحرمة حيث يقع صحيحا في غير مورد من موارد الجهل و النسيان لموافقته للغرض بل للأمر و من هنا علم أن
______________
(1) في «ب»: لغرض، و ما أثبتناه من النسخ المطبوع هو الأصحّ.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 158
الثواب عليه من قبيل الثواب على الإطاعة لا الانقياد و مجرد اعتقاد الموافقة.
و قد ظهر بما ذكرناه وجه حكم الأصحاب بصحة الصلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع بل أو الحكم إذا كان عن قصور مع أن الجل لو لا الكل قائلون بالامتناع و تقديم الحرمة و يحكمون بالبطلان في غير موارد العذر فلتكن من ذلك على ذكر.
[دليل الامتناع و تمهيد مقدمات]
إذا عرفت هذه الأمور فالحق هو القول بالامتناع كما ذهب إليه المشهور و تحقيقه على وجه يتضح به فساد ما قيل أو يمكن أن يقال من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال يتوقف على تمهيد مقدمات
إحداها [تضاد الأحكام الخمسة]
أنه لا ريب في أن الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها و بلوغها إلى مرتبة البعث و الزجر ضرورة ثبوت المنافاة و المعاندة التامة بين البعث نحو واحد في زمان و الزجر عنه في ذاك الزمان و إن لم يكن بينهما مضادة ما لم يبلغ إلى تلك المرتبة لعدم المنافاة و المعاندة بين وجوداتها الإنشائية قبل البلوغ إليها كما لا يخفى فاستحالة اجتماع الأمر و النهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال بل من جهة أنه بنفسه محال فلا يجوز عند من يجوز التكليف بغير المقدور أيضا.
ثانيتها [تعلق الحكم الشرعي بالموجود خارجا]
أنه لا شبهة في أن متعلق الأحكام هو فعل المكلف و ما هو في الخارج يصدر عنه و هو فاعله و جاعله لا ما هو اسمه و هو واضح و لا ما هو عنوانه مما قد انتزع عنه بحيث لو لا انتزاعه تصورا و اختراعه ذهنا لما كان بحذائه شيء خارجا و يكون خارج المحمول كالملكية و الزوجية و الرقية و الحرية و المغصوبية «1» إلى غير ذلك من الاعتبارات و الإضافات ضرورة أن البعث ليس نحوه و الزجر لا يكون عنه و إنما يؤخذ في متعلق الأحكام آلة للحاظ
______________
(1) في «ب»: الغصبية.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
159
متعلقاتها و الإشارة إليها بمقدار الغرض منها و الحاجة إليها لا بما هو هو و بنفسه و على استقلاله و حياله.
ثالثتها [عدم إيجاب تعدد الوجه لتعدد المعنون]
أنه لا يوجب تعدد الوجه و العنوان تعدد المعنون و لا ينثلم به وحدته فإن المفاهيم المتعددة و العناوين الكثيرة ربما تنطبق على الواحد و تصدق على الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة بل بسيط من جميع الجهات ليس فيه حيث غير حيث و جهة مغايرة لجهة أصلا كالواجب تبارك و تعالى فهو على بساطته و وحدته و أحديته تصدق عليه مفاهيم الصفات الجلالية و الجمالية له الأسماء الحسنى و الأمثال العليا لكنها بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الفرد الأحد.
عباراتنا شتى و حسنك واحد و كل إلى ذاك الجمال يشير.
رابعتها [المتحد وجودا متحد ماهية]
أنه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد إلا ماهية واحدة و حقيقة فاردة لا يقع في جواب السؤال عن حقيقته بما هو إلا تلك الماهية فالمفهومان المتصادقان على ذاك لا يكاد يكون كل منهما ماهية و حقيقة و كانت عينه في الخارج كما هو شأن الطبيعي و فرده فيكون الواحد وجودا واحدا ماهية و ذاتا لا محالة فالمجمع و إن تصادق عليه متعلقا الأمر و النهي إلا أنه كما يكون واحدا وجودا يكون واحدا ماهية و ذاتا و لا يتفاوت فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهية.
و منه ظهر عدم ابتناء القول بالجواز و الامتناع في المسألة على القولين في تلك المسألة كما توهم في الفصول «1» كما ظهر عدم الابتناء على تعدد وجود الجنس و الفصل في الخارج و عدم تعدده ضرورة عدم كون العنوانين المتصادقين عليه من قبيل الجنس و الفصل له و أن مثل الحركة في دار من أي
______________
(1) راجع الفصول/ 125.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
160
مقولة كانت لا يكاد يختلف حقيقتها و ماهيتها و يتخلف ذاتياتها وقعت جزءا للصلاة أو لا كانت تلك الدار مغصوبة أو لا [1].
[مختار المصنف]
إذا عرفت ما مهدناه عرفت أن المجمع حيث كان واحدا وجودا و ذاتا كان تعلق الأمر و النهي به محالا و لو كان تعلقهما به بعنوانين لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته و واقعيته الصادرة عنه متعلقا للأحكام لا بعناوينه الطارئة عليه و أن غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الأحكام تتعلق بالطبائع لا الأفراد «1» فإن غاية تقريبه أن يقال إن الطبائع من حيث هي هي و إن كانت ليست إلا هي و لا تتعلق بها الأحكام الشرعية ك الآثار العادية و العقلية إلا أنها مقيدة بالوجود بحيث كان القيد خارجا و التقيد داخلا صالحة لتعلق الأحكام بها و متعلقا الأمر و النهي على هذا لا يكونان متحدين أصلا لا في مقام تعلق البعث و الزجر و لا في مقام عصيان النهي و إطاعة الأمر بإتيان المجمع بسوء الاختيار.
أما في المقام الأول فلتعددهما بما هما متعلقان لهما و إن كانا متحدين فيما هو خارج عنهما بما هما كذلك.
و أما في المقام الثاني فلسقوط أحدهما بالإطاعة و الآخر بالعصيان بمجرد الإتيان ففي أي مقام اجتمع الحكمان في واحد.
و أنت خبير بأنه لا يكاد يجدي بعد ما عرفت من أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون لا وجودا و لا ماهية و لا تنثلم به وحدته أصلا و أن المتعلق للأحكام هو المعنونات لا العنوانات و أنها إنما تؤخذ في المتعلقات بما
______________
(1) كما في قوانين الأصول 1/ 140.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 161
هي حاكيات كالعبارات لا بما هي على حيالها و استقلالها.
كما ظهر مما حققناه أنه لا يكاد يجدي أيضا كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي المأمور به أو المنهي عنه و أنه لا ضير في كون المقدمة محرمة في صورة عدم الانحصار بسوء الاختيار و ذلك مضافا إلى وضوح فساده و أن الفرد هو عين الطبيعي في الخارج كيف و المقدمية تقتضي الاثنينية بحسب الوجود و لا تعدد كما هو واضح أنه إنما يجدي لو لم يكن المجمع واحدا ماهية و قد عرفت بما لا مزيد عليه أنه بحسبها أيضا واحد.
حوزوی کتب
کفایۃ الاصول حصہ اول
الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه]
الثالث [كيفية استعمال المجازي]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي]
الثالث عشر [المشتق]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب
المقصد الثاني النواهي
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات
المقصد الثالث المفاهيم
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف
المقصد الرابع العام و الخاص
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين
کفایۃ الاصول حصہ اول
المقصد الثاني النواهي
فصل [في مادة النهي و صيغته]
الظاهر أن النهي بمادته و صيغته في الدلالة على الطلب مثل الأمر بمادته و صيغته غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود و في الآخر العدم فيعتبر فيه ما استظهرنا اعتباره فيه بلا تفاوت أصلا نعم يختص النهي بخلاف و هو أن متعلق الطلب فيه هل هو الكف أو مجرد الترك و أن لا يفعل.
و الظاهر هو الثاني و توهم أن الترك و مجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار فلا يصح أن يتعلق به البعث و الطلب فاسد فإن الترك أيضا يكون مقدورا و إلا لما كان الفعل مقدورا و صادرا بالإرادة و الاختيار و كون العدم الأزلي لا بالاختيار لا يوجب أن يكون كذلك بحسب البقاء و الاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف.
[عدم دلالة النهي على التكرار]
ثم إنه لا دلالة لصيغته على الدوام و التكرار كما لا دلالة لصيغة الأمر و إن كان قضيتهما عقلا تختلف و لو مع وحدة متعلقهما بأن يكون طبيعة واحدة بذاتها و قيدها تعلق بها الأمر مرة و النهي أخرى ضرورة أن وجودها يكون بوجود فرد واحد و عدمها لا يكاد يكون إلا بعدم الجميع كما لا يخفى.
و من ذلك يظهر أن الدوام و الاستمرار إنما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة مطلقة غير مقيدة بزمان أو حال فإنه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة إلا بعدم جميع أفرادها الدفعية و التدريجية. كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 150
و بالجملة قضية النهي ليس إلا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له كانت مقيدة أو مطلقة و قضية تركها عقلا إنما هو ترك جميع أفرادها.
ثم إنه لا دلالة للنهي على إرادة الترك لو خولف أو عدم إرادته بل لا بد في تعيين ذلك من دلالة و لو كان إطلاق المتعلق من هذه الجهة و لا يكفي إطلاقها من سائر الجهات فتدبر جيدا. فصل اختلفوا في جواز اجتماع الأمر و النهي في واحد و امتناعه
على أقوال «1» ثالثها «2» جوازه عقلا و امتناعه عرفا و قبل الخوض في المقصود يقدم أمور
. الأول [بيان المراد بالواحد الذي تعلق به الأمر و النهي]
المراد بالواحد مطلق ما كان ذا وجهين و مندرجا تحت عنوانين بأحدهما كان موردا للأمر و بالآخر للنهي و إن كان كليا مقولا على كثيرين كالصلاة في المغصوب و إنما ذكر لإخراج ما إذا تعدد متعلق الأمر و النهي و لم يجتمعا وجودا و لو جمعهما واحد مفهوما كالسجود لله تعالى و السجود للصنم مثلا لا لإخراج الواحد الجنسي أو النوعي كالحركة و السكون الكليين المعنونين بالصلاتية و الغصبية.
الثاني الفرق بين هذه المسألة و مسألة النهي في العبادة «3»
هو أن الجهة المبحوث عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي أن تعدد الوجه و العنوان في الواحد يوجب تعدد متعلق الأمر و النهي بحيث يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه واحد أو لا يوجبه بل يكون حاله حاله فالنزاع في سراية كل ______________ (1) راجع مطارح الأنظار/ 129. في اجتماع الأمر و النهي.
(2) مجمع الفائدة و البرهان للأردبيلي 2: 110.
(3) في «ب» العبادات.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 151
من الأمر و النهي إلى متعلق الآخر لاتحاد متعلقيهما وجودا و عدم سرايته لتعددهما وجها و هذا بخلاف الجهة المبحوث عنها في المسألة الأخرى فإن البحث فيها في أن النهي في العبادة [أو المعاملة] «1» يوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجه إليها.
نعم لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة.
[تقرير الفصول في الفرق بين المسألتين]
فانقدح أن الفرق بين المسألتين في غاية الوضوح و أما (ما أفاده في الفصول «2» من الفرق بما هذه عبارته.
ثم اعلم أن الفرق بين المقام و المقام المتقدم و هو أن الأمر و النهي هل يجتمعان في شيء واحد أو لا أما في المعاملات فظاهر و أما في العبادات فهو أن النزاع هناك فيما إذا تعلق الأمر و النهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة و إن كان بينهما عموم مطلق و هنا فيما إذا اتحدتا حقيقة و تغايرتا بمجرد الإطلاق و التقييد بأن تعلق الأمر بالمطلق و النهي بالمقيد انتهى موضع الحاجة) فاسد فإن مجرد تعدد الموضوعات و تغايرها بحسب الذوات لا يوجب التمايز بين المسائل ما لم يكن هناك اختلاف الجهات و معه لا حاجة أصلا إلى تعددها بل لا بد من عقد مسألتين مع وحدة الموضوع و تعدد الجهة المبحوث عنها و عقد مسألة واحدة في صورة العكس كما لا يخفى.
و من هنا انقدح أيضا فساد الفرق بأن النزاع هنا في جواز الاجتماع عقلا و هناك في دلالة النهي لفظا فإن مجرد ذلك لو لم يكن تعدد الجهة في البين لا يوجب إلا تفصيلا في المسألة الواحدة لا عقد مسألتين هذا مع ______________ (1) أثبتناها من «ب».
(2) الفصول/ 140، فصل في دلالة النهي على فساد المنهي عنه.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
152 عدم اختصاص النزاع في تلك المسألة بدلالة اللفظ كما سيظهر.
الثالث [في كون مسألة الاجتماع أصولية]
أنه حيث كانت نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت المسألة من المسائل الأصولية لا من مبادئها الأحكامية و لا التصديقية و لا من المسائل الكلامية و لا من المسائل الفرعية و إن كانت فيها جهاتها كما لا يخفى ضرورة أن مجرد ذلك لا يوجب كونها منها إذا كانت فيها جهة أخرى يمكن عقدها معها من المسائل إذ لا مجال حينئذ لتوهم عقدها من غيرها في الأصول و إن عقدت كلامية في الكلام و صح عقدها فرعية أو غيرها بلا كلام و قد عرفت في أول الكتاب «1» أنه لا ضير في كون مسألة واحدة يبحث فيها عن جهة خاصة من مسائل علمين لانطباق جهتين عامتين على تلك الجهة كانت بإحداهما من مسائل علم و بالأخرى من آخر فتذكر.
الرابع [في كون المسألة عقلية لا لفظية]
أنه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن المسألة عقلية و لا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع و الامتناع فيها بما إذا كان الإيجاب و التحريم باللفظ كما ربما يوهمه التعبير بالأمر و النهي الظاهرين في الطلب بالقول إلا أنه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما كما هو أوضح من أن يخفى و ذهاب البعض «2» إلى الجواز عقلا و الامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللفظ بل بدعوى أن الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنين و أنه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين و إلا فلا يكون معنى محصلا للامتناع العرفي غاية الأمر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع فتدبر جيدا.
الخامس [شمول النزاع في مسألة الاجتماع لأنواع الإيجاب و التحريم]
لا يخفى أن ملاك النزاع في جواز الاجتماع و الامتناع يعم جميع أقسام الإيجاب و التحريم كما هو قضية إطلاق لفظ الأمر و النهي ______________ (1) في الأمر الأول من مقدمة الكتاب/ 7.
(2) الأردبيلي في شرح الإرشاد 2/ 110.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 153
و دعوى الانصراف إلى النفسيين التعيينيين العينيين في مادتهما غير خالية عن الاعتساف و إن سلم في صيغتهما مع أنه فيها ممنوع «1».
نعم لا يبعد دعوى الظهور و الانسباق من الإطلاق بمقدمات الحكمة الغير الجارية في المقام لما عرفت من عموم الملاك لجميع الأقسام و كذا ما وقع في البين من النقض و الإبرام مثلا إذا أمر بالصلاة و الصوم تخييرا بينهما و كذلك نهى عن التصرف في الدار و المجالسة مع الأغيار فصلى فيها مع مجالستهم كان حال الصلاة فيها حالها كما إذا أمر بها تعيينا «2» و نهى عن التصرف فيها كذلك في جريان النزاع في الجواز و الامتناع و مجيء أدلة الطرفين و ما وقع من النقض و الإبرام في البين فتفطن.
السادس [اعتبار المندوحة و عدمه في محل النزاع]
أنه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال بل ربما قيل بأن الإطلاق إنما هو للاتكال على الوضوح إذ بدونها يلزم التكليف بالمحال.
و لكن التحقيق مع ذلك عدم اعتبارها في ما هو المهم في محل النزاع من لزوم المحال و هو اجتماع الحكمين المتضادين و عدم الجدوى في كون موردهما موجها بوجهين في رفع غائلة اجتماع الضدين أو عدم لزومه و أن تعدد الوجه يجدي في رفعها [دفعها] و لا يتفاوت في ذلك أصلا وجود المندوحة و عدمها و لزوم التكليف بالمحال بدونها محذور آخر لا دخل له بهذا النزاع. نعم لا بد من اعتبارها في الحكم بالجواز فعلا لمن يرى التكليف بالمحال محذورا و محالا كما ربما لا بد من اعتبار أمر آخر في الحكم به كذلك أيضا.
و بالجملة لا وجه لاعتبارها إلا لأجل اعتبار القدرة على الامتثال و عدم ______________ (1) في «ب»: ممنوعة.
(2) في «ب»: تعيّنا.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 154
لزوم التكليف بالمحال و لا دخل له بما هو المحذور في المقام من التكليف المحال فافهم و اغتنم.
السابع [ابتناء النزاع على تعلق الأحكام بالطبائع لا الأفراد]
أنه ربما يتوهم تارة أن النزاع في الجواز و الامتناع يبتني على القول بتعلق الأحكام بالطبائع و أما الامتناع على القول بتعلقها بالأفراد فلا يكاد يخفى ضرورة لزوم تعلق الحكمين بواحد شخصي و لو كان ذا وجهين على هذا القول.
و أخرى أن القول بالجواز مبني على القول بالطبائع لتعدد متعلق الأمر و النهي ذاتا عليه و إن اتحد وجودا و القول بالامتناع على القول بالأفراد لاتحاد متعلقهما شخصا خارجا و كونه فردا واحدا.
و أنت خبير بفساد كلا التوهمين فإن تعدد الوجه إن كان يجدي بحيث لا يضر معه الاتحاد بحسب الوجود و الإيجاد لكان يجدي و لو على القول بالأفراد فإن الموجود الخارجي الموجه بوجهين يكون فردا لكل من الطبيعتين فيكون مجمعا لفردين موجودين بوجود واحد فكما لا يضر وحدة الوجود بتعدد الطبيعتين لا يضر بكون المجمع اثنين بما هو مصداق و فرد لكل من الطبيعتين و إلا لما كان يجدي أصلا حتى على القول بالطبائع كما لا يخفى لوحدة الطبيعتين وجودا و اتحادهما خارجا فكما أن وحدة الصلاتية و الغصبية في الصلاة في الدار المغصوبة وجودا غير ضائر بتعددهما و كونهما طبيعتين كذلك وحدة ما وقع في الخارج من خصوصيات الصلاة فيها وجودا غير ضائر بكونه فردا للصلاة فيكون مأمورا به و فردا للغصب فيكون منهيا عنه فهو على وحدته وجودا يكون اثنين لكونه مصداقا للطبيعتين فلا تغفل.
الثامن [اعتبار وجود المناطين في المجمع]
أنه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلا إذا كان في كل واحد من متعلقي الإيجاب و التحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 155
التصادق و الاجتماع كي يحكم على الجواز بكونه فعلا محكوما بالحكمين و على الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين أو بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى كما يأتي تفصيله «1».
و أما إذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك فلا يكون من هذا الباب و لا يكون مورد الاجتماع محكوما إلا بحكم واحد منهما إذا كان له مناطه أو حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما قيل بالجواز و الامتناع هذا بحسب مقام الثبوت.
و أما بحسب مقام الدلالة و الإثبات فالروايتان الدالتان على الحكمين متعارضتان إذا أحرز أن المناط من قبيل الثاني فلا بد من حمل المعارضة حينئذ بينهما في الترجيح و التخيير و إلا فلا تعارض في البين بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلا لكونه أقوى مناطا فلا مجال حينئذ لملاحظة مرجحات الروايات أصلا بل لا بد من مرجحات المقتضيات المتزاحمات كما يأتي الإشارة «2» إليها.
نعم لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض فلا بد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة فتفطن.
التاسع [في ما يستكشف به المناط]
أنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب أن يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها و المنهي عنها مشتملة على مناط الحكم مطلقا حتى في حال الاجتماع فلو كان هناك ما دل على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال و لو لم يكن إلا إطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل و هو. أن الإطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي لكان دليلا على ثبوت ______________ (1) راجع التنبيه من تنبيهات اجتماع الأمر و النهي، ص 174.
(2) راجع التنبيه من تنبيهات اجتماع الأمر و النهي، ص 174.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
156 المقتضي و المناط في مورد الاجتماع فيكون من هذا الباب و لو كان بصدد الحكم الفعلي ف لا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز إلا إذا علم إجمالا بكذب أحد الدليلين فيعامل معهما معاملة المتعارضين و أما على القول بالامتناع فالإطلاقان متنافيان من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلا فإن انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضي له يمكن أن يكون لأجل انتفائه إلا أن يقال إن قضية التوفيق بينهما هو حمل كل منهما على الحكم الاقتضائي لو لم يكن أحدهما أظهر و إلا ف خصوص الظاهر منهما.
فتلخص أنه كلما كانت هناك دلالة على ثبوت المقتضي في الحكمين كان من مسألة الاجتماع و كلما لم تكن هناك دلالة عليه فهو من باب التعارض مطلقا إذا كانت هناك دلالة على انتفائه في أحدهما بلا تعيين و لو على الجواز و إلا ف على الامتناع.
العاشر «1» [ثمرة بحث الاجتماع و أحكامها]
أنه لا إشكال في سقوط الأمر و حصول الامتثال بإتيان المجمع بداعي الأمر على الجواز مطلقا و لو في العبادات و إن كان معصية للنهي أيضا و كذا الحال على الامتناع مع ترجيح جانب الأمر إلا أنه لا معصية عليه و أما عليه و ترجيح جانب النهي فيسقط به الأمر به مطلقا في غير العبادات لحصول الغرض الموجب له و أما فيها فلا مع الالتفات إلى الحرمة أو بدونه تقصيرا فإنه و إن كان متمكنا مع عدم الالتفات من قصد القربة و قد قصدها إلا أنه مع التقصير لا يصلح لأن يتقرب به أصلا فلا يقع مقربا و بدونه لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة كما لا يخفى و أما إذا لم يلتفت إليها قصورا و قد قصد القربة بإتيانه فالأمر ______________ (1) من هنا الى ص 184 عند قوله «ضرورة أنه لولا جعله» سقط من نسخة (أ) المعتمدة
عندنا. كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 157
يسقط لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به لاشتماله على المصلحة مع صدوره حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا فيحصل به الغرض من الأمر فيسقط به قطعا و إن لم يكن امتثالا له بناء على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح و المفاسد واقعا لا لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح لكونهما تابعين لما علم منهما كما حقق في محله.
مع أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك فإن العقل لا يرى تفاوتا بينه و بين سائر الأفراد في الوفاء بغرض «1» الطبيعة المأمور بها و إن لم تعمه بما هي مأمور بها لكنه لوجود المانع لا لعدم المقتضي.
و من هنا انقدح أنه يجزي و لو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحة العبادة و عدم كفاية الإتيان بمجرد المحبوبية كما يكون كذلك في ضد الواجب حيث لا يكون هناك أمر يقصد أصلا. و بالجملة مع الجهل قصورا بالحرمة موضوعا أو حكما يكون الإتيان بالمجمع امتثالا و بداعي الأمر بالطبيعة لا محالة غاية الأمر أنه لا يكون مما تسعه بما هي مأمور بها لو قيل بتزاحم الجهات في مقام تأثيرها للأحكام الواقعية و أما لو قيل بعدم التزاحم إلا في مقام فعلية الأحكام لكان مما تسعه و امتثالا لأمرها بلا كلام.
[الفرق بين الاجتماع و التعارض]
و قد انقدح بذلك الفرق بين ما إذا كان دليلا الحرمة و الوجوب متعارضين و قدم دليل الحرمة تخييرا أو ترجيحا حيث لا يكون معه مجال للصحة أصلا و بين ما إذا كانا من باب الاجتماع. و قيل بالامتناع و تقديم جانب الحرمة حيث يقع صحيحا في غير مورد من موارد الجهل و النسيان لموافقته للغرض بل للأمر و من هنا علم أن ______________ (1) في «ب»: لغرض، و ما أثبتناه من النسخ المطبوع هو الأصحّ.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 158
الثواب عليه من قبيل الثواب على الإطاعة لا الانقياد و مجرد اعتقاد الموافقة. و قد ظهر بما ذكرناه وجه حكم الأصحاب بصحة الصلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع بل أو الحكم إذا كان عن قصور مع أن الجل لو لا الكل قائلون بالامتناع و تقديم الحرمة و يحكمون بالبطلان في غير موارد العذر فلتكن من ذلك على ذكر.
[دليل الامتناع و تمهيد مقدمات]
إذا عرفت هذه الأمور فالحق هو القول بالامتناع كما ذهب إليه المشهور و تحقيقه على وجه يتضح به فساد ما قيل أو يمكن أن يقال من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال يتوقف على تمهيد مقدمات
إحداها [تضاد الأحكام الخمسة]
أنه لا ريب في أن الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها و بلوغها إلى مرتبة البعث و الزجر ضرورة ثبوت المنافاة و المعاندة التامة بين البعث نحو واحد في زمان و الزجر عنه في ذاك الزمان و إن لم يكن بينهما مضادة ما لم يبلغ إلى تلك المرتبة لعدم المنافاة و المعاندة بين وجوداتها الإنشائية قبل البلوغ إليها كما لا يخفى فاستحالة اجتماع الأمر و النهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال بل من جهة أنه بنفسه محال فلا يجوز عند من يجوز التكليف بغير المقدور أيضا.
ثانيتها [تعلق الحكم الشرعي بالموجود خارجا]
أنه لا شبهة في أن متعلق الأحكام هو فعل المكلف و ما هو في الخارج يصدر عنه و هو فاعله و جاعله لا ما هو اسمه و هو واضح و لا ما هو عنوانه مما قد انتزع عنه بحيث لو لا انتزاعه تصورا و اختراعه ذهنا لما كان بحذائه شيء خارجا و يكون خارج المحمول كالملكية و الزوجية و الرقية و الحرية و المغصوبية «1» إلى غير ذلك من الاعتبارات و الإضافات ضرورة أن البعث ليس نحوه و الزجر لا يكون عنه و إنما يؤخذ في متعلق الأحكام آلة للحاظ ______________ (1) في «ب»: الغصبية.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
159 متعلقاتها و الإشارة إليها بمقدار الغرض منها و الحاجة إليها لا بما هو هو و بنفسه و على استقلاله و حياله.
ثالثتها [عدم إيجاب تعدد الوجه لتعدد المعنون]
أنه لا يوجب تعدد الوجه و العنوان تعدد المعنون و لا ينثلم به وحدته فإن المفاهيم المتعددة و العناوين الكثيرة ربما تنطبق على الواحد و تصدق على الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة بل بسيط من جميع الجهات ليس فيه حيث غير حيث و جهة مغايرة لجهة أصلا كالواجب تبارك و تعالى فهو على بساطته و وحدته و أحديته تصدق عليه مفاهيم الصفات الجلالية و الجمالية له الأسماء الحسنى و الأمثال العليا لكنها بأجمعها حاكية عن ذاك الواحد الفرد الأحد.
عباراتنا شتى و حسنك واحد و كل إلى ذاك الجمال يشير.
رابعتها [المتحد وجودا متحد ماهية]
أنه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد إلا ماهية واحدة و حقيقة فاردة لا يقع في جواب السؤال عن حقيقته بما هو إلا تلك الماهية فالمفهومان المتصادقان على ذاك لا يكاد يكون كل منهما ماهية و حقيقة و كانت عينه في الخارج كما هو شأن الطبيعي و فرده فيكون الواحد وجودا واحدا ماهية و ذاتا لا محالة فالمجمع و إن تصادق عليه متعلقا الأمر و النهي إلا أنه كما يكون واحدا وجودا يكون واحدا ماهية و ذاتا و لا يتفاوت فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهية. و منه ظهر عدم ابتناء القول بالجواز و الامتناع في المسألة على القولين في تلك المسألة كما توهم في الفصول «1» كما ظهر عدم الابتناء على تعدد وجود الجنس و الفصل في الخارج و عدم تعدده ضرورة عدم كون العنوانين المتصادقين عليه من قبيل الجنس و الفصل له و أن مثل الحركة في دار من أي ______________ (1) راجع الفصول/ 125.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:
160 مقولة كانت لا يكاد يختلف حقيقتها و ماهيتها و يتخلف ذاتياتها وقعت جزءا للصلاة أو لا كانت تلك الدار مغصوبة أو لا [1].
[مختار المصنف]
إذا عرفت ما مهدناه عرفت أن المجمع حيث كان واحدا وجودا و ذاتا كان تعلق الأمر و النهي به محالا و لو كان تعلقهما به بعنوانين لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته و واقعيته الصادرة عنه متعلقا للأحكام لا بعناوينه الطارئة عليه و أن غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الأحكام تتعلق بالطبائع لا الأفراد «1» فإن غاية تقريبه أن يقال إن الطبائع من حيث هي هي و إن كانت ليست إلا هي و لا تتعلق بها الأحكام الشرعية ك الآثار العادية و العقلية إلا أنها مقيدة بالوجود بحيث كان القيد خارجا و التقيد داخلا صالحة لتعلق الأحكام بها و متعلقا الأمر و النهي على هذا لا يكونان متحدين أصلا لا في مقام تعلق البعث و الزجر و لا في مقام عصيان النهي و إطاعة الأمر بإتيان المجمع بسوء الاختيار.
أما في المقام الأول فلتعددهما بما هما متعلقان لهما و إن كانا متحدين فيما هو خارج عنهما بما هما كذلك.
و أما في المقام الثاني فلسقوط أحدهما بالإطاعة و الآخر بالعصيان بمجرد الإتيان ففي أي مقام اجتمع الحكمان في واحد.
و أنت خبير بأنه لا يكاد يجدي بعد ما عرفت من أن تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون لا وجودا و لا ماهية و لا تنثلم به وحدته أصلا و أن المتعلق للأحكام هو المعنونات لا العنوانات و أنها إنما تؤخذ في المتعلقات بما ______________ (1) كما في قوانين الأصول 1/ 140.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 161
هي حاكيات كالعبارات لا بما هي على حيالها و استقلالها.
كما ظهر مما حققناه أنه لا يكاد يجدي أيضا كون الفرد مقدمة لوجود الطبيعي المأمور به أو المنهي عنه و أنه لا ضير في كون المقدمة محرمة في صورة عدم الانحصار بسوء الاختيار و ذلك مضافا إلى وضوح فساده و أن الفرد هو عين الطبيعي في الخارج كيف و المقدمية تقتضي الاثنينية بحسب الوجود و لا تعدد كما هو واضح أنه إنما يجدي لو لم يكن المجمع واحدا ماهية و قد عرفت بما لا مزيد عليه أنه بحسبها أيضا واحد.
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول