حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: تمہاری خندہ پیشانی، تمہاری ذاتی شرافت کی دلیل ہوتی ہے۔ مستدرک الوسائل حدیث9980

المقصد الأول في القطع‏
و ينبغي التنبيه على أمور
الثاني [هل القطع الحاصل من المقدمات العقلية حجة]
الثالث قد اشتهر في السنة المعاصرين أن قطع القطاع لا اعتبار به‏
المقام الثاني و هو كفاية العلم الإجمالي في الامتثال‏
أما المقام الأول و هو كفاية العلم الإجمالي في تنجز التكليف و اعتباره كالتفصيلي‏
المقصد الثاني في الظن‏
المقام الثاني في وقوع التعبد بالظن في الأحكام الشرعية
الظنون المعتبرة
و ينبغي التنبيه على أمور
و أما القسم الثاني و هو الظن الذي يعمل لتشخيص الظواهر
و من جملة الظنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد
و من جملة الظنون التي توهم حجيتها بالخصوص الشهرة في الفتوى‏
و من جملة الظنون ا...خبر الواحد في الجملة
أما حجة المانعين فالأدلة الثلاثة
و أما المجوزون فقد استدلوا على حجيته بالأدلة الأربعة
و أما السنة ف طوائف من الأخبار
و أما الإجماع فتقريره من وجوه‏
الرابع دليل العقل‏
الثاني حجية مطلق الظن‏
المقدمة الثالثة
المقدمة الرابعة
و ينبغي التنبيه على أمور
الأمر الثاني نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة أو كلية
المقام الثاني في أنه على أحد التقريرين السابقين
ثم إن الإشكال هنا في مقامين‏
الأمر الثالث لا فرق بين الظن من أمارة على حكم و أمارة متعلقة بألفاظ الدليل‏
الأمر الرابع الثابت بالمقدمات هو الاكتفاء بالظن في الخروج عن عهدة الأحكام‏
الأمر الخامس في اعتبار الظن في أصول الدين‏
الأمر السادس إذا بنينا على عدم حجية ظن فهل يترتب عليه آثار أخر غيرها

رسائل حصہ اول

و من جملة الظنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد

عند كثير ممن يقول باعتبار الخبر بالخصوص نظرا إلى أنه من أفراده فيشمله أدلته و المقصود من ذكره هنا مقدما على بيان الحال في الأخبار هو التعرض للملازمة بين حجية الخبر و حجيته فنقول إن ظاهر أكثر القائلين باعتباره بالخصوص أن الدليل عليه هو الدليل على حجية خبر العادل فهو عندهم كخبر صحيح عالي السند لأن مدعي الإجماع يحكي مدلوله و يرويه عن الإمام عليه السلام بلا واسطة و يدخل الإجماع ما يدخل الخبر من الأقسام و يلحقه ما يلحقه من الأحكام.

و الذي يقوى في النظر هو عدم الملازمة بين حجية الخبر و حجية الإجماع المنقول و توضيح ذلك يحصل بتقديم أمرين الأمر الأول أن الأدلة الخاصة التي أقاموها على حجية خبر العادل لا تدل إلا على حجية الإخبار عن حس لأن العمدة من تلك الأدلة هو الاتفاق الحاصل من عمل القدماء و أصحاب الأئمة عليهم السلام و معلوم عدم شمولها إلا للرواية المصطلحة و كذلك الأخبار الواردة في العمل بالروايات.

اللهم إلا أن يدعى أن المناط في وجوب العمل بالروايات هو كشفها عن الحكم الصادر عن المعصوم و لا يعتبر في ذلك حكاية ألفاظ الإمام عليه السلام و لذا يجوز النقل بالمعنى.

فإذا كان المناط كشف الروايات عن صدور معناها عن الإمام عليه السلام و لو بلفظ آخر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 78

و المفروض أن حكاية الإجماع أيضا حكاية حكم صادر عن المعصوم عليه السلام بهذه العبارة التي هي معقد الإجماع أو بعبارة أخرى وجب العمل به.

لكن هذا المناط لو ثبت دل على حجية الشهرة بل فتوى الفقيه إذا كشف عن صدور الحكم بعبارة الفتوى أو بعبارة غيرها كما عمل بفتاوى علي بن بابويه قدس سره لتنزيل فتواه منزلة روايته بل على حجية مطلق الظن بالحكم الصادر عن الإمام عليه السلام و سيجي‏ء توضيح الحال إن شاء الله.

و أما الآيات فالعمدة فيها من حيث وضوح الدلالة هي آية النبإ.

و هي إنما تدل على وجوب قبول خبر العادل دون خبر الفاسق و الظاهر منها بقرينة التفصيل بين العادل حين الأخبار و الفاسق و بقرينة تعليل اختصاص التبين بخبر الفاسق بقيام احتمال الوقوع في الندم احتمالا مساويا لأن الفاسق لا رادع له عن الكذب هو عدم الاعتناء باحتمال تعمد كذبه لا وجوب البناء على إصابته و عدم خطائه في حدسه لأن الفسق و العدالة حين الإخبار لا يصلح مناطا لتصويب المخبر و تخطئته بالنسبة إلى حدسه و كذا احتمال الوقوع في الندم من جهة الخطإ في الحدس أمر مشترك بين العادل و الفاسق فلا يصلح لتعليل الفرق به.

فعلمنا من ذلك أن المقصود من الآية إرادة نفي احتمال تعمد الكذب عن العادل حين الإخبار دون الفاسق لأن هذا هو الذي يصلح لإناطته بالفسق و العدالة حين الأخبار و منه تبين عدم دلالة الآية على قبول الشهادة الحدسية إذا قلنا بدلالة الآية على اعتبار شهادة العدل.

فإن قلت إن مجرد دلالة الآية على ما ذكر لا يوجب قبول الخبر لبقاء احتمال خطإ العادل فيما أخبر و إن لم يتعمد الكذب فيجب التبين في خبر العادل أيضا لاحتمال خطائه و سهوه و هو خلاف الآية المفصلة بين العادل و الفاسق غاية الأمر وجوبه في خبر الفاسق من جهتين و في العادل من جهة واحدة.

قلت إذا ثبت بالآية عدم جواز الاعتناء باحتمال تعمد كذبه ينفى احتمال خطائه و غفلته و اشتباهه بأصالة عدم الخطإ في الحس و هذا أصل عليه إطباق العقلاء و العلماء في جميع الموارد.

نعم لو كان المخبر ممن يكثر عليه الخطأ و الاشتباه لم يعبأ بخبره لعدم جريان أصالة عدم الخطإ و الاشتباه و لذا يعتبرون في الشاهد و الراوي الضبط و إن كان ربما يتوهم الجاهل ثبوت ذلك من الإجماع.

إلا أن المنصف يشهد بأن اعتبار هذا في جميع موارده ليس لدليل خارجي مخصص لعموم آية

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 79

النبإ و نحوها مما دل على وجوب قبول قول العادل بل لما ذكرنا من أن المراد بوجوب قبول قول العادل رفع التهمة عنه من جهة احتمال تعمده الكذب لا تصويبه و عدم تخطئته أو غفلته.

و يؤيد ما ذكرنا أنه لم يستدل أحد من العلماء على حجية فتوى الفقيه على العامي بآية النبإ مع استدلالهم عليها بآيتي النفر و السؤال.

و الظاهر أن ما ذكرنا من عدم دلالة الآية و أمثالها من أدلة قبول قول العادل على وجوب تصويبه في الاعتقاد هو الوجه فيما ذهب إليه المعظم بل أطبقوا عليه كما في الرياض من عدم اعتبار الشهادة في المحسوسات إذا لم تستند إلى الحس و إن علله في الرياض بما لا يخلو عن نظر من أن الشهادة من الشهود و هو الحضور فالحس مأخوذ في مفهومها.

و الحاصل أنه لا ينبغي الإشكال في أن الإخبار عن حدس و اجتهاد و نظر ليس حجة إلا على من وجب عليه تقليد المخبر في الأحكام الشرعية و أن الآية ليست عامة لكل خبر و دعوى خرج ما خرج.

فإن قلت فعلى هذا إذا أخبر الفاسق بخبر يعلم بعدم تعمده للكذب فيه تقبل شهادته فيه لأن احتمال تعمده للكذب منتف بالفرض و احتمال غفلته و خطائه منفي بالأصل المجمع عليه مع أن شهادته مردودة إجماعا.

قلت ليس المراد مما ذكرنا عدم قابلية العدالة و الفسق لإناطة الحكم بهما وجودا و عدما تعبدا كما في الشهادة و الفتوى و نحوهما بل المراد أن الآية المذكورة لا تدل إلا على مانعية الفسق من حيث قيام احتمال تعمد الكذب معه فيكون مفهومها عدم المانع في العادل من هذه الجهة فلا يدل على وجوب قبول خبر العادل إذا لم يمكن نفي خطائه بأصالة عدم الخطإ المختصة بالأخبار الحسية فالآية لا تدل أيضا على اشتراط العدالة و مانعية الفسق في صورة العلم بعدم تعمد الكذب بل لا بدله من دليل آخر فتأمل الأمر الثاني أن الإجماع في مصطلح الخاصة بل العامة الذين هم الأصل له و هو الأصل لهم هو اتفاق جميع العلماء في عصر كما ينادي بذلك تعريفات كثير من الفريقين.

(قال في التهذيب الإجماع هو اتفاق أهل الحل و العقد من أمة محمد صلى اللَّه عليه و آله.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 80

(و قال صاحب غاية البادي في شرح المبادي الذي هو أحد علمائنا المعاصرين للعلامة قدس سره الإجماع في اصطلاح فقهاء أهل البيت عليهم السلام هو اتفاق أمة محمد صلى اللَّه عليه و آله على وجه يشتمل على قول المعصوم) انتهى. (و قال في المعالم الإجماع في الاصطلاح اتفاق خاص و هو اتفاق من يعتبر قوله من الأمة انتهى).

و كذا غيرها من العبارات المصرحة بذلك في تعريف الإجماع و غيره من المقامات كما تراهم يعتذرون كثيرا عن وجود المخالف بانقراض عصره.

ثم إنه لما كان وجه حجية الإجماع عند الإمامية اشتماله على قول الإمام عليه السلام كانت الحجية دائرة مدار وجوده عليه السلام في كل جماعة هو أحدهم و لذا (قال السيد المرتضى إذا كان علة كون الإجماع حجة كون الإمام فيهم فكل جماعة كثرت أو قلت كان قول الإمام في أقوالها فإجماعها حجة و إن خلاف الواحد و الاثنين إذا كان الإمام أحدهما قطعا أو تجويزا يقتضي عدم الاعتداد بقول الباقين و إن كثر و إن الإجماع بعد الخلاف كالمبتدإ في الحجية انتهى).

(و قال المحقق في المعتبر بعد إناطة حجية الإجماع بدخول قول الإمام عليه السلام إنه لو خلا المائة من فقهائنا من قوله لم يكن قولهم حجة و لو حصل في اثنين كان قولهما حجة انتهى).

(و قال العلامة رحمه الله بعد قوله إن الإجماع عندنا حجة لاشتماله على قول المعصوم و كل جماعة قلت أو كثرت كان قول الإمام عليه السلام في جملة أقوالها فإجماعها حجة لأجله لا لأجل الإجماع انتهى).

هذا و لكن لا يلزم من كونه حجة تسميته إجماعا في الاصطلاح كما أنه ليس كل خبر جماعة يفيد العلم متواترا في الاصطلاح و أما ما اشتهر بينهم من أنه لا يقدح خروج معلوم النسب واحدا أو أكثر فالمراد أنه لا يقدح في حجية اتفاق الباقي لا في تسميته إجماعا كما علم من فرض المحقق‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 81

قدس سره الإمام عليه السلام في اثنين.

نعم ظاهر كلمات جماعة يوهم تسميته إجماعا في الاصطلاح حيث تراهم يدعون الإجماع في مسألة ثم يعتذرون عن وجود المخالف بأنه معلوم النسب لكن التأمل الصادق يشهد بأن الغرض الاعتذار عن قدح المخالف في الحجية لا في التسمية. نعم يمكن أن يقال إنهم قد تسامحوا في إطلاق الإجماع على اتفاق الجماعة التي علم دخول الإمام عليه السلام فيها لوجود مناط الحجية فيه و كون وجود المخالف غير مؤثر شيئا و قد شاع هذا التسامح بحيث كاد أن ينقلب اصطلاح الخاصة عما وافق اصطلاح العامة إلى ما يعم اتفاق طائفة من الإمامية كما يعرف من أدنى تتبع لموارد الاستدلال بل الإطلاق لفظ الإجماع بقول مطلق على إجماع الإمامية فقط مع أنهم بعض الأمة لا كلهم ليس إلا لأجل المسامحة من جهة أن وجود المخالف كعدمه من حيث مناط الحجية.

و على أي تقدير فظاهر إطلاقهم إرادة دخول قول الإمام عليه السلام في أقوال المجمعين بحيث يكون دلالته عليه بالتضمن فيكون الإخبار عن الإجماع إخبارا عن قول الإمام عليه السلام و هذا هو الذي يدل عليه كلام المفيد و المرتضى و ابن زهرة و المحقق و العلامة و الشهيدين و من تأخر عنهم.

و أما اتفاق من عدا الإمام عليه السلام بحيث يكشف عن صدور الحكم عن الإمام عليه السلام بقاعدة اللطف كما عن الشيخ رحمه الله أو التقرير كما عن بعض المتأخرين أو بحكم العادة القاضية باستحالة توافقهم على الخطإ مع كمال بذل الوسع في فهم الحكم الصادر عن الإمام عليه السلام فهذا ليس إجماعا اصطلاحيا إلا أن ينضم قول الإمام عليه السلام المكشوف عنه باتفاق هؤلاء إلى أقوالهم فيسمى المجموع إجماعا بناء على ما تقدم من المسامحة في تسمية اتفاق جماعة مشتمل على قول الإمام عليه السلام إجماعا و إن خرج عنه الكثير أو الأكثر فالدليل في الحقيقة هو اتفاق من عدا الإمام عليه السلام و المدلول الحكم الصادر عنه عليه السلام نظير كلام الإمام عليه السلام و معناه.

فالنكتة في التعبير عن الدليل بالإجماع مع توقفه على ملاحظة انضمام مذهب الإمام عليه السلام الذي هو المدلول إلى الكاشف عنه و تسمية المجموع دليلا هو التحفظ على ما جرت سيرة أهل الفن من إرجاع كل دليل إلى أحد الأدلة المعروفة بين الفريقين أعني الكتاب و السنة و الإجماع و العقل.

ففي إطلاق الإجماع على هذا مسامحة في مسامحة و حاصل المسامحتين إطلاق الإجماع على اتفاق‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 82

طائفة يستحيل بحكم العادة خطؤهم و عدم وصولهم إلى حكم الإمام عليه السلام.

و الاطلاع على تعريفات الفريقين و استدلالات الخاصة و أكثر العامة على حجية الإجماع يوجب القطع بخروج هذا الإطلاق عن المصطلح و بنائه على المسامحة لتنزيل وجود من خرج عن هذا الاتفاق منزلة عدمه كما عرفت من السيد و الفاضلين قدست أسرارهم من أن كل جماعة قلت أو كثرت علم دخول قول الإمام عليه السلام فيهم فإجماعهم حجة.

و يكفيك في هذا ما سيجي‏ء (من المحقق الثاني في تعليق الشرائع من دعوى الإجماع على أن خروج الواحد من علماء العصر قادح في انعقاد الإجماع) مضافا إلى ما عرفت من إطباق الفريقين على تعريف الإجماع باتفاق الكل.

ثم إن المسامحة من الجهة الأولى أو الثانية في إطلاق لفظ الإجماع على هذا من دون قرينة لا ضير فيها لأن العبرة في الاستدلال بحصول العلم من الدليل للمستدل نعم لو كان نقل الإجماع المصطلح حجة عند الكل كان إخفاء القرينة في الكلام الذي هو المرجع للغير تدليسا أما لو لم يكن نقل الإجماع حجة أو كان نقل مطلق الدليل القطعي حجة لم يلزم تدليس أصلا. و يظهر من ذلك ما في كلام صاحب المعالم رحمه الله حيث إنه بعد أن ذكر أن حجية الإجماع إنما هي لاشتماله على قول المعصوم و استنهض بكلام المحقق الذي تقدم و استجوده (قال و العجب من غفلة جمع من الأصحاب عن هذا الأصل و تساهلهم في دعوى الإجماع عند احتجاجهم به للمسائل الفقهية حتى جعلوه عبارة عن اتفاق جماعة من الأصحاب فعدلوا به عن معناه الذي جرى عليه الاصطلاح من دون نصب قرينة جلية و لا دليل لهم على الحجية يعتد به انتهى).

و قد عرفت أن مساهلتهم و تسامحهم في محله بعد ما كان مناط حجية الإجماع الاصطلاحي موجودا في اتفاق جماعة من الأصحاب و عدم تعبيرهم عن هذا الاتفاق بغير لفظ الإجماع لما عرفت من التحفظ على عناوين الأدلة المعروفة بين الفريقين. إذا عرفت ما ذكرنا فنقول إن الحاكي للاتفاق قد ينقل الإجماع بقول مطلق أو مضافا إلى المسلمين أو الشيعة أو أهل الحق أو غير ذلك مما يمكن أن يراد به دخول الإمام عليه السلام في المجمعين و قد ينقله مضافا إلى من عدا الإمام عليه السلام كقوله أجمع علماؤنا أو أصحابنا أو

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 83

فقهاؤنا أو فقهاء أهل البيت عليهم السلام فإن ظاهر ذلك من عدا الإمام عليه السلام و إن كان إرادة العموم محتملة بمقتضى المعنى اللغوي لكنه مرجوح فإن أضاف الإجماع إلى من عدا الإمام عليه السلام فلا إشكال في عدم حجية نقله لأنه لم ينقل حجة و إن فرض حصول العلم للناقل بصدور الحكم عن الإمام عليه السلام من جهة هذا الاتفاق إلا أنه إنما نقل سبب العلم و لم ينقل المعلوم و هو قول الإمام عليه السلام حتى يدخل في نقل الحجة و حكاية السنة بخبر الواحد.

نعم لو فرض أن السبب المنقول مما يستلزم عادة موافقة قول الإمام عليه السلام أو وجود دليل ظني معتبر حتى بالنسبة إلينا أمكن إثبات ذلك السبب المحسوس بخبر العادل و الانتقال منه إلى لازمه لكن سيجي‏ء بيان الإشكال في تحقق ذلك. و في حكم الإجماع المضاف إلى من عدا الإمام عليه السلام الإجماع المطلق المذكور في مقابل الخلاف كما يقال خرء الحيوان الغير المأكول غير الطير نجس إجماعا و إنما اختلفوا في خرء الطير أو يقال إن محل الخلاف هو كذا و إما كذا فحكمه كذا إجماعا فإن معناه في مثل هذا كونه قولا واحدا.

و أضعف مما ذكر نقل عدم الخلاف و أنه ظاهر الأصحاب أو قضية المذهب و شبه ذلك.

و إن أطلق الإجماع أو أضافه على وجه يظهر منه إرادة المعنى المصطلح المتقدم و لو مسامحة لتنزيل وجود المخالف منزلة العدم لعدم قدحه في الحجية فظاهر الحكاية كونها حكاية للسنة أعني حكم الإمام عليه السلام لما عرفت من أن الإجماع الاصطلاحي متضمن لقول الإمام عليه السلام فيدخل في الخبر و الحديث. إلا أن مستند علم الحاكي بقول الإمام عليه السلام أحد أمور أحدها الحس كما إذا سمع الحكم من الإمام عليه السلام في جملة جماعة لا يعرف أعيانهم فيحصل له العلم بقول الإمام عليه السلام.

و هذا في غاية القلة بل نعلم جزما أنه لم يتفق لأحد من هؤلاء الحاكين للإجماع كالشيخين و السيدين و غيرهما و لذا صرح الشيخ في العدة في مقام الرد على السيد حيث أنكر الإجماع من باب وجوب اللطف بأنه لو لا قاعدة اللطف لم يمكن التوصل إلى معرفة موافقة الإمام للمجمعين.

الثاني قاعدة اللطف على ما ذكره الشيخ في العدة و حكى القول به عن غيره من المتقدمين.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 84

و لا يخفى أن الاستناد إليه غير صحيح على ما ذكر في محله فإذا علم استناد الحاكي إليه فلا وجه للاعتماد على حكايته و المفروض أن إجماعات الشيخ كلها مستندة إلى هذه القاعدة لما عرفت من كلامه المتقدم عن العدة و ستعرف منها و من غيرها من كتبه.

فدعوى مشاركته للسيد قدس سره في استكشاف قول الإمام عليه السلام من تتبع أقوال الأمة و اختصاصه بطريق آخر مبني على وجوب قاعدة اللطف غير ثابتة و إن ادعاها بعض فإنه قدس سره (قال في العدة في حكم ما إذا اختلفت الإمامية على قولين يكون أحد القولين قول الإمام عليه السلام على وجه لا يعرف بنفسه و الباقون كلهم على خلافه إنه متى اتفق ذلك فإن كان على القول الذي انفرد به الإمام عليه السلام دليل من كتاب أو سنة مقطوع بها لم يجب عليه الظهور و لا الدلالة على ذلك لأن الموجود من الدليل كاف في إزاحة التكليف و متى لم يكن عليه دليل وجب عليه الظهور أو إظهار من يبين الحق في تلك المسألة إلى أن قال و ذكر المرتضى علي بن الحسين الموسوي أخيرا أنه يجوز أن يكون الحق عند الإمام عليه السلام و الأقوال الأخر كلها باطلة و لا يجب عليه الظهور لأنا إذا كنا نحن السبب في استتاره فكل ما يفوتنا من الانتفاع به و بما معه من الأحكام يكون قد فاتنا من قبل أنفسنا و لو أزلنا سبب الاستتار لظهر و انتفعنا به و أدى إلينا الحق الذي كان عنده.

قال و هذا عندي غير صحيح لأنه يؤدي إلى أن لا يصح الاحتجاج بإجماع الطائفة أصلا لأنا لا نعلم دخول الإمام عليه السلام فيها إلا بالاعتبار الذي بيناه و متى جوزنا انفراده بالقول و أنه لا يجب ظهوره منع ذلك من الاحتجاج بالإجماع انتهى كلامه. و ذكر في موضع آخر من العدة أن هذه الطريقة يعني طريقة السيد المتقدمة غير مرضية عندي لأنها تؤدي إلى أن لا يستدل بإجماع الطائفة أصلا لجواز أن يكون قول الإمام عليه السلام مخالفا لها و مع ذلك لا يجب عليه إظهار ما عنده انتهى). فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 85

و أصرح من ذلك في انحصار طريق الإجماع عند الشيخ فيما ذكره من قاعدة اللطف ما حكي عن بعض أنه (حكاه عن كتاب التهذيب [التمهيد] للشيخ أن سيدنا المرتضى قدس سره كان يذكر كثيرا أنه لا يمتنع أن يكون هنا أمور كثيرة غير واصلة إلينا علمها مودع عند الإمام عليه السلام و إن كتمها الناقلون و لا يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق إلى أن قال و قد اعترضنا على هذا في كتاب العدة في أصول الفقه و قلنا هذا الجواب صحيح لو لا ما نستدل في أكثر الأحكام على صحته بإجماع الفرقة فمتى جوزنا أن يكون قول الإمام عليه السلام خلافا لقولهم و لا يجب ظهوره جاز لقائل أن يقول ما أنكرتم أن يكون قول الإمام عليه السلام خارجا عن قول من تظاهر بالإمامة و مع هذا لا يجب عليه الظهور لأنهم أتوا من قبل أنفسهم فلا يمكننا الاحتجاج بإجماعهم أصلا انتهى).

فإن صريح هذا الكلام أن القادح في طريقة السيد منحصر في استلزامها رفع التمسك بالإجماع و لا قادح فيها سوى ذلك و لذا صرح في كتاب الغيبة بأنها قوية تقتضيها الأصول فلو كان لمعرفة الإجماع و جواز الاستدلال به طريق آخر غير قاعدة وجوب إظهار الحق عليه لم يبق ما يقدح في طريقة السيد لاعتراف الشيخ بصحتها لو لا كونها مانعة عن الاستدلال بالإجماع. ثم إن الاستناد إلى هذا الوجه ظاهر من كل من اشترط في تحقق الإجماع عدم مخالفة أحد من علماء العصر كفخر الدين و الشهيد و المحقق الثاني.

(قال في الإيضاح في مسألة ما يدخل في المبيع إن من عادة المجتهد إذا تغير اجتهاده إلى التردد أو الحكم بخلاف ما اختاره أولا لم يبطل ذكر الحكم الأول بل يذكر ما أدى إليه اجتهاده ثانيا في موضع آخر لبيان عدم انعقاد إجماع أهل عصر الاجتهاد الأول على خلافه و عدم انعقاد إجماع أهل العصر الثاني على كل واحد منهما و أنه لم يحصل في الاجتهاد الثاني مبطل للأول بل معارض لدليله مساو له انتهى).

و قد أكثر في الإيضاح من عدم الاعتبار بالخلاف لانقراض عصر المخالف.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 86

و ظاهره الانطباق على هذه الطريقة كما لا يخفى.

(و قال في الذكرى ظاهر العلماء المنع عن العمل بقول الميت محتجين بأنه لا قول للميت و لهذا ينعقد الإجماع على خلافه ميتا).

(و استدل المحقق الثاني في حاشية الشرائع على أنه لا قول للميت بالإجماع على أن خلاف الفقيه الواحد لسائر أهل عصره يمنع من انعقاد الإجماع اعتدادا بقوله و اعتبارا بخلافه فإذا مات و انحصر أهل العصر في المخالفين له انعقد و صار قوله غير منظور إليه و لا يعتد به انتهى).

(و حكي عن بعض أنه حكي عن المحقق الداماد أنه قدس سره قال في بعض كلام له في تفسير النعمة الباطنة إن من فوائد الإمام عجل الله فرجه أن يكون مستندا لحجية إجماع أهل الحل و العقد من العلماء على حكم من الأحكام إجماعا بسيطا في أحكامهم الإجماعية و حجية إجماعهم المركب في أحكامهم الخلافية فإنه عجل الله فرجه لا ينفرد بقول بل من الرحمة الواجبة في الحكمة الإلهية أن يكون في المجتهدين المختلفين في المسألة المختلف فيها من علماء العصر من يوافق رأيه رأي إمام عصره و صاحب أمره و يطابق قوله قوله و إن لم يكن ممن نعلمه بعينه و نعرفه بشخصه انتهى). و كأنه لأجل مراعاة هذه الطريقة التجأ الشهيد في الذكرى إلى توجيه الإجماعات التي ادعاها جماعة في المسائل الخلافية مع وجود المخالف فيها بإرادة غير المعنى الاصطلاحي من الوجوه التي حكاها عنه في المعالم و لو جامع الإجماع وجود الخلاف و لو من معلوم النسب لم يكن داع إلى التوجيهات المذكورة مع بعدها أو أكثرها.

الثالث من طرق انكشاف قول الإمام عليه السلام لمدعي الإجماع الحدس و هذا على وجهين أحدهما أن يحصل له ذلك من طريق لو علمنا به ما خطأناه في استكشافه و هذا على وجهين أحدهما أن يحصل له الحدس الضروري من مبادي محسوسة بحيث يكون الخطأ فيه من قبيل الخطإ في الحس فيكون بحيث لو حصل لنا تلك الأخبار لحصل لنا العلم كما حصل له ثانيهما أن يحصل الحدس له من إخبار جماعة اتفق له العلم بعدم اجتماعهم على الخطإ لكن ليس إخبارهم ملزوما

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 87

عادة للمطابقة لقول الإمام عليه السلام بحيث لو حصل لنا علمنا بالمطابقة أيضا.

الثاني أن يحصل ذلك من مقدمات نظرية و اجتهادات كثيرة الخطإ بل علمنا بخطإ بعضها في موارد كثيرة من نقلة الإجماع علمنا ذلك منهم بتصريحاتهم في موارد و استظهرنا ذلك منهم في موارد أخر و سيجي‏ء جملة منها إذا عرفت أن مستند خبر المخبر بالإجماع المتضمن للإخبار من الإمام عليه السلام لا يخلو من الأمور الثلاثة المتقدمة و هي السماع عن الإمام مع عدم معرفته بعينه و استكشاف قوله من قاعدة اللطف و حصول العلم من الحدس و ظهر لك أن الأول هنا غير متحقق عادة لأحد من علمائنا المدعين للإجماع و أن الثاني ليس طريقا للعلم فلا يسمع دعوى من استند إليه فلم يبق مما يصلح أن يكون المستند في الإجماعات المتداولة على السنة ناقليها إلا الحدس و عرفت أن الحدس قد يستند إلى مبادي محسوسة ملزومة عادة لمطابقة قول الإمام عليه السلام نظير العلم الحاصل من الحواس الظاهرة و نظير الحدس الحاصل لمن أخبر بالعدالة و الشجاعة لمشاهدته آثارهما المحسوسة الموجبة للانتقال إليهما بحكم العادة أو إلى مبادي محسوسة موجبة لعلم المدعي بمطابقة قول الإمام عليه السلام من دون ملازمة عادية و قد يستند إلى اجتهادات و أنظار.

و حيث لا دليل على قبول خبر العادل المستند إلى القسم الأخير من الحدس بل و لا المستند إلى الوجه الثاني و لم يكن هناك ما يعلم به كون الأخبار مستندا إلى القسم الأول من الحدس وجب التوقف في العمل بنقل الإجماع كسائر الأخبار المعلوم استنادها إلى الحدس المردد بين الوجوه المذكورة.

فإن قلت ظاهر لفظ الإجماع اتفاق الكل فإذا أخبر الشخص بالإجماع فقد أخبر باتفاق الكل و من المعلوم أن حصول العلم بالحكم من اتفاق الكل كالضروري فحدس المخبر مستند إلى مبادي محسوسة ملزومة لمطابقة قول الإمام عليه السلام عادة فإما أن يجعل الحجة نفس ما استفاده من الاتفاق نظير الإخبار بالعدالة و إما أن يجعل الحجة إخباره بنفس الاتفاق المستلزم عادة لقول الإمام عليه السلام و يكون نفس المخبر به حينئذ محسوسا نظير إخبار الشخص بأمور تستلزم العدالة أو الشجاعة عادة.

(و قد أشار إلى الوجهين بعض السادة الأجلة في شرحه على الوافية فإنه قدس سره لما اعترض على نفسه بأن المعتبر من الأخبار ما استند إلى إحدى‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 88

الحواس و المخبر بالإجماع إنما رجع إلى بذل الجهد و مجرد الشك في دخول مثل ذلك في الخبر يقتضي منعه. أجاب عن ذلك بأن المخبر هنا أيضا يرجع إلى السمع فيما يخبر عن العلماء و إن جاء العلم بمقالة المعصوم من مراعاة أمر آخر كوجوب اللطف و غيره.

ثم أورد بأن المدار في حجية الإجماع على مقالة المعصوم عليه السلام فالإخبار إنما هو بها و لا يرجع إلى سمع. فأجاب عن ذلك أولا بأن مدار الحجية و إن كان ذلك لكن استلزام اتفاق كلمة العلماء لمقالة المعصوم عليه السلام معلوم لكل أحد لا يحتاج فيه إلى النقل و إنما الغرض من النقل ثبوت الاتفاق فبعد اعتبار خبر الناقل لوثاقته و رجوعه في حكاية الاتفاق إلى الحس و السماع كان الاتفاق معلوما و متى ثبت ذلك كشف عن مقالة المعصوم للملازمة المعلومة لكل أحد. و ثانيا أن الرجوع في حكاية الإجماع إلى نقل مقالة المعصوم لرجوع الناقل في ذلك إلى الحس باعتبار أن الاتفاق من آثارها و لا كلام في اعتبار مثل ذلك كما في الإخبار بالإيمان و الفسق و الشجاعة و الكرم و غيرها من الملكات و إنما لا يرجع إلى الأخبار في العقليات المحضة فإنه لا يعول عليها و إن جاء بها ألف من الثقات حتى يدرك مثل ما أدركوا.

ثم أورد على ذلك بأنه يلزم من ذلك الرجوع إلى المجتهد لأنه و إن لم يرجع إلى الحس في نفس الأحكام إلا أنه رجع في لوازمها و آثارها إليه و هي أدلتها السمعية فيكون رواية فلم لا يقبل إذا جاء به الثقة.

و أجاب بأنه إنما يكفي الرجوع إلى الحس في الآثار إذا كانت الآثار مستلزمة له عادة و بالجملة إذا أفادت اليقين كما في آثار الملكات و آثار مقالة الرئيس و هي مقالة رعيته و هذا بخلاف ما يستنهضه المجتهد من الدليل على الحكم.

ثم قال علي أن التحقيق في الجواب عن السؤال الأول هو الوجه الأول و عليه فلا أثر لهذا السؤال انتهى).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 89

قلت إن الظاهر من الإجماع اتفاق أهل عصر واحد لا جميع الأعصار كما يظهر من تعاريفهم و سائر كلماتهم و من المعلوم أن إجماع أهل عصر واحد مع قطع النظر عن موافقة أهالي الأعصار المتقدمة و مخالفتهم لا يوجب عن طريق الحدس العلم الضروري بصدور الحكم عن الإمام عليه السلام و لذا قد يتخلف لاحتمال مخالفة من تقدم عليهم أو أكثرهم نعم يفيد العلم من باب وجوب اللطف الذي لا نقول بجريانه في المقام كما قرر في محله مع أن علماء العصر إذا كثروا كما في الأعصار السابقة يتعذر أو يتعسر الاطلاع عليهم حسا بحيث يقطع بعدم من سواهم في العصر إلا إذا كان العلماء في عصر قليلين يمكن الإحاطة بآرائهم في المسألة فيدعي الإجماع إلا أن مثل هذا الأمر المحسوس لا يستلزم عادة لموافقة المعصوم عليه السلام فالمحسوس المستلزم عادة لقول الإمام عليه السلام مستحيل التحقق للناقل و الممكن التحقق له غير مستلزم عادة.

و كيف كان فإذا ادعى الناقل الإجماع خصوصا إذا كان ظاهره اتفاق جميع علماء الأعصار أو أكثرهم إلا من شذ كما هو الغالب في إجماعات مثل الفاضلين و الشهيدين انحصر محمله في وجوه أحدها أن يراد به اتفاق المعروفين بالفتوى دون كل قابل للفتوى من أهل عصره أو مطلقا.

الثاني أن يراد إجماع الكل و يستفيد ذلك من اتفاق المعروفين من أهل عصره و هذه الاستفادة ليست ضرورية و إن كانت قد تحصل لأن اتفاق أهل عصره فضلا عن المعروفين منهم لا يستلزم عادة اتفاق غيرهم و من قبلهم خصوصا بعد ملاحظة التخلف في كثير من الموارد لا يسع هذه الرسالة لذكر معشارها و لو فرض حصوله للمخبر كان من باب الحدس الحاصل عما لا يوجب العلم عادة نعم هي أمارة ظنية على ذلك لأن الغالب في الاتفاقيات عند أهل عصر كونه من الاتفاقيات عند من تقدمهم و قد يحصل العلم بضميمة أمارات أخر لكن الكلام في كون الاتفاق مستندا إلى الحس أو إلى حدس لازم عادة للحس.

و ألحق بذلك ما إذا علم اتفاق الكل من اتفاق جماعة لحسن ظنه بهم (كما ذكره في أوائل المعتبر حيث قال و من المقلدة من لو طالبته بدليل المسألة ادعى الإجماع لوجوده في كتب الثلاثة قدست أسرارهم و هو جهل إن لم يكن تجاهلا).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 90

فإن في توصيف المدعي بكونه مقلدا مع أنا نعلم أنه لا يدعى الإجماع إلا عن علم إشارة إلى استناده في دعواه إلى حسن الظن بهم و إن جزمه في غير محله فافهم الثالث أن يستفيد اتفاق الكل على الفتوى من اتفاقهم على العمل بالأصل عند عدم الدليل أو بعموم دليل عند عدم وجدان المخصص أو بخبر معتبر عند عدم وجدان المعارض أو اتفاقهم على مسألة أصولية نقلية أو عقلية يستلزم القول بها الحكم في المسألة المفروضة و غير ذلك من الأمور المتفق عليها التي يلزم باعتقاد المدعي من القول بها مع فرض عدم المعارض القول بالحكم المعين في المسألة.

و من المعلوم أن نسبة هذا الحكم إلى العلماء في مثل ذلك لم تنشأ إلا من مقدمتين أثبتهما المدعي باجتهاده إحداهما كون ذلك الأمر المتفق عليه مقتضيا و دليلا للحكم لو لا المانع و الثانية انتفاء المانع و المعارض و من المعلوم أن الاستناد إلى الخبر المستند إلى ذلك غير جائز عند أحد من العاملين بخبر الواحد.

ثم إن الظاهر أن الإجماعات المتعارضة من شخص واحد أو من معاصرين أو متقاربي العصرين و رجوع المدعي عن الفتوى التي ادعي الإجماع فيها و دعوى الإجماع في مسائل غير معنونة في كلام من تقدم على المدعي و في مسائل قد اشتهر خلافها بعد المدعي بل في زمانه بل في ما قبله كل ذلك مبني على الاستناد في نسبة القول إلى العلماء على هذا الوجه. و لا بأس بذكر بعض موارد صرح المدعي بنفسه أو غيره في مقام توجيه كلامه فيها بذلك.

فمن ذلك (ما وجه به المحقق دعوى المرتضى و المفيد أن من مذهبنا جواز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات قال و أما قول السائل كيف أضاف المفيد و السيد ذلك إلى مذهبنا و لا نص فيه فالجواب أما علم الهدى فإنه ذكر في الخلاف أنه إنما أضاف ذلك إلى مذهبنا لأن من أصلنا العمل بالأصل ما لم يثبت الناقل و ليس في الشرع ما يمنع الإزالة بغير الماء من المائعات ثم قال و أما المفيد فإنه ادعى في مسائل الخلاف أن ذلك مروي عن الأئمة انتهى).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 91

فظهر من ذلك أن نسبة السيد قدس سره الحكم المذكور إلى مذهبنا من جهة الأصل.

و من ذلك (ما عن الشيخ في الخلاف حيث إنه ذكر فيما إذا بان فسق الشاهدين بما يوجب القتل بعد القتل بأنه يسقط القود و تكون الدية من بيت المال قال دليلنا إجماع الفرقة فإنهم رووا أن ما أخطأت القضاة ففي بيت مال المسلمين انتهى). فعلل انعقاد الإجماع بوجود الرواية عند الأصحاب (و قال بعد ذلك فيما إذا تعددت الشهود فيمن أعتقه المريض و عين كل غير ما عينه الآخر و لم يف الثلث بالجميع إنه يخرج السابق بالقرعة قال دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم فإنهم أجمعوا على أن كل أمر مجهول فيه القرعة انتهى).

و من هذا القبيل ما (عن المفيد في فصوله حيث إنه سئل عن الدليل على أن المطلقة ثلاثا في مجلس واحد يقع منها واحدة فقال الدلالة على ذلك من كتاب الله عزّ و جل و سنة نبيه صلى اللَّه عليه و آله و إجماع المسلمين ثم استدل من الكتاب بظاهر قوله تعالى الطَّلاقُ مَرَّتانِ ثم بين وجه الدلالة و من السنة (قوله صلى اللَّه عليه و آله: كل ما لم يكن على أمرنا هذا فهو رد) (و قال: ما وافق الكتاب فخذوه و ما لم يوافقه فاطرحوه) و قد بينا أن المرة لا تكون المرتين أبدا و أن الواحدة لا تكون ثلاثا فأوجب السنة إبطال طلاق الثلاث و أما إجماع الأمة فهو مطبقون على أن ما خالف الكتاب و السنة فهو باطل و قد تقدم وصف خلاف الطلاق بالكتاب و السنة فحصل الإجماع على إبطاله انتهى).

و حكي عن الحلي في السرائر الاستدلال بمثل هذا.

و من ذلك الإجماع الذي (ادعاه الحلي على المضايقة في قضاء الفوائت في رسالته المسماة بخلاصة الاستدلال حيث قال أطبقت عليه الإمامية خلفا عن سلف و عصرا بعد عصر و أجمعت على العمل به و لا يعتد بخلاف نفر يسير من الخراسانيين فإن ابني بابويه و الأشعريين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 92

كسعيد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة و سعد بن سعد و محمد بن علي بن محبوب صاحب كتاب نوادر الحكمة و القميين أجمع كعلي بن إبراهيم بن هاشم و محمد بن الحسن بن الوليد عاملون بأخبار المضايقة لأنهم ذكروا أنه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته و حفظتهم الصدوق ذكر ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه و خريت هذه الصناعة و رئيس الأعاجم الشيخ أبو جعفر الطوسي مودع أخبار المضايقة في كتبه مفت بها و المخالف إذا علم باسمه و نسبه لم يضر خلافه انتهى). و لا يخفى أن إخباره بإجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبني على الحدس و الاجتهاد من وجوه أحدها دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به و هذا و إن كان غالبيا إلا أنه لا يوجب القطع لمشاهدة التخلف كثيرا.

الثاني تمامية دلالة تلك الأخبار عند أولئك على الوجوب إذ لعلهم فهموا منها بالقرائن الخارجية تأكد الاستحباب.

الثالث كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عند أولئك لأن وثوق الحلي بالرواة لا يدل على وثوق أولئك مع أن الحلي لا يرى جواز العمل بأخبار الآحاد و إن كانوا ثقات و المفتي إذا استند فتواه إلى خبر واحد لا يوجب اجتماع أمثاله القطع بالواقع خصوصا لمن يخطئ العمل بأخبار الآحاد.

و بالجملة فكيف يمكن أن يقال إن مثل هذا الإجماع إخبار عن قول الإمام فيدخل في الخبر الواحد مع أنه في الحقيقة اعتماد على اجتهادات الحلي مع وضوح فساد بعضها فإن كثيرا ممن ذكر أخبار المضايقة قد ذكر أخبار المواسعة أيضا و أن المفتي إذا علم استناده إلى مدرك لا يصلح للركون إليه من جهة الدلالة أو المعارضة لا يؤثر فتواه في الكشف عن قول الإمام.

و أوضح حالا في عدم جواز الاعتماد ما ادعاه الحلي من الإجماع على وجوب فطرة الزوجة و لو كانت ناشزة على الزوج و رده المحقق بأن أحدا من علماء الإسلام لم يذهب إلى ذلك فإن الظاهر أن الحلي إنما اعتمد في استكشاف أقوال العلماء على تدوينهم للروايات الدالة بإطلاقها على وجوب فطرة الزوجة على الزوج متخيلا أن الحكم معلق على الزوجة من حيث هي زوجة و لم يتفطن‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 93

لكون الحكم من حيث العيلولة أو وجوب الإنفاق فكيف يجوز الاعتماد في مثله على الإخبار بالاتفاق الكاشف عن قول الإمام عليه السلام و يقال إنها سنة محكية.

و ما أبعد ما بين ما استند إليه الحلي في هذا المقام و بين (ما ذكره المحقق في بعض كلماته المحكية حيث قال إن الاتفاق على لفظ مطلق شامل لبعض أفراده الذي وقع فيه الكلام لا يقتضي الإجماع على ذلك الفرد لأن المذهب لا يصار إليه من إطلاق اللفظ ما لم يكن معلوما من القصد لأن الإجماع مأخوذ من قولهم أجمع على كذا إذا عزم عليه فلا يدخل في الإجماع على الحكم إلا من علم منه القصد إليه كما أنا لا نعلم مذهب عشرة من الفقهاء الذين لم ينقل مذهبهم لدلالة عموم القرآن و إن كانوا قائلين به انتهى كلامه) و هو في غاية المتانة لكنك عرفت ما وقع من جماعة من المسامحة في إطلاق لفظ الإجماع (و قد حكي في المعالم عن الشهيد أنه أول كثيرا من الإجماعات لأجل مشاهدة المخالف في مواردها بإرادة الشهرة أو بعدم الظفر بالمخالف حين دعوى الإجماع أو بتأويل الخلاف على وجه لا ينافي الإجماع أو بإرادة الإجماع على الرواية و تدوينها في كتب الحديث انتهى).

(و عن المحدث المجلسي قدس سره في كتاب الصلاة من البحار بعد ذكر معنى الإجماع و وجه حجيته عند الأصحاب أنهم لما رجعوا إلى الفقه كأنهم نسوا ما ذكروه في الأصول ثم أخذ في الطعن على إجماعاتهم إلى أن قال فيغلب على الظن أن مصطلحهم في الفروع غير ما جروا عليه في الأصول انتهى).

و التحقيق أنه لا حاجة إلى ارتكاب التأويل في لفظ الإجماع بما ذكره الشهيد و لا إلى ما ذكره المحدث المذكور قدس سرهما من تغاير مصطلحهم في الفروع و الأصول بل الحق أن دعواهم للإجماع في الفروع مبني على استكشاف الآراء و رأي الإمام عليه السلام إما من حسن الظن‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 94

بجماعة من السلف أو من أمور تستلزم باجتهادهم إفتاء العلماء بذلك و صدور الحكم عن الإمام عليه السلام أيضا و ليس في هذا مخالفة لظاهر لفظ الإجماع حتى يحتاج إلى القرينة و لا تدليس لأن دعوى الإجماع ليس لأجل اعتماد الغير عليه و جعله دليلا يستريح إليه في المسألة نعم قد يوجب التدليس من جهة نسبة الفتوى إلى العلماء الظاهرة في وجدانها في كلماتهم لكنه يندفع بأدنى تتبع في الفقه ليظهر أن مبنى ذلك على استنباط المذهب لا على وجدانه مأثورا.

و الحاصل أن المتتبع في الإجماعات المنقولة يحصل له القطع من تراكم أمارات كثيرة باستناد دعوى الناقلين للإجماع خصوصا إذا أرادوا به اتفاق علماء جميع الأعصار كما هو الغالب في إجماعات المتأخرين إلى الحدس الحاصل من حسن الظن بجماعة ممن تقدم على الناقل أو من الانتقال من الملزوم إلى لازمه مع ثبوت الملازمة باجتهاد الناقل و اعتقاده.

و على هذا ينزل الإجماعات المتخالفة من العلماء مع اتحاد العصر أو تقارب العصرين و عدم المبالاة كثيرا بإجماع الغير و الخروج عنه للدليل و كذا دعوى الإجماع مع وجود المخالف فإن ما ذكرنا في مبنى الإجماع من أصح المحامل لهذه الأمور المنافية لبناء دعوى الإجماع على تتبع الفتاوى في خصوص المسألة.

(و ذكر المحقق السبزواري في الذخيرة بعد بيان تعسر العلم بالإجماع أن مرادهم بالإجماعات المنقولة في كثير من المسائل بل في أكثرها لا يكون محمولا على معناه الظاهر بل إما يرجع إلى اجتهاد من الناقل مؤد بحسب القرائن و الأمارات التي اعتبرها إلى أن المعصوم عليه السلام موافق في هذا الحكم أو مرادهم الشهرة أو اتفاق أصحاب الكتب المشهورة أو غير ذلك من المعاني المحتملة.

ثم قال بعد كلام له و الذي ظهر لي من تتبع كلام المتأخرين أنهم كانوا ينظرون إلى كتب الفتاوى الموجودة عندهم في حال التأليف فإذا رأوا اتفاقهم على حكم قالوا إنه إجماعي ثم إذا اطلعوا على تصنيف آخر خالف مؤلفه الحكم المذكور رجعوا عن الدعوى المذكورة و يرشد إلى هذا كثير من القرائن التي لا يناسب هذا المقام تفصيلها انتهى). فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 95

و حاصل الكلام من أول ما ذكرنا إلى هنا أن الناقل للإجماع إن احتمل في حقه تتبع فتاوى من ادعى اتفاقهم حتى الإمام الذي هو داخل في المجمعين فلا إشكال في حجيته و في إلحاقه بالخبر الواحد إذ لا يشترط في حجيته معرفة الإمام تفصيلا حين السماع منه لكن هذا الفرض مما يعلم بعدم وقوعه و أن المدعي للإجماع لا يدعيه على هذا الوجه.

و بعد هذا فإن احتمل في حقه تتبع فتاوى جميع المجمعين و المفروض أن الظاهر من كلامه هو اتفاق الكل المستلزم عادة لموافقة قول الإمام عليه السلام فالظاهر حجية خبره للمنقول إليه سواء جعلنا المناط في حجيته تعلق خبره بنفس الكاشف الذي هو من الأمور المحسوسة المستلزمة ضرورة لأمر حدسي و هو قول الإمام أو جعلنا المناط تعلق خبره بالمنكشف و هو قول الإمام لما عرفت من أن الخبر الحدسي المستند إلى إحساس ما هو ملزوم للمخبر به عادة كالخبر الحسي في وجوب القبول و قد تقدم الوجهان في كلام السيد الكاظمي في شرح الوافية.

لكنك قد عرفت ابقا القطع بانتفاء هذا الاحتمال خصوصا إذا أراد الناقل اتفاق علماء جميع الأعصار نعم لو فرضنا قلة العلماء في عصر بحيث يحاط بهم أمكن دعوى اتفاقهم عن حس لكن هذا غير مستلزم عادة لموافقته قول الإمام عليه السلام نعم يكشف عن موافقته بناء على طريقة الشيخ المتقدمة التي لم تثبت عندنا و عند الأكثر.

ثم إذا علم عدم استناد دعوى اتفاق العلماء المتشتتين في الأقطار الذي يكشف عادة عن موافقة الإمام عليه السلام إلا إلى الحدس الناشئ عن أحد الأمور المتقدمة التي مرجعها إلى حسن الظن أو الملازمات الاجتهادية فلا عبرة بنقله لأن الإخبار بقول الإمام عليه السلام حدسي غير مستند إلى حس ملزوم له عادة ليكون نظير الإخبار بالعدالة المستندة إلى الآثار الحسية و الإخبار بالاتفاق أيضا حدسي.

نعم يبقى هنا شي‏ء و هو أن هذا المقدار من النسبة المحتمل استناد الناقل فيها إلى الحس يكون خبره حجة فيها لأن ظاهر الحكاية محمول على الوجدان إلا إذا قام هناك صارف و المعلوم من الصارف هو عدم استناد الناقل إلى الوجدان و الحس في نسبة الفتوى إلى جميع من ادعى إجماعهم.

و أما استناد نسبة الفتوى إلى جميع أرباب الكتب المصنفة في الفتاوى إلى الوجدان في كتبهم بعد التتبع فأمر محتمل لا يمنعه عادة و لا عقل.

و ما تقدم من المحقق السبزواري من ابتناء دعوى الإجماع على ملاحظة الكتب الموجودة عنده‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 96

حال التأليف فليس عليه شاهد بل الشاهد على خلافه و على تقديره فهو ظن لا يقدح في العمل بظاهر النسبة فإن نسبة الأمر الحسي إلى شخص ظاهر في إحساس الغير إياه من ذلك الشخص و حينئذ فنقل الإجماع غالبا إلا ما شذ حجة بالنسبة إلى صدور الفتوى عن جميع المعروفين من أهل الفتاوى. و لا يقدح في ذلك أنا نجد الخلاف في كثير من موارد دعوى الإجماع إذ من المحتمل إرادة الناقل ما عدا المخالف فتتبع كتب من عداه و نسب الفتوى إليهم بل لعله اطلع على رجوع من نجده مخالفا فلا حاجة إلى حمل كلامه على من عدا المخالف.

و هذا المضمون المخبر به عن حس و إن لم يكن مستلزما بنفسه عادة لموافقة قول الإمام عليه السلام إلا أنه قد يستلزمه بانضمام أمارات أخر يحصلها المتتبع أو بانضمام أقوال المتأخرين من دعوى المسألة الإجماع.

مثلا إذا ادعى الشيخ قدس سره الإجماع على اعتبار طهارة مسجد الجبهة فلا أقل من احتمال أن يكون دعواه مستندة إلى وجدان الحكم في الكتب المعدة للفتوى و إن كان بإيراد الروايات التي يفتي المؤلف بمضمونها فيكون خبره المتضمن لإفتاء جميع أهل الفتوى بهذا الحكم حجة في مسألة فيكون كما لو وجدنا الفتاوى في كتبهم بل سمعناها منهم و فتواهم و إن لم تكن بنفسها مستلزمة عادة لموافقة الإمام عليه السلام إلا أنا إذا ضممنا إليها فتوى من تأخر عن الشيخ من أهل الفتوى و ضم إلى ذلك أمارات أخر فربما حصل من المجموع القطع بالحكم لاستحالة تخلف هذه جميعها عن قول الإمام عليه السلام و بعض هذا المجموع و هو اتفاق أهل الفتاوى المأثورة عنهم و إن لم يثبت لنا بالوجدان إلا أن المخبر قد أخبر به عن حس فيكون حجة كالمحسوس لنا.

و كما أن مجموع ما يستلزم عادة لصدور الحكم عن الإمام عليه السلام إذا أخبر به العادل عن حس قبل منه و عمل بمقتضاه فكذا إذا أخبر العادل ببعضه عن حس.

و توضيحه بالمثال الخارجي أن نقول إن خبر مائة عادل أو ألف مخبر بشي‏ء مع شدة احتياطهم في مقام الإخبار يستلزم عادة ثبوت المخبر به في الخارج فإذا أخبرنا عادل بأنه قد أخبر ألف عادل بموت زيد و حضور دفنه فيكون خبره بإخبار الجماعة بموت زيد حجة فيثبت به لازمه العادي و هو موت زيد و كذلك إذا أخبر العادل بإخبار بعض هؤلاء و حصلنا أخبار الباقي بالسماع منهم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 97

نعم لو كانت الفتاوى المنقولة إجمالا بلفظ الإجماع على تقدير ثبوتها لنا بالوجدان مما لا يكون بنفسها أو بضميمة أمارات أخر مستلزمة عادة للقطع بقول الإمام عليه السلام و إن كانت قد تفيده لم يكن معنى لحجية خبر الواحد في نقلها تعبدا لأن معنى التعبد بخبر الواحد في شي‏ء ترتيب لوازمه الثابتة له و لو بضميمة أمور أخر فلو أخبر العادل بإخبار عشرين بموت زيد و فرضنا أن إخبارهم قد يوجب العلم و قد لا يوجب لم يكن خبره حجة بالنسبة إلى موت زيد إذ لا يلزم من إخبار عشرين بموت زيد موته.

و بالجملة فمعنى حجية خبر العادل وجوب ترتيب ما يدل عليه المخبر به مطابقة أو تضمنا أو التزاما عقليا أو عاديا أو شرعيا دون ما يقارنه أحيانا.

ثم إن ما ذكرنا لا يختص بنقل الإجماع بل يجري في نقل الاتفاق و شبهه و يجري في نقل الشهرة و نقل الفتاوى عن أربابها تفصيلا.

ثم إنه لو لم يحصل من مجموع ما ثبت بنقل العادل و ما حصله المنقول إليه بالوجدان من الأمارات و الأقوال القطع بصدور الحكم الواقعي عن الإمام عليه السلام لكن حصل منه القطع بوجود دليل ظني معتبر بحيث لو نقل إلينا إلاعتقدناه تاما من جهة الدلالة و فقد المعارض كان هذا المقدار أيضا كافيا في إثبات المسألة الفقهية بل قد يكون نفس الفتاوى التي نقلها الناقل للإجماع إجمالا مستلزما لوجود دليل معتبر فيستقل الإجماع المنقول بالحجية بعد إثبات حجية خبر العادل في المحسوسات إلا إذا منعنا كما تقدم سابقا عن استلزام اتفاق أرباب الفتاوى عادة لوجود دليل لو نقل إلينا لوجدناه تاما و إن كان قد يحصل العلم بذلك من ذلك إلا أن ذلك شي‏ء قد يتفق و لا يوجب ثبوت الملازمة العادية التي هي المناط في الانتقال من المخبر به إليه.

أ لا ترى أن إخبار عشرة بشي‏ء قد يوجب العلم به لكن لا ملازمة عادية بينهما بخلاف إخبار ألف عادل محتاط في الأخبار. و بالجملة يوجد في الخبر مرتبة مستلزم عادة تحقق المخبر به لكن ما يوجب العلم أحيانا قد لا يوجبه و في الحقيقة ليس هو بنفسه الموجب في مقام حصول العلم و إلا لم يتخلف.

ثم إنه قد نبه على ما ذكرنا من فائدة نقل الإجماع بعض المحققين في كلام طويل له و ما ذكرنا و إن كان محصل كلامه على ما نظرنا فيه لكن الأولى نقل عبارته بعينها فلعل الناظر يحصل منه غير ما حصلنا فإنا قد مررنا على العبارة مرورا و لا يبعد أن يكون قد اختفى علينا بعض ما له‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 98

دخل في مطلبه (قال قدس سره في كشف القناع و في رسالته التي صنفها في المواسعة و المضايقة ما هذا لفظه و ليعلم أن المحقق في ذلك هو أن الإجماع الذي نقل بلفظه المستعمل في معناه المصطلح أو بسائر الألفاظ على كثرتها إذا لم يكن مبتنيا على دخول المعصوم بعينه أو ما في حكمه في المجمعين فهو إنما يكون حجة على غير الناقل باعتبار نقله السبب الكاشف عن قول المعصوم أو عن الدليل القاطع أو مطلق الدليل المعتد به و حصول الانكشاف للمنقول إليه و التمسك به بعد البناء على قبوله لا باعتبار ما انكشف منه لناقله بحسب ادعائه.

فهنا مقامان الأول حجيته بالاعتبار الأول و هي مبتنية من جهتي الثبوت و الإثبات على مقدمات الأولى دلالة اللفظ على السبب و هذه لا بد من اعتبارها و هي متحققة ظاهرا في الألفاظ المتداولة بينهم ما لم يصرف عنها صارف و قد يشتبه الحال إذا كان النقل بلفظ الإجماع في مقام الاستدلال لكن من المعلوم أن مبناه و مبنى غيره ليس على الكشف الذي يدعيه جهال الصوفية و لا على الوجه الأخير الذي إن وجد في الأحكام ففي غاية الندرة مع أنه على تقدير بناء الناقل عليه و ثبوته واقعا كاف في الحجية.

فإذا انتفى الأمران تعين سائر الأسباب المقررة و أظهرها غالبا عند الإطلاق حصول الاطلاع بطريق القطع أو الظن المعتد به على اتفاق الكل في نفس الحكم.

و لذا صرح جماعة منهم باتحاد معنى الإجماع عند الفريقين و جعلوه مقابلا للشهرة و ربما بالغوا في أمرها بأنها كادت تكون إجماعا و نحو ذلك و ربما قالوا إن كان هذا مذهب فلان فالمسألة إجماعية و إذا لوحظت القرائن الخارجية من جهة العبارة و المسألة و النقلة و اختلف الحال في ذلك فيؤخذ بما هو المتيقن أو الظاهر و كيف كان فحيث دل اللفظ و لو بمعونة القرائن على تحقق الاتفاق المعتبر كان معتبرا و إلا فلا.

الثانية حجية نقل السبب المذكور و جواز التعويل عليه و ذلك لأنه ليس إلا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 99

كنقل فتاوى العلماء و أقوالهم و عباراتهم الدالة عليها لمقلديهم و غيرهم و رواية ما عدا قول المعصوم و نحوه من سائر ما تضمنه الأخبار كالأسئلة التي تعرف منها أجوبته و الأقوال و الأفعال التي يعرف منها تقريره و نحوها مما تعلق بها و ما نقل عن سائر الرواة المذكورين في الأسانيد و غيرها و كنقل الشهرة و اتفاق سائر أولي الآراء و المذاهب و ذوي الفتوى أو جماعة منهم و غير ذلك.

و قد جرت طريقة السلف و الخلف من جميع الفرق على قبول أخبار الآحاد في كل ذلك مما كان النقل فيه على وجه الإجمال أو التفصيل و ما تعلق بالشرعيات أو غيرها حتى أنهم كثيرا ما ينقلون شيئا مما ذكر معتمدين على نقل غيرهم من دون تصريح بالنقل عنه و الاستناد إليه لحصول الوثوق به و إن لم يصل إلى مرتبة العلم فيلزم قبول خبر الواحد فيما نحن فيه أيضا لاشتراك الجميع في كونها نقل قول غير معلوم من غير معصوم و حصول الوثوق بالناقل كما هو المفروض.

و ليس شي‏ء من ذلك من الأصول حتى يتوهم عدم الاكتفاء فيه بخبر الواحد مع أن هذا الوهم فاسد من أصله كما قرر في محله و لا من الأمور المتجددة التي لم يعهد الاعتماد فيها على خبر الواحد في زمان النبي صلى اللَّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام و الصحابة و لا مما يندر اختصاص معرفته ببعض دون بعض مع أن هذا لا يمنع من التعويل على نقل العارف به لما ذكر.

و يدل عليه مع ذلك ما دل على حجية خبر الثقة العدل بقول مطلق و ما اقتضى كفاية الظن فيما لا غنى عن معرفته و لا طريق إليه غيره غالبا.

إذ من المعلوم شدة الحاجة إلى معرفة أقوال علماء الفريقين و آراء سائر أرباب العلوم لمقاصد شتى لا محيص عنها كمعرفة المجمع عليه و المشهور و الشاذ من الأخبار و الأقوال و الموافق للعامة أو أكثرهم و المخالف لهم و الثقة و الأوثق و الأورع و الأفقه و كمعرفة اللغات و شواهدها المنثورة و المنظومة و قواعد العربية التي عليها يبتنى استنباط المطالب الشرعية و فهم معاني الأقارير و الوصايا و سائر العقود و الإيقاعات المشتبهة و غير ذلك مما لا يخفى على المتأمل.

و لا طريق إلى ما اشتبه من جميع ذلك غالبا سوى النقل الغير الموجب للعلم و الرجوع إلى الكتب المصححة ظاهرا و سائر الأمارات الظنية فيلزم جواز العمل بها

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 100

و التعويل عليها فيما ذكر فيكون خبر الواحد الثقة حجة معتمدا عليها فيما نحن فيه و لا سيما إذا كان الناقل من الأفاضل الأعلام و الأجلاء الكرام كما هو الغالب بل هو أولى بالقبول و الاعتماد من أخبار الآحاد في نفس الأحكام و لذا بنى على المسامحة فيه من وجوه شتى بما لم يتسامح فيها كما لا يخفى.

الثالثة حصول استكشاف الحجة المعتبرة من ذلك السبب و وجهه أن السبب المنقول بعد حجيته كالمحصل فيما يستكشف منه و الاعتماد عليه و قبوله و إن كان من الأدلة الظنية باعتبار ظنية أصله و لذا كانت النتيجة في الشكل الأول تابعة في الضرورية و النظرية و العلمية و الظنية و غيرها لأخس مقدمتيه مع بداهة إنتاجه.

فينبغي حينئذ أن يراعى حال الناقل حين نقله من جهة ضبطه و تورعه في النقل و بضاعته في العلم و مبلغ نظره و وقوفه على الكتب و الأقوال و استقصائه لما تشتت منها و وصوله إلى وقائعها فإن أحوال العلماء مختلف فيها اختلافا فاحشا و كذلك حال الكتب المنقول فيها الإجماع فرب كتاب لغير متتبع موضوع على مزيد التتبع و التدقيق و رب كتاب لمتتبع موضوع على المسامحة و قلة التحقيق و مثله الحال في آحاد المسائل فإنها تختلف أيضا في ذلك و كذا حال لفظه بحسب وضوح دلالته على السبب و خفائها و حال ما يدل عليه من جهة متعلقه و زمان نقله لاختلاف الحكم بذلك كما هو ظاهر) (و يراعى أيضا وقوع دعوى الإجماع في مقام ذكر الأقوال أو الاحتجاج فإن بينهما تفاوتا من بعض الجهات و ربما كان الأولى بالاعتماد بناء على اعتبار السبب كما لا يخفى فإذا وقع التباس فيما يقتضيه و يتناوله كلام الناقل بعد ملاحظة ما ذكر أخذ بما هو المتيقن أو الظاهر.

ثم ليلحظ مع ذلك ما يمكن معرفته من الأقوال على وجه العلم و اليقين إذ لا وجه لاعتبار المظنون المنقول على سبيل الإجمال دون المعلوم على التفصيل مع أنه لو كان المنقول معلوما لما اكتفي به في الاستكشاف عن ملاحظة سائر الأقوال التي لها دخل فيه فكيف إذا لم يكن كذلك.

و يلحظ أيضا سائر ما له تعلق في الاستكشاف بحسب ما يعتمد من تلك الأسباب كما هو مقتضى الاجتهاد سواء كان من الأمور المعلومة أو المظنونة و

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 101

من الأقوال المتقدمة على النقل أو المتأخرة أو المقارنة و ربما يستغني المتتبع بما ذكر عن الرجوع إلى كلام ناقل الإجماع لاستظهاره عدم مزية عليه في التتبع و النظر.

و ربما كان الأمر بالعكس و أنه إن تفرد بشي‏ء كان نادرا لا يعتد به فعليه أن يستفرغ وسعه و يتبع نظره و تتبعه سواء تأخر عن الناقل أم عاصره و سواء أدى فكره إلى الموافقة له أو المخالفة كما هو الشأن في معرفة سائر الأدلة و غيرها مما تعلق بالمسألة فليس الإجماع إلا كأحدها.

فالمقتضي للرجوع إلى النقل هو مظنة وصول الناقل إلى ما لم يصل هو إليه من جهة السبب أو احتمال ذلك فيعتمد عليه في هذا خاصة بحسب ما استظهر من حاله و نقله و زمانه و يصلح كلامه مؤيدا فيما عداه مع الموافقة لكشفه عن توافق النسخ و تقويته للنظر.

فإذا لوحظ جميع ما ذكر و عرف الموافق و المخالف إن وجد فليفرض المظنون منه كالمعلوم لثبوت حجيته بالدليل العلمي و لو بوسائط.

ثم لينظر فإن حصل من ذلك استكشاف معتبر كان حجة ظنية حيث كان متوقفا على النقل الغير الموجب للعلم بالسبب أو كان المنكشف غير الدليل القاطع و إلا فلا و إذا تعدد ناقل الإجماع أو النقل فإن توافق الجميع لوحظ كل ما علم على ما فصل و أخذ بالحاصل و إن تخالف لوحظ جميع ما ذكر و أخذ فيما اختلف فيه النقل بالأرجح بحسب حال الناقل و زمانه و وجود المعاضد و عدمه و قلته و كثرته.

ثم ليعمل بما هو المحصل و يحكم على تقدير حجيته بأنه دليل ظني واحد و إن توافق النقل و تعدد الناقل. و ليس ما ذكرناه مختصا بنقل الإجماع المتضمن لنقل الأقوال إجمالا بل يجري في نقلها تفصيلا أيضا و كذلك في نقل سائر الأشياء التي يبتنى عليها معرفة الأحكام و الحكم فيما إذا وجد المنقول موافقا لما وجد أو مخالفا مشترك بين الجميع كما هو ظاهر.

و قد اتضح بما بيناه وجه ما جرت عليه طريقة معظم الأصحاب من عدم الاستدلال بالإجماع المنقول على وجه الاعتماد و الاستقلال غالبا و رده بعدم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 102

الثبوت أو بوجدان الخلاف و نحوهما فإنه المتجه على ما قلنا و لا سيما فيما شاع فيه النزاع و الجدال إذ عرفت فيه الأقوال أو كان من الفروع النادرة التي لا يستقيم فيها دعوى الإجماع لقلة المتعرض لها إلا على بعض الوجوه التي لا يعتد بها أو كان الناقل ممن لا يعتد بنقله لمعاصرته أو قصور باعه أو غيرهما مما يأتي بيانه.

فالاحتياج إليه مختص بقليل من المسائل بالنسبة إلى قليل من العلماء و نادر من النقلة الأفاضل انتهى كلامه رفع مقامه). لكنك خبير بأن هذه الفائدة للإجماع المنقول كالمعدومة لأن القدر الثابت من الاتفاق بإخبار الناقل المستند إلى حسه ليس مما يستلزم عادة موافقة الإمام عليه السلام و إن كان هذا الاتفاق لو ثبت لنا أمكن أن يحصل العلم بصدور مضمونه لكن ليس علة تامة لذلك بل هو نظير إخبار عدد معين في كونه قد يوجب العلم بصدق خبرهم و قد لا يوجب و ليس أيضا مما يستلزم عادة وجود الدليل المعتبر حتى بالنسبة إلينا لأن استناد كل بعض منهم إلى ما لا نراه دليلا ليس أمرا مخالفا للعادة.

أ لا ترى أنه ليس من البعيد أن يكون القدماء القائلون بنجاسة البئر بعضهم قد استند إلى دلالة الأخبار الظاهرة في ذلك مع عدم الظفر بما يعارضها و بعضهم قد ظفر بالمعارض و لم يعمل به لقصور سنده أو لكونه من الآحاد عنده أو لقصور دلالته أو لمعارضته لأخبار النجاسة و ترجيحها عليه بضرب من الترجيح فإذا ترجح في نظر المجتهد المتأخر أخبار الطهارة فلا يضره اتفاق القدماء على النجاسة المستند إلى الأمور المختلفة المذكورة.

و بالجملة فالإنصاف بعد التأمل و ترك المسامحة بإبراز المظنون بصورة القطع كما هو متعارف محصلي عصرنا أن اتفاق من يمكن تحصيل فتاويهم على أمر كما لا يستلزم عادة موافقة الإمام عليه السلام كذلك لا يستلزم وجود دليل معتبر عند الكل من جهة أو من جهات شتى فلم يبق في المقام إلا أن يحصل المجتهد أمارات أخر من أقوال باقي العلماء و غيرها ليضيفها إلى ذلك فيحصل من مجموع المحصل له و المنقول إليه الذي فرض بحكم المحصل من حيث وجوب العمل به تعبدا القطع في مرحلة الظاهر باللازم و هو قول الإمام أو وجود دليل معتبر الذي هو أيضا يرجع إلى حكم الإمام بهذا الحكم الظاهري المضمون لذلك الدليل لكنه أيضا مبني على كون مجموع المنقول من‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 103

الأقوال و المحصل من الأمارات ملزوما عاديا لقول الإمام عليه السلام أو وجود الدليل المعتبر و إلا فلا معنى لتنزيل المنقول منزلة المحصل بأدلة حجية خبر الواحد كما عرفت سابقا.

و من ذلك ظهر أن ما ذكره هذا البعض ليس تفصيلا في مسألة حجية الإجماع المنقول و لا قولا بحجيته في الجملة من حيث إنه إجماع منقول و إنما يرجع محصله إلى أن الحاكي للإجماع يصدق فيما يخبره عن حس فإن فرض كون ما يخبره عن حسه ملازما بنفسه أو بضميمة أمارات أخر لصدور الحكم الواقعي أو مدلول الدليل المعتبر عند الكل كانت حكايته حجة لعموم أدلة حجية الخبر في المحسوسات و إلا فلا و هذا يقول به كل من يقول بحجية الخبر الواحد في الجملة و قد اعترف بجريانه في نقل الشهرة و فتاوى آحاد العلماء.

و من جميع ما ذكرنا يظهر الكلام في المتواتر المنقول و إن نقل التواتر في خبر لا يثبت حجيته و لو قلنا بحجية خبر الواحد لأن التواتر صفة في الخبر تحصل بإخبار جماعة تفيد العلم للسامع و يختلف عدده باختلاف خصوصيات المقامات و ليس كل تواتر ثبت لشخص مما يستلزم في نفس الأمر عادة تحقق المخبر به فإذا أخبر بالتواتر فقد أخبر بإخبار جماعة أفاد له العلم بالواقع و قبول هذا الخبر لا يجدي شيئا لأن المفروض أن تحقق مضمون المتواتر ليس من لوازم إخبار الجماعة الثابت بخبر العادل.

نعم لو أخبر بإخبار جماعة يستلزم عادة تحقق المخبر به بأن يكون حصول العلم بالمخبر به لازم الحصول لأخبار الجماعة كأن أخبر مثلا بإخبار ألف عادل أو أزيد بموت زيد و حضور جنازته كان اللازم من قبول خبره الحكم بتحقق الملزوم و هو إخبار الجماعة فيثبت اللازم و هو تحقق موت زيد إلا أن لازم من يعتمد على الإجماع المنقول و إن كان إخبار الناقل مستندا إلى حدس غير مستند إلى المبادئ المحسوسة المستلزمة للمخبر به هو القول بحجية التواتر المنقول.

لكن ليعلم أن معنى قبول نقل التواتر مثل الأخبار بتواتر موت زيد مثلا يتصور على وجهين الأول الحكم بثبوت الخبر المدعى تواتره أعني موت زيد نظير حجية الإجماع المنقول بالنسبة إلى المسألة المدعى عليها الإجماع و هذا هو الذي ذكرنا أن الشرط في قبول خبر الواحد فيه كون ما أخبر به مستلزما عادة لوقوع متعلقه.

الثاني الحكم بثبوت تواتر الخبر المذكور ليترتب على ذلك الخبر آثار المتواتر و أحكامه الشرعية كما إذا نذر أن يحفظ أو يكتب كل خبر متواتر.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 104

ثم أحكام التواتر منها ما ثبت لما تواتر في الجملة و لو عند غير هذا الشخص و منها ما ثبت لما تواتر بالنسبة إلى هذا الشخص.

و لا ينبغي الإشكال في أن مقتضى قبول نقل التواتر العمل به على الوجه الأول و أول وجهي الثاني كما لا ينبغي الإشكال في عدم ترتب آثار تواتر المخبر به عند نفس هذا الشخص.

و من هنا يعلم أن الحكم بوجوب القراءة في الصلاة إن كان منوطا بكون المقروء قرآنا واقعيا قرأه النبي صلى اللَّه عليه و آله فلا ال في جواز الاعتماد على إخبار الشهيد قدس سره بتواتر القراءات الثلاث أعني قراءة أبي جعفر و أخويه يعقوب و خلف لكن بالشرط المتقدم و هو كون ما أخبر به الشهيد من التواتر ملزوما عادة لتحقق القرآنية.

و كذا لا إشكال في الاعتماد من دون شرط إن كان الحكم منوطا بالقرآن المتواتر في الجملة فإنه قد ثبت تواتر ملك القراءات عند الشهيد بأخباره و إن كان الحكم معلقا على القرآن المتواتر عند القارئ أو مجتهده فلا يجدي إخبار الشهيد بتواتر تلك القراءات.

و إلى أحد الأولين نظر حكم المحقق و الشهيد الثانيين بجواز القراءة بتلك القراءات مستندا إلى أن الشهيد و العلامة قدس سرهما قد ادعيا تواترها و أن هذا لا يقصر عن نقل الإجماع و إلى الثالث نظر صاحب المدارك و شيخه المقدس الأردبيلي قدس سرهما حيث اعترضا على المحقق و الشهيد بأن هذا رجوع عن اشتراط التواتر في القراءة و لا يخلو نظرهما عن نظر فتدبر و الحمد لله و صلى الله على محمد و آله و لعنة الله على أعدائهم أجمعين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 105