حضرت امام جعفر صادق عليه‌السلام نے فرمایا: بھائیوں کے ساتھ نیکی اور ان کی حاجت روائی کے لئے بھاگ دوڑ، نیک اعمال میں شمار ہوتی ہے، اس سے شیطان کی ناک رگڑی جاتی ہے، جہنم سے دوری حاصل ہوتی ہے اور بہشت میں داخلہ ہوتا ہے۔ مستدرک الوسائل حدیث 12408

الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه‏]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه‏]
الثالث [كيفية استعمال المجازي‏]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم‏]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي‏]
الثالث عشر [المشتق‏]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب‏
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب‏
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك‏]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب‏
المقصد الثاني النواهي‏
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشي‏ء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات‏
المقصد الثالث المفاهيم‏
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف‏
المقصد الرابع العام و الخاص‏
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص‏
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين‏

کفایۃ الاصول حصہ اول

الثالث عشر [المشتق‏]

أنه اختلفوا في أن المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدإ في الحال أو فيما يعمه و ما انقضى عنه على أقوال بعد الاتفاق على كونه مجازا فيما يتلبس به في الاستقبال و قبل الخوض في المسألة و تفصيل الأقوال فيها و بيان الاستدلال عليها

ينبغي تقديم أمور

. أحدها [المراد بالمشتق‏]

أن المراد بالمشتق هاهنا ليس مطلق المشتقات بل خصوص ما يجري منها على الذوات مما يكون مفهومه منتزعا عن الذات بملاحظة اتصافها بالمبدء إو اتحادها معه بنحو من الاتحاد كان بنحو الحلول أو الانتزاع أو الصدور و الإيجاد «1» كأسماء الفاعلين و المفعولين و الصفات المشبهات بل و صيغ المبالغة و أسماء الأزمنة و الأمكنة و الآلات كما هو ظاهر العنوانات و صريح بعض المحققين مع عدم صلاحية ما يوجب‏ ______________ (1) و في بعض النسخ المطبوعة: أو الإيجاد.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 39

اختصاص النزاع بالبعض إلا التمثيل به و هو غير صالح كما هو واضح. فلا وجه لما (زعمه بعض الأجلة «1» من الاختصاص باسم الفاعل و ما بمعناه من الصفات المشبهة و ما يلحق بها و خروج سائر الصفات) و لعل منشأه توهم كون ما ذكره لكل منها من المعنى مما اتفق عليه الكل و هو كما ترى و اختلاف أنحاء التلبسات حسب تفاوت مبادي المشتقات بحسب الفعلية و الشأنية و الصناعة و الملكة حسب ما نشير إليه «2» لا يوجب تفاوتا في المهم من محل النزاع هاهنا كما لا يخفى.

ثم إنه لا يبعد أن يراد بالمشتق في محل النزاع مطلق ما كان مفهومه و معناه جاريا على الذات و منتزعا عنها بملاحظة اتصافها بعرض أو عرضي و لو كان جامدا كالزوج و الزوجة و الرق و الحر و إن «3» أبيت إلا عن اختصاص النزاع المعروف بالمشتق كما هو قضية الجمود على ظاهر لفظه فهذا القسم من الجوامد أيضا محل النزاع.

كما يشهد به ما (عن الإيضاح «4» في باب الرضاع في مسألة من كانت له زوجتان كبيرتان أرضعتا زوجته الصغيرة ما هذا لفظه تحرم المرضعة الأولى و الصغيرة مع الدخول بالكبيرتين و أما المرضعة الأخرى ففي تحريمها خلاف فاختار والدي المصنف رحمه الله و ابن إدريس تحريمها لأن هذه يصدق عليها أم زوجته لأنه لا يشترط في المشتق بقاء المشتق منه هكذا هاهنا) و ما (عن المسالك «5» في هذه المسألة من ابتناء الحكم فيها ______________ (1) صاحب الفصول، الفصول/ 60، في المشتق.

(2) إشارة الى ما سيأتي من تفصيل الكلام في الأمر الرابع صفحة 43.

(3) في «ب»: فإن أبيت.

(4) إيضاح الفوائد 3: 52، أحكام الرضاع.

(5) المسالك 1/ 379، كتاب النكاح.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 40

على الخلاف في مسألة المشتق).

فعليه كلما كان مفهومه منتزعا من الذات بملاحظة اتصافها بالصفات الخارجة عن الذاتيات كانت عرضا أو عرضيا كالزوجية و الرقية و الحرية و غيرها من الاعتبارات و الإضافات كان محل النزاع و إن كان جامدا و هذا بخلاف ما كان مفهومه منتزعا عن مقام الذات و الذاتيات فإنه لا نزاع في كونه حقيقة في خصوص ما إذا كانت الذات باقية بذاتياتها.

ثانيها [جريان النزاع في أسماء الزمان‏]

قد عرفت أنه لا وجه لتخصيص النزاع ببعض المشتقات الجارية على الذوات إلا أنه ربما يشكل بعدم إمكان جريانه في اسم الزمان لأن الذات فيه و هي الزمان بنفسه ينقضي و ينصرم فكيف يمكن أن يقع النزاع في أن الوصف الجاري عليه حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدإ في الحال أو فيما يعم المتلبس به في المضي.

و يمكن حل الإشكال بأن انحصار مفهوم عام بفرد كما في المقام لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العام و إلا لما وقع الخلاف فيما وضع له لفظ الجلالة مع أن الواجب موضوع للمفهوم العام مع انحصاره فيه تبارك و تعالى.

ثالثها [خروج الأفعال و المصادر المزيد فيها عن حريم النزاع‏]

أنه من الواضح خروج الأفعال و المصادر المزيد فيها عن حريم النزاع لكونها غير جارية على الذوات ضرورة أن المصادر المزيد فيها ك المجردة في الدلالة على ما يتصف به الذوات و يقوم بها كما لا يخفى و أن الأفعال إنما تدل على قيام المبادئ بها قيام صدور أو حلول أو طلب فعلها أو تركها منها على اختلافها.

إزاحة شبهة [عدم دلالة الفعل على الزمان‏]

قد اشتهر في ألسنة النحاة دلالة الفعل على الزمان حتى أخذوا

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 41

الاقتران بها في تعريفه و هو اشتباه ضرورة عدم دلالة الأمر و لا النهي عليه بل على إنشاء طلب الفعل أو الترك غاية الأمر نفس الإنشاء في الحال كما هو الحال في الإخبار بالماضي أو المستقبل أو بغيرهما كما لا يخفى بل يمكن منع دلالة غيرهما من الأفعال على الزمان إلا بالإطلاق و الإسناد إلى الزمانيات و إلا لزم القول بالمجاز و التجريد عند الإسناد إلى غيرها من نفس الزمان و المجردات.

نعم لا يبعد أن يكون لكل من الماضي و المضارع بحسب المعنى خصوصية أخرى موجبة للدلالة على وقوع النسبة في الزمان الماضي في الماضي و في الحال أو الاستقبال في المضارع فيما كان الفاعل من الزمانيات و يؤيده أن المضارع يكون مشتركا معنويا بين الحال و الاستقبال و لا معنى له إلا أن يكون له خصوص معنى صح انطباقه على كل منهما إلا أنه يدل على مفهوم زمان يعمهما كما أن الجملة الاسمية كزيد ضارب يكون لها معنى صح انطباقه على كل واحد من الأزمنة مع عدم دلالتها على واحد منها أصلا فكانت الجملة الفعلية مثلها. و ربما يؤيد ذلك أن الزمان الماضي في فعله و زمان الحال أو الاستقبال في المضارع لا يكون ماضيا أو مستقبلا حقيقة لا محالة بل ربما يكون في الماضي مستقبلا حقيقة و في المضارع ماضيا كذلك و إنما يكون ماضيا أو مستقبلا في فعلهما بالإضافة كما يظهر من مثل قوله يجيئني زيد بعد عام و قد ضرب قبله بأيام و قوله جاء زيد في شهر كذا و هو يضرب في ذلك الوقت أو فيما بعده مما مضى فتأمل جيدا.

ثم لا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما به يمتاز الحرف عما عداه بما يناسب المقام لأجل الاطراد في الاستطراد في تمام الأقسام.

فاعلم أنه و إن اشتهر بين الأعلام أن الحرف ما دل على معنى في‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 42

غيره و قد بيناه في الفوائد «1» بما لا مزيد عليه إلا أنك عرفت فيما تقدم عدم الفرق بينه و بين الاسم بحسب المعنى و أنه فيهما ما لم يلاحظ فيه الاستقلال بالمفهومية و لا عدم الاستقلال بها و إنما الفرق هو أنه وضع ليستعمل و أريد منه معناه حالة لغيره و بما هو في الغير و وضع غيره ليستعمل و أريد منه معناه بما هو هو.

و عليه يكون كل من الاستقلال بالمفهومية و عدم الاستقلال بها إنما اعتبر في جانب الاستعمال لا في المستعمل فيه ليكون بينهما تفاوت بحسب المعنى فلفظ الابتداء لو استعمل في المعنى الآلي و لفظة من في المعنى الاستقلالي لما كان مجازا و استعمالا له في غير ما وضع له و إن كان بغير ما وضع له فالمعنى في كليهما في نفسه كلي طبيعي يصدق على كثيرين و مقيدا باللحاظ الاستقلالي أو الآلي كلي «2» عقلي و إن كان بملاحظة أن لحاظه وجوده ذهنا كان جزئيا ذهنيا فإن الشي‏ء ما لم يتشخص لم يوجد و إن كان بالوجود الذهني فافهم و تأمل فيما وقع في المقام من الأعلام من الخلط و الاشتباه و توهم كون الموضوع له أو المستعمل فيه في الحروف خاصا بخلاف ما عداه فإنه عام.

و ليت شعري إن كان قصد الآلية فيها موجبا لكون المعنى جزئيا فلم لا يكون قصد الاستقلالية فيه موجبا له و هل يكون ذلك إلا لكون هذا القصد ليس مما يعتبر في الموضوع له و لا المستعمل فيه بل في الاستعمال فلم لا يكون فيها كذلك كيف و إلا لزم أن يكون معاني المتعلقات غير منطبقة على الجزئيات الخارجية لكونها على هذا كليات‏ ______________ (1) حاشية كتاب فرائد الأصول، كتاب الفوائد/ 305.

(2) في (أ): الآلي الكلي.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 43

عقلية و الكلي العقلي لا موطن له إلا الذهن فالسير و البصرة و الكوفة «1» في سرت من البصرة إلى الكوفة «2» لا يكاد يصدق على السير و البصرة و الكوفة «3» لتقيدها بما اعتبر فيه القصد ف تصير عقلية فيستحيل انطباقها على الأمور الخارجية.

و بما حققناه [1] يوفق بين جزئية المعنى الحرفي بل الاسمي و الصدق على الكثيرين «4» و أن الجزئية باعتبار تقيد المعنى باللحاظ في موارد الاستعمالات آليا أو استقلاليا و كليته بلحاظ نفس المعنى و منه ظهر عدم اختصاص الإشكال و الدفع بالحروف بل يعم غيره فتأمل في المقام فإنه دقيق و مزال الأقدام للأعلام و قد سبق في بعض الأمور بعض الكلام و الإعادة مع ذلك لما فيها من الفائدة و الإفادة فافهم.

رابعها [اختلاف المبادئ لا يوجب اختلافا في الهيئة]

أن اختلاف المشتقات في المبادئ و كون المبدإ في بعضها حرفة و صناعة و في بعضها قوة و ملكة و في بعضها فعليا لا يوجب اختلافا في دلالتها بحسب الهيئة أصلا و لا تفاوتا في الجهة المبحوث عنها كما لا يخفى غاية الأمر أنه يختلف التلبس به في المضي أو الحال فيكون التلبس به فعلا لو أخذ حرفة أو ملكة و لو لم يتلبس به إلى الحال أو انقضى عنه و يكون مما مضى أو يأتي لو أخذ فعليا فلا يتفاوت فيها أنحاء التلبسات و أنواع التعلقات كما أشرنا إليه «5». خامسها [المراد بالحال في عنوان المسألة] أن المراد بالحال في عنوان المسألة هو حال التلبس‏ ______________ (1) في (أ): تقديم الكوفة على البصرة.

(2) في (أ): تقديم الكوفة على البصرة.

(3) في (أ): تقديم الكوفة على البصرة.

(4) في (أ): على كثيرين.

(5) اشار اليه في الامر الاول/ 39.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 44

لا حال النطق ضرورة أن مثل كان زيد ضاربا أمس أو سيكون غدا ضاربا حقيقة إذا كان متلبسا بالضرب في الأمس في المثال الأول و متلبسا به في الغد في الثاني فجري المشتق حيث كان بلحاظ حال التلبس و إن مضى زمانه في أحدهما و لم يأت بعد في آخر كان حقيقة بلا خلاف و لا ينافيه الاتفاق على أن مثل زيد ضارب غدا مجاز فإن الظاهر أنه فيما إذا كان الجري في الحال كما هو قضية الإطلاق و الغد إنما يكون لبيان زمان التلبس فيكون الجري و الاتصاف في الحال و التلبس في الاستقبال.

و من هنا ظهر الحال في مثل زيد ضارب أمس و أنه داخل في محل الخلاف و الإشكال و لو كانت لفظة أمس أو غد قرينة على تعيين زمان النسبة و الجري أيضا كان المثالان حقيقة. و بالجملة لا ينبغي الإشكال في كون المشتق حقيقة فى ما إذا جرى على الذات بلحاظ حال التلبس و لو كان في المضي أو الاستقبال و إنما الخلاف في كونه حقيقة في خصوصه أو فيما يعم ما إذا جرى عليها في الحال بعد ما انقضى عنه التلبس بعد الفراغ عن كونه مجازا فيما إذا جرى عليها فعلا بلحاظ التلبس في الاستقبال و يؤيد ذلك اتفاق أهل العربية على عدم دلالة الاسم على الزمان و منه الصفات الجارية على الذوات و لا ينافيه اشتراط العمل في بعضها ب كونه بمعنى الحال أو الاستقبال ضرورة أن المراد الدلالة على أحدهما بقرينة كيف لا و قد اتفقوا على كونه مجازا في الاستقبال.

لا يقال يمكن أن يكون المراد بالحال في العنوان زمانه كما هو الظاهر منه عند إطلاقه و ادعي أنه الظاهر في المشتقات إما لدعوى الانسباق من الإطلاق أو بمعونة قرينة.

لأنا نقول هذا الانسباق و إن كان مما لا ينكر إلا أنهم في هذا العنوان بصدد تعيين ما وضع له المشتق لا تعيين ما يراد بالقرينة منه.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 45

سادسها [عدم أصل لفظي في مسألة المشتق‏]

أنه لا أصل في نفس هذه المسألة يعول عليه عند الشك و أصالة عدم ملاحظة الخصوصية مع معارضتها بأصالة عدم ملاحظة العموم لا دليل على اعتبارها في تعيين الموضوع له و أما ترجيح الاشتراك المعنوي على الحقيقة و المجاز إذا دار الأمر بينهما لأجل الغلبة فممنوع لمنع الغلبة أولا و منع نهوض حجة على الترجيح بها ثانيا.

و أما الأصل العملي فيختلف في الموارد فأصالة البراءة في مثل أكرم كل عالم يقتضي عدم وجوب إكرام ما «1» انقضى عنه المبدأ قبل الإيجاب كما أن قضية الاستصحاب وجوبه لو كان الإيجاب قبل الانقضاء.

فإذا عرفت ما تلونا عليك فاعلم أن الأقوال في المسألة و إن كثرت إلا أنها حدثت بين المتأخرين بعد ما كانت ذات قولين بين المتقدمين لأجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مباديه في المعنى أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال و قد مرت الإشارة «2» إلى أنه لا يوجب التفاوت فيما نحن بصدده و يأتي له مزيد بيان في أثناء الاستدلال على ما هو المختار و هو اعتبار التلبس في الحال وفاقا لمتأخري الأصحاب و الأشاعرة و خلافا لمتقدميهم و المعتزلة و يدل عليه تبادر خصوص المتلبس بالمبدإ في الحال و صحة السلب مطلقا عما انقضى عنه كالمتلبس به في الاستقبال و ذلك لوضوح أن مثل القائم و الضارب و العالم و ما يرادفها من سائر اللغات لا يصدق على من لم يكن متلبسا بالمبادئ و إن كان متلبسا بها قبل الجري و الانتساب و يصح سلبها عنه كيف و ما يضادها بحسب ما ارتكز من معناها في الأذهان يصدق عليه ضرورة صدق القاعد عليه في حال تلبسه بالقعود بعد انقضاء تلبسه بالقيام مع وضوح التضاد بين القاعد و القائم بحسب ما ارتكز لهما من المعنى كما لا يخفى.

______________ (1) في (أ): من انقضى.

(2) تقدم في الأمر الرابع، صحفة 43.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 46

و قد يقرر هذا وجها على حدة و يقال «1» لا ريب في مضادة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادة على ما ارتكز لها من المعاني فلو كان المشتق حقيقة في الأعم لما كان بينها مضادة بل مخالفة لتصادقها فيما انقضى عنه المبدأ و تلبس بالمبدإ الآخر. و لا يرد على هذا التقرير ما أورده بعض الأجلة [1] من المعاصرين من عدم التضاد على القول بعدم الاشتراط لما عرفت من ارتكازه بينها كما في مبادئها.

إن قلت لعل ارتكازها لأجل الانسباق من الإطلاق لا الاشتراط.

قلت لا يكاد يكون لذلك لكثرة استعمال المشتق في موارد الانقضاء لو لم يكن بأكثر. إن قلت على هذا يلزم أن يكون في الغالب أو الأغلب مجازا و هذا بعيد ربما لا يلائمه حكمة الوضع.

لا يقال كيف و قد قيل بأن أكثر المحاورات مجازات فإن ذلك لو سلم فإنما هو لأجل تعدد المعاني المجازية بالنسبة إلى المعنى الحقيقي الواحد نعم ربما يتفق ذلك بالنسبة إلى معنى مجازي لكثرة الحاجة إلى التعبير عنه لكن أين هذا مما إذا كان دائما كذلك فافهم. ______________ (1) البدائع/ 181، في المشتق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 47

قلت مضافا إلى أن مجرد الاستبعاد غير ضائر بالمراد بعد مساعدة الوجوه المتقدمة عليه أن ذلك إنما يلزم لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبس مع أنه بمكان من الإمكان فيراد من جاء الضارب أو الشارب و قد انقضى عنه الضرب و الشرب جاء الذي كان ضاربا و شاربا قبل مجيئه حال التلبس بالمبدإ لا حينه بعد الانقضاء كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال و جعله معنونا بهذا العنوان فعلا ب مجرد تلبسه قبل مجيئه ضرورة أنه لو كان للأعم لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين.

و بالجملة كثرة الاستعمال في حال الانقضاء يمنع عن دعوى انسباق خصوص حال التلبس من الإطلاق إذ مع عموم المعنى و قابلية كونه حقيقة في المورد و لو بالانطباق لا وجه لملاحظة حالة أخرى كما لا يخفى بخلاف ما إذا لم يكن له العموم فإن استعماله حينئذ مجازا بلحاظ حال الانقضاء و إن كان ممكنا إلا أنه لما كان بلحاظ حال التلبس على نحو الحقيقة بمكان من الإمكان فلا وجه لاستعماله و جريه على الذات مجازا و بالعناية و ملاحظة العلاقة و هذا غير استعمال اللفظ فيما لا يصح استعماله فيه حقيقة كما لا يخفى فافهم.

ثم إنه ربما أورد «1» على الاستدلال بصحة السلب بما حاصله أنه إن أريد بصحة السلب صحته مطلقا فغير سديد و إن أريد مقيدا فغير مفيد لأن علامة المجاز هي صحة السلب المطلق.

و فيه أنه إن أريد بالتقييد تقييد المسلوب الذي يكون سلبه أعم من سلب المطلق كما هو واضح فصحة سلبه و إن لم تكن علامة على كون المطلق مجازا فيه إلا أن تقييده ممنوع و إن أريد تقييد السلب ف غير ضائر بكونها علامة ضرورة صدق المطلق على أفراده على كل حال مع إمكان‏ ______________ (1) البدائع/ 180، في المشتق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 48

منع تقييده أيضا بأن يلاحظ حال الانقضاء في طرف الذات الجاري عليها المشتق فيصح سلبه مطلقا بلحاظ هذا الحال كما لا يصح سلبه بلحاظ حال التلبس فتدبر جدا.

ثم لا يخفى أنه لا يتفاوت «1» في صحة السلب عما انقضى عنه المبدأ بين كون المشتق لازما و كونه متعديا لصحة سلب الضارب عمن يكون فعلا غير ملتبس بالضرب و كان متلبسا به سابقا و أما إطلاقه عليه في الحال فإن كان بلحاظ حال التلبس فلا إشكال كما عرفت و إن كان بلحاظ الحال فهو و إن كان صحيحا إلا أنه لا دلالة على كونه بنحو الحقيقة لكون الاستعمال أعم منها كما لا يخفى كما لا يتفاوت في صحة السلب عنه بين تلبسه بضد المبدإ و عدم تلبسه لما عرفت من وضوح صحته مع عدم التلبس أيضا و إن كان معه أوضح و مما ذكرنا ظهر حال كثير من التفاصيل فلا نطيل بذكرها على التفصيل.

حجة القول بعدم الاشتراط وجوه‏

. الأول التبادر

و قد عرفت أن المتبادر هو خصوص حال التلبس.

الثاني عدم صحة السلب في مضروب و مقتول عمن انقضى عنه المبدأ

. و فيه أن عدم صحته في مثلهما إنما هو لأجل أنه أريد من المبدإ معنى يكون التلبس به باقيا في الحال و لو مجازا.

و قد انقدح من بعض المقدمات أنه لا يتفاوت الحال فيما هو المهم في محل البحث و الكلام و مورد النقض و الإبرام اختلاف ما يراد من المبدإ في كونه حقيقة أو مجازا و أما لو أريد منه نفس ما وقع على الذات مما صدر ______________ (1) التفصيل لصاحب الفصول، الفصول/ 60، فصل حول إطلاق المشتق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 49

عن الفاعل فإنما لا يصح السلب فيما لو كان بلحاظ حال التلبس و الوقوع كما عرفت لا بلحاظ الحال أيضا لوضوح صحة أن يقال إنه ليس بمضروب الآن بل كان.

الثالث [العابد للصنم ظالم و إن تاب‏]

استدلال الإمام عليه السلام تأسيا بالنبي صلى اللَّه عليه و آله كما عن غير واحد من الأخبار بقوله لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ «1» على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا لمنصب الإمامة و الخلافة تعريضا بمن تصدى لها ممن عبد الصنم مدة مديدة و من الواضح توقف ذلك على كون المشتق موضوعا للأعم و إلا لما صح التعريض لانقضاء تلبسهم بالظلم و عبادتهم للصنم حين التصدي للخلافة و الجواب منع التوقف على ذلك بل يتم الاستدلال و لو كان موضوعا لخصوص المتلبس.

و توضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة و هي أن الأوصاف العنوانية التي تؤخذ في موضوعات الأحكام تكون على أقسام.

أحدها أن يكون أخذ العنوان لمجرد الإشارة إلى ما هو في الحقيقة موضوعا للحكم لمعهوديته بهذا العنوان من دون دخل لاتصافه به في الحكم أصلا.

ثانيها أن يكون لأجل الإشارة إلى علية المبدإ للحكم مع كفاية مجرد صحة جري المشتق عليه و لو فيما مضى.

ثالثها أن يكون لذلك مع عدم الكفاية بل كان الحكم دائرا مدار صحة الجري عليه و اتصافه به حدوثا و بقاء.

إذا عرفت هذا فنقول إن الاستدلال بهذا الوجه إنما يتم لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الأخير ضرورة أنه لو لم يكن المشتق‏ ______________ (1) البقرة/ 124.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 50

للأعم لما تم بعد عدم التلبس بالمبدإ ظاهرا حين التصدي فلا بد أن يكون للأعم ليكون حين التصدي حقيقة من الظالمين و لو انقضى عنهم التلبس بالظلم.

و أما إذا كان على النحو الثاني فلا كما لا يخفى و لا قرينة على أنه على النحو الأول لو لم نقل بنهوضها على النحو الثاني فإن الآية الشريفة في مقام بيان جلالة قدر الإمامة و الخلافة و عظم خطرها و رفعة محلها و أن لها خصوصية من بين المناصب الإلهية و من المعلوم أن المناسب لذلك هو أن لا يكون المتقمص بها متلبسا بالظلم أصلا كما لا.

إن قلت نعم و لكن الظاهر أن الإمام عليه السلام إنما استدل بما هو قضية ظاهر العنوان وضعا لا بقرينة المقام مجازا فلا بد أن يكون للأعم و إلا لما تم.

قلت لو سلم لم يكن يستلزم جري المشتق على النحو الثاني كونه مجازا بل يكون حقيقة لو كان بلحاظ حال التلبس كما عرفت فيكون معنى الآية و الله العالم من كان ظالما و لو آنا في زمان سابق «1» لا ينال عهدي أبدا و من الواضح أن إرادة هذا المعنى لا تستلزم الاستعمال لا بلحاظ حال التلبس.

و منه قد انقدح ما في الاستدلال على التفصيل بين المحكوم عليه و المحكوم به باختيار عدم الاشتراط في الأول ب آية حد السارق و السارقة و الزاني و الزانية و ذلك حيث ظهر أنه لا ينافي إرادة خصوص حال التلبس دلالتها على ثبوت القطع و الجلد مطلقا و لو بعد انقضاء المبدإ مضافا إلى‏

______________ (1) في «ب»: السابق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 51

وضوح بطلان تعدد الوضع حسب وقوعه محكوما عليه أو به كما لا يخفى.

و من مطاوي ما ذكرنا هاهنا و في المقدمات ظهر حال سائر الأقوال و ما ذكر لها من الاستدلال و لا يسع المجال لتفصيلها و من أراد الاطلاع عليها فعليه بالمطولات.

بقي أمور.

الأول [بساطة مفهوم المشتق و البرهان عليها]

أن مفهوم المشتق على ما (حققه المحقق الشريف [1] في بعض حواشيه «1» بسيط منتزع عن الذات باعتبار تلبسها بالمبدإ و اتصافها به غير مركب و قد أفاد في وجه ذلك أن مفهوم الشي‏ء لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلا و إلا لكان العرض العام داخلا في الفصل و لو اعتبر فيه ما صدق عليه الشي‏ء انقلبت مادة الإمكان الخاص ضرورة فإن الشي‏ء الذي له الضحك هو الإنسان و ثبوت الشي‏ء لنفسه ضروري) هذا ملخص ما أفاده الشريف على ما لخصه بعض الأعاظم «2».

و (قد أورد عليه في الفصول «3» بأنه يمكن أن يختار الشق الأول و يدفع الإشكال بأن كون الناطق مثلا فصلا مبني على عرف المنطقيين‏ ______________ (1) في حاشية على شرح المطالع عند قول الشارح: الا أن معناه شي‏ء له المشتق منه ... الخ.

شرح المطالع/ 11.

(2) الفصول/ 61، التنبيهات.

(3) الفصول/ 61، التنبيهات.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 52

حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات و ذلك لا يوجب وضعه لغة كذلك).

و فيه أنه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه أصلا بل بما له من المعنى كما لا يخفى.

و التحقيق أن يقال إن مثل الناطق ليس بفصل حقيقي بل لازم ما هو الفصل و أظهر خواصه و إنما يكون فصلا مشهوريا منطقيا يوضع مكانه إذا لم يعلم نفسه بل لا يكاد يعلم كما حقق في محله و لذا ربما يجعل لازمان مكانه إذا كانا متساوي النسبة إليه كالحساس و المتحرك بالإرادة في الحيوان و عليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشي‏ء في مثل الناطق فإنه و إن كان عرضا عاما لا فصلا مقوما للإنسان إلا أنه بعد تقييده بالنطق و اتصافه به كان من أظهر.

و بالجملة لا يلزم من أخذ مفهوم الشي‏ء في معنى المشتق إلا دخول العرض في الخاصة التي هي من العرضي لا في الفصل الحقيقي الذي هو من الذاتي فتدبر جيدا.

(ثم قال إنه يمكن أن يختار الوجه الثاني أيضا و يجاب بأن المحمول ليس مصداق الشي‏ء و الذات مطلقا بل مقيدا بالوصف و ليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا انتهى).

و يمكن أن يقال إن عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب فإن المحمول إن كان ذات المقيد و كان القيد خارجا و إن كان التقييد داخلا بما هو معنى حرفي فالقضية لا محالة تكون ضرورية ضرورة ضرورية ثبوت الإنسان الذي يكون مقيدا بالنطق للإنسان و إن كان المقيد به بما هو مقيد على أن يكون القيد داخلا فقضية الإنسان ناطق تنحل في الحقيقة إلى قضيتين إحداهما قضية الإنسان إنسان و هي‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 53

ضرورية و الأخرى قضية الإنسان له النطق و هي ممكنة و ذلك لأن الأوصاف قبل العلم بها أخبار كما أن الأخبار بعد العلم تكون أوصافا فعقد الحمل ينحل إلى القضية كما أن عقد الوضع ينحل إلى قضية مطلقة عامة عند الشيخ و قضية ممكنة عامة عند الفارابي [1] فتأمل.

لكنه قدس سره تنظر فيما أفاده بقوله (و فيه نظر لأن الذات المأخوذة مقيدة بالوصف قوة أو فعلا إن كانت مقيدة به واقعا صدق الإيجاب بالضرورة و إلا صدق السلب بالضرورة مثلا لا يصدق زيد كاتب بالضرورة لكن يصدق زيد [الكاتب‏] «1» بالقوة أو بالفعل كاتب بالضرورة انتهى). و لا يذهب عليك أن صدق الإيجاب بالضرورة بشرط كونه مقيدا به واقعا لا يصحح دعوى الانقلاب إلى الضرورية ضرورة صدق الإيجاب بالضرورة بشرط المحمول في كل قضية و لو كانت ممكنة كما لا يكاد يضر بها صدق السلب كذلك بشرط عدم كونه مقيدا به واقعا لضرورة السلب بهذا الشرط و ذلك لوضوح أن المناط في الجهات و مواد القضايا إنما هو بملاحظة أن نسبة هذا المحمول إلى ذلك الموضوع موجهة بأي جهة منها و مع أية منها في نفسها صادقة لا بملاحظة ثبوتها له واقعا أو عدم ثبوتها له كذلك و إلا كانت الجهة منحصرة بالضرورة ضرورة صيرورة الإيجاب أو السلب بلحاظ الثبوت و عدمه واقعا ضروريا و يكون من باب الضرورة ______________ (1) أثبتناها من (ب).

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 54

بشرط المحمول.

و بالجملة الدعوى هو انقلاب مادة الإمكان بالضرورة فيما ليست مادته واقعا في نفسه و بلا شرط غير الإمكان.

و قد انقدح بذلك عدم نهوض ما أفاده رحمه الله بإبطال الوجه الأول كما زعمه قدس سره فإن لحوق مفهوم الشي‏ء و الذات لمصاديقهما إنما يكون ضروريا مع إطلاقهما لا مطلقا و لو مع التقيد إلا بشرط تقيد المصاديق به أيضا و قد عرفت حال الشرط فافهم. 6 ثم إنه لو جعل التالي في الشرطية الثانية لزوم أخذ النوع في الفصل ضرورة أن مصداق الشي‏ء الذي له النطق هو الإنسان كان أليق ب الشرطية الأولى بل كان أولى «1» لفساده مطلقا و لو لم يكن مثل الناطق بفصل حقيقي ضرورة بطلان أخذ الشي‏ء في لازمه و خاصته فتأمل جيدا. ثم إنه يمكن أن يستدل على البساطة بضرورة عدم تكرار الموصوف في مثل زيد الكاتب و لزومه من التركب و أخذ الشي‏ء مصداقا أو مفهوما في مفهومه.

إرشاد [معنى البساطة مفهوما]

لا يخفى أن معنى البساطة بحسب المفهوم وحدته إدراكا و تصورا بحيث لا يتصور عند تصوره إلا شي‏ء واحد لا شيئان و إن انحل بتعمل من العقل إلى شيئين كانحلال مفهوم الشجر و الحجر إلى شي‏ء له الحجرية أو الشجرية مع وضوح بساطة مفهومهما. و بالجملة لا ينثلم بالانحلال إلى الاثنينية بالتعمل العقلي وحدة المعنى‏ ______________ (1) في «ب»: الأولى.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 55

و بساطة المفهوم كما لا يخفى و إلى ذلك يرجع الإجمال و التفصيل الفارقان «1» بين المحدود و الحد مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا فالعقل بالتعمل يحلل النوع و يفصله إلى جنس و فصل بعد ما كان أمرا واحدا إدراكا و شيئا فاردا تصورا فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع و الرتق.

الثاني [الفرق بين المشتق و مبدئه‏]

الفرق بين المشتق و مبدئه مفهوما أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدإ و لا يعصي عن الجري عليه لما هما عليه من نحو من الاتحاد بخلاف المبدإ فإنه بمعناه يأبى عن ذلك بل إذا قيس و نسب إليه كان غيره لا هو هو و ملاك الحمل و الجري إنما هو نحو من الاتحاد و الهوهوية و إلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق بينهما من أن المشتق يكون لا بشرط و المبدأ يكون بشرط لا أي يكون مفهوم المشتق غير آب عن الحمل و مفهوم المبدإ يكون آبيا عنه و (صاحب الفصول [1] رحمه الله حيث توهم أن مرادهم إنما هو بيان التفرقة بهذين الاعتبارين بلحاظ الطوارئ و العوارض الخارجية مع حفظ مفهوم واحد أورد عليهم بعدم استقامة الفرق بذلك لأجل امتناع حمل العلم و الحركة على الذات و إن اعتبرا لا بشرط) و غفل عن أن المراد ما ذكرنا كما يظهر منهم من بيان الفرق بين الجنس و الفصل و بين المادة و الصورة فراجع.

الثالث [ملاك الحمل‏]

ملاك الحمل كما أشرنا إليه هو الهوهوية و الاتحاد من وجه‏ ______________ (1) في «أ و ب»: الفارقين.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 56

و المغايرة من وجه آخر كما يكون بين المشتقات و الذوات و لا يعتبر معه «1» ملاحظة التركيب بين المتغايرين و اعتبار كون مجموعهما بما هو كذلك واحدا بل يكون لحاظ ذلك مخلا لاستلزامه المغايرة بالجزئية و الكلية.

و من الواضح أن ملاك الحمل لحاظ نحو اتحاد بين الموضوع و المحمول مع وضوح عدم لحاظ ذلك في التحديدات و سائر القضايا في طرف الموضوعات بل لا يلاحظ في طرفها إلا نفس معانيها كما هو الحال في طرف المحمولات و لا يكون حملها عليها إلا بملاحظة ما هما عليه من نحو من الاتحاد مع ما هما عليه من المغايرة و لو بنحو من الاعتبار.

فانقدح بذلك فساد ما جعله في الفصول تحقيقا للمقام و في كلامه موارد للنظر تظهر بالتأمل و إمعان النظر. الرابع [يكفي في الحمل المغايرة مفهوما]

لا ريب في كفاية مغايرة المبدإ مع ما يجري المشتق عليه مفهوما و إن اتحدا عينا و خارجا فصدق الصفات مثل العالم و القادر و الرحيم و الكريم إلى غير ذلك من صفات الكمال و الجلال عليه تعالى على ما ذهب إليه أهل الحق من عينية صفاته يكون على الحقيقة فإن المبدأ فيها و إن كان عين ذاته تعالى خارجا إلا أنه غير ذاته تعالى مفهوما.

و منه قد انقدح ما في الفصول من الالتزام بالنقل «2» أو التجوز في ألفاظ الصفات الجارية عليه تعالى بناء على الحق من العينية لعدم المغايرة المعتبرة بالاتفاق «3» و ذلك لما عرفت من كفاية المغايرة مفهوما و لا اتفاق على اعتبار غيرها إن لم نقل بحصول الاتفاق على عدم اعتباره كما لا يخفى و قد عرفت ثبوت المغايرة كذلك بين الذات و مبادي الصفات. ______________ (1) اشارة الى ما افاده صاحب الفصول، الفصول، 62 التنبيه الثاني.

(2) الفصول/ 62، التنبيه الثالث من تنبيهات المشتق.

(3) و هو الاتفاق الذي ادّعاه صاحب الفصول (قدس سرّه) الفصول/ 62.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 57

الخامس [أنحاء قيام المبدإ بالذات‏]

أنه وقع الخلاف بعد الاتفاق على اعتبار المغايرة كما عرفت بين المبدإ و ما يجري عليه المشتق في اعتبار قيام المبدإ به في صدقه على نحو الحقيقة و قد استدل من قال «1» بعدم الاعتبار بصدق الضارب و المؤلم مع قيام الضرب و الألم بالمضروب و المؤلم بالفتح. و التحقيق أنه لا ينبغي أن يرتاب من كان من أولي الألباب في أنه يعتبر في صدق المشتق على الذات و جريه عليها من التلبس بالمبدإ بنحو خاص على اختلاف أنحائه الناشئة من اختلاف المواد تارة و اختلاف الهيئات أخرى من القيام صدورا أو حلولا أو وقوعا عليه أو فيه أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتحاده معه خارجا كما في صفاته تعالى على ما أشرنا إليه آنفا أو مع عدم تحقق إلا للمنتزع عنه كما في الإضافات و الاعتبارات التي لا تحقق لها و لا يكون بحذائها في الخارج شي‏ء و تكون من الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة ففي صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له تعالى مفهوما و قائما به عينا لكنه بنحو من القيام لا بأن يكون هناك اثنينية و كان ما بحذائه غير الذات بل بنحو الاتحاد و العينية و كان ما بحذائه عين الذات و عدم اطلاع العرف على مثل هذا التلبس من الأمور الخفية لا يضر بصدقها عليه تعالى على نحو الحقيقة إذا كان لها مفهوم صادق عليه تعالى حقيقة و لو بتأمل و تعمل من العقل و العرف إنما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم لا في تطبيقها على مصاديقها.

و بالجملة يكون مثل العالم و العادل و غيرهما من الصفات الجارية عليه تعالى و على غيره جارية عليهما بمفهوم واحد و معنى فارد و إن اختلفا فيما يعتبر في الجري من الاتحاد و كيفية التلبس بالمبدإ حيث إنه بنحو العينية فيه تعالى و بنحو الحلول أو الصدور في غيره فلا وجه لما (التزم به في‏ ______________ (1) الفصول/ 62، التنبيه الثالث من تنبيهات المشتق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 58

الفصول «1» من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما هي عليها من المعنى) كما لا يخفى كيف و لو كانت بغير معانيها العامة جارية عليه تعالى كانت صرف لقلقة اللسان و ألفاظ بلا معنى فإن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم و لا معلوم إلا بما يقابلها ففي مثل ما إذا قلنا إنه تعالى عالم إما أن نعني أنه من ينكشف لديه الشي‏ء فهو ذاك المعنى العام أو أنه مصداق لما يقابل ذاك المعنى فتعالى عن ذلك علوا كبيرا و إما أن لا نعني شيئا فتكون كما قلناه من كونها صرف اللقلقة و كونها بلا معنى كما لا يخفى. و العجب أنه جعل ذلك علة لعدم صدقها في حق غيره و هو كما ترى و بالتأمل فيما ذكرنا ظهر الخلل فيما استدل من الجانبين و المحاكمة بين الطرفين فتأمل.

السادس [في عدم اعتبار قيام المبدإ بما يجري عليه المشتق حقيقة]

الظاهر أنه لا يعتبر في صدق المشتق و جريه على الذات حقيقة التلبس بالمبدإ حقيقة و بلا واسطة في العروض كما في الماء الجاري بل يكفي التلبس به و لو مجازا و مع هذه الواسطة كما في الميزاب الجاري فإسناد الجريان إلى الميزاب و إن كان إسنادا إلى غير ما هو له و بالمجاز إلا أنه في الإسناد لا في الكلمة فالمشتق في مثل المثال بما هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي و إن كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي و لا منافاة بينهما أصلا كما لا يخفى و لكن ظاهر الفصول «2» بل صريحه اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة و كأنه من باب الخلط بين المجاز في الإسناد و المجاز في الكلمة و هذا هاهنا محل الكلام بين الأعلام و الحمد لله و هو خير ختام. ______________ (1) الفصول/ 62، التنبيه الثالث من تنبيهات المشتق.

(2) الفصول/ 62، التنبيه الثالث من تنبيهات المشتق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 59