حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: جب تمہارے حکمران نیک لوگ ہوں گے، تمہارے مالدار سخی ہوں گےاور تمہارے معاملات باہمی مشاورت سے طے پائیں گے، تو تمہارے لیے زندگی موت سے بہتر ہوگی تحف العقول ص 36، بحارالانوار کتاب الروضۃ باب7

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك‏
و الموضع الأول و هو الشك في نفس التكليف‏
احتج للقول الأول بالأدلة الأربعة
و أما الإجماع فتقريره من وجهين‏
احتج للقول الثاني و هو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالأدلة الثلاثة
و ينبغي التنبيه على أمور
المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل
المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب و غير الحرمة من الأحكام‏
المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب و الحرمة
الموضع الثاني في الشك في المكلف به‏
و أما المقام الثاني و هو وجوب اجتناب الكل و عدمه‏
و ينبغي التنبيه على أمور
المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏
و ينبغي التنبيه على أمور
القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر
المسألة الثانية ما إذا كان الشك في الجزئية ناشئا من إجمال الدليل‏
و أما القسم الثاني و هو الشك في كون الشي‏ء قيدا للمأمور به‏
الأمر الثاني‏
خاتمة فيما يعتبر في العمل بالأصل‏
و أما البراءة
و أما الكلام في مقدار الفحص‏
قاعدة لا ضرر

رسائل حصہ دوم

المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏

المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏

و هو على قسمين لأن الواجب إما مردد بين أمرين متباينين كما إذا تردد الأمر بين وجوب الظهر و الجمعة في يوم الجمعة و بين القصر و الإتمام في بعض المسائل.

و إما مردد بين الأقل و الأكثر كما إذا ترددت الصلاة الواجبة بين ذات السورة و فاقدتها للشك في كون السورة جزء و ليس المثالان الأولان من الأقل و الأكثر كما لا يخفى.

و اعلم أنا لم نذكر في الشبهة التحريمية من الشك في المكلف به صور دوران الأمر بين الأقل و الأكثر لأن مرجع الدوران بينهما في تلك الشبهة إلى الشك في أصل التكليف لأن الأقل حينئذ معلوم الحرمة و الشك في حرمة الأكثر.

أما القسم الأول فيما إذا دار الأمر في الواجب بين أمرين متباينين.

فالكلام فيه يقع في أربعة مسائل على ما ذكرنا في أول الباب لأنه إما أن يشتبه الواجب بغير الحرام من جهة عدم النص المعتبر أو إجماله أو تعارض النصين أو من جهة اشتباه الموضوع.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 442

أما المسألة الأولى ما إذا اشتبه الواجب في الشريعة بغير الحرام من جهة عدم النص المعتبر فالكلام فيها إما في جواز المخالفة القطعية في غير ما علم بإجماع أو ضرورة حرمتها كما في المثالين السابقين فإن ترك الصلاتين فيهما رأسا مخالف للإجماع بل الضرورة و إما في وجوب الموافقة القطعية.

أما الأول فالظاهر حرمة المخالفة القطعية لأنها عند العقلاء معصية فإنهم لا يفرقون بين الخطاب المعلوم تفصيلا أو إجمالا في حرمة مخالفته و في عدها معصية و يظهر من المحقق الخوانساري دوران حرمة المخالفة مدار الإجماع و أن الحرمة في مثل الظهر و الجمعة من جهته و يظهر من الفاضل القمي رحمه الله الميل إليه و الأقوى ما عرفت. و أما الثاني ففيه قولان أقواهما الوجوب لوجود المقتضي و عدم المانع.

أما الأول فلأن وجوب الأمر المردد ثابت في الواقع و الأمر به على وجه يعم العالم و الجاهل صادر من الشارع واصل إلى من علم به تفصيلا إذ ليس موضوع الوجوب في الأوامر مختصا بالعالم بها و إلا لزم الدور كما ذكره العلامة رحمه الله في التحرير لأن العلم بالوجوب موقوف على الوجوب فكيف يتوقف الوجوب عليه.

و أما المانع فلأن المتصور منه ليس إلا الجهل التفصيلي بالواجب و هو غير مانع عقلا و لا نقلا.

أما العقل فلأن حكمه بالعذر إن كان من جهة عجز الجاهل عن الإتيان بالواقع حتى يرجع الجهل إلى فقد شرط من شروط وجود المأمور به ف لا استقلال للعقل بذلك كما يشهد به جواز التكليف بالمجمل في الجملة كما اعترف به غير واحد ممن قال بالبراءة فيما نحن فيه كما سيأتي و إن كان من جهة كونه غير قابل لتوجه التكليف إليه فهو أشد منعا و إلا لجاز إهمال المعلوم إجمالا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 443

رأسا بالمخالفة القطعية فلا وجه لالتزام حرمة المخالفة القطعية و يقبح عقاب الجاهل المقصر على ترك الواجبات الواقعية و فعل المحرمات كما هو المشهور.

و دعوى أن مرادهم تكليف الجاهل في حال الجهل برفع الجهل و الإتيان بالواقع نظير تكليف الجنب بالصلاة حال الجنابة لا التكليف بإتيانه مع وصف الجهل فلا تنافي بين كون الجهل مانعا و التكليف في حاله و إنما الكلام في تكليف الجاهل مع وصف الجهل لأن المفروض فيما نحن فيه عجزه عن تحصيل العلم مدفوعة برجوعها حينئذ إلى ما تقدم من دعوى كون عدم الجهل من شروط وجود المأمور به نظير الجنابة و قد تقدم بطلانها.

و أما النقل فليس فيه ما يدل على العذر لأن أدلة البراءة غير جارية في المقام لاستلزام إجرائها جواز المخالفة القطعية و الكلام بعد فرض حرمتها بل في بعض الأخبار ما يدل على وجوب الاحتياط.

(مثل صحيحة عبد الرحمن المتقدمة في جزاء الصيد: إذا أصبتم مثل هذا و لم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا) و غيرها.

فإن قلت إن تجويز الشارع لترك أحد المحتملين و الاكتفاء بالآخر يكشف عن عدم كون العلم الإجمالي علة تامة لوجوب الإطاعة حينئذ كما أن عدم تجويز الشارع للمخالفة مع العلم التفصيلي دليل على كون العلم التفصيلي علة تامة لوجوب الإطاعة و حينئذ فلا ملازمة بين العلم الإجمالي و وجوب الإطاعة فيحتاج إثبات الوجوب إلى دليل آخر غير العلم الإجمالي و حيث كان مفقودا فأصل البراءة يقتضي عدم وجوب الجميع و قبح العقاب على تركه لعدم البيان نعم لما كان ترك الكل معصية عند العقلاء حكم بتحريمها و لا تدل حرمة المخالفة القطعية على وجوب الموافقة القطعية.

قلت العلم الإجمالي كالتفصيلي علة تامة لتنجز التكليف بالمعلوم إلا أن المعلوم إجمالا يصلح لأن يجعل أحد محتمليه بدلا عنه في الظاهر فكل مورد حكم الشارع بكفاية أحد المحتملين للواقع إما تعيينا كحكمه بالأخذ بالاحتمال المطابق للحالة السابقة و إما تخييرا كما في موارد التخيير بين الاحتمالين فهو من باب الاكتفاء عن الواقع بذلك المحتمل لا الترخيص لترك الواقع بلا بدل في الجملة فإن الواقع إذا علم به و علم إرادة المولى بشي‏ء و صدور الخطاب عنه إلى العبد و إن لم يصل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 444

إليهم لم يكن بد عن موافقته إما حقيقة بالاحتياط و إما حكما بفعل ما جعله الشارع بدلا عنه و قد تقدم الإشارة إلى ذلك في الشبهة المحصورة و مما ذكرنا يظهر عدم جواز التمسك في المقام بأدلة البراءة مثل رواية الحجب و التوسعة و نحوهما لأن العمل بها في كل من الموردين بخصوصه يوجب طرحها بالنسبة إلى أحدهما المعين عند الله تعالى المعلوم وجوبه فإن وجوب واحدة من الظهر و الجمعة أو من القصر و الإتمام مما لم يحجب الله علمه عنا فليس موضوعا عنا و لسنا في سعة منه فلا بد إما من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام مما علم وجوب شي‏ء إجمالا و إما من الحكم بأن شمولها للواحد المعين المعلوم وجوبه و دلالتها بالمفهوم على عدم كونه موضوعا عن العباد و كونه محمولا عليهم و مأخوذين به و ملزمين عليه دليل علمي بضميمة حكم العقل بوجود المقدمة العلمية على وجوب الإتيان بكل من الخصوصيتين فالعلم بوجوب كل منهما لنفسه و إن كان محجوبا عنا إلا أن العلم بوجوبه من باب المقدمة ليس محجوبا عنا و لا منافاة بين عدم وجوب الشي‏ء ظاهرا لذاته و وجوبه ظاهرا من باب المقدمة كما لا تنافي بين عدم الوجوب النفسي واقعا و ثبوت الوجوب الغيري كذلك.

(و اعلم أن المحقق القمي رحمه الله بعد ما حكى عن المحقق الخوانساري الميل إلى وجوب الاحتياط في مثل الظهر و الجمعة و القصر و الإتمام قال إن دقيق النظر يقتضي خلافه فإن التكليف بالمجمل المحتمل لأفراد متعددة بإرادة فرد معين عند الشارع مجهول عند المخاطب مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة الذي اتفق أهل العدل على استحالته و كل ما يدعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه إذ غاية ما يسلم في القصر و الإتمام و الظهر و الجمعة و أمثالها أن الإجماع وقع على أن من ترك الأمرين بأن لا يفعل شيئا منهما يستحق العقاب لا أن من ترك أحدهما المعين عند الشارع المبهم عندنا بأن ترك فعلهما مجتمعين يستحق العقاب.

و نظير ذلك مطلق التكليف بالأحكام الشرعية سيما في أمثال زماننا على مذهب أهل الحق من التخطئة فإن التحقيق أن الذي ثبت علينا بالدليل هو تحصيل ما يمكننا تحصيله من الأدلة الظنية لا تحصيل الحكم النفس الأمري في كل واقعة و لذا لم نقل بوجوب الاحتياط و ترك العمل بالظن الاجتهادي من أول الأمر.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 445

نعم لو فرض حصول الإجماع أو ورود النص على وجوب شي‏ء معين عند الله تعالى مردد عندنا بين أمور من دون اشتراط بالعلم به المستلزم ذلك الفرض لإسقاط قصد التعيين في الطاعة لتم ذلك.

و لكن لا يحسن حينئذ قوله يعني المحقق الخوانساري فلا يبعد القول بوجوب الاحتياط حينئذ بل لا بد من القول باليقين و الجزم بالوجوب و لكن من أين هذا الفرض و أنى يمكن إثباته انتهى كلامه رفع مقامه).

و ما ذكره قدس الله سره قد وافق فيه بعض كلمات ذلك المحقق التي ذكرها في مسألة الاستنجاء بالأحجار. حيث قال بعد كلام له (و الحاصل إذا ورد نص أو إجماع على وجوب شي‏ء معين معلوم عندنا أو ثبوت حكم إلى غاية معينة معلومة عندنا فلا بد من الحكم بلزوم تحصيل اليقين أو الظن بوجود ذلك الشي‏ء المعلوم حتى يتحقق الامتثال إلى أن قال و كذا إذا ورد نص أو إجماع على وجوب شي‏ء معين في الواقع مردد في نظرنا بين أمور و علم أن ذلك التكليف غير مشروط بشي‏ء من العلم بذلك الشي‏ء مثلا أو على ثبوت حكم إلى غاية معينة في الواقع مرددة عندنا بين أشياء و علم أيضا عدم اشتراطه بالعلم وجب الحكم بوجوب تلك الأشياء المردد فيها في نظرنا و بقاء ذلك الحكم إلى حصول تلك الأشياء.

و لا يكفي الإتيان بواحد منها في سقوط التكليف و كذا حصول شي‏ء واحد من الأشياء في ارتفاع الحكم المعين إلى أن قال و أما إذا لم يكن كذلك بل ورد نص مثلا على أن الواجب الشي‏ء الفلاني و نص آخر على أن هذا الواجب شي‏ء آخر أو ذهب بعض الأمة إلى وجوب شي‏ء و بعض آخر إلى وجوب شي‏ء آخر دونه و ظهر بالنص و الإجماع في الصورتين أن ترك ذينك الشيئين معا سبب لاستحقاق العقاب فحينئذ لم يظهر وجوب الإتيان بهما حتى يتحقق الامتثال بل الظاهر الاكتفاء بواحد منهما سواء اشتركا في أمر أو تباينا بالكلية و كذا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 446

الكلام في ثبوت الحكم إلى غاية معينة انتهى كلامه رفع مقامه).

و أنت خبير بما في هذه الكلمات من النظر. أما ما ذكره الفاضل القمي رحمه الله من حديث التكليف المجمل و تأخير البيان عن وقت الحاجة فلا دخل له في المقام إذ لا إجمال في الخطاب أصلا و إنما طرأ الاشتباه في المكلف به من جهة تردد ذلك الخطاب المبين بين أمرين و إزالة هذا التردد العارض من جهة أسباب اختفاء الأحكام غير واجبة على الحكيم تعالى حتى يقبح تأخيره عن وقت الحاجة بل يجب عند هذا الاختفاء الرجوع إلى ما قرره الشارع كلية في الوقائع المختفية و إلا ف ما يقتضيه العقل من البراءة و الاحتياط و نحن ندعي أن العقل حاكم بعد العلم بالوجوب و الشك في الواجب و عدم الدليل من الشارع على الأخذ بأحد الاحتمالين المعين أو المخير و الاكتفاء به من الواقع بوجوب الاحتياط حذرا من ترك الواجب الواقعي و أين ذلك من مسألة التكليف بالمجمل و تأخير البيان عن وقت الحاجة مع أن التكليف بالمجمل و تأخير البيان عن وقت العمل لا دليل على قبحه إذا تمكن المكلف من الإطاعة و لو بالاحتياط.

و أما ما ذكره تبعا للمحقق المذكور من تسليم وجوب الاحتياط إذا قام الدليل على وجوب شي‏ء معين في الواقع غير مشروط بالعلم به.

ففيه أنه إذا كان التكليف بالشي‏ء قابلا لأن يقع مشروطا بالعلم و لأن يقع منجزا غير مشروط بالعلم بالشي‏ء كان ذلك اعترافا بعدم قبح التكليف بالشي‏ء المعين المجهول فلا يكون العلم شرطا عقليا و أما اشتراط التكليف به شرعا فهو غير معقول بالنسبة إلى الخطاب الواقعي فإن الخطاب الواقعي في يوم الجمعة سواء فرض قوله صل الظهر أم فرض قوله صل الجمعة لا يعقل أن يشترط بالعلم بهذا الحكم التفصيلي نعم بعد اختفاء هذا الخطاب المطلق يصح أن يرد خطاب مطلق كقوله اعمل بذلك الخطاب و لو كان عندك مجهولا و أنت بما فيه و لو كان غير معلوم كما يصح أن يرد خطاب مشروط و أنه لا يجب عليك ما اختفى عليك من التكليف في يوم الجمعة و أن وجوب امتثاله عليك مشروط بعلمك به تفصيلا و مرجع الأول إلى الأمر بالاحتياط و مرجع الثاني إلى البراءة عن الكل إن أفاد نفي وجوب الواقع رأسا المستلزم لجواز المخالفة القطعية و إلى نفي ما علم إجمالا بوجوبه و إن أفاد نفي‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 447

وجوب القطع بإتيانه و كفاية إتيان بعض ما يحتمله فمرجعه إلى جعل البدل للواقع و البراءة عن إتيان الواقع على ما هو عليه لكن دليل البراءة على الوجه الأول ينافي العلم الإجمالي المعتبر بنفس أدلة البراءة المغياة بالعلم و على الوجه الثاني غير موجود فيلزم من هذين الأمرين أعني وجوب مراعاة العلم الإجمالي و عدم وجود دليل على قيام أحد المحتملين مقام المعلوم إجمالا حكم العقل بوجوب الاحتياط إذ لا ثالث لذينك الأمرين فلا حاجة إلى أمر الشارع بالاحتياط و وجوب الإتيان بالواقع غير مشروط بالعلم التفصيلي به مضافا إلى ورود الأمر بالاحتياط في كثير من الموارد.

و أما ما ذكره من استلزام ذلك الفرض أعني تنجز التكليف بالأمر المردد من دون اشتراط بالعلم به لإسقاط قصد التعيين في الطاعة.

ففيه أن سقوط قصد التعيين إنما حصل بمجرد التردد و الإجمال في الواجب سواء قلنا فيه بالبراءة و الاحتياط و ليس لازما لتنجز التكليف بالواقع و عدم اشتراطه بالعلم.

فإن قلت إذا سقط قصد التعيين لعدم التمكن فبأيهما ينوي الوجوب و القربة.

قلت له في ذلك طريقان أحدهما أن ينوي بكل منهما الوجوب و القربة لكونه بحكم العقل مأمورا بالإتيان بكل منهما و ثانيهما أن ينوي بكل منهما حصول الواجب به أو بصاحبه تقربا إلى الله تعالى فيفعل كلا منهما لتحصيل الواجب الواقعي و تحصيله لوجوبه و التقرب به إلى الله تعالى فملخص ذلك أني أصلي الظهر لأجل تحقق الفريضة الواقعية به أو بالجمعة التي أفعل بعدها أو فعلت قبلها قربة إلى الله تعالى و ملخص ذلك أني أصلي الظهر احتياطا قربة إلى الله تعالى و هذا الوجه هو الذي ينبغي أن يقصد.

و لا يرد أن المعتبر في العبادة قصد التقرب و التعبد بها بالخصوص و لا ريب أن كلا من الصلاتين عبادة فلا معنى لكون الداعي في كل منهما التقرب المردد بين تحققه به أو بصاحبه لأن القصد المذكور إنما هو معتبر في العبادات الواقعية دون المقدمية.

و أما الوجه الأول فيرد عليه أن المقصود إحراز الوجه الواقعي و هو الوجوب الثابت في أحدهما المعين و لا يلزم من نية الوجوب المقدمي قصده و أيضا فالقربة غير حاصلة بنفس فعل أحدهما و لو بملاحظة وجوبه الظاهري لأن هذا الوجوب مقدمي و مرجعه إلى وجوب تحصيل العلم بفراغ الذمة و دفع احتمال ترتب ضرر العقاب بترك بعض منهما و هذا الوجوب إرشادي لا تقرب فيه أصلا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 448

نظير أوامر الإطاعة فإن امتثالها لا يوجب تقربا و إنما المقرب نفس الإطاعة و المقرب هنا أيضا نفس الإطاعة الواقعية المرددة بين الفعلين فافهم فإنه لا يخلو عن دقة.

و مما ذكرنا يندفع توهم أن الجمع بين المحتملين مستلزم لإتيان غير الواجب على جهة العبادة لأن قصد القربة المعتبر في الواجب الواقعي لازم المراعاة في كلا المحتملين ليقطع بإحرازه في الواجب الواقعي و من المعلوم أن الإتيان بكل من المحتملين بوصف أنها عبادة مقربة يوجب التشريع بالنسبة إلى ما عدا الواجب الواقعي فيكون محرما فالاحتياط غير ممكن في العبادات و إنما يمكن في غيرها من جهة أن الإتيان بالمحتملين لا يعتبر فيهما قصد التعيين و التقرب لعدم اعتباره في الواجب الواقعي المردد فيأتي بكل منهما لاحتمال وجوبه.

و وجه اندفاع هذا التوهم مضافا إلى أن غاية ما يلزم من ذلك عدم التمكن من تمام الاحتياط في العبادات حتى من حيث مراعاة قصد التقرب المعتبر في الواجب الواقعي من جهة استلزامه للتشريع المحرم فيدور الأمر بين الاقتصار على أحد المحتملين و بين الإتيان بهما مهملا لقصد التقرب في الكل فرارا عن التشريع و لا شك أن الثاني أولى لوجوب الموافقة القطعية بقدر الإمكان.

فإذا لم يمكن الموافقة بمراعاة جميع ما يعتبر في الواقعي في كل من المحتملين اكتفي بتحقق ذات الواجب في ضمنهما أن اعتبار قصد التقرب و التعبد في العبادة الواجبة واقعا لا يقتضي بقصده في كل منهما كيف و هو غير ممكن و إنما يقتضي بوجوب قصد التقرب و التعبد في الواجب المردد بينهما بأن يقصد في كل منهما أني أفعله ليتحقق به أو بصاحبه التعبد بإتيان الواجب الواقعي.

و هذا الكلام بعينه جار في قصد الوجه المعتبر في الواجب فإنه لا يعتبر قصد ذلك الوجه خاصة في خصوص كل منهما بأن يقصد أني أصلي الظهر لوجوبه ثم يقصد أني أصلي الجمعة لوجوبها بل يقصد أني أصلي الظهر لوجوب الأمر الواقعي المردد بينه و بين الجمعة التي أصليها بعد ذلك أو صليتها قبل ذلك.

و الحاصل أن نية الفعل هو قصده على الصفة التي هو عليها التي باعتبارها صار واجبا فلا بد من ملاحظة ذلك في كل من المحتملين فإذا لاحظنا ذلك فيه وجدنا الصفة التي هو عليها الموجبة للحكم بوجوبه هو احتمال تحقق الواجب المتعبد به و المتقرب به إلى الله تعالى في ضمنه فيقصد هذا المعنى و الزائد على هذا المعنى غير موجود فيه فلا معنى لقصد التقرب في كل منهما بخصوصه حتى يرد أن التقرب و التعبد بما لم يتعبد به الشارع تشريع محرم.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 449

نعم هذا الإيراد متوجه على ظاهر من اعتبر في كل من المحتملين قصد التقرب و التعبد به بالخصوص لكنه مبني أيضا على لزوم ذلك من الأمر الظاهري بإتيان كل منهما عبادة فيكون كل منهما واجبة في مرحلة الظاهر كما إذا شك في الوقت أنه صلى الظهر أم لا فإنه يجب عليه فعلها فينوي الوجوب و القربة و إن احتمل كونها في الواقع لغوا غير مشروع فلا يرد عليه إيراد التشريع إذ التشريع إنما يلزم لو قصد بكل منهما أنه الواجب واقعا المتعبد به في نفس الأمر.

و لكنك عرفت أن مقتضى النظر الدقيق خلاف هذا البناء و أن الأمر المقدمي خصوصا الموجود في المقدمة العلمية التي لا يكون الأمر بها إلا إرشاديا لا يوجب موافقة التقرب و لا يصير منشأ لصيرورة الشي‏ء من العبادات إذا لم يكن في نفسه منها و قد تقدم في مسألة التسامح في أدلة السنن ما يوضح حال الأمر بالاحتياط كما أنه قد استوفينا في بحث مقدمة الواجب حال الأمر المقدمي و عدم صيرورة المقدمة بسببه عبادة و ذكرنا ورود الإشكال من هذه الجهة على كون التيمم من العبادات على تقدير عدم القول برجحانه في نفسه كالوضوء فإنه لا منشأ حينئذ لكونه منها إلا الأمر المقدمي به من الشارع.

فإن قلت يمكن إثبات الوجوب الشرعي المصحح لنية الوجه و القربة في المحتملين لأن الأول منهما واجب بالإجماع و لو فرارا عن المخالفة القطعية و الثاني واجب بحكم الاستصحاب المثبت للوجوب الشرعي الظاهري فإن مقتضى الاستصحاب بقاء الاشتغال و عدم الإتيان بالواجب الواقعي و بقاء وجوبه. قلت أما المحتمل المأتي به أولا فليس واجبا في الشرع لخصوص كونه ظهرا أو جمعة و إنما وجب لاحتمال تحقق الواجب به الموجب للفرار عن المخالفة أو للقطع بالموافقة إذا أتى معه بالمحتمل الآخر و على أي تقدير فمرجعه إلى الأمر بإحراز الواقع و لو احتمالا.

و أما المحتمل الثاني فهو أيضا ليس إلا بحكم من باب المقدمة.

و ما ذكر من الاستصحاب فيه بعد منع جريان الاستصحاب في هذا المقام من جهة حكم العقل من أول الأمر بوجوب الجميع إذ بعد الإتيان بأحدهما يكون حكم العقل باقيا قطعا و إلا لم يكن حاكما بوجوب الجميع و هو خلاف الفرض أن مقتضى الاستصحاب وجوب البناء على بقاء الاشتغال حتى يحصل اليقين بارتفاعه أما وجوب تحصيل اليقين بارتفاعه فلا يدل عليه الاستصحاب و إنما يدل عليه العقل المستقل بوجوب القطع بتفريغ الذمة عند اشتغالها و هذا معنى الاحتياط فمرجع الأمر إليه.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 450

و أما استصحاب وجوب ما وجب سابقا في الواقع أو استصحاب عدم الإتيان بالواجب الواقعي فشي‏ء منهما لا يثبت وجوب المحتمل الثاني حتى يكون وجوبه شرعيا إلا على تقدير القول بالأصول المثبتة و هي منفية كما قرر في محله.

و من هنا ظهر الفرق بين ما نحن فيه و بين استصحاب عدم فعل الظهر و بقاء وجوبه على من شك في فعله فإن الاستصحاب بنفسه مقتض هناك لوجوب الإتيان بالظهر الواجب في الشرع على الوجه الموظف من قصد لوجوب و القربة و غيرهما.

ثم إن تتمة الكلام فيما يتعلق بفروع هذه المسألة تأتي في الشبهة الموضوعية إن شاء الله تعالى.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 451

المسألة الثانية ما إذا اشتبه الواجب في الشريعة بغيره من جهة إجمال النص‏ بأن يتعلق التكليف الوجوبي بأمر مجمل كقوله ائتني بعين و قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى‏ بناء على تردد الصلاة الوسطى بين صلاة الجمعة كما في بعض الروايات و غيرها كما في بعض آخر. و الظاهر أن الخلاف هنا بعينه الخلاف في المسألة الأولى و المختار فيها هو المختار هناك بل هنا أولى لأن الخطاب هنا تفصيلا متوجه إلى المكلفين فتأمل.

و خروج الجاهل لا دليل عليه لعدم قبح تكليف الجاهل بالمراد من المأمور به إذا كان قادرا على استعلامه من دليل منفصل فمجرد الجهل لا يقبح توجه الخطاب.

و دعوى قبح توجهه إلى العاجز عن استعلامه تفصيلا القادر على الاحتياط فيه بإتيان المحتملات أيضا ممنوعة لعدم القبح فيه أصلا.

و ما تقدم من البعض من منع التكليف بالمجمل لاتفاق العدلية على استحالة تأخير البيان قد عرفت منع قبحه أولا و كون الكلام فيما عرض له الإجمال ثانيا.

ثم إن المخالف في المسألة ممن عثرنا عليه هو الفاضل القمي رحمه الله (و المحقق الخوانساري في ظاهر بعض كلماته لكنه قدس سره وافق المختار في ظاهر بعضها الآخر قال في مسألة التوضؤ بالماء المشتبه بالنجس بعد كلام له في منع التكليف في العبادات إلا بما ثبت من أجزائها و شرائطها ما لفظه نعم لو حصل يقين المكلف بأمر و لم يظهر معنى ذلك الأمر بل يكون مرددا بين أمور فلا يبعد القول بوجوب تلك الأمور جميعا حتى يحصل اليقين بالبراءة انتهى).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 452

و لكن التأمل في كلامه يعطي عدم ظهور كلامه في الموافقة لأن الخطاب المجمل الواصل إلينا لا يكون مجملا للمخاطبين فتكليف المخاطبين بما هو مبين و أما نحن معاشر الغائبين فلم يثبت اليقين بل و لا الظن بتكليفنا بذلك الخطاب فمن كلف به لا إجمال فيه عنده و من عرض له الإجمال لا دليل على تكليفه بالواقع المردد لأن اشتراك غير المخاطبين معهم فيما لم يتمكنوا من العلم به عين الدعوى.

فالتحقيق أن هنا مسألتين إحداهما إذا خوطب شخص بمجمل هل يجب عليه الاحتياط أو لا.

الثانية أنه إذا علم تكليف الحاضرين بأمر معلوم لهم تفصيلا و فهموه من خطاب هو مجمل بالنسبة إلينا معاشر الغائبين فهل يجب علينا تحصيل القطع بالاحتياط بإتيان ذلك الأمر أم لا و المحقق حكم بوجوب الاحتياط في الأول دون الثاني.

فظهر من ذلك أن مسألة إجمال النص إنما يغاير المسألة السابقة أعني عدم النص فيما فرض خطاب مجمل متوجه إلى المكلف إما لكونه حاضرا عند صدور الخطاب و إما للقول باشتراك الغائبين مع الحاضرين في الخطاب أما إذا كان الخطاب للحاضرين و عرض له الإجمال بالنسبة إلى الغائبين فالمسألة من قبيل عدم النص لا إجمال النص إلا أنك عرفت أن المختار فيهما وجوب الاحتياط

المسألة الثالثة ما إذا اشتبه الواجب بغيره لتكافؤ النصين‏

كما في بعض مسائل القصر و الإتمام فالمشهور فيه التخيير لأخبار التخيير السليمة عن المعارض حتى ما دل على الأخذ بما فيه الاحتياط لأن المفروض عدم موافقة شي‏ء منهما للاحتياط إلا أن يستظهر من تلك الأدلة مطلوبية الاحتياط عند تصادم الأدلة لكن قد عرفت فيما تقدم أن أخبار الاحتياط لا تقاوم سندا و لا دلالة لأخبار التخيير.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 453

المسألة الرابعة ما إذا اشتبه الواجب بغير الحرام من جهة اشتباه الموضوع‏ كما في صورة اشتباه الفائتة أو القبلة أو الماء المطلق و الأقوى هنا أيضا وجوب الاحتياط كما في الشبهة المحصورة لعين ما مر فيها من تعلق الخطاب بالفائتة واقعا مثلا و إن لم يعلم تفصيلا.

و مقتضاه ترتب العقاب على تركها و لو مع الجهل و قضية حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل وجوب المقدمة العلمية و الاحتياط بفعل جميع المحتملات.

و قد خالف في ذلك الفاضل القمي رحمه الله فمنع وجوب الزائد على واحدة من المحتملات مستندا في ظاهر كلامه إلى ما زعمه جامعا لجميع صور الشك في المكلف به من قبح التكليف بالمجمل و تأخير البيان عن وقت الحاجة.

و أنت خبير بأن الاشتباه في الموضوع ليس من التكليف بالمجمل في شي‏ء لأن المكلف به مفهوم معين طرأ الاشتباه في مصداقه لبعض العوارض الخارجية كالنسيان و نحوه و الخطاب الصادر لقضاء الفائتة عام في المعلومة تفصيلا و المجهولة و لا مخصص له بالمعلومة لا من العقل و لا من النقل فيجب قضاؤها و يعاقب على تركها مع الجهل كما يعاقب مع العلم.

و يؤيد ما ذكرنا ما ورد من وجوب قضاء ثلاث صلوات على من فاتته فريضة معللا ذلك ببراءة الذمة على كل تقدير فإن ظاهر التعليل يفيد عموم مراعاة ذلك في كل مقام اشتبه عليه الواجب و لذا تعدى المشهور عن مورد النص و هو تردد الفائتة بين رباعية و ثلاثية و ثنائية إلى الفريضة الفائتة من المسافر المرددة بين ثنائية و ثلاثية فاكتفوا فيها بصلاتين.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 454