حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: ایمان کے دو حصے ہیں ایک کا نام صبر ہے اور دوسرے کا نام شکر ہے کنزالعمال حدیث63،بحارالانوار کتاب الروضۃ باب7

الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه‏]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه‏]
الثالث [كيفية استعمال المجازي‏]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم‏]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي‏]
الثالث عشر [المشتق‏]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب‏
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب‏
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك‏]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب‏
المقصد الثاني النواهي‏
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشي‏ء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات‏
المقصد الثالث المفاهيم‏
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف‏
المقصد الرابع العام و الخاص‏
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص‏
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين‏

کفایۃ الاصول حصہ اول

فصل [في مسألة الضد]

الأمر بالشي‏ء هل يقتضي النهي عن ضده أو لا.

فيه أقوال و تحقيق الحال يستدعي رسم أمور.

الأول [المراد بالاقتضاء و الضد]

الاقتضاء في العنوان أعم من أن يكون بنحو العينية أو الجزئية أو اللزوم من جهة التلازم بين طلب أحد الضدين و طلب ترك الآخر أو المقدمية على ما سيظهر كما أن المراد بالضد هاهنا هو مطلق المعاند و المنافي وجوديا كان أو عدميا.

الثاني [دفع توهم المقدمية بين الضدين‏]

أن الجهة المبحوثة عنها في المسألة و إن كانت أنه هل يكون للأمر اقتضاء بنحو من الأنحاء المذكورة إلا أنه لما كان عمدة القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص إنما ذهبوا إليه لأجل توهم مقدمية ترك الضد كان المهم صرف عنان الكلام في المقام إلى بيان الحال و تحقيق المقال في المقدمية و عدمها فنقول و على الله الاتكال.

إن توهم توقف الشي‏ء على ترك ضده ليس إلا من جهة المضادة و المعاندة بين الوجودين و قضيتهما [و قضيتها] الممانعة بينهما و من الواضحات أن عدم‏ كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 130

المانع من المقدمات.

و هو توهم فاسد و ذلك لأن المعاندة و المنافرة بين الشيئين لا تقتضي إلا عدم اجتماعهما في التحقق و حيث لا منافاة أصلا بين أحد العينين و ما هو نقيض الآخر و بديله بل بينهما كمال الملاءمة كان أحد العينين مع نقيض الآخر و ما هو بديله في مرتبة واحدة من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدم أحدهما على الآخر كما لا يخفى.

فكما أن قضية المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك في المتضادين كيف و لو اقتضى التضاد توقف وجود الشي‏ء على عدم ضده توقف الشي‏ء على عدم مانعه لاقتضى توقف عدم الضد على وجود الشي‏ء توقف عدم الشي‏ء على مانعه بداهية ثبوت المانعية في الطرفين و كون المطاردة من الجانبين و هو دور «1» واضح. (و ما قيل «2» في التفصي عن هذا الدور بأن التوقف من طرف الوجود فعلي بخلاف التوقف من طرف العدم فإنه يتوقف على فرض ثبوت المقتضي له مع شراشر شرائطه غير عدم وجود ضده و لعله كان محالا لأجل انتهاء عدم وجود أحد الضدين مع وجود الآخر إلى عدم تعلق الإرادة الأزلية به و تعلقها بالآخر حسب ما اقتضته الحكمة البالغة فيكون العدم دائما مستندا إلى عدم المقتضي فلا يكاد يكون مستندا إلى وجود المانع كي يلزم الدور.

إن قلت هذا إذا لوحظا منتهيين إلى إرادة شخص واحد و أما إذا كان كل منهما متعلقا لإرادة شخص فأراد مثلا أحد الشخصين حركة شي‏ء و أراد الآخر سكونه فيكون المقتضي لكل منهما حينئذ موجودا فالعدم لا محالة يكون فعلا مستندا إلى وجود المانع.

______________ (1) راجع هداية المسترشدين/ 230 ند قوله: ثانيها.

(2) المتفصي هو المحقق الخونساري (قدس سره) على ما في مطارح الأنظار/ 109.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 131

قلت هاهنا أيضا مستند إلى عدم قدرة المغلوب منهما في إرادة و هي مما لا بد منه في وجود المراد و لا يكاد يكون بمجرد الإرادة بدونها لا إلى وجود الضد لكونه مسبوقا بعدم قدرته كما لا يخفى) غير سديد فإنه و إن كان قد ارتفع به الدور إلا أنه غائلة لزوم توقف الشي‏ء على ما يصلح أن يتوقف عليه على حالها لاستحالة أن يكون الشي‏ء الصالح لأن يكون موقوفا عليه [الشي‏ء] «1» موقوفا عليه ضرورة أنه لو كان في مرتبة يصلح لأن يستند إليه لما كاد يصح أن يستند فعلا إليه.

و المنع عن صلوحه لذلك بدعوى أن قضية كون العدم مستندا إلى وجود الضد لو كان مجتمعا مع وجود المقتضي و إن كانت صادقة إلا أن صدقها لا يقتضي كون الضد صالحا لذلك لعدم اقتضاء صدق الشرطية صدق طرفيها مساوق [1] لمنع مانعية الضد و هو يوجب رفع التوقف رأسا من البين ضرورة أنه لا منشأ لتوهم توقف أحد الضدين على عدم الآخر إلا توهم مانعية الضد كما أشرنا إليه و صلوحه لها.

إن قلت التمانع بين الضدين كالنار على المنار بل كالشمس في رابعة النهار و كذا كون عدم المانع مما يتوقف عليه مما لا يقبل الإنكار ليس ما ذكر إلا شبهة في مقابل البديهة. ______________ (1) أثبتناها من «ب».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 132

قلت التمانع بمعنى التنافي و التعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما لا ريب فيه و لا شبهة تعتريه إلا أنه لا يقتضي إلا امتناع الاجتماع و عدم وجود أحدهما إلا مع عدم الآخر الذي هو بديل وجوده المعاند له فيكون في مرتبته لا مقدما عليه و لو طبعا و المانع الذي يكون موقوفا على عدم الوجود هو ما كان ينافي و يزاحم المقتضي في تأثيره لا ما يعاند الشي‏ء و يزاحمه في وجوده.

نعم العلة التامة لأحد الضدين ربما تكون مانعا عن الآخر و مزاحما لمقتضيه في تأثيره مثلا تكون شدة الشفقة على الولد الغريق و كثرة المحبة له تمنع عن أن يؤثر ما في الأخ الغريق من المحبة و الشفقة لإرادة إنقاذه مع المزاحمة فينقذ به الولد دونه فتأمل جيدا.

و مما ذكرنا ظهر أنه لا فرق بين الضد الموجود و المعدوم في أن عدمه الملائم للشي‏ء المناقض لوجوده المعاند لذاك لا بد أن يجامع معه من غير مقتض لسبقه بل قد عرفت ما يقتضي عدم سبقه.

فانقدح بذلك ما في تفصيل بعض الأعلام «1» حيث قال بالتوقف على رفع الضد الموجود و عدم التوقف على عدم الضد المعدوم فتأمل في أطراف ما ذكرناه فإنه دقيق و بذلك حقيق. فقد ظهر عدم حرمة الضد من جهة المقدمية.

و أما من جهة لزوم عدم اختلاف المتلازمين في الوجود في الحكم فغايته أن لا يكون أحدهما فعلا محكوما بغير ما حكم به الآخر لا أن يكون محكوما بحكمه.

و عدم خلو الواقعة عن الحكم فهو إنما يكون بحسب الحكم الواقعي لا الفعلي فلا حرمة للضد من هذه الجهة أيضا بل على ما هو عليه لو لا ______________ (1) هو المحقق الخونساري، راجع مطارح الأنظار 109.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 133

الابتلاء بالمضادة للواجب الفعلي من الحكم الواقعي.

الأمر الثالث [تقريب الاقتضاء التضمني و فساده‏]

(أنه قيل «1» بدلالة الأمر بالشي‏ء بالتضمن على النهي عن الضد العام بمعنى الترك حيث إنه يدل على الوجوب ال مركب من طلب الفعل و المنع عن الترك) و التحقيق أنه لا يكون الوجوب إلا طلبا بسيطا و مرتبة وحيدة أكيدة من الطلب لا مركبا من طلبين نعم في مقام تحديد تلك المرتبة و تعيينها ربما يقال الوجوب يكون عبارة من طلب الفعل مع المنع عن الترك و يتخيل منه أنه يذكر له حدا فالمنع عن الترك ليس من أجزاء الوجوب و مقوماته بل من خواصه و لوازمه بمعنى أنه لو التفت الآمر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة و كان يبغضه البتة.

و من هنا انقدح أنه لا وجه لدعوى العينية ضرورة أن اللزوم يقتضي الاثنينية لا الاتحاد و العينية. نعم لا بأس بها بأن يكون المراد بها أنه يكون هناك طلب واحد و هو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود و بعثا إليه كذلك يصح أن ينسب إلى الترك بالعرض و المجاز و يكون زجرا و ردعا عنه فافهم.

الأمر الرابع [ثمرة المسألة]

تظهر الثمرة في أن نتيجة المسألة و هي النهي عن الضد بناء على الاقتضاء بضميمة أن النهي في العبادات يقتضي الفساد ينتج فساده إذا كان عبادة.

(و عن البهائي رحمه الله «2» أنه أنكر الثمرة بدعوى أنه لا يحتاج في استنتاج الفساد إلى النهي عن الضد بل يكفي عدم الأمر به لاحتياج العبادة إلى الأمر).

______________ (1) القائل هو صاحب المعالم، المعالم/ 63.

(2) زبدة الصأول/ 82، مخطوط.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 134

و فيه أنه يكفي مجرد الرجحان و المحبوبية للمولى كي يصح أن يتقرب به منه كما لا يخفى و الضد بناء على عدم حرمته يكون كذلك فإن المزاحمة على هذا لا يوجب إلا ارتفاع الأمر المتعلق به فعلا مع بقائه على ما هو عليه من ملاكه من المصلحة كما هو مذهب العدلية أو غيرها أي شي‏ء كان كما هو مذهب الأشاعرة و عدم حدوث ما يوجب مبغوضيته و خروجه عن قابلية التقرب به كما حدث بناء على الاقتضاء.

[الترتب‏]

ثم إنه (تصدى جماعة من الأفاضل «1» لتصحيح الأمر بالضد بنحو الترتب على العصيان و عدم إطاعة الأمر بالشي‏ء بنحو الشرط المتأخر أو البناء على معصيته «2» بنحو الشرط المتقدم أو المقارن بدعوى أنه لا مانع عقلا عن تعلق الأمر بالضدين كذلك أي بأن يكون الأمر بالأهم مطلقا و الأمر بغيره معلقا على عصيان ذاك الأمر أو البناء و العزم عليه بل هو واقع كثيرا عرفا.) قلت ما هو ملاك استحالة طلب الضدين في عرض واحد آت في طلبهما كذلك بقوله فإنه و إن لم يكن في مرتبة طلب الأهم اجتماع طلبهما إلا أنه كان في مرتبة الأمر بغيره اجتماعهما بداهة فعلية الأمر بالأهم في هذه المرتبة و عدم سقوطه بعد بمجرد المعصية فيما بعد ما لم يعص أو العزم عليها مع فعلية الأمر بغيره أيضا لتحقق ما هو شرط فعليته فرضا.

لا يقال نعم لكنه بسوء اختيار المكلف حيث يعصي فيما بعد بالاختيار فلولاه لما كان متوجها إليه إلا الطلب بالأهم و لا برهان على امتناع الاجتماع إذا كان بسوء الاختيار.

فإنه يقال استحالة طلب الضدين ليس إلا لأجل استحالة طلب المحال و استحالة طلبه من الحكيم الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون‏ ______________ (1) منهم صاحب كشف الغطاء، كشف الغطاء/ 27، البحث الثامن عشر.

(2) في «ب» معصية، و في بعض النسخ المطبوعة «المعصية».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

135 حال و إلا لصح فيما علق على أمر اختياري في عرض واحد بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب مع أنه محال بلا ريب و لا إشكال.

إن قلت فرق بين الاجتماع في عرض واحد و الاجتماع كذلك فإن الطلب في كل منهما في الأول يطارد الآخر بخلافه في الثاني فإن الطلب بغير الأهم لا يطارد طلب الأهم فإنه يكون على تقدير عدم الإتيان بالأهم فلا يكاد يريد غيره على تقدير إتيانه و عدم عصيان أمره.

قلت ليت شعري كيف لا يطارده الأمر بغير الأهم و هل يكون طرده له إلا من جهة فعليته و مضادة متعلقه للأهم و المفروض فعليته و مضادة متعلقه له.

و عدم إرادة غير الأهم على تقدير الإتيان به لا يوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه على تقدير عدم الإتيان به و عصيان أمره ف يلزم اجتماعهما على هذا التقدير مع ما هما عليه من المطاردة من جهة المضادة بين المتعلقين مع أنه يكفي الطرد من طرف الأمر بالأهم فإنه على هذا الحال يكون طاردا لطلب الضد كما كان في غير هذا الحال فلا يكون له معه أصلا بمجال. إن قلت فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين في العرفيات.

قلت لا يخلو إما أن يكون الأمر بغير الأهم بعد التجاوز عن الأمر به و طلبه حقيقة. و إما أن يكون الأمر به إرشادا إلى محبوبيته و بقائه على ما هو عليه من المصلحة و الغرض لو لا المزاحمة و أن الإتيان به يوجب استحقاق المثوبة فيذهب بها بعض ما استحقه من العقوبة على مخالفة الأمر بالأهم لا أنه أمر مولوي فعلي كالأمر به فافهم و تأمل جيدا.

ثم إنه لا أظن أن يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق في‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 136

صورة مخالفة الأمرين لعقوبتين ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد و لذا كان سيدنا الأستاذ قدس سره [1] لا يلتزم به على ما هو ببالي و كنا نورد به على الترتب و كان بصدد تصحيحه فقد ظهر أنه لا وجه لصحة العبادة مع مضادتها لما هو أهم منها إلا ملاك الأمر. نعم فيما إذا كانت موسعة و كانت مزاحمة بالأهم ببعض الوقت لا في تمامه يمكن أن يقال إنه حيث كان الأمر بها على حاله و إن صارت مضيقة ب خروج ما زاحمه الأهم من أفرادها من تحتها أمكن أن يؤتى بما زوحم منها بداعي ذاك الأمر فإنه و إن كان خارجا عن تحتها بما هي مأمور بها إلا أنه لما كان وافيا بغرضها ك الباقي تحتها كان عقلا مثله في الإتيان به في مقام الامتثال و الإتيان به بداعي ذاك الأمر بلا تفاوت في نظره بينهما أصلا.

و دعوى أن الأمر لا يكاد يدعو إلا إلى ما هو من أفراد الطبيعة المأمور بها و ما زوحم منها بالأهم و إن كان من أفراد الطبيعة لكنه ليس من أفرادها بما هي مأمور بها فاسدة فإنه إنما يوجب ذلك إذا كان خروجه عنها بما هي كذلك تخصيصا لا مزاحمة فإنه معها و إن كان لا تعمه الطبيعة المأمور بها إلا أنه ليس لقصور فيه بل لعدم إمكان تعلق الأمر بما تعمه عقلا و على كل حال فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال و إطاعة الأمر بها بين هذا الفرد و سائر الأفراد أصلا.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 137

هذا على القول بكون الأوامر متعلقة بالطبائع.

و أما بناء على تعلقها بالأفراد فكذلك و إن كان جريانه عليه أخفى كما لا يخفى فتأمل. ثم لا يخفى أنه بناء على إمكان الترتب و صحته لا بد من الالتزام بوقوعه من دون انتظار دليل آخر عليه و ذلك لوضوح أن المزاحمة على صحة الترتب لا تقتضي عقلا إلا امتناع الاجتماع في عرض واحد لا كذلك فلو قيل بلزوم الأمر في صحة العبادة و لم يكن في الملاك كفاية كانت العبادة مع ترك الأهم صحيحة لثبوت الأمر بها في هذا الحال كما إذا لم تكن هناك مضادة.

فصل لا يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه‏

خلافا لما نسب «1» إلى أكثر مخالفينا «2» ضرورة أنه لا يكاد يكون الشي‏ء مع عدم علته كما هو المفروض هاهنا فإن الشرط من أجزائها و انحلال المركب بانحلال بعض أجزائه مما لا يخفى و كون الجواز في العنوان بمعنى الإمكان الذاتي بعيد عن محل الخلاف بين الأعلام.

نعم لو كان المراد من لفظ الأمر الأمر ببعض مراتبه و من الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الأخر بأن يكون النزاع في أن أمر الآمر يجوز إنشاء مع علمه بانتفاء شرطه بمرتبة فعلية.

[تصوير النزاع فيه‏]

و بعبارة أخرى كان النزاع في جواز إنشائه مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعلية لعدم شرطه لكان جائزا و في وقوعه في الشرعيات و العرفيات‏ ______________ (1) كما في معالم الأصول/ 85، و قوانين الأصول/ 125.

(2) راجع شرح مختصر الأصول للعضدي/ 107، و تيسير التحرير 2/ 240.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

138 غنى و كفاية و لا يحتاج معه إلى مزيد بيان أو مئونة برهان.

و قد عرفت سابقا «1» أن داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث و التحريك جدا حقيقة بل قد يكون صوريا امتحانا و ربما يكون غير ذلك.

و منع كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدا واقعا و إن كان في محله إلا أن إطلاق الأمر عليه إذا كانت هناك قرينة على أنه بداع آخر غير البعث توسعا مما لا بأس به أصلا كما لا يخفى. و قد ظهر بذلك حال ما ذكره الأعلام في المقام من النقض و الإبرام و ربما يقع به التصالح بين الجانبين و يرتفع النزاع من البين فتأمل جيدا.

فصل الحق أن الأوامر و النواهي تكون متعلقة بالطبائع دون الأفراد و لايخفى أن المراد أن متعلق الطلب في الأوامر هو صرف الإيجاد كما أن متعلقه في النواهي هو محض الترك و متعلقهما هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود و المقيدة بقيود تكون بها موافقة للغرض و المقصود من دون تعلق غرض بإحدى الخصوصيات اللازمة للوجودات بحيث لو كان الانفكاك عنها بأسرها ممكنا لما كان ذلك مما يضر بالمقصود أصلا كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الأحكام بل في المحصورة على ما حقق في غير المقام. و في مراجعة الوجدان للإنسان غنى و كفاية عن إقامة البرهان على ذلك حيث يرى إذا راجعه أنه لا غرض له في مطلوباته إلا نفس الطبائع و لا نظر له إلا إليها من دون نظر إلى خصوصياتها الخارجية و عوارضها العينية و أن نفس وجودها السعي بما هو وجودها تمام المطلوب و إن كان ذاك الوجود

______________ (1) في المقصد الأول، الفصل الثاني، المبحث الأول صفحة/ 69.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 139

لا يكاد ينفك في الخارج عن الخصوصية.

فانقدح بذلك أن المراد بتعلق الأوامر بالطبائع دون الأفراد أنها بوجودها السعي بما هو وجودها قبالا لخصوص الوجود متعلقة للطلب لا أنها بما هي هي كانت متعلقة له كما ربما يتوهم فإنها كذلك ليست إلا هي نعم هي كذلك تكون متعلقة للأمر فإنه طلب الوجود فافهم.

دفع وهم [المراد من تعلق الأوامر بالطبائع‏]

لا يخفى أن كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلقا للطلب إنما يكون بمعنى أن الطالب يريد صدور الوجود من العبد و جعله بسيطا الذي هو مفاد كان التامة و إفاضته لا أنه يريد ما هو صادر و ثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل كما توهم و لا جعل الطلب متعلقا بنفس الطبيعة و قد جعل وجودها غاية لطلبها.

و قد عرفت أن الطبيعة بما هي هي ليست إلا هي لا يعقل أن يتعلق بها طلب لتوجد أو تترك و أنه لا بد في تعلق الطلب من لحاظ الوجود أو العدم معها فيلاحظ وجودها فيطلبه و يبعث إليه كي يكون و يصدر منه هذا بناء على أصالة الوجود.

و أما بناء على أصالة الماهية فمتعلق الطلب ليس هو الطبيعة بما هي أيضا بل بما هي بنفسها في الخارج فيطلبها كذلك لكي يجعلها بنفسها من الخارجيات و الأعيان الثابتات لا بوجودها كما كان الأمر بالعكس على أصالة الوجود.

و كيف كان فيلاحظ الآمر ما هو المقصود من الماهية الخارجية أو الوجود فيطلبه و يبعث نحوه ليصدر منه و يكون ما لم يكن فافهم و تأمل جيدا.