حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: جو شخص برائی کے مقامات میں داخل ہوگا، اُس پر ضرور تہمت لگائی جائے گی۔ وسائل الشیعۃ حدیث12278

مسألة في ولاية الفقيه
مسألة فی ولایة عدول المؤمنین‏
مسألة یشترط فی من ینتقل إلیه العبد المسلم أن یکون مسلما
مسألة عدم جواز نقل المصحف إلى الکافر
القول فی شرائط العوضین‏
مسألة من شروط العوضین کونه طلقا
مسألة لا یجوز بیع الوقف
الکلام فی الوقف المؤبد
الکلام فی الوقف المنقطع
مسألة خروج الملک عن کونه طلقا بصیرورة المملوکة أم ولد
مسألة خروج الملک عن کونه طلقا بکونه مرهونا
مسألة إذا جنى العبد عمدا بما یوجب قتله أو استرقاقه
مسألة إذا جنى العبد خطأ صح بیعه
مسألة الثالث من شروط العوضین القدرة على التسلیم‏
مسألة لا یجوز بیع الآبق منفردا
مسألة یجوز بیع الآبق مع الضمیمة فی الجملة
مسألة من شروط العوضين العلم بقدر الثمن‏
مسألة من شروط العوضين العلم بقدر المثمن‏
مسألة التقدیر بغیر ما یتعارف التقدیر به‏
مسألة لو أخبر البائع بمقدار المبیع جاز الاعتماد علیه
مسألة هل يجوز بيع الثوب و الأراضي مع المشاهدة
مسألة بیع بعض من جملة متساویة الأجزاء
مسألة لو باع صاعا من صبرة
مسألة إذا شاهد عینا فی زمان سابق على العقد علیها
مسألة لا بد من اختبار الطعم و اللون و الرائحة
مسألة یجوز ابتیاع ما یفسده الاختبار من دون الاختبار
مسألة جواز بیع المسک فی فأره‏
مسألة لا فرق فی عدم جواز بیع المجهول
مسألة یجوز أن یندر لظرف ما یوزن مع ظرفه مقدار
مسألة یجوز بیع المظروف مع ظرفه الموزون معه
تنبیهات البیع‏
مسألة استحباب التفقه فی مسائل التجارات‏
مسألة حكم تلقي الركبان تكليفا
مسألة یحرم النجش على المشهور
مسألة إذا دفع إنسان إلى غیره مالا
مسألة احتکار الطعام‏
خاتمة فی أهم آداب التجارة

مکاسب حصہ سوم

الکلام فی الوقف المؤبد

إذا عرفت ما ذکرنا فیقع الکلام تارة فی الوقف المؤبد و أخرى فی المنقطع‏:

أما الأول [أی الوقف المؤبد] فالذی ینبغی أن یقال فیه‏:

إن الوقف على قسمین‏:

أحدهما ما یکون ملکا للموقوف علیهم‏ فیملکون منفعته فلهم استئجاره و أخذ أجرته ممن انتفع به بغیر حق.

و الثانی ما لا یکون ملکا لأحد بل یکون فک ملک نظیر التحریر کما فی المساجد و المدارس و الربط بناء على القول بعدم دخولها فی ملک المسلمین کما هو مذهب جماعة فإن الموقوف علیهم إنما یملکون الانتفاع دون المنفعة فلو سکنه أحد بغیر حق فالظاهر أنه لیس علیه أجرة المثل‏.

و الظاهر أن محل الکلام فی بیع الوقف إنما هو القسم الأول و أما الثانی فالظاهر عدم الخلاف فی عدم جواز بیعه لعدم الملک. و بالجملة فکلامهم هنا فیما کان ملکا غیر طلق لا فیما لم یکن ملکا و حینئذ فلو خرب المسجد و خربت القریة و انقطعت المارة عن الطریق الذی فیه المسجد لم یجز بیعه و صرف ثمنه فی إحداث مسجد آخر أو تعمیره و الظاهر عدم الخلاف فی ذلک کما اعترف به غیر واحد.

نعم ذکر بعض الأساطین بعد ما ذکر أنه لا یصح بیع الأرض الوقف العام مطلقا لا لعدم التمامیة بل لعدم أصیل الملکیة لرجوعها إلى الله و دخولها فی مشاعره أمکن الانتفاع بها فی الوجه الذی وضعت له أو لا و مع الیأس من الانتفاع بالجهة المقصودة تؤجر للزراعة و نحوها مع المحافظة على الآداب اللازمة لها إن کانت مسجدا مثلا و إحکام السجلات لئلا تغلب الید فتفضى بالملک دون الوقف المؤبد و تصرف فائدتها فیما یماثلها من الأوقاف مقدما للأقرب و الأحوج و الأفضل احتیاطا و مع التعارض فالمدار على الراجح [فالبواقی على الترجیح‏] و إن تعذر صرفت إلى غیر المماثل کذلک فإن تعذر صرفت فی مصالح المسلمین [هذا حیث لا تکون الأرض من المفتوحة عنوة و أما ما کانت منها فقد سبق أنها بعد زوال الآثار ترجع إلى ملک المسلمین‏] و أما غیر الأرض من الآلات و الفرش و الحیوانات و ثیاب الضرائح و نحوها فإن بقیت على حالها و أمکن الانتفاع بها فی خصوص المحل الذی أعدت له کانت على حالها و إلا جعلت فی المماثل و إلا ففی غیره و إلا ففی المصالح على ما نحو ما مر و إن تعذر الانتفاع بها باقیة على حالها بالوجه المقصود منها أو ما قام مقامه أشبهت فی أمر الوقف الملک بعد إعراض المالک فیقوم فیها احتمال الرجوع إلى حکم الإباحة و العود ملکا للمسلمین تصرف فی مصالحهم و العود إلى المالک الأول و مع الیأس عن معرفته یدخل فی مجهول المالک و یحتمل بقاؤها على الوقف و تباع احترازا عن التلف و الضرر و لزوم الحرج و یصرف مرتبا على النحو السابق و لعل هذا هو الأقوى کما صرح به بعضهم انتهى‏.

و فیه أن إجارة الأرض و بیع الآلات حسن لو ثبت دلیل على کونها ملکا للمسلمین و لو على نحو الأرض المفتوحة عنوة لکنه غیر ثابت و المتیقن خروجها عن ملک مالکها أما دخولها فی ملک المسلمین فمنفی بالأصل. نعم یمکن الحکم بإباحة الانتفاع للمسلمین لأصالة الإباحة و لا یتعلق علیهم أجرة.

ثم إنه ربما ینافی ما ذکرنا من عدم جواز بیع القسم الثانی من الوقف ما ورد فی بیع ثوب الکعبة و هبته مثل روایة مروان بن عبد الملک قال: سألت أبا الحسن ع عن رجل اشترى من کسوة الکعبة شیئا فاقتضى ببعضه حاجته و بقی بعضه فی یده هل یصلح له أن یبیع ما أراد قال یبیع ما أراد و یهب ما لم یرد و ینتفع به و یطلب برکنه قلت أ یکفن به المیت قال لا.

قیل و فی روایة أخرى: یجوز استعماله و بیع بقیته و کذلک ما ذکروه فی بیع حصر المسجد إذا خلقت و جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع اللهم إلا أن یقال إن ثوب الکعبة و حصر المسجد لیسا من قبیل المسجد بل هما مبذولان للبیت و المسجد فیکون کسائر أموالهما و معلوم أن وقفیة أموال المساجد و الکعبة من قبیل القسم الأول و لیست من قبیل نفس المسجد فهی ملک للمسلمین فللناظر العام التصرف فیه بالبیع.

نعم فرق بین ما یکون ملکا طلقا کالحصیر المشتری من مال المسجد فهذا یجوز للناظر بیعه مع المصلحة و لو لم یخرج عن حیز الانتفاع بل کان جدیدا غیر مستعمل و بین ما یکون من الأموال وقفا على المسجد کالحصیر الذی یشتریه الرجل و یضعه فی المسجد و الثوب الذی یلبس به البیت فمثل هذا یکون ملکا للمسلمین لا یجوز لهم تغییره عن وضعه إلا فی مواضع یسوغ فیها بیع الوقف‏.

ثم الفرق بین ثوب الکعبة و حصیر المسجد أن الحصیر یتصور فیه کونه وقفا على المسلمین و لکن یضعه فی المسجد لأنه أحد وجوه انتفاعهم کالماء المسبل الموضوع فی المسجد فإذا خرب المسجد أو استغنى عنه جاز الانتفاع به و لو فی مسجد آخر بل یمکن الانتفاع به فی غیره و لو مع حاجته لکن یبقى الکلام‏ فی مورد الشک مثل ما إذا فرش حصیرا فی المسجد أو وضع حب ماء فیه و إن کان الظاهر فی الأول الاختصاص و أوضح من ذلک الترب الموضوعة فیه و فی الثانی العموم فیجوز التوضؤ منه و إن لم یرد الصلاة فی المسجد. و الحاصل أن الحصیر و شبهها الموضوعة فی المساجد و شبهها تتصور فیها أقسام کثیرة یکون الملک فیها للمسلمین و لیست من قبیل نفس المسجد و أضرابه فتعرض الأصحاب لبیعها لا ینافی ما ذکرناه.

نعم ما ذکرناه لا یجری فی الجذع المنکسر من جذوع المسجد التی هی من أجزاء البنیان مع أن المحکی عن العلامة و ولده و الشهیدین و المحقق الثانی جواز بیعه و إن اختلفوا فی تقیید الحکم و إطلاقه کما سیجی‏ء إلا أن نلتزم بالفرق بین أرض المسجد فإن وقفها و جعلها مسجدا فک ملک بخلاف ما عداها من أجزاء البنیان کالأخشاب و الأحجار فإنها تصیر ملکا للمسلمین فتأمل.

و کیف کان فالحکم فی أرض المسجد مع خروجها عن الانتفاع بها رأسا هو إبقاؤها مع التصرف فی منافعها کما تقدم عن بعض الأساطین أو بدونه و أما أجزاؤه کجذوع سقفه و آجره من حائطه المنهدم فمع المصلحة فی صرف عینها یجب صرف عینها فیه لأن مقتضى وجوب إبقاء الوقوف و إجرائها على حسب ما یوقفها أهلها وجوب إبقائها جزء للمسجد لکن لا یجب صرف المال من المکلف لمئونتها بل یصرف من مال المسجد أو بیت المال و إن لم تکن مصلحة فی رده جزء للمسجد فبناء على ما تقدم من أن الوقف فی المسجد و أضرابه فک ملک لم یجز بیعه لفرض عدم الملک.

و حینئذ فإن قلنا بوجوب مراعاة الأقرب إلى مقصود الواقف فالأقرب تعین صرفه فی مصالح ذلک کإحراقه لآجر المسجد و نحو ذلک کما عن الروضة و إلا صرف فی مسجد آخر کما فی الدروس و إلا صرف فی سائر مصالح المسلمین‏.

قیل بل لکل أحد حیازته و تملکه و فیه نظر. و قد ألحقت بالمساجد المشاهد و المقابر و الخانات و المدارس و القناطر الموقوفة على الطریقة المعروفة و الکتب الموقوفة على المشتغلین و العبد المحبوس فی خدمة الکعبة و نحوها و الأشجار الموقوفة لانتفاع المارة و البواری الموضوعة لصلاة المصلین و غیر ذلک مما قصد بوقفه الانتفاع العام لجمیع الناس أو المسلمین و نحوهم من غیر المحصورین لا لتحصیل المنافع بالإجارة و نحوها و صرفها فی مصارفها کما فی الحمامات و الدکاکین و نحوها لأن جمیع ذلک صارت بالوقف کالمباحات بالأصل اللازم إبقاؤها على الإباحة کالطرق العامة و الأسواق و هذا کله حسن على تقدیر کون الوقف فیها فک ملک لا تملیکا.

و لو أتلف شیئا من هذه الموقوفات أو أجزائها متلف. ففی الضمان وجهان من عموم على الید فیجب صرف قیمته فی بدله و من أن ما یطلب بقیمته یطلب بمنافعه و المفروض عدم المطالبة بأجرة منافع هذه لو استوفاها ظالم کما لو جعلت المدرسة بیت المسکن أو محرزا. و أن الظاهر من التأدیة فی حدیث الید الإیصال إلى المالک فیختص بأملاک الناس و الأول أحوط و قواه بعض.

إذا عرفت جمیع ما ذکرناه فاعلم‏ أن الکلام فی جواز بیع الوقف یقع فی صور:

الأولى أن یخرب الوقف بحیث لا یمکن الانتفاع به مع بقاء عینه‏ کالحیوان المذبوح و الجذع البالی و الحصیر الخلق و الأقوى جواز بیعه وفاقا لمن عرفت ممن تقدم نقل کلماتهم لعدم جریان أدلة المنع أما الإجماع فواضح. و أما قوله ع: لا یجوز شراء الوقف فلانصرافه إلى غیر هذه الحالة. و أما قوله ع: الوقوف تکون على حسب ما یوقفها أهلها فلا یدل على المنع هنا لأنه مسوق لبیان وجوب مراعاة الکیفیة المرسومة فی إنشاء الوقف و لیس منها عدم بیعه بل عدم جواز البیع من أحکام الوقف و إن ذکر فی متن العقد للاتفاق على أنه لا فرق بین ذکره فیه و ترکه و قد تقدم ذلک و یضعف قول من قال ببطلان العقد إذا حکم بجواز بیعه و لو سلم أن المأخوذ فی الوقف إبقاء العین فإنما هو مأخوذ فیه من حیث کون المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العین و المفروض تعذره هنا. و الحاصل أن جواز بیعه هنا غیر مناف لما قصده الواقف فی وقفه فهو ملک للبطون یجوز لهم البیع إذا اجتمع إذن البطن الموجود مع أولیاء سائر البطون و هو الحاکم أو المتولی. و الحاصل أن الأمر دائر بین تعطیله حتى یتلف بنفسه و بین انتفاع البطن الموجود به بالإتلاف و بین تبدیله بما یبقى و ینتفع به الکل. و الأول تضییع مناف لحق الله و حق الواقف و حق الموقوف علیه و به یندفع استصحاب المنع مضافا إلى کون المنع السابق فی ضمن وجوب العمل بمقتضى الوقف و هو انتفاع جمیع البطون بعینه و قد ارتفع قطعا فلا یبقى ما کان فی ضمنه.

و أما الثانی فمع منافاته لحق سائر البطون یستلزم جواز بیع البطن الأول إذ لا فرق بین إتلافه و نقله و الثالث هو المطلوب. نعم یمکن أن یقال إذا کان الوقف مما لا یبقى بحسب استعداده العادی إلى آخر البطون فلا وجه لمراعاتهم بتبدیله بما یبقى لهم فینتهی ملکه إلى من أدرک آخر أزمنة بقائه فتأمل. و کیف کان فمع فرض ثبوت الحق للبطون اللاحقة فلا وجه لترخیص البطن‏ الموجود فی إتلافه.

و مما ذکرنا یظهر أن الثمن على تقدیر البیع لا یخص به البطن الموجود وفاقا لمن تقدم ممن یظهر منه ذلک کالإسکافی و العلامة و ولده و الشهیدین و المحقق الثانی. و حکی عن التنقیح و المقتصر و مجمع الفائدة لاقتضاء البدلیة ذلک فإن المبیع إذا کان ملکا للموجودین بالفعل و للمعدومین بالقوة کان الثمن کذلک فإن الملکیة اعتبار عرفی أو شرعی یلاحظها المعتبر عند تحقق أسبابها فکما أن الموجود مالک له فعلا ما دام موجودا بتملیک الواقف فکذلک المعدوم مالک له شأنا بمقتضى تملیک الواقف و عدم تعقل الملک للمعدوم إنما هو فی الملک الفعلی لا الشأنی. و دعوى أن الملک الشأنی لیس شیئا محققا موجودا یکذبها إنشاء الواقف له کإنشائه للملک الموجود فلو جاز أن تخرج العین الموقوفة إلى ملک الغیر بعوض لا یدخل فی ملک المعدوم على نهج دخول المعوض جاز أن تخرج ب عوض لا یدخل فی ملک الموجود و إلیه أشار الشهید قدس سره فی الفرع الآتی حیث قال إنه یعنی الثمن صار مملوکا على حد الملک الأول إذ یستحیل أن یملک لا على حده خلافا لظاهر بعض العبائر المتقدمة . و اختاره المحقق فی الشرائع فی دیة العبد الموقوف المقتول و لعل وجهه أن الوقف ملک للبطن الموجود غایة الأمر تعلق حق البطون اللاحقة به فإذا فرض جواز بیعه انتقل الثمن إلى من هو مالک له فعلا و لا یلزم من تعلق الحق بعین المبیع تعلقه بالثمن و لا دلیل علیه و مجرد البدلیة لا یوجب ترتب جمیع اللوازم إذ لا عموم لفظی یقتضی البدلیة و التنزیل بل هو بدل فی الملکیة و ما یتبعها من حیث هو ملک.

و فیه أن النقل إلى المشتری إن کان هو الاختصاص الموقت الثابت للبطن‏ الموجود لزم منه رجوع المبیع بعد انعدام البطن السابق إلى البطن اللاحق فلا یملکه المشتری ملکا مستمرا و إن کان هو مطلق الاختصاص المستقر الذی لا یزول إلا بالناقل فهو لا یکون إلا بثبوت جمیع الاختصاصات الحاصلة للبطون له فالثمن لهم على نحو المثمن. و مما ذکرنا تعرف أن اشتراک البطون فی الثمن أولى من اشتراکهم فی دیة العبد المقتول حیث إنها بدل شرعی یکون الحکم به متأخرا عن تلف الوقف فجاز عقلا منع سرایة حق البطون اللاحقة إلیه بخلاف الثمن فإنه یملکه من یملکه بنفس خروج الوقف عن ملکهم على وجه المعاوضة الحقیقة فلا یعقل اختصاص العوض بمن لم یختص بالمعوض و من هنا اتضح أیضا أن هذا أولى بالحکم من بدل الرهن الذی حکموا بکونه رهنا لأن حق الرهنیة متعلق بالعین من حیث إنها ملک لمالکها الأول فجاز أن یرتفع لا إلى بدل بارتفاع ملکیة المالک الأول بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم فإنه لیس قائما بالعین من حیث إنها ملک للبطن الموجود بل اختصاص موقت نظیر اختصاص البطن الموجود منشأ بإنشائه مقارن له بحسب الجعل متأخرا عنه فی الوجود. و قد تبین مما ذکرنا أن الثمن حکمه حکم الوقف فی کونه ملکا لجمیع البطون على ترتیبهم فإن کان مما یمکن أن یبقى و ینتفع به البطون على نحو المبدل و کانت مصلحة البطون فی بقائه أبقى و إلا أبدل مکانه ما هو أصلح و من هنا ظهر عدم الحاجة إلى صیغة الوقف فی البدل بل نفس البدلیة تقتضی کونه کالمبدل و لذا علله الشهید رحمه الله فی غایة المراد بقوله لأنه صار مملوکا على حد الملک الأول إذ یستحیل أن یملک لا على حده ثم إن هذه العین حیث صارت ملکا للبطون فلهم أو لولیهم أن ینظر فیها و یتصرف فیها بحسب مصلحة جمیع البطون و لو بالإبدال بعین أخرى أصلح لهم بل قد یجب إذا کان ترکه‏ یعد تضییعا للحقوق و لیس مثل الأصل ممنوعا عن بیعه إلا لعذر لأن ذلک کان حکما من أحکام الوقف الابتدائی و بدل الوقف إنما هو بدل له فی کونه ملکا للبطون فلا یترتب علیه جمیع أحکام الوقف الابتدائی.

و مما ذکرنا أیضا یظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف کما هو ظاهر التذکرة و الإرشاد و جامع المقاصد و التنقیح و المقتصر و مجمع الفائدة بل قد لا یجوز إذا کان غیره أصلح لأن الثمن إذا صار ملکا للموقوف علیهم الموجودین و المعدومین فاللازم ملاحظة مصلحتهم خلافا للعلامة و ولده و الشهید و جماعة فأوجبوا المماثلة مع الإمکان لکون المثل أقرب إلى مقصود الواقف. و فیه مع عدم انضباط غرض الواقف إذ قد یتعلق غرضه بکون الموقوف عینا خاصة و قد یتعلق بکون منفعة الوقف مقدارا معینا من دون تعلق غرض بالعین و قد یکون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته کما لو وقف بستانا لینتفعوا بثمرته فبیع فدار الأمر بین أن یشتری بثمنه بستانا فی موضع لا یصل إلیهم إلا قیمة الثمرة و بین أن یشتری ملکا آخر یصل إلیهم أجرة منفعته فإن الأول و إن کان مماثلا إلا أنه لیس أقرب إلى غرض الواقف أنه لا دلیل على وجوب ملاحظة الأقرب إلى مقصوده إنما اللازم ملاحظة مدلول کلامه فی إنشاء الوقف لتجری الوقوف على حسب ما یوقفها أهلها فالحاصل أن الوقف ما دام موجودا بشخصه لا یلاحظ فیه إلا مدلول کلام الواقف و إذا بیع و انتقل الثمن إلى الموقوف علیهم لم یلاحظ فیه إلا مصلحتهم هذا. قال العلامة فی محکی التذکرة کل مورد جوزنا بیع الوقف فإنه یباع و یصرف الثمن إلى جهة الوقف فإن أمکن شراء مثل تلک العین مما ینتفع به کان أولى و إلا جاز شراء کل ما یصح وقفه و إلا صرف الثمن إلى الموقوف علیه‏ یعمل فیه ما شاء لأن فیه جمعا بین التوصل إلى غرض الواقف من نفع الموقوف علیه على الدوام و بین النص الدال على عدم جواز مخالفة الواقف حیث شرط التأبید فإذا لم یمکن التأبید بحسب الشخص و أمکن بحسب النوع وجب لأنه موافق لغرض الواقف و داخل تحت الأول الذی وقع علیه العقد و مراعاة الخصوصیة الکلیة تفضی إلى فوات الغرض بأجمعه و لأن قصر الثمن على البائعین یقتضی خروج باقی البطون عن الاستحقاق بغیر وجه مع أنهم یستحقون من الوقف کما یستحق البطن الأول و تعذر وجودهم حال الوقف و قال بعض علمائنا و الشافعیة إن ثمن الوقف کقیمة الموقوف إذا تلف فیصرف الثمن على الموقوف علیهم على رأى انتهى. و لا یخفى علیک مواقع الرد و القبول فی کلامه رحمه الله. ثم إن المتولی للبیع هو البطن الموجود بضمیمة الحاکم القیم من قبل سائر البطون و یحتمل أن یکون هذا إلى الناظر إن کان لأنه المنصوب لمعظم الأمور الراجعة إلى الوقف إلا أن یقال بعدم انصراف وظیفته المجعولة من قبل الواقف إلى التصرف فی نفس العین و الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف و یحتمل بقاؤها لتعلق حقه بالعین الموقوفة فیتعلق ببدلها ثم إنه لو لم یمکن شراء بدله و لم یکن الثمن مما ینتفع به مع بقاء عینه کالنقدین فلا یجوز دفعه إلى البطن الموجود لما عرفت من کونه کالمبیع مشترکا بین جمیع البطون و حینئذ فیوضع عند أمین حتى یتمکن من شراء ما ینتفع به و لو مع الخیار إلى مدة و لو طلب ذلک البطن الموجود فلا یبعد وجوب إجابته و لا یعطل الثمن حتى یوجد ما یشتری به من غیر خیار. نعم لو رضی الموجود بالاتجار به و کانت المصلحة فی التجارة جازت مع المصلحة إلى أن یوجد البدل و الربح تابع للأصل و لا یملکه الموجودون لأنه جزء من المبیع و لیس کالنماء الحقیقی.

ثم لا فرق فی جمیع ما ذکرنا من جواز البیع مع خراب الوقف بین عروض الخراب لکله أو بعضه ف یباع البعض المخروب و یجعل بدله ما یکون وقفا و لو کان صرف ثمنه فی باقیه بحیث یوجب زیادة منفعة جاز مع رضا الکل لما عرفت من کون الثمن ملکا للبطون فلهم التصرف فیه على ظن المصلحة و منه یعلم جواز صرفه فی وقف آخر علیهم على نحو هذا الوقف فیجوز صرف ثمن ملک مخروب فی تعمیر وقف آخر علیهم و لو خرب بعض الوقف و خرج عن الانتفاع و بقی بعضه محتاجا إلى عمارة لا یمکن بدونها انتفاع البطون اللاحقة فهل یصرف ثمن المخروب إلى عمارة الباقی و إن لم یرض البطن الموجود وجهان آتیان فیما إذا احتاج إصلاح الوقف بحیث لا یخرج عن قابلیة انتفاع البطون اللاحقة إلى صرف منفعته الحاضرة التی یستحقها البطن الموجود إذا لم یشترط الواقف إخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته فی الموقوف علیهم و هنا فروع أخر یستخرجها الماهر بعد التأمل.

الصورة الثانیة أن یخرب بحیث یسقط عن الانتفاع المعتد به‏ بحیث یصدق عرفا أنه لا منفعة فیه کدار تهدمت فصارت عرصة تؤجر للانتفاع بها بأجرة لا تبلغ شیئا معتدا به فإن کان ثمنه على تقدیر البیع لا یعطى به إلا ما کانت منفعته کمنفعة العرصة فلا ینبغی الإشکال فی عدم الجواز و إن کان یعطى بثمنه ما تکون منفعته أکثر من منفعة العرصة بل ساوت منفعة الدار ففی جواز البیع وجهان من عدم دلیل على الجواز مع قیام المقتضی للمنع و هو ظاهر المشهور حیث قیدوا الخراب المسوغ للبیع بکونه بحیث لا یجدی نفعا. و قد تقدم التصریح من العلامة فی التحریر بأنه لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة من الوقف و لم یجز بیعها اللهم إلا أن یحمل النفع المنفی فی کلام المشهور على النفع المعتد به بحسب حال العین فإن الحمام الذی یستأجر کل‏ سنة مائة دینار إذا صار عرصة تؤجر کل سنة خمسة دراهم أو عشرة لغرض جزئی کجمع الزبائل فیها و نحوه یصدق علیه أنه لا یجدی نفعا و کذا القریة الموقوفة فإن خرابها بغور أنهارها و هلاک أهلها و لا یکون بسلب منافع أراضیها رأسا و یشهد لهذا ما تقدم عن التحریر من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتا لا ینتفع بها بالکلیة مع أنها کثیرا ما تستأجر للأغراض الجزئیة فالظاهر دخول الصورة المذکورة فی إطلاق کلام من سوغ البیع عند خرابه بحیث لا یجدی نفعا و یشمله الإجماع المدعى فی الانتصار و الغنیة لکن الخروج بذلک عن عموم أدلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف الذی هو حبس العین و عموم قوله ع لا یجوز شراء الوقف مشکل.

و یؤید المنع حکم أکثر من تأخر عن الشیخ بالمنع عن بیع النخلة المنقلعة بناء على جواز الانتفاع بها فی وجوه أخر کالتسقیف و جعلها جسرا و نحو ذلک بل ظاهر المختلف حیث جعل النزاع بین الشیخ و الحلی رحمهما الله لفظیا حیث نزل تجویز الشیخ على صورة عدم إمکان الانتفاع به فی منفعة أخرى الإتفاق على المنع إذا حصل فیه انتفاع و لو قلیلا کما یظهر من التمثیل بجعله جسرا. نعم لو کان قلیلا فی الغایة بحیث یلحق بالمعدوم أمکن الحکم بالجواز لانصراف قوله ع لا یجوز شراء الوقف إلى غیر هذه الحالة و کذا حبس العین و تسبیل المنفعة إنما یجب الوفاء به ما دامت المنفعة المعتد بها موجودة و إلا فمجرد حبس العین و إمساکه و لو من دون منفعة لو وجب الوفاء به لمنع عن البیع فی الصورة الأولى ثم إن الحکم المذکور جار فیما إذا صارت منفعة الموقوف قلیلة لعارض آخر غیر الخراب لجریان ما ذکرناه فیه ثم إنک قد عرفت فیما سبق أنه ذکر بعض أن جواز بیع الوقف لا یکون إلا مع بطلان الوقف و عرفت وجه النظر فیه.

ثم وجه بطلان الوقف فی الصورة الأولى بفوات شرط الوقف المراعى فی الابتداء و الاستدامة و هو کون العین مما ینتفع بها مع بقاء عینها. و فیه ما عرفت سابقا من أن بطلان الوقف بعد انعقاده صحیحا لا وجه له فی الوقف المؤبد مع أنه لا دلیل علیه مضافا إلى أنه لا دلیل على اشتراط الشرط المذکور فی الاستدامة فإن الشرط فی العقود الناقلة یکفی وجوده حین النقل ف إنه قد یخرج المبیع عن المالیة و لا یخرج بذلک عن ملک المشتری مع أن جواز بیعه لا یوجب الحکم بالبطلان بل یوجب خروج الوقف عن اللزوم إلى الجواز کما تقدم ثم ذکر أنه قد یقال بالبطلان أیضا بانعدام عنوان الوقف فیما إذا وقف بستانا مثلا ملاحظا فی عنوان وقفه البستانیة فخربت حتى خرجت عن قابلیة ذلک فإنه و إن لم تبطل منفعتها أصلا لإمکان الانتفاع بها دارا مثلا لکن لیس من عنوان الوقف و احتمال بقاء العرصة على الوقف باعتبار أنها جزء من الوقف و هی باقیة و خراب غیرها و إن اقتضى بطلانه فیه لا یقتضی بطلانه فیها یدفعه أن العرصة کانت جزء من الوقف من حیث کونه بستانا لا مطلقا فهی حینئذ جزء عنوان الوقف الذی قد فرض خرابه و لو فرض إرادة وقفها لیکون بستانا أو غیره لم یکن إشکال فی بقائها لعدم ذهاب عنوان الوقف و ربما یؤید ذلک فی الجملة ما ذکروه فی باب الوصیة من أنه لو أوصى بدار فانهدمت قبل موت الموصى بطلت الوصیة لانتفاء موضوعها.

نعم لو لم تکن الداریة و البستانیة و نحو ذلک مثلا عنوانا للوقف و إن قارنت وقفه بل کان المراد به الانتفاع به فی کل وقت على حسب ما یقبله لم یبطل الوقف بتغیر أحواله ثم ذکر أن فی عود الوقف إلى ملک الواقف أو وارثه بعد البطلان أو الموقوف علیه وجهین. أقول یرد على ذلک ما قد یقال بعد الإجماع على أن انعدام العنوان لا یوجب‏ بطلان الوقف بل و لا جواز البیع و إن اختلفوا فیه عند الخراب أو خوفه لکنه غیر تغیر العنوان کما لا یخفى أنه لا وجه للبطلان بانعدام العنوان لأنه إن أرید العنوان ما جعل مفعولا فی قوله وقفت هذا البستان فلا شک أنه لیس إلا کقوله بعت هذا البستان أو وهبته فإن التملیک المعلق بعنوان لا یقتضی دوران الملک مدار العنوان فالبستان إذا صار ملکا فقد ملک منه کل جزء خارجی و إن لم یکن فی ضمن عنوان البستان و لیس التملیک من قبیل الأحکام الجعلیة المتعلقة بالعنوانات و إن أرید بالعنوان شی‏ء آخر فهو خارج عن مصطلح أهل العرف و العلم.

و لا بد من بیان المراد منه هل یراد ما اشترط لفظا أو قصدا فی الموضوع زیادة على عنوانه. و أما تأیید ما ذکر بالوصیة فالمناسب أن یقاس ما نحن فیه بالوصیة بالبستان بعد تمامها و خروج البستان عن ملک الموصى بموته و قبول الموصى له فهل یرضى أحد بالتزام بطلان الوصیة بصیرورة البستان عرصة. نعم الوصیة قبل تمامها یقع الکلام فی بقائها و بطلانها من جهات أخر ثم ما ذکره من الوجهین مما لا یعرف له وجه بعد إطباق کل من قال بخروج الوقف المؤبد عن ملک الواقف على عدم عوده إلیه أبدا.

الصورة الثالثة أن یخرب بحیث تقل منفعته لکن لا إلى حد یلحق بالمعدوم‏ و الأقوى هنا المنع و هو الظاهر من الأکثر فی مسألة النخلة المنقلعة حیث جوز الشیخ فی محکی الخلاف بیعها محتجا بأنه لا یمکن الانتفاع بها إلا على هذا الوجه لأن الوجه الذی شرطه الواقف قد بطل و لا یرجى عوده و منعه الحلی قائلا و لا یجوز بیعها بل ینتفع بها بغیر البیع مستندا إلى وجوب بقاء الوقف على حاله مع إمکان الانتفاع و زوال بعض المنافع لا یستلزم زوال جمیعها لإمکان التسقیف بها و نحوه.

و حکى موافقته عن الفاضلین و الشهیدین و المحقق الثانی و أکثر المتأخرین. و حکى فی الإیضاح عن والده قدس سرهما أن النزاع بین الشیخ و الحلی لفظی و استحسنه لأن فی تعلیل الشیخ اعترافا بسلب جمیع منافعها و الحلی فرض وجود منفعة لها و منع لذلک بیعها و قیل یمکن بناء نزاعهما على رعایة المنفعة المعد لها الوقف کما هو الظاهر من تعلیل الشیخ و لا یخلو عن تأمل. و کیف کان فالأقوى هنا المنع و أولى منه بالمنع ما لو قلت منفعة الوقف من دون خراب فلا یجوز بذلک البیع إلا إذا قلنا بجواز بیعه إذا کان أعود و سیجی‏ء تفصیله.

الصورة الرابعة أن یکون بیع الوقف أنفع و أعود للموقوف علیه‏ و الظاهر أن المراد منه أن یکون ثمن الوقف أزید نفعا من المنفعة الحاصلة تدریجا مدة وجود الموقوف علیه و قد نسب جواز البیع هنا إلى المفید و قد تقدمت عبارته فراجع. و زیادة النفع قد تلاحظ بالنسبة إلى البطن الموجود و قد تلاحظ بالنسبة إلى جمیع البطون إذا قیل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه و الأقوى المنع مطلقا وفاقا للأکثر بل الکل بناء على ما تقدم من عدم دلالة قول المفید على ذلک و على تقدیره فقد تقدم عن التحریر أن کلام المفید متأول و کیف کان فلا إشکال فی المنع لوجود مقتضى المنع و هو وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف. و قوله ع: لا یجوز شراء الوقف و غیر ذلک و عدم ما یصلح للمنع عدا روایة ابن محبوب عن علی بن رئاب عن جعفر بن حنان قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل وقف غلة له على قرابته من أبیه و قرابته من أمه و أوصى لرجل و لعقبه من تلک الغلة لیس بینه و بینه قرابة بثلاثمائة درهم فی کل سنة و یقسم الباقی على قرابته من أبیه و قرابته من أمه فقال جائز للذی أوصی له بذلک‏ قلت أ رأیت إن لم یخرج من غلة تلک الأرض التی أوقفها إلا خمسمائة درهم فقال أ لیس فی وصیته أن یعطى الذی أوصی له من تلک الغلة ثلاثمائة درهم و یقسم الباقی على قرابته من أبیه و أمه قلت نعم قال لیس لقرابته أن یأخذوا من الغلة شیئا حتى یوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم ثم لهم ما یبقى بعد ذلک قلت أ رأیت إن مات الذی أوصی له قال إن مات کانت الثلاثمائة درهم لورثته یتوارثونها بینهم فأما إذا انقطع ورثته فلم یبق منهم أحد کانت الثلاثمائة درهم لقرابة المیت یرد إلى ما یخرج من الوقف ثم یقسم بینهم یتوارثون ذلک ما بقوا و بقیت الغلة قلت فللورثة من قرابة المیت أن یبیعوا الأرض إن احتاجوا إلیها و لم یکفهم ما یخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا کلهم و کان البیع خیرا لهم باعوا.

و الخبر المروی عن الاحتجاج: إن الحمیری کتب إلى صاحب الزمان جعلنی الله فداه أنه روی عن الصادق ع خبر مأثور إذا کان الوقف على قوم بأعیانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف على بیعه و کان ذلک أصلح لهم أن یبیعوه فهل یجوز أن یشتری من بعضهم إن لم یجتمعوا کلهم على البیع أم لا یجوز إلا أن یجتمعوا کلهم على ذلک و عن الوقف الذی لا یجوز بیعه فأجاب ع إذا کان الوقف على إمام المسلمین فلا یجوز بیعه و إذا کان على قوم من المسلمین فلیبع کل قوم ما یقدرون على بیعه مجتمعین و مفترقین إن شاء الله دلت على جواز البیع إما فی خصوص ما ذکره الراوی و هو کون البیع أصلح و إما مطلقا بناء على عموم الجواب لکنه مقید بالأصلح لمفهوم روایة جعفر کما أنه یمکن حمل اعتبار رضا الکل فی روایة جعفر على صورة بیع تمام الوقف لا اعتباره بما فی بیع کل واحد بقرینة روایة الاحتجاج.

و یؤید المطلب صدر روایة ابن مهزیار الآتیة لبیع حصة ضیعة الإمام ع‏ من الوقف. و الجواب عن روایة جعفر فإنها إنما تدل على الجواز مع حاجة الموقوف علیهم لا لمجرد کون البیع أنفع فالجواز مشروط بالأمرین کما تقدم عن ظاهر النزهة و سیجی‏ء الکلام فی هذا القول بل یمکن أن یقال إن المراد بکون البیع خیرا لهم مطلق النفع الذی یلاحظه الفاعل لیکون منشأ لإرادته فلیس مراد الإمام ع بیان اعتبار ذلک تعبدا بل المراد بیان الواقع الذی فرضه السائل یعنی إذا کان الأمر على ما ذکرت من المصلحة فی بیعه جاز کما یقال إذا أردت البیع و رأیته أصلح من ترکه فبع و هذا مما لا یقول به أحد و یحتمل أیضا أن یراد من الخیر هو خصوص رفع الحاجة التی فرضها السائل. و عن المختلف و جماعة الجواب عنها بعدم ظهورها فی المؤبد لاقتصارها على ذکر الأعقاب و فیه نظر لأن الاقتصار فی مقام الحکایة لا یدل على الاختصاص إذ یصح أن یقال فی الوقف المؤبد إنه وقف على الأولاد مثلا و حینئذ فعلى الإمام ع أن یستفصل إذا کان بین المؤبد و غیره فرق فی الحکم فافهم و کیف کان ففی الاستدلال بالروایة مع ما فیها من الإشکال على جواز البیع بمجرد الأنفعیة إشکال مع عدم الظفر بالقائل به عدا ما یوهمه ظاهر عبارة المفید المتقدمة. و مما ذکرنا یظهر الجواب عن روایة الحمیری ثم لو قلنا فی هذه الصورة بالجواز کان الثمن للبطن الأول البائع یتصرف فیه على ما شاء و منه یظهر وجه آخر لمخالفة الروایتین للقواعد فإن مقتضى کون العین مشترکة بین البطون کون بدلها کذلک کما تقدم من استحالة کون بدله ملکا لخصوص البائع فیکون تجویز البیع فی هذه الصورة و التصرف فی الثمن رخصة من الشارع للبائع فی إسقاط حق اللاحقین آنا ما قبل البیع نظیر الرجوع فی الهبة المتحقق ببیع الواهب لئلا یقع البیع على المال المشترک فیستحیل کون بدله مختصا.

الصورة الخامسة أن یلحق الموقوف علیهم ضرورة شدیدة و قد تقدم عن جماعة تجویز البیع فی هذه الصورة بل عن الانتصار و الغنیة الإجماع علیه و تدل علیه روایة جعفر المتقدمة و یرده أن ظاهر الروایة أنه یکفی فی البیع عدم کفایة غلة الأرض لمئونة سنة الموقوف علیهم کما لا یخفى و هذا أقل مراتب الفقر الشرعی.

و المأخوذ من عبائر من تقدم من المجوزین اعتبار الضرورة و الحاجة الشدیدة و بینها و بین مطلق الفقیر عموم من وجه إذ قد یکون فقیرا و لا یتفق له حاجة شدیدة بل مطلق الحاجة لوجدانه من مال الفقراء ما یوجب التوسعة علیه و قد یتفق الحاجة و الضرورة الشدیدة فی بعض الأوقات لمن یقدر على مئونة سنته فالروایة بظاهرها غیر معمول بها مع أنه قد یقال إن ظاهر الجواب جواز البیع بمجرد رضا الکل و کون البیع أنفع و لو لم یکن حاجة و کیف کان فلا یبقى للجواز عند الضرورة الشدیدة إلا الإجماعان المعتضدان بفتوى جماعة و فی الخروج بهما عن قاعدة عدم جواز البیع و عن قاعدة وجوب کون الثمن على تقدیر البیع غیر مختص بالبطن الموجود مع وهنهما بمصیر جمهور المتأخرین و جماعة من القدماء إلى الخلاف بل معارضتهما بالإجماع المدعى فی السرائر إشکال.

الصورة السادسة أن یشترط الواقف بیعه عند الحاجة أو إذا کان فیه مصلحة للبطن الموجود أو جمیع البطون أو عند مصلحة خاصة على حسب ما یشترط فقد اختلفت کلمات العلامة و من تأخر عنه فی ذلک فقال فی الإرشاد لو شرط بیع الوقف عند حصول ضرر کالخراج و المؤن من قبل الظالم و شراء غیره بثمنه فالوجه الجواز انتهى و فی القواعد و لو شرط بیعه عند الضرورة کزیادة خراج و شبهه و شراء غیره بثمنه أو عند خرابه و عطلته أو خروجه عن حد الانتفاع أو قلة نفعه ففی صحة الشرط إشکال و مع البطلان ففی إبطال الوقف نظر انتهى و ذکر فی الإیضاح فی وجه الجواز روایة جعفر بن حنان المتقدمة قال فإذا جاز بغیر شرط فمع الشرط أولى و فی وجه المنع أن الوقف للتأبید و البیع ینافیه قال و الأصح أنه لا یجوز بیع الوقف بحال انتهى قال الشهید فی الدروس و لو شرط الواقف بیعه عند حاجتهم أو وقوع الفتنة بینهم فأولى بالجواز انتهى و یظهر منه أن للشرط تأثیرا و أنه یحتمل المنع من دون الشرط و التجویز معه.

و عن المحقق الکرکی أنه قال التحقیق أن کل موضع قلنا بجواز بیع الوقف یجوز اشتراط البیع فی الوقف إذا بلغ تلک الحالة لأنه شرط مؤکد و لیس بمناف للتأبید المعتبر فی الوقف لأنه مقید واقعا بعدم حصول أحد أسباب البیع و إلا فلا للمنافاة فلا یصح حینئذ حبسها لأن اشتراط شراء شی‏ء بثمنه یکون وقفا مناف لذلک لاقتضائه الخروج عن الملک فلا یکون وقفا و لا حبسا انتهى.

أقول و یمکن أن یقال بعد التمسک فی الجواز بعموم الوقوف على حسب ما یوقفها أهلها و المؤمنون عند شروطهم بعدم ثبوت کون جواز البیع منافیا لمقتضى الوقف فلعله مناف لإطلاقه و لذا یجتمع الوقف مع جواز البیع عند طرو مسوغاته فإن التحقیق کما عرفت سابقا أن جواز البیع لا یبطل الوقف بل هو وقف یجوز بیعه فإذا بیع خرج عن کونه وقفا ثم إنه لو سلم المنافاة فإنما هو بیعه للبطن الموجود و أکل ثمنه و أما تبدیله بوقف آخر فلا تنافی بینه و بین مفهوم الوقف فمعنى کونه حبسا کونه محبوسا من أن یتصرف فیه بعض طبقات الملاک على نحو الملک المطلق و أما حبس شخص الوقف فهو لازم‏ لإطلاقه و تجرده عن مسوغات الإبدال شرعیة کانت کخوف الخراب أو بجعل الواقف کالاشتراط فی متن العقد فتأمل. ثم إنه روی صحیحا فی الکافی: ما ذکره أمیر المؤمنین ع فی کیفیة وقف ماله فی عین ینبع و فیه فإن أراد الحسن أن یبیع نصیبا من المال فیقضی به الدین فلیفعل إن شاء لا حرج علیه فیه و إن شاء جعله شروى الملک و إن ولد علی و أموالهم إلى الحسن بن علی و إن کان دار الحسن بن علی غیر دار الصدقة فبدا له أن یبیعها فلیبعها إن شاء و لا حرج علیه فیه فإن باع فإنه یقسم ثمنها ثلاثة أثلاث فیجعل ثلثا فی سبیل الله و یجعل ثلثا فی بنی هاشم و بنی المطلب و یجعل ثلثا فی آل أبی طالب و أنه یضعه فیهم حیث یراه الله ثم قال و إن حدث بحسن بن علی حدث و حسین حی فإن الآخر منهما ینظر فی بنی علی إلى أن قال فإنه یجعله فی رجل یرضاه من بنی هاشم و إنه یشترط على الذی یجعله إلیه أن یترک المال على أصوله و ینفق الثمرة حیث أمره به من سبیل الله و وجوهه و ذوی الرحم من بنی هاشم و بنی عبد المطلب و القریب و البعید لا یباع شی‏ء منه و لا یوهب و لا یورث الروایة و ظاهرها جواز اشتراط البیع فی الوقف لنفس البطن الموجود فضلا عن البیع لجمیع البطون و صرف ثمنه فیما ینتفعون به و السند صحیح و التأویل مشکل و العمل أشکل.

الصورة السابعة أن یؤدی بقاؤه إلى خرابه علما أو ظنا و هو المعبر عنه بخوف الخراب فی کثیر من العبائر المتقدمة و الأداء إلى الخراب قد یکون للخلف بین أربابه و قد یکون لا له و الخراب المعلوم أو المخوف قد یکون على حد سقوطه من الانتفاع نفعا معتدا به و قد یکون على وجه نقص المنفعة و أما إذا فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر کانتفاعه السابق أو أزید فلا یجوز بیعه‏ إلا على ما استظهره بعض من تقدم کلامه سابقا من أن تغیر عنوان الوقف یسوغ بیعه و قد عرفت ضعفه. و قد عرفت من عبائر جماعة تجویز البیع فی صورة التأدیة إلى الخراب و لو لغیر الاختلاف و من أخرى تقییدهم به.

الصورة الثامنة أن یقع بین الموقوف علیهم اختلاف لا یؤمن معه تلف المال أو النفس‏ و إن لم یعلم أو یظن بذلک فإن الظاهر من بعض العبارات السابقة جوازه لذلک خصوصا من عبر بالاختلاف الموجب لخوف الخراب.

الصورة التاسعة أن یؤدی الاختلاف بینهم إلى ضرر عظیم‏ من غیر تقیید بتلف المال فضلا عن خصوص الوقف.

الصورة العاشرة أن یلزم فساد تستباح منه الأنفس‏.

و الأقوى الجواز مع تأدیة البقاء إلى الخراب على وجه لا ینتفع به نفعا یعتد به عرفا سواء کان لأجل الاختلاف أم غیره و المنع فی غیره من جمیع الصور أما الجواز فی الأول فلما مر من الدلیل على جواز بیع ما سقط عن الانتفاع فإن الغرض من عدم البیع عدم انقطاع شخصه فإذا فرض العلم أو الظن بانقطاع شخصه فدار الأمر بین انقطاع شخصه و نوعه و بین انقطاع شخصه لا نوعه کان الثانی أولى فلیس فیه منافاة لغرض الواقف أصلا. و أما الأدلة الشرعیة فغیر ناهضة لاختصاص الإجماع و انصراف النصوص إلى غیر هذه الصورة. و أما الموقوف علیهم فالمفروض إذن الموجود منهم و قیام الناظر العام أو الخاص مقام غیر الموجود. نعم قد یشکل الأمر فیما لو فرض تضرر البطن الموجود من بیعه للزوم تعطیل الانتفاع إلى زمان وجدان البدل أو کون البدل قلیل المنفعة بالنسبة إلى الباقی.

و مما ذکر یظهر أنه یجب تأخیر البیع إلى آخر أزمنة إمکان البقاء مع عدم فوات الاستبدال فیه و مع فوته ففی تقدیم البیع إشکال و لو دار الأمر بین بیعه و الإبدال به و بین صرف منفعته الحاصلة مدة من الزمان لتعمیره ففی ترجیح حق البطن الذی تفوته المنفعة أو حق الواقف و سائر البطون المتأخرة المتعلق بشخص الوقف وجهان لا یخلو أولهما عن قوة إذا لم یشترط الواقف إصلاح الوقف من منفعة مقدما على الموقوف علیه. و قد یستدل على الجواز فیما ذکرنا بما عن التنقیح من أن بقاء الوقف على حاله و الحال هذه إضاعة و إتلاف للمال و هو منهی عنه شرعا فیکون البیع جائزا و لعله أراد الجواز بالمعنى الأعم فلا یرد علیه أنه یدل على وجوب البیع. و فیه أن المحرم هو إضاعة المال المسلط علیه لا ترک المال الذی لا سلطان علیه إلى أن یخرب بنفسه و إلا لزم وجوب تعمیر الأوقاف المشرفة على الخراب بغیر البیع مهما أمکن مقدما على البیع أو إذا لم یمکن البیع.

و الحاصل أن ضعف هذا الدلیل بظاهره واضح و یتضح فساده على القول بکون الثمن للبطن الموجود لا غیر و یتلوه فی الضعف ما عن المختلف و التذکرة و المهذب و غایة المرام من أن الغرض من الوقف استیفاء منافعه و قد تعذرت فیجوز إخراجه عن حده تحصیلا للغرض منه و الجمود على العین مع تعطیلها تضییع للغرض کما أنه لو تعطل الهدی ذبح فی الحال و إن اختص بموضع فلما تعذر مراعاة المحل ترک مراعاته لتخلص المعتذر. و فیه أن الغرض من الوقف استیفاء المنافع من شخص الموقوف لأنه الذی دلت علیه صیغة الوقف و المفروض تعذره فیسقط و قیام الانتفاع بالنوع مقام الانتفاع بالشخص لکونه أقرب إلى مقصود الواقف فرع الدلیل على وجوب اعتبار ما هو الأقرب إلى غرض الواقف بعد تعذر أصل الغرض فالأولى منع جریان‏ أدلة المنع مع خوف الخراب المسقط للمنفعة رأسا و جعل ذلک مؤیدا.

و أما المنع فی غیر هذا القسم من الصورة السابعة و فیما عداها من الصور اللاحقة لها فلعموم قوله ع لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی ملکک فإن ترک الاستفصال فیه بین علم المشتری بعدم وقوع بیع الوقف على بعض الوجوه المجوزة و بین عدمه الموجب لحمل فعل البائع على الصحة یدل على أن الوقف ما دامت له غلة لا یجوز بیعه و کذا قوله ع: الوقوف تکون على حسب ما یوقفها أهلها إن شاء الله. و ما دل على أنه یترک حتى یرثها وارث السماوات و الأرض‏.

هذا کله مضافا إلى الاستصحاب فی جمیع هذه الصور و عدم الدلیل الوارد علیه‏ عدا المکاتبة المشهورة التی انحصر تمسک کل من جوزه فی هذه الصور فیها و هی مکاتبة ابن مهزیار قال: کتبت إلى أبی جعفر الثانی ع أن فلانا ابتاع ضیعة فأوقفها و جعل لک فی الوقف الخمس و یسأل عن رأیک فی بیع حصتک من الأرض أو تقویمها على نفسه بما اشتراها به أو یدعها موقوفة.

فکتب إلى أعلم فلانا أنی آمره أن یبیع حصتی من الضیعة و إیصال ثمن ذلک إلى و أن ذلک رأیی إن شاء الله تعالى أو یقومها على نفسه إن کان ذلک أوفق له قال و کتبت إلیه أن الرجل ذکر أن بین من وقف علیهم هذه الضیعة اختلافا شدیدا و أنه لیس یأمن أن یتفاقم ذلک بینهم بعده فإن کان ترى أن یبیع هذا الوقف و یدفع إلى کل إنسان منهم ما [کان‏] وقف له من ذلک أمرته. فکتب بخطه إلى أعلمه أن رأیی له إن کان قد علم الاختلاف ما بین أصحاب الوقف أن بیع الوقف أمثل فلیبع فإنه ربما جاء فی الاختلاف تلف الأموال و النفوس‏.

حیث إنه یمکن الاستدلال للجواز بها فی القسم الثانی من الصورة السابعة بناء على أن قوله فإنه إلى آخره تعلیل لجواز البیع فی صورة الاختلاف‏ و أن المراد بالمال هو الوقف فإن ضم النفوس إنما هو لبیان الضرر الآخر المترتب على الاختلاف لا أن المناط فی الحکم هو اجتماع الأمرین کما لا یخفى فیکون حاصل التعلیل أنه کلما کان الوقف فی معرض الخراب جاز بیعه و فیه أن المقصود جواز بیعه إذا أدى بقاؤه إلى الخراب علما أو ظنا لا مجرد کونه ربما یؤدی إلیه المجامع للاحتمال المساوی أو المرجوح على ما هو الظاهر من لفظه ربما کما لا یخفى على المتتبع لموارد استعمالاتها و لا أظن أن أحدا یلتزم بجواز البیع بمجرد احتمال أداء بقائه إلى الخراب لأن کلمات من عبر بهذا العنوان کما عرفت بین قولهم أدى بقاؤه إلى خرابه و بین قولهم یخشى أو یخاف خرابه.

و الخوف عند المشهور کما یعلم من سائر موارد إطلاقاتهم مثل قولهم یجب الإفطار و التیمم مع خوف الضرر و یحرم السفر مع خوف الهلاک و لا یتحقق إلا بعد قیام أمارة الخوف هذا مع أن مناط الجواز على ذکر تلف الوقف رأسا و هو القسم الأول من الصورة السابعة التی جوزنا فیها البیع فلا یشمل الخراب الذی لا یصدق معه التلف مع أنه لا وجه بناء على عموم التعلیل للاقتصار على خوف خراب خصوص الوقف بل کلما خیف تلف مال جاز بیع الوقف.

و أما تقریب الاستدلال بالمکاتبة على جواز البیع فی الصورة الثامنة و هی صورة وقوع الاختلاف الذی ربما أوجب تلف الأموال و النفوس فهو أن الحکم بالجواز معلق على الاختلاف إلا أن قوله ع فإنه ربما إلى آخره مقید بالاختلاف الخاص و هو الذی لا یؤمن معه من التلف لأن العلة تقید المعلول کما فی قولک لا تأکل الرمان لأنه حامض. و فیه أن اللازم على هذا تعمیم الجواز فی کل مورد لا یؤمن معه من تلف الأموال و النفوس و إن لم یکن من جهة اختلاف الموقوف علیهم فیجوز بیع‏ الوقف لإصلاح کل فتنة و إن لم یکن لها دخل فی الوقف اللهم إلا أن یدعى سوق العلة مساق التقریب لا التعلیل الحقیقی حتى یتعدى إلى جمیع موارده لکن تقیید الاختلاف حینئذ بکونه مما لا یؤمن ممنوع و هو الذی فهمه الشهید الثانی رحمه الله فی الروضة کما تقدم کلامه لکن الحکم على هذا الوجه مخالف للمشهور فلا یبقى حینئذ وثوق بالروایة بحیث یرفع الید بها عن العمومات و القواعد مع ما فیها من ضعف الدلالة کما سیجی‏ء إلیه الإشارة.

و مما ذکرنا یظهر تقریب الاستدلال على الصورة التاسعة و رده.

و أما تقریب الاستدلال على الصورة العاشرة فهو أن ضم تلف النفس إلى تلف الأموال مع أن خوف تلف الأنفس یتبعه خوف تلف المال غالبا یدل على اعتبار بلوغ الفتنة فی الشدة إلى حیث یخاف منه تلف النفس و لا یکفی بلوغه إلى ما دون ذلک بحیث یخاف منه تلف المال فقط. و فیه أن اللازم على هذا عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع الفتنة بین الموقوف علیهم بل یجوز حینئذ بیع الوقف لرفع کل فتنة مع أن ظاهر الروایة کفایة کون الاختلاف بحیث ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس و المقصود کما یظهر من عبارة الجامع المتقدمة هو اعتبار الفتنة التی تستباح بها الأنفس.

و الحاصل أن جمیع الفتاوى المتقدمة فی جواز بیع الوقف الراجعة إلى اعتبار أداء بقاء الوقف علما أو ظنا أو احتمالا إلى مطلق الفساد أو فساد خاص أو اعتبار الاختلاف مطلقا أو اختلاف خاص مستندة إلى ما فهم أربابها من المکاتبة المذکورة. و الأظهر فی مدلولها هو إناطة الجواز بالاختلاف الذی ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس لا مطلق الاختلاف لأن الذیل مقید و لا خصوص المؤدى علما أو ظنا لأن موارد استعمال لفظة ربما أعم من ذلک و لا مطلق ما یؤدی إلى المحذور المذکور لعدم ظهور الذیل فی التعلیل بحیث یتعدى عن‏ مورد النص و إن کان فیه إشارة إلى التعلیل.

و على ما ذکرنا فالمکاتبة غیر مفتى بها عند المشهور لأن الظاهر اعتبارهم العلم أو الظن بأداء بقائه إلى الخراب الغیر اللازم للفتنة الموجبة لاستباحة الأموال و الأنفس فتکون النسبة بین فتوى المشهور و مضمون الروایة عموما من وجه لکن الإنصاف أن هذا لا یمنع من جبر ضعف دلالة الروایة و قصور مقاومتها للعمومات المانعة بالشهرة لأن اختلاف فتاوى المشهور إنما هو من حیث الاختلاف فی فهم المناط الذی أنیط به الجواز من قوله ع إن کان قد علم الاختلاف المنضم إلى قوله فإنه ربما جاء فی الاختلاف.

و أما دلالة المکاتبة على کون مورد السؤال هو الوقف المؤبد التام فهی على تقدیر قصورها منجبرة بالشهرة فیندفع بها ما یدعى من قصور دلالتها من جهات مثل عدم ظهورها فی المؤبد لعدم ذکر البطن اللاحق و ظهورها فی عدم إقباض الموقوف علیهم و عدم تمام الوقف کما عن الإیضاح و أوضحه الفاضل المحدث المجلسی و جزم به المحدث البحرانی و مال إلیه فی الریاض. قال الأول فی بعض حواشیه على بعض کتب الأخبار إنه یخطر بالبال أنه یمکن حمل الخبر على ما إذا لم یقبضهم الضیعة الموقوف علیهم و لم یدفعها إلیهم و حاصل السؤال أن الواقف یعلم أنه إذا دفعها إلیهم یحصل بینهم الاختلاف و یشتد لحصول الاختلاف بینهم قبل الدفع إلیهم فی تلک الضیعة أو فی أمر آخر ف هل یدعها موقوفة و یدفعها إلیهم أو یرجع عن الوقف لعدم لزومه بعد و یدفع إلیهم ثمنها أیهما أفضل انتهى موضع الحاجة.

و الإنصاف أنه توجیه حسن لکن لیس فی السؤال ما یوجب ظهوره فی ذلک فلا یجوز رفع الید عن مقتضى ترک الاستفصال فی الجواب کما أن عدم ذکر البطن اللاحق لا یوجب ظهور السؤال فی الوقف المنقطع إذ کثیرا ما یقتصر فی‏ مقام حکایة وقف مؤبد على ذکر بعض البطون فترک الاستفصال عن ذلک یوجب ثبوت الحکم للمؤبد.

و الحاصل أن المحتاج إلى الانجبار بالشهرة ثبوت حکم الروایة للوقف التام المؤبد لا تعیین ما أنیط به الجواز من کونه مجرد الفتنة أو ما یؤدی الفتنة إلیه أو غیر ذلک مما تقدم من الاحتمالات فی الفقرتین المذکورتین. نعم یحتاج إلى الاعتضاد بالشهرة من جهة أخرى و هی أن مقتضى القاعدة کما عرفت لزوم کون بدل الوقف کنفسه مشترکا بین جمیع البطون و ظاهر الروایة تقریره للسائل فی تقسیم ثمن الوقف على الموجودین فلا بد إما من رفع الید عن مقتضى المعاوضة إلا بتکلف سقوط حتى سائر البطون عن الوقف آنا ما قبل البیع لتقع المعاوضة فی مالهم و إما من حمل السؤال على الوقف المنقطع أعنی الحبس الذی لا إشکال فی بقائه على ملک الواقف أو على الوقف غیر التام لعدم القبض أو ل عدم تحقق صیغة الوقف و إن تحقق التوطین علیه و تسمیته وقفا بهذا الاعتبار. و یؤیده تصدی الواقف بنفسه للبیع إلا أن یحمل على کونه ناظرا أو یقال إنه أجنبی استأذن الإمام ع فی بیعه علیهم حسبة بل یمکن أن یکون قد فهم الإمام ع من جعل السائل قسمة الثمن بین الموجودین مفروغا عنها مع أن المرکوز فی الأذهان اشتراک جمیع البطون فی الوقف و بدله أن مورد السؤال هو الوقف الباقی على ملک الواقف لانقطاعه أو لعدم تمامه. و یؤیده أن ظاهر صدره المتضمن لجعل الخمس من الوقف للإمام هو هذا النحو أیضا إلا أن یصلح هذا الخلل و أمثاله بفهم الأصحاب الوقف المؤبد التام و یقال إنه لا بأس بجعل الخبر المعتضد بالشهرة مخصصا لقاعدة المنع عن بیع‏ الوقف و موجبا لتکلف الالتزام بسقوط حق اللاحقین عن الوقف عند إرادة البیع أو بمنع تقریر الإمام ع للسائل فی قسمة الثمن إلى الموجودین.

و یبقى الکلام فی تعیین المحتملات فی مناط جواز البیع و قد عرفت الأظهر منها لکن فی النفس شی‏ء من الجزم بظهوره فلو اقتصر على المتیقن من المحتملات و هو الاختلاف المؤدی علما أو ظنا إلى تلف خصوص مال الوقف و نفوس الموقوف علیهم کان أولى و الفرق بین هذا و القسم الأول من الصورة السابعة الذی جوزنا فیه البیع أن المناط فی ذلک القسم العلم أو الظن بتلف الوقف رأسا. و المناط هنا خراب الوقف الذی یتحقق به تلف المال و إن لم یتلف الوقف فإن الزائد من المقدار الباقی مال قد تلف‏ و لیس المراد من التلف فی الروایة تلف الوقف رأسا حتى یتحد مع ذلک القسم المتقدم إذ لا یتناسب هذا ما هو الغالب فی تلف الضیعة التی هی مورد الروایة فإن تلفها غالبا لسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها.

ثم إن الظاهر من بعض العبائر المتقدمة بل المحکی عن الأکثر أن الثمن فی هذا البیع للبطن الموجود إلا أن ظاهر کلام جماعة بل صریح بعضهم کجامع المقاصد هو أنه یشتری بثمنه ما یکون وقفا على وجه یندفع به الخلف تحصیلا لمطلوب الواقف بحسب الإمکان و هذا منه قدس سره مبنی على منع ظهور الروایة فی تقریر السائل فی قسمة الثمن على الموجودین أو على منع العمل بهذا التقریر فی مخالفة مقتضى قاعدة المعاوضة من اشتراک جمیع البطون فی البدل ک المبدل لکن الوجه الثانی ینافی قوله باختصاص الموجودین بثمن ما یباع للحاجة الشدیدة تمسکا بروایة جعفر فتعین الأول و هو منع التقریر لکنه خلاف مقتضى التأمل فی الروایة.