اعلم أنه لا أصل في محل البحث في المسألة فإن الملازمة بين وجوب المقدمة و وجوب ذي المقدمة و عدمها ليست لها حالة سابقة بل تكون الملازمة أو عدمها أزلية نعم نفس وجوب المقدمة يكون مسبوقا بالعدم حيث يكون حادثا بحدوث وجوب ذي المقدمة فالأصل عدم وجوبها.
و توهم عدم جريانه لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم الماهية غير مجعولة و لا أثر آخر مجعول مترتب عليه و لو كان لم يكن بمهم هاهنا مدفوع بأنه و إن كان غير مجعول بالذات لا بالجعل البسيط الذي هو مفاد كان التامة و لا بالجعل التأليفي الذي هو مفاد كان الناقصة إلا أنه
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 126
مجعول بالعرض و يتبع جعل وجوب ذي المقدمة و هو كاف في جريان الأصل.
و لزوم التفكيك بين الوجوبين مع الشك لا محالة لأصالة عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذي المقدمة لا ينافي الملازمة بين الواقعيين و إنما ينافي الملازمة بين الفعليين نعم لو كانت الدعوى هي الملازمة المطلقة حتى في المرتبة الفعلية لما صح التمسك بالأصل كما لا يخفى.
إذا عرفت ما ذكرناه فقد تصدى غير واحد من الأفاضل «1» لإقامة البرهان على الملازمة و ما أتى منهم ب واحد خال عن الخلل و الأولى إحالة ذلك إلى الوجدان حيث إنه أقوى شاهد على أن الإنسان إذا أراد شيئا له مقدمات أراد تلك المقدمات لو التفت إليها بحيث ربما يجعلها في قالب الطلب مثله و يقول مولويا ادخل السوق و اشتر اللحم مثلا بداهة أن الطلب المنشأ بخطاب ادخل مثل المنشإ بخطاب اشتر في كونه بعثا مولويا و أنه حيث تعلقت إرادته بإيجاد عبده الاشتراء ترشحت منها له إرادة أخرى بدخول السوق بعد الالتفات إليه و أنه يكون مقدمة له كما لا يخفى.
و يؤيد الوجدان بل يكون من أوضح البرهان وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات و العرفيات لوضوح أنه لا يكاد يتعلق بمقدمة أمر غيري إلا إذا كان فيها مناطه و إذا كان فيها كان في مثلها فيصح تعلقه به أيضا لتحقق ملاكه و مناطه و التفصيل بين السبب و غيره و الشرط الشرعي و غيره سيأتي بطلانه و أنه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدمة و مقدمة و لا بأس بذكر الاستدلال الذي هو كالأصل لغيره مما ذكره الأفاضل «2»
______________
(1) انظر مطارح الأنظار/ 83، في أدلة القائلين بوجوب المقدمة.
(2) المصدر السابق/ 83- 84، الفصول/ 84، هداية المسترشدين/ 205، نهاية الأصول/ 88، في المبحث الأول من الفصل الخامس في أحكام الوجوب.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 127
عن الاستدلالات و هو (ما ذكره أبو الحسن [أبو الحسين] «1» البصري [1] و هو أنه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها و حينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكيف بما لا يطاق و إلا خرج الواجب المطلق عن وجوبه).
و فيه بعد إصلاحه بإرادة عدم المنع الشرعي من التالي في الشرطية الأولى لا الإباحة الشرعية و إلا كانت الملازمة واضحة البطلان و إرادة الترك عما أضيف إليه الظرف لا نفس الجواز و إلا فمجرد الجواز بدون الترك لا يكاد يتوهم معه «2» صدق القضية الشرطية الثانية ما لا يخفى فإن الترك بمجرد عدم المنع شرعا لا يوجب صدق إحدى الشرطيتين و لا يلزم [منه] أحد المحذورين فإنه و إن لم يبق له وجوب معه إلا أنه كان ذلك بالعصيان لكونه متمكنا من الإطاعة و الإتيان و قد اختار تركه ب ترك مقدمته بسوء اختياره مع حكم العقل بلزوم إتيانها إرشادا إلى ما في تركها من العصيان المستتبع للعقاب.
نعم لو كان المراد من الجواز جواز الترك شرعا و عقلا يلزم أحد المحذورين إلا أن الملازمة على هذا في الشرطية الأولى ممنوعة بداهة أنه لو لم يجب شرعا لا يلزم أن يكون جائزا شرعا و عقلا لإمكان أن لا يكون محكوما بحكم شرعا و إن كان واجبا عقلا إرشادا و هذا واضح.
[التفصيل في وجوب المقدمة بين السبب و غيره]
و أما التفصيل بين السبب و غيره فقد استدل «3» على وجوب السبب
______________
(1) ما أثبتناه هو الصواب، راجع المعتمد في أصول الفقه 1/ 94، لأبي الحسين البصري.
(2) زيادة تقتضيها العبارة.
(3) بدائع الافكار/ 353، القول الثالث في وجوب المقدمة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 128
بأن التكليف لا يكاد يتعلق إلا بالمقدور و المقدور لا يكون إلا هو السبب و إنما المسبب من آثاره المترتبة عليه قهرا و لا يكون من أفعال المكلف و حركاته أو سكناته فلا بد من صرف الأمر المتوجه إليه عنه إلى سببه.
و لا يخفى ما فيه من أنه ليس بدليل على التفصيل بل على أن الأمر النفسي إنما يكون متعلقا بالسبب دون المسبب مع وضوح فساده ضرورة أن المسبب مقدور المكلف و هو متمكن عنه بواسطة السبب و لا يعتبر في التكليف أزيد من القدرة كانت بلا واسطة أو معها كما لا يخفى.
[التفصيل في وجوب المقدمة بين الشرط الشرعي و غيره]
و أما التفصيل بين الشرط الشرعي و غيره فقد استدل «1» على الوجوب في الأول بأنه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا حيث إنه ليس مما لا بد منه عقلا أو عادة.
و فيه مضافا إلى ما عرفت من رجوع الشرط الشرعي إلى العقلي أنه لا يكاد يتعلق الأمر الغيري إلا بما هو مقدمة الواجب فلو كانت مقدميته متوقفة على تعلقه بها لدار و الشرطية و إن كانت منتزعة عن التكليف إلا أنه عن التكليف النفسي المتعلق بما قيد بالشرط لا عن الغيري فافهم.
تتمة [مقدمة المستحب و الحرام و المكروه]
لا شبهة في أن مقدمة المستحب كمقدمة الواجب فتكون مستحبة لو قيل بالملازمة و أما مقدمة الحرام و المكروه فلا تكاد تتصف بالحرمة أو الكراهة إذ منها ما يتمكن معه من ترك الحرام أو المكروه اختيارا كما كان متمكنا قبله فلا دخل له أصلا في حصول ما هو المطلوب من ترك الحرام أوالمكروه فلم يترشح من طلبه طلب ترك مقدمتهما نعم ما لا يتمكن معه من الترك المطلوب لا محالة يكون مطلوب الترك و يترشح من طلب تركهما طلب ترك خصوص هذه المقدمة فلو لم يكن للحرام مقدمة لا يبقى
______________
(1) المصدر المتقدم/ 354، القول الرابع في وجوب المقدمة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 129
معها اختيار تركه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته
.
لا يقال كيف و لا يكاد يكون فعل إلا عن مقدمة لا محالة معها يوجد ضرورة أن الشيء ما لم يجب لم يوجد.
فإنه يقال نعم لا محالة يكون من جملتها ما يجب معه صدور الحرام لكنه لا يلزم أن يكون ذلك من المقدمات الاختيارية بل من المقدمات الغير الاختيارية كمبادئ الاختيار التي لا تكون بالاختيار و إلا لتسلسل فلا تغفل و تأمل.
حوزوی کتب
کفایۃ الاصول حصہ اول
الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه]
الثالث [كيفية استعمال المجازي]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي]
الثالث عشر [المشتق]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب
المقصد الثاني النواهي
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشيء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات
المقصد الثالث المفاهيم
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف
المقصد الرابع العام و الخاص
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين
کفایۃ الاصول حصہ اول
في تأسيس الأصل في المسألة
اعلم أنه لا أصل في محل البحث في المسألة فإن الملازمة بين وجوب المقدمة و وجوب ذي المقدمة و عدمها ليست لها حالة سابقة بل تكون الملازمة أو عدمها أزلية نعم نفس وجوب المقدمة يكون مسبوقا بالعدم حيث يكون حادثا بحدوث وجوب ذي المقدمة فالأصل عدم وجوبها.
و توهم عدم جريانه لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم الماهية غير مجعولة و لا أثر آخر مجعول مترتب عليه و لو كان لم يكن بمهم هاهنا مدفوع بأنه و إن كان غير مجعول بالذات لا بالجعل البسيط الذي هو مفاد كان التامة و لا بالجعل التأليفي الذي هو مفاد كان الناقصة إلا أنه
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 126
مجعول بالعرض و يتبع جعل وجوب ذي المقدمة و هو كاف في جريان الأصل.
و لزوم التفكيك بين الوجوبين مع الشك لا محالة لأصالة عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذي المقدمة لا ينافي الملازمة بين الواقعيين و إنما ينافي الملازمة بين الفعليين نعم لو كانت الدعوى هي الملازمة المطلقة حتى في المرتبة الفعلية لما صح التمسك بالأصل كما لا يخفى.
إذا عرفت ما ذكرناه فقد تصدى غير واحد من الأفاضل «1» لإقامة البرهان على الملازمة و ما أتى منهم ب واحد خال عن الخلل و الأولى إحالة ذلك إلى الوجدان حيث إنه أقوى شاهد على أن الإنسان إذا أراد شيئا له مقدمات أراد تلك المقدمات لو التفت إليها بحيث ربما يجعلها في قالب الطلب مثله و يقول مولويا ادخل السوق و اشتر اللحم مثلا بداهة أن الطلب المنشأ بخطاب ادخل مثل المنشإ بخطاب اشتر في كونه بعثا مولويا و أنه حيث تعلقت إرادته بإيجاد عبده الاشتراء ترشحت منها له إرادة أخرى بدخول السوق بعد الالتفات إليه و أنه يكون مقدمة له كما لا يخفى.
و يؤيد الوجدان بل يكون من أوضح البرهان وجود الأوامر الغيرية في الشرعيات و العرفيات لوضوح أنه لا يكاد يتعلق بمقدمة أمر غيري إلا إذا كان فيها مناطه و إذا كان فيها كان في مثلها فيصح تعلقه به أيضا لتحقق ملاكه و مناطه و التفصيل بين السبب و غيره و الشرط الشرعي و غيره سيأتي بطلانه و أنه لا تفاوت في باب الملازمة بين مقدمة و مقدمة و لا بأس بذكر الاستدلال الذي هو كالأصل لغيره مما ذكره الأفاضل «2» ______________ (1) انظر مطارح الأنظار/ 83، في أدلة القائلين بوجوب المقدمة.
(2) المصدر السابق/ 83- 84، الفصول/ 84، هداية المسترشدين/ 205، نهاية الأصول/ 88، في المبحث الأول من الفصل الخامس في أحكام الوجوب.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 127
عن الاستدلالات و هو (ما ذكره أبو الحسن [أبو الحسين] «1» البصري [1] و هو أنه لو لم يجب المقدمة لجاز تركها و حينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكيف بما لا يطاق و إلا خرج الواجب المطلق عن وجوبه).
و فيه بعد إصلاحه بإرادة عدم المنع الشرعي من التالي في الشرطية الأولى لا الإباحة الشرعية و إلا كانت الملازمة واضحة البطلان و إرادة الترك عما أضيف إليه الظرف لا نفس الجواز و إلا فمجرد الجواز بدون الترك لا يكاد يتوهم معه «2» صدق القضية الشرطية الثانية ما لا يخفى فإن الترك بمجرد عدم المنع شرعا لا يوجب صدق إحدى الشرطيتين و لا يلزم [منه] أحد المحذورين فإنه و إن لم يبق له وجوب معه إلا أنه كان ذلك بالعصيان لكونه متمكنا من الإطاعة و الإتيان و قد اختار تركه ب ترك مقدمته بسوء اختياره مع حكم العقل بلزوم إتيانها إرشادا إلى ما في تركها من العصيان المستتبع للعقاب.
نعم لو كان المراد من الجواز جواز الترك شرعا و عقلا يلزم أحد المحذورين إلا أن الملازمة على هذا في الشرطية الأولى ممنوعة بداهة أنه لو لم يجب شرعا لا يلزم أن يكون جائزا شرعا و عقلا لإمكان أن لا يكون محكوما بحكم شرعا و إن كان واجبا عقلا إرشادا و هذا واضح.
[التفصيل في وجوب المقدمة بين السبب و غيره]
و أما التفصيل بين السبب و غيره فقد استدل «3» على وجوب السبب ______________ (1) ما أثبتناه هو الصواب، راجع المعتمد في أصول الفقه 1/ 94، لأبي الحسين البصري.
(2) زيادة تقتضيها العبارة.
(3) بدائع الافكار/ 353، القول الثالث في وجوب المقدمة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 128
بأن التكليف لا يكاد يتعلق إلا بالمقدور و المقدور لا يكون إلا هو السبب و إنما المسبب من آثاره المترتبة عليه قهرا و لا يكون من أفعال المكلف و حركاته أو سكناته فلا بد من صرف الأمر المتوجه إليه عنه إلى سببه.
و لا يخفى ما فيه من أنه ليس بدليل على التفصيل بل على أن الأمر النفسي إنما يكون متعلقا بالسبب دون المسبب مع وضوح فساده ضرورة أن المسبب مقدور المكلف و هو متمكن عنه بواسطة السبب و لا يعتبر في التكليف أزيد من القدرة كانت بلا واسطة أو معها كما لا يخفى.
[التفصيل في وجوب المقدمة بين الشرط الشرعي و غيره]
و أما التفصيل بين الشرط الشرعي و غيره فقد استدل «1» على الوجوب في الأول بأنه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا حيث إنه ليس مما لا بد منه عقلا أو عادة.
و فيه مضافا إلى ما عرفت من رجوع الشرط الشرعي إلى العقلي أنه لا يكاد يتعلق الأمر الغيري إلا بما هو مقدمة الواجب فلو كانت مقدميته متوقفة على تعلقه بها لدار و الشرطية و إن كانت منتزعة عن التكليف إلا أنه عن التكليف النفسي المتعلق بما قيد بالشرط لا عن الغيري فافهم.
تتمة [مقدمة المستحب و الحرام و المكروه]
لا شبهة في أن مقدمة المستحب كمقدمة الواجب فتكون مستحبة لو قيل بالملازمة و أما مقدمة الحرام و المكروه فلا تكاد تتصف بالحرمة أو الكراهة إذ منها ما يتمكن معه من ترك الحرام أو المكروه اختيارا كما كان متمكنا قبله فلا دخل له أصلا في حصول ما هو المطلوب من ترك الحرام أوالمكروه فلم يترشح من طلبه طلب ترك مقدمتهما نعم ما لا يتمكن معه من الترك المطلوب لا محالة يكون مطلوب الترك و يترشح من طلب تركهما طلب ترك خصوص هذه المقدمة فلو لم يكن للحرام مقدمة لا يبقى ______________ (1) المصدر المتقدم/ 354، القول الرابع في وجوب المقدمة.
كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 129
معها اختيار تركه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته
. لا يقال كيف و لا يكاد يكون فعل إلا عن مقدمة لا محالة معها يوجد ضرورة أن الشيء ما لم يجب لم يوجد.
فإنه يقال نعم لا محالة يكون من جملتها ما يجب معه صدور الحرام لكنه لا يلزم أن يكون ذلك من المقدمات الاختيارية بل من المقدمات الغير الاختيارية كمبادئ الاختيار التي لا تكون بالاختيار و إلا لتسلسل فلا تغفل و تأمل.
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول