حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: زیادہ کے حاصل کرنے کے لیے اپنی جان کو خطرے میں نہ ڈالو، سب کچھ خدا ہی سے مانگو، کیونکہ جو تمہاری قسمت میں ہے (وہ) تمہیں مل کر رہے گا۔ بحارالانوارکتاب الروضۃ باب8 حدیث1

المقصد الأول في القطع‏
و ينبغي التنبيه على أمور
الثاني [هل القطع الحاصل من المقدمات العقلية حجة]
الثالث قد اشتهر في السنة المعاصرين أن قطع القطاع لا اعتبار به‏
المقام الثاني و هو كفاية العلم الإجمالي في الامتثال‏
أما المقام الأول و هو كفاية العلم الإجمالي في تنجز التكليف و اعتباره كالتفصيلي‏
المقصد الثاني في الظن‏
المقام الثاني في وقوع التعبد بالظن في الأحكام الشرعية
الظنون المعتبرة
و ينبغي التنبيه على أمور
و أما القسم الثاني و هو الظن الذي يعمل لتشخيص الظواهر
و من جملة الظنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد
و من جملة الظنون التي توهم حجيتها بالخصوص الشهرة في الفتوى‏
و من جملة الظنون ا...خبر الواحد في الجملة
أما حجة المانعين فالأدلة الثلاثة
و أما المجوزون فقد استدلوا على حجيته بالأدلة الأربعة
و أما السنة ف طوائف من الأخبار
و أما الإجماع فتقريره من وجوه‏
الرابع دليل العقل‏
الثاني حجية مطلق الظن‏
المقدمة الثالثة
المقدمة الرابعة
و ينبغي التنبيه على أمور
الأمر الثاني نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة أو كلية
المقام الثاني في أنه على أحد التقريرين السابقين
ثم إن الإشكال هنا في مقامين‏
الأمر الثالث لا فرق بين الظن من أمارة على حكم و أمارة متعلقة بألفاظ الدليل‏
الأمر الرابع الثابت بالمقدمات هو الاكتفاء بالظن في الخروج عن عهدة الأحكام‏
الأمر الخامس في اعتبار الظن في أصول الدين‏
الأمر السادس إذا بنينا على عدم حجية ظن فهل يترتب عليه آثار أخر غيرها

رسائل حصہ اول

الأمر الخامس في اعتبار الظن في أصول الدين‏

و الأقوال المستفادة من تتبع كلمات العلماء في هذه المسألة من حيث وجوب مطلق المعرفة أو الحاصلة من خصوص النظر و كفاية الظن مطلقا أو في الجملة ستة.

الأول اعتبار العلم فيها من النظر و الاستدلال و هو المعروف عن الأكثر و ادعى عليه العلامة في الباب الحادي عشر من مختصر المصباح إجماع العلماء كافة و ربما يحكى دعوى الإجماع من العضدي لكن الموجود منه في مسألة عدم جواز التقليد في العقليات من أصول الدين دعوى إجماع الأمة على وجوب معرفة الله.

الثاني اعتبار العلم و لو من التقليد و هو المصرح به في كلام بعض و المحكي عن آخرين.

الثالث كفاية الظن مطلقا و هو المحكي عن جماعة منهم المحقق الطوسي في بعض الرسائل المنسوبة إليه و حكي نسبته إليه في فصوله و لم أجده فيه و عن المحقق الأردبيلي و تلميذه صاحب المدارك و ظاهر شيخنا البهائي و العلامة المجلسي و المحدث الكاشاني و غيرهم قدس الله أسرارهم.

الرابع كفاية الظن المستفاد من النظر و الاستدلال دون التقليد حكي عن شيخنا البهائي رحمه الله في بعض تعليقاته على شرح المختصر أنه نسبه إلى بعض.

الخامس كفاية الظن المستفاد من أخبار الآحاد و هو الظاهر مما حكاه العلامة قدس سره في النهاية عن الأخباريين من أنهم لم يعولوا في أصول الدين و فروعه إلا على أخبار الآحاد و حكاه الشيخ في عدته في مسألة حجية أخبار الآحاد عن بعض غفلة أصحاب الحديث و الظاهر أن مراده حملة الأحاديث الجامدون على ظواهرها المعرضون عما عداها من البراهين العقلية المعارضة لتلك الظواهر.

السادس كفاية الجزم بل الظن من التقليد مع كون النظر واجبا مستقلا لكنه معفو عنه كما

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 273

يظهر من عدة الشيخ قدس سره في مسألة حجية أخبار الآحاد و في أواخر العدة.

ثم إن محل الكلام في كلمات هؤلاء الأعلام غير منقح فالأولى ذكر الجهات التي يمكن أن نتكلم فيها و تعقيب كل واحدة منها بما يقتضيه النظر من حكمها فنقول مستعينا بالله إن مسائل أصول الدين و هي التي لا يطلب فيها أولا و بالذات إلا الاعتقاد باطنا و التدين ظاهرا و إن ترتب على وجوب ذلك بعض الآثار العملية على قسمين.

أحدهما ما يجب على المكلف الاعتقاد و التدين به غير مشروط بحصول العلم كالمعارف فيكون تحصيل العلم من مقدمات الواجب المطلق فيجب.

الثاني ما يجب الاعتقاد و التدين به إذا اتفق حصول العلم به كبعض تفاصيل المعارف.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 274

القسم الثاني الذي يجب الاعتقاد به إذا حصل العلم به‏

أما الثاني فحيث كان المفروض عدم وجوب تحصيل المعرفة العلمية كان الأقوى القول بعدم وجوب العمل فيه بالظن لو فرض حصوله و وجوب التوقف فيه للأخبار الكثيرة الناهية عن القول بغير علم و الآمرة بالتوقف و أنه (: إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به) (: و إذا جاءكم ما لا تعلمون فها و أهوى بيده إلى فيه) و لا فرق في ذلك بين أن يكون الأمارة الواردة في تلك المسألة خبرا صحيحا أو غيره (قال شيخنا الشهيد الثاني في المقاصد العلية بعد ذكر أن المعرفة بتفاصيل البرزخ و المعاد غير لازم و أما ما ورد عنه صلى اللَّه عليه و آله في ذلك من طريق الآحاد فلا يجب التصديق به مطلقا و إن كان طريقه صحيحا لأن الخبر الواحد ظني و قد اختلف في جواز العمل به في الأحكام الشرعية الظنية فكيف بالأحكام الاعتقادية العلمية انتهى). و ظاهر الشيخ في العدة أن عدم جواز التعويل في أصول الدين على أخبار الآحاد اتفاقي إلا عن بعض غفلة أصحاب الحديث. و ظاهر المحكي في السرائر عن السيد المرتضى عدم الخلاف فيه أصلا و هو مقتضى كلام كل من قال بعدم اعتبار أخبار الآحاد في أصول الفقه.

لكن يمكن أن يقال إنه إذا حصل الظن من الخبر فإن أرادوا بعدم وجوب التصديق بمقتضى الخبر عدم تصديقه علما أو ظنا فعدم حصول الأول كحصول الثاني قهري لا يتصف بالوجوب و عدمه.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 275

و إن أرادوا التدين به الذي ذكرنا وجوبه في الاعتقاديات و عدم الاكتفاء فيها بمجرد الاعتقاد كما يظهر عن بعض الأخبار الدالة على أن فرض اللسان القول و التعبير عما عقد عليه القلب و أقر به مستشهدا على ذلك بقوله تعالى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا إلخ فلا مانع من وجوبه في مورد خبر الواحد بناء على أن هذا نوع عمل بالخبر فإن ما دل على وجوب تصديق العادل لا يأبى الشمول لمثل ذلك.

نعم لو كان العمل بالخبر لا لأجل الدليل الخاص على وجوب العمل به بل من جهة الحاجة إليه لثبوت التكليف و انسداد باب العلم لم يكن وجه للعمل به في مورد لم يثبت التكليف فيه بالواقع كما هو المفروض أو يقال إن عمدة أدلة حجية الأخبار الآحاد و هي الإجماع العملي لا تساعد على ذلك.

و مما ذكرنا يظهر الكلام في العمل بظاهر الكتاب و الخبر المتواتر في أصول الدين فإنه قد لا يأبى دليل حجية الظواهر عن وجوب التدين بما تدل عليه من المسائل الأصولية التي لم يثبت التكليف بمعرفتها لكن ظاهر كلمات كثير عدم العمل بها في ذلك.

و لعل الوجه في ذلك أن وجوب التدين المذكور إنما هو من آثار العلم بالمسألة الأصولية لا من آثار نفسها و اعتبار الظن مطلقا أو الظن الخاص سواء كان من الظواهر أو غيرها معناه ترتيب الآثار المتفرعة على نفس الأمر المظنون لا على العلم به.

و أما ما يتراءى من التمسك بها أحيانا لبعض العقائد فلاعتضاد مدلولها بتعدد الظواهر و غيرها من القرائن و إفادة كل منها الظن فيحصل من المجموع القطع بالمسألة و ليس استنادهم في تلك المسألة إلى مجرد أصالة الحقيقة التي قد لا تفيد الظن بإرادة م فضلا عن العلم.

ثم إن الفرق بين القسمين المذكورين و تمييز ما يجب تحصيل العلم به عما لا يجب في غاية الإشكال.

(و قد ذكر العلامة في الباب الحادي عشر فيما يجب معرفته على كل مكلف من تفاصيل التوحيد و النبوة و الإمامة و المعاد أمورا لا دليل على وجوبها كذلك مدعيا أن الجاهل بها عن نظر و استدلال خارج عن ربقة الإيمان مستحق للعذاب الدائم و هو في غاية الإشكال).

نعم يمكن أن يقال إن مقتضى عموم وجوب المعرفة مثل قوله تعالى وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَ‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 276

وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي ليعرفون (و قوله صلى اللَّه عليه و آله: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس) بناء على أن الأفضلية من الواجب خصوصا مثل الصلاة تستلزم الوجوب و كذا عمومات وجوب التفقه في الدين الشامل للمعارف بقرينة استشهاد الإمام عليه السلام بها لوجوب النفر لمعرفة الإمام بعد موت الإمام السابق عليه السلام و عمومات طلب العلم هو وجوب معرفة الله جل ذكره و معرفة النبي صلى اللَّه عليه و آله و الإمام عليه السلام و معرفة ما جاء به النبي صلى اللَّه عليه و آله على كل قادر يتمكن من تحصيل العلم فيجب الفحص حتى يحصل اليأس فإن حصل العلم بشي‏ء من هذه التفاصيل اعتقد و تدين و إلا توقف و لم يتدين بالظن لو حصل له.

و من هنا قد يقال إن الاشتغال بالعلم المتكفل لمعرفة الله و معرفة أوليائه صلى اللَّه عليه و آله أهم من الاشتغال بعلم المسائل العملية بل هو المتعين لأن العمل يصح عن تقليد فلا يكون الاشتغال بعلمه إلا كفائيا بخلاف المعرفة هذا. و لكن الإنصاف ممن جانب الاعتساف يقتضي الإذعان بعدم التمكن من ذلك إلا للأوحدي من الناس لأن المعرفة المذكورة لا تحصل إلا بعد تحصيل قوة الاستنباط المطالب من الأخبار و قوة نظرية أخرى لئلا يأخذ بالأخبار المخالفة للبراهين العقلية و مثل هذا الشخص مجتهد في الفروع قطعا فيحرم عليه التقليد.

و دعوى جوازه له للضرورة ليس بأولى من دعوى جواز ترك الاشتغال بالمعرفة التي لا تحصل غالبا بالأعمال المبتنية على التقليد هذا إذا لم يتعين عليه الإفتاء و المرافعة لأجل قلة المجتهدين و أما في مثل زماننا فالأمر واضح.

فلا تغتر حينئذ بمن قصر استعداده أو همته عن تحصيل مقدمات استنباط المطالب الاعتقادية الأصولية و العملية عن الأدلة العقلية و النقلية فيتركها مبغضا لها لأن الناس أعداء ما جهلوا و يشتغل بمعرفة صفات الرب جل ذكره و أوصاف حججه صلوات الله عليهم أجمعين بنظر في الأخبار لا يعرف به من ألفاظها الفاعل من المفعول فضلا عن معرفة الخاص من العام و بنظر في المطالب العقلية لا يعرف به البديهيات منها و يشتغل في خلال ذلك بالتشنيع على حملة الشريعة العملية و استهزائهم بقصور الفهم و سوء النية فسيأتيهم أنباء ما كانوا يستهزءون هذا كله حال وجوب المعرفة مستقلا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 277

و أما اعتبار ذلك في الإسلام أو الإيمان فلا دليل عليه بل يدل على خلافه الأخبار الكثيرة المفسرة لمعنى الإسلام و الإيمان. (ففي رواية محمد بن سالم عن أبي جعفر عليه السلام المروية في الكافي: إن الله عزّ و جل بعث محمدا صلى الله عليه و آله و هو بمكة عشر سنين و لم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله إلا أدخله الله الجنة بإقراره).

و هو إيمان التصديق فإن الظاهر أن حقيقة الإيمان التي يخرج الإنسان بها عن حد الكفر الموجب للخلود في النار لم تتغير بعد انتشار الشريعة.

نعم ظهر في الشريعة أمور صارت ضرورية الثبوت من النبي صلى اللَّه عليه و آله فيعتبر في الإسلام عدم إنكارها لكن هذا لا يوجب التغيير فإن المقصود أنه لم يعتبر في الإيمان أزيد من التوحيد و التصديق بالنبي صلى اللَّه عليه و آله و بكونه رسولا صادقا فيما يبلغ.

و ليس المراد معرفة تفاصيل ذلك و إلا لم يكن من آمن بمكة من أهل الجنة أو كان حقيقة الإيمان بعد انتشار الشريعة غيرها في صدر الإسلام.

(و في رواية سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أن يعرفه الله تبارك و تعالى إياه فيقر له بالطاعة و يعرفه نبيه فيقر له بالطاعة و يعرفه إمامه و حجته في أرضه و شاهده على خلقه فيقر له بالطاعة فقلت له يا أمير المؤمنين و إن جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت قال نعم) و هي صريحة في المدعى.

(و في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترضه الله تعالى على العباد ما لا يسعهم جهله و لا يقبل منهم غيره ما هو فقال أعده علي فأعاد عليه فقال شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و حج البيت من استطاع إليه سبيلا و صوم شهر رمضان ثم سكت قليلا ثم قال و الولاية و الولاية مرتين ثم قال هذا الذي فرض الله عزّ و جل على العباد لا يسأل الرب العباد يوم القيامة فيقول أ لا زدتني على ما افترضت عليك و لكن من زاد زاده الله إن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله سن سنة حسنة ينبغي للناس الأخذ بها) و نحوها (رواية عيسى بن السري: قلت لأبي عبد الله عليه السلام حدثني عما بنيت عليه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 278

دعائم الإسلام التي إذا أخذت بها زكى عملي و لم يضرني جهل ما جهلت بعده فقال شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و الإقرار بما جاء من عند الله و حق في الأموال الزكاة و الولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد صلى اللَّه عليه و آله فإن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قال من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية و قال الله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فكان علي ثم صار من بعده الحسن ثم من بعده الحسين ثم من بعده من علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي ثم هكذا يكون الأمر إن الأرض لا تصلح إلا بإمام الحديث) (و في رواية أبي اليسع قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أخبرني عن دعائم الإسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شي‏ء منها التي من قصر عن معرفة شي‏ء منها فسد عليه دينه و لم يقبل منه عمله و من عرفها و عمل بها صلح دينه و قبل عمله و لم يضق به مما هو فيه لجهل شي‏ء من الأمور جهله فقال شهادة أن لا إله إلا الله و الإيمان بأن محمدا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و الإقرار بما جاء به من عند الله و حق في الأموال الزكاة و الولاية التي أمر الله عزّ و جل بها ولاية آل محمد صلى اللَّه عليه و آله (و في رواية إسماعيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الدين الذي لا يسع العباد جهله فقال الدين واسع و إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهلهم فقلت جعلت فداك أ ما أحدثك بديني الذي أنا عليه فقال بلى قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و الإقرار بما جاء به من عند الله و أتولاكم و أبرأ من عدوكم و من ركب رقابكم و تأمر عليكم و ظلمكم حقكم فقال ما جهلت شيئا فقال هو الله الذي نحن عليه فقلت فهل يسلم أحد لا يعرف هذا الأمر قال لا إلا المستضعفين قلت من هم نساؤكم و أولادكم قال أ رأيت أم أيمن فإني أشهد أنها من أهل الجنة و ما كانت تعرف ما أنتم عليه).

فإن في قوله ما جهلت شيئا دلالة واضحة على عدم اعتبار الزائد في أصل الدين.

و المستفاد من الأخبار المصرحة بعدم اعتبار معرفة أزيد مما ذكر فيها في الدين و هو الظاهر أيضا من جماعة من علمائنا الأخيار كالشهيدين في الألفية و شرحها و المحقق الثاني في الجعفرية و شارحها و غيرهم هو أنه يكفي في معرفة الرب التصديق بكونه موجودا و واجب الوجود لذاته و التصديق بصفاته الثبوتية الراجعة إلى صفتي العلم و القدرة و نفي الصفات الراجعة إلى الحاجة

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 279

و الحدوث و أنه لا يصدر منه القبيح فعلا أو تركا.

و المراد بمعرفة هذه الأمور ركوزها في اعتقاد المكلف بحيث إذا سألته عن شي‏ء مما ذكر أجاب بما هو الحق فيه و إن لم يعرف التعبير عنه بالعبارات المتعارفة على السنة الخواص.

و يكفي في معرفة النبي صلى اللَّه عليه و آله معرفة شخصه بالنسب المعروف المختص به و التصديق بنبوته و صدقه فلا يعتبر في ذلك الاعتقاد بعصمته أعني كونه معصوما بالملكة من أول عمره إلى آخره (قال في المقاصد العلية و يمكن اعتبار ذلك لأن الغرض المقصود من الرسالة لا يتم إلا به فينتفي الفائدة التي باعتبارها وجب إرسال الرسل و هو ظاهر بعض كتب العقائد المصدرة بأن من جهل ما ذكروه فيها فليس مؤمنا مع ذكرهم ذلك و الأول غير بعيد عن الصواب انتهى). أقول و الظاهر أن مراده ببعض كتب العقائد هو الباب الحادي عشر للعلامة قدس سره حيث ذكر تلك العبارة بل ظاهره دعوى إجماع العلماء عليه.

نعم يمكن أن يقال إن معرفة ما عدا النبوة واجبة بالاستقلال على من هو متمكن منه بحسب الاستعداد و عدم الموانع لما ذكرنا من عمومات وجوب التفقه و كون المعرفة أفضل من الصلوات الواجبة و أن الجهل بمراتب سفراء الله جل ذكره مع تيسر العلم بها تقصير في حقهم و تفريط في حبهم و نقص يجب بحكم العقل رفعه بل من أعظم النقائص.

(و قد أومأ النبي صلى اللَّه عليه و آله إلى ذلك حيث قال مشيرا إلى بعض العلوم الخارجة من العلوم الشرعية: إن ذلك علم لا يضر جهله ثم قال إنما العلوم ثلاثة آية محكمة و فريضة عادلة و سنة قائمة و ما سواهن فهو فضل) (و قد أشار إلى ذلك رئيس المحدثين في ديباجة الكافي حيث قسم الناس إلى أهله الصحة و السلامة و أهل المرض و الزمانة و ذكر وضع التكليف عن الفرقة الأخيرة).

و يكفي في معرفة الأئمة صلوات الله عليهم معرفتهم بنسبهم المعروف و التصديق بأنهم أئمة يهدون بالحق و يجب الانقياد إليهم و الأخذ منهم و في وجوب الزائد على ما ذكر من عصمتهم الوجهان.

و قد ورد في بعض الأخبار تفسير معرفة حق الإمام بمعرفة كونه إماما مفترض الطاعة.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 280

و يكفي في التصديق بما جاء به النبي صلى اللَّه عليه و آله التصديق بما علم مجيئه به متواترا من أحوال المبدإ و المعاد كالتكليف بالعبادات و السؤال في القبر و عذابه و المعاد الجسماني و الحساب و الصراط و الميزان و الجنة و النار إجمالا مع تأمل في اعتبار معرفة ما عدا المعاد الجسماني من تلك الأمور في الإيمان المقابل للكفر الموجب للخلود في النار للأخبار المتقدمة المستفيضة و السيرة المستمرة فإنا نعلم بالوجدان جهل كثير من الناس بها من أول البعثة إلى يومنا هذا. و يمكن أن يقال إن المعتبر هو عدم إنكار هذه الأمور و غيرها من الضروريات لا وجوب الاعتقاد بها على ما يظهر من بعض الأخبار من أن الشاك إذا لم يكن جاحدا فليس بكافر.

(ففي رواية زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام: لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا و لم يجحدوا لم يكفروا) و نحوها غيرها. (و يؤيدها ما عن كتاب الغيبة للشيخ قدس سره بإسناده (عن الصادق عليه السلام: إن جماعة يقال لهم الحقية و هم الذين يقسمون بحق علي و لا يعرفون حقه و فضله و هم يدخلون الجنة)).

و بالجملة فالقول بأنه يكفي في الإيمان الاعتقاد بوجود الواجب الجامع للكمالات المنزه عن النقائص و بنبوة محمد صلى اللَّه عليه و آله و بإمامة الأئمة عليهم السلام و البراءة من أعدائهم و الاعتقاد بالمعاد الجسماني الذي لا ينفك غالبا عن الاعتقادات السابقة غير بعيد بالنظر إلى الأخبار و السيرة المستمرة و أما التدين بسائر الضروريات ففي اشتراطه أو كفاية عدم إنكارها أو عدم اشتراطه أيضا فلا يضر إنكارها إلا مع العلم بكونها من الدين وجوه أقواها الأخير ثم الأوسط. و ما استقربناه في ما يعتبر في الإيمان وجدته بعد ذلك في كلام محكي عن المحقق الورع الأردبيلي في شرح الإرشاد. ثم إن الكلام إلى هنا في تمييز القسم الثاني و هو ما لا يجب الاعتقاد به إلا بعد حصول العلم به عن القسم الأول و هو ما يجب الاعتقاد به مطلقا فيجب تحصيل مقدمته أعني الأسباب المحصلة للاعتقاد و قد عرفت أن الأقوى عدم جواز العمل بغير العلم في القسم الثاني‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 281

القسم الأول الذي يجب فيه النظر لتحصيل الاعتقاد

و أما القسم الأول الذي يجب فيه النظر لتحصيل الاعتقاد فالكلام فيه يقع تارة بالنسبة إلى القادر على تحصيل العلم و أخرى بالنسبة إلى العاجز فهنا مقامان.

المقام الأول في القادر

و الكلام في جواز عمله بالظن يقع في موضعين الأول في حكمه التكليفي و الثاني في حكمه الوضعي من حيث الإيمان و عدمه فنقول أما حكمه التكليفي فلا ينبغي التأمل في عدم جواز اقتصاره على العمل بالظن فمن ظن بنبوة نبينا محمد صلى اللَّه عليه و آله أو بإمامة أحد من الأئمة صلوات الله عليهم فلا يجوز له الاقتصار فيجب عليه مع التفطن لهذه المسألة زيادة النظر و يجب على العلماء أمره بزيادة النظر ليحصل له العلم إن لم يخافوا عليه الوقوع في خلاف الحق لأنه حينئذ يدخل في قسم العاجز عن تحصيل العلم بالحق فإن بقاءه على الظن بالحق أولى من رجوعه إلى الشك أو الظن بالباطل فضلا عن العلم به.

و الدليل على ما ذكرنا جميع الآيات و الأخبار الدالة على وجوب الإيمان و التفقه و العلم و المعرفة و التصديق و الإقرار و الشهادة و التدين و عدم الرخصة في الجهل و الشك و متابعة الظن و هي أكثر من أن تحصى.

و أما الموضع الثاني فالأقوى فيه بل المتعين الحكم بعدم الإيمان للأخبار المفسرة للإيمان‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 282

بالإقرار و الشهادة و التدين و المعرفة و غير ذلك من العبائر الظاهرة في العلم و هل هو كافر مع ظنه بالحق فيه وجهان من إطلاق ما دل على أن الشاك و غير المؤمن كافر و ظاهر ما دل من الكتاب و السنة على حصر المكلف في المؤمن و الكافر و من تقييد كفر الشاك في غير واحد من الأخبار بالجحود فلا يشمل ما نحن فيه و دلالة الأخبار المستفيضة على ثبوت الواسطة بين الكفر و الإيمان و قد أطلق عليه في الأخبار الضلال لكن أكثر الأخبار الدالة على الواسطة مختصة بالإيمان بالمعنى الأخص فيدل على أن من المسلمين من ليس بمؤمن و لا بكافر لا على ثبوت الواسطة بين الإسلام و الكفر نعم بعضها قد يظهر منه ذلك و حينئذ فالشاك في شي‏ء مما يعتبر في الإيمان بالمعنى الأخص ليس بمؤمن و لا كافر فلا يجري عليه أحكام الإيمان.

و أما الشاك في شي‏ء مما يعتبر في الإسلام بالمعنى الأعم كالنبوة و المعاد فإن اكتفينا في الإسلام بظاهر الشهادتين و عدم الإنكار ظاهرا و إن لم يعتقد باطنا فهو مسلم و إن اعتبرنا في الإسلام الشهادتين مع احتمال الاعتقاد على طبقهما حتى يكون الشهادتان أمارة على الاعتقاد الباطني فلا إشكال في عدم إسلام الشاك لو علم منه الشك فلا يجري عليه أحكام المسلمين من جواز المناكحة و التوارث و غيرهما و هل يحكم بكفره و نجاسته حينئذ فيه إشكال من تقييد كفر الشاك في غير واحد من الأخبار بالجحود هذا كله في الظان بالحق و أما الظان بالباطل فالظاهر كفره.

بقي الكلام في أنه إذا لم يكتف بالظن و حصل الجزم من تقليد فهل يكفي ذلك أو لا بد من النظر و الاستدلال ظاهر الأكثر الثاني بل (ادعى عليه العلامة قدس سره في الباب الحادي عشر الإجماع حيث قال أجمع العلماء على وجوب معرفة الله و صفاته الثبوتية و ما يصح عليه و ما يمتنع عنه و النبوة و الإمامة و المعاد بالدليل لا بالتقليد) فإن صريحه أن المعرفة بالتقليد غير كافية و مثلها عبارة الشهيد الأول و المحقق الثاني و أصرح منهما عبارة المحقق في المعارج حيث استدل على بطلان التقليد بأنه جزم في غير محله.

لكن مقتضى استدلال العضدي على منع التقليد بالإجماع على وجوب معرفة الله و أنها لا تحصل بالتقليد هو أن الكلام في التقليد الغير المفيد للمعرفة.

و هو الذي يقتضيه أيضا ما ذكره شيخنا في العدة كما سيجي‏ء كلامه (و كلام الشهيد في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 283

القواعد من عدم جواز التقليد في العقليات و لا في الأصول الضرورية من السمعيات و لا في غيرها مما لا يتعلق به عمل و يكون المطلوب فيها العلم كالتفاضل بين الأنبياء السابقة) (و يعضده أيضا ظاهر ما عن شيخنا البهائي في حاشية الزبدة من أن النزاع في جواز التقليد و عدمه يرجع إلى النزاع في كفاية الظن و عدمها).

و يؤيده أيضا اقتران التقليد في الأصول في كلماتهم بالتقليد في الفروع حيث يذكرون في أركان الفتوى أن المستفتى فيه هي الفروع دون الأصول.

لكن الظاهر عدم المقابلة التامة بين التقليدين إذ لا يعتبر في التقليد في الفروع حصول الظن فيعمل المقلد مع كونه شاكا و هذا غير معقول في أصول الدين التي يطلب فيها الاعتقاد حتى يجري فيه الخلاف.

و كذا ليس المراد من كفاية التقليد هنا كفايته عن الواقع مخالفا كان في الواقع أو موافقا كما في الفروع بل المراد كفاية التقليد في الحق و سقوط النظر به عنه إلا أن يكتفى فيها بمجرد التدين ظاهرا و إن لم يعتقد لكنه بعيد. ثم إن ظاهر كلام الحاجبي و العضدي اختصاص الخلاف بالمسائل العقلية.

و هو في محله بناء على ما استظهرنا منهم من عدم حصول الجزم من التقليد لأن الذي لا يفيد الجزم من التقليد إنما هو في العقليات المبتنية على الاستدلالات العقلية و أما النقليات فالاعتماد فيها على قول المقلد كالاعتماد على قول المخبر الذي قد يفيد الجزم بصدقه بواسطة القرائن و في الحقيقة يخرج هذا عن التقليد.

و كيف كان فالأقوى كفاية الجزم الحاصل من التقليد لعدم الدليل على اعتبار الزائد على المعرفة و التصديق و الاعتقاد و تقييدها بطريق خاص لا دليل عليه.

مع أن الإنصاف أن النظر و الاستدلال بالبراهين العقلية للشخص المتفطن لوجوب النظر في الأصول لا يفيد بنفسه الجزم لكثرة الشبه الحادثة في النفس و المدونة في الكتب حتى أنهم ذكروا شبها يصعب الجواب عنها للمحققين الصارفين لأعمارهم في فن الكلام فكيف حال المشتغل به مقدارا من الزمان لأجل تصحيح عقائده ليشتغل بعد ذلك بأمور معاشه و معاده خصوصا و الشيطان يغتنم الفرصة لإلقاء الشبهات و التشكيك في البديهيات و قد شاهدنا جماعة قد صرفوا أعمارهم و لم يحصلوا منها شيئا إلا القليل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 284

المقام الثاني في غير المتمكن من العلم‏

و الكلام فيه تارة في تحقق موضوعه في الخارج و أخرى في أنه يجب عليه مع اليأس من العلم تحصيل الظن أم لا و ثالثة في حكمه الوضعي قبل الظن و بعده.

أما الأول فقد يقال فيه بعدم وجود العاجز نظرا إلى العمومات الدالة على حصر الناس في المؤمن و الكافر مع ما دل على خلود الكافرين بأجمعهم في النار بضميمة حكم العقل بقبح عقاب الجاهل القاصر فيكشف ذلك عن تقصير كل غير مؤمن و أن من تراه قاصرا عاجزا عن العلم قد تمكن من تحصيل العلم بالحق و لو في زمان ما و إن صار عاجزا قبل ذلك أو بعده و العقل لا يقبح عقاب مثل هذا الشخص و لهذا ادعى غير واحد في مسألة التخطئة و التصويب الإجماع على أن المخطئ في العقائد غير معذور.

لكن الذي يقتضيه الإنصاف شهادة الوجدان بقصور بعض المكلفين و قد تقدم عن الكليني ما يشير إلى ذلك و سيجي‏ء (من الشيخ قدس سره في العدة من كون العاجز عن التحصيل بمنزلة البهائم) هذا مع ورود الأخبار المستفيضة بثبوت الواسطة بين المؤمن و الكافر و قضية مناظرة زرارة و غيره مع الإمام عليه السلام في ذلك مذكورة في الكافي و مورد الإجماع على أن المخطئ آثم هو المجتهد الباذل جهده بزعمه فلا ينافي كون الغافل و الملتفت العاجز عن بذل الجهد معذورا غير آثم. و أما الثاني فالظاهر فيه عدم وجوب تحصيل الظن عليه لأن المفروض عجزه عن الإيمان و التصديق المأمور به و لا دليل آخر على عدم جواز الوقف و ليس المقام من قبيل الفروع في وجوب العمل بالظن مع تعذر العلم لأن المقصود فيها العمل و لا معنى للتوقف فيه لا بد عند انسداد باب العلم من العمل على طبق أصل أو ظن و المقصود فيما نحن فيه فإذا عجز عنه فلا دليل على وجوب تحصيل الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا فيندرج في عموم (قولهم عليهم السلام: إذا جاءكم ما لا تعلمون فها).

نعم لو رجع الجاهل بحكم هذه المسألة إلى العالم و رأى العالم منه التمكن من تحصيل الظن بالحق و لم يخف عليه إفضاء نظره الظني إلى الباطل فلا يبعد وجوب إلزامه بالتحصيل لأن‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 285

انكشاف الحق و لو ظنا أولى من البقاء على الشك فيه.

و أما الثالث فإن لم يقر في الظاهر بما هو مناط الإسلام فالظاهر كفره و إن أقر به مع العلم بأنه شاك باطنا فالظاهر عدم إسلامه بناء على أن الإقرار الظاهري مشروط باحتمال اعتقاده لما يقر به.

و في جريان حكم الكفر عليه حينئذ إشكال من إطلاق بعض الأخبار بكفر الشاك و من تقييده في غير واحد من الأخبار بالجحود.

(مثل رواية محمد بن مسلم قال سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام قال: ما تقول فيمن شك في الله قال كافر يا أبا محمد قال فشك في رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قال كافر ثم التفت إلى زرارة فقال إنما يكفر إذا جحد) (و في رواية أخرى: لو أن الناس إذا جهلوا وقفوا و لم يجحدوا لم يكفروا).

ثم إن جحود الشاك يحتمل أن يراد به إظهار عدم الثبوت و إنكار التدين به لأجل عدم الثبوت و يحتمل أن يراد به الإنكار الصوري على سبيل الجزم و على التقديرين فظاهرها أن المقر ظاهرا الشاك باطنا الغير المظهر لشكه غير كافر. و يؤيد هذا رواية زرارة الواردة في تفسير قوله تعالى وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ (عن أبي جعفر عليه السلام قال: قوم كانوا مشركين فقتلوا مثل حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين ثم إنهم دخلوا الإسلام فوحدوا الله و تركوا الشرك و لم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا مؤمنين فيجب لهم الجنة و لم يكونوا على جحودهم فيكفروا فيجب لهم النار فهم على تلك الحالة إما يعذبهم و إما يتوب عليهم) و قريب منها غيرها.

(و لنختم الكلام بذكر كلام السيد الصدر الشارح للوافية في أقسام المقلد في أصول الدين بناء على القول بجواز التقليد و أقسامه بناء على عدم جوازه قال إن أقسام المقلد على القول بجواز التقليد ستة لأنه إما أن يكون مقلدا في مسألة حقة أو في باطل و على التقديرين إما أن يكون جازما بها أو ظانا و على‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 286

تقديري التقليد في الباطل إما أن يكون إصراره على التقليد مبتنيا على عناد و تعصب بأن حصل له طريق علم إلى الحق فما سلكه و إما لا فهذه أقسام ستة.

فالأول و هو من قلد في مسألة حقة جازما بها مثلا قلد في وجود الصانع و صفاته و عدله فهذا مؤمن و استدل عليه بما تقدم حاصله من أن التصديق معتبر من أي طريق حصل إلى أن قال الثاني من قلد في مسألة حقة ظانا بها من دون جزم فالظاهر إجراء حكم المسلم عليه في الظاهر إذ ليس حاله بأدون من حال المنافق سيما إذا كان طالبا للجزم مشغولا بتحصيله فمات قبل ذلك).

أقول هذا مبني على أن الإسلام مجرد الإقرار الصوري و إن لم يحتمل مطابقته للاعتقاد و فيه ما عرفت من الإشكال و إن دل عليه غير واحد من الأخبار.

(الثالث من قلد في باطل مثل إنكار الصانع أو شي‏ء مما يعتبر في الإيمان و جزم به من غير ظهور حق و لا عناد. الرابع من قلد في باطل و ظن به كذلك و الظاهر في هذين إلحاقهما بمن يقام عليه الحجة في يوم القيامة و أما في الدنيا فيحكم عليهما بالكفر إن اعتقدا ما يوجبه و بالإسلام إن لم يكونا كذلك فالأول كمن أنكر النبي صلى اللَّه عليه و آله مثلا و الثاني كمن أنكر إماما.

الخامس من قلد في باطل جازما مع العناد.

السادس من قلد في باطل ظانا كذلك و هذان يحكم بكفرهما مع ظهور الحق و الإصرار.

ثم ذكر أقسام المقلد على القول بعدم جواز التقليد قال إنه إما أن يكون مقلدا في حق أو في باطل و على التقديرين مع الجزم أو الظن و على تقديري التقليد في الباطل بلا عناد أو به و على التقادير كلها دل عقله على الوجوب أو بين له غيره و على الدلالة أصر على التقليد أو رجع و لم يحصل له كمال الاستدلال بعد أو لا.

فهذه أقسام أربعة عشر.

الأول التقليد في الحق جازما مع العلم بوجوب النظر و الإصرار فهذا مؤمن‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 287

فاسق لإصراره على ترك الواجب) (الثاني هذه الصورة مع ترك الإصرار و الرجوع فهذا مؤمن غير فاسق.

الثالث المقلد في الحق الظان مع الإصرار و الظاهر أنه مؤمن مرجي في الآخرة و فاسق للإصرار.

الرابع هذه الصورة مع عدم الإصرار فهذا مسلم ظاهرا غير فاسق.

الخامس و السادس المقلد في الحق جازما أو ظانا مع عدم العلم بوجوب الرجوع فهذان كالسابق بلا فسق.

أقول الحكم بإيمان هؤلاء لا يجامع فرض القول بعدم جواز التقليد إلا أن يريد بهذا القول قول الشيخ قدس سره من وجوب النظر مستقلا لكن ظاهره إرادة قول المشهور فالأولى الحكم بعدم إيمانهم على المشهور كما يقتضيه إطلاق معقد إجماع العلامة في أول الباب الحادي عشر لأن الإيمان عندهم المعرفة الحاصلة عن الدليل لا التقليد ثم قال السابع المقلد في الباطل جازما معاندا مع العلم بوجوب النظر و الإصرار عليه فهذا أشد الكافرين.

الثامن هذه الصورة من غير عناد و لا إصرار فهذا أيضا كافر.

ثم ذكر الباقي و قال إن حكمها يظهر مما سبق).

أقول مقتضى هذا القول الحكم بكفرهم لأنهم أولى به من السابقين.

(بقي الكلام فيما نسب إلى الشيخ في العدة من القول بوجوب النظر مستقلا مع العفو فلا بد من نقل عبارة العدة فنقول قال في باب التقليد بعد ما ذكر استمرار السيرة على التقليد في الفروع و الكلام في عدم جواز التقليد في الأصول مستدلا بأنه لا خلاف في أنه يجب على العامي معرفة الصلاة و أعدادها و إذا كان لا يتم ذلك إلا بعد معرفة الله و معرفة عدله و معرفة النبوة وجب أن لا يصح التقليد في ذلك.

ثم اعترض بأن السيرة كما جرت له على تقرير المقلدين في الفروع كذلك‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 288

جرت على تقرير المقلدين في الأصول و عدم الإنكار عليهم.

فأجاب بأن على بطلان التقليد في الأصول أدلة عقلية و شرعية من كتاب و سنة و غير ذلك و هذا كاف في النكير. ثم قال إن المقلد للحق في أصول الديانات و إن كان مخطئا في تقليده غير مؤاخذ به و إنه معفو عنه و إنما قلنا ذلك لمثل هذه الطريقة التي قدمناها لأني لم أجد أحدا من الطائفة و لا من الأئمة عليهم السلام قطع موالاة من يسمع قولهم و اعتقد مثل اعتقادهم و إن لم يستند ذلك إلى حجة من عقل أو شرع.

ثم اعترض على ذلك بأن ذلك لا يجوز لأنه يؤدي إلى الإغراء بما لا يأمن أن يكون جهلا.

و أجاب بمنع ذلك لأن هذا المقلد لا يمكنه أن يعلم سقوط العقاب عنه فيستديم الاعتقاد لأنه إنما يمكنه معرفة ذلك إذا عرف الأصول و قد فرضنا أنه مقلد في ذلك كله فكيف يكون إسقاط العقاب مغريا و إنما يعلم ذلك غيره من العلماء الذين حصل لهم العلم بالأصول و سبروا أحوالهم و أن العلماء لم يقطعوا موالاتهم و لا أنكروا عليهم و لا يسوغ ذلك لهم إلا بعد العلم بسقوط العقاب عنهم و ذلك يخرجه من باب الإغراء و هذا القدر كاف في هذا الباب إن شاء الله.

و أقوى مما ذكرنا أنه لا يجوز التقليد في الأصول إذا كان للمقلد طريق إلى العلم به إما على جملة أو تفصيل و من ليس له قدرة على ذلك أصلا فليس بمكلف و هو بمنزلة البهائم التي ليست مكلفة بحال انتهى).

و ذكر عند الاحتجاج على حجية أخبار الآحاد ما هو قريب من ذلك (قال و أما ما يرويه قوم من المقلدة فالصحيح الذي اعتقده أن المقلد للحق و إن كان مخطئا معفو عنه و لا أحكم فيه بحكم الفساق فلا يلزم على هذا ترك ما نقلوه انتهى). أقول ظاهر كلامه قدس سره في الاستدلال على منع التقليد بتوقف معرفة الصلاة و أعدادها على معرفة أصول الدين أن الكلام في المقلد الغير الجازم و حينئذ فلا دليل على العفو.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 289

و ما ذكره من عدم قطع العلماء و الأئمة موالاتهم مع المقلدين بعد تسليمه و الغض عن إمكان كون ذلك من باب الحمل على الجزم بعقائدهم لعدم العلم بأحوالهم لا يدل على العفو و إنما يدل على كفاية التقليد.

و إمساك النكير عليهم في ترك النظر و الاستدلال إذا لم يدل على عدم وجوبه عليهم لما اعترف به قبل ذلك من كفاية النكير المستفاد من الأدلة الواضحة على بطلان التقليد في الأصول لم يدل على العفو من هذا الواجب المستفاد من الأدلة فلا دليل على العفو من هذا الواجب المعلوم وجوبه.

و التحقيق أن إمساك النكير لو ثبت و لم يحتمل كونه لحمل أمرهم على الصحة و لعملهم بالأصول دليل على عدم الوجوب لأن وجود الأدلة لا يكفي في إمساك النكير من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إن كفى فيه من حيث الإرشاد و الدلالة على الحكم الشرعي لكن الكلام في ثبوت التقرير و عدم احتمال كونه لاحتمال العلم في حق المقلدين.

فالإنصاف أن المقلد الغير الجازم المتفطن لوجوب النظر عليه فاسق مؤاخذ على تركه للمعرفة الجزمية بعقائده بل قد عرفت احتمال كفره لعموم أدلة كفر الشاك و أما الغير المتفطن لوجوب النظر لغفلته أو القاصر عن تحصيل الجزم فهو معذور في الآخرة و في جريان حكم الكفر احتمال تقدم و أما الجازم فلا يجب عليه النظر و الاستدلال و إن علم من عمومات الآيات و الأخبار وجوب النظر و الاستدلال لأن وجوب ذلك توصلي لأجل حصول المعرفة فإذا حصلت سقط وجوب تحصيلها بالنظر اللهم إلا أن يفهم هذا الشخص منها كون النظر و الاستدلال واجبا تعبديا مستقلا أو شرطا شرعيا للإيمان لكن الظاهر خلاف ذلك فإن الظاهر كون ذلك من المقدمات العقلية

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 290