لا فرق في المستصحب بين أن يكون مشكوك الارتفاع في الزمان اللاحق رأسا و بين أن يكون مشكوك الارتفاع في جزء من الزمان اللاحق مع القطع بارتفاعه بعد ذلك الجزء فإذا شك في بقاء حياة زيد في جزء من الزمان اللاحق فلا يؤثر في جريان استصحاب حياته علمنا بموته بعد ذلك الجزء من الزمان و عدمه و هذا هو الذي يعبر عنه بأصالة تأخر الحادث يريدون به أنه إذا علم بوجود حادث في زمان و شك في وجوده قبل ذلك الزمان فيحكم باستصحاب عدمه قبل ذلك و يلزمه عقلا تأخر حدوث ذلك الحادث فإذا شك في مبدأ موت زيد مع القطع بكونه يوم الجمعة ميتا فحياته قبل الجمعة الثابتة بالاستصحاب مستلزمة عقلا لكون مبدأ موته يوم الجمعة.
و حيث تقدم في الأمر السابق أنه لا يثبت بالاستصحاب بناء على العمل به من باب الأخبار لوازمه العقلية فلو ترتب على حدوث موت زيد في يوم الجمعة لا على مجرد حياته قبل الجمعة حكم شرعي لم يترتب على ذلك.
نعم لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الظن أو كان اللازم العقلي من اللوازم الخفية جرى فيه ما تقدم ذكره آنفا.
و تحقيق المقام و توضيحه أن تأخر الحادث قد يلاحظ بالقياس إلى ما قبله من أجزاء الزمان كالمثال المتقدم فيقال الأصل عدم موت زيد قبل الجمعة فيترتب عليه جميع أحكام ذلك العدم لا أحكام حدوثه يوم الجمعة إذ المتيقن بالوجدان تحقق الموت يوم الجمعة لا حدوثه إلا أن يقال إن الحدوث هو الوجود المسبوق بالعدم و إذا ثبت بالأصل عدم شيء سابقا و علم بوجوده بعد ذلك.
فوجوده المطلق في الزمان اللاحق إذا انضم إلى عدمه قبل ذلك الثابت بالأصل تحقق مفهوم الحدوث و قد عرفت حال الموضوع الخارجي الثابت أحد جزئي مفهومه بالأصل.
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 667
و مما ذكرنا يعلم أنه لو كان الحادث مما نعلم بارتفاعه بعد حدوثه فلا يترتب عليه أحكام الوجود في الزمان المتأخر أيضا لأن وجوده مساو لحدوثه نعم يترتب عليه أحكام وجوده المطلق في زمان من الزمانين كما إذا علمنا أن الماء لم يكن كرا قبل الخميس فعلم أنه صار كرا بعده و ارتفع كريته بعد ذلك فنقول الأصل عدم كريته في يوم الخميس و لا يثبت بذلك كريته يوم الجمعة فلا يحكم بطهارة ثوب نجس وقع فيه في أحد اليومين لأصالة بقاء نجاسته و عدم أصل حاكم عليه نعم لو وقع فيه في كل من اليومين حكم بطهارته من باب انغسال الثوب بماءين مشتبهين.
و قد يلاحظ تأخر الحادث بالقياس إلى حادث آخر كما إذا علم بحدوث حادثين و شك في تقدم أحدهما على الآخر فإما أن يجهل تاريخهما أو يعلم تاريخ أحدهما فإن جهل تاريخهما فلا يحكم بتأخر أحدهما المعين عن الآخر لأن التأخر في نفسه ليس مجرى الاستصحاب لعدم مسبوقيته باليقين و أما أصالة عدم أحدهما في زمان الآخر فهي معارضة بالمثل و حكمه التساقط مع ترتب الأثر على كل واحد من الأصلين و سيجيء تحقيقه إن شاء الله.
و هل يحكم بتقارنهما في مقام يتصور التقارن لأصالة عدم كل منهما قبل وجود الآخر وجهان من كون التقارن أمرا وجوديا لازما لعدم كون كل منهما قبل الآخر و من كونه من اللوازم الخفية حتى كاد يتوهم أنه عبارة عن عدم تقدم أحدهما على الآخر في الوجود و إن كان أحدهما معلوم التاريخ فلا يحكم على مجهول التاريخ إلا بأصالة عدم وجوده في تاريخ ذلك لا تأخر وجوده عنه بمعنى حدوثه بعده.
نعم يثبت ذلك على القول بالأصل المثبت فإذا علم تاريخ ملاقاة الثوب للحوض و جهل تاريخ صيرورته كرا فيقال الأصل بقاء قلته و عدم كريته في زمان الملاقاة و إذا علم تاريخ الكرية حكم أيضا بأصالة عدم الملاقاة في زمان الكرية و هكذا.
و ربما يتوهم جريان الأصل في طرف المعلوم بأن يقال الأصل عدم وجوده في الزمان الواقعي للآخر.
و يندفع بأن نفس وجوده غير مشكوك في زمان و أما وجوده في زمان الآخر فليس مسبوقا بالعدم.
ثم إنه يظهر من الأصحاب هنا قولان آخران
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 668
أحدهما جريان هذا الأصل في طرف مجهول التاريخ و إثبات تأخره عن معلوم التاريخ بذلك و هو ظاهر المشهور و قد صرح بالعمل به الشيخ و ابن حمزة و المحقق و العلامة و الشهيدان و غيرهم في بعض الموارد منها مسألة اتفاق الوارثين على إسلام أحدهما في غرة رمضان و اختلافهما في موت المورث قبل الغرة أو بعدها فإنهم حكموا بأن القول قول مدعي تأخر الموت.
نعم ربما يظهر من إطلاقهم التوقف في بعض المقامات من غير تفصيل بين العلم بتاريخ أحد الحادثين و بين الجهل بهما عدم العمل بالأصل في المجهول مع علم تاريخ الآخر كمسألة اشتباه تقدم الطهارة أو ال 25 ح 5 دث و مسألة اشتباه الجمعتين و اشتباه موت المتوارثين و مسألة اشتباه تقدم رجوع المرتهن عن الإذن في البيع على وقوع البيع أو تأخره عنه و غير ذلك.
لكن الإنصاف عدم الوثوق بهذا الإطلاق بل هو إما محمول على صورة الجهل بتاريخهما و أحالوا صورة العلم بتاريخ أحدهما على ما صرحوا به في مقام آخر و على محامل أخر.
و كيف كان فحكمهم في مسألة الاختلاف في تقدم الموت على الإسلام و تأخره مع إطلاقهم في تلك الموارد من قبيل النص و الظاهر مع أن جماعة منهم نصوا على تقييد هذا الإطلاق في موارد كالشهيدين في الدروس و المسالك في مسألة الاختلاف في تقدم الرجوع عن الإذن في بيع الرهن على بيعه و تأخره و العلامة الطباطبائي في مسألة اشتباه السابق من الحدث و الطهارة هذا.
مع أنه لا يخفى على متتبع موارد هذه المسائل و شبهها مما يرجع في حكمها إلى الأصول أن غفلة بعضهم بل أكثرهم عن مجاري الأصول في بعض شقوق المسألة غير عزيزة.
الثاني عدم العمل بالأصل و إلحاق صورة جهل تاريخ أحدهما بصورة جهل تاريخهما و قد صرح به بعض المعاصرين تبعا لبعض الأساطين مستشهدا على ذلك بعدم تفصيل الجماعة في مسألة الجمعتين و الطهارة و الحدث و موت المتوارثين مستدلا على ذلك بأن التأخر ليس أمرا مطابقا للأصل.
و ظاهر استدلاله إرادة ما ذكرنا من عدم ترتيب أحكام صفة التأخر و كون المجهول متحققا بعد المعلوم لكن ظاهر استشهاده بعدم تفصيل الأصحاب في المسائل المذكورة إرادة عدم ثمرة مترتبة على العلم بتاريخ أحدهما أصلا فإذا فرضنا العلم بموت زيد في يوم الجمعة و شككنا في حياة ولده في ذلك الزمان فالأصل بقاء حياة ولده فيحكم له بإرث أبيه و ظاهر هذا القائل عدم
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 669
الحكم بذلك و كون حكمه حكم الجهل بتاريخ موت زيد أيضا في عدم التوارث بينهما.
و كيف كان فإن أراد هذا القائل ترتيب آثار تأخر ذلك الحادث كما هو المشهور فإنكاره في محله و إن أراد عدم جواز التمسك باستصحاب عدم ذلك الحادث و وجود ضده و ترتيب جميع آثاره الشرعية في زمان الشك فلا وجه لإنكاره إذ لا يعقل الفرق بين مستصحب علم بارتفاعه في زمان و ما لم يعلم.
و أما ما ذكره من عدم تفصيل الأصحاب في مسألة الجمعتين و أخواتها فقد عرفت ما فيه.
فالحاصل أن المعتبر في مورد الشك في تأخر حادث آخر استصحاب عدم الحادث في زمان حدوث الآخر فإن كان زمان حدوثه معلوما فيجري أحكام بقاء المستصحب في زمان الحادث المعلوم لا غيرها فإذا علم بتطهره في الساعة الأولى من النهار و شك في تحقق الحدث قبل تلك الساعة أو بعدها فالأصل عدم الحدث فيما قبل الساعة لكن لا يلزم من ذلك ارتفاع الطهارة المتحققة في الساعة الأولى كما تخيله بعض الفحول و إن كان مجهولا كان حكمه حكم أحد الحادثين المعلوم حدوث أحدهما إجمالا و سيجيء توضيحه.
و اعلم أنه قد يوجد شيء في زمان و يشك في مبدئه و يحكم بتقدمه لأن تأخره لازم لحدوث حادث آخر قبله و الأصل عدمه و قد يسمى ذلك بالاستصحاب القهقرى.
مثاله أنه إذا ثبت أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب في عرفنا و شك في كونها كذلك قبل ذلك حتى يحمل خطابات الشارع على ذلك فيقال مقتضى الأصل كون الصيغة حقيقة فيه في ذلك الزمان بل قبله إذ لو كان في ذلك الزمان حقيقة في غيره لزم النقل و تعدد الوضع و الأصل عدمه.
و هذا إنما يصح بناء على الأصل المثبت و قد استظهرنا سابقا أنه متفق عليه في الأصول اللفظية و مورده صورة الشك في وحدة المعنى و تعدده أما إذا علم التعدد و شك في مبدأ حدوث الوضع المعلوم في زماننا فمقتضى الأصل عدم ثبوته قبل الزمان المعلوم و لذا اتفقوا في مسألة الحقيقة الشرعية على أن الأصل فيها عدم الثبوت
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 670
الأمر الثامن
قد يستصحب صحة العبادة عند الشك في طرو مفسد كفقد ما يشك في اعتبار وجوده في العبادة أو وجود ما يشك في اعتبار عدمه و قد اشتهر التمسك بها بين الأصحاب كالشيخ و الحلي و المحقق و العلامة و غيرهم.
و تحقيقه و توضيح مورد جريانه أنه لا شك و لا ريب في أن المراد بالصحة المستصحبة ليس صحة مجموع العمل لأن الفرض التمسك به عند الشك في الأثناء و أما صحة الأجزاء السابقة فالمراد بها إما موافقتها للأمر المتعلق بها و إما ترتيب الأثر عليها.
أما موافقتها للأمر المتعلق بها فالمفروض أنها متيقنة سواء فسد العمل أم لا لأن فساد العمل لا يوجب خروج الأجزاء المأتي بها على طبق الأمر المتعلق بها عن كونها كذلك ضرورة عدم انقلاب الشيء عما وجد عليه.
و أما ترتيب الأثر فليس الثابت منه للجزء من حيث إنه جزء إلا كونه بحيث لو ضم إليه الأجزاء الباقية مع الشرائط المعتبرة لالتأم الكل في مقابل الجزء الفاسد و هو الذي لا يلزم من ضم باقي الأجزاء و الشرائط إليه وجود الكل.
و من المعلوم أن هذا الأثر موجود في الجزء دائما سواء قطع بضم الأجزاء الباقية أم قطع بعدمه أم شك في ذلك فإذا شك في حصول الفساد من غير جهة تلك الأجزاء فالقطع ببقاء صحة تلك الأجزاء لا ينفع في تحقق الكل مع وصف هذا الشك فضلا عن استصحاب الصحة مع ما عرفت من أنه ليس الشك في بقاء صحة تلك الأجزاء بأي معنى اعتبر من معاني الصحة.
و من هنا رد هذا الاستصحاب جماعة من المعاصرين ممن يرى حجية الاستصحاب مطلقا.
لكن التحقيق التفصيل بين موارد التمسك بيانه أنه قد يكون الشك في الفساد من جهة
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 671
احتمال فقد أمر معتبر أو وجود أمر مانع و هذا الذي لا يعتنى فيه نفيه باستصحاب الصحة لما عرفت من أن فقد بعض ما يعتبر من الأمور اللاحقة لا يقدح في صحة الأجزاء السابقة و قد يكون من جهة عروض ما ينقطع معه الهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة.
فإنا استكشفنا من تعبير الشارع عن بعض ما يعتبر عدمه في الصلاة بالقواطع أن للصلاة هيئة اتصالية ينافيها توسط بعض الأشياء في خلال أجزائها الموجب لخروج الأجزاء اللاحقة عن قابلية الانضمام و الأجزاء السابقة عن قابلية الانضمام إليها فإذا شك في شيء من ذلك وجودا أو صفة جرى استصحاب صحة الأجزاء بمعنى بقائها على القابلية المذكورة فيتفرع على ذلك عدم وجوب استئنافها أو استصحاب الاتصال الملحوظ بين الأجزاء السابقة و ما يلحقها من الأجزاء الباقية فيتفرع عليه بقاء الأمر بالإتمام.
و هذا الكلام و إن كان قابلا للنقض و الإبرام إلا أن الأظهر بحسب المسامحة العرفية في كثير من الاستصحابات جريان الاستصحاب في المقام.
و ربما يتمسك في مطلق الشك في الفساد باستصحاب حرمة القطع و وجوب المضي.
و فيه أن الموضوع في هذا المستصحب هو الفعل الصحيح لا محالة و المفروض الشك في الصحة.
و ربما يتمسك في إثبات الصحة في محل الشك بقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ و قد بينا عدم دلالة الآية على هذا المطلب في أصل البراءة عند الكلام في مسألة الشك في الشرطية و كذلك التمسك بما عداها من العمومات المقتضية للصحة
حوزوی کتب
رسائل حصہ سوم
المقام الثاني في (الاستصحاب
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام
[أدلة حجية الاستصحاب]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس
حجة القول الثامن
حجة القول التاسع
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني
الأمر الثالث
الأمر السادس
الأمر السابع
الأمر التاسع
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث
خاتمة في التعادل و الترجيح
المقام الأول في المتكافئين
المقام الثاني في التراجيح
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات
بقي في المقام شيء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث
بقي هنا شيء
المصادر
رسائل حصہ سوم
الأمر السابع
الأمر السابع
لا فرق في المستصحب بين أن يكون مشكوك الارتفاع في الزمان اللاحق رأسا و بين أن يكون مشكوك الارتفاع في جزء من الزمان اللاحق مع القطع بارتفاعه بعد ذلك الجزء فإذا شك في بقاء حياة زيد في جزء من الزمان اللاحق فلا يؤثر في جريان استصحاب حياته علمنا بموته بعد ذلك الجزء من الزمان و عدمه و هذا هو الذي يعبر عنه بأصالة تأخر الحادث يريدون به أنه إذا علم بوجود حادث في زمان و شك في وجوده قبل ذلك الزمان فيحكم باستصحاب عدمه قبل ذلك و يلزمه عقلا تأخر حدوث ذلك الحادث فإذا شك في مبدأ موت زيد مع القطع بكونه يوم الجمعة ميتا فحياته قبل الجمعة الثابتة بالاستصحاب مستلزمة عقلا لكون مبدأ موته يوم الجمعة.
و حيث تقدم في الأمر السابق أنه لا يثبت بالاستصحاب بناء على العمل به من باب الأخبار لوازمه العقلية فلو ترتب على حدوث موت زيد في يوم الجمعة لا على مجرد حياته قبل الجمعة حكم شرعي لم يترتب على ذلك. نعم لو قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الظن أو كان اللازم العقلي من اللوازم الخفية جرى فيه ما تقدم ذكره آنفا. و تحقيق المقام و توضيحه أن تأخر الحادث قد يلاحظ بالقياس إلى ما قبله من أجزاء الزمان كالمثال المتقدم فيقال الأصل عدم موت زيد قبل الجمعة فيترتب عليه جميع أحكام ذلك العدم لا أحكام حدوثه يوم الجمعة إذ المتيقن بالوجدان تحقق الموت يوم الجمعة لا حدوثه إلا أن يقال إن الحدوث هو الوجود المسبوق بالعدم و إذا ثبت بالأصل عدم شيء سابقا و علم بوجوده بعد ذلك.
فوجوده المطلق في الزمان اللاحق إذا انضم إلى عدمه قبل ذلك الثابت بالأصل تحقق مفهوم الحدوث و قد عرفت حال الموضوع الخارجي الثابت أحد جزئي مفهومه بالأصل.
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 667
و مما ذكرنا يعلم أنه لو كان الحادث مما نعلم بارتفاعه بعد حدوثه فلا يترتب عليه أحكام الوجود في الزمان المتأخر أيضا لأن وجوده مساو لحدوثه نعم يترتب عليه أحكام وجوده المطلق في زمان من الزمانين كما إذا علمنا أن الماء لم يكن كرا قبل الخميس فعلم أنه صار كرا بعده و ارتفع كريته بعد ذلك فنقول الأصل عدم كريته في يوم الخميس و لا يثبت بذلك كريته يوم الجمعة فلا يحكم بطهارة ثوب نجس وقع فيه في أحد اليومين لأصالة بقاء نجاسته و عدم أصل حاكم عليه نعم لو وقع فيه في كل من اليومين حكم بطهارته من باب انغسال الثوب بماءين مشتبهين. و قد يلاحظ تأخر الحادث بالقياس إلى حادث آخر كما إذا علم بحدوث حادثين و شك في تقدم أحدهما على الآخر فإما أن يجهل تاريخهما أو يعلم تاريخ أحدهما فإن جهل تاريخهما فلا يحكم بتأخر أحدهما المعين عن الآخر لأن التأخر في نفسه ليس مجرى الاستصحاب لعدم مسبوقيته باليقين و أما أصالة عدم أحدهما في زمان الآخر فهي معارضة بالمثل و حكمه التساقط مع ترتب الأثر على كل واحد من الأصلين و سيجيء تحقيقه إن شاء الله. و هل يحكم بتقارنهما في مقام يتصور التقارن لأصالة عدم كل منهما قبل وجود الآخر وجهان من كون التقارن أمرا وجوديا لازما لعدم كون كل منهما قبل الآخر و من كونه من اللوازم الخفية حتى كاد يتوهم أنه عبارة عن عدم تقدم أحدهما على الآخر في الوجود و إن كان أحدهما معلوم التاريخ فلا يحكم على مجهول التاريخ إلا بأصالة عدم وجوده في تاريخ ذلك لا تأخر وجوده عنه بمعنى حدوثه بعده.
نعم يثبت ذلك على القول بالأصل المثبت فإذا علم تاريخ ملاقاة الثوب للحوض و جهل تاريخ صيرورته كرا فيقال الأصل بقاء قلته و عدم كريته في زمان الملاقاة و إذا علم تاريخ الكرية حكم أيضا بأصالة عدم الملاقاة في زمان الكرية و هكذا.
و ربما يتوهم جريان الأصل في طرف المعلوم بأن يقال الأصل عدم وجوده في الزمان الواقعي للآخر. و يندفع بأن نفس وجوده غير مشكوك في زمان و أما وجوده في زمان الآخر فليس مسبوقا بالعدم. ثم إنه يظهر من الأصحاب هنا قولان آخران
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 668
أحدهما جريان هذا الأصل في طرف مجهول التاريخ و إثبات تأخره عن معلوم التاريخ بذلك و هو ظاهر المشهور و قد صرح بالعمل به الشيخ و ابن حمزة و المحقق و العلامة و الشهيدان و غيرهم في بعض الموارد منها مسألة اتفاق الوارثين على إسلام أحدهما في غرة رمضان و اختلافهما في موت المورث قبل الغرة أو بعدها فإنهم حكموا بأن القول قول مدعي تأخر الموت.
نعم ربما يظهر من إطلاقهم التوقف في بعض المقامات من غير تفصيل بين العلم بتاريخ أحد الحادثين و بين الجهل بهما عدم العمل بالأصل في المجهول مع علم تاريخ الآخر كمسألة اشتباه تقدم الطهارة أو ال 25 ح 5 دث و مسألة اشتباه الجمعتين و اشتباه موت المتوارثين و مسألة اشتباه تقدم رجوع المرتهن عن الإذن في البيع على وقوع البيع أو تأخره عنه و غير ذلك.
لكن الإنصاف عدم الوثوق بهذا الإطلاق بل هو إما محمول على صورة الجهل بتاريخهما و أحالوا صورة العلم بتاريخ أحدهما على ما صرحوا به في مقام آخر و على محامل أخر.
و كيف كان فحكمهم في مسألة الاختلاف في تقدم الموت على الإسلام و تأخره مع إطلاقهم في تلك الموارد من قبيل النص و الظاهر مع أن جماعة منهم نصوا على تقييد هذا الإطلاق في موارد كالشهيدين في الدروس و المسالك في مسألة الاختلاف في تقدم الرجوع عن الإذن في بيع الرهن على بيعه و تأخره و العلامة الطباطبائي في مسألة اشتباه السابق من الحدث و الطهارة هذا.
مع أنه لا يخفى على متتبع موارد هذه المسائل و شبهها مما يرجع في حكمها إلى الأصول أن غفلة بعضهم بل أكثرهم عن مجاري الأصول في بعض شقوق المسألة غير عزيزة.
الثاني عدم العمل بالأصل و إلحاق صورة جهل تاريخ أحدهما بصورة جهل تاريخهما و قد صرح به بعض المعاصرين تبعا لبعض الأساطين مستشهدا على ذلك بعدم تفصيل الجماعة في مسألة الجمعتين و الطهارة و الحدث و موت المتوارثين مستدلا على ذلك بأن التأخر ليس أمرا مطابقا للأصل.
و ظاهر استدلاله إرادة ما ذكرنا من عدم ترتيب أحكام صفة التأخر و كون المجهول متحققا بعد المعلوم لكن ظاهر استشهاده بعدم تفصيل الأصحاب في المسائل المذكورة إرادة عدم ثمرة مترتبة على العلم بتاريخ أحدهما أصلا فإذا فرضنا العلم بموت زيد في يوم الجمعة و شككنا في حياة ولده في ذلك الزمان فالأصل بقاء حياة ولده فيحكم له بإرث أبيه و ظاهر هذا القائل عدم
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 669
الحكم بذلك و كون حكمه حكم الجهل بتاريخ موت زيد أيضا في عدم التوارث بينهما.
و كيف كان فإن أراد هذا القائل ترتيب آثار تأخر ذلك الحادث كما هو المشهور فإنكاره في محله و إن أراد عدم جواز التمسك باستصحاب عدم ذلك الحادث و وجود ضده و ترتيب جميع آثاره الشرعية في زمان الشك فلا وجه لإنكاره إذ لا يعقل الفرق بين مستصحب علم بارتفاعه في زمان و ما لم يعلم.
و أما ما ذكره من عدم تفصيل الأصحاب في مسألة الجمعتين و أخواتها فقد عرفت ما فيه.
فالحاصل أن المعتبر في مورد الشك في تأخر حادث آخر استصحاب عدم الحادث في زمان حدوث الآخر فإن كان زمان حدوثه معلوما فيجري أحكام بقاء المستصحب في زمان الحادث المعلوم لا غيرها فإذا علم بتطهره في الساعة الأولى من النهار و شك في تحقق الحدث قبل تلك الساعة أو بعدها فالأصل عدم الحدث فيما قبل الساعة لكن لا يلزم من ذلك ارتفاع الطهارة المتحققة في الساعة الأولى كما تخيله بعض الفحول و إن كان مجهولا كان حكمه حكم أحد الحادثين المعلوم حدوث أحدهما إجمالا و سيجيء توضيحه.
و اعلم أنه قد يوجد شيء في زمان و يشك في مبدئه و يحكم بتقدمه لأن تأخره لازم لحدوث حادث آخر قبله و الأصل عدمه و قد يسمى ذلك بالاستصحاب القهقرى.
مثاله أنه إذا ثبت أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب في عرفنا و شك في كونها كذلك قبل ذلك حتى يحمل خطابات الشارع على ذلك فيقال مقتضى الأصل كون الصيغة حقيقة فيه في ذلك الزمان بل قبله إذ لو كان في ذلك الزمان حقيقة في غيره لزم النقل و تعدد الوضع و الأصل عدمه.
و هذا إنما يصح بناء على الأصل المثبت و قد استظهرنا سابقا أنه متفق عليه في الأصول اللفظية و مورده صورة الشك في وحدة المعنى و تعدده أما إذا علم التعدد و شك في مبدأ حدوث الوضع المعلوم في زماننا فمقتضى الأصل عدم ثبوته قبل الزمان المعلوم و لذا اتفقوا في مسألة الحقيقة الشرعية على أن الأصل فيها عدم الثبوت فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 670
الأمر الثامن
قد يستصحب صحة العبادة عند الشك في طرو مفسد كفقد ما يشك في اعتبار وجوده في العبادة أو وجود ما يشك في اعتبار عدمه و قد اشتهر التمسك بها بين الأصحاب كالشيخ و الحلي و المحقق و العلامة و غيرهم. و تحقيقه و توضيح مورد جريانه أنه لا شك و لا ريب في أن المراد بالصحة المستصحبة ليس صحة مجموع العمل لأن الفرض التمسك به عند الشك في الأثناء و أما صحة الأجزاء السابقة فالمراد بها إما موافقتها للأمر المتعلق بها و إما ترتيب الأثر عليها.
أما موافقتها للأمر المتعلق بها فالمفروض أنها متيقنة سواء فسد العمل أم لا لأن فساد العمل لا يوجب خروج الأجزاء المأتي بها على طبق الأمر المتعلق بها عن كونها كذلك ضرورة عدم انقلاب الشيء عما وجد عليه. و أما ترتيب الأثر فليس الثابت منه للجزء من حيث إنه جزء إلا كونه بحيث لو ضم إليه الأجزاء الباقية مع الشرائط المعتبرة لالتأم الكل في مقابل الجزء الفاسد و هو الذي لا يلزم من ضم باقي الأجزاء و الشرائط إليه وجود الكل. و من المعلوم أن هذا الأثر موجود في الجزء دائما سواء قطع بضم الأجزاء الباقية أم قطع بعدمه أم شك في ذلك فإذا شك في حصول الفساد من غير جهة تلك الأجزاء فالقطع ببقاء صحة تلك الأجزاء لا ينفع في تحقق الكل مع وصف هذا الشك فضلا عن استصحاب الصحة مع ما عرفت من أنه ليس الشك في بقاء صحة تلك الأجزاء بأي معنى اعتبر من معاني الصحة.
و من هنا رد هذا الاستصحاب جماعة من المعاصرين ممن يرى حجية الاستصحاب مطلقا.
لكن التحقيق التفصيل بين موارد التمسك بيانه أنه قد يكون الشك في الفساد من جهة
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 671
احتمال فقد أمر معتبر أو وجود أمر مانع و هذا الذي لا يعتنى فيه نفيه باستصحاب الصحة لما عرفت من أن فقد بعض ما يعتبر من الأمور اللاحقة لا يقدح في صحة الأجزاء السابقة و قد يكون من جهة عروض ما ينقطع معه الهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة.
فإنا استكشفنا من تعبير الشارع عن بعض ما يعتبر عدمه في الصلاة بالقواطع أن للصلاة هيئة اتصالية ينافيها توسط بعض الأشياء في خلال أجزائها الموجب لخروج الأجزاء اللاحقة عن قابلية الانضمام و الأجزاء السابقة عن قابلية الانضمام إليها فإذا شك في شيء من ذلك وجودا أو صفة جرى استصحاب صحة الأجزاء بمعنى بقائها على القابلية المذكورة فيتفرع على ذلك عدم وجوب استئنافها أو استصحاب الاتصال الملحوظ بين الأجزاء السابقة و ما يلحقها من الأجزاء الباقية فيتفرع عليه بقاء الأمر بالإتمام.
و هذا الكلام و إن كان قابلا للنقض و الإبرام إلا أن الأظهر بحسب المسامحة العرفية في كثير من الاستصحابات جريان الاستصحاب في المقام.
و ربما يتمسك في مطلق الشك في الفساد باستصحاب حرمة القطع و وجوب المضي.
و فيه أن الموضوع في هذا المستصحب هو الفعل الصحيح لا محالة و المفروض الشك في الصحة.
و ربما يتمسك في إثبات الصحة في محل الشك بقوله تعالى وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ و قد بينا عدم دلالة الآية على هذا المطلب في أصل البراءة عند الكلام في مسألة الشك في الشرطية و كذلك التمسك بما عداها من العمومات المقتضية للصحة
فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج2، ص: 672
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول