حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: یادرکھو! حق اور باطل کے درمیان صرف چار انگشت کا فاصلہ ہے…..باطل یہ ہے کہ تو کہے: 'میں نے سنا ہے' اور حق یہ ہے کہ تو کہے: 'میں نے دیکھا ہے' شرح ابن ابی الحدید جلد9 ص72

الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه‏]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه‏]
الثالث [كيفية استعمال المجازي‏]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم‏]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي‏]
الثالث عشر [المشتق‏]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب‏
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب‏
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك‏]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب‏
المقصد الثاني النواهي‏
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشي‏ء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات‏
المقصد الثالث المفاهيم‏
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف‏
المقصد الرابع العام و الخاص‏
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص‏
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين‏

کفایۃ الاصول حصہ اول

الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك‏]

لا شبهة في أن وجوب المقدمة بناء على الملازمة يتبع في الإطلاق و الاشتراط وجوب ذي المقدمة كما أشرنا إليه في مطاوي كلماتنا و لا يكون مشروطا بإرادته كما يوهمه (ظاهر عبارة صاحب المعالم [1] رحمه الله في بحث الضد قال و أيضا فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها إنما تنهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها كما لا يخفى على من أعطاها حق النظر).

و أنت خبير بأن نهوضها على التبعية واضح لا يكاد يخفى و إن كان نهوضها على أصل الملازمة لم يكن بهذه المثابة كما لا يخفى.

______________ (1) مطارح الأنظار/ 72.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 114

[دخل قصد التوصل في تحقق الامتثال‏]

و هل (يعتبر في وقوعها على صفة الوجوب أن يكون الإتيان بها بداعي التوصل بها إلى ذي المقدمة كما يظهر مما نسبه إلى شيخنا العلامة أعلى الله مقامه بعض أفاضل «1» مقرري بحثه) أو (ترتب ذي المقدمة عليها بحيث لو لم يترتب عليها لكشف «2» عن عدم وقوعها على صفة الوجوب كما زعمه صاحب الفصول «3» قدس سره) أو لا يعتبر في وقوعها كذلك شي‏ء منهما.

الظاهر عدم الاعتبار أما عدم اعتبار قصد التوصل فلأجل أن الوجوب لم يكن بحكم العقل إلا لأجل المقدمية و التوقف و عدم دخل قصد التوصل فيه واضح و لذا اعترف «4» بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك في غير المقدمات العبادية لحصول ذات الواجب فيكون تخصيص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصل من المقدمة بلا مخصص فافهم.

نعم إنما اعتبر ذلك في الامتثال لما عرفت «5» من أنه لا يكاد يكون الآتي بها بدونه ممتثلا لأمرها و آخذا في امتثال الأمر بذيها فيثاب بثواب أشق الأعمال ف يقع الفعل المقدمي على صفة الوجوب و لو لم يقصد به التوصل كسائر الواجبات التوصلية لا على حكمه السابق الثابت له لو لا عروض صفة توقف الواجب الفعلي المنجز عليه فيقع الدخول في ملك الغير واجبا إذا كان مقدمة لإنقاذ غريق أو إطفاء حريق واجب فعلي لا حراما و إن لم يلتفت إلى التوقف و المقدمية غاية الأمر يكون حينئذ متجرئا فيه كما أنه مع الالتفات يتجرأ بالنسبة إلى ذي المقدمة فيما لم يقصد التوصل إليه أصلا.

______________ (1) مطارح الأنظار/ 72.

(2) في «ب»: يكشف.

(3) الفصول/ 86، في مقدمة الواجب.

(4) مطارح الأنظار/ 72.

(5) راجع صفحة 112.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

115 و أما إذا قصده و لكنه لم يأت بها بهذا الداعي بل بداع آخر و أكده ب قصد التوصل فلا يكون متجرئا أصلا.

و بالجملة يكون التوصل بها إلى ذي المقدمة من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة لا أن يكون قصده قيدا و شرطا لوقوعها على صفة الوجوب لثبوت ملاك الوجوب في نفسها بلا دخل له فيه أصلا و إلا لما حصل ذات الواجب و لما سقط الوجوب به كما لا يخفى.

[المقدمة الموصلة]

و لا يقاس على ما إذا أتى بالفرد المحرم منها حيث يسقط به الوجوب مع أنه ليس بواجب و ذلك لأن الفرد المحرم إنما يسقط به الوجوب لكونه كغيره في حصول الغرض به بلا تفاوت أصلا إلا أنه لأجل وقوعه على صفة الحرمة لا يكاد يقع على صفة الوجوب و هذا بخلاف [ما] هاهنا فإنه إن كان كغيره مما يقصد به التوصل في حصول الغرض فلا بد أن يقع على صفة الوجوب مثله لثبوت المقتضي فيه بلا مانع و إلا لما كان يسقط به الوجوب ضرورة و التالي باطل بداهة فيكشف هذا عن عدم اعتبار قصده في الوقوع على صفة الوجوب قطعا و انتظر لذلك تتمة «1» توضيح.

و العجب أنه شدد النكير على القول بالمقدمة الموصلة و اعتبار ترتب ذي المقدمة عليها في وقوعها على صفة الوجوب على ما حرره بعض مقرري «2» بحثه قدس سره بما يتوجه على اعتبار قصد التوصل في وقوعها كذلك فراجع تمام كلامه زيد في علو مقامه و تأمل في نقضه و إبرامه.

و أما عدم اعتبار ترتب ذي المقدمة عليها في وقوعها على صفة الوجوب فلأنه لا يكاد يعتبر في الواجب إلا ما له دخل في غرضه الداعي إلى إيجابه‏ ______________ (1) في «ب»: جهة.

(2) راجع مطارح الأنظار/ 74 و 75 في المقدمة الموصلة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 116

و الباعث على طلبه و ليس الغرض من المقدمة إلا حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدمة ضرورة أنه لا يكاد يكون الغرض إلا ما يترتب عليه من فائدته و أثره و لا يترتب على المقدمة إلا ذلك و لا تفاوت فيه بين ما يترتب عليه الواجب و ما لا يترتب عليه أصلا و أنه لا محالة يترتب عليهما كما لا يخفى.

و أما ترتب الواجب فلا يعقل أن يكون الغرض الداعي إلى إيجابها و الباعث على طلبها فإنه ليس بأثر تمام المقدمات فضلا عن إحداها في غالب الواجبات فإن الواجب إلا ما قل في الشرعيات و العرفيات فعل اختياري يختار المكلف تارة إتيانه بعد وجود تمام مقدماته و أخرى عدم إتيانه فكيف يكون اختيار إتيانه غرضا من إيجاب كل واحدة من مقدماته مع عدم ترتبه على تمامها «1» فضلا عن كل واحدة منها.

نعم فيما كان الواجب من الأفعال التسبيبية و التوليدية كان مترتبا لا محالة على تمام مقدماته لعدم تخلف المعلول عن علته.

[الرد على القول بالمقدمة الموصلة] و من هنا [قد] «2» انقدح أن القول بالمقدمة الموصلة يستلزم إنكار وجوب المقدمة في غالب الواجبات و القول بوجوب خصوص العلة التامة في خصوص الواجبات التوليدية.

فإن قلت ما من واجب إلا و له علة تامة ضرورة استحالة وجود الممكن بدونها فالتخصيص بالواجبات التوليدية بلا مخصص.

قلت نعم و إن استحال صدور الممكن بلا علة إلا أن مبادي اختيار الفعل الاختياري من أجزاء علته و هي لا تكاد تتصف بالوجوب لعدم كونها ______________ (1) في «ب»: عامّها.

(2) أثبتناها من «ب».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 117

بالاختيار و إلا لتسلسل كما هو واضح لمن تأمل و لأنه لو كان معتبرا فيه الترتب لما كان الطلب يسقط بمجرد الإتيان بها من دون انتظار لترتب الواجب عليها بحيث لا يبقى في البين إلا طلبه و إيجابه كما إذا لم تكن هذه بمقدمته «1» أو كانت حاصلة من الأول قبل إيجابه مع أن الطلب لا يكاد يسقط إلا بالموافقة أو بالعصيان و المخالفة أو بارتفاع موضوع التكليف كما في سقوط الأمر بالكفن أو الدفن بسبب غرق الميت أحيانا أو حرقه و لا يكون الإتيان بها بالضرورة من هذه الأمور غير الموافقة.

إن قلت كما يسقط الأمر في تلك الأمور كذلك يسقط بما ليس بالمأمور به فيما يحصل به الغرض منه كسقوطه في التوصليات بفعل الغير أو المحرمات. قلت نعم و لكن لا محيص عن أن يكون ما يحصل به الغرض من الفعل الاختياري للمكلف متعلقا للطلب فيما لم يكن فيه مانع و هو كونه بالفعل محرما ضرورة أنه لا يكون بينهما تفاوت أصلا فكيف يكون أحدهما متعلقا له فعلا دون الآخر.

[استدلال صاحب الفصول على وجوب المقدمة الموصلة]

(و قد استدل صاحب الفصول «2» على ما ذهب إليه بوجوه حيث قال بعد بيان أن التوصل بها إلى الواجب من قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب ما هذا لفظه.

و الذي يدلك على هذا يعني الاشتراط بالتوصل أن وجوب المقدمة لما كان من باب الملازمة العقلية فالعقل لا يدل عليه زائدا على القدر المذكور و أيضا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم أريد الحج و أريد المسير الذي‏ ______________ (1) في «ب»: بمقدمة.

(2) الفصول/ 86. في التنبيه الأول من تنبيهات مقدمة الواجب.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 118

يتوصل به إلى فعل الواجب دون ما لم يتوصل به إليه بل الضرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك كما أنها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيتها له مطلقا أو على تقدير التوصل بها إليه و ذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه و وجوب مقدماته على تقدير عدم التوصل بها إليه و أيضا حيث إن المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلى الواجب و حصوله فلا جرم يكون التوصل بها إليه و حصوله معتبرا في مطلوبيتها فلا تكون مطلوبة إذا انفكت عنه و صريح الوجدان قاض بأن من يريد شيئا بمجرد حصول شي‏ء آخر لا يريده إذا وقع مجردا عنه و يلزم منه أن يكون وقوعه على وجه المطلوب منوطا بحصوله انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه).

[المناقشة في أدلة صاحب الفصول‏]

و قد عرفت بما لا مزيد عليه أن العقل الحاكم بالملازمة دل على وجوب مطلق المقدمة لا خصوص ما إذا ترتب عليها الواجب فيما لم يكن هناك مانع عن وجوبه كما إذا كان بعض مصاديقه محكوما فعلا بالحرمة لثبوت مناط الوجوب حينئذ في مطلقها و عدم اختصاصه بالمقيد بذلك منها.

و قد انقدح منه أنه ليس للآمر الحكيم الغير المجازف بالقول ذلك التصريح و أن دعوى أن الضرورة قاضية بجوازه «1» مجازفة كيف يكون ذا مع ثبوت الملاك في الصورتين بلا تفاوت أصلا كما عرفت.

نعم إنما يكون التفاوت في حصول المطلوب النفسي في إحداهما و عدم حصوله في الأخرى من دون دخل لها في ذلك أصلا بل كان بحسن اختيار المكلف و سوء اختياره و جاز للآمر أن يصرح بحصول هذا المطلوب في إحداهما و عدم حصوله في الأخرى بل من «2» حيث إن الملحوظ بالذات هو ______________ (1) ادّعاه صاحب الفصول، حيث قال: و لا يأبي أن يقول الآمر الحكيم .. الخ .../ الفصول/ 86.

(2) أثبتناها من «أ».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 119

هذا المطلوب و إنما كان الواجب الغيري ملحوظا إجمالا بتبعه كما يأتي أن وجوب المقدمة على الملازمة تبعي جاز في صورة عدم حصول المطلوب النفسي التصريح بعدم حصول المطلوب أصلا لعدم الالتفات إلى ما حصل من المقدمة فضلا عن كونها مطلوبة كما جاز التصريح بحصول الغيري مع عدم فائدته لو التفت إليها كما لا يخفى فافهم.

إن قلت لعل التفاوت بينهما في صحة اتصاف إحداهما بعنوان الموصلية دون الأخرى أوجب التفاوت بينهما في المطلوبية و عدمها و جواز التصريح بهما و إن لم يكن بينهما تفاوت في الأثر كما مر.

قلت إنما يوجب ذلك تفاوتا فيهما لو كان ذلك لأجل تفاوت في ناحية المقدمة لا فيما إذا لم يكن في ناحيتها أصلا كما هاهنا ضرورة أن الموصلية إنما تنتزع من وجود الواجب و ترتبه عليها من دون اختلاف في ناحيتها و كونها في كلا الصورتين على نحو واحد و خصوصية واحدة ضرورة أن الإتيان بالواجب بعد الإتيان بها بالاختيار تارة و عدم الإتيان به كذلك أخرى لا يوجب تفاوتا فيها كما لا يخفى.

(و أما ما أفاده «1» قدس سره من أن مطلوبية المقدمة حيث كانت بمجرد التوصل بها فلا جرم يكون التوصل بها إلى الواجب معتبرا فيها).

ففيه أنه إنما كانت مطلوبيتها لأجل عدم التمكن من التوصل بدونها لا لأجل التوصل بها لما عرفت من أنه ليس من آثارها بل مما يترتب عليها أحيانا بالاختيار بمقدمات أخرى و هي مبادي اختياره و لا يكاد يكون مثل ذا غاية لمطلوبيتها و داعيا إلى إيجابها و صريح الوجدان إنما يقضي بأن ما أريد لأجل غاية و تجرد عن الغاية بسبب عدم حصول سائر ما له دخل في حصولها ______________ (1) الفصول/ 86، في تنبيهات مقدمة الواجب.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 120

يقع على ما هو عليه من المطلوبية الغيرية كيف و إلا يلزم أن يكون وجودها من قيوده و مقدمة لوقوعه على نحو يكون الملازمة بين وجوبه بذاك النحو و وجوبها.

و هو كما ترى ضرورة أن الغاية لا تكاد تكون قيدا لذي الغاية بحيث كان تخلفها موجبا لعدم وقوع ذي الغاية على ما هو عليه من المطلوبية الغيرية و إلا يلزم أن تكون مطلوبة بطلبه كسائر قيوده فلا يكون وقوعه على هذه الصفة منوطا بحصولها كما أفاده.

و لعل منشأ توهمه خلطه بين الجهة التقييدية و بين التعليلية هذا مع ما عرفت من عدم تخلف هاهنا و أن الغاية إنما هو حصول ما لولاه لما تمكن من التوصل إلى المطلوب النفسي فافهم و اغتنم.

ثم إنه لا شهادة على الاعتبار في صحة منع المولى عن مقدماته بأنحائها إلا فيما إذا رتب عليه الواجب لو سلم أصلا ضرورة أنه و إن لم يكن الواجب منها حينئذ غير الموصلة إلا أنه ليس لأجل اختصاص الوجوب بها في باب المقدمة بل لأجل المنع عن غيرها المانع عن الاتصاف بالوجوب هاهنا كما لا يخفى.

مع أن في صحة المنع عنه نظر وجهه أنه يلزم أن لا يكون ترك الواجب حينئذ مخالفة و عصيانا لعدم التمكن شرعا منه لاختصاص جواز مقدمته بصورة الإتيان به.

و بالجملة يلزم أن يكون الإيجاب مختصا بصورة الإتيان لاختصاص جواز المقدمة بها و هو محال [1] فإنه يكون من طلب الحاصل المحال فتدبر جيدا.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

121 [ثمرة القول بالمقدمة الموصلة]

بقي شي‏ء و هو أن ثمرة القول بالمقدمة الموصلة هي تصحيح العبادة التي يتوقف على تركها فعل الواجب بناء على كون ترك الضد مما يتوقف عليه فعل ضده فإن تركها على هذا القول لا يكون مطلقا واجبا ليكون فعلها محرما فتكون فاسدة بل فيما يترتب عليه الضد الواجب و مع الإتيان بها لا يكاد يكون هناك ترتب فلا يكون تركها مع ذلك واجبا فلا يكون فعلها منهيا عنه فلا تكون فاسدة.

(و ربما أورد «1» على تفريع هذه الثمرة بما حاصله بأن فعل الضد و إن لم يكن نقيضا للترك الواجب مقدمة بناء على المقدمة الموصلة إلا أنه لازم لما هو من أفراد النقيض حيث إن نقيض ذاك الترك الخاص رفعه و هو أعم من الفعل و الترك الآخر المجرد و هذا يكفي في إثبات الحرمة و إلا لم يكن الفعل المطلق محرما فيما إذا كان الترك المطلق واجبا لأن الفعل أيضا ليس نقيضا للترك لأنه أمر وجودي و نقيض الترك إنما هو رفعه و رفع الترك إنما يلازم الفعل مصداقا و ليس عينه فكما أن هذه الملازمة تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل فكذلك تكفي في المقام غاية الأمر أن ما هو النقيض في مطلق الترك إنما ينحصر مصداقه في الفعل فقط و أما النقيض للترك الخاص فله فردان و ذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده كما لا يخفى.) قلت و أنت خبير بما بينهما من الفرق فإن الفعل في الأول لا يكون إلا مقارنا لما هو النقيض من رفع الترك المجامع معه تارة و مع الترك المجرد أخرى و لا تكاد تسري حرمة الشي‏ء إلى ما يلازمه فضلا عما يقارنه أحيانا.

نعم لا بد أن لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم آخر على خلاف حكمه لا أن يكون محكوما بحكمه و هذا بخلاف الفعل في الثاني فإنه‏ ______________ (1) مطارح الأنظار/ 78.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 122

بنفسه يعاند الترك المطلق و ينافيه لا ملازم لمعانده و منافيه فلو لم يكن عين ما يناقضه بحسب الاصطلاح مفهوما لكنه متحد معه عينا و خارجا فإذا كان الترك واجبا فلا محالة يكون الفعل منهيا عنه قطعا فتدبر جيدا.

و منها تقسيمه إلى الأصلي و التبعي‏

و الظاهر أن يكون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة و التبعية في الواقع و مقام الثبوت حيث يكون الشي‏ء تارة متعلقا للإرادة و الطلب مستقلا للالتفات إليه بما هو عليه مما يوجب طلبه فيطلبه كان طلبه نفسيا أو غيريا و أخرى متعلقا للإرادة تبعا لإرادة غيره لأجل كون إرادته لازمة لإرادته من دون التفات إليه بما يوجب إرادته لا بلحاظ الأصالة و التبعية في مقام الدلالة و الإثبات «1» فإنه يكون في هذا المقام تارة مقصودا بالإفادة و أخرى غير مقصود بها على حدة إلا أنه لازم الخطاب كما في دلالة الإشارة و نحوها.

و على ذلك فلا شبهة في انقسام الواجب الغيري إليهما و اتصافه بالأصالة و التبعية كليهما حيث يكون متعلقا للإرادة على حدة عند الالتفات إليه بما هو مقدمة و أخرى لا يكون متعلقا لها كذلك عند عدم الالتفات إليه كذلك فإنه يكون لا محالة مرادا تبعا لإرادة ذي المقدمة على الملازمة.

كما لا شبهة في اتصاف النفسي أيضا بالأصالة و لكنه لا يتصف بالتبعية ضرورة أنه لا يكاد يتعلق به الطلب النفسي ما لم تكن فيه مصلحة نفسية و معها يتعلق الطلب بها مستقلا و لو لم يكن هناك شي‏ء آخر مطلوب أصلا كما لا يخفى.

نعم لو كان الاتصاف بهما بلحاظ الدلالة اتصف النفسي بهما أيضا ______________ (1) كما هو مذهب صاحبي القوانين و الفصول (قدس سرهما).

القوانين 1/ 101- 102، في مقدمة الواجب، المقدمة السادسة و السابعة. الفصول/ 82. كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 123

ضرورة أنه قد يكون غير مقصود بالإفادة بل أفيد بتبع غيره المقصود بها لكن الظاهر كما مر أن الاتصاف بهما إنما هو في نفسه لا بلحاظ حال الدلالة عليه و إلا لما اتصف بواحد منهما إذا لم يكن بعد مفاد دليل و هو كما ترى.

[حكم الشك في الأصالة و التبعية]

ثم إنه إذا كان الواجب التبعي ما لم يتعلق به إرادة مستقلة فإذا شك في واجب أنه أصلي أو تبعي فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت أنه تبعي و يترتب عليه آثاره إذا فرض له آثار شرعية «1» كسائر الموضوعات المتقومة بأمور عدمية.

نعم لو كان التبعي أمرا وجوديا خاصا غير متقوم بعدمي و إن كان يلزمه لما كان يثبت بها إلا على القول بالأصل المثبت كما هو واضح فافهم.

تذنيب [ثمرة النزاع في وجوب المقدمة و عدمه‏]

في بيان الثمرة و هي في المسألة الأصولية كما عرفت سابقا ليست إلا أن تكون نتيجتها صالحة للوقوع في طريق الاجتهاد و استنباط حكم فرعي كما لو قيل بالملازمة في المسألة فإنه بضميمة مقدمة كون شي‏ء مقدمة لواجب يستنتج أنه واجب.

و منه قد انقدح أنه ليس منها مثل برء النذر بإتيان مقدمة واجب عند نذر الواجب و حصول الفسق بترك واجب واحد بمقدماته إذا كانت له مقدمات كثيرة لصدق الإصرار على الحرام بذلك و عدم جواز أخذ الأجرة على المقدمة.

مع أن البرء و عدمه إنما يتبعان قصد الناذر فلا برء بإتيان المقدمة لو قصد الوجوب النفسي كما هو المنصرف عند إطلاقه و لو قيل بالملازمة و ربما ______________ (1) في نسختي «أ و ب»: آثار شرعي ..

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 124

يحصل البرء به لو قصد ما يعم المقدمة و لو قيل بعدمها كما لا يخفى. و لا يكاد يحصل الإصرار على الحرام بترك واجب و لو كانت له مقدمات غير عديدة لحصول العصيان بترك أول مقدمة لا يتمكن معه من الواجب و لا يكون ترك سائر المقدمات بحرام أصلا لسقوط التكليف حينئذ كما هو واضح لا يخفى.

[حكم أخذ الأجرة على الواجبات‏]

و أخذ الأجرة على الواجب لا بأس به إذا لم يكن إيجابه على المكلف مجانا و بلا عوض بل كان وجوده المطلق مطلوبا كالصناعات الواجبة كفائية التي لا يكاد ينتظم بدونها البلاد و يختل لولاها معاش العباد بل ربما يجب أخذ الأجرة عليها لذلك أي لزوم الاختلال و عدم الانتظام لو لا أخذها هذا في الواجبات التوصلية.

و أما الواجبات التعبدية فيمكن أن يقال بجواز أخذ الأجرة على إتيانها بداعي امتثالها لا على نفس الإتيان كي ينافي عباديتها فيكون من قبيل الداعي إلى الداعي غاية الأمر يعتبر فيها كغيرها أن يكون فيها منفعة عائدة إلى المستأجر كي لا تكون المعاملة سفهية و أخذ الأجرة عليها أكلا بالباطل.

[المناقشة في ثمرة أخرى للمسألة]

و ربما يجعل «1» من الثمرة اجتماع الوجوب و الحرمة إذا قيل بالملازمة فيما كانت المقدمة محرمة فيبتني على جواز اجتماع الأمر و النهي و عدمه بخلاف ما لو قيل بعدمها و فيه. أولا أنه لا يكون من باب الاجتماع كي تكون مبتنية عليه لما أشرنا إليه غير مرة أن الواجب ما هو بالحمل الشائع مقدمة لا بعنوان المقدمة فيكون على الملازمة من باب النهي في العبادة و المعاملة.

______________ (1) نسب إلى الوحيد البهبهاني، مطارح الأنظار/ 18.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 125

و ثانيا: [لا يكاد يلزم الاجتماع أصلا، لاختصاص الوجوب بغير المحرم في غير صورة الانحصار به و فيها إما لا وجوب للمقدمة، لعدم وجوب ذي المقدمة لأجل المزاحمة. و إما لا حرمة لها لذلك كما لا يخفى.

و ثالثا:] أن الاجتماع و عدمه لا دخل له في التوصل «1» بالمقدمة المحرمة و عدمه أصلا فإنه يمكن التوصل «2» بها إن كانت توصلية و لو لم نقل بجواز الاجتماع و عدم جواز التوصل «3» بها إن كانت تعبدية على القول بالامتناع قيل بوجوب المقدمة أو بعدمه و جواز التوصل «4» بها على القول بالجواز كذلك أي قيل بالوجوب أو بعدمه.

و بالجملة لا يتفاوت الحال في جواز التوصل «5» بها و عدم جوازه أصلا بين أن يقال بالوجوب أو يقال بعدمه كما لا يخفى.

______________ (1) في «أ»: التوسل.

(2) في «أ و ب»: التوسل.

(3) في «أ و ب»: التوسل.

(4) في «أ و ب»: التوسل.

(5) في «أ و ب»: التوسل.