مسألة: المشهور کما عن الدروس و الکفایة بطلان عقد الصبی بل عن الغنیة الإجماع علیه و إن أجاز الولی. و فی کنز العرفان نسبه عدم صحة عقد الصبی إلى أصحابنا و ظاهرها إرادة التعمیم لصورة إذن الولی.
و عن التذکرة أن الصغیر محجور علیه بالنص و الإجماع سواء أ کان ممیزا أم لا فی جمیع التصرفات إلا ما استثنی کعباداته و إسلامه و إحرامه و تدبیره و وصیته و إیصال الهدیة و إذنه فی الدخول على خلاف فی ذلک انتهى. و استثناء إیصال الهدیة و إذنه فی دخول الدار یکشف بفحواه عن شمول المستثنى منه لمطلق أفعاله لأن الإیصال و الإذن لیسا من التصرفات القولیة و الفعلیة و إنما هو فی الأول آلة فی إیصال الملک کما لو حملها على حیوان و إرسالها و الثانی کاشف عن موضوع تعلق علیه إباحة الدخول و هو رضا المالک.
و احتج على الحکم فی الغنیة بقوله ص: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبی حتى یحتلم و عن المجنون حتى یفیق و عن النائم حتى یستیقظ و قد سبقه فی ذلک الشیخ فی المبسوط فی مسألة الإقرار و قال إن مقتضى رفع القلم أن لا یکون لکلامه حکم و نحوه الحلی فی السرائر فی مسألة عدم جواز وصیة البالغ عشرا و تبعهم فی الاستدلال به جماعة کالعلامة و غیره.
و استدلوا أیضا بخبر حمزة بن حمران عن مولانا الباقر ع: إن الجاریة إذا زوجت و دخل بها و لها تسع سنین ذهب عنها الیتم و دفع إلیها مالها و جاز أمرها فی الشراء و الغلام لا یجوز أمره فی البیع و الشراء و لا یخرج عن الیتم حتى یبلغ خمس عشرة سنة إلى آخر الحدیث. و فی روایة ابن سنان: متى یجوز أمر الیتیم قال حتى یبلغ أشده قال ما أشده قال احتلامه و فی معناها روایات أخر.
لکن الإنصاف أن جواز الأمر فی هذه الروایات ظاهر فی استقلاله فی التصرف لأن الجواز مرادف للمضی فلا ینافی عدمه ثبوت الوقوف على الإجازة کما یقال بیع الفضولی غیر ماض بل موقوف. و یشهد له الاستثناء فی بعض تلک الأخبار بقوله إلا أن یکون سفیها فلا دلالة لها حینئذ على سلب عبارته و أنه إذا ساوم ولیه متاعه و عین له قیمته و أمر الصبی لمجرد إیقاع العقد مع الطرف الآخر کان باطلا و کذا لو أوقع إیجاب النکاح أو قبوله لغیره بإذن ولیه.
و أما حدیث رفع القلم ففیه أولا أن الظاهر منه قلم المؤاخذة لا قلم جعل الأحکام و لذا بنینا کالمشهور على شرعیة عبادات الصبی. و ثانیا أن المشهور على الألسنة أن الأحکام الوضعیة لیست مختصة بالبالغین فلا مانع من أن یکون عقده سببا لوجوب الوفاء به بعد البلوغ أو على الولی إذا وقع بإذنه أو إجازته کما تکون جنابته سببا لوجوب غسله بعد البلوغ و حرمة تمکینه من مس المصحف. و ثالثا لو سلمنا اختصاص الأحکام حتى الوضعیة بالبالغین لکن لا مانع من کون فعل غیر البالغ موضوعا للأحکام المجعولة فی حق البالغین فیکون الفاعل کسائر غیر البالغین خارجا عن ذلک الحکم إلى وقت البلوغ. و بالجملة فالتمسک بالروایة ینافی ما اشتهر بینهم من شرعیة عبادة الصبی و ما اشتهر بینهم من عدم اختصاص الأحکام الوضعیة بالبالغین.
فالعمدة فی سلب عبارة الصبی هو الإجماع المحکی المعتضد بالشهرة العظیمة و إلا فالمسألة محل إشکال و لذا تردد المحقق فی الشرائع فی إجازة الممیز بإذن الولی بعد ما جزم بالصحة فی العاریة و استشکل فیها فی القواعد و التحریر. و قال فی القواعد و فی صحة بیع الممیز بإذن الولی نظر بل عن الفخر فی شرحه أن الأقوى الصحة مستدلا بأن العقد إذا وقع بإذن الولی کان کما لو صدر عنه و لکن لم أجده فیه و قواه المحقق الأردبیلی على ما حکی عنه و یظهر من التذکرة عدم ثبوت الإجماع عنده حیث قال و هل یصح بیع الممیز و شراؤه.
الوجه عندی أنه لا یصح. و اختار فی السرائر صحة بیع الصبی فی مقام اختبار رشده. و ذکر المحقق الثانی أنه لا یبعد بناء المسألة على أن أفعال الصبی و أقواله شرعیة أم لا ثم حکم بأنها غیر شرعیة و أن الأصح بطلان العقد. و عن المختلف أنه حکى فی باب المزارعة عن القاضی کلاما یدل على صحة بیع الصبی و بالجملة فالمسألة لا تخلو عن إشکال و إن أطنب بعض المعاصرین فی توضیحه حتى ألحقه بالبدیهیات فی ظاهر کلامه.
فالإنصاف أن الحجة فی المسألة هی الشهرة المحققة و الإجماع المحکی عن التذکرة بناء على أن استثناء الإحرام الذی لا یجوز إلا بإذن الولی شاهد على أن مراده بالحجر ما یشمل سلب العبارة لا نفی الاستقلال فی التصرف و کذا إجماع الغنیة بناء على أن استدلاله بعد الإجماع بحدیث رفع القلم دلیل على شمول معقده للبیع بإذن الولی و لیس المراد نفی صحة البیع المتعقب بالإجازة حتى یقال إن الإجازة عند السید غیر مجدیة فی تصحیح مطلق العقد الصادر من غیر المستقل و لو کان غیر مسلوب العبارة کالبائع الفضولی و یؤید الإجماعین ما تقدم عن کنز العرفان.
نعم لقائل أن یقول إن ما عرفت من المحقق و العلامة و ولده و القاضی و غیرهم خصوصا المحقق الثانی الذی بنى المسألة على شرعیة أفعال الصبی یدل على عدم تحقق الإجماع و کیف کان فالعمل على المشهور.
و یمکن أن یستأنس له أیضا بما ورد فی الأخبار المستفیضة من أن عمد الصبی و خطأه واحد کما فی صحیحة ابن مسلم و غیرها و الأصحاب و إن ذکروها فی باب الجنایات إلا أنه لا إشعار فی نفس الصحیحة بل و غیرها بالاختصاص بالجنایات و لذا تمسک بها الشیخ فی المبسوط و الحلی فی السرائر على أن إخلال الصبی المحرم بمحظورات الإحرام التی یختص حرمتها بحال التعمد لا یوجب کفارة على الصبی و لا على الولی لأن عمده خطأ.
و حینئذ فکل حکم شرعی تعلق بالأفعال التی یعتبر فی ترتب الحکم الشرعی علیها القصد بحیث لا عبرة بها إذا وقعت بغیر القصد فما یصدر منها عن الصبی قصدا بمنزلة الصادر عن غیره بلا قصد فعقد الصبی و إیقاعه مع القصد کعقد الهازل و الغالط و الخاطى و إیقاعاتهم بل یمکن بملاحظة بعض ما ورد من هذه الأخبار فی قتل المجنون و الصبی استظهار المطلب من حدیث رفع القلم و هو ما عن قرب الإسناد بسند أبی البختری عن جعفر عن أبیه عن علی ع أنه کان یقول: المجنون المعتوه الذی لا یفیق و الصبی الذی لم یبلغ عمدها خطأ تحمله العاقلة و قد رفع عنهما القلم إلى آخر الحدیث فإن ذکر رفع القلم فی الذیل لیس له وجه ارتباط إلا أن یکون علة لأصل الحکم و هو ثبوت الدیة على العاقلة أو أن یکون معلولا لقوله عمدهما خطأ یعنی أنه لما کان قصدهما بمنزلة العدم فی نظر الشارع و فی الواقع رفع القلم عنهما و لا یخفى أن ارتباطها بالکلام على وجه العلیة أو المعلولیة للحکم المذکور فی الروایة أعنی عدم مؤاخذة الصبی و المجنون بمقتضى جنایة العمد و هو القصاص و لا بمقتضى شبه العمد و هی الدیة فی مالهما لا یستقیم إلا بأن یراد من رفع القلم ارتفاع المؤاخذة عنهما شرعا من حیث العقوبة الأخرویة و الدنیویة المتعلقة بالنفس کالقصاص أو المال کغرامة الدیة و عدم ترتب ذلک على أفعالهما المقصودة المتعمد إلیها مما لو وقع من غیرهما مع القصد و التعمد لترتبت علیه غرامة أخرویة أو دنیویة. و على هذا فإذا التزم على نفسه مالا بإقرار أو معاوضة و لو بإذن الولی فلا أثر لهما فی إلزامه بالمال و مؤاخذته به و لو بعد البلوغ فإذا لم یلزمه شیء بالتزاماته و لو کانت بإذن الولی فلیس ذلک إلا لسلب قصده و عدم العبرة بإنشائه إذ لو کان ذلک لأجل عدم استقلاله و حجره عن الالتزامات على نفسه لم یکن عدم المؤاخذة شاملا لصورة إذن الولی و قد فرضنا الحکم مطلقا فیدل بالالتزام على کون قصده فی إنشاءاته و إخباراته مسلوب الأثر ثم إن مقتضى عموم هذه الفقرة بناء على کونها علة للحکم عدم مؤاخذتهما بالإتلاف الحاصل منهما کما هو ظاهر المحکی عن بعض إلا أن یلتزم بخروج ذلک عن عموم رفع القلم و لا یخلو من بعد لکن هذا غیر وارد على الاستدلال لأنه لیس مبنیا على کون رفع القلم علة للحکم لما عرفت من احتمال کونه معلولا لسلب اعتبار قصد الصبی و المجنون فیختص رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التی یعتبر فی المؤاخذة علیها قصد الفاعل فیخرج مثل الإتلاف فافهم و اغتنم.
ثم إن القلم المرفوع هو قلم المؤاخذة الموضوع على البالغین فلا ینافی ثبوت بعض العقوبات للصبی کالتعزیر.
و الحاصل أن مقتضى ما تقدم من الإجماع المحکی فی البیع و غیره من العقود و الأخبار المتقدمة بعد انضمام بعضها إلى بعض عدم الاعتبار بما یصدر من الصبی من الأفعال المعتبر فیها القصد إلى مقتضاها کإنشاء العقود أصالة و وکالة و القبض و الإقباض و کل التزام على نفسه من ضمان أو إقرار أو نذر أو إیجار.
قال فی التذکرة و کما لا یصح تصرفاته اللفظیة کذا لا یصح قبضه و لا یفید حصول الملک فی الهبة و إن اتهب له الولی و لا لغیره و إن إذن الموهوب له بالقبض و لو قال مستحق الدین للمدیون سلم حقی إلى الصبی فسلم مقدار حقه إلیه لم یبرأ عن الدین و بقی المقبوض على ملکه و لا ضمان على الصبی لأن المالک ضیعه حیث دفعه إلیه و بقی الدین لأنه فی الذمة و لا یتعین إلا بقبض صحیح کما لو قال ارم حقی فی البحر فرمى مقدار حقه بخلاف ما لو قال للمستودع سلم مالی إلى الصبی أو ألقه فی البحر لأنه امتثل أمره فی حقه المعین.
و لو کانت الودیعة للصبی فسلمها إلیه ضمن و إن کان بإذن الولی إذ لیس له تضییعها بإذن الولی. و قال أیضا لو عرض الصبی دینارا على الناقد لینقده أو متاعا إلى مقوم لیقومه فأخذه لم یجز له رده إلى الصبی بل على ولیه إن کان فلو أمره الولی بالدفع إلیه فدفعه إلیه برأ من ضمانه إن کان المال للولی و إن کان للصبی فلا کما لو أمره بإلقاء مال الصبی فی البحر فإنه یلزمه ضمانه و إذا تبایع الصبیان و تقابضا و أتلف کل واحد منهما ما قبضه فإن جرى بإذن الولیین فالضمان علیهما و إلا فلا ضمان علیهما بل على الصبیین و یأتی فی باب الحجر تمام الکلام و لو فتح الصبی الباب و أذن فی الدخول على أهل الدار أو أدخل الهدیة إلى إنسان عن إذن المهدی فالأقرب الاعتماد لتسامح السلف فیه انتهى کلامه رفع مقامه.
ثم إنه ظهر مما ذکرنا أنه لا فرق فی معاملة الصبی بین أن تکون فی الأشیاء الیسیرة أو الخطیرة لما عرفت من عموم النص و الفتوى حتى أن العلامة فی التذکرة لما ذکر حکایة أن أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبی فأرسله ردها بعدم الثبوت و عدم الحجیة و توجیهه بما یخرجها عن محل الکلام.
و به یظهر ضعف ما عن المحدث الکاشانی من أن الأظهر جواز بیعه و شرائه فیما جرت العادة به من الأشیاء الیسیرة دفعا للحرج انتهى. فإن الحرج ممنوع سواء أراد أن الحرج یلزم من منعهم عن المعاملة فی المحقرات و التزام مباشرة البالغین لشرائها أم أراد أنه یلزم من التجنب عن معاملتهم بعد بناء الناس على نصب الصبیان للبیع و الشراء فی الأشیاء الحقیرة ثم إن أراد استقلاله فی البیع و الشراء لنفسه بماله من دون إذن الولی لیکون حاصله أنه غیر محجور علیه فی الأشیاء الیسیرة فالظاهر کونه مخالفا للإجماع. و أما ما ورد فی روایة السکونی عن أبی عبد الله ع قال: و نهى النبی ص عن کسب الغلام الصغیر الذی لا یحسن صناعة بیده معللا بأنه إن لم یجد سرق فمحمول على عوض کسبه من التقاط أو أجرة عن إجارة أوقعها الولی أو الصبی بغیر إذن الولی أو عن عمل أمر به من دون إجارة فأعطاه المستأجر أو الأمر أجرة المثل فإن هذه کلها مما یملکه الصبی لکن یستحب للولی و غیره اجتنابها إذا لم یعلم صدق دعوى الصبی فیها لاحتمال کونها من الوجوه المحرمة نظیر رجحان الاجتناب عن أموال غیره ممن لا یبالی بالمحرمات و کیف کان فالقول المذکور فی غایة الضعف. نعم ربما صحح سید مشایخنا فی الریاض هذه المعاملات إذا کان الصبی بمنزلة الآلة لمن له أهلیة التصرف من جهة استقرار السیرة و استمرارها على ذلک.
و فیه إشکال من جهة قوة احتمال کون السیرة ناشئة عن عدم المبالاة فی الدین کما فی کثیر من سیرهم الفاسدة.
و یؤید ذلک ما یرى من استمرار سیرتهم على عدم الفرق بین الممیزین و غیرهم و لا بینهم و بین المجانین و لا بین معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال بحیث لا یعلم الولی أصلا و بین معاملاتهم لأولیائهم على سبیل الألیة مع أن هذا مما لا ینبغی الشک فی فسادها خصوصا الأخیر مع أن الإحالة على ما جرت العادة به کالإحالة على المجهول فإن الذی جرت علیه السیرة هو الوکول إلى کل صبی ماهر فطن فیه بحیث لا یغلب فی المساومة علیه فیکلون إلى من بلغ ست سنین شراء باقة بقل أو بیع بیضة دجاج بفلس و إلى من بلغ ثمانی سنین اشتراء اللحم و الخبز و نحوهما و إلى من بلغ أربع عشرة سنة شراء الثیاب بل الحیوان بل یکلون إلیه أمور التجارة فی الأسواق و البلدان و لا یفرقون بینه و بین من أکمل خمس عشر سنة و لا یکلون إلیه شراء مثل القرى و البساتین و بیعها إلا بعد أن یحصل له التجارب و لا أظن أن القائل بالصحة یلتزم العمل بالسیرة على هذا التفصیل و کیف کان فالظاهر أن هذا القول أیضا مخالف لما یظهر منهم.
و قد عرفت حکم العلامة فی التذکرة بعدم جواز رد المال إلى الصبی إذا دفعه إلى الناقد لینقده أو المتاع الذی دفعه إلى المقوم لیقومه مع کونه غالبا فی هذه المقامات بمنزلة الآلة للولی و کذا حکمه بالمنع من رد مال الطفل إلیه بإذن الولی مع أنه بمنزلة الآلة فی ذلک غالبا.
و قال کاشف الغطاء رحمه الله بعد المنع عن صحة عقد الصبی أصالة و وکالة ما لفظه نعم ثبت الإباحة فی معاملة الممیزین إذا جلسوا مقام أولیائهم أو تظاهروا على رءوس الأشهاد حتى یظن أن ذلک من إذن الأولیاء خصوصا فی المحقرات ثم قال و لو قیل بتملک لأخذ منهم لدلالة مأذونیته فی جمیع التصرفات فیکون موجبا قابلا لم یکن بعیدا انتهى. أما التصرف و المعاملة بإذن الأولیاء سواء أ کان على وجه البیع أم المعاطاة فهو الذی قد عرفت أنه خلاف المشهور و المعروف حتى لو قلنا بعدم اشتراط شروط البیع فی المعاطاة لأنها تصرف لا محالة و إن لم تکن بیعا و لا معاوضة و إن أراد بذلک أن إذن الولی و رضاه المنکشف بمعاملة الصبی هو المفید للإباحة لا نفس المعاملة کما ذکره بعضهم فی إذن الولی فی أعاره الصبی. فتوضیحه ما ذکره بعض المحققین من تلامذته و هو أنه لما کان بناء المعاطاة على حصول المراضاة کیف اتفقت و کانت مفیدة لإباحة التصرف خاصة کما هو المشهور و جرت عادة الناس بالتسامح فی الأشیاء الیسیرة و الرضا باعتماد غیرهم فی التصرف فیها على الأمارات المفیدة للظن بالرضا فی المعاوضات و کان الغالب فی الأشیاء التی یعتمد فیها على قول الصبی تعیین القیمة و الاختلاف الذی یتسامح به فی العادة ف لأجل ذلک صح القول بالاعتماد على ما یصدر من الصبی من صورة البیع و الشراء مع الشروط المذکورة کما یعتمد علیه فی الإذن فی دخول الدار و فی إیصال الهدیة إذا ظهرت أمارات الصدق بل ما ذکرنا أولى بالجواز من الهدیة من وجوه و قد استند فیه فی التذکرة إلى تسامح السلف.
و بالجملة فالاعتماد فی الحقیقة على الإذن المستفاد من حال المالک فی الأخذ و الإعطاء مع البناء على ما هو الغالب من کونه صحیح التصرف لا على قول الصبی و معاملته من حیث إنه کذلک و کثیرا ما یعتمد الناس على الإذن المستفاد من غیر وجود ذی ید أصلا مع شهادة الحال بذلک کما فی دخول الحمام و وضع الأجرة عوض الماء التالف فی الصندوق و کما فی أخذ الخضر اوات الموضوعة للبیع و شرب ماء السقاءین و وضع القیمة المتعارفة فی الموضع المعد لهما و غیر ذلک من الأمور التی جرت العادة بها کما یعتمد على مثل ذلک فی غیر المعاوضات من أنواع التصرفات فالتحقیق أن هذا لیس مستثنى من کلام الأصحاب و لا منافیا له و لا یعتمد على ذلک أیضا فی مقام الدعوى و لا فیما إذا طالب المالک بحقه و أظهر عدم الرضا انتهى. و حاصله أن مناط الإباحة و مدارها فی المعاطاة لیس على وجود تعاط قائم بشخصین أو بشخص منزل منزلة شخصین بل على تحقق الرضا من کل منهما بتصرف صاحبه فی ماله حتى لو فرضنا أنه حصل مال کل منهما عند صاحبه باتفاق کإطارة الریح و نحوها فتراضیا على التصرف بإخبار صبی أو بغیره من الأمارات کالکتابة و نحوها کان هذا معاطاة أیضا و لذا یکون وصول الهدیة إلى المهدی إلیه على ید الطفل الکاشف إیصاله عن رضا المهدی بالتصرف بل التملک کافیا فی إباحة الهدیة بل فی تملکها. و فیه أن ذلک حسن إلا أنه موقوف أولا على ثبوت حکم المعاطاة من دون إنشاء إباحة أو تملیک و أنه یکتفى فیها بمجرد الرضا.
و دعوى حصول الإنشاء بدفع الولی المال إلى الصبی مدفوعة بأنه إنشاء إباحة لشخص غیر معلوم و مثله غیر معلوم الدخول فی حکم المعاطاة مع العلم بخروجه عن موضوعها و به یفرق بین ما نحن فیه. و مسألة إیصال الهدیة بید الطفل فإنه یمکن فیه دعوى کون دفعها إلیه للإیصال إباحة أو تملیکا کما ذکر أن إذن الولی للصبی فی الإعارة إذن فی انتفاع المستعیر و أما دخول الحمام و شرب الماء و وضع الأجرة و القیمة فلو حکم بصحتهما بناء على ما ذکرنا من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالیة عن الإنشاء انحصرت صحة وساطة الصبی بما یکتفى فیه مجرد وصول العوضین دون ما لا یکتفى فیه. و الحاصل أن دفع الصبی و قبضه بحکم العدم فکل ما یکتفى فیه بوصول کل من العوضین إلى صاحب الآخر بأی وجه اتفق فلا تضر فیه مباشرة الصبی لمقدمات الوصول ثم إن ما ذکر مختص بما إذا علم إذن شخص بالغ عاقل للصبی ولیا کان أو غیره. و أما ما ذکره کاشف الغطاء أخیرا من صیرورة الشخص موجبا و قابلا ففیه أولا أن تولی وظیفة الغائب و هو من أذن للصغیر إن کان بإذن منه فالمفروض انتفاؤه و إن کان بمجرد العلم برضاه فالاکتفاء به فی الخروج عن موضوع الفضولی مشکل بل ممنوع. و ثانیا أن المحسوس بالوجدان عدم قصد من یعامل مع الأطفال النیابة عمن أذن للصبی ثم إنه لا وجه لاختصاص ما ذکروه من الألیة بالصبی و لا بالأشیاء الحقیرة بل هو جار فی المجنون و السکران بل البهائم و فی الأمور الخطیرة إذ المعاملة إذا کانت فی الحقیقة بین الکبار و کان الصغیر آلة فلا فرق فی الألیة بینه و بین غیره. نعم من تمسک فی ذلک بالسیرة من غیر أن یتجشم لإدخال ذلک تحت القاعدة فله تخصیص ذلک بالصبی لأنه المتیقن من موردها کما أن ذلک مختص بالمحقرات.
***
حوزوی کتب
مکاسب حصہ دوم
*کتاب البیع*
تعریف البیع
الکلام فی المعاطاة
حكم المعاطاة و أقوال العلماء في ذلك
عدم ثبوت الملك بالمعاطاة
بقی الکلام فی الخبر الذی یتمسک به فی باب المعاطاة
تنبیهات المعاطاة - الامر الاول
تنبیهات المعاطاة - الامر الثانی
تنبیهات المعاطاة - الامر الثالث
تنبیهات المعاطاة - الامر الرابع
تنبیهات المعاطاة - الامر الخامس
تنبیهات المعاطاة - الامر السادس
تنبیهات المعاطاة - الامر السابع
تنبیهات المعاطاة - الامر الثامن
مقدمة فی خصوص ألفاظ عقد البیع
الکلام فی الخصوصیات المعتبرة فی اللفظ
ألفاظ الإیجاب و القبول
مسألة في اشتراط العربية
مسألة فی اشتراط الماضوية
مسألة في شرطية الترتيب بين الإيجاب و القبول
من جملة شروط العقد الموالاة بين إيجابه و قبوله
من جملة الشرائط التنجيز في العقد
من جملة شروط العقد التطابق بین الإیجاب و القبول
من جملة الشروط أن يقع كل من إيجابه و قبوله في حال
فرع: لو اختلف المتعاقدان فی شروط الصیغة
مسألة أحكام المقبوض بالعقد الفاسد
الأول ضمان المقبوض بالعقد الفاسد
الثانی وجوب رده فورا إلى المالک
الثالث أنه لو کان للعین المبتاعة منفعة
الرابع إذا تلف المبیع
الخامس لو لم یوجد المثل إلا بأکثر من ثمن المثل
السادس لو تعذر المثل فی المثلی
السابع لو کان التالف المبیع فاسدا قیمیا
الکلام فی شروط المتعاقدین
من جملة شرائط المتعاقدین البلوغ
من جملة شرائط المتعاقدین قصدهما لمدلول العقد
من شرائط المتعاقدین الاختیار
فروع
من شروط المتعاقدین إذن السید لو کان العاقد عبدا
من شروط المتعاقدین أن یکونا مالکین أو مأذونین
الكلام في عقد الفضولي
صور بيع الفضولي
المسألة الأولى أن یبیع للمالک مع عدم سبق منع منه
المسألة الثانیة أن یسبقه منع من المالک
المسألة الثالثة أن یبیع الفضولی لنفسه
القول فی الإجازة و الرد
هل الإجازة کاشفة أم ناقلة
بیان الثمرة بین الکشف باحتمالاته و النقل
و ینبغی التنبیه على أمور
أما القول فی المجیز
أما القول فی المجاز
مسألة فی أحکام الرد
مسألة لو لم يجز المالك
مسألة لو باع الفضولی مال غیره مع مال نفسه
مسألة لو باع من له نصف الدار نصف تلک الدار
مسألة لو باع ما یقبل التملک و ما لا یقبله
مسألة في ولاية الأب و الجد
مکاسب حصہ دوم
من جملة شرائط المتعاقدین البلوغ
[من جملة شرائط المتعاقدین البلوغ]:
مسألة: المشهور کما عن الدروس و الکفایة بطلان عقد الصبی بل عن الغنیة الإجماع علیه و إن أجاز الولی. و فی کنز العرفان نسبه عدم صحة عقد الصبی إلى أصحابنا و ظاهرها إرادة التعمیم لصورة إذن الولی. و عن التذکرة أن الصغیر محجور علیه بالنص و الإجماع سواء أ کان ممیزا أم لا فی جمیع التصرفات إلا ما استثنی کعباداته و إسلامه و إحرامه و تدبیره و وصیته و إیصال الهدیة و إذنه فی الدخول على خلاف فی ذلک انتهى. و استثناء إیصال الهدیة و إذنه فی دخول الدار یکشف بفحواه عن شمول المستثنى منه لمطلق أفعاله لأن الإیصال و الإذن لیسا من التصرفات القولیة و الفعلیة و إنما هو فی الأول آلة فی إیصال الملک کما لو حملها على حیوان و إرسالها و الثانی کاشف عن موضوع تعلق علیه إباحة الدخول و هو رضا المالک.
و احتج على الحکم فی الغنیة بقوله ص: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبی حتى یحتلم و عن المجنون حتى یفیق و عن النائم حتى یستیقظ و قد سبقه فی ذلک الشیخ فی المبسوط فی مسألة الإقرار و قال إن مقتضى رفع القلم أن لا یکون لکلامه حکم و نحوه الحلی فی السرائر فی مسألة عدم جواز وصیة البالغ عشرا و تبعهم فی الاستدلال به جماعة کالعلامة و غیره.
و استدلوا أیضا بخبر حمزة بن حمران عن مولانا الباقر ع: إن الجاریة إذا زوجت و دخل بها و لها تسع سنین ذهب عنها الیتم و دفع إلیها مالها و جاز أمرها فی الشراء و الغلام لا یجوز أمره فی البیع و الشراء و لا یخرج عن الیتم حتى یبلغ خمس عشرة سنة إلى آخر الحدیث. و فی روایة ابن سنان: متى یجوز أمر الیتیم قال حتى یبلغ أشده قال ما أشده قال احتلامه و فی معناها روایات أخر.
لکن الإنصاف أن جواز الأمر فی هذه الروایات ظاهر فی استقلاله فی التصرف لأن الجواز مرادف للمضی فلا ینافی عدمه ثبوت الوقوف على الإجازة کما یقال بیع الفضولی غیر ماض بل موقوف. و یشهد له الاستثناء فی بعض تلک الأخبار بقوله إلا أن یکون سفیها فلا دلالة لها حینئذ على سلب عبارته و أنه إذا ساوم ولیه متاعه و عین له قیمته و أمر الصبی لمجرد إیقاع العقد مع الطرف الآخر کان باطلا و کذا لو أوقع إیجاب النکاح أو قبوله لغیره بإذن ولیه.
و أما حدیث رفع القلم ففیه أولا أن الظاهر منه قلم المؤاخذة لا قلم جعل الأحکام و لذا بنینا کالمشهور على شرعیة عبادات الصبی. و ثانیا أن المشهور على الألسنة أن الأحکام الوضعیة لیست مختصة بالبالغین فلا مانع من أن یکون عقده سببا لوجوب الوفاء به بعد البلوغ أو على الولی إذا وقع بإذنه أو إجازته کما تکون جنابته سببا لوجوب غسله بعد البلوغ و حرمة تمکینه من مس المصحف. و ثالثا لو سلمنا اختصاص الأحکام حتى الوضعیة بالبالغین لکن لا مانع من کون فعل غیر البالغ موضوعا للأحکام المجعولة فی حق البالغین فیکون الفاعل کسائر غیر البالغین خارجا عن ذلک الحکم إلى وقت البلوغ. و بالجملة فالتمسک بالروایة ینافی ما اشتهر بینهم من شرعیة عبادة الصبی و ما اشتهر بینهم من عدم اختصاص الأحکام الوضعیة بالبالغین.
فالعمدة فی سلب عبارة الصبی هو الإجماع المحکی المعتضد بالشهرة العظیمة و إلا فالمسألة محل إشکال و لذا تردد المحقق فی الشرائع فی إجازة الممیز بإذن الولی بعد ما جزم بالصحة فی العاریة و استشکل فیها فی القواعد و التحریر. و قال فی القواعد و فی صحة بیع الممیز بإذن الولی نظر بل عن الفخر فی شرحه أن الأقوى الصحة مستدلا بأن العقد إذا وقع بإذن الولی کان کما لو صدر عنه و لکن لم أجده فیه و قواه المحقق الأردبیلی على ما حکی عنه و یظهر من التذکرة عدم ثبوت الإجماع عنده حیث قال و هل یصح بیع الممیز و شراؤه.
الوجه عندی أنه لا یصح. و اختار فی السرائر صحة بیع الصبی فی مقام اختبار رشده. و ذکر المحقق الثانی أنه لا یبعد بناء المسألة على أن أفعال الصبی و أقواله شرعیة أم لا ثم حکم بأنها غیر شرعیة و أن الأصح بطلان العقد. و عن المختلف أنه حکى فی باب المزارعة عن القاضی کلاما یدل على صحة بیع الصبی و بالجملة فالمسألة لا تخلو عن إشکال و إن أطنب بعض المعاصرین فی توضیحه حتى ألحقه بالبدیهیات فی ظاهر کلامه. فالإنصاف أن الحجة فی المسألة هی الشهرة المحققة و الإجماع المحکی عن التذکرة بناء على أن استثناء الإحرام الذی لا یجوز إلا بإذن الولی شاهد على أن مراده بالحجر ما یشمل سلب العبارة لا نفی الاستقلال فی التصرف و کذا إجماع الغنیة بناء على أن استدلاله بعد الإجماع بحدیث رفع القلم دلیل على شمول معقده للبیع بإذن الولی و لیس المراد نفی صحة البیع المتعقب بالإجازة حتى یقال إن الإجازة عند السید غیر مجدیة فی تصحیح مطلق العقد الصادر من غیر المستقل و لو کان غیر مسلوب العبارة کالبائع الفضولی و یؤید الإجماعین ما تقدم عن کنز العرفان. نعم لقائل أن یقول إن ما عرفت من المحقق و العلامة و ولده و القاضی و غیرهم خصوصا المحقق الثانی الذی بنى المسألة على شرعیة أفعال الصبی یدل على عدم تحقق الإجماع و کیف کان فالعمل على المشهور.
و یمکن أن یستأنس له أیضا بما ورد فی الأخبار المستفیضة من أن عمد الصبی و خطأه واحد کما فی صحیحة ابن مسلم و غیرها و الأصحاب و إن ذکروها فی باب الجنایات إلا أنه لا إشعار فی نفس الصحیحة بل و غیرها بالاختصاص بالجنایات و لذا تمسک بها الشیخ فی المبسوط و الحلی فی السرائر على أن إخلال الصبی المحرم بمحظورات الإحرام التی یختص حرمتها بحال التعمد لا یوجب کفارة على الصبی و لا على الولی لأن عمده خطأ.
و حینئذ فکل حکم شرعی تعلق بالأفعال التی یعتبر فی ترتب الحکم الشرعی علیها القصد بحیث لا عبرة بها إذا وقعت بغیر القصد فما یصدر منها عن الصبی قصدا بمنزلة الصادر عن غیره بلا قصد فعقد الصبی و إیقاعه مع القصد کعقد الهازل و الغالط و الخاطى و إیقاعاتهم بل یمکن بملاحظة بعض ما ورد من هذه الأخبار فی قتل المجنون و الصبی استظهار المطلب من حدیث رفع القلم و هو ما عن قرب الإسناد بسند أبی البختری عن جعفر عن أبیه عن علی ع أنه کان یقول: المجنون المعتوه الذی لا یفیق و الصبی الذی لم یبلغ عمدها خطأ تحمله العاقلة و قد رفع عنهما القلم إلى آخر الحدیث فإن ذکر رفع القلم فی الذیل لیس له وجه ارتباط إلا أن یکون علة لأصل الحکم و هو ثبوت الدیة على العاقلة أو أن یکون معلولا لقوله عمدهما خطأ یعنی أنه لما کان قصدهما بمنزلة العدم فی نظر الشارع و فی الواقع رفع القلم عنهما و لا یخفى أن ارتباطها بالکلام على وجه العلیة أو المعلولیة للحکم المذکور فی الروایة أعنی عدم مؤاخذة الصبی و المجنون بمقتضى جنایة العمد و هو القصاص و لا بمقتضى شبه العمد و هی الدیة فی مالهما لا یستقیم إلا بأن یراد من رفع القلم ارتفاع المؤاخذة عنهما شرعا من حیث العقوبة الأخرویة و الدنیویة المتعلقة بالنفس کالقصاص أو المال کغرامة الدیة و عدم ترتب ذلک على أفعالهما المقصودة المتعمد إلیها مما لو وقع من غیرهما مع القصد و التعمد لترتبت علیه غرامة أخرویة أو دنیویة. و على هذا فإذا التزم على نفسه مالا بإقرار أو معاوضة و لو بإذن الولی فلا أثر لهما فی إلزامه بالمال و مؤاخذته به و لو بعد البلوغ فإذا لم یلزمه شیء بالتزاماته و لو کانت بإذن الولی فلیس ذلک إلا لسلب قصده و عدم العبرة بإنشائه إذ لو کان ذلک لأجل عدم استقلاله و حجره عن الالتزامات على نفسه لم یکن عدم المؤاخذة شاملا لصورة إذن الولی و قد فرضنا الحکم مطلقا فیدل بالالتزام على کون قصده فی إنشاءاته و إخباراته مسلوب الأثر ثم إن مقتضى عموم هذه الفقرة بناء على کونها علة للحکم عدم مؤاخذتهما بالإتلاف الحاصل منهما کما هو ظاهر المحکی عن بعض إلا أن یلتزم بخروج ذلک عن عموم رفع القلم و لا یخلو من بعد لکن هذا غیر وارد على الاستدلال لأنه لیس مبنیا على کون رفع القلم علة للحکم لما عرفت من احتمال کونه معلولا لسلب اعتبار قصد الصبی و المجنون فیختص رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التی یعتبر فی المؤاخذة علیها قصد الفاعل فیخرج مثل الإتلاف فافهم و اغتنم.
ثم إن القلم المرفوع هو قلم المؤاخذة الموضوع على البالغین فلا ینافی ثبوت بعض العقوبات للصبی کالتعزیر.
و الحاصل أن مقتضى ما تقدم من الإجماع المحکی فی البیع و غیره من العقود و الأخبار المتقدمة بعد انضمام بعضها إلى بعض عدم الاعتبار بما یصدر من الصبی من الأفعال المعتبر فیها القصد إلى مقتضاها کإنشاء العقود أصالة و وکالة و القبض و الإقباض و کل التزام على نفسه من ضمان أو إقرار أو نذر أو إیجار.
قال فی التذکرة و کما لا یصح تصرفاته اللفظیة کذا لا یصح قبضه و لا یفید حصول الملک فی الهبة و إن اتهب له الولی و لا لغیره و إن إذن الموهوب له بالقبض و لو قال مستحق الدین للمدیون سلم حقی إلى الصبی فسلم مقدار حقه إلیه لم یبرأ عن الدین و بقی المقبوض على ملکه و لا ضمان على الصبی لأن المالک ضیعه حیث دفعه إلیه و بقی الدین لأنه فی الذمة و لا یتعین إلا بقبض صحیح کما لو قال ارم حقی فی البحر فرمى مقدار حقه بخلاف ما لو قال للمستودع سلم مالی إلى الصبی أو ألقه فی البحر لأنه امتثل أمره فی حقه المعین.
و لو کانت الودیعة للصبی فسلمها إلیه ضمن و إن کان بإذن الولی إذ لیس له تضییعها بإذن الولی. و قال أیضا لو عرض الصبی دینارا على الناقد لینقده أو متاعا إلى مقوم لیقومه فأخذه لم یجز له رده إلى الصبی بل على ولیه إن کان فلو أمره الولی بالدفع إلیه فدفعه إلیه برأ من ضمانه إن کان المال للولی و إن کان للصبی فلا کما لو أمره بإلقاء مال الصبی فی البحر فإنه یلزمه ضمانه و إذا تبایع الصبیان و تقابضا و أتلف کل واحد منهما ما قبضه فإن جرى بإذن الولیین فالضمان علیهما و إلا فلا ضمان علیهما بل على الصبیین و یأتی فی باب الحجر تمام الکلام و لو فتح الصبی الباب و أذن فی الدخول على أهل الدار أو أدخل الهدیة إلى إنسان عن إذن المهدی فالأقرب الاعتماد لتسامح السلف فیه انتهى کلامه رفع مقامه.
ثم إنه ظهر مما ذکرنا أنه لا فرق فی معاملة الصبی بین أن تکون فی الأشیاء الیسیرة أو الخطیرة لما عرفت من عموم النص و الفتوى حتى أن العلامة فی التذکرة لما ذکر حکایة أن أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبی فأرسله ردها بعدم الثبوت و عدم الحجیة و توجیهه بما یخرجها عن محل الکلام.
و به یظهر ضعف ما عن المحدث الکاشانی من أن الأظهر جواز بیعه و شرائه فیما جرت العادة به من الأشیاء الیسیرة دفعا للحرج انتهى. فإن الحرج ممنوع سواء أراد أن الحرج یلزم من منعهم عن المعاملة فی المحقرات و التزام مباشرة البالغین لشرائها أم أراد أنه یلزم من التجنب عن معاملتهم بعد بناء الناس على نصب الصبیان للبیع و الشراء فی الأشیاء الحقیرة ثم إن أراد استقلاله فی البیع و الشراء لنفسه بماله من دون إذن الولی لیکون حاصله أنه غیر محجور علیه فی الأشیاء الیسیرة فالظاهر کونه مخالفا للإجماع. و أما ما ورد فی روایة السکونی عن أبی عبد الله ع قال: و نهى النبی ص عن کسب الغلام الصغیر الذی لا یحسن صناعة بیده معللا بأنه إن لم یجد سرق فمحمول على عوض کسبه من التقاط أو أجرة عن إجارة أوقعها الولی أو الصبی بغیر إذن الولی أو عن عمل أمر به من دون إجارة فأعطاه المستأجر أو الأمر أجرة المثل فإن هذه کلها مما یملکه الصبی لکن یستحب للولی و غیره اجتنابها إذا لم یعلم صدق دعوى الصبی فیها لاحتمال کونها من الوجوه المحرمة نظیر رجحان الاجتناب عن أموال غیره ممن لا یبالی بالمحرمات و کیف کان فالقول المذکور فی غایة الضعف. نعم ربما صحح سید مشایخنا فی الریاض هذه المعاملات إذا کان الصبی بمنزلة الآلة لمن له أهلیة التصرف من جهة استقرار السیرة و استمرارها على ذلک.
و فیه إشکال من جهة قوة احتمال کون السیرة ناشئة عن عدم المبالاة فی الدین کما فی کثیر من سیرهم الفاسدة.
و یؤید ذلک ما یرى من استمرار سیرتهم على عدم الفرق بین الممیزین و غیرهم و لا بینهم و بین المجانین و لا بین معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال بحیث لا یعلم الولی أصلا و بین معاملاتهم لأولیائهم على سبیل الألیة مع أن هذا مما لا ینبغی الشک فی فسادها خصوصا الأخیر مع أن الإحالة على ما جرت العادة به کالإحالة على المجهول فإن الذی جرت علیه السیرة هو الوکول إلى کل صبی ماهر فطن فیه بحیث لا یغلب فی المساومة علیه فیکلون إلى من بلغ ست سنین شراء باقة بقل أو بیع بیضة دجاج بفلس و إلى من بلغ ثمانی سنین اشتراء اللحم و الخبز و نحوهما و إلى من بلغ أربع عشرة سنة شراء الثیاب بل الحیوان بل یکلون إلیه أمور التجارة فی الأسواق و البلدان و لا یفرقون بینه و بین من أکمل خمس عشر سنة و لا یکلون إلیه شراء مثل القرى و البساتین و بیعها إلا بعد أن یحصل له التجارب و لا أظن أن القائل بالصحة یلتزم العمل بالسیرة على هذا التفصیل و کیف کان فالظاهر أن هذا القول أیضا مخالف لما یظهر منهم.
و قد عرفت حکم العلامة فی التذکرة بعدم جواز رد المال إلى الصبی إذا دفعه إلى الناقد لینقده أو المتاع الذی دفعه إلى المقوم لیقومه مع کونه غالبا فی هذه المقامات بمنزلة الآلة للولی و کذا حکمه بالمنع من رد مال الطفل إلیه بإذن الولی مع أنه بمنزلة الآلة فی ذلک غالبا.
و قال کاشف الغطاء رحمه الله بعد المنع عن صحة عقد الصبی أصالة و وکالة ما لفظه نعم ثبت الإباحة فی معاملة الممیزین إذا جلسوا مقام أولیائهم أو تظاهروا على رءوس الأشهاد حتى یظن أن ذلک من إذن الأولیاء خصوصا فی المحقرات ثم قال و لو قیل بتملک لأخذ منهم لدلالة مأذونیته فی جمیع التصرفات فیکون موجبا قابلا لم یکن بعیدا انتهى. أما التصرف و المعاملة بإذن الأولیاء سواء أ کان على وجه البیع أم المعاطاة فهو الذی قد عرفت أنه خلاف المشهور و المعروف حتى لو قلنا بعدم اشتراط شروط البیع فی المعاطاة لأنها تصرف لا محالة و إن لم تکن بیعا و لا معاوضة و إن أراد بذلک أن إذن الولی و رضاه المنکشف بمعاملة الصبی هو المفید للإباحة لا نفس المعاملة کما ذکره بعضهم فی إذن الولی فی أعاره الصبی. فتوضیحه ما ذکره بعض المحققین من تلامذته و هو أنه لما کان بناء المعاطاة على حصول المراضاة کیف اتفقت و کانت مفیدة لإباحة التصرف خاصة کما هو المشهور و جرت عادة الناس بالتسامح فی الأشیاء الیسیرة و الرضا باعتماد غیرهم فی التصرف فیها على الأمارات المفیدة للظن بالرضا فی المعاوضات و کان الغالب فی الأشیاء التی یعتمد فیها على قول الصبی تعیین القیمة و الاختلاف الذی یتسامح به فی العادة ف لأجل ذلک صح القول بالاعتماد على ما یصدر من الصبی من صورة البیع و الشراء مع الشروط المذکورة کما یعتمد علیه فی الإذن فی دخول الدار و فی إیصال الهدیة إذا ظهرت أمارات الصدق بل ما ذکرنا أولى بالجواز من الهدیة من وجوه و قد استند فیه فی التذکرة إلى تسامح السلف.
و بالجملة فالاعتماد فی الحقیقة على الإذن المستفاد من حال المالک فی الأخذ و الإعطاء مع البناء على ما هو الغالب من کونه صحیح التصرف لا على قول الصبی و معاملته من حیث إنه کذلک و کثیرا ما یعتمد الناس على الإذن المستفاد من غیر وجود ذی ید أصلا مع شهادة الحال بذلک کما فی دخول الحمام و وضع الأجرة عوض الماء التالف فی الصندوق و کما فی أخذ الخضر اوات الموضوعة للبیع و شرب ماء السقاءین و وضع القیمة المتعارفة فی الموضع المعد لهما و غیر ذلک من الأمور التی جرت العادة بها کما یعتمد على مثل ذلک فی غیر المعاوضات من أنواع التصرفات فالتحقیق أن هذا لیس مستثنى من کلام الأصحاب و لا منافیا له و لا یعتمد على ذلک أیضا فی مقام الدعوى و لا فیما إذا طالب المالک بحقه و أظهر عدم الرضا انتهى. و حاصله أن مناط الإباحة و مدارها فی المعاطاة لیس على وجود تعاط قائم بشخصین أو بشخص منزل منزلة شخصین بل على تحقق الرضا من کل منهما بتصرف صاحبه فی ماله حتى لو فرضنا أنه حصل مال کل منهما عند صاحبه باتفاق کإطارة الریح و نحوها فتراضیا على التصرف بإخبار صبی أو بغیره من الأمارات کالکتابة و نحوها کان هذا معاطاة أیضا و لذا یکون وصول الهدیة إلى المهدی إلیه على ید الطفل الکاشف إیصاله عن رضا المهدی بالتصرف بل التملک کافیا فی إباحة الهدیة بل فی تملکها. و فیه أن ذلک حسن إلا أنه موقوف أولا على ثبوت حکم المعاطاة من دون إنشاء إباحة أو تملیک و أنه یکتفى فیها بمجرد الرضا.
و دعوى حصول الإنشاء بدفع الولی المال إلى الصبی مدفوعة بأنه إنشاء إباحة لشخص غیر معلوم و مثله غیر معلوم الدخول فی حکم المعاطاة مع العلم بخروجه عن موضوعها و به یفرق بین ما نحن فیه. و مسألة إیصال الهدیة بید الطفل فإنه یمکن فیه دعوى کون دفعها إلیه للإیصال إباحة أو تملیکا کما ذکر أن إذن الولی للصبی فی الإعارة إذن فی انتفاع المستعیر و أما دخول الحمام و شرب الماء و وضع الأجرة و القیمة فلو حکم بصحتهما بناء على ما ذکرنا من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالیة عن الإنشاء انحصرت صحة وساطة الصبی بما یکتفى فیه مجرد وصول العوضین دون ما لا یکتفى فیه. و الحاصل أن دفع الصبی و قبضه بحکم العدم فکل ما یکتفى فیه بوصول کل من العوضین إلى صاحب الآخر بأی وجه اتفق فلا تضر فیه مباشرة الصبی لمقدمات الوصول ثم إن ما ذکر مختص بما إذا علم إذن شخص بالغ عاقل للصبی ولیا کان أو غیره. و أما ما ذکره کاشف الغطاء أخیرا من صیرورة الشخص موجبا و قابلا ففیه أولا أن تولی وظیفة الغائب و هو من أذن للصغیر إن کان بإذن منه فالمفروض انتفاؤه و إن کان بمجرد العلم برضاه فالاکتفاء به فی الخروج عن موضوع الفضولی مشکل بل ممنوع. و ثانیا أن المحسوس بالوجدان عدم قصد من یعامل مع الأطفال النیابة عمن أذن للصبی ثم إنه لا وجه لاختصاص ما ذکروه من الألیة بالصبی و لا بالأشیاء الحقیرة بل هو جار فی المجنون و السکران بل البهائم و فی الأمور الخطیرة إذ المعاملة إذا کانت فی الحقیقة بین الکبار و کان الصغیر آلة فلا فرق فی الألیة بینه و بین غیره. نعم من تمسک فی ذلک بالسیرة من غیر أن یتجشم لإدخال ذلک تحت القاعدة فله تخصیص ذلک بالصبی لأنه المتیقن من موردها کما أن ذلک مختص بالمحقرات. ***
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول