حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: تمہیں صرف حق سے مانوس ہونا چاہیے اور صرف باطل سے وحشت زدہ ہونا چاہیے۔ نھج البلاغۃ خطبۃ 130

*کتاب المکاسب*
فی المکاسب المحرمة
تقسیم المکاسب إلى الأحکام الخمسة
النوع‏ الأول الاکتساب بالأعیان النجسة عدا ما استثنی
المسئلة الأولى یحرم المعاوضة على بول
المسئلة الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة
المسئلة الثالثة یحرم المعاوضة على الدم
المسئلة الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی‏
المسئلة الخامسة تحرم المعاوضة على المیتة
المسئلة السادسة یحرم التکسب بالکلب و الخنزیر
المسئلة السابعة یحرم التکسب بالخمر
المسئلة الثامنة یحرم المعاوضة على الأعیان المتنجسة
و أما المستثنى من الأعیان المتقدمة
المسئلة الأولى یجوز بیع المملوک الکافر
المسئلة الثانیة یجوز المعاوضة على غیر کلب الهراش
المسئلة الثالثة المعاوضة على العصیر العنبی‏
المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏
بقی الکلام فی حکم نجس العین
النوع الثانی مما یحرم التکسب به لتحریم ما یقصد به‏
القسم الأول ما لا یقصد من وجوده إلا الحرام‏
منها هیاکل العبادة المبتدعة
منها آلات القمار بأنواعه
منها آلات اللهو على اختلاف أصنافها
منها أوانی الذهب و الفضة
منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس‏
القسم الثانی ما یقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
المسئلة الأولى بیع العنب على أن یعمل خمرا
المسألة الثانیة یحرم المعاوضة على الجاریة المغنیة
المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا
القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا
النوع الثالث ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها
النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما‏
المسألة الأولى تدلیس الماشطة
المسألة الثانیة تزیبن الرجل بما یحرم علیه
المسألة الثالثة التشبیب بالمرأة
المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح
المسألة الخامسة التطفیف
المسألة السادسة التنجیم
المسألة السابعة حفظ کتب الضلال
المسألة الثامنة الرشوة
المسئلة التاسعة سب المؤمنین
المسئلة العاشرة السحر
المسئلة الحادیة عشرة الشعبذة
المسئلة الثانیة عشرة الغش
المسئلة الثالثة عشرة الغناء
المسئلة الرابعة عشرة الغیبة
المسئلة الخامسة عشرة القمار
المسئلة السادسة عشرة القیادة
المسئلة السابعة عشرة القیافة
المسئلة الثامنة عشرة الکذب
المسئلة التاسعة عشرة الکهانة
المسئلة العشرون اللهو
المسئلة الحادیة و العشرون مدح من لا یستحق المدح
المسئلة الثانیة و العشرون معونة الظالمین
المسئلة الثالثة و العشرون النجش
المسئلة الرابعة و العشرون النمیمة
المسئلة الخامسة و العشرون النوح بالباطل‏
المسئلة السادسة و العشرون الولایة من قبل الجائر
و ینبغی التنبیه على أمور
خاتمة فیما ینبغی للوالی العمل به فی نفسه و فی رعیته‏
المسئلة السابعة و العشرون هجاء المؤمن
المسئلة الثامنة و العشرون الهجر
النوع‏ الخامس حرمة التکسب بالواجبات
الأولى بیع المصحف‏
الثانیة جوائز السلطان و عماله
الثالثة ما یأخذه السلطان لأخذ الخراج و المقاسمة
التنبیه الاول
التنبیه الثانی
التنبیه الثالث
التنبیه الرابع
التنبیه الخامس
التنبیه السادس
التنبیه السابع
التنبیه الثامن

مکاسب حصہ اول

الثانیة جوائز السلطان و عماله

الثانیة جوائز السلطان و عماله‏، بل مطلق المال المأخوذ منهم مجانا أو عوضا لا یخلو عن أحوال لأنه إما أن لا یعلم أن فی جملة أموال هذا الظالم مالا محرما یصلح لکون المأخوذ هو من ذلک المال و إما أن یعلم و على الثانی فإما أن لا یعلم ذلک المحرم أو شیئا منه داخل فی المأخوذ و إما أن یعلم ذلک و على الثانی فإما أن یعلم تفصیلا و إما أن یعلم إجمالا فالصور أربع‏:

أما الأولى فلا إشکال فیها فی جواز الأخذ و حلیة التصرف للأصل و الإجماع و الأخبار الآتیة لکن ربما یوهم بعض الأخبار أنه یشترط فی حل مال الجائر ثبوت مال حلال له مثل ما عن الاحتجاج عن الحمیری: أنه کتب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه یسأله عن الرجل یکون من وکلاء الوقف مستحلا لما فی یده لا یتورع عن أخذ ماله ربما نزلت فی قریته و هو فیها أو أدخل منزله و قد حضر طعامه فیدعونی إلیه فإن لم آکل عادانی علیه فهل یجوز لی أن آکل من طعامه و أتصدق بصدقة و کم مقدار الصدقة و إن أهدى هذا الوکیل هدیة إلى رجل آخر فیدعونی إلى أن أنال منها و أنا أعلم أن الوکیل لا یتورع عن أخذ ما فی یده فهل علی فیه شی‏ء إن أنا نلت منها الجواب إن کان لهذا الرجل مال أو معاش غیر ما فی یده ف کل طعامه و اقبل بره و إلا فلا بناء على أن الشرط فی الحلیة هو وجود مال آخر فإذا لم یعلم به لم یثبت الحل لکن هذه الصورة قلیلة التحقق.

و أما الثانیة فإن کانت الشبهة فیها غیر محصورة فحکمها کالصورة الأولى و کذا إذا کانت محصورة بین ما لا یبتلى المکلف به و بین ما من شأنه الابتلاء به کما إذا علم أن الواحد المردد بین هذه الجائزة و بین أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب و ذلک لما تقرر فی الشبهة المحصورة من اشتراط تنجز تعلق التکلیف فیها بالحرام الواقعی بکون کل من المشتبهین بحیث یکون التکلیف بالاجتناب عنه منجزا لو فرض کونه هو المحرم الواقعی لا مشروطا بوقت الابتلاء المفروض انتفاؤه فی أحدهما فی المثال فإن التکلیف غیر منجز بالحرام الواقعی على أی تقدیر لاحتمال کون المحرم فی المثال هی أم الولد و توضیح المطلب فی محله.‏

ثم إنه صرح جماعة بکراهة الأخذ و عن المنتهى الاستدلال له باحتمال الحرمة و بمثل قوله ع: دع ما یریبک و قولهم ع: من ترک الشبهات نجا من المحرمات إلى آخر الحدیث.

و ربما یزاد على ذلک بأن أخذ المال منهم یوجب محبتهم فإن القلوب مجبولة على حب من أحسن إلیها و یترتب علیها من المفاسد ما لا یخفى. و فی الصحیح: إن أحدکم لا یصیب من دنیاهم شیئا إلا أصابوا من دینه مثله و ما عن الإمام الکاظم ع من قوله: لو لا أنی أرى من أزوجه من عزاب آل أبی طالب لئلا ینقطع نسله ما قبلتها أبدا.

ثم إنهم ذکروا ارتفاع الکراهة بأمور:

منها أخبار المجیز بحلیته‏، بأن یقول هذه الجائزة من تجارتی أو زراعتی أو نحو ذلک مما یحل للآخذ التصرف فیه. و ظاهر المحکی عن الریاض تبعا لظاهر الحدائق أنه مما لا خلاف فیه و اعترف ولده فی المناهل بأنه لم نجد له مستندا مع أنه لم یحک التصریح به إلا عن الأردبیلی ثم عن العلامة الطباطبائی و یمکن أن یکون المستند ما دل على قبول قول ذی الید فیعمل بقوله کما لو قامت البینة على تملکه و شبهه الحرمة و إن لم ترتفع بذلک إلا أن الموجب للکراهة لیس مجرد الاحتمال و إلا لعمت الکراهة أخذ المال من کل أحد بل الموجب له کون الظالم مظنة الظلم و الغصب و غیر متورع عن المحارم نظیر کراهة سؤر من لا یتوقى النجاسة و هذا المعنى یرتفع بإخباره إلا إذا کان خبره کیده مظنة للکذب لکونه ظالما غاصبا فیکون خبره حینئذ کیده و تصرفه غیر مفید إلا للإباحة الظاهریة غیر المنافیة للکراهة فیختص الحکم برفع الکراهة بما إذا کان مأمونا فی خبره و قد صرح الأردبیلی بهذا القید فی إخبار وکیله و بذلک یندفع ما یقال من أنه لا فرق بین ید الظالم و تصرفه و بین خبره فی کون کل منهما مفیدا للملکیة الظاهریة غیر مناف للحرمة الواقعیة المقتضیة للاحتیاط فلا وجه لوجود الکراهة الناشئة عن حسن الاحتیاط مع الید و ارتفاعها مع الأخبار فتأمل.

و منها إخراج الخمس منه‏، حکی عن المنتهى و المحقق الأردبیلی و ظاهر الریاض هنا أیضا عدم الخلاف و لعله لما ذکر فی المنتهى فی وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال أن الخمس مطهر للمال المختلط یقینا بالحرام ف محتمل الحرمة أولى بالتطهیر به فإن مقتضى الطهارة بالخمس صیرورة المال حلالا واقعیا ف لا یبقى حکم الشبهة- کما لا یبقى فی المال المختلط یقینا بعد إخراج الخمس. نعم یمکن الخدشة فی أصل الاستدلال بأن الخمس إنما یطهر المختلط بالحرام حیث إن بعضه حرام و بعضه حلال فکان الشارع جعل الخمس بدل ما فیه من الحرام فمعنى تطهیره تخلیصه بإخراج الخمس مما فیه من الحرام ف کان مقدار الحلال طاهرا فی نفسه إلا أنه قد تلوث بسبب الاختلاط مع الحرام فصار محکوما بحکم الحرام و هو وجوب الاجتناب فإخراج الخمس مطهر له عن هذه القذارة العرضیة و أما المال المحتمل لکونه بنفسه حراما و قذرا ذاتیا فلا معنى لتطهیره بإخراج خمسة بل المناسب لحکم الأصل- حیث جعل الاختلاط قذارة عرضیة کون الحرام قذر العین و لازمه أن المال المحتمل الحرمة غیر قابل للطهارة فلا بد من الاجتناب عنه. نعم یمکن أن یستأنس أو یستدل على استحباب الخمس بعد فتوى النهایة التی هی کالروایة ففیها کفایة فی الحکم بالاستحباب و کذلک فتوى السرائر مع عدم العمل فیها إلا بالقطعیات: بالموثقة المسئول فیها عن عمل السلطان یخرج فیه الرجل قال ع لا إلا أن لا یقدر على شی‏ء یأکل و یشرب و لا یقدر على حیلة فإن فعل فصار فی یده شی‏ء فلیبعث بخمسه إلى أهل البیت فإن موردها و إن کان ما یقع فی یده بإزاء العمل إلا أن الظاهر عدم الفرق بینه و بین ما یقع فی الید على وجه الجائزة و یمکن أن یستدل له أیضا بما دل على وجوب الخمس فی الجائزة مطلقا- و هی عدة أخبار مذکورة فی محلها و حیث إن المشهور غیر قائلین بوجوب الخمس فی الجائزة حملوا تلک الأخبار على الاستحباب ثم إن المستفاد مما تقدم من اعتذار الإمام الکاظم ع من قبول الجائزة بتزویج عزاب الطالبیین لئلا ینقطع نسلهم و من غیره أن الکراهة ترتفع بکل مصلحة هی أهم فی نظر الشارع من الاجتناب عن الشبهة و یمکن أن یکون اعتذاره ع إشارة إلى أن لو لا صرفها فیما یصرف فیه المظالم المردودة لما قبلها فیجب أو ینبغی أن یأخذها ثم یصرفها فی مصارفها. و هذه الفروع کلها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة و المتفق علیه من صورها صورة عدم العلم بالحرام فی ماله أصلا أو العلم بوجود الحرام من کون الشبهة غیر محصورة أو محصورة ملحقة بغیر المحصورة على ما عرفت‏.

و إن کانت الشبهة محصورة بحیث تقتضی قاعدة الاحتیاط لزوم الاجتناب عن الجمیع لقابلیة تنجز التکلیف بالحرام المعلوم إجمالا فظاهر جماعة المصرح به فی المسالک و غیره الحل و عدم لحوق حکم الشبهة المحصورة هنا.

قال فی الشرائع جوائز السلطان الجائر إن علمت حراما بعینها فهو حرام و نحوه عن نهایة الأحکام و الدروس و غیرهما. قال فی المسالک التقیید بالعین إشارة إلى جواز أخذها إن علم أن فی أمواله مظالم کما هو مقتضى حال الظالم و لا یکون حکمها حکم المال المختلط بالحرام فی وجوب اجتناب الجمیع للنص على ذلک انتهى.

أقول لیس فی أخبار الباب ما یکون حاکما على قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة بل هی مطلقة أقصاها کونها من قبیل قولهم ع کل شی‏ء لک حلال أو کل شی‏ء فیه حلال و حرام فهو لک حلال. و قد تقرر حکومة قاعدة الاحتیاط على ذلک فلا بد حینئذ من حمل الأخبار على مورد لا تقتضی القاعدة لزوم الاجتناب عنه کالشبهة غیر المحصورة أو المحصورة التی لم یکن کل محتملاتها موردا لابتلاء المکلف- أو على أن ما یتصرف فیه الجائر بالإعطاء یجوز أخذه حملا لتصرفه على الصحیح أو لأن تردد الحرام بین ما ملکه الجائر و بین غیره من قبیل التردد بین ما ابتلی به المکلف و ما لم یبتل به و هو ما لم یعرضه الجائر لتملیکه فلا یحرم قبول ما ملکه لدوران الحرام بینه و بین ما لم یعرضه لتملیکه فالتکلیف بالاجتناب عن الحرام الواقعی غیر منجز علیه کما أشرنا إلیه سابقا فلو فرضنا موردا خارجا عن هذه الوجوه المذکورة کما إذا أراد أخذ شی‏ء من ماله مقاصة أو أذن له الجائر فی أخذ شی‏ء من أمواله على سبیل التخییر أو علم أن المجیز قد أجازه من المال المختلط فی اعتقاده بالحرام بناء على أن الید لا تؤثر فی حل ما کلف ظاهرا بالاجتناب عنه کما لو علمنا أن شخصا أعارنا أحد الثوبین المشتبهین فی نظره فإنه لا یحکم بطهارته. فالحکم فی هذه الصور بجواز أخذ بعض ذلک مع العلم بوجود الحرام فیه و طرح قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة فی غایة الإشکال بل الضعف.

فلنذکر النصوص الواردة فی هذا المقام و نتکلم فی مقدار شمول کل واحد منها بعد ذکره حتى یعلم عدم نهوضها للحکومة على القاعدة. فمن الأخبار التی استدل بها فی هذا المقام قول الإمام الصادق ع: کل شی‏ء فیه حلال و حرام فهو لک حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعینه فتدعه و قوله ع: کل شی‏ء هو لک حلال حتى تعرف أنه حرام بعینه و لا یخفى أن المستند فی المسألة- لو کان مثل هذا لکان الواجب إما التزام أن القاعدة فی الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتیاط مطلقا کما علیه شرذمة من متأخری المتأخرین أو أن مورد الشبهة المحصورة من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب و على أی تقدیر فهو على طرف النقیض مما تقدم عن المسالک.

و منها صحیحة أبی ولاد قال: قلت لأبی عبد الله ع ما ترى فی رجل یلی أعمال السلطان لیس له مکسب إلا من أعمالهم و أنا أمر به و أنزل علیه فیضیفنی و یحسن إلى و ربما أمر لی ب الدراهم و الکسوة و قد ضاق صدری من ذلک فقال لی کل و خذ منها فلک المهنأ و علیه الوزر إلى آخر الخبر. و الاستدلال بها على المدعى لا یخلو عن نظر لأن الاستشهاد إن کان من حیث حکمه ع بحل مال العامل المجیز للسائل- فلا یخفى أن الظاهر من هذه الروایة و من غیرها من الروایات حرمة ما یأخذه عمال السلطان بإزاء عملهم له و أن العمل للسلطان من المکاسب المحرمة فالحکم بالحل لیس إلا من حیث احتمال کون ما یعطى من غیر أعیان ما یأخذه من السلطان بل مما اقترضه أو اشتراه فی الذمة و أما من حیث إن ما یقع من العامل بید السائل لکونه من مال السلطان حلال لمن وجده فیتم الاستشهاد لکن فیه مع أن الاحتمال الأول مسقط للاستدلال على حل المشتبه المحصور الذی تقتضی القاعدة لزوم الاحتیاط فیه لأن الاعتماد حینئذ على الید کما لو فرض مثله فی غیر الظلمة أن الحکم بالحل على هذا الاحتمال غیر وجیه إلا على تقدیر کون المال المذکور من الخراج و المقاسمة المباحین للشیعة إذ لو کان من صلب مال السلطان أو غیره لم یتجه حله لغیر المالک بغیر رضاه لأن المفروض حرمته على العامل لعدم احترام عمله و کیف کان فالروایة إما من أدلة حل مال السلطان المحمول بحکم الغلبة إلى الخراج و المقاسمة و إما من أدلة حل المأخوذ من المسلم لاحتمال کون المعطی مالکا له و لا اختصاص له بالسلطان أو عماله أو مطلق الظالم أو غیره و أین هذا من المطلب الذی هو حل ما فی ید الجائر مع العلم إجمالا بحرمة بعضه المقتضی مع حصر الشبهة للاجتناب عن جمیعه‏.

و مما ذکرنا یظهر الکلام فی مصححة أبی المعزى: أمر بالعامل فیجیزنی‏ بالدراهم آخذها قال نعم قلت و أحج بها قال نعم و روایة محمد بن هشام: أمر بالعامل فیصلنی بالصلة أقبلها قال نعم قلت و أحج بها قال نعم و حج بها و روایة محمد بن مسلم و زرارة عن أبی جعفر ع: جوائز السلطان لیس بها بأس‏. إلى غیر ذلک من الإطلاقات التی لا تشمل من صورة العلم الإجمالی بوجود الحرام إلا الشبهة غیر المحصورة.

و على تقدیر شمولها لصورة العلم الإجمالی مع انحصار الشبهة فلا تجدی- لأن الحل فیها مستند إلى تصرف الجائر بالإباحة و التملیک و هو محمول على الصحیح مع أنه لو أغمض النظر عن هذا أو رد ب شمول الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات فی نظره بالشبهة المحصورة و لا یجری هنا أصالة الصحة فی تصرفه فیمکن استناد الحل فیها إلى ما ذکر سابقا من أن تردد الحرام بین ما أباحه الجائر أو ملکه و بین ما بقی تحت یده من الأموال التی لا دخل فیها للشخص المجاز تردد بین ما ابتلی به المکلف من المشتبهین و بین ما لم یبتل به و لا یجب الاجتناب حینئذ عن شی‏ء منهما من غیر فرق بین هذه المسألة و غیرها من موارد الاشتباه مع کون أحد المشتبهین مختصا بابتلاء المکلف به ثم لو فرض نص مطلق فی حل هذه الشبهة مع قطع النظر عن التصرف و عدم الابتلاء بکلا المشتبهین لم ینهض للحکومة على قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة کما لا ینهض ما تقدم من قولهم ع کل شی‏ء حلال إلى آخر الحدیث. و مما ذکرنا یظهر أن إطلاق الجماعة لحل ما یعطیه الجائر مع عدم العلم بحرمته عینا إن کان شاملا لصورة العلم الإجمالی بوجود حرام فی الجائزة مردد بین هذا و بین غیره مع انحصار الشبهة إنما هو مستند إلى حمل تصرفه على الصحة، أو على عدم الاعتناء بالعلم الإجمالی لعدم ابتلاء المکلف بالجمیع لا لکون هذه المسألة خارجة بالنص عن حکم الشبهة المحصورة. نعم قد یخدش فی حل تصرف الظالم على الصحیح- من حیث إنه مقدم على التصرف فیما فی یده من المال المشتمل على الحرام- على وجه عدم المبالاة بالتصرف فی الحرام فهو کمن أقدم على ما فی یده من المال المشتبه المختلط عنده بالحرام و لم یقل أحد بحمل تصرفه حینئذ على الصحیح لکن الظاهر أن هذه الخدشة غیر مسموعة عند الأصحاب فإنهم لا یعتبرون فی الحمل على الصحیح احتمال تورع المتصرف عن التصرف الحرام لکونه حراما بل یکتفون باحتمال صدور الصحیح منه و لو لدواع أخرى-. و أما عدم الحمل فیما إذا أقدم المتصرف على الشبهة المحصورة الواقعة تحت یده فلفساد تصرفه فی ظاهر الشرع فلا یحمل على الصحیح الواقعی، فتأمل، فإن المقام لا یخلو عن إشکال.

و على أی تقدیر فلم یثبت من النص و لا الفتوى مع شرائط إعمال قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة عدم وجوب الاجتناب فی المقام و إلغاء تلک القاعدة. و أوضح ما فی هذا الباب من عبارات الأصحاب ما فی السرائر حیث قال إن کان یعلم أن فیه شیئا مغصوبا إلا أنه غیر متمیز العین بل هو مخلوط فی غیره من أمواله أو غلاته التی یأخذها على جهة الخراج فلا بأس أیضا بشرائه منها و قبول صلته منها لأنها صارت بمنزلة المستهلک لأنه غیر قادر على ردها بعینها انتهى. و قریب منها ظاهر عبارة النهایة بدون ذکر التعلیل و لا ریب أن الحلی لم یستند فی تجویز أخذ المال المردد إلى النص بل إلى ما زعمه من القاعدة و لا یخفى عدم تمامیتها إلا أن یرید بها الشبهة غیر المحصورة بقرینة الاستهلاک فتأمل.

و أما الصورة الثالثة أن یعلم تفصیلا حرمة ما یأخذه و لا إشکال فی حرمته حینئذ على الآخذ إلا أن الکلام فی حکمه إذا وقع فی یده‏، فنقول علمه بحرمته إما أن یکون قبل وقوعه فی یده و إما أن یکون بعده‏ فإن کان قبله لم یجز له أن یأخذه بغیر نیة الرد إلى صاحبه سواء أخذه اختیارا أم تقیة لأن أخذه بغیر هذه النیة تصرف لم یعلم رضا صاحبه به و التقیة تتأدى بقصد الرد فإن أخذه بغیر هذه النیة کان غاصبا ترتبت علیه أحکامه و إن أخذه بنیة الرد کان محسنا و کان فی یده أمانة شرعیة.

و إن کان العلم بها بعد وقوعه فی یده‏ کان کذلک أیضا و یحتمل قویا الضمان هنا لأنه أخذه بنیة التملک لا بنیة الحفظ و الرد و مقتضى عموم على الید الضمان. و ظاهر المسالک عدم الضمان رأسا مع القبض جاهلا- قال لأنه ید أمانة فتستصحب و حکی موافقته عن العلامة الطباطبائی رحمه الله فی مصابیحه لکن المعروف من المسالک و غیره فی مسألة ترتب الأیدی على مال الغیر ضمان کل منهم و لو مع الجهل غایة الأمر رجوع الجاهل على العالم- إذا لم یقدم على أخذه مضمونا- و لا إشکال عندهم ظاهرا فی أنه لو استمر جهل القابض المتهب إن تلف فی یده کان للمالک الرجوع علیه و لا دافع لهذا المعنى مع حصول العلم بکونه مال الغیر ف یستصحب ضمان لا عدمه. و ذکر فی المسالک فیمن استودعه الغاصب مالا مغصوبا أنه یرده إلیه مع الإمکان و لو أخذه منه قهرا ففی الضمان نظر و الذی تقتضیه قواعد الغصب أن للمالک الرجوع على أیهما شاء و إن کان قرار الضمان على الغاصب انتهى. و الظاهر أن مورد کلامه ما إذا أخذ الودعی المال من الغاصب جهلا بغصبه ثم تبین له و هو الذی حکم فیه هنا بعدم الضمان لو استرده الظالم المجیز أو تلف بغیر تفریط.

و على أی حال فیجب على المجاز رد الجائزة بعد العلم بغصبیتها إلى مالکها أو ولیه‏ و الظاهر أنه لا خلاف فی کونه فوریا. نعم تسقط بإعلام صاحبه به و ظاهر أدلة وجوب أداء الأمانة وجوب الإقباض و عدم کفایة التخلیة إلا أن یدعى أنها فی مقام حرمة الحبس و وجوب التمکین لا تکلیف الأمین بالإقباض و من هنا ذکر غیر واحد کما عن التذکرة و المسالک و جامع المقاصد أن المراد برد الأمانة رفع الید عنها و التخلیة بینه و بینها و على هذا فیشکل حملها إلیه لأنه تصرف لم یؤذن فیه إلا إذا کان الحمل مساویا لمکانة الموجود فیه أو أحفظ فإن الظاهر جواز نقل الأمانة الشرعیة من مکان إلى ما لا یکون أدون من الأول فی الحفظ.

و لو جهل صاحبه وجب الفحص مع الإمکان لتوقف الأداء الواجب بمعنى التمکین و عدم الحبس على الفحص- مضافا إلى الأمر به فی الدین المجهول المالک ثم لو ادعاه مدع ففی سماع قول من یدعیه مطلقا لأنه لا معارض له- أو مع الوصف تنزیلا له منزلة اللقطة أو یعتبر الثبوت شرعا للأصل وجوه و یحتمل غیر بعید عدم وجوب الفحص لإطلاق غیر واحد من الأخبار ثم إن المناط صدق اشتغال الرجل بالفحص نظیر ما ذکروه فی تعریف اللقطة.

و لو احتاج الفحص إلى بذل مال‏ کأجرة دلال صائح علیه فالظاهر عدم وجوبه على الواجد بل یتولاه الحاکم ولایة عن صاحبه- و یخرج عن العین أجرة الدلال ثم یتصدق بالباقی إن لم یوجد صاحبه و یحتمل وجوبه علیه لتوقف الواجب علیه. و ذکر جماعة فی اللقطة أن أجرة التعریف على الواجد لکن حکی عن التذکرة أنه إن قصد الحفظ دائما یرجع أمره إلى الحاکم لیبذل أجرته من بیت‏ المال أو یستقرض على المالک أو یبیع بعضها إن رءاه أصلح و استوجه ذلک جامع المقاصد.

ثم إن الفحص لا یتقید بالسنة على ما ذکره الأکثر هنا بل حده الیأس و هو مقتضى الأصل- القول بوجوب الفحص سنة فی المال المغصوب إلا أن المشهور کما فی جامع المقاصد أنه إذا أودع الغاصب مال الغصب لم یجز الرد إلیه بل یجب رده إلى مالکه فإن جهل عرف سنة ثم یتصدق به عنه‏. و به روایة حفص بن غیاث لکن موردها فی من أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللص مسلم فهل یرد علیه فقال لا یرده فإن أمکنه أن یرده على صاحبه فعل و إلا کان فی یده بمنزلة اللقطة یصیبها فیعرفها حولا فإن أصاب صاحبها ردها علیه و إلا تصدق بها فإن جاء صاحبها بعد ذلک خیر بین الغرم و الأجر فإن اختار الأجر فالأجر له و إن اختار الغرم غرم له و کان الأجر له و قد تعدى الأصحاب من اللص إلى مطلق الغاصب بل الظالم و لم یتعدوا من الودیعة المجهول مالکها إلى مطلق ما یعطیه الغاصب و لو بعنوان غیر الودیعة کما فیما نحن فیه. نعم ذکر فی السرائر فیما نحن فیه أنه روی أنه بمنزلة اللقطة ففهم التعدی من الروایة. و ذکر فی السرائر أن إجراء حکم اللقطة فیما نحن فیه لیس ببعید کما أنه عکس فی النهایة و التحریر فألحقا الودیعة بمطلق مجهول المالک. و الإنصاف أن الروایة یعمل بها فی الودیعة و فیما أخذ من الغاصب بعنوان الحسبة للمالک لا مطلق ما أخذ منه حتى لمصلحة الآخذ فإن الأقوى فیه تحدید التعریف بالیأس للأصل بعد اختصاص المخرج عنه بما عدا ما نحن فیه مضافا إلى ما ورد من الأمر بالتصدق بمجهول المالک مع عدم معرفة المالک کما فی الروایة الواردة فی بعض عمال بنی أمیة من الأمر بالصدقة بما لا یعرف صاحبه‏ مما یقع فی یده من أموال الناس بغیر حق.

ثم الحکم بالصدقة هو المشهور فیما نحن فیه أعنی جوائز الظالم‏ و نسبه فی السرائر إلى روایة أصحابنا فهی مرسلة مجبورة بالشهرة المحققة مؤیدة بأن التصدق أقرب طرق الإیصال. و ما ذکره الحلی من إبقائها أمانة فی یده و الوصیة بها معرض المال للتلف مع أنه لا یبعد دعوى شهادة حال المالک للقطع برضاه بانتفاعه بماله فی الآخرة على تقدیر عدم انتفاعه به فی الدنیا.

هذا و العمدة ما أرسله فی السرائر مؤیدا بأخبار اللقطة و ما فی منزلتها و ببعض الأخبار الواردة فی حکم ما فی ید بعض عمال بنی أمیة الشامل بإطلاقه لما نحن فیه من جوائز بنی أمیة: حیث قال له ع أخرج من جمیع ما اکتسبت فی دیوانهم فمن عرفت منهم رددت علیه ماله و من لم تعرف تصدقت به. و یؤیده أیضا الأمر بالتصدق بما یجتمع عند الصیاغین من أجزاء النقدین و ما ورد من الأمر بالتصدق بغلة الوقف المجهول أربابه و ما ورد من الأمر بالتصدق بما یبقى فی ذمة الشخص لأجیر استأجره و مثله مصححة یونس: فقلت جعلت فداک کنا مرافقین لقوم بمکة فارتحلنا عنهم و حملنا بعض متاعهم بغیر علم و قد ذهب القوم و لا نعرفهم و لا نعرف أوطانهم و قد بقی المتاع عندنا فما نصنع به قال ع تحملونه حتى تحملوه إلى الکوفة قال یونس قلت له لست أعرفهم و لا ندری کیف نسأل عنهم قال بعه و أعط ثمنه أصحابک قلت جعلت فداک أهل الولایة قال نعم. نعم یظهر من بعض الروایات أن مجهول المالک مال الإمام ع‏ کروایة داود بن أبی یزید عن أبی عبد الله قال: قال له رجل إنی قد أصبت مالا و إنی قد خفت فیه على نفسی فلو أصبت صاحبه دفعته إلیه و تخلصت منه فقال له أبو عبد الله‏ ع لو أصبته کنت تدفعه إلیه فقال إی و الله فقال ع فأنا و الله ما له صاحب غیری قال فاستحلفه أن یدفعه إلى من یأمره قال فحلف قال فاذهب فاقسمه بین إخوانک و لک الأمن مما خفت فیه قال فقسمته بین إخوانی هذا.

و أما ما ذکرناه فی وجه التصدق من أنه إحسان و أنه أقرب طرق الإیصال و أن الإذن فیه حاصل بشهادة الحال فلا یصلح شی‏ء منها للتأیید فضلا عن الاستدلال لمنع جواز کل إحسان فی مال الغائب و منع کونه أقرب طرق الإیصال بل الأقرب دفعه إلى الحاکم الذی هو ولی الغائب-. و أما شهادة الحال فغیر مطردة إذ بعض الناس لا یرضى بالتصدق لعدم یأسه عن وصوله إلیه خصوصا إذا کان المالک مخالفا أو ذمیا یرضى بالتلف و لا یرضى بالتصدق على الشیعة.

فمقتضى القاعدة لو لا ما تقدم من النص هو لزوم الدفع إلى الحاکم‏ ثم الحاکم یتبع شهادة حال المالک فإن شهدت برضاه بالصدقة أو بالإمساک عمل علیها و إلا تخیر بینهما لأن کلا منهما تصرف لم یؤذن فیه من المالک و لا بد من أحدهما و لا ضمان فیهما و یحتمل قویا تعین الإمساک لأن الشک فی جواز التصدق یوجب بطلانه لأصالة الفساد. و أما بملاحظة ورود النص بالتصدق فالظاهر عدم جواز الإمساک أمانة لأنه تصرف لم یؤذن فیه من المالک و لا الشارع و یبقى الدفع إلى الحاکم و التصدق.

و قد یقال إن مقتضى الجمع بینه و بین دلیل ولایة الحاکم- هو التخییر بین الصدقة و الدفع إلى الحاکم فلکل منهما الولایة و یشکل بظهور النص فی تعیین الصدقة. نعم یجوز الدفع إلیه من حیث ولایته على مستحقی الصدقة و کونه أعرف بمواقعها.

و یمکن أن یقال إن أخبار التصدق واردة فی مقام إذن الإمام بالصدقة- أو محمولة على بیان المصرف فإنک إذا تأملت فی کثیر من التصرفات الموقوفة على إذن الحاکم وجدتها واردة فی النصوص على طریق الحکم العام کإقامة البینة و الإحلاف و المقاصة.

و کیف کان فالأحوط خصوصا بملاحظة ما دل على أن مجهول المالک مال الإمام ع مراجعة الحاکم فی الدفع إلیه أو استیذانه و یتأکد ذلک فی الدین المجهول المالک إذا الکلی لا یتشخص للغریم إلا بقبض الحاکم الذی هو ولیه و إن کان ظاهر الأخبار الواردة فیه ثبوت الولایة للمدین‏. ثم إن حکم تعذر الإیصال إلى المالک المعلوم تفصیلا حکم جهالة المالک‏ و تردده بین غیر محصورین فی التصدق استقلالا أو بإذن الحاکم کما صرح به جماعة منهم المحقق فی الشرائع و غیره‏.

ثم إن مستحق هذه الصدقة هو الفقیر لأنه المتبادر من إطلاق الأمر بالتصدق‏.

و فی جواز إعطائها للهاشمی قولان‏ من أنها صدقة مندوبة على المالک و إن وجبت على من هی بیده إلا أنه نائب کالوکیل و الوصی و من أنها مال تعین صرفه بحکم الشارع لا بأمر المالک حتى تکون مندوبة مع أن کونها من المالک غیر معلوم فلعلها ممن تجب علیه‏.

ثم إن فی الضمان لو ظهر المالک و لم یرض بالتصدق و عدمه‏ مطلقا أو بشرط عدم ترتب ید الضمان کما إذا أخذه من الغاصب حسبة لا بقصد التملیک وجوه من أصالة براءة ذمة المتصدق و أصالة لزوم الصدقة بمعنى عدم انقلابها عن الوجه الذی وقعت علیه و من عموم ضمان من أتلف. و لا ینافیه إذن الشارع لاحتمال أنه أذن فی التصدق على هذا الوجه کإذنه فی التصدق باللقطة المضمونة بلا خلاف و بما استودع من الغاصب و لیس هنا أمر مطلق بالتصدق ساکت عن ذکر الضمان حتى یستظهر منه عدم الضمان مع السکوت عنه و لکن یضعف هذا الوجه بأن ظاهر دلیل الإتلاف کونها علة تامة للضمان و ما نحن فیه لیس کذلک و إیجابه للضمان مراعى بعدم إجازة المالک یحتاج إلى دلیل آخر إلا أن یقال إنه ضامن بمجرد التصدق و یرتفع بإجازته فتأمل.

هذا مع أن الظاهر من دلیل الإتلاف اختصاصه بالإتلاف على المالک لا الإتلاف له و الإحسان إلیه و المفروض أن الصدقة إنما قلنا بها لکونها إحسانا و أقرب طرق الإیصال بعد الیأس من وصول إلیه. و أما احتمال کون التصدق مراعى کالفضولی- ف مفروض الانتفاء إذ لم یقل أحد برجوع المالک على الفقیر مع بقاء العین و انتقال الثواب من شخص إلى غیره حکم شرعی و کیف کان فلا مقتضى للضمان- و إن کان مجرد الإذن فی الصدقة غیر مقتض لعدمه فلا بد من الرجوع إلى الأصل لکن الرجوع إلى أصالة البراءة إنما یصح فیما لم تسبق ید الضمان و هو ما إذا أخذ المال من الغاصب حسبة و أما إذا تملکه منه ثم علم بکونه مغصوبا فالأجود استصحاب الضمان فی هذه الصورة لأن المتیقن هو ارتفاع الضمان بالتصرف الذی یرضى به المالک بعد الاطلاع لا مطلقا.

فتبین أن التفصیل بین ید الضمان و غیرها أوفق بالقاعدة لکن الأوجه الضمان مطلقا إما تحکیما للاستصحاب حیث یعارض البراءة و لو بضمیمة عدم القول بالفصل و إما للمرسلة المتقدمة عن السرائر و إما لاستفادة ذلک من خبر الودیعة إن لم نتعد عن مورده إلى ما نحن فیه من جعله بحکم اللقطة لکن یستفاد منه أن الصدقة بهذا الوجه حکم الیأس عن المالک‏.

ثم الضمان هل یثبت بمجرد التصدق و إجازته رافعة أو یثبت بالرد من حینه أو من حین التصدق وجوه من دلیل الإتلاف و الاستصحاب و من أصالة عدم الضمان قبل الرد- و من ظاهر الروایة المتقدمة فی أنه بمنزلة اللقطة.

و لو مات المالک ففی قیام وارثه مقامه فی إجازة التصدق و رده وجه قوی لأن ذلک من قبیل الحقوق المتعلقة بتلک الأموال فیورث کغیره من الحقوق و یحتمل العدم لفرض لزوم التصدق بالنسبة إلى العین فلا حق لأحد فیه و المتیقن من‏ الرجوع إلى القیمة هو المالک.

و لو مات المتصدق فرد المالک فالظاهر خروج الغرامة من ترکته لأنه من الحقوق المالیة اللازمة علیه بسبب فعله‏.

هذا کله على تقدیر مباشرة المتصدق له و لو دفعه إلى الحاکم فتصدق به بعد الیأس فالظاهر عدم الضمان لبراءة ذمة الشخص بالدفع إلى ولی الغائب و تصرف الولی کتصرف المولى علیه و یحتمل الضمان لأن الغرامة هنا لیست لأجل ضمان المال و عدم نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتى یفرق بین تصرف الولی و غیره لثبوت الولایة للمتصدق فی هذا التصرف لأن المفروض ثبوت الولایة له کالحاکم و لذا لا تسترد العین من الفقیر إذا رد المالک فالتصرف لازم و الغرامة حکم شرعی تعلقت بالمتصدق کائنا من کان فإذا کان المکلف بالتصدق هو من وقع فی یده لکونه هو المأیوس و الحاکم وکیلا کان الغرم على الموکل و إن کان المکلف هو الحاکم لوقوع المال فی یده قبل الیأس عن مالکه فهو المکلف بالفحص ثم التصدق کان الضمان علیه.

و أما الصورة الرابعة- و هو ما علم إجمالا اشتمال الجائزة على الحرام‏، فاما أن یکون الاشتباه موجبا لحصول الإشاعة و الاشتراک و إما أن لا یکون. و على الأول فالقدر و المالک إما معلومان أو مجهولان أو مختلفان و على الأول فلا إشکال. و على الثانی المعروف إخراج الخمس على تفصیل مذکور فی باب الخمس و لو علم القدر فقد تقدم فی القسم الثالث و لو علم المالک وجب التخلص معه بالمصالحة و على الثانی تتعین القرعة أو البیع و الاشتراک فی الثمن و تفصیل ذلک کله فی کتاب الخمس‏.

و اعلم أن أخذ ما فی ید الظالم ینقسم باعتبار نفس الأخذ إلى الأحکام الخمسة و باعتبار نفس المال إلى المحرم و المکروه و الواجب فالمحرم ما علم کونه من‏ مال الغیر مع عدم رضاه بالأخذ و المکروه المال المشتبه و الواجب ما یجب استنقاذه من یده من حقوق الناس حتى أنه یجب على الحاکم الشرعی استنقاذ ما فی ذمته من حقوق السادة و الفقراء و لو بعنوان المقاصة بل یجوز ذلک لآحاد الناس خصوصا نفس المستحقین مع تعذر استیذان الحاکم‏.

و کیف کان فالظاهر أنه لا إشکال فی کون ما فی ذمته من قیم المتلفات غصبا من جملة دیونه نظیر ما استقر فی ذمته بقرض أو ثمن مبیع أو صداق أو غیرها. و مقتضى القاعدة کونها کذلک بعد موته فیقدم جمیع ذلک على الإرث و الوصیة إلا أنه ذکر بعض الأساطین أن ما فی یده من المظالم تالفا- لا یلحقه حکم الدیون فی التقدیم على الوصایا و المواریث لعدم انصراف الدین إلیه و إن کان منه و بقاء عموم الوصیة و المیراث على حاله و للسیرة المأخوذة یدا بید من مبدإ الإسلام إلى یومنا هذا فعلى هذا لو أوصى بها بعد التلف أخرجت من الثلث و فیه منع عدم الانصراف فإنا لا نجد بعد مراجعة العرف فرقا بین ما أتلفه هذا الظالم عدوانا و بین ما أتلفه نسیانا و لا بین ما أتلفه هذا الظالم عدوانا و بین ما أتلفه شخص آخر من غیر الظلمة مع أنه لا إشکال فی جریان أحکام الدین علیه فی حال حیاته من جواز المقاصة من ماله کما هو المنصوص و لعدم تعلق الخمس و الاستطاعة و غیر ذلک فلو تم عدم الانصراف لزم إهمال الأحکام المنوطة بالدین وجودا و عدما من غیر فرق بین حیاته و موته. و ما ادعاه من السیرة فهو ناش من قلة مبالاة الناس کما هو دینهم فی أکثر السیر التی استمروا علیها و لذا لا یفرقون فی ذلک بین الظلمة و غیرهم ممن علموا باشتغال ذمتهم بحقوق الناس من جهة حق السادة و الفقراء أو من جهة العلم بفساد أکثر معاملاتهم و لا فی إنفاذ وصایا الظلمة و توریث ورثتهم بین اشتغال ذممهم بعوض المتلفات و أرش الجنایات و بین اشتغالهم بدیونهم المستقرة علیهم من‏ معاملاتهم و صدقاتهم الواجبة علیهم و لا بین ما علم المظلوم فیه تفصیلا و بین ما لم یعلم فإنک إذا تتبعت أحوال الظلمة وجدت ما استقر فی ذممهم من جهة المعاوضات و المداینات مطلقا أو من جهة خصوص أشخاص معلومین تفصیلا أو مشتبهین فی محصور کافیا فی استغراق ترکتهم المانع من التصرف فیها بالوصیة أو الإرث. و بالجملة فالتمسک بالسیرة المذکورة أوهن من دعوى عدم الانصراف السابقة فالخروج بها عن القواعد المنصوصة المجمع علیها غیر متوجه. ***