الثالث خیار الشرط أعنی الثابت بسبب اشتراطه فی العقد و لا خلاف فی صحة هذا الشرط و لا فی أنه لا یتقدر بحد عندنا و نقل الإجماع علیه مستفیض و الأصل فیه قبل ذلک الأخبار العامة المسوغة لاشتراط کل شرط إلا ما استثنی و الأخبار الخاصة الواردة فی بعض أفراد المسألة. فمن الأولى الخبر المستفیض الذی لا یبعد دعوى تواتره: إن المسلمین عند شروطهم و یزید فی صحیحة ابن سنان: إلا کل شرط خالف کتاب الله فلا یجوز. و فی موثقة إسحاق بن عمار: إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما نعم فی صحیحة أخرى لابن سنان: من اشترط شرطا مخالفا لکتاب الله فلا یجوز على الذی اشترط علیه و المسلمون عند شروطهم فیما وافق کتاب الله لکن المراد منه بقرینة المقابلة عدم المخالفة للإجماع على عدم اعتبار موافقة الشرط لظاهر الکتاب. و تمام الکلام فی معنى هذه الأخبار و توضیح المراد منه الاستثناء الوارد فیها یأتی فی باب الشرط فی ضمن العقد إن شاء الله .
و المقصود هنا بیان أحکام الخیار المشترط فی العقد و هی تظهر برسم مسائل:
مسألة لا فرق بین کون زمان الخیار متصلا بالعقد أو منفصلا عنه لعموم أدلة الشرط قال فی التذکرة لو شرط خیار الغد صح عندنا خلافا للشافعی و استدل له فی موضع آخر ب لزوم صیرورة العقد جائزا بعد اللزوم و رد بعدم المانع من ذلک مع أنه کما فی التذکرة منتقض بخیار التأخیر و خیار الرؤیة. نعم یشترط تعیین المدة فلو تراضیا على مدة مجهولة کقدوم الحاج بطل بلا خلاف بل حکی الإجماع علیه صریحا لصیرورة المعاملة بذلک غرریة و لا عبرة بمسامحة العرف فی بعض المقامات و إقدام العقلاء علیه أحیانا ف إن المستفاد من تتبع أحکام المعاملات عدم رضاء الشارع بذلک إذ کثیرا ما یتفق التشاح فی مثل الساعة و الساعتین من زمان الخیار فضلا من الیوم و الیومین. و بالجملة فالغرر لا ینتفی بمسامحة الناس فی غیر زمان الحاجة إلى المداقة و إلا لم یکن بیع الجزاف و ما تعذر تسلیمه و الثمن المحتمل للتفاوت القلیل و غیر ذلک من الجهالات غررا لتسامح الناس فی غیر مقام الحاجة إلى المداقة فی أکثر الجهالات و لعل هذا مراد بعض الأساطین من قوله إن دائرة الغرر فی الشرع أضیق من دائرته فی العرف و إلا ف الغرر لفظ لا یرجع فی معناه إلا إلى العرف. نعم الجهالة التی لا یرجع الأمر معها غالبا إلى التشاح بحیث یکون النادر کالمعدوم لا تعد غررا کتفاوت المکاییل و الموازین.
و یشیر إلى ما ذکرنا الأخبار الدالة على اعتبار کون السلم إلى أجل معلوم و خصوص موثقة غیاث: لا بأس بالسلم فی کیل معلوم إلى أجل معلوم لا یسلم إلى دیاس أو إلى حصاد مع أن التأجیل إلى الدیاس و الحصاد و شبههما فوق حد الإحصاء بین العقلاء الجاهلین بالشرع و ربما یستدل على ذلک بأن اشتراط المدة المجهولة مخالف للکتاب و السنة لأنه غرر و فیه أن کون البیع بواسطة الشرط مخالفا للکتاب و السنة غیر کون نفس الشرط مخالفا للکتاب و السنة ففی الثانی یفسد الشرط و یتبعه البیع و فی الأول یفسد البیع فیلغو الشرط اللهم إلا أن یراد أن نفس الالتزام بخیار فی مدة مجهولة غرر و إن لم یکن بیعا فیشمله دلیل نفی الغرر فیکون مخالفا للکتاب و السنة لکن لا یخفى سرایة الغرر إلى البیع فیکون الاستناد فی فساده إلى فساد شرطه المخالف للکتاب کالأکل من القفا.
مسألة لا فرق فی بطلان العقد بین ذکر المدة المجهولة کقدوم الحاج و بین عدم ذکر المدة أصلا کأن یقول بعتک على أن یکون لی الخیار و بین ذکر المدة المطلقة کأن یقول بعتک على أن یکون لی الخیار مدة لاستواء الکل فی الغرر خلافا للمحکی عن المقنعة و الانتصار و الخلاف و الجواهر و الغنیة و الحلبی فجعلوا مدة الخیار فی الصورة الثانیة ثلاثة أیام و یحتمل حمل الثالثة علیها و عن الانتصار و الغنیة و الجواهر الإجماع علیه و فی محکی الخلاف وجود أخبار الفرقة به و لا شک أن هذه الحکایة بمنزلة إرسال أخبار فیکفی فی انجبارها الإجماعات المنقولة و لذا مال إلیه فی محکی الدروس لکن العلامة فی التذکرة لم یحک هذا القول إلا عن الشیخ قدس سره و أوله بإرادة خیار الحیوان. و عن العلامة الطباطبائی فی مصابیحه الجزم به و قواه بعض المعاصرین منتصرا لهم بما فی مفتاح الکرامة من أنه لیس فی الأدلة ما یخالفه إذ الغرر مندفع بتحدید الشرع و إن لم یعلم به المتعاقدان کخیار الحیوان الذی لا إشکال فی صحة العقد مع الجهل به أو بمدته. و زاد فی مفتاح الکرامة التعلیل بأن الجهل یؤول إلى العلم الحاصل من الشرع و فیه ما تقدم فی مسألة تعذر التسلیم من أن بیع الغرر موضوع عرفی حکم فیه الشارع بالفساد و التحدید بالثلاثة تعبد شرعی لم یقصده المتعاقدان فإن ثبت بالدلیل کان مخصصا لعموم نفی الغرر و کان التحدید تعبدیا نظیر التحدید الوارد فی بعض الوصایا المبهمة أو یکون حکما شرعیا ثبت فی موضوع خاص و هو إهمال مدة الخیار. و الحاصل أن الدعوى فی تخصیص أدلة نفی الغرر لا فی تخصصها و الإنصاف أن ما ذکرنا من حکایة الأخبار و نقل الإجماع لا ینهض لتخصیص قاعدة الغرر لأن الظاهر بقرینة عدم تعرض الشیخ لذکر شیء من هذه الأخبار فی کتابیه الموضوعین لإیداع الأخبار أنه عول فی هذه الدعوى على اجتهاده فی دلالة الأخبار الواردة فی شرط الحیوان و لا ریب أن الإجماعات المحکیة إنما تجبر قصور السند المرسل المتضح دلالته أو القاصر دلالته لا المرسل المجهول العین المحتمل لعدم الدلالة رأسا فالتعویل حینئذ على نفس الجابر و لا حاجة إلى ضم المنجبر إذ نعلم إجمالا أن المجمعین اعتمدوا على دلالات اجتهادیة استنبطوها من الأخبار و لا ریب أن المستند غالبا فی إجماعات القاضی و ابن زهرة إجماع السید فی الانتصار. نعم قد روی فی کتب العامة أن حنان بن منقذ کان یخدع فی البیع لشجة أصابته فی رأسه فقال له النبی ص: إذا بعت فقل لا خلابة و جعل له الخیار ثلاثا. و فی روایة و لک الخیار ثلاثا و الخلابة الخدیعة فی دلالته فضلا عن سنده ما لا یخفى و جبرها بالإجماعات کما ترى إذ التعویل علیها مع ذهاب المتأخرین إلى خلافها فی الخروج عن قاعدة الغرر مشکل بل غیر صحیح.
فالقول بالبطلان لا یخلو عن قوة ثم إنه ربما یقال ببطلان الشرط دون العقد و لعله مبنی على أن فساد الشرط لا یوجب فساد العقد. و فیه أن هذا على القول به فیما إذا لم یوجب الشرط فسادا فی أصل البیع کما فیما نحن فیه حیث إن جهالة الشرط یوجب کون البیع غرریا و إلا فالمتجه فساد البیع و لو لم نقل بسرایة الفساد من الشرط إلى المشروط و سیجیء تمام الکلام فی مسألة الشروط.
مسألة مبدأ هذا الخیار من حین العقد لأنه المتبادر من الإطلاق و لو کان زمان الخیار منفصلا کان مبدؤه أول جزء من ذلک الزمان فلو شرط خیار الغد کان مبدؤه من طلوع فجر الغد فیجوز جعل مبدئه من انقضاء خیار الحیوان بناء على أن مبدأه من حین العقد و لو جعل مبدأه من حین التفرق بطل لأدائه إلى جهالة مدة الخیار. و عن الشیخ و الحلی أن مبدأه من حین التفرق و قد تقدم عن الشیخ وجهه مع عدم تمامیته. نعم یمکن أن یقال هنا إن المتبادر من جعل الخیار جعله فی زمان لو لا الخیار لزم العقد کما أشار إلیه فی السرائر لکن لو تم هذا لاقتضى کونه فی الحیوان من حین انقضاء الثلاثة مع أن هذا إنما یتم مع العلم بثبوت خیار المجلس و إلا فمع الجهل به لا یقصد إلا الجهل من حین العقد بل الحکم بثبوته من حین التفرق حکم على المتعاقدین بخلاف قصدهما.
مسألة یصح جعل الخیار لأجنبی قال فی التذکرة لو باع العبد و شرط الخیار للعبد صح البیع و الشرط عندنا معا و حکی عنه الإجماع فی الأجنبی قال لأن العبد بمنزلة الأجنبی و لو جعل الخیار لمتعدد کان کل منهم ذا خیار فإن اختلفوا فی الفسخ و الإجارة قدم الفاسخ لأن مرجع الإجازة إلى إسقاط خیار المجیز خاصة بخلاف ما لو وکل جماعة فی الخیار فإن النافذ هو تصرف السابق لفوات محل الوکالة بعد ذلک و عن الوسیلة أنه إذا کان الخیار لهما و اجتمعا على فسخ أو إمضاء نفذ و إن لم یجتمعا بطل و إن کان لغیرهما و رضی نفذ البیع و إن لم یرض کان المبتاع بالخیار بین الفسخ و الإمضاء انتهى و فی الدروس و یجوز اشتراطه لأجنبی منفردا و لا اعتراض علیه و معهما أو مع أحدهما و لو خولف أمکن اعتبار فعله و إلا لم یکن لذکره فائدة انتهى. أقول و لو لم یمض فسخ الأجنبی مع إجازته و المفروض عدم مضی إجازته مع فسخه لم یکن لذکر الأجنبی فائدة ثم إنه ذکر غیر واحد أن الأجنبی یراعی المصلحة للجاعل و لعله لتبادره من الإطلاق و إلا فمقتضى التحکیم نفوذ حکمه على الجاعل من دون ملاحظة مصلحة فتعلیل وجوب مراعاة الأصلح بکونه أمینا لا یخلو عن نظر ثم إنه ربما یتخیل أن اشتراط الخیار للأجنبی مخالف للمشروع نظرا إلى أن الثابت فی الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ أو بدخول الخیار بالأصل کخیاری المجلس و الشرط أو بالعارض کخیار الفسخ برد الثمن لنفس المتعاقدین و هو ضعیف لمنع اعتبار کون الفسخ من أحد المتعاقدین شرعا و لا عقلا بل المعتبر فیه تعلق حق الفاسخ بالعقد أو بالعین و إن کان أجنبیا فحینئذ یجوز للمتبائعین اشتراط حق للأجنبی فی العقد و سیجیء نظیره فی إرث الزوجة للخیار مع عدم إرثها من العین.
مسألة یجوز لهما اشتراط الاستیمار بأن یستأمر المشروط علیه الأجنبی فی أمر العقد فیأتمر بأمره أو بأن یأتمره إذا أمره ابتداء و على الأول فإن فسخ المشروط علیه من دون استیمار لم ینفذ و لو استأمره فإن أمره بالإجازة لم یکن له الفسخ قطعا إذ الغرض من الشرط لیس مجرد الاستیمار بل الالتزام بأمره مع أنه لو کان الغرض مجرد ذلک لم یوجب ذلک أیضا ملک الفسخ و إن أمره بالفسخ لم یجب علیه الفسخ بل غایة الأمر ملک الفسخ حینئذ إذ لا معنى لوجوب الفسخ علیه أما مع عدم رضاء الآخر بالفسخ فواضح إذ المفروض أن الثالث لا سلطنة له على الفسخ و المتعاقدان لا یریدانه و أما مع طلب الآخر للفسخ ف لأن وجوب الفسخ حینئذ على المستأمر بالکسر راجع إلى حق لصاحبه علیه فإن اقتضى اشتراط الاستیمار ذلک الحق على صاحبه عرفا فمعناه سلطنة صاحبه على الفسخ فیرجع اشتراط الاستیمار إلى شرط لکل منهما على صاحبه. و الحاصل أن اشتراط الاستیمار من واحد منهما على صاحبه إنما یقتضی ملکه للفسخ إذا أذن له الثالث المستأمر و اشتراطه لکل منهما على صاحبه یقتضی ملک کل واحد منهما للفسخ عند الإذن. و مما ذکرنا یتضح حکم الشق الثانی و هو الائتمار بأمره الابتدائی فإنه إن کان شرطا لأحدهما ملک الفسخ لو أمره به و إن کان لکل منهما ملکا کذلک ثم فی اعتبار مراعاة المستأمر للمصلحة و عدمه وجهان أوجههما العدم إن لم یستفد الاعتبار من إطلاق العقد بقرینة حالیة أو مقالیة.
مسألة من أفراد خیار الشرط ما یضاف البیع إلیه و یقال له بیع الخیار و هو جائز عندنا کما فی التذکرة و عن غیرها الإجماع علیه و هو أن یبیع شیئا و یشترط الخیار لنفسه مدة بأن یرد الثمن فیها و یرتجع المبیع.
و الأصل فیه بعد العمومات المتقدمة فی الشرط النصوص المستفیضة:
منها موثقة إسحاق بن عمار قال سمعت من یسأل أبا عبد الله ع یقول و سأله رجل و أنا عنده فقال: رجل مسلم احتاج إلى بیع داره فمشى فجاء إلى أخیه فقال له أبیعک داری هذه و یکون لک أحب إلى من أن یکون لغیرک على أن تشترط لی أنی إذا جئتک بثمنها إلى سنة تردها علی قال لا بأس بهذا إن جاء بثمنها ردها علیه قلت أ رأیت لو کان للدار غلة لمن تکون الغلة فقال الغلة للمشتری أ لا ترى أنها لو احترقت کانت من ماله.
و روایة معاویة بن میسرة قال سمعت أبا الجارود: یسأل أبا عبد الله ع عن رجل باع دارا له من رجل و کان بینه و بین الذی اشترى منه الدار خلطة فشرط أنک إن أتیتنی بمالی ما بین ثلاث سنین فالدار دارک فأتاه بماله قال له أبو الجارود فإن هذا الرجل قد أصاب فی هذا المال فی ثلاث سنین قال هو ماله و قال ع أ رأیت لو أن الدار احترقت من مال من کانت یکون الدار دار المشتری.
و عن سعید بن یسار فی الصحیح قال: قلت لأبی عبد الله ع إنا نخالط أناسا من أهل السود أو غیرهم فنبیعهم و نربح علیهم فی العشرة اثنى عشر و ثلاثة عشر و نؤخر ذلک فیما بیننا و بینهم السنة و نحوها و یکتب لنا رجل منهم على داره أو أرضه ب ذلک المال الذی فیه الفضل الذی أخذ منا شراء بأنه باع و قبض الثمن منه فنعده إن جاء هو بالمال إلى وقت بیننا و بینهم أن ترد علیه الشراء فإن جاء الوقت و لم یأتنا بالدراهم فهو لنا فما ترى فی هذا الشراء قال أرى أنه لک إن لم یفعله و إن جاء بالمال الموقت فرد علیه.
و عن أبی الجارود عن أبی جعفر ع قال: إن بعت رجلا على شرط فإن أتاک بمالک و إلا فالبیع لک.
إذا عرفت هذا فتوضیح المسألة یتحقق بالکلام فی أمور:
الأول أن اعتبار رد الثمن فی هذا الخیار یتصور على وجوه:
أحدها أن یؤخذ قیدا للخیار على وجه التعلیق أو التوقیت فلا خیار قبله و یکون مدة الخیار منفصلة دائما عن العقد و لو بقلیل و لا خیار قبل الرد و المراد برد الثمن فعل ماله دخل فی القبض من طرفه و إن أبى المشتری.
الثانی أن یؤخذ قیدا للفسخ بمعنى أن له الخیار فی کل جزء من المدة المضروبة و التسلط على الفسخ على وجه مقارنته لرد الثمن أو تأخره عنه.
الثالث أن یکون رد الثمن فسخا فعلیا بأن یراد منه تملیک الثمن لیتملک منه المبیع و علیه حمل فی الریاض ظاهر الأخبار الدالة على عود المبیع بمجرد رد الثمن.
الرابع أن یؤخذ رد الثمن قیدا لانفساخ العقد فمرجع ثبوت الخیار له إلى کونه مسلطا على سبب الانفساخ لا على مباشرة الفسخ و هذا هو الظاهر من روایة معاویة بن میسرة و یحتمل الثالث کما هو ظاهر روایتی سعید بن یسار و موثقة إسحاق بن عمار و عنوان المسألة بهذا الوجه هو الظاهر من الغنیة حیث لم یذکر هذا القسم من البیع فی الخیار أصلا و إنما ذکره فی أمثلة الشروط الجائزة فی متن العقد قال أن یبیع و یشترط على المشتری إن رد الثمن علیه فی وقت کذا کان المبیع له انتهى.
الخامس أن یکون رد الثمن شرطا لوجوب الإقالة على المشتری بأن یلتزم المشتری على نفسه أن یقیله إذا جاء بالثمن و استقالة و هو ظاهر الوسیلة حیث قال إذا باع شیئا على أن یقیله فی وقت کذا بمثل الثمن الذی باعه منه لزمته الإقالة إذا جاءه بمثل الثمن فی المدة انتهى فإن أبى أجبره الحاکم أو أقال عنه و إلا استقل بالفسخ و هو محتمل روایتی سعید بن یسار و إسحاق بن عمار على أن یکون رد المبیع البیع فیهما کنایة عن ملزومه و هی الإقالة لا أن یکون وجوب الرد کنایة عن تملک البائع للمبیع بمجرد فسخه بعد رد الثمن على ما فهمه الأصحاب و مرجعه إلى أحد الأولین . و الأظهر فی کثیر من العبارات مثل الشرائع و القواعد و التذکرة هو الثانی.
لکن الظاهر صحة الاشتراط بکل من الوجوه الخمسة عدا الرابع فإنه فیه إشکالا من جهة أن انفساخ البیع بنفسه بدون إنشاء فعلی أو قولی یشبه انعقاده بنفسه فی مخالفة المشروع من توقف المسببات على أسبابها الشرعیة و سیجیء فی باب الشروط ما یتضح به صحة ذلک و سقمه.
الأمر الثانی الثمن المشروط رده إما أن یکون فی الذمة و إما أن یکون معینا و على کل تقدیر إما أن یکون قد قبضه و إما لم یقبضه فإن لم یقبضه فله الخیار و إن لم یتحقق رد الثمن لأنه شرط على تقدیر قبضه و إن لم یفسخ حتى انقضت المدة لزم البیع و یحتمل العدم بناء على أن اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله و إن قبض الثمن المعین فإما أن یشترط رد عینه أو یشترط رد ما یعم بدله مع عدم التمکن من العین بسبب لا منه أو مطلقا أو و لو مع التمکن منه على الإشکال من الأخیر من حیث اقتضاء الفسخ شرعا بل لغة رد العین مع الإمکان و فی جواز اشتراط رد القیمة فی المثلی و بالعکس وجهان و إما أن یطلق فعلى الأول لا خیار إلا برد العین فلو تلف لا من البائع فالظاهر عدم الخیار إلا أن یکون إطلاق اشتراط رد العین فی الخیار لإفادة سقوطه بإتلاف البائع فیبقى الخیار فی إتلاف غیره على حاله و فیه نظر. و على الثانی فله رد البدل فی موضع صحة الاشتراط. و أما الثالث فمقتضى ظاهر الشرط فیه رد العین و یظهر من إطلاق محکی الدروس و حاشیة الشرائع أن الإطلاق لا یحمل على العین و یحتمل حمله على الثمن الکلی و سیأتی و إن کان الثمن کلیا فإن کان فی ذمة البائع کما هو مضمون روایة سعید بن یسار المتقدمة فرده بأداء ما فی الذمة سواء قلنا إنه عین الثمن أو بدله من حیث إن ما فی ذمة البائع سقط عنه بصیرورته ملکا له فکأنه تلف المراد برده المشترط رد بدله و إن لم یکن الثمن فی ذمة البائع و قبضه فإن شرط رد ذلک الفرد المقبوض أو رد مثله بأحد الوجوه المتقدمة فالحکم على مقتضى الشرط و إن أطلق فالمتبادر بحکم الغلبة فی هذا القسم من البیع المشتهر ببیع الخیار هو رد ما یعم البدل إما مطلقا أو مع فقد العین و یدل علیه صریحا بعض الأخبار المتقدمة إلا أن المتیقن منها صورة فقد العین.
الأمر الثالث : قیل ظاهر الأصحاب بناء على ما تقدم من أن رد الثمن فی هذا البیع عندهم مقدمة لفسخ البائع أنه لا یکفی مجرد الرد فی الفسخ و صرح به فی الدروس و غیره و لعل منشأ الظهور أن هذا القسم فرد من خیار الشرط مع اعتبار شیء زائد فیه و هو رد الثمن و عللوا ذلک أیضا بأن الرد من حیث هو لا یدل على الفسخ أصلا و هو حسن مع عدم الدلالة أما لو فرض الدلالة عرفا إما بأن یفهم منه کونه تملیکا للثمن من المشتری لیتملک منه المبیع على وجه المعاطاة و إما بأن یدل الرد بنفسه على الرضا بکون المبیع ملکا له و الثمن ملکا للمشتری فلا وجه لعدم الکفایة مع اعترافهم بتحقق الفسخ فیما هو أخفى من ذلک دلالة و ما قیل من أن الرد یدل على إرادة الفسخ و الإرادة غیر المراد ففیه أن المدعى دلالته على إرادة کون المبیع ملکا له و الثمن ملکا للمشتری و لا یعتبر فی الفسخ الفعلی أزید من هذا مع أن ظاهر الأخبار کفایة الرد فی وجوب رد المبیع بل قد عرفت فی روایة معاویة بن میسرة حصول تملک المبیع برد الثمن ف یحمل على تحقق الفسخ الفعلی به.
الأمر الرابع یسقط هذا الخیار بإسقاطه بعد العقد على الوجه الثانی من الوجهین الأولین بل و على الوجه الأول بناء على أن تحقق السبب و هو العقد کاف فی صحة إسقاط الحق لکن مقتضى ما صرح به فی التذکرة من أنه لا یجوز إسقاط خیار الشرط أو الحیوان بعد العقد بناء على حدوثهما من زمان التفرق عدم الجواز أیضا إلا أن یفرق هنا بأن المشروط له مالک للخیار قبل الرد و لو من حیث تملکه للرد الموجب له فله إسقاطه بخلاف ما فی التذکرة و یسقط أیضا بانقضاء المدة و عدم رد الثمن أو بدله مع الشرط أو مطلقا على التفصیل المتقدم و لو تبین المردود من غیر الجنس فلا رد و لو ظهر معیبا کفى فی الرد و له الاستبدال.
و یسقط أیضا بالتصرف فی الثمن المعین مع اشتراط رد العین أو حمل الإطلاق علیه و کذا الفرد المدفوع من الثمن الکلی إذا حمل الإطلاق على اعتبار رد عین المدفوع کل ذلک لإطلاق ما دل على أن تصرف ذی الخیار فیما انتقل إلیه رضاء بالعقد و لا خیار و قد عمل الأصحاب بذلک فی غیر مورد النص کخیاری المجلس و الشرط. و المحکی عن المحقق الأردبیلی و صاحب الکفایة أن الظاهر عدم سقوط هذا الخیار بالتصرف فی الثمن لأن المدار فی هذا الخیار علیه لأنه شرع لانتفاع البائع بالثمن فلو سقط الخیار سقط الفائدة و للموثق المتقدم المفروض فی مورده تصرف البائع فی الثمن و بیع الدار لأجل ذلک و المحکی عن العلامة الطباطبائی فی مصابیحه الرد على ذلک بعد الطعن علیه بمخالفته لما علیه الأصحاب بما محصله أن التصرف المسقط ما وقع فی زمان الخیار و لا خیار إلا بعد الرد و لا ینافی شیء مما ذکر لزومه بالتصرف بعد الرد لأن ذلک منه بعده لا قبله و إن کان قادرا على إیجاد سببه فیه إذ المدار على الفعل لا على القوة على أنه لا یتم فیما اشترط فیه الرد فی وقت منفصل عن العقد کیوم بعد سنة مثلا انتهى محصل کلامه و ناقش بعض من تأخر عنه فیما ذکره من کون حدوث الخیار بعد الرد لا قبله ب أن ذلک یقتضی جهالة مبدء الخیار و بأن الظاهر من إطلاق العرف و تضعیف کثیر من الأصحاب قول الشیخ بتوقف الملک على انقضاء الخیار ب بعض الأخبار المتقدمة فی هذه المسألة الدالة على أن غلة المبیع للمشتری هو کون مجموع المدة زمان الخیار انتهى. أقول فی أصل الاستظهار المتقدم و الرد المذکور عن المصابیح و المناقشة على الرد نظر أما الأول فلأنه لا مخصص لدلیل سقوط الخیار بالتصرف المنسحب فی غیر مورد النص علیه باتفاق الأصحاب و أما بناء هذا العقد على التصرف فهو من جهة أن الغالب المتعارف البیع بالثمن الکلی و ظاهر الحال فیه کفایة رد مثل الثمن و لذا قوینا حمل الإطلاق فی هذه الصورة على ما یعم البدل و حینئذ فلا یکون التصرف فی عین الفرد المدفوع دلیلا على الرضا بلزوم العقد إذ لا منافاة بین فسخ العقد و صحة هذا التصرف و استمراره و هو مورد الموثق المتقدم أو منصرف إطلاقه أو من جهة تواطؤ المتعاقدین على ثبوت الخیار مع التصرف أیضا أو للعلم بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التصرف فی الثمن و قد مر أن السقوط بالتصرف لیس تعبدا شرعیا مطلقا حتى المقرون منه بعدم الرضا بلزوم العقد. و أما الثانی فلأن المستفاد من النص و الفتوى کما عرفت کون التصرف مسقطا فعلیا کالقولی یسقط الخیار فی کل مقام یصح إسقاطه بالقول و الظاهر عدم الإشکال فی جواز إسقاط الخیار قولا قبل الرد هذا مع أن حدوث الخیار بعد الرد مبنی على الوجه الأول المتقدم من الوجوه الخمسة فی مدخلیة الرد فی الخیار و لا دلیل على تعینه فی بیع الخیار المتعارف بین الناس بل الظاهر من عبارة غیر واحد هو الثانی أو نقول إن المتبع مدلول الجملة الشرطیة الواقعة فی متن العقد فقد یؤخذ الرد فیها قیدا للخیار و قد یؤخذ قیدا للفسخ. نعم لو جعل الخیار و الرد فی جزء معین من المدة کیوم بعد السنة کان التصرف قبله تصرفا مع لزوم العقد و جاء فیه الإشکال فی صحة الإسقاط هنا و لو قولا من عدم تحقق الخیار و من تحقق سببه. و أما المناقشة فی تحدید مبدأ الخیار بالرد بلزوم جهالة مدة الخیار ففیه أنها لا تقدح مع تحدید زمان التسلط على الرد و الفسخ بعده إنشاء. نعم ذکر فی التذکرة أنه لا یجوز اشتراط الخیار من حین التفرق إذا جعلنا مبدأه عند الإطلاق من حین العقد لکن الفرق یظهر بالتأمل و أما الاستشهاد علیه بحکم العرف ففیه أن زمان الخیار عرفا لا یراد به إلا ما کان الخیار متحققا فیه شرعا أو بجعل المتعاقدین و المفروض أن الخیار هنا جعلی فالشک فی تحقق الخیار قبل الرد بجعل المتعاقدین و أما ما ذکره بعض الأصحاب فی رد الشیخ من بعض أخبار المسألة فلعلهم فهموا من مذهبه توقف الملک على انقضاء زمان الخیار مطلقا حتى المنفصل کما لا یبعد عن إطلاق کلامه و إطلاق ما استدل له به من الأخبار.
الأمر الخامس لو تلف المبیع کان من المشتری سواء کان قبل الرد أو بعده و نماؤه أیضا له مطلقا و الظاهر عدم سقوط خیار البائع فیسترد المثل أو القیمة ب رد الثمن أو بدله و یحتمل عدم الخیار بناء على أن مورد هذا الخیار هو إلزام أن له رد الثمن و ارتجاع البیع و ظاهره اعتبار بقاء المبیع فی ذلک فلا خیار مع تلفه ثم إنه لا تنافی بین شرطیة البقاء و عدم جواز تفویت الشرط فلا یجوز للمشتری إتلاف المبیع کما سیجیء فی أحکام الخیار لأن غرض البائع من الخیار استرداد عین ماله و لا یتم إلا بالتزام إبقائه للبائع و لو تلف الثمن فإن کان بعد الرد و قبل الفسخ فمقتضى ما سیجیء من أن التلف فی زمان الخیار ممن لا خیار له کونه من المشتری و إن کان ملکا للبائع إلا أن یمنع شمول تلک القاعدة للثمن و یدعى اختصاصها بالمبیع کما ذکره بعض المعاصرین و استظهره من روایة معاویة بن میسرة المتقدمة و لم أعرف وجه الاستظهار إذ لیس فیها إلا أن نماء الثمن للبائع و تلف المبیع من المشتری و هما إجماعیان حتى فی مورد کون التلف ممن لا خیار له فلا حاجة لهما إلى تلک الروایة و لا یکون الروایة مخالفة للقاعدة و إنما المخالف لها هی قاعدة أن الخراج بالضمان إذا انضمت إلى الإجماع علی کون النماء للمالک. نعم الإشکال فی عموم تلک القاعدة للثمن ک عمومها لجمیع أفراد الخیار لکن الظاهر من إطلاق غیر واحد عموم القاعدة للثمن و اختصاصها بالخیارات الثلاثة أعنی خیار المجلس و الشرط و الحیوان و سیجیء الکلام فی أحکام الخیار و إن کان التلف قبل الرد ف من البائع بناء على عدم ثبوت الخیار قبل الرد و فیه مع ما عرفت من منع المبنى منع البناء فإن دلیل ضمان من لا خیار له مال صاحبه هو تزلزل البیع سواء کان بخیار متصل أو ب منفصل کما یقتضیه أخبار تلک المسألة کما سیجیء ثم إن قلنا بأن تلف الثمن من المشتری انفسخ البیع و إن قلنا بأنه من البائع فالظاهر بقاء الخیار ف یرد البدل و یرتجع المبیع.
الأمر السادس لا إشکال فی القدرة على الفسخ برد الثمن على نفس المشتری أو برده على وکیله المطلق أو الحاکم أو العدول مع التصریح بذلک فی العقد و إن کان المشروط هو رده إلى المشتری مع عدم التصریح ببدله فامتنع رده إلیه عقلا لغیبة و نحوها أو شرعا لجنون و نحوه ففی حصول الشرط برده إلى الحاکم کما اختاره المحقق القمی فی بعض أجوبة مسائله و عدمه کما اختاره سید مشایخنا فی مناهله قولان و ربما یظهر من صاحب الحدائق الاتفاق على عدم لزوم رد الثمن إلى المشتری مع غیبته حیث إنه بعد نقل قول المشهور بعدم اعتبار حضور الخصم فی فسخ ذی الخیار و أنه لا اعتبار بالإشهاد خلافا لبعض علمائنا قال إن ظاهر الروایة اعتبار حضور المشتری لیفسخ البائع بعد دفع الثمن إلیه فما ذکروه من جواز الفسخ مع عدم حضور المشتری و جعل الثمن أمانة إلى أن یجیء المشتری و إن کان ظاهرهم الاتفاق علیه إلا أنه بعید عن مساق الأخبار المذکورة انتهى.
أقول لم أجد فیما رأیت من تعرض الحکم رد الثمن مع غیبة المشتری فی هذا الخیار و لم یظهر منهم جواز الفسخ بجعل الثمن أمانة عند البائع حتى یحضر المشتری و ذکرهم لعدم اعتبار حضور الخصم فی فسخ ذی الخیار إنما هو لبیان حال الفسخ من حیث هو فی مقابل العامة و بعض الخاصة حیث اشترطوا فی الفسخ بالخیار حضور الخصم و لا تنافی بینه و بین اعتبار حضوره لتحقق شرط آخر للفسخ و هو رد الثمن إلى المشتری مع أن ما ذکره من أخبار المسألة لا یدل على اعتبار حضور الخصم فی الفسخ و إن کان موردها صورة حضوره لأجل تحقق الرد إلا أن الفسخ قد یتأخر عن الرد بزمان بناء على مغایرة الفسخ للرد و عدم الاکتفاء به عنه. نعم لو قلنا بحصول الفسخ بالرد اختص موردها بحضور الخصم لکن الأصحاب لم ینکروا اعتبار الحضور فی هذا الخیار خصوصا لو فرض قولهم بحصول الفسخ بمجرد رد الثمن فافهم و کیف کان فالأقوى فیما لم یصرح باشتراط الرد إلى خصوص المشتری هو قیام الولی مقامه لأن الظاهر من الرد إلى المشتری حصوله عنده و تملکه له حتى لا یبقى الثمن فی ذمة البائع بعد الفسخ و لذا لو دفع إلى وارث المشتری کفى و کذا لو رد وارث البائع مع أن المصرح به فی العقد رد البائع و لیس ذلک لأجل إرثه للخیار لأن ذلک متفرع على عدم مدخلیة خصوص البائع فی الرد و کذا الکلام فی ولیه و دعوى أن الحاکم إنما یتصرف فی مال الغائب على وجه الحفظ و المصلحة و الثمن قبل رده باق على ملک البائع و قبضه عنه الموجب لسلطنة البائع على الفسخ قد لا یکون مصلحة للغائب أو شبهه فلا یکون ولیا فی القبض فلا یحصل ملک المشتری المدفوع بعد الفسخ مدفوعة ب أن هذا لیس تصرفا اختیاریا من قبل الولی حتى یناط بالمصلحة بل البائع حیث وجد من هو منصوب شرعا لحفظ مال الغائب صح له الفسخ إذ لا یعتبر فیه قبول المشتری أو ولیه للثمن حتى یقال إن ولایته فی القبول متوقفة على المصلحة بل المعتبر تمکین المشتری أو ولیه منه إذا حصل الفسخ. و مما ذکرنا یظهر جواز الفسخ برد الثمن إلى عدول المؤمنین لیحفظوها حسبة عن الغائب و شبهه و لو اشترى الأب للطفل بخیار البائع فهل یصح له الفسخ مع رد الثمن إلى الولی الآخر أعنی الجد مطلقا أو مع عدم التمکن من الرد إلى الأب أو لا وجوه و یجری مثلها فیما لو اشترى الحاکم للصغیر فرد البائع إلى حاکم آخر و لیس فی قبول الحاکم الآخر مزاحمة ل لأول حتى لا یجوز قبوله للثمن و لا یجری ولایته بالنسبة إلى هذه المعاملة بناء على عدم جواز مزاحمة حاکم لحاکم آخر فی مثل هذه الأمور لما عرفت من أن أخذ الثمن من البائع لیس تصرفا اختیاریا بل البائع إذا وجد من یجوز أن یتملک الثمن عن المشتری عند فسخه جاز له الفسخ و لیس فی مجرد تملک الحاکم الثانی الثمن عن المشتری مزاحمة للحاکم الأول غایة الأمر وجوب دفعه إلیه مع احتمال عدم الوجوب لأن هذا ملک جدید للصغیر لم یتصرف فیه الحاکم الأول فلا مزاحمة لکن الأظهر أنها مزاحمة عرفا.
الأمر السابع إذا أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم یکن له ذلک إلا برد الجمیع فلو رد بعضه لم یکن له الفسخ و لیس للمشتری التصرف فی المدفوع إلیه لبقائه على ملک البائع و الظاهر أنه ضامن له لو تلف إذا دفعه إلیه على وجه التمنیة إلا أن یصرح بکونها أمانة عنده إلى أن یجتمع قدر الثمن فینفسخ البائع و لو شرط البائع الفسخ فی کل جزء ب رد ما یخصه من الثمن جاز الفسخ فیما قابل المدفوع و للمشتری خیار التبعیض إذا لم یفسخ البائع بقیة المبیع و خرجت المدة و هل له ذلک قبل خروجها الوجه ذلک و یجوز اشتراط الفسخ فی الکل برد جزء معین من الثمن فی المدة بل بجزء غیر معین ف یبقى الباقی فی ذمة البائع بعد الفسخ.
الأمر الثامن کما یجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن کذا یجوز للمشتری اشتراط الفسخ برد المثمن و لا إشکال فی انصراف الإطلاق إلى العین و لا فی جواز التصریح برد بدله مع تلفه لأن مرجعه إلى اشتراط الخیار برد المبیع مع وجوده و بدله مع تلفه و عدم بقاء مال البائع عند المشتری بعد الفسخ و فی جواز اشتراط رد بدله و لو مع التمکن من العین إشکال من أنه خلاف مقتضى الفسخ لأن مقتضاه رجوع کل من العوضین إلى صاحبه فاشتراط البدل اشتراط للفسخ على وجه غیر مشروع بل لیس فسخا فی الحقیقة.
نعم لو اشترط رد التالف بالمثل فی القیمی و بالقیمة فی المثلی أمکن الجواز لأنه بمنزلة اشتراط إیفاء ما فی الذمة بغیر جنسه لا اشتراط ضمان التالف المثلی بالقیمة و القیمی بالمثل و لا اشتراط رجوع غیر ما اقتضاه العقد إلى البائع فتأمل و یجوز اشتراط الفسخ لکل منهما برد ما انتقل إلیه أو بدله و الله العالم.
مسألة لا إشکال و لا خلاف فی عدم اختصاص خیار الشرط بالبیع و جریانه فی کل معاوضة لازمة کالإجارة و الصلح و المزارعة و المساقاة بل قال فی التذکرة الأقرب عندی دخول خیار الشرط فی کل عقد معاوضة خلافا للجمهور. و مراده ما یکون لازما لأنه صرح بعدم دخوله فی الوکالة و الجعالة و القراض و العاریة و الودیعة لأن الخیار لکل منهما دائما ف لا معنى لدخول خیار الشرط فیه.
و الأصل فی ما ذکر عموم المؤمنون عند شروطهم بل الظاهر المصرح به فی کلمات جماعة دخوله فی غیر المعاوضات من العقود اللازمة و لو من طرف واحد بل إطلاقها یشمل العقود الجائزة إلا أن یدعى من الخارج عدم معنى للخیار فی العقد الجائز و لو من الطرف الواحد. فعن الشرائع و الإرشاد و الدروس و تعلیق الإرشاد و مجمع البرهان و الکفایة دخول خیار الشرط فی کل عقد سوى النکاح و الوقف و الإبراء و الطلاق و العتق و ظاهرها ما عدا الجائز و لذا ذکر نحو هذه العبارة فی التحریر بعد ما منع الخیار فی العقود الجائزة و کیف کان فالظاهر عدم الخلاف بینهم فی أن مقتضى عموم أدلة الشرط الصحة فی الکل و إنما الإخراج لمانع. و لذا قال فی الدروس بعد حکایة المنع من دخول خیار الشرط فی الصرف عن الشیخ قدس سره أنه لم یعلم وجهه مع عموم صحیحة ابن سنان المؤمنون عند شروطهم.
فالمهم هنا بیان ما خرج عن هذا العموم فنقول:
أما الإیقاعات فالظاهر عدم الخلاف فی عدم دخول الخیار فیها کما یرشد إلیه استدلال الحلی فی السرائر على عدم دخوله فی الطلاق بخروجه عن العقود قیل لأن المفهوم من الشرط ما کان بین اثنین کما ینبه علیه جملة من الأخبار و الإیقاع إنما یقوم بواحد و فیه أن المستفاد من الأخبار کون الشرط قائما بشخصین المشروط له و المشروط علیه لا کونه متوقفا على الإیجاب و القبول أ لا ترى أنهم جوزوا أن یشترط فی إعتاق العبد خدمة مدة تمسکا بعموم المؤمنون عند شروطهم.
غایة الأمر توقف لزومه کاشتراط مال على العبد على قبول العبد على قول بعض لکن هذا غیر اشتراط وقوع الشرط بین الإیجاب و القبول فالأولى الاستدلال علیه مضافا إلى إمکان منع صدق الشرط و انصرافه خصوصا على ما تقدم عن القاموس بعدم مشروعیة الفسخ فی الإیقاعات حتى تقبل لاشتراط التسلط على الفسخ فیها. و الرجوع فی العدة لیس فسخا للطلاق بل هو حکم شرعی فی بعض أقسامه لا یقبل الثبوت فی غیر مورده بل و لا السقوط فی مورده و مرجع هذا إلى أن مشروعیة الفسخ لا بد لها من دلیل و قد وجد فی العقود من جهة مشروعیة الإقالة و ثبوت خیار المجلس و الحیوان و غیرهما فی بعضها بخلاف الإیقاعات فإنه لم یعهد من الشارع تجویز نقض أثرها بعد وقوعها حتى یصح اشتراط ذلک فیها.
و بالجملة فالشرط لا یجعل غیر السبب الشرعی سببا فإذا لم یعلم کون الفسخ سببا لارتفاع الإیقاع أو علم عدمه بناء على أن اللزوم فی الإیقاعات حکم شرعی کالجواز فی العقود الجائزة فلا یصیر سببا ب اشتراط التسلط علیه فی متن الإیقاع هذا کله مضافا إلى الإجماع عن المبسوط و نفی الخلاف عن السرائر على عدم دخوله فی العتق و الطلاق و إجماع المسالک على عدم دخوله فی العتق و الإبراء. و مما ذکرنا فی الإیقاع یمکن أن یمنع دخول الخیار فیما تضمن الإیقاع و لو کان عقدا کالصلح المفید فائدة الإبراء کما فی التحریر و جامع المقاصد و فی غایة المرام أن الصلح إن وقع معاوضة دخله خیار الشرط و إن وقع عما فی الذمة مع جهالته أو على إسقاط الدعوى قبل ثبوتها لم یدخله لأن مشروعیته لقطع المنازعة فقط و اشتراط الخیار لعود الخصومة ینافی مشروعیته و کل شرط ینافی مشروعیة العقد غیر لازم انتهى. و الکبرى المذکورة فی کلامه راجعة إلى ما ذکرنا فی وجه المنع عن الإیقاعات و لا أقل من الشک فی ذلک الراجع إلى الشک فی سببیة الفسخ لرفع الإیقاع.
و أما العقود فمنها ما لا یدخله اتفاقا و منها ما اختلف فیه و منها ما یدخله اتفاقا.
فالأول النکاح فإنه لا یدخله اتفاقا کما عن الخلاف و المبسوط و السرائر و جامع المقاصد و المسالک الإجماع علیه و لعله ل توقف ارتفاعه شرعا على الطلاق و عدم مشروعیة التقایل فیه.
و من الثانی الوقف فإن المشهور عدم دخوله فیه و عن المسالک أنه موضع وفاق و یظهر من محکی السرائر و الدروس وجود الخلاف فیه و ربما علل باشتراط القربة فیه و أنه فک ملک بغیر عوض و الکبرى فی الصغریین ممنوعة. و یمکن الاستدلال له بالموثقة المذکورة فی مسألة شرط الواقف کونه أحق بالوقف عند الحاجة و هی قوله ع: من أوقف أرضا ثم قال إن احتجت إلیها فأنا أحق بها ثم مات الرجل فإنها ترجع فی المیراث و قریب منها غیرها و فی دلالتها على المدعى تأمل.
و یظهر من المحکی عن المشایخ الثلاثة فی تلک المسألة تجویز اشتراط الخیار فی الوقف و لعله المخالف الذی أشیر إلیه فی محکی السرائر و الدروس. و أما حکم الصدقة فالظاهر أنه حکم الوقف قال فی التذکرة فی باب الوقف إنه یشترط فی الوقف الإلزام فلا یقع لو شرط الخیار فیه لنفسه و یکون الوقف باطلا کالعتق و الصدقة انتهى. لکن قال فی باب خیار الشرط أما الهبة المقبوضة فإن کانت لأجنبی غیر معوض عنها و لا قصد بها القربة و لا تصرف المتهب یجوز للواهب الرجوع فیها و إن اختل أحد القیود لزمت و هل یدخلها خیار الشرط الأقرب ذلک انتهى. و ظاهره دخول الخیار فی الهبة اللازمة حتى الصدقة و کیف کان فالأقوى عدم دخوله فیها لعموم ما دل على أنه لا یرجع فیما کان لله بناء على أن المستفاد منه کون اللزوم حکما شرعیا لماهیة الصدقة نظیر الجواز للعقود الجائزة و لو شک فی ذلک کفى فی عدم سببیة الفسخ التی یتوقف صحة اشتراط الخیار علیها و توهم إمکان إثبات السببیة بنفس دلیل الشرط واضح الاندفاع. و منه الصلح فإن الظاهر المصرح به فی کلام جماعة کالعلامة فی التذکرة دخول الخیار فیه مطلقا بل عن المهذب البارع فی باب الصلح الإجماع على دخوله فیه بقول مطلق و ظاهر المبسوط کالمحکی عن الخلاف عدم دخوله فیه مطلقا و قد تقدم التفصیل عن التحریر و جامع المقاصد و غایة المرام و لا یخلو عن قرب لما تقدم من الشک فی سببیة الفسخ لرفع الإبراء أو ما یفید فائدته. و منه الضمان فإن المحکی عن ضمان التذکرة و القواعد عدم دخول خیار الشرط فیه و هو ظاهر المبسوط و الأقوى دخوله فیه لو قلنا بالتقایل فیه.
و منه الرهن فإن المصرح به فی غایة المرام عدم ثبوت الخیار للراهن لأن الرهن وثیقة للدین و الخیار ینافی الاستیثاق و لعله لذا استشکل فی التحریر و هو ظاهر المبسوط و مرجعه إلى أن مقتضى طبیعة الرهن شرعا بل عرفا کونها وثیقة و الخیار مناف لذلک و فیه أن غایة الأمر کون وضعه على اللزوم فلا ینافی جواز جعل الخیار بتراضی الطرفین. و منه الصرف فإن صریح المبسوط و الغنیة و السرائر عدم دخول خیار الشرط فیه مدعین على ذلک الإجماع و لعله لما ذکره فی التذکرة للشافعی المانع عن دخوله فی الصرف و السلم من أن المقصود من اعتبار التقابض فیهما أن یفترقا و لا یبقى بینهما علقة و لو أثبتنا الخیار بقیت العلقة و الملازمة ممنوعة کما فی التذکرة و لذا جزم فیها بدخوله فی الصرف و إن استشکله أولا کما فی القواعد.
و من الثالث أقسام البیع ما عدا الصرف و مطلق الإجارة و المزارعة و المساقاة و غیر ما ذکر من موارد الخلاف فإن الظاهر عدم الخلاف فیها.
و اعلم أنه ذکر فی التذکرة تبعا للمبسوط دخول خیار الشرط فی القسمة و إن لم یکن فیها رد و لا یتصور إلا بأن یشترط الخیار فی التراضی القولی بالسهام. و أما التراضی الفعلی فلا یتصور دخول خیار الشرط فیه بناء على وجوب ذکر الشرط فی متن العقد و منه یظهر عدم جریان هذا الخیار فی المعاطاة و إن قلنا بلزومها من أول الأمر أو بعد التلف و السر فی ذلک أن الشرط القولی لا یمکن ارتباطه بالإنشاء الفعلی و ذکر فیهما أیضا دخول الخیار فی الصداق و لعله لمشروعیة الفسخ فیه فی بعض المقامات کما إذا زوجها الولی بدون مهر المثل و فیه نظر و ذکر فی المبسوط أیضا دخول هذا الخیار فی السبق و الرمایة للعموم.
أقول و الأظهر بحسب القواعد إناطة دخول خیار الشرط بصحة التقایل فی العقد فمتى شرع التقایل مع التراضی بعد العقد جاز تراضیهما حین العقد على سلطنة أحدهما أو کلیهما على الفسخ فإن إقدامه على ذلک حین العقد کاف فی ذلک بعد ما وجب علیه شرعا القیام و الوفاء بما شرطه على نفسه فیکون أمر الشارع إیاه بعد العقد بالرضا بما یفعله صاحبه من الفسخ و الالتزام و عدم الاعتراض علیه قائما مقام رضاه الفعلی بفعل صاحبه و إن لم یرض فعلا و أما إذا لم یصح التقایل فیه لم یصح اشتراط الخیار فیه لأنه إذا لم یثبت تأثیر الفسخ بعد العقد عن تراض منهما فالالتزام حین العقد لسلطنة أحدهما علیه لا یحدث له أثرا لما عرفت من أن الالتزام حین العقد لا یفید إلا فائدة الرضا الفعلی بعد العقد بفسخ صاحبه و لا یجعل الفسخ مؤثرا شرعیا و الله العالم.
حوزوی کتب
مکاسب حصہ چہارم
*کتاب الخیارات*
مقدمتان
القول فی أقسام الخیار
الأول فی خیار المجلس
مسائل في خيار المجلس
مسقطات خیار المجلس
الثانی خیار الحیوان
مسقطات خیار الحیوان
الثالث خیار الشرط
الرابع خیار الغبن
مسائل في خيار الغبن
الخامس خیار التأخیر
السادس خیار الرؤیة
السابع خیار العیب
يسقط الرد خاصة بأمور
یسقط الأرش دون الرد فی موضعین
یسقط الرد و الأرش معا بأمور
مسائل فی اختلاف المتبایعین
الأول الاختلاف فی موجب الخیار
الثانی الاختلاف فی المسقط
الثالث الاختلاف فی الفسخ
القول فی ماهیة العیب و ذکر بعض أفراده
الکلام فی بعض أفراد العیب
خاتمة فی عیوب متفرقة
القول فی الأرش
مکاسب حصہ چہارم
الثالث خیار الشرط
الثالث خیار الشرط أعنی الثابت بسبب اشتراطه فی العقد و لا خلاف فی صحة هذا الشرط و لا فی أنه لا یتقدر بحد عندنا و نقل الإجماع علیه مستفیض و الأصل فیه قبل ذلک الأخبار العامة المسوغة لاشتراط کل شرط إلا ما استثنی و الأخبار الخاصة الواردة فی بعض أفراد المسألة. فمن الأولى الخبر المستفیض الذی لا یبعد دعوى تواتره: إن المسلمین عند شروطهم و یزید فی صحیحة ابن سنان: إلا کل شرط خالف کتاب الله فلا یجوز. و فی موثقة إسحاق بن عمار: إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما نعم فی صحیحة أخرى لابن سنان: من اشترط شرطا مخالفا لکتاب الله فلا یجوز على الذی اشترط علیه و المسلمون عند شروطهم فیما وافق کتاب الله لکن المراد منه بقرینة المقابلة عدم المخالفة للإجماع على عدم اعتبار موافقة الشرط لظاهر الکتاب. و تمام الکلام فی معنى هذه الأخبار و توضیح المراد منه الاستثناء الوارد فیها یأتی فی باب الشرط فی ضمن العقد إن شاء الله .
و المقصود هنا بیان أحکام الخیار المشترط فی العقد و هی تظهر برسم مسائل:
مسألة لا فرق بین کون زمان الخیار متصلا بالعقد أو منفصلا عنه لعموم أدلة الشرط قال فی التذکرة لو شرط خیار الغد صح عندنا خلافا للشافعی و استدل له فی موضع آخر ب لزوم صیرورة العقد جائزا بعد اللزوم و رد بعدم المانع من ذلک مع أنه کما فی التذکرة منتقض بخیار التأخیر و خیار الرؤیة. نعم یشترط تعیین المدة فلو تراضیا على مدة مجهولة کقدوم الحاج بطل بلا خلاف بل حکی الإجماع علیه صریحا لصیرورة المعاملة بذلک غرریة و لا عبرة بمسامحة العرف فی بعض المقامات و إقدام العقلاء علیه أحیانا ف إن المستفاد من تتبع أحکام المعاملات عدم رضاء الشارع بذلک إذ کثیرا ما یتفق التشاح فی مثل الساعة و الساعتین من زمان الخیار فضلا من الیوم و الیومین. و بالجملة فالغرر لا ینتفی بمسامحة الناس فی غیر زمان الحاجة إلى المداقة و إلا لم یکن بیع الجزاف و ما تعذر تسلیمه و الثمن المحتمل للتفاوت القلیل و غیر ذلک من الجهالات غررا لتسامح الناس فی غیر مقام الحاجة إلى المداقة فی أکثر الجهالات و لعل هذا مراد بعض الأساطین من قوله إن دائرة الغرر فی الشرع أضیق من دائرته فی العرف و إلا ف الغرر لفظ لا یرجع فی معناه إلا إلى العرف. نعم الجهالة التی لا یرجع الأمر معها غالبا إلى التشاح بحیث یکون النادر کالمعدوم لا تعد غررا کتفاوت المکاییل و الموازین.
و یشیر إلى ما ذکرنا الأخبار الدالة على اعتبار کون السلم إلى أجل معلوم و خصوص موثقة غیاث: لا بأس بالسلم فی کیل معلوم إلى أجل معلوم لا یسلم إلى دیاس أو إلى حصاد مع أن التأجیل إلى الدیاس و الحصاد و شبههما فوق حد الإحصاء بین العقلاء الجاهلین بالشرع و ربما یستدل على ذلک بأن اشتراط المدة المجهولة مخالف للکتاب و السنة لأنه غرر و فیه أن کون البیع بواسطة الشرط مخالفا للکتاب و السنة غیر کون نفس الشرط مخالفا للکتاب و السنة ففی الثانی یفسد الشرط و یتبعه البیع و فی الأول یفسد البیع فیلغو الشرط اللهم إلا أن یراد أن نفس الالتزام بخیار فی مدة مجهولة غرر و إن لم یکن بیعا فیشمله دلیل نفی الغرر فیکون مخالفا للکتاب و السنة لکن لا یخفى سرایة الغرر إلى البیع فیکون الاستناد فی فساده إلى فساد شرطه المخالف للکتاب کالأکل من القفا.
مسألة لا فرق فی بطلان العقد بین ذکر المدة المجهولة کقدوم الحاج و بین عدم ذکر المدة أصلا کأن یقول بعتک على أن یکون لی الخیار و بین ذکر المدة المطلقة کأن یقول بعتک على أن یکون لی الخیار مدة لاستواء الکل فی الغرر خلافا للمحکی عن المقنعة و الانتصار و الخلاف و الجواهر و الغنیة و الحلبی فجعلوا مدة الخیار فی الصورة الثانیة ثلاثة أیام و یحتمل حمل الثالثة علیها و عن الانتصار و الغنیة و الجواهر الإجماع علیه و فی محکی الخلاف وجود أخبار الفرقة به و لا شک أن هذه الحکایة بمنزلة إرسال أخبار فیکفی فی انجبارها الإجماعات المنقولة و لذا مال إلیه فی محکی الدروس لکن العلامة فی التذکرة لم یحک هذا القول إلا عن الشیخ قدس سره و أوله بإرادة خیار الحیوان. و عن العلامة الطباطبائی فی مصابیحه الجزم به و قواه بعض المعاصرین منتصرا لهم بما فی مفتاح الکرامة من أنه لیس فی الأدلة ما یخالفه إذ الغرر مندفع بتحدید الشرع و إن لم یعلم به المتعاقدان کخیار الحیوان الذی لا إشکال فی صحة العقد مع الجهل به أو بمدته. و زاد فی مفتاح الکرامة التعلیل بأن الجهل یؤول إلى العلم الحاصل من الشرع و فیه ما تقدم فی مسألة تعذر التسلیم من أن بیع الغرر موضوع عرفی حکم فیه الشارع بالفساد و التحدید بالثلاثة تعبد شرعی لم یقصده المتعاقدان فإن ثبت بالدلیل کان مخصصا لعموم نفی الغرر و کان التحدید تعبدیا نظیر التحدید الوارد فی بعض الوصایا المبهمة أو یکون حکما شرعیا ثبت فی موضوع خاص و هو إهمال مدة الخیار. و الحاصل أن الدعوى فی تخصیص أدلة نفی الغرر لا فی تخصصها و الإنصاف أن ما ذکرنا من حکایة الأخبار و نقل الإجماع لا ینهض لتخصیص قاعدة الغرر لأن الظاهر بقرینة عدم تعرض الشیخ لذکر شیء من هذه الأخبار فی کتابیه الموضوعین لإیداع الأخبار أنه عول فی هذه الدعوى على اجتهاده فی دلالة الأخبار الواردة فی شرط الحیوان و لا ریب أن الإجماعات المحکیة إنما تجبر قصور السند المرسل المتضح دلالته أو القاصر دلالته لا المرسل المجهول العین المحتمل لعدم الدلالة رأسا فالتعویل حینئذ على نفس الجابر و لا حاجة إلى ضم المنجبر إذ نعلم إجمالا أن المجمعین اعتمدوا على دلالات اجتهادیة استنبطوها من الأخبار و لا ریب أن المستند غالبا فی إجماعات القاضی و ابن زهرة إجماع السید فی الانتصار. نعم قد روی فی کتب العامة أن حنان بن منقذ کان یخدع فی البیع لشجة أصابته فی رأسه فقال له النبی ص: إذا بعت فقل لا خلابة و جعل له الخیار ثلاثا. و فی روایة و لک الخیار ثلاثا و الخلابة الخدیعة فی دلالته فضلا عن سنده ما لا یخفى و جبرها بالإجماعات کما ترى إذ التعویل علیها مع ذهاب المتأخرین إلى خلافها فی الخروج عن قاعدة الغرر مشکل بل غیر صحیح.
فالقول بالبطلان لا یخلو عن قوة ثم إنه ربما یقال ببطلان الشرط دون العقد و لعله مبنی على أن فساد الشرط لا یوجب فساد العقد. و فیه أن هذا على القول به فیما إذا لم یوجب الشرط فسادا فی أصل البیع کما فیما نحن فیه حیث إن جهالة الشرط یوجب کون البیع غرریا و إلا فالمتجه فساد البیع و لو لم نقل بسرایة الفساد من الشرط إلى المشروط و سیجیء تمام الکلام فی مسألة الشروط.
مسألة مبدأ هذا الخیار من حین العقد لأنه المتبادر من الإطلاق و لو کان زمان الخیار منفصلا کان مبدؤه أول جزء من ذلک الزمان فلو شرط خیار الغد کان مبدؤه من طلوع فجر الغد فیجوز جعل مبدئه من انقضاء خیار الحیوان بناء على أن مبدأه من حین العقد و لو جعل مبدأه من حین التفرق بطل لأدائه إلى جهالة مدة الخیار. و عن الشیخ و الحلی أن مبدأه من حین التفرق و قد تقدم عن الشیخ وجهه مع عدم تمامیته. نعم یمکن أن یقال هنا إن المتبادر من جعل الخیار جعله فی زمان لو لا الخیار لزم العقد کما أشار إلیه فی السرائر لکن لو تم هذا لاقتضى کونه فی الحیوان من حین انقضاء الثلاثة مع أن هذا إنما یتم مع العلم بثبوت خیار المجلس و إلا فمع الجهل به لا یقصد إلا الجهل من حین العقد بل الحکم بثبوته من حین التفرق حکم على المتعاقدین بخلاف قصدهما.
مسألة یصح جعل الخیار لأجنبی قال فی التذکرة لو باع العبد و شرط الخیار للعبد صح البیع و الشرط عندنا معا و حکی عنه الإجماع فی الأجنبی قال لأن العبد بمنزلة الأجنبی و لو جعل الخیار لمتعدد کان کل منهم ذا خیار فإن اختلفوا فی الفسخ و الإجارة قدم الفاسخ لأن مرجع الإجازة إلى إسقاط خیار المجیز خاصة بخلاف ما لو وکل جماعة فی الخیار فإن النافذ هو تصرف السابق لفوات محل الوکالة بعد ذلک و عن الوسیلة أنه إذا کان الخیار لهما و اجتمعا على فسخ أو إمضاء نفذ و إن لم یجتمعا بطل و إن کان لغیرهما و رضی نفذ البیع و إن لم یرض کان المبتاع بالخیار بین الفسخ و الإمضاء انتهى و فی الدروس و یجوز اشتراطه لأجنبی منفردا و لا اعتراض علیه و معهما أو مع أحدهما و لو خولف أمکن اعتبار فعله و إلا لم یکن لذکره فائدة انتهى. أقول و لو لم یمض فسخ الأجنبی مع إجازته و المفروض عدم مضی إجازته مع فسخه لم یکن لذکر الأجنبی فائدة ثم إنه ذکر غیر واحد أن الأجنبی یراعی المصلحة للجاعل و لعله لتبادره من الإطلاق و إلا فمقتضى التحکیم نفوذ حکمه على الجاعل من دون ملاحظة مصلحة فتعلیل وجوب مراعاة الأصلح بکونه أمینا لا یخلو عن نظر ثم إنه ربما یتخیل أن اشتراط الخیار للأجنبی مخالف للمشروع نظرا إلى أن الثابت فی الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ أو بدخول الخیار بالأصل کخیاری المجلس و الشرط أو بالعارض کخیار الفسخ برد الثمن لنفس المتعاقدین و هو ضعیف لمنع اعتبار کون الفسخ من أحد المتعاقدین شرعا و لا عقلا بل المعتبر فیه تعلق حق الفاسخ بالعقد أو بالعین و إن کان أجنبیا فحینئذ یجوز للمتبائعین اشتراط حق للأجنبی فی العقد و سیجیء نظیره فی إرث الزوجة للخیار مع عدم إرثها من العین.
مسألة یجوز لهما اشتراط الاستیمار بأن یستأمر المشروط علیه الأجنبی فی أمر العقد فیأتمر بأمره أو بأن یأتمره إذا أمره ابتداء و على الأول فإن فسخ المشروط علیه من دون استیمار لم ینفذ و لو استأمره فإن أمره بالإجازة لم یکن له الفسخ قطعا إذ الغرض من الشرط لیس مجرد الاستیمار بل الالتزام بأمره مع أنه لو کان الغرض مجرد ذلک لم یوجب ذلک أیضا ملک الفسخ و إن أمره بالفسخ لم یجب علیه الفسخ بل غایة الأمر ملک الفسخ حینئذ إذ لا معنى لوجوب الفسخ علیه أما مع عدم رضاء الآخر بالفسخ فواضح إذ المفروض أن الثالث لا سلطنة له على الفسخ و المتعاقدان لا یریدانه و أما مع طلب الآخر للفسخ ف لأن وجوب الفسخ حینئذ على المستأمر بالکسر راجع إلى حق لصاحبه علیه فإن اقتضى اشتراط الاستیمار ذلک الحق على صاحبه عرفا فمعناه سلطنة صاحبه على الفسخ فیرجع اشتراط الاستیمار إلى شرط لکل منهما على صاحبه. و الحاصل أن اشتراط الاستیمار من واحد منهما على صاحبه إنما یقتضی ملکه للفسخ إذا أذن له الثالث المستأمر و اشتراطه لکل منهما على صاحبه یقتضی ملک کل واحد منهما للفسخ عند الإذن. و مما ذکرنا یتضح حکم الشق الثانی و هو الائتمار بأمره الابتدائی فإنه إن کان شرطا لأحدهما ملک الفسخ لو أمره به و إن کان لکل منهما ملکا کذلک ثم فی اعتبار مراعاة المستأمر للمصلحة و عدمه وجهان أوجههما العدم إن لم یستفد الاعتبار من إطلاق العقد بقرینة حالیة أو مقالیة.
مسألة من أفراد خیار الشرط ما یضاف البیع إلیه و یقال له بیع الخیار و هو جائز عندنا کما فی التذکرة و عن غیرها الإجماع علیه و هو أن یبیع شیئا و یشترط الخیار لنفسه مدة بأن یرد الثمن فیها و یرتجع المبیع.
و الأصل فیه بعد العمومات المتقدمة فی الشرط النصوص المستفیضة:
منها موثقة إسحاق بن عمار قال سمعت من یسأل أبا عبد الله ع یقول و سأله رجل و أنا عنده فقال: رجل مسلم احتاج إلى بیع داره فمشى فجاء إلى أخیه فقال له أبیعک داری هذه و یکون لک أحب إلى من أن یکون لغیرک على أن تشترط لی أنی إذا جئتک بثمنها إلى سنة تردها علی قال لا بأس بهذا إن جاء بثمنها ردها علیه قلت أ رأیت لو کان للدار غلة لمن تکون الغلة فقال الغلة للمشتری أ لا ترى أنها لو احترقت کانت من ماله.
و روایة معاویة بن میسرة قال سمعت أبا الجارود: یسأل أبا عبد الله ع عن رجل باع دارا له من رجل و کان بینه و بین الذی اشترى منه الدار خلطة فشرط أنک إن أتیتنی بمالی ما بین ثلاث سنین فالدار دارک فأتاه بماله قال له أبو الجارود فإن هذا الرجل قد أصاب فی هذا المال فی ثلاث سنین قال هو ماله و قال ع أ رأیت لو أن الدار احترقت من مال من کانت یکون الدار دار المشتری.
و عن سعید بن یسار فی الصحیح قال: قلت لأبی عبد الله ع إنا نخالط أناسا من أهل السود أو غیرهم فنبیعهم و نربح علیهم فی العشرة اثنى عشر و ثلاثة عشر و نؤخر ذلک فیما بیننا و بینهم السنة و نحوها و یکتب لنا رجل منهم على داره أو أرضه ب ذلک المال الذی فیه الفضل الذی أخذ منا شراء بأنه باع و قبض الثمن منه فنعده إن جاء هو بالمال إلى وقت بیننا و بینهم أن ترد علیه الشراء فإن جاء الوقت و لم یأتنا بالدراهم فهو لنا فما ترى فی هذا الشراء قال أرى أنه لک إن لم یفعله و إن جاء بالمال الموقت فرد علیه.
و عن أبی الجارود عن أبی جعفر ع قال: إن بعت رجلا على شرط فإن أتاک بمالک و إلا فالبیع لک.
إذا عرفت هذا فتوضیح المسألة یتحقق بالکلام فی أمور:
الأول أن اعتبار رد الثمن فی هذا الخیار یتصور على وجوه:
أحدها أن یؤخذ قیدا للخیار على وجه التعلیق أو التوقیت فلا خیار قبله و یکون مدة الخیار منفصلة دائما عن العقد و لو بقلیل و لا خیار قبل الرد و المراد برد الثمن فعل ماله دخل فی القبض من طرفه و إن أبى المشتری.
الثانی أن یؤخذ قیدا للفسخ بمعنى أن له الخیار فی کل جزء من المدة المضروبة و التسلط على الفسخ على وجه مقارنته لرد الثمن أو تأخره عنه.
الثالث أن یکون رد الثمن فسخا فعلیا بأن یراد منه تملیک الثمن لیتملک منه المبیع و علیه حمل فی الریاض ظاهر الأخبار الدالة على عود المبیع بمجرد رد الثمن.
الرابع أن یؤخذ رد الثمن قیدا لانفساخ العقد فمرجع ثبوت الخیار له إلى کونه مسلطا على سبب الانفساخ لا على مباشرة الفسخ و هذا هو الظاهر من روایة معاویة بن میسرة و یحتمل الثالث کما هو ظاهر روایتی سعید بن یسار و موثقة إسحاق بن عمار و عنوان المسألة بهذا الوجه هو الظاهر من الغنیة حیث لم یذکر هذا القسم من البیع فی الخیار أصلا و إنما ذکره فی أمثلة الشروط الجائزة فی متن العقد قال أن یبیع و یشترط على المشتری إن رد الثمن علیه فی وقت کذا کان المبیع له انتهى.
الخامس أن یکون رد الثمن شرطا لوجوب الإقالة على المشتری بأن یلتزم المشتری على نفسه أن یقیله إذا جاء بالثمن و استقالة و هو ظاهر الوسیلة حیث قال إذا باع شیئا على أن یقیله فی وقت کذا بمثل الثمن الذی باعه منه لزمته الإقالة إذا جاءه بمثل الثمن فی المدة انتهى فإن أبى أجبره الحاکم أو أقال عنه و إلا استقل بالفسخ و هو محتمل روایتی سعید بن یسار و إسحاق بن عمار على أن یکون رد المبیع البیع فیهما کنایة عن ملزومه و هی الإقالة لا أن یکون وجوب الرد کنایة عن تملک البائع للمبیع بمجرد فسخه بعد رد الثمن على ما فهمه الأصحاب و مرجعه إلى أحد الأولین . و الأظهر فی کثیر من العبارات مثل الشرائع و القواعد و التذکرة هو الثانی.
لکن الظاهر صحة الاشتراط بکل من الوجوه الخمسة عدا الرابع فإنه فیه إشکالا من جهة أن انفساخ البیع بنفسه بدون إنشاء فعلی أو قولی یشبه انعقاده بنفسه فی مخالفة المشروع من توقف المسببات على أسبابها الشرعیة و سیجیء فی باب الشروط ما یتضح به صحة ذلک و سقمه.
الأمر الثانی الثمن المشروط رده إما أن یکون فی الذمة و إما أن یکون معینا و على کل تقدیر إما أن یکون قد قبضه و إما لم یقبضه فإن لم یقبضه فله الخیار و إن لم یتحقق رد الثمن لأنه شرط على تقدیر قبضه و إن لم یفسخ حتى انقضت المدة لزم البیع و یحتمل العدم بناء على أن اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله و إن قبض الثمن المعین فإما أن یشترط رد عینه أو یشترط رد ما یعم بدله مع عدم التمکن من العین بسبب لا منه أو مطلقا أو و لو مع التمکن منه على الإشکال من الأخیر من حیث اقتضاء الفسخ شرعا بل لغة رد العین مع الإمکان و فی جواز اشتراط رد القیمة فی المثلی و بالعکس وجهان و إما أن یطلق فعلى الأول لا خیار إلا برد العین فلو تلف لا من البائع فالظاهر عدم الخیار إلا أن یکون إطلاق اشتراط رد العین فی الخیار لإفادة سقوطه بإتلاف البائع فیبقى الخیار فی إتلاف غیره على حاله و فیه نظر. و على الثانی فله رد البدل فی موضع صحة الاشتراط. و أما الثالث فمقتضى ظاهر الشرط فیه رد العین و یظهر من إطلاق محکی الدروس و حاشیة الشرائع أن الإطلاق لا یحمل على العین و یحتمل حمله على الثمن الکلی و سیأتی و إن کان الثمن کلیا فإن کان فی ذمة البائع کما هو مضمون روایة سعید بن یسار المتقدمة فرده بأداء ما فی الذمة سواء قلنا إنه عین الثمن أو بدله من حیث إن ما فی ذمة البائع سقط عنه بصیرورته ملکا له فکأنه تلف المراد برده المشترط رد بدله و إن لم یکن الثمن فی ذمة البائع و قبضه فإن شرط رد ذلک الفرد المقبوض أو رد مثله بأحد الوجوه المتقدمة فالحکم على مقتضى الشرط و إن أطلق فالمتبادر بحکم الغلبة فی هذا القسم من البیع المشتهر ببیع الخیار هو رد ما یعم البدل إما مطلقا أو مع فقد العین و یدل علیه صریحا بعض الأخبار المتقدمة إلا أن المتیقن منها صورة فقد العین.
الأمر الثالث : قیل ظاهر الأصحاب بناء على ما تقدم من أن رد الثمن فی هذا البیع عندهم مقدمة لفسخ البائع أنه لا یکفی مجرد الرد فی الفسخ و صرح به فی الدروس و غیره و لعل منشأ الظهور أن هذا القسم فرد من خیار الشرط مع اعتبار شیء زائد فیه و هو رد الثمن و عللوا ذلک أیضا بأن الرد من حیث هو لا یدل على الفسخ أصلا و هو حسن مع عدم الدلالة أما لو فرض الدلالة عرفا إما بأن یفهم منه کونه تملیکا للثمن من المشتری لیتملک منه المبیع على وجه المعاطاة و إما بأن یدل الرد بنفسه على الرضا بکون المبیع ملکا له و الثمن ملکا للمشتری فلا وجه لعدم الکفایة مع اعترافهم بتحقق الفسخ فیما هو أخفى من ذلک دلالة و ما قیل من أن الرد یدل على إرادة الفسخ و الإرادة غیر المراد ففیه أن المدعى دلالته على إرادة کون المبیع ملکا له و الثمن ملکا للمشتری و لا یعتبر فی الفسخ الفعلی أزید من هذا مع أن ظاهر الأخبار کفایة الرد فی وجوب رد المبیع بل قد عرفت فی روایة معاویة بن میسرة حصول تملک المبیع برد الثمن ف یحمل على تحقق الفسخ الفعلی به.
الأمر الرابع یسقط هذا الخیار بإسقاطه بعد العقد على الوجه الثانی من الوجهین الأولین بل و على الوجه الأول بناء على أن تحقق السبب و هو العقد کاف فی صحة إسقاط الحق لکن مقتضى ما صرح به فی التذکرة من أنه لا یجوز إسقاط خیار الشرط أو الحیوان بعد العقد بناء على حدوثهما من زمان التفرق عدم الجواز أیضا إلا أن یفرق هنا بأن المشروط له مالک للخیار قبل الرد و لو من حیث تملکه للرد الموجب له فله إسقاطه بخلاف ما فی التذکرة و یسقط أیضا بانقضاء المدة و عدم رد الثمن أو بدله مع الشرط أو مطلقا على التفصیل المتقدم و لو تبین المردود من غیر الجنس فلا رد و لو ظهر معیبا کفى فی الرد و له الاستبدال.
و یسقط أیضا بالتصرف فی الثمن المعین مع اشتراط رد العین أو حمل الإطلاق علیه و کذا الفرد المدفوع من الثمن الکلی إذا حمل الإطلاق على اعتبار رد عین المدفوع کل ذلک لإطلاق ما دل على أن تصرف ذی الخیار فیما انتقل إلیه رضاء بالعقد و لا خیار و قد عمل الأصحاب بذلک فی غیر مورد النص کخیاری المجلس و الشرط. و المحکی عن المحقق الأردبیلی و صاحب الکفایة أن الظاهر عدم سقوط هذا الخیار بالتصرف فی الثمن لأن المدار فی هذا الخیار علیه لأنه شرع لانتفاع البائع بالثمن فلو سقط الخیار سقط الفائدة و للموثق المتقدم المفروض فی مورده تصرف البائع فی الثمن و بیع الدار لأجل ذلک و المحکی عن العلامة الطباطبائی فی مصابیحه الرد على ذلک بعد الطعن علیه بمخالفته لما علیه الأصحاب بما محصله أن التصرف المسقط ما وقع فی زمان الخیار و لا خیار إلا بعد الرد و لا ینافی شیء مما ذکر لزومه بالتصرف بعد الرد لأن ذلک منه بعده لا قبله و إن کان قادرا على إیجاد سببه فیه إذ المدار على الفعل لا على القوة على أنه لا یتم فیما اشترط فیه الرد فی وقت منفصل عن العقد کیوم بعد سنة مثلا انتهى محصل کلامه و ناقش بعض من تأخر عنه فیما ذکره من کون حدوث الخیار بعد الرد لا قبله ب أن ذلک یقتضی جهالة مبدء الخیار و بأن الظاهر من إطلاق العرف و تضعیف کثیر من الأصحاب قول الشیخ بتوقف الملک على انقضاء الخیار ب بعض الأخبار المتقدمة فی هذه المسألة الدالة على أن غلة المبیع للمشتری هو کون مجموع المدة زمان الخیار انتهى. أقول فی أصل الاستظهار المتقدم و الرد المذکور عن المصابیح و المناقشة على الرد نظر أما الأول فلأنه لا مخصص لدلیل سقوط الخیار بالتصرف المنسحب فی غیر مورد النص علیه باتفاق الأصحاب و أما بناء هذا العقد على التصرف فهو من جهة أن الغالب المتعارف البیع بالثمن الکلی و ظاهر الحال فیه کفایة رد مثل الثمن و لذا قوینا حمل الإطلاق فی هذه الصورة على ما یعم البدل و حینئذ فلا یکون التصرف فی عین الفرد المدفوع دلیلا على الرضا بلزوم العقد إذ لا منافاة بین فسخ العقد و صحة هذا التصرف و استمراره و هو مورد الموثق المتقدم أو منصرف إطلاقه أو من جهة تواطؤ المتعاقدین على ثبوت الخیار مع التصرف أیضا أو للعلم بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التصرف فی الثمن و قد مر أن السقوط بالتصرف لیس تعبدا شرعیا مطلقا حتى المقرون منه بعدم الرضا بلزوم العقد. و أما الثانی فلأن المستفاد من النص و الفتوى کما عرفت کون التصرف مسقطا فعلیا کالقولی یسقط الخیار فی کل مقام یصح إسقاطه بالقول و الظاهر عدم الإشکال فی جواز إسقاط الخیار قولا قبل الرد هذا مع أن حدوث الخیار بعد الرد مبنی على الوجه الأول المتقدم من الوجوه الخمسة فی مدخلیة الرد فی الخیار و لا دلیل على تعینه فی بیع الخیار المتعارف بین الناس بل الظاهر من عبارة غیر واحد هو الثانی أو نقول إن المتبع مدلول الجملة الشرطیة الواقعة فی متن العقد فقد یؤخذ الرد فیها قیدا للخیار و قد یؤخذ قیدا للفسخ. نعم لو جعل الخیار و الرد فی جزء معین من المدة کیوم بعد السنة کان التصرف قبله تصرفا مع لزوم العقد و جاء فیه الإشکال فی صحة الإسقاط هنا و لو قولا من عدم تحقق الخیار و من تحقق سببه. و أما المناقشة فی تحدید مبدأ الخیار بالرد بلزوم جهالة مدة الخیار ففیه أنها لا تقدح مع تحدید زمان التسلط على الرد و الفسخ بعده إنشاء. نعم ذکر فی التذکرة أنه لا یجوز اشتراط الخیار من حین التفرق إذا جعلنا مبدأه عند الإطلاق من حین العقد لکن الفرق یظهر بالتأمل و أما الاستشهاد علیه بحکم العرف ففیه أن زمان الخیار عرفا لا یراد به إلا ما کان الخیار متحققا فیه شرعا أو بجعل المتعاقدین و المفروض أن الخیار هنا جعلی فالشک فی تحقق الخیار قبل الرد بجعل المتعاقدین و أما ما ذکره بعض الأصحاب فی رد الشیخ من بعض أخبار المسألة فلعلهم فهموا من مذهبه توقف الملک على انقضاء زمان الخیار مطلقا حتى المنفصل کما لا یبعد عن إطلاق کلامه و إطلاق ما استدل له به من الأخبار.
الأمر الخامس لو تلف المبیع کان من المشتری سواء کان قبل الرد أو بعده و نماؤه أیضا له مطلقا و الظاهر عدم سقوط خیار البائع فیسترد المثل أو القیمة ب رد الثمن أو بدله و یحتمل عدم الخیار بناء على أن مورد هذا الخیار هو إلزام أن له رد الثمن و ارتجاع البیع و ظاهره اعتبار بقاء المبیع فی ذلک فلا خیار مع تلفه ثم إنه لا تنافی بین شرطیة البقاء و عدم جواز تفویت الشرط فلا یجوز للمشتری إتلاف المبیع کما سیجیء فی أحکام الخیار لأن غرض البائع من الخیار استرداد عین ماله و لا یتم إلا بالتزام إبقائه للبائع و لو تلف الثمن فإن کان بعد الرد و قبل الفسخ فمقتضى ما سیجیء من أن التلف فی زمان الخیار ممن لا خیار له کونه من المشتری و إن کان ملکا للبائع إلا أن یمنع شمول تلک القاعدة للثمن و یدعى اختصاصها بالمبیع کما ذکره بعض المعاصرین و استظهره من روایة معاویة بن میسرة المتقدمة و لم أعرف وجه الاستظهار إذ لیس فیها إلا أن نماء الثمن للبائع و تلف المبیع من المشتری و هما إجماعیان حتى فی مورد کون التلف ممن لا خیار له فلا حاجة لهما إلى تلک الروایة و لا یکون الروایة مخالفة للقاعدة و إنما المخالف لها هی قاعدة أن الخراج بالضمان إذا انضمت إلى الإجماع علی کون النماء للمالک. نعم الإشکال فی عموم تلک القاعدة للثمن ک عمومها لجمیع أفراد الخیار لکن الظاهر من إطلاق غیر واحد عموم القاعدة للثمن و اختصاصها بالخیارات الثلاثة أعنی خیار المجلس و الشرط و الحیوان و سیجیء الکلام فی أحکام الخیار و إن کان التلف قبل الرد ف من البائع بناء على عدم ثبوت الخیار قبل الرد و فیه مع ما عرفت من منع المبنى منع البناء فإن دلیل ضمان من لا خیار له مال صاحبه هو تزلزل البیع سواء کان بخیار متصل أو ب منفصل کما یقتضیه أخبار تلک المسألة کما سیجیء ثم إن قلنا بأن تلف الثمن من المشتری انفسخ البیع و إن قلنا بأنه من البائع فالظاهر بقاء الخیار ف یرد البدل و یرتجع المبیع.
الأمر السادس لا إشکال فی القدرة على الفسخ برد الثمن على نفس المشتری أو برده على وکیله المطلق أو الحاکم أو العدول مع التصریح بذلک فی العقد و إن کان المشروط هو رده إلى المشتری مع عدم التصریح ببدله فامتنع رده إلیه عقلا لغیبة و نحوها أو شرعا لجنون و نحوه ففی حصول الشرط برده إلى الحاکم کما اختاره المحقق القمی فی بعض أجوبة مسائله و عدمه کما اختاره سید مشایخنا فی مناهله قولان و ربما یظهر من صاحب الحدائق الاتفاق على عدم لزوم رد الثمن إلى المشتری مع غیبته حیث إنه بعد نقل قول المشهور بعدم اعتبار حضور الخصم فی فسخ ذی الخیار و أنه لا اعتبار بالإشهاد خلافا لبعض علمائنا قال إن ظاهر الروایة اعتبار حضور المشتری لیفسخ البائع بعد دفع الثمن إلیه فما ذکروه من جواز الفسخ مع عدم حضور المشتری و جعل الثمن أمانة إلى أن یجیء المشتری و إن کان ظاهرهم الاتفاق علیه إلا أنه بعید عن مساق الأخبار المذکورة انتهى.
أقول لم أجد فیما رأیت من تعرض الحکم رد الثمن مع غیبة المشتری فی هذا الخیار و لم یظهر منهم جواز الفسخ بجعل الثمن أمانة عند البائع حتى یحضر المشتری و ذکرهم لعدم اعتبار حضور الخصم فی فسخ ذی الخیار إنما هو لبیان حال الفسخ من حیث هو فی مقابل العامة و بعض الخاصة حیث اشترطوا فی الفسخ بالخیار حضور الخصم و لا تنافی بینه و بین اعتبار حضوره لتحقق شرط آخر للفسخ و هو رد الثمن إلى المشتری مع أن ما ذکره من أخبار المسألة لا یدل على اعتبار حضور الخصم فی الفسخ و إن کان موردها صورة حضوره لأجل تحقق الرد إلا أن الفسخ قد یتأخر عن الرد بزمان بناء على مغایرة الفسخ للرد و عدم الاکتفاء به عنه. نعم لو قلنا بحصول الفسخ بالرد اختص موردها بحضور الخصم لکن الأصحاب لم ینکروا اعتبار الحضور فی هذا الخیار خصوصا لو فرض قولهم بحصول الفسخ بمجرد رد الثمن فافهم و کیف کان فالأقوى فیما لم یصرح باشتراط الرد إلى خصوص المشتری هو قیام الولی مقامه لأن الظاهر من الرد إلى المشتری حصوله عنده و تملکه له حتى لا یبقى الثمن فی ذمة البائع بعد الفسخ و لذا لو دفع إلى وارث المشتری کفى و کذا لو رد وارث البائع مع أن المصرح به فی العقد رد البائع و لیس ذلک لأجل إرثه للخیار لأن ذلک متفرع على عدم مدخلیة خصوص البائع فی الرد و کذا الکلام فی ولیه و دعوى أن الحاکم إنما یتصرف فی مال الغائب على وجه الحفظ و المصلحة و الثمن قبل رده باق على ملک البائع و قبضه عنه الموجب لسلطنة البائع على الفسخ قد لا یکون مصلحة للغائب أو شبهه فلا یکون ولیا فی القبض فلا یحصل ملک المشتری المدفوع بعد الفسخ مدفوعة ب أن هذا لیس تصرفا اختیاریا من قبل الولی حتى یناط بالمصلحة بل البائع حیث وجد من هو منصوب شرعا لحفظ مال الغائب صح له الفسخ إذ لا یعتبر فیه قبول المشتری أو ولیه للثمن حتى یقال إن ولایته فی القبول متوقفة على المصلحة بل المعتبر تمکین المشتری أو ولیه منه إذا حصل الفسخ. و مما ذکرنا یظهر جواز الفسخ برد الثمن إلى عدول المؤمنین لیحفظوها حسبة عن الغائب و شبهه و لو اشترى الأب للطفل بخیار البائع فهل یصح له الفسخ مع رد الثمن إلى الولی الآخر أعنی الجد مطلقا أو مع عدم التمکن من الرد إلى الأب أو لا وجوه و یجری مثلها فیما لو اشترى الحاکم للصغیر فرد البائع إلى حاکم آخر و لیس فی قبول الحاکم الآخر مزاحمة ل لأول حتى لا یجوز قبوله للثمن و لا یجری ولایته بالنسبة إلى هذه المعاملة بناء على عدم جواز مزاحمة حاکم لحاکم آخر فی مثل هذه الأمور لما عرفت من أن أخذ الثمن من البائع لیس تصرفا اختیاریا بل البائع إذا وجد من یجوز أن یتملک الثمن عن المشتری عند فسخه جاز له الفسخ و لیس فی مجرد تملک الحاکم الثانی الثمن عن المشتری مزاحمة للحاکم الأول غایة الأمر وجوب دفعه إلیه مع احتمال عدم الوجوب لأن هذا ملک جدید للصغیر لم یتصرف فیه الحاکم الأول فلا مزاحمة لکن الأظهر أنها مزاحمة عرفا.
الأمر السابع إذا أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم یکن له ذلک إلا برد الجمیع فلو رد بعضه لم یکن له الفسخ و لیس للمشتری التصرف فی المدفوع إلیه لبقائه على ملک البائع و الظاهر أنه ضامن له لو تلف إذا دفعه إلیه على وجه التمنیة إلا أن یصرح بکونها أمانة عنده إلى أن یجتمع قدر الثمن فینفسخ البائع و لو شرط البائع الفسخ فی کل جزء ب رد ما یخصه من الثمن جاز الفسخ فیما قابل المدفوع و للمشتری خیار التبعیض إذا لم یفسخ البائع بقیة المبیع و خرجت المدة و هل له ذلک قبل خروجها الوجه ذلک و یجوز اشتراط الفسخ فی الکل برد جزء معین من الثمن فی المدة بل بجزء غیر معین ف یبقى الباقی فی ذمة البائع بعد الفسخ.
الأمر الثامن کما یجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن کذا یجوز للمشتری اشتراط الفسخ برد المثمن و لا إشکال فی انصراف الإطلاق إلى العین و لا فی جواز التصریح برد بدله مع تلفه لأن مرجعه إلى اشتراط الخیار برد المبیع مع وجوده و بدله مع تلفه و عدم بقاء مال البائع عند المشتری بعد الفسخ و فی جواز اشتراط رد بدله و لو مع التمکن من العین إشکال من أنه خلاف مقتضى الفسخ لأن مقتضاه رجوع کل من العوضین إلى صاحبه فاشتراط البدل اشتراط للفسخ على وجه غیر مشروع بل لیس فسخا فی الحقیقة.
نعم لو اشترط رد التالف بالمثل فی القیمی و بالقیمة فی المثلی أمکن الجواز لأنه بمنزلة اشتراط إیفاء ما فی الذمة بغیر جنسه لا اشتراط ضمان التالف المثلی بالقیمة و القیمی بالمثل و لا اشتراط رجوع غیر ما اقتضاه العقد إلى البائع فتأمل و یجوز اشتراط الفسخ لکل منهما برد ما انتقل إلیه أو بدله و الله العالم.
مسألة لا إشکال و لا خلاف فی عدم اختصاص خیار الشرط بالبیع و جریانه فی کل معاوضة لازمة کالإجارة و الصلح و المزارعة و المساقاة بل قال فی التذکرة الأقرب عندی دخول خیار الشرط فی کل عقد معاوضة خلافا للجمهور. و مراده ما یکون لازما لأنه صرح بعدم دخوله فی الوکالة و الجعالة و القراض و العاریة و الودیعة لأن الخیار لکل منهما دائما ف لا معنى لدخول خیار الشرط فیه.
و الأصل فی ما ذکر عموم المؤمنون عند شروطهم بل الظاهر المصرح به فی کلمات جماعة دخوله فی غیر المعاوضات من العقود اللازمة و لو من طرف واحد بل إطلاقها یشمل العقود الجائزة إلا أن یدعى من الخارج عدم معنى للخیار فی العقد الجائز و لو من الطرف الواحد. فعن الشرائع و الإرشاد و الدروس و تعلیق الإرشاد و مجمع البرهان و الکفایة دخول خیار الشرط فی کل عقد سوى النکاح و الوقف و الإبراء و الطلاق و العتق و ظاهرها ما عدا الجائز و لذا ذکر نحو هذه العبارة فی التحریر بعد ما منع الخیار فی العقود الجائزة و کیف کان فالظاهر عدم الخلاف بینهم فی أن مقتضى عموم أدلة الشرط الصحة فی الکل و إنما الإخراج لمانع. و لذا قال فی الدروس بعد حکایة المنع من دخول خیار الشرط فی الصرف عن الشیخ قدس سره أنه لم یعلم وجهه مع عموم صحیحة ابن سنان المؤمنون عند شروطهم.
فالمهم هنا بیان ما خرج عن هذا العموم فنقول:
أما الإیقاعات فالظاهر عدم الخلاف فی عدم دخول الخیار فیها کما یرشد إلیه استدلال الحلی فی السرائر على عدم دخوله فی الطلاق بخروجه عن العقود قیل لأن المفهوم من الشرط ما کان بین اثنین کما ینبه علیه جملة من الأخبار و الإیقاع إنما یقوم بواحد و فیه أن المستفاد من الأخبار کون الشرط قائما بشخصین المشروط له و المشروط علیه لا کونه متوقفا على الإیجاب و القبول أ لا ترى أنهم جوزوا أن یشترط فی إعتاق العبد خدمة مدة تمسکا بعموم المؤمنون عند شروطهم. غایة الأمر توقف لزومه کاشتراط مال على العبد على قبول العبد على قول بعض لکن هذا غیر اشتراط وقوع الشرط بین الإیجاب و القبول فالأولى الاستدلال علیه مضافا إلى إمکان منع صدق الشرط و انصرافه خصوصا على ما تقدم عن القاموس بعدم مشروعیة الفسخ فی الإیقاعات حتى تقبل لاشتراط التسلط على الفسخ فیها. و الرجوع فی العدة لیس فسخا للطلاق بل هو حکم شرعی فی بعض أقسامه لا یقبل الثبوت فی غیر مورده بل و لا السقوط فی مورده و مرجع هذا إلى أن مشروعیة الفسخ لا بد لها من دلیل و قد وجد فی العقود من جهة مشروعیة الإقالة و ثبوت خیار المجلس و الحیوان و غیرهما فی بعضها بخلاف الإیقاعات فإنه لم یعهد من الشارع تجویز نقض أثرها بعد وقوعها حتى یصح اشتراط ذلک فیها. و بالجملة فالشرط لا یجعل غیر السبب الشرعی سببا فإذا لم یعلم کون الفسخ سببا لارتفاع الإیقاع أو علم عدمه بناء على أن اللزوم فی الإیقاعات حکم شرعی کالجواز فی العقود الجائزة فلا یصیر سببا ب اشتراط التسلط علیه فی متن الإیقاع هذا کله مضافا إلى الإجماع عن المبسوط و نفی الخلاف عن السرائر على عدم دخوله فی العتق و الطلاق و إجماع المسالک على عدم دخوله فی العتق و الإبراء. و مما ذکرنا فی الإیقاع یمکن أن یمنع دخول الخیار فیما تضمن الإیقاع و لو کان عقدا کالصلح المفید فائدة الإبراء کما فی التحریر و جامع المقاصد و فی غایة المرام أن الصلح إن وقع معاوضة دخله خیار الشرط و إن وقع عما فی الذمة مع جهالته أو على إسقاط الدعوى قبل ثبوتها لم یدخله لأن مشروعیته لقطع المنازعة فقط و اشتراط الخیار لعود الخصومة ینافی مشروعیته و کل شرط ینافی مشروعیة العقد غیر لازم انتهى. و الکبرى المذکورة فی کلامه راجعة إلى ما ذکرنا فی وجه المنع عن الإیقاعات و لا أقل من الشک فی ذلک الراجع إلى الشک فی سببیة الفسخ لرفع الإیقاع.
و أما العقود فمنها ما لا یدخله اتفاقا و منها ما اختلف فیه و منها ما یدخله اتفاقا.
فالأول النکاح فإنه لا یدخله اتفاقا کما عن الخلاف و المبسوط و السرائر و جامع المقاصد و المسالک الإجماع علیه و لعله ل توقف ارتفاعه شرعا على الطلاق و عدم مشروعیة التقایل فیه.
و من الثانی الوقف فإن المشهور عدم دخوله فیه و عن المسالک أنه موضع وفاق و یظهر من محکی السرائر و الدروس وجود الخلاف فیه و ربما علل باشتراط القربة فیه و أنه فک ملک بغیر عوض و الکبرى فی الصغریین ممنوعة. و یمکن الاستدلال له بالموثقة المذکورة فی مسألة شرط الواقف کونه أحق بالوقف عند الحاجة و هی قوله ع: من أوقف أرضا ثم قال إن احتجت إلیها فأنا أحق بها ثم مات الرجل فإنها ترجع فی المیراث و قریب منها غیرها و فی دلالتها على المدعى تأمل.
و یظهر من المحکی عن المشایخ الثلاثة فی تلک المسألة تجویز اشتراط الخیار فی الوقف و لعله المخالف الذی أشیر إلیه فی محکی السرائر و الدروس. و أما حکم الصدقة فالظاهر أنه حکم الوقف قال فی التذکرة فی باب الوقف إنه یشترط فی الوقف الإلزام فلا یقع لو شرط الخیار فیه لنفسه و یکون الوقف باطلا کالعتق و الصدقة انتهى. لکن قال فی باب خیار الشرط أما الهبة المقبوضة فإن کانت لأجنبی غیر معوض عنها و لا قصد بها القربة و لا تصرف المتهب یجوز للواهب الرجوع فیها و إن اختل أحد القیود لزمت و هل یدخلها خیار الشرط الأقرب ذلک انتهى. و ظاهره دخول الخیار فی الهبة اللازمة حتى الصدقة و کیف کان فالأقوى عدم دخوله فیها لعموم ما دل على أنه لا یرجع فیما کان لله بناء على أن المستفاد منه کون اللزوم حکما شرعیا لماهیة الصدقة نظیر الجواز للعقود الجائزة و لو شک فی ذلک کفى فی عدم سببیة الفسخ التی یتوقف صحة اشتراط الخیار علیها و توهم إمکان إثبات السببیة بنفس دلیل الشرط واضح الاندفاع. و منه الصلح فإن الظاهر المصرح به فی کلام جماعة کالعلامة فی التذکرة دخول الخیار فیه مطلقا بل عن المهذب البارع فی باب الصلح الإجماع على دخوله فیه بقول مطلق و ظاهر المبسوط کالمحکی عن الخلاف عدم دخوله فیه مطلقا و قد تقدم التفصیل عن التحریر و جامع المقاصد و غایة المرام و لا یخلو عن قرب لما تقدم من الشک فی سببیة الفسخ لرفع الإبراء أو ما یفید فائدته. و منه الضمان فإن المحکی عن ضمان التذکرة و القواعد عدم دخول خیار الشرط فیه و هو ظاهر المبسوط و الأقوى دخوله فیه لو قلنا بالتقایل فیه.
و منه الرهن فإن المصرح به فی غایة المرام عدم ثبوت الخیار للراهن لأن الرهن وثیقة للدین و الخیار ینافی الاستیثاق و لعله لذا استشکل فی التحریر و هو ظاهر المبسوط و مرجعه إلى أن مقتضى طبیعة الرهن شرعا بل عرفا کونها وثیقة و الخیار مناف لذلک و فیه أن غایة الأمر کون وضعه على اللزوم فلا ینافی جواز جعل الخیار بتراضی الطرفین. و منه الصرف فإن صریح المبسوط و الغنیة و السرائر عدم دخول خیار الشرط فیه مدعین على ذلک الإجماع و لعله لما ذکره فی التذکرة للشافعی المانع عن دخوله فی الصرف و السلم من أن المقصود من اعتبار التقابض فیهما أن یفترقا و لا یبقى بینهما علقة و لو أثبتنا الخیار بقیت العلقة و الملازمة ممنوعة کما فی التذکرة و لذا جزم فیها بدخوله فی الصرف و إن استشکله أولا کما فی القواعد.
و من الثالث أقسام البیع ما عدا الصرف و مطلق الإجارة و المزارعة و المساقاة و غیر ما ذکر من موارد الخلاف فإن الظاهر عدم الخلاف فیها.
و اعلم أنه ذکر فی التذکرة تبعا للمبسوط دخول خیار الشرط فی القسمة و إن لم یکن فیها رد و لا یتصور إلا بأن یشترط الخیار فی التراضی القولی بالسهام. و أما التراضی الفعلی فلا یتصور دخول خیار الشرط فیه بناء على وجوب ذکر الشرط فی متن العقد و منه یظهر عدم جریان هذا الخیار فی المعاطاة و إن قلنا بلزومها من أول الأمر أو بعد التلف و السر فی ذلک أن الشرط القولی لا یمکن ارتباطه بالإنشاء الفعلی و ذکر فیهما أیضا دخول الخیار فی الصداق و لعله لمشروعیة الفسخ فیه فی بعض المقامات کما إذا زوجها الولی بدون مهر المثل و فیه نظر و ذکر فی المبسوط أیضا دخول هذا الخیار فی السبق و الرمایة للعموم.
أقول و الأظهر بحسب القواعد إناطة دخول خیار الشرط بصحة التقایل فی العقد فمتى شرع التقایل مع التراضی بعد العقد جاز تراضیهما حین العقد على سلطنة أحدهما أو کلیهما على الفسخ فإن إقدامه على ذلک حین العقد کاف فی ذلک بعد ما وجب علیه شرعا القیام و الوفاء بما شرطه على نفسه فیکون أمر الشارع إیاه بعد العقد بالرضا بما یفعله صاحبه من الفسخ و الالتزام و عدم الاعتراض علیه قائما مقام رضاه الفعلی بفعل صاحبه و إن لم یرض فعلا و أما إذا لم یصح التقایل فیه لم یصح اشتراط الخیار فیه لأنه إذا لم یثبت تأثیر الفسخ بعد العقد عن تراض منهما فالالتزام حین العقد لسلطنة أحدهما علیه لا یحدث له أثرا لما عرفت من أن الالتزام حین العقد لا یفید إلا فائدة الرضا الفعلی بعد العقد بفسخ صاحبه و لا یجعل الفسخ مؤثرا شرعیا و الله العالم.
***
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول