حضرت امام موسیٰ کاظم عليه‌السلام نے فرمایا: بخیل وہ ہوتا ہے جو خدا کی طرف سے عائد فرائض کے بارے میں بخل کرتا ہے۔ اصول کافی باب البخل والشح حدیث4

المقصد الأول في القطع‏
و ينبغي التنبيه على أمور
الثاني [هل القطع الحاصل من المقدمات العقلية حجة]
الثالث قد اشتهر في السنة المعاصرين أن قطع القطاع لا اعتبار به‏
المقام الثاني و هو كفاية العلم الإجمالي في الامتثال‏
أما المقام الأول و هو كفاية العلم الإجمالي في تنجز التكليف و اعتباره كالتفصيلي‏
المقصد الثاني في الظن‏
المقام الثاني في وقوع التعبد بالظن في الأحكام الشرعية
الظنون المعتبرة
و ينبغي التنبيه على أمور
و أما القسم الثاني و هو الظن الذي يعمل لتشخيص الظواهر
و من جملة الظنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد
و من جملة الظنون التي توهم حجيتها بالخصوص الشهرة في الفتوى‏
و من جملة الظنون ا...خبر الواحد في الجملة
أما حجة المانعين فالأدلة الثلاثة
و أما المجوزون فقد استدلوا على حجيته بالأدلة الأربعة
و أما السنة ف طوائف من الأخبار
و أما الإجماع فتقريره من وجوه‏
الرابع دليل العقل‏
الثاني حجية مطلق الظن‏
المقدمة الثالثة
المقدمة الرابعة
و ينبغي التنبيه على أمور
الأمر الثاني نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة أو كلية
المقام الثاني في أنه على أحد التقريرين السابقين
ثم إن الإشكال هنا في مقامين‏
الأمر الثالث لا فرق بين الظن من أمارة على حكم و أمارة متعلقة بألفاظ الدليل‏
الأمر الرابع الثابت بالمقدمات هو الاكتفاء بالظن في الخروج عن عهدة الأحكام‏
الأمر الخامس في اعتبار الظن في أصول الدين‏
الأمر السادس إذا بنينا على عدم حجية ظن فهل يترتب عليه آثار أخر غيرها

رسائل حصہ اول

و أما الإجماع فتقريره من وجوه‏

و أما الإجماع فتقريره من وجوه‏

أحدها الإجماع على حجية خبر الواحد في مقابل السيد و أتباعه و طريق تحصيله أحد وجهين على سبيل منع الخلو. أحدهما تتبع أقوال العلماء من زماننا إلى زمان الشيخين فيحصل من ذلك القطع بالاتفاق الكاشف عن رضاء الإمام عليه السلام بالحكم أو عن وجود نص معتبر في المسألة و لا يعتنى بخلاف السيد و أتباعه إما لكونهم معلومي النسب كما ذكر الشيخ في العدة و إما للاطلاع على أن ذلك لشبهة حصلت لهم كما ذكره العلامة في النهاية و يمكن أن يستفاد من العدة أيضا و إما لعدم اعتبار اتفاق الكل في الإجماع على طريق المتأخرين المبني على الحدس.

و الثاني تتبع الإجماعات المنقولة في ذلك فمنها ما حكي (عن الشيخ قدس سره في العدة في هذا المقام حيث قال و أما ما اخترته من المذهب فهو أن خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة و كان ذلك مرويا عن النبي صلى اللَّه عليه و آله أو عن أحد الأئمة عليهم السلام و كان ممن لا يطعن في روايته و يكون سديدا في نقله و لم يكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر لأنه إذا كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة و كان ذلك موجبا للعلم كما تقدمت القرائن جاز العمل به.

و الذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة فإني وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم و دونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك و لا يتدافعون حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشي‏ء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 146

فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور و كان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا و سلموا الأمر و قبلوا قوله.

هذه عادتهم و سجيتهم من عهد النبي صلى اللَّه عليه و آله و من بعده من الأئمة صلوات الله عليهم إلى زمان جعفر بن محمد عليه السلام الذي انتشر عنه العلم و كثرت الرواية من جهته فلو لا أن العمل بهذه الأخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك لأن إجماعهم فيه معصوم و لا يجوز عليه الغلط و السهو.

و الذي يكشف عن ذلك أنه لما كان العمل بالقياس محظورا عندهم في الشريعة لم يعملوا به أصلا و إذا شذ واحد منهم و عمل به في بعض المسائل و استعمله على وجه المحاجة لخصمه و إن لم يكن اعتقاده ردوا قوله و أنكروا عليه و تبرءوا من قوله حتى أنهم يتركون تصانيف من وصفناه و رواياته لما كان عاملا بالقياس فلو كان العمل بالخبر الواحد جرى بذلك المجرى لوجب فيه أيضا مثل ذلك و قد علمنا خلافه.

فإن قيل كيف تدعون إجماع الفرقة المحقة على العمل بخبر الواحد و المعلوم من حالها أنها لا ترى العمل بخبر الواحد كما أن من المعلوم أنها لا ترى العمل بالقياس فإن جاز ادعاء أحدهما جاز ادعاء الآخر.

قيل له المعلوم من حالها الذي لا ينكر أنهم لا يرون العمل بخبر الواحد الذي يرويه مخالفوهم في الاعتقاد و يختصون بطريقه فأما ما كان رواته منهم و طريقه أصحابهم فقد بينا أن المعلوم خلاف ذلك و بينا الفرق بين ذلك و بين القياس و أنه لو كان معلوما حظر العمل بالخبر الواحد لجرى مجرى العلم بحظر القياس و قد علم خلاف ذلك.

فإن قيل أ ليس شيوخكم لا يزالون يناظرون خصومهم في أن خبر الواحد لا يعمل به و يدفعونهم عن صحة ذلك حتى أن منهم من يقول لا يجوز ذلك عقلا و منهم من يقول لا يجوز ذلك سمعا لأن الشرع لم يرد به و ما رأينا أحدا تكلم في جواز ذلك و لا صنف فيه كتابا و لا أملى فيه مسألة فكيف أنتم تدعون خلاف ذلك.

قيل له من أشرت إليهم من المنكرين لأخبار الآحاد إنما تكلموا من خالفهم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 147

في الاعتقاد و دفعوهم من وجوب العمل بما يروونه من الأخبار المتضمنة للأحكام التي يروون خلافها و ذلك صحيح على ما قدمناه و لم نجدهم اختلفوا في ما بينهم و أنكر بعضهم على بعض العمل بما يروونه إلا في مسائل دل الدليل الموجب للعلم على صحتها فإذا خالفوهم فيها أنكروا عليهم لمكان الأدلة الموجبة للعلم و الأخبار المتواترة بخلافه على أن الذين أشير إليهم في السؤال أقوالهم متميزة بين أقوال الطائفة المحقة و قد علمنا أنهم لم يكونوا أئمة معصومين و كل قول قد علم قائله و عرف نسبه و تميز من أقاويل سائر الفرقة المحقة لم يعتد بذلك القول لأن قول الطائفة إنما كان حجة من حيث كان فيهم معصوم فإذا كان القول من غير معصوم علم أن قول المعصوم داخل في باقي الأقوال و وجب المصير إليه على ما بينته في الإجماع انتهى موضع الحاجة من كلامه.

ثم أورد على نفسه بأن العقل إذا جوز التعبد بخبر الواحد و الشرع ورد به فما الذي يحملكم على الفرق بين ما يرويه الطائفة المحقة و بين ما يرويه أصحاب الحديث من العامة.

ثم أجاب عن ذلك بأن خبر الواحد إذا كان دليلا شرعيا فينبغي أن يستعمل بحسب ما قررته الشريعة و الشارع يرى العمل بخبر طائفة خاصة فليس لنا التعدي إلى غيرها على أن العدالة شرط في الخبر بلا خلاف و من خالف الحق لم يثبت عدالته بل ثبت فسقه.

ثم أورد على نفسه بأن العمل بخبر الواحد يوجب كون الحق في جهتين عند تعارض خبرين.

ثم أجاب أولا بالنقض بلزوم ذلك عند من منع العمل بخبر الواحد إذا كان هناك خبران متعارضان فإنه يقول مع عدم الترجيح بالتخيير فإذا اختار كلا منهما إنسان لزم كون الحق في جهتين.

و أيد ذلك بأنه قد سئل الصادق عليه السلام عن اختلاف أصحابه في المواقيت و غيرها (فقال عليه السلام: أنا خالفت بينهم) قال بعد ذلك‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 148

فإن قيل كيف تعملون بهذه الأخبار و نحن نعلم أن رواتها كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر و التفويض و غير ذلك من الغلو و التناسخ و غير ذلك من المناكير فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء.

قلنا لهم ليس كل الثقات نقل حديث الجبر و التشبيه و لو صح أنه نقل لم يدل على أنه كان معتقدا لما تضمنه الخبر و لا يمتنع أن يكون إنما رواه ليعلم أنه لم يشذ عنه شي‏ء من الروايات لا لأنه معتقد ذلك و نحن لم نعتمد على مجرد نقلهم بل اعتمادنا على العمل الصادر من جهتهم و ارتفاع النزاع فيما بينهم و أما مجرد الرواية فلا حجية فيه على حال.

فإن قيل كيف تعولون على هذه الروايات و أكثر رواتها المجبرة و المشبهة و المقلدة و الغلاة و الواقفية و الفطحية و غير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح و من شرط خبر الواحد أن يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به و إن عولت على عملهم دون روايتهم فقد وجدناهم عملوا بما طريقه هؤلاء الذين ذكرناهم و ذلك يدل على جواز العمل بأخبار الكفار و الفساق) (قيل لهم لسنا نقول إن جميع أخبار الآحاد يجوز العمل بها بل لها شرائط نذكرها فيما بعد و نشير هاهنا إلى جملة من القول فيه فأما ما يرويه العلماء المعتقدون للحق فلا طعن على ذلك بهم و أما ما يرويه قوم من المقلدة فالصحيح الذي اعتقده أن المقلد للحق و إن كان مخطئا في الأصل معفو عنه و لا أحكم فيه بحكم الفساق و لا يلزم على هذا ترك ما نقلوه على أن من أشار إليهم لا نسلم أنهم كلهم مقلدة بل لا يمتنع أن يكونوا عالمين بالدليل على سبيل الجملة كما يقوله جماعة أهل العدل في كثير من أهل الأسواق و العامة و ليس من حيث يتعذر عليهم إيراد الحجج ينبغي أن يكونوا غير عالمين لأن إيراد الحجج و المناظرة صناعة ليس يقف حصول المعرفة على حصولها كما قلنا في أصحاب الجملة.

و ليس لأحد أن يقول هؤلاء ليسوا من أصحاب الجملة لأنهم إذا سألوا عن التوحيد أو العدل أو صفات الأئمة أو صحة النبوة قالوا روينا كذا و يروون في ذلك كله الأخبار و ليس هذا طريق أصحاب الجملة و ذلك أنه ليس يمتنع أن يكون هؤلاء أصحاب الجملة و قد حصل لهم المعارف بالله غير أنهم لما تعذر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 149

عليهم إيراد الحجج في ذلك أحالوا على ما كان سهلا عليهم و ليس يلزمهم أن يعلموا أن ذلك لا يصح أن يكون دليلا إلا بعد أن يتقدم منهم المعرفة بالله و إنما الواجب عليهم أن يكونوا عالمين و هم عالمون على الجملة كما قررنا فما يتفرع عليه من الخطإ لا يوجب التكفير و لا التضليل.

و أما الفرق الذين أشار إليهم من الواقفية و الفطحية و غير ذلك فعن ذلك جوابان.

ثم ذكر الجوابين و حاصل أحدهما كفاية الوثاقة في العمل بالخبر و لهذا قبل خبر ابن بكير و بني فضال و بني سماعة و حاصل الثاني أنا لا نعمل برواياتهم إلا إذا انضم إليها رواية غيرهم و مثل الجواب الأخير ذكر في رواية الغلاة و من هو متهم في نقله. و ذكر الجوابين أيضا في روايات المجبرة و المشبهة بعد منع كونهم مجبرة و مشبهة لأن روايتهم لأخبار الجبر و التشبيه لا تدل على ذهابهم إليه ثم قال فإن قيل ما أنكرتم أن يكون الذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار لمجردها بل إنما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها و لأجلها عملوا بها و لو تجردت لما عملوا بها و إذا جاز ذلك لم يمكن الاعتماد على عملهم بها.

قيل لهم القرائن التي تقترن بالخبر و تدل على صحته أشياء مخصوصة نذكرها فيما بعد من الكتاب و السنة و الإجماع و التواتر و نحن نعلم أنه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك لأنها أكثر من أن تحصى لوجودها في كتبهم و تصانيفهم و فتاواهم و ليس في جميعها يمكن الاستدلال بالقرآن لعدم ذكر ذلك في صريحه و فحواه أو دليله و معناه و لا في السنة المتواترة لعدم ذكر ذلك في أكثر الأحكام بل وجودها في مسائل معدودة و لا في إجماع لوجود الاختلاف في ذلك فعلم أن دعوى القرائن في جميع ذلك دعوى محالة و من ادعى القرائن في جميع ما ذكرنا كان السبر بيننا و بينه بل كان معولا على ما يعلم ضرورة خلافه و مدعيا لما يعلم من نفسه ضده و نقيضه و من قال عند ذلك إني متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما كان يقتضيه العقل يلزمه أن يترك أكثر الأخبار و أكثر الأحكام و لا يحكم فيها بشي‏ء ورد الشرع به و هذا حد يرغب أهل العلم عنه و من صار إليه لا يحسن مكالمته لأنه يكون معولا على ما يعلم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 150

ضرورة من الشرع خلافه انتهى).

ثم أخذ في الاستدلال ثانيا على جواز العمل بهذه الأخبار بأنا وجدنا أصحابنا مختلفين في المسائل الكثيرة في جميع أبواب الفقه و كل منهم يستدل ببعض هذه الأخبار و لم يعهد من أحد منهم تفسيق صاحبه و قطع المودة عنه فدل ذلك على جوازه عندهم.

ثم استدل ثالثا على ذلك (بأن الطائفة وضعت الكتب لتمييز الرجال الناقلين لهذه الأخبار و بيان أحوالهم من حيث العدالة و الفسق و الموافقة في المذهب و المخالفة و بيان من يعتمد على حديثه و من لا يعتمد و استثنوا الرجال من جملة ما رووه في التصانيف و هذه عادتهم من قديم الوقت إلى حديثه فلو لا جواز العمل برواية من سلم عن الطعن لم يكن فائدة لذلك كله انتهى المقصود من كلامه زاد الله في علو مقامه).

و قد أتى في الاستدلال على هذا المطلب بما لا مزيد عليه حتى أنه أشار في جملة كلامه إلى دليل الانسداد و أنه لو اقتصر على الأدلة العلمية و عمل بأصل البراءة في غيرها لزم ما علم ضرورة من الشرع خلافه فشكر الله سعيه.

ثم إن من العجب أن غير واحد من المتأخرين تبعوا صاحب المعالم في دعوى عدم دلالة كلام الشيخ على حجية الأخبار المجردة عن القرينة (قال في المعالم على ما حكي عنه و الإنصاف أنه لم يتضح من حال الشيخ و أمثاله مخالفتهم للسيد قدس سره إذ كانت أخبار الأصحاب يومئذ قريبة العهد بزمان لقاء المعصوم عليه السلام و استفادة الأحكام منه و كانت القرائن المعاضدة لها متيسرة كما أشار إليه السيد قدس سره و لم يعلم أنهم اعتمدوا على الخبر المجرد ليظهر مخالفتهم لرأيه فيه و تفطن المحقق من كلام الشيخ لما قلناه قال في المعارج ذهب شيخنا أبو جعفر قدس سره إلى العمل بخبر الواحد العدل من رواة أصحابنا لكن لفظه و إن كان مطلقا فعند التحقيق يتبين أنه لا يعمل بالخبر مطلقا بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمة عليهم السلام و دونها الأصحاب لا أن كل خبر يرويه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 151

عدل إمامي يجب العمل به هذا هو الذي تبين لي من كلامه و يدعى إجماع الأصحاب على العمل بهذه الأخبار حتى لو رواها غير الإمامي و كان الخبر سليما عن المعارض و اشتهر نقله في هذه الكتب الدائرة بين الأصحاب عمل به انتهى قال بعد نقل هذا عن المحقق و ما فهمه المحقق من كلام الشيخ هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه لا ما نسبه العلامة إليه انتهى كلام صاحب المعالم) و أنت خبير بأن ما ذكره في وجه الجمع من تيسر القرائن و عدم اعتمادهم على الخبر المجرد قد صرح الشيخ في عبارته المتقدمة ببداهة بطلانه حيث (قال إن دعوى القرائن في جميع ذلك دعوى محالة فإن المدعي لها معول على ما يعلم ضرورة خلافه و يعلم من نفسه ضده و نقيضه) و الظاهر بل المعلوم أنه قدس سره لم يكن عنده كتاب العدة. (و قال المحدث الأسترآبادي في محكي الفوائد المدنية إن الشيخ قدس سره لا يجيز العمل إلا بالخبر المقطوع بصدوره عنهم و ذلك هو مراد المرتضى قدس سره فصارت المناقشة لفظية لا كما توهمه العلامة و من تبعه انتهى كلامه).

(و قال بعض من تأخر عنه من الأخباريين في رسالته بعد ما استحسن ما ذكره صاحب المعالم و لقد أحسن النظر و فهم طريقة الشيخ و السيد قدس سرهما من كلام المحقق قدس سره كما هو حقه و الذي يظهر منه أنه لم ير عدة الأصول للشيخ و إنما فهم ذلك مما نقله المحقق قدس سره و لو رآها لصدع بالحق أكثر من هذا و كم له من تحقيق أبان به من غفلات المتأخرين كوالده و غيره و فيما ذكره كفاية لمن طلب الحق و عرفه و قد تقدم كلام الشيخ و هو صريح فيما فهمه المحقق قدس سره و موافق لما يقوله السيد قدس سره فليراجع.

و الذي أوقع العلامة في هذا الوهم ما ذكره الشيخ في العدة من أنه يجوز العمل بخبر العدل الإمامي و لم يتأمل بقية الكلام كما تأمله المحقق ليعلم أنه إنما يجوز العمل بهذه الأخبار التي روتها الأصحاب و اجتمعوا على جواز العمل بها و ذلك مما يوجب العلم بصحتها لا أن كل خبر يرويه عدل إمامي يجب العمل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 152

به و إلا فكيف يظن بأكابر الفرقة الناجية و أصحاب الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين مع قدرتهم على أخذ أصول الدين و فروعه منهم عليهم السلام بطريق اليقين أن يعولوا فيهما على أخبار الآحاد المجردة مع أن مذهب العلامة و غيره أنه لا بد في أصول الدين من الدليل القطعي و أن المقلد في ذلك خارج عن ربقة الإسلام و للعلامة و غيره كثير من هذه الغفلات لألفة أذهانهم بأصول العامة.

و من تتبع كتب القدماء و عرف أحوالهم قطع بأن الأخباريين من أصحابنا لم يكونوا يعولون في عقائدهم إلا على الأخبار المتواترة أو الآحاد المحفوفة بالقرائن المفيدة للعلم و أما خبر الواحد فيوجب عندهم الاحتياط دون القضاء و الإفتاء و الله الهادي انتهى كلامه).

أقول أما دعوى دلالة كلام الشيخ في العدة على عمله بالأخبار المحفوفة بالقرائن العلمية دون المجردة عنها و أنه ليس مخالفا للسيد قدس سرهما فهو كمصادمة الضرورة فإن في العبارة المتقدمة من العدة و غيرها مما لم نذكرها مواضع تدل على مخالفة السيد نعم يوافقه في العمل بهذه الأخبار المدونة إلا أن السيد يدعي تواترها له و احتفافها بالقرينة المفيدة للعلم كما صرح به في محكي كلامه (في جواب المسائل التبانيات من أن أكثر أخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوع على صحتها إما بالتواتر أو بأمارة و علامة تدل على صحتها و صدق رواتها فهي موجبة للعلم مفيدة للقطع و إن وجدناها في الكتب مودعة بسند مخصوص من طريق الآحاد) انتهى.

(و الشيخ يأبى عن احتفافها بها كما عرفت من كلامه السابق في جواب ما أورده على نفسه بقوله فإن قيل ما أنكرتم أن يكون الذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار بمجردها بل إنما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها إلى آخر ما ذكره).

و مجرد عمل السيد و الشيخ بخبر خاص لدعوى الأول تواتره و الثاني كون خبر الواحد حجة لا يلزم منه توافقهما في مسألة حجية خبر الواحد فإن الخلاف فيها يثمر في خبر يدعي السيد تواتره و لا يراه الشيخ جامعا لشرائط الخبر المعتبر و في خبر يراه الشيخ جامعا و لم يحصل تواتره للسيد إذ ليس جميع ما دون في الكتب متواترا عند السيد و لا جامعا لشرائط الحجية عند الشيخ.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 153

ثم إن إجماع الأصحاب الذي ادعاه الشيخ على العمل بهذه الأخبار لا يصير قرينة لصحتها بحيث تفيد العلم حتى يكون حصول الإجماع للشيخ قرينة عامة لجميع هذه الأخبار كيف و قد عرفت إنكاره للقرائن حتى لنفس المجمعين و لو فرض كون الإجماع على العمل قرينة لكنه غير حاصل في كل خبر بحيث يعلم أو يظن أن هذا الخبر بالخصوص و كذا ذاك و ذاك مما أجمع على العمل به كما لا يخفى بل المراد الإجماع على الرجوع إليها و العمل بها بعد حصول الوثوق من الراوي أو من القرائن و لذا استثنى القميون كثيرا من رجال نوادر الحكمة مع كونه من الكتب المشهورة المجمع على الرجوع إليها و استثنى ابن الوليد من روايات العبيدي ما يرويها عن يونس مع كونها في الكتب المشهورة و الحاصل أن معنى الإجماع على العمل بها عدم ردها من جهة كونها أخبار آحاد لا الإجماع على العمل بكل خبر خبر منها.

ثم إن ما ذكره من تمكن أصحاب الأئمة عليهم السلام من أخذ الأصول و الفروع بطريق اليقين دعوى ممنوعة واضحة المنع و أقل ما يشهد عليها ما علم بالعين و الأثر من اختلاف أصحابهم صلوات الله عليهم في الأصول و الفروع و لذا شكا غير واحد من أصحاب الأئمة عليهم السلام إليهم اختلاف أصحابهم فأجابوهم تارة بأنهم عليهم السلام قد ألقوا الاختلاف بينهم حقنا لدمائهم كما في رواية حريز و زرارة و أبي أيوب الخزاز و أخرى أجابوهم بأن ذلك من جهة الكذابين كما (في رواية فيض بن المختار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلني الله فداك ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم قال و أي الاختلاف يا فيض قلت له إني أجلس في حلقهم بالكوفة و أكاد أشك في اختلافهم في حديثهم حتى أرجع إلى المفضل بن عمر فيوقفني من ذلك على ما تستريح به نفسي فقال عليه السلام أجل كما ذكرت يا فيض إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا كأن الله افترض عليهم و لا يريد منهم غيره إني أحدث أحدهم بحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله و ذلك لأنهم لا يطلبون بحديثنا و بحبنا ما عند الله تعالى و كل يحب أن يدعي رأسا) و قريب منها رواية داود بن سرحان و استثناء القميين كثيرا من رجال نوادر الحكمة معروف‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 154

(و قصة ابن أبي العوجاء أنه قال عند قتله قد دسست في كتبكم أربعة آلاف حديث) مذكورة في الرجال.

و كذا ما ذكره يونس بن عبد الرحمن من أنه أخذ أحاديث كثيرة من أصحاب الصادقين عليهما السلام ثم عرضها على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة إلى غير ذلك مما يشهد بخلاف ما ذكره.

و أما ما ذكره من عدم عمل الأخباريين في عقائدهم إلا على الأخبار المتواترة و الآحاد العلمية ففيه أن الأظهر في مذهب الأخباريين ما ذكره العلامة من أن الأخباريين لم يعولوا في أصول الدين و فروعه إلا على أخبار الآحاد و لعلهم المعنيون مما ذكره الشيخ في كلامه السابق في المقلدة أنهم إذا سألوا عن التوحيد و صفات الأئمة و النبوة قالوا روينا كذا و أنهم يروون في ذلك الأخبار و كيف كان فدعوى دلالة كلام الشيخ في العدة على موافقة السيد في غاية الفساد لكنها غير بعيدة ممن يدعي قطعية صدور أخبار الكتب الأربعة لأنه إذا ادعى القطع لنفسه بصدور الأخبار التي أودعها الشيخ في كتابيه فكيف يرضى للشيخ و من تقدم عليه من المحدثين أن يعملوا بالأخبار المجردة عن القرينة.

و أما صاحب المعالم قدس سره فعذره أنه لم يحضره عدة الشيخ حين كتابة هذا الموضع كما حكي عن بعض حواشيه و اعترف به هذا الرجل.

و أما المحقق قدس سره فليس في كلامه المتقدم منع دلالة كلام الشيخ على حجية خبر الواحد المجرد مطلقا و إنما منع من دلالته على الإيجاب الكلي و هو أن كل خبر يرويه عدل إمامي يعمل به و خص مدلوله بهذه الأخبار التي دونها الأصحاب و جعله موافقا لما اختاره في المعتبر من التفصيل في أخبار الآحاد المجردة بعد ذكر الأقوال فيها و هو (أن ما قبله الأصحاب أو دلت القرائن على صحته عمل به و ما أعرض الأصحاب عنه أو شذ يجب طرحه انتهى).

و الإنصاف أن ما فهمه العلامة من إطلاق قول الشيخ بحجية خبر العدل الإمامي أظهر مما فهمه المحقق من التقييد لأن الظاهر أن الشيخ إنما يتمسك بالإجماع على العمل بالروايات المدونة في كتب الأصحاب على حجية مطلق خبر العدل الإمامي بناء منه على أن الوجه في عملهم بها كونها أخبار عدول و كذا ما ادعاه من الإجماع على العمل بروايات الطوائف الخاصة من غير الإمامية و إلا فلم يأخذه في عنوان مختاره و لم يشترط كون الخبر مما رواه الأصحاب و عملوا به‏ فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 155

فراجع كلام الشيخ و تأمله و الله العالم و هو الهادي إلى الصواب ثم إنه لا يبعد وقوع مثل هذا التدافع بين دعوى السيد و دعوى الشيخ مع كونهما معاصرين خبيرين بمذهب الأصحاب في العمل بخبر الواحد فكم من مسألة فرعية وقع الاختلاف بينهما في دعوى الإجماع فيها مع أن المسألة الفرعية أولى بعدم خفاء مذهب الأصحاب فيها عليهما لأن المسائل الفرعية معنونة في الكتب مفتى بها غالبا بالخصوص نعم قد يتفق دعوى الإجماع بملاحظة قواعد الأصحاب و المسائل الأصولية لم تكن معنونة في كتبهم إنما المعلوم من حالهم أنهم عملوا بأخبار و طرحوا أخبارا.

فلعل وجه عملهم بما عملوا كونه متواترا أو محفوفا عندهم بخلاف ما طرحوا على ما يدعيه السيد قدس سره على ما صرح به في كلامه المتقدم من أن الأخبار المودعة في الكتب بطريق الآحاد متواترة أو محفوفة و نص في مقام آخر على أن معظم الأحكام يعلم بالضرورة و الأخبار المعلومة.

و يحتمل كون الفارق بين ما عملوا و ما طرحوا مع اشتراكهما في عدم التواتر و الاحتفاف فقد شرط العمل في أحدهما دون الآخر على ما يدعيه الشيخ قدس سره على ما صرح به في كلامه المتقدم من الجواب عن احتمال كون عملهم بالأخبار لاقترانها بالقرائن نعم لا يناسب ما ذكرنا من الوجه تصريح السيد بأنهم شددوا الإنكار على العامل بخبر الواحد.

و لعل الوجه فيه ما (أشار إليه الشيخ في كلامه المتقدم بقوله إنهم منعوا من الأخبار التي رواها المخالفون في المسائل التي روى أصحابنا خلافها) (و استبعد هذا صاحب المعالم في حاشية منه على هامش المعالم بعد ما حكاه عن الشيخ بأن الاعتراف بإنكار عمل الإمامية بأخبار الآحاد لا يعقل صرفه إلى روايات مخالفيهم لأن اشتراط العدالة عندهم و انتفاءها في غيرهم كاف في الإضراب عنها فلا وجه للمبالغة في نفي العمل بخبر يروونه انتهى).

و فيه أنه يمكن أن يكون إظهار هذا المذهب للتجنن به في مقام لا يمكنهم التصريح بفسق الراوي فاحتالوا في ذلك بأنا لا نعمل إلا بما حصل لنا القطع بصدقه بالتواتر أو بالقرائن و لا دليل عندنا على العمل بالخبر الظني و إن كان راويه غير مطعون و في عبارة الشيخ المتقدمة إشارة

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 156

إلى ذلك حيث خص إنكار الشيوخ للعمل بالخبر المجرد بصورة المناظرة مع خصومهم.

و الحاصل أن الإجماع الذي ادعاه السيد قدس سره قولي و ما ادعاه الشيخ قدس سره إجماع عملي و الجمع بينهما يمكن بحمل عملهم على ما احتف بالقرينة عندهم و بحمل قولهم على ما ذكرنا من الاحتمال في دفع الروايات الواردة فيما لا يرضونه من المطالب و الحمل الثاني مخالف لظاهر القول و الحمل الأول ليس مخالفا لظاهر العمل لأن العمل مجمل من أجل الجهة التي وقع عليها.

إلا أن الإنصاف أن القرائن تشهد بفساد الحمل الأول كما سيأتي فلا بد من حمل قول من حكى عنهم السيد المنع إما على ما ذكرنا من إرادة دفع أخبار المخالفين التي لا يمكنهم ردها بفسق الراوي و إما على ما ذكره الشيخ من كونهم جماعة معلومي النسب لا يقدح مخالفتهم بالإجماع.

و يمكن الجمع بينهما بوجه آخر و هو أن مراد السيد قدس سره من العلم الذي ادعاه في صدق الأخبار هو مجرد الاطمئنان فإن المحكي عنه قدس سره في تعريف العلم أنه ما اقتضى سكون النفس. و هو الذي ادعى بعض الأخباريين أن مرادنا بالعلم بصدور الأخبار هو هذا المعنى لا اليقين الذي لا يقبل الاحتمال رأسا.

فمراد الشيخ من تجرد هذه الأخبار عن القرائن تجردها عن القرائن الأربع التي ذكرها أولا و هي موافقة الكتاب أو السنة أو الإجماع أو دليل العقل و مراد السيد من القرائن التي ادعى في عبارته المتقدمة احتفاف أكثر الأخبار بها هي الأمور الموجبة للوثوق بالراوي أو بالرواية بمعنى سكون النفس بهما و ركونها إليهما و حينئذ فيحمل إنكار الإمامية للعمل بخبر الواحد على إنكارهم للعمل به تعبدا أو لمجرد حصول رجحان بصدقه على ما يقوله المخالفون.

و الإنصاف أنه لم يتضح من كلام الشيخ دعوى الإجماع على أزيد من الخبر الموجب لسكون النفس و لو بمجرد وثاقة الراوي و كونه سديدا في نقله لم يطعن في روايته.

و لعل هذا الوجه أحسن وجوه الجمع بين كلامي الشيخ و السيد قدس سرهما خصوصا مع ملاحظة تصريح السيد قدس سره في كلامه بأن أكثر الأخبار متواترة أو محفوفة و تصريح الشيخ قدس سره في كلامه المتقدم بإنكار ذلك.

و ممن نقل الإجماع على حجية أخبار الآحاد (السيد الجليل رضي الدين ابن طاوس حيث قال في جملة كلام له يطعن فيه على السيد قدس سره و لا يكاد تعجبي ينقضي كيف اشتبه عليه أن الشيعة تعمل بأخبار الآحاد

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 157

في الأمور الشرعية و من اطلع على التواريخ و الأخبار و شاهد عمل ذوي الاعتبار وجد المسلمين و المرتضى و علماء الشيعة الماضين عاملين بأخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين كما ذكر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب العدة و غيره من المشغولين بتصفح أخبار الشيعة و غيرهم من المصنفين انتهى).

و فيه دلالة على أن غير الشيخ من العلماء أيضا ادعى الإجماع على عمل الشيعة بأخبار الآحاد.

(و ممن نقل الإجماع أيضا العلامة رحمه الله في النهاية حيث قال إن الأخباريين منهم لم يعولوا في أصول الدين و فروعه إلا على أخبار الآحاد و الأصوليين منهم كأبي جعفر الطوسي عمل بها و لم ينكره سوى المرتضى و أتباعه لشبهة حصلت لهم انتهى).

و ممن ادعاه أيضا المحدث المجلسي قدس سره في بعض رسائله حيث ادعى تواتر الأخبار و عمل الشيعة في جميع الأعصار على العمل بخبر الواحد.

ثم إن مراد العلامة قدس سره من الأخباريين يمكن أن يكون مثل الصدوق و شيخه قدس سرهما حيث أثبتا السهو للنبي صلى اللَّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام لبعض أخبار الآحاد و زعما أن نفيه عنهم عليهم السلام أول درجة في الغلو و يكون ما تقدم في كلام الشيخ من المقلدة الذين إذا سألوا عن التوحيد و صفات النبي صلى اللَّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام قالوا روينا كذا و رووا في ذلك الأخبار و قد نسب الشيخ قدس سره في هذا المقام من العدة العمل بأخبار الآحاد في أصول الدين إلى بعض غفلة أصحاب الحديث.

ثم إنه يمكن أن يكون الشبهة 1 التي ادعى العلامة قدس سره حصولها للسيد و أتباعه هو زعم الأخبار التي عمل بها الأصحاب و دونوها في كتبهم محفوفة عندهم بالقرائن أو أن من قال من شيوخهم بعدم حجية أخبار الآحاد أراد بها مطلق الأخبار حتى الأخبار الواردة من طرق أصحابنا مع وثاقة الراوي أو أن مخالفته لأصحابنا في هذه المسألة لأجل شبهة حصلت له فخالف المتفق عليه بين الأصحاب.

ثم إن دعوى الإجماع على العمل بأخبار الآحاد و إن لم يطلع عليها صريحة في كلام غير الشيخ‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 158

و ابن طاوس و العلامة و المجلسي قدست أسرارهم إلا أن هذه الدعوى منهم مقرونة بقرائن تدل على صحتها و صدقها فخرج عن الإجماع المنقول بخبر الواحد المجرد عن القرينة و يدخل في المحفوف بالقرينة و بهذا الاعتبار يتمسك بها على حجية الأخبار.

بل السيد قدس سره قد اعترف في بعض كلامه المحكي كما يظهر منه بعمل الطائفة بأخبار الآحاد إلا أنه يدعي أنه لما كان من المعلوم عدم عملهم بالأخبار المجردة كعدم عملهم بالقياس فلا بد من حمل موارد عملهم على الأخبار المحفوفة. (قال في الموصليات على ما حكي عنه في محكي السرائر إن قيل أ ليس شيوخ هذه الطائفة عولوا في كتبهم في الأحكام الشرعية على الأخبار التي رووها عن ثقاتهم و جعلوها العمدة و الحجة في الأحكام حتى رووا عن أئمتهم عليهم السلام فيما يجي‏ء مختلفا من الأخبار عند عدم الترجيح أن يؤخذ منه ما هو أبعد من قول العامة و هذا يناقض ما قدمتموه. قلنا ليس ينبغي أن يرجع عن الأمور المعلومة المشهورة المقطوع عليها إلى ما هو مشتبه و ملتبس و مجمل و قد علم كل موافق و مخالف أن الشيعة الإمامية تبطل القياس في الشريعة حيث لا يؤدي إلى العلم و كذلك نقول في أخبار الآحاد انتهى المحكي عنه).

و هذا الكلام كما ترى يظهر منه عمل الشيوخ بأخبار الآحاد إلا أنه قدس سره ادعى معلومية خلافه من مذهب الإمامية فترك هذا الظهور أخذا بالمقطوع و نحن نأخذ بما ذكره أولا لاعتضاده بما يوجب الصدق دون ما ذكره أخيرا لعدم ثبوته إلا من قبله و كفى بذلك موهنا بخلاف الإجماع المدعى من الشيخ و العلامة فإنه معتضد بقرائن كثيرة تدل على صدق مضمونها و أن الأصحاب عملوا بالخبر الغير العلمي في الجملة.

فمن تلك القرائن ما ادعاه الكشي من إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة فإن من المعلوم أن معنى التصحيح المجمع عليه هو عد خبره صحيحا بمعنى عملهم به لا القطع بصدوره إذ الإجماع وقع على التصحيح لا على الصحة مع أن الصحة عندهم على ما صرح به غير واحد عبارة عن الوثوق و الركون لا القطع و اليقين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 159

(و منها دعوى النجاشي أن مراسيل ابن أبي عمير مقبولة عند الأصحاب) و هذه العبارة تدل على عمل الأصحاب بمراسيل مثل ابن أبي عمير لا من أجل القطع بالصدور بل لعلمهم أنه لا يروي أو لا يرسل إلا عن ثقة فلو لا قبولهم لما يسنده الثقة إلى الثقة لم يكن وجه لقبول مراسيل ابن أبي عمير الذي لا يروي إلا عن الثقة و الاتفاق المذكور قد ادعاه الشهيد في الذكرى أيضا (و عن كاشف الرموز تلميذ المحقق أن الأصحاب عملوا بمراسيل البزنطي).

و منها ما (ذكره ابن إدريس في رسالة خلاصة الاستدلال التي صنفها في مسألة فورية القضاء في مقام دعوى الإجماع على المضايقة و أنها مما أطبقت عليه الإمامية إلا نفر يسير من الخراسانيين قال في مقام تقريب الإجماع إن ابني بابويه و الأشعريين كسعد بن عبد الله و سعيد بن سعد و محمد بن علي بن محبوب و القميين أجمع كعلي بن إبراهيم و محمد بن الحسن بن الوليد عاملون بالأخبار المتضمنة للمضايقة لأنهم ذكروا أنه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته انتهى).

فقد استدل على مذهب الإمامية بذكرهم لأخبار المضايقة و ذهابهم إلى العمل برواية الثقة فاستنتج من هاتين المقدمتين ذهابهم إلى المضايقة.

و ليت شعري إذا علم ابن إدريس أن مذهب هؤلاء الذين هم أصحاب الأئمة عليهم السلام و يحصل العلم بقول الإمام عليه السلام من اتفاقهم وجوب العمل برواية الثقة و أنه لا يحل ترك العمل بها فكيف تبع السيد في مسألة خبر الواحد إلا أن يدعى أن المراد بالثقة من يفيد قوله القطع و فيه ما لا يخفى أو يكون مراده و مراد السيد قدس سرهما من الخبر العلمي ما يفيد الوثوق و الاطمئنان لا ما يوجب اليقين على ما ذكرناه سابقا في الجمع بين كلامي السيد و الشيخ قدس سرهما. و منها (ما ذكره المحقق في المعتبر في مسألة خبر الواحد حيث قال أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر و ما فطنوا لما تحته من التناقض فإن من جملة الأخبار (قول النبي صلى اللَّه عليه و آله: ستكثر بعدي القالة علي) و (قول الصادق عليه السلام: إن لكل رجل منا رجلا يكذب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 160

عليه). و اقتصر بعضهم عن هذا الإفراط فقال كل سليم السند يعمل به و ما علم أن الكاذب قد يصدق و لم يتنبه على أن ذلك طعن في علماء الشيعة و قدح في المذهب إذ ما من مصنف إلا و هو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل.

و أفرط آخرون في طريق رد الخبر حتى أحالوا استعماله عقلا.

و اقتصر آخرون فلم يروا العقل مانعا لكن الشرع لم يأذن في العمل به.

و كل هذه الأقوال منحرفة عن السنن و التوسط أقرب فما قبله الأصحاب أو دلت القرائن على صحته عمل به و ما أعرض عنه الأصحاب أو شذ يجب إطراحه انتهى).

و هو كما ترى ينادي بأن علماء الشيعة قد يعملون بخبر المجروح كما يعملون بخبر العدل.

و ليس المراد عملهم بخبر المجروح و العدل إذا أفاد العلم بصدقه لأن كلامه في الخبر الغير العلمي و هو الذي أحال قوم استعماله عقلا و منعه آخرون شرعا.

(و منها ما ذكره الشهيد في الذكرى و المفيد الثاني ولد شيخنا الطوسي من أن الأصحاب قد عملوا بشرائع الشيخ أبي الحسن علي بن بابويه عند إعواز النصوص تنزيلا لفتاواه منزلة رواياته).

و لو لا عمل الأصحاب برواياته الغير العلمية لم يكن وجه للعمل بتلك الفتاوى عند عدم رواياته.

(و منها ما ذكره المجلسي في البحار في تأويل بعض الأخبار التي تقدم ذكرها في دليل السيد و أتباعه مما دل على المنع من العمل بالخبر الغير المعلوم الصدور من أن عمل أصحاب الأئمة عليهم السلام بالخبر الغير العلمي متواتر بالمعنى). و لا يخفى أن شهادة مثل هذا المحدث الخبير الغواص في بحار أنوار أخبار الأئمة الأطهار بعمل أصحاب الأئمة عليهم السلام بالخبر الغير العلمي و دعواه حصول القطع له بذلك من جهة التواتر لا يقصر عن دعوى الشيخ و العلامة الإجماع على العمل بأخبار الآحاد و سيأتي أن المحدث الحر العاملي في الفصول المهمة ادعى أيضا تواتر الأخبار بذلك.

(و منها ما ذكره شيخنا البهائي في مشرق الشمسين من أن الصحيح عند القدماء ما كان محفوفا بما يوجب ركون النفس إليه).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 161

و ذكر فيما يوجب الوثوق أمورا لا تفيد إلا الظن (و معلوم أن الصحيح عندهم هو المعمول به و ليس هذا مثل الصحيح عند المتأخرين في أنه قد لا يعمل به لإعراض الأصحاب عنه أو لخلل آخر فالمراد أن المقبول عندهم ما تركن إليه النفس و تثق به).

هذا ما حضرني من كلمات الأصحاب الظاهرة في دعوى الاتفاق على العمل بخبر الواحد الغير العلمي في الجملة المؤيدة لما ادعاه الشيخ و العلامة.

و إذا ضممت إلى ذلك كله ذهاب معظم الأصحاب بل كلهم عدا السيد و أتباعه من زمان الصدوق إلى زماننا هذا إلى حجية الخبر الغير العلمي حتى أن الصدوق تابع في التصحيح و الرد لشيخه ابن الوليد و أن ما صححه فهو صحيح و أن ما رده فهو مردود كما صرح به في صلاة الغدير و في الخبر الذي رواه في العيون عن كتاب الرحمة ثم ضممت إلى ذلك ظهور عبارة أهل الرجال في تراجم كثير من الرواة في كون العمل بالخبر الغير العلمي مسلما عندهم مثل قولهم فلان لا يعتمد على ما ينفرد به و فلان مسكون في روايته و فلان صحيح الحديث و الطعن في بعض بأنه يعتمد الضعفاء و المراسيل إلى غير ذلك و ضممت إلى ذلك ما يظهر من بعض أسئلة الروايات السابقة من أن العمل بالخبر الغير العلمي كان مفروغا عنه عند الرواة تعلم علما يقينا صدق ما ادعاه الشيخ من إجماع الطائفة.

و الإنصاف أنه لم يحصل في مسألة يدعي فيها الإجماع من الإجماعات المنقولة و الشهرة العظيمة القطعية و الأمارات الكثيرة الدالة على العمل ما حصل في هذه المسألة فالشاك في تحقق الإجماع في هذه المسألة لا أراه يحصل له الإجماع في مسألة من المسائل الفقهية اللهم إلا في ضروريات المذهب.

لكن الإنصاف أن المتيقن من هذا كله الخبر المفيد للاطمئنان لا مطلق الظن و لعله مراد السيد من العلم كما أشرنا إليه آنفا بل ظاهر كلام بعض احتمال أن يكون مراد السيد قدس سره من خبر الواحد غير مراد الشيخ قدس سره.

(قال الفاضل القزويني في لسان الخواص على ما حكي عنه إن هذه الكلمة أعني خبر الواحد على ما يستفاد من تتبع كلماتهم يستعمل في ثلاثة معان أحدها الشاذ النادر الذي لم يعمل به أحد أو ندر من يعمل به و يقابله ما

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 162

عمل به كثيرون الثاني ما يقابل المأخوذ من الثقات المحفوظ في الأصول المعمولة عند جميع خواص الطائفة فيشمل الأول و مقابله الثالث ما يقابل المتواتر القطعي الصدور و هذا يشمل الأولين و ما يقابلهما.

ثم ذكر ما حاصله أن ما نقل إجماع الشيعة على إنكاره هو الأول و ما انفرد السيد قدس سره برده هو الثاني و أما الثالث فلم يتحقق من أحد نفيه على الإطلاق انتهى).

و هو كلام حسن و أحسن منه ما قدمناه من أن مراد السيد من العلم ما يشمل الظن الاطمئناني كما يشهد به التفسير المحكي عنه للعلم بأنه ما اقتضى سكون النفس و الله العالم.

الثاني من وجوه تقرير الإجماع أن يدعى الإجماع حتى من السيد و أتباعه على وجوب العمل بالخبر الغير العلمي في زماننا هذا و شبهه مما انسد فيه باب القرائن المفيدة للعلم بصدق الخبر فإن الظاهر أن السيد إنما منع من ذلك لعدم الحاجة إلى خبر الواحد المجرد كما يظهر من كلامه المتضمن للاعتراض على نفسه بقوله (فإن قلت إذا سددتم طريق العمل بأخبار الآحاد فعلى أي شي‏ء تعولون في الفقه كله.

فأجاب بما حاصله أن معظم الفقه يعلم بالضرورة و الإجماع و الأخبار العلمية و ما يبقى من المسائل الخلافية يرجع فيها إلى التخيير).

و قد اعترف السيد رحمه الله في بعض كلامه على ما في المعالم بل و كذا الحلي في بعض كلامه على ما هو ببالي بأن العمل بالظن متعين فيما لا سبيل فيه إلى العلم.

الثالث من وجوه تقرير الإجماع استقرار سيرة المسلمين طرا على استفادة الأحكام الشرعية من أخبار الثقات المتوسطة بينهم و بين الإمام عليه السلام أو المجتهد.

أ ترى أن المقلدين يتوقفون في العمل بما يخبرهم الثقة عن المجتهد أو الزوجة تتوقف فيما يحكيه زوجها من المجتهد في مسائل حيضها و ما يتعلق بها إلى أن يعلموا من المجتهد تجويز العمل بالخبر الغير

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 163

العلمي و هذا مما لا شك فيه.

و دعوى حصول القطع لهم في جميع الموارد بعيدة عن الإنصاف نعم المتيقن من ذلك صورة حصول الاطمئنان بحيث لا يعتنى باحتمال الخلاف.

(و قد حكي اعتراض السيد قدس سره على نفسه بأنه لا خلاف بين الأمة في أن من وكل وكيلا أو استناب صديقا في ابتياع أمة أو عقد على امرأة في بلدته أو في بلاد نائية فحمل إليه الجارية و زف إليه المرأة و أخبره أنه أزاح العلة في ثمن الجارية و مهر المرأة و أنه اشترى هذه و عقد على تلك أن له وطأها و الانتفاع بها في كل ما يسوغ للمالك و الزوج و هذه سبيله مع زوجته و أمته إذا أخبرته بطهرها و حيضها و يرد الكتاب على المرأة بطلاق زوجها أو بموته فتتزوج و على الرجل بموت امرأته فيتزوج أختها و كذا لا خلاف بين الأمة في أن للعالم أن يفتي و للعامي أن يأخذ منه مع عدم علم أن ما أفتى به من شريعة الإسلام و أنه مذهبه.

فأجاب بما حاصله أنه إن كان الغرض من هذه الرد على من أحال التعبد بخبر الواحد فمتوجه فلا محيص و إن كان الغرض الاحتجاج به على وجوب العمل بأخبار الآحاد في التحليل و التحريم فهذه مقامات ثبت فيها التعبد بأخبار الآحاد من طرق علمية من إجماع و غيره على أنحاء مختلفة في بعضها لا يقبل إلا أخبار أربعة و في بعضها لا يقبل إلا عدلان و في بعضها يكفي قول العدل الواحد و في بعضها يكفي خبر الفاسق و الذمي كما في الوكيل و مبتاع الأمة و الزوجة في الحيض و الطهر و كيف يقاس على ذلك رواية الأخبار في الأحكام).

أقول المعترض حيث ادعى الإجماع على العمل في الموارد المذكورة فقد لقن الخصم طريق إلزامه و الرد عليه بأن هذه الموارد للإجماع و لو ادعى استقرار سيرة المسلمين على العمل في الموارد المذكورة و إن لم يطلعوا على كون ذلك إجماعيا عند العلماء كان أبعد عن الرد فتأمل الرابع [من وجوه تقرير الإجماع‏] استقرار طريقة العقلاء طرا على الرجوع إلى خبر الثقة في أمورهم العادية و منها الأوامر الجارية من الموالي إلى العبيد.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 164

فنقول إن الشارع إن اكتفى بذلك منهم في الأحكام الشرعية فهو و إلا وجب عليه ردعهم و تنبيههم على بطلان سلوك هذا الطريق في الأحكام الشرعية كما ردع في مواضع خاصة و حيث لم يردع علم منه رضاه بذلك لأن اللازم في باب الإطاعة و المعصية الأخذ بما يعد طاعة في العرف و ترك ما يعد معصية كذلك.

فإن قلت يكفي في ردعهم الآيات المتكاثرة و الأخبار المتظافرة بل المتواترة على حرمة العمل بما عدا العلم. قلت قد عرفت انحصار دليل حرمة العمل بما عدا العلم في أمرين و أن الآيات و الأخبار راجعة إلى أحدهما الأول أن العمل بالظن و التعبد به من دون توقيف من الشارع تشريع محرم بالأدلة الأربعة و الثاني أن فيه طرحا لأدلة الأصول العملية و اللفظية التي اعتبرها الشارع عند عدم العلم بخلافها و شي‏ء من هذين الوجهين لا يوجب ردعهم عن العمل لكون حرمة العمل بالظن من أجلهما مركوزا في ذهن العقلاء لأن حرمة التشريع ثابت عندهم و الأصول العملية و اللفظية معتبرة عندهم مع عدم الدليل على الخلاف و مع ذلك نجد بناءهم على العمل بالخبر الموجب للاطمئنان.

و السر في ذلك عدم جريان الوجهين المذكورين بعد استقرار سيرة العقلاء على العمل بالخبر لانتفاء التشريع مع بنائهم على سلوكه في مقام الإطاعة و المعصية فإن الملتزم بفعل ما أخبر الثقة بوجوبه و ترك ما أخبر بحرمته لا يعد مشرعا بل لا يشكون في كونه مطيعا و لذا يعولون عليه في أوامرهم العرفية من الموالي إلى العبيد مع أن قبح التشريع عند العقلاء لا يختص بالأحكام الشرعية.

و أما الأصول المقابلة للخبر فلا دليل على جريانها في مقابل خبر الثقة لأن الأصول التي مدركها حكم العقل لا الأخبار لقصورها عن إفادة اعتبارها كالبراءة و الاحتياط و التخيير لا إشكال في عدم جريانها في مقابل خبر الثقة بعد الاعتراف ببناء العقلاء على العمل به في أحكامهم العرفية لأن نسبة العقل في حكمه بالعمل بالأصول المذكورة إلى الأحكام الشرعية و العرفية سواء.

و أما الاستصحاب فإن أخذ من العقل فلا إشكال في أنه لا يفيد الظن في المقام و إن أخذ من الأخبار فغاية الأمر حصول الوثوق بصدورها دون اليقين.

و أما الأصول اللفظية كالإطلاق و العموم فليس بناء أهل اللسان على اعتبارها حتى في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 165

مقام وجود الخبر الموثوق به في مقابلها فتأمل.

الخامس من وجوه تقرير الإجماع ما ذكره العلامة في النهاية من إجماع الصحابة على العمل بخبر الواحد من غير نكير و قد ذكر في النهاية مواضع كثيرة عمل فيها الصحابة بخبر الواحد.

و هذا الوجه لا يخلو من تأمل لأنه إن أريد من الصحابة العاملين بالخبر من كان في ذلك الزمان لا يصدر إلا عن رأي الحجة عليه السلام فلم يثبت عمل أحد منهم بخبر الواحد فضلا عن ثبوت تقرير الإمام عليه السلام له و إن أريد به الهمج الرعاع الذين يصغون إلى كل ناعق فمن المقطوع عدم كشف عملهم عن رضاء الإمام عليه السلام لعدم ارتداعهم بردعه في ذلك اليوم.

و لعل هذا مراد السيد قدس سره حيث أجاب عن هذا الوجه بأنه إنما عمل بخبر الواحد المتأمرون الذين يتحشم التصريح بخلافهم و إمساك النكير عليهم لا يدل على الرضا بعملهم إلا أن يقال إنه لو كان عملهم منكرا لم يترك الإمام بل و لا أتباعه من الصحابة النكير على العاملين إظهارا للحق و إن لم يظنوا الارتداع إذ ليست هذه المسألة بأعظم من مسألة الخلافة التي أنكرها عليهم من أنكر لإظهار الحق و دفعا لتوهم دلالة السكوت على الرضا.

السادس من وجوه تقرير الإجماع دعوى الإجماع من الإمامية حتى السيد و أتباعه على وجوب الرجوع إلى هذه الأخبار الموجودة في أيدينا المودعة في أصول الشيعة و كتبهم.

و لعل هذا هو الذي فهمه بعض من عبارة الشيخ المتقدمة عن العدة فحكم بعدم مخالفة الشيخ للسيد قدس سرهما. و فيه أولا أنه إن أريد ثبوت الاتفاق على العمل بكل واحد واحد من أخبار هذه الكتب فهو مما علم خلافه بالعيان و إن أريد ثبوت الاتفاق على العمل بها في الجملة على اختلاف العاملين في شروط العمل حتى يجوز أن يكون المعمول به عند بعضهم مطروحا عند آخر فهذا لا ينفعنا إلا في حجية ما علم اتفاق الفرقة على العمل به بالخصوص و ليس يوجد ذلك في الأخبار إلا نادرا.

خصوصا مع ما نرى من رد بعض المشايخ كالصدوق و الشيخ بعض الأخبار المودعة في الكتب المعتبرة بضعف السند أو بمخالفة الإجماع أو نحوهما.

و أما ثانيا فلأن ما ذكر من الاتفاق لا ينفع حتى في الخبر الذي علم اتفاق الفرقة على قبوله و العمل به لأن الشرط في الاتفاق العملي أن يكون وجه عمل المجمعين معلوما أ لا ترى أنه لو

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 166

اتفق جماعة يعلم برضاء الإمام عليه السلام بعملهم على النظر إلى امرأة لكن يعلم أو يحتمل أن يكون وجه نظرهم كونها زوجة لبعضهم و أما لآخر و بنتا لثالث و أم زوجة لرابع و بنت زوجة لخامس و هكذا فهل يجوز لغيرهم ممن لا محرمية بينها و بينه أن ينظر إليها من جهة اتفاق الجماعة الكاشف عن رضاء الإمام عليه السلام بل لو رأى شخص الإمام عليه السلام ينظر إلى امرأة فهل يجوز لعاقل التأسي به.

و ليس هذا كله إلا من جهة أن الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذي يقع عليه فلا بد في الاتفاق العملي من العلم بالجهة و الحيثية التي اتفق المجمعون على إيقاع الفعل من هذه الجهة و الحيثية و مرجع هذا إلى وجوب إحراز الموضوع في الحكم الشرعي المستفاد من الفعل.

ففيما نحن فيه إذا علم بأن بعض المجمعين يعملون بخبر من حيث علمه بصدوره بالتواتر أو بالقرينة و بعضهم من حيث كونه ظانا بصدوره قاطعا بحجية هذا الظن فإذا لم يحصل لنا العلم بصدوره و لا العلم بحجية الظن الحاصل منه أو علمنا بخطإ من يعمل به لأجل مطلق الظن أو احتملنا خطأه فلا يجوز لنا العمل بذلك الخبر تبعا للمجمعين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 167