حضرت امام جعفر صادق عليه‌السلام نے فرمایا: اللہ نہ تو کسی کو مجبور کرتا ہے اور نہ ہی (اُس نے) تمام کام کسی کے حوالے کردئیے ہیں بلکہ معاملہ دونوں باتوں کے درمیان ہے۔ اصول کافی کتاب التوحید باب الجبر والقدر حدیث13

*کتاب المکاسب*
فی المکاسب المحرمة
تقسیم المکاسب إلى الأحکام الخمسة
النوع‏ الأول الاکتساب بالأعیان النجسة عدا ما استثنی
المسئلة الأولى یحرم المعاوضة على بول
المسئلة الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة
المسئلة الثالثة یحرم المعاوضة على الدم
المسئلة الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی‏
المسئلة الخامسة تحرم المعاوضة على المیتة
المسئلة السادسة یحرم التکسب بالکلب و الخنزیر
المسئلة السابعة یحرم التکسب بالخمر
المسئلة الثامنة یحرم المعاوضة على الأعیان المتنجسة
و أما المستثنى من الأعیان المتقدمة
المسئلة الأولى یجوز بیع المملوک الکافر
المسئلة الثانیة یجوز المعاوضة على غیر کلب الهراش
المسئلة الثالثة المعاوضة على العصیر العنبی‏
المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏
بقی الکلام فی حکم نجس العین
النوع الثانی مما یحرم التکسب به لتحریم ما یقصد به‏
القسم الأول ما لا یقصد من وجوده إلا الحرام‏
منها هیاکل العبادة المبتدعة
منها آلات القمار بأنواعه
منها آلات اللهو على اختلاف أصنافها
منها أوانی الذهب و الفضة
منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس‏
القسم الثانی ما یقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
المسئلة الأولى بیع العنب على أن یعمل خمرا
المسألة الثانیة یحرم المعاوضة على الجاریة المغنیة
المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا
القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا
النوع الثالث ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها
النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما‏
المسألة الأولى تدلیس الماشطة
المسألة الثانیة تزیبن الرجل بما یحرم علیه
المسألة الثالثة التشبیب بالمرأة
المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح
المسألة الخامسة التطفیف
المسألة السادسة التنجیم
المسألة السابعة حفظ کتب الضلال
المسألة الثامنة الرشوة
المسئلة التاسعة سب المؤمنین
المسئلة العاشرة السحر
المسئلة الحادیة عشرة الشعبذة
المسئلة الثانیة عشرة الغش
المسئلة الثالثة عشرة الغناء
المسئلة الرابعة عشرة الغیبة
المسئلة الخامسة عشرة القمار
المسئلة السادسة عشرة القیادة
المسئلة السابعة عشرة القیافة
المسئلة الثامنة عشرة الکذب
المسئلة التاسعة عشرة الکهانة
المسئلة العشرون اللهو
المسئلة الحادیة و العشرون مدح من لا یستحق المدح
المسئلة الثانیة و العشرون معونة الظالمین
المسئلة الثالثة و العشرون النجش
المسئلة الرابعة و العشرون النمیمة
المسئلة الخامسة و العشرون النوح بالباطل‏
المسئلة السادسة و العشرون الولایة من قبل الجائر
و ینبغی التنبیه على أمور
خاتمة فیما ینبغی للوالی العمل به فی نفسه و فی رعیته‏
المسئلة السابعة و العشرون هجاء المؤمن
المسئلة الثامنة و العشرون الهجر
النوع‏ الخامس حرمة التکسب بالواجبات
الأولى بیع المصحف‏
الثانیة جوائز السلطان و عماله
الثالثة ما یأخذه السلطان لأخذ الخراج و المقاسمة
التنبیه الاول
التنبیه الثانی
التنبیه الثالث
التنبیه الرابع
التنبیه الخامس
التنبیه السادس
التنبیه السابع
التنبیه الثامن

مکاسب حصہ اول

النوع‏ الخامس حرمة التکسب بالواجبات

النوع‏ الخامس مما یحرم التکسب به ما یجب على الإنسان فعله‏ عینا أو کفایة تعبدا أو توصلا على المشهور کما فی المسالک بل عن مجمع البرهان‏ کان دلیله الإجماع و الظاهر أن نسبته إلى الشهرة فی المسالک فی مقابل قول السید المخالف فی وجوب تجهیز المیت على غیر الولی لا فی حرمة أخذ الأجرة على تقدیر الوجوب علیه. و فی جامع المقاصد الإجماع على عدم جواز أخذ الأجرة على تعلیم صیغة النکاح أو إلقائها على المتعاقدین انتهى. و کأن لمثل هذا و نحوه ذکر فی الریاض أن على هذا الحکم الإجماع فی کلام جماعة و هو الحجة انتهی.

و اعلم أن موضوع هذه المسألة ما إذا کان للواجب على العامل منفعة تعود إلى من یبذل بإزائه المال کما لو کان کفائیا و أراد سقوطه منه فاستأجر غیره أو کان عینیا على العامل و رجع نفعه منه إلى باذل المال کالقضاء للمدعی إذا وجب عینا. و بعبارة أخرى مورد الکلام ما لو فرض مستحبا لجاز الاستیجار علیه لا أن الکلام فی کون مجرد الوجوب على الشخص مانعا عن أخذ الأجرة علیه فمثل فعل الشخص صلاة الظهر عن نفسه لا یجوز أخذ الأجرة علیه لا لوجوبها بل لعدم وصول عوض المال إلى باذله ف إن النافلة أیضا کذلک‏.

و من هنا یعلم فساد الاستدلال على هذا المطلب بمنافاة ذلک للإخلاص فی العمل‏ لانتقاضه طردا و عکسا بالمندوب و الواجب التوصلی. و قد یرد ذلک بأن تضاعف الوجوب بسبب الإجارة یؤکد الإخلاص و فیه مضافا إلى اقتضاء ذلک الفرق بین الإجارة و الجعالة حیث إن الجعالة لا توجب العمل على العامل أنه إن أرید أن تضاعف الوجوب یؤکد اشتراط الإخلاص ف لا ریب أن الوجوب الحاصل بالإجارة توصلی لا یشترط فی حصول ما وجب به قصد القربة مع أن غرض المستدل منافاة قصد أخذ المال لتحقق الإخلاص فی العمل لا لاعتباره فی وجوبه.

و إن أرید أنه یؤکد تحقق الإخلاص من العامل ف هو مخالف للواقع قطعا لأن ما لا یترتب علیه أجر دنیوی أخلص مما یترتب علیه ذلک بحکم الوجدان هذا مع أن الوجوب الناشئ من الإجارة إنما یتعلق بالوفاء بعقد الإجارة. و مقتضى الإخلاص المعتبر فی ترتب الثواب على موافقة هذا الأمر و لو لم یعتبر فی سقوطه هو إتیان الفعل من حیث استحقاق المستأجر له بإزاء ماله فهذا المعنى ینافی وجوب إتیان العبادة لأجل استحقاقه تعالى إیاه و لذا لو لم یکن هذا العقد واجب الوفاء کما فی الجعالة لم یمکن قصد الإخلاص مع قصد استحقاق العوض فلا إخلاص هنا حتى یؤکده وجوب الوفاء بعد إیجاب بالإجارة فالمانع حقیقة هو عدم القدرة على إیجاد الفعل الصحیح بإزاء العوض سواء أ کانت المعاوضة لازمة أم جائزة.

و أما تأتی القربة فی العبادات المستأجرة فلأن الإجارة إنما تقع على الفعل المأتی به تقربا إلى الله نیابة عن فلان.

توضیحه أن الشخص یجعل نفسه نائبا عن فلان فی العمل متقربا إلى الله فالمنوب عنه یتقرب إلیه تعالى بعمل نائبه و تقربه و هذا الجعل فی نفسه مستحب لأنه إحسان إلى المنوب عنه و إیصال نفع إلیه و قد یستأجر الشخص علیه فیصیر واجبا ب الإجارة وجوبا توصلیا لا یعتبر فیه التقرب فالأجیر إنما یجعل نفسه لأجل استحقاق الأجرة نائبا عن الغیر فی إتیان العمل الفلانی تقربا إلى الله فالأجرة فی مقابل النیابة فی العمل المتقرب به إلى الله التی مرجع نفعها إلى المنوب عنه و هذا بخلاف ما نحن فیه لأن الأجرة هنا فی مقابل العمل تقربا إلى الله لأن العمل بهذا الوجه لا یرجع نفعه إلى العامل لأن المفروض أنه یمتثل ما وجب على نفسه بل فی مقابل نفس العمل فهو یستحق نفس العمل و المفروض أن الإخلاص هو إتیان العمل لخصوص أمر الله تعالى و التقرب یقع للعامل دون الباذل و وقوعه‏ للعامل یتوقف على أن لا یقصد بالعبادة سوى امتثال أمر الله تعالى. فإن قلت یمکن للأجیر أن یأتی بالفعل مخلصا لله تعالى بحیث لا یکون للإجارة دخل فی إتیانه فیستحق الأجرة فالإجارة غیر مانعة من قصد الإخلاص. قلت الکلام فی أن مورد الإجارة لا بد أن یکون عملا قابلا لأن یوفی به بعقد الإجارة و یؤتى به لأجل استحقاق المستأجر إیاه و من باب تسلیم مال الغیر إلیه و ما کان من قبیل العبادة غیر قابل لذلک. فإن قلت یمکن أن تکون غایة الفعل التقرب و المقصود من إتیان هذا الفعل المتقرب به استحقاق الأجرة کما یؤتى بالفعل تقربا إلى الله و یقصد منه حصول المطالب الدنیویة کأداء الدین و سعة الرزق و غیرهما من الحاجات الدنیویة. قلت فرق بین الغرض الدنیوی المطلوب من الخالق الذی یتقرب إلیه بالعمل و بین الغرض الحاصل من غیره و هو استحقاق الأجرة فإن طلب الحاجة من الله تعالى سبحانه و لو کانت دنیویة محبوب عند الله فلا یقدح فی العبادة بل ربما یؤکدها. و کیف کان فذلک الاستدلال حسن فی بعض موارد المسألة و هو الواجب التعبدی فی الجملة إلا أن مقتضاه جواز أخذ الأجرة فی التوصلیات و عدم جوازه فی المندوبات التعبدیة فلیس مطردا و لا منعکسا.

نعم قد استدل على المطلب بعض الأساطین فی شرحه على القواعد بوجوه أقواها أن التنافی بین صفة الوجوب و التملک ذاتی لأن الملوک المستحق لا یملک و لا یستحق ثانیا. توضیحه أن الذی یقابل المال لا بد أن یکون کنفس المال مما یملکه المؤجر حتى یملکه المستأجر فی مقابل تملیکه المال إیاه فإذا فرض العمل واجبا لله لیس للمکلف ترکه فیصیر نظیر العمل المملوک للغیر.

أ لا ترى أنه إذا آجر نفسه لدفن المیت لشخص لم یجز له أن یؤجر نفسه ثانیا من شخص آخر لذلک العمل و لیس إلا لأن الفعل صار مستحقا للأول و مملوکا له فلا معنى لتملیکه ثانیا للآخر مع فرض بقائه على ملک الأول و هذا المعنى موجود فیما أوجبه الله تعالى خصوصا فیما یرجع إلى حقوق الغیر حیث إن حاصل الإیجاب هنا جعل الغیر مستحقا لذلک العمل من هذا العامل کأحکام تجهیز المیت التی جعل الشارع المیت مستحقا لها على الحی فلا یستحقها غیره ثانیا هذا.

و لکن الإنصاف أن هذا الوجه أیضا لا یخلو عن الخدشة لإمکان منع المنافاة بین الوجوب الذی هو طلب الشارع الفعل و بین استحقاق المستأجر له و لیس استحقاق الشارع للفعل و تملکه المنتزع من طلبه من قبیل استحقاق الآدمی و تملکه الذی ینافی تملک الغیر و استحقاقه‏.

ثم إن هذا الدلیل باعتراف المستدل یختص بالواجب العینی. و أما الکفائی فاستدل على عدم جواز أخذ الأجرة علیه بأن الفعل متعین له فلا یدخل فی ملک آخر و بعدم نفع المستأجر فیما یملکه أو یستحقه غیره لأنه بمنزلة قولک استأجرتک لتملک منفعتک المملوکة لک أو لغیرک و فیه منع وقوع الفعل له بعد إجارة نفسه للعمل للغیر فإن آثار الفعل حینئذ ترجع إلى الغیر فإذا وجب إنقاذ غریق کفایة أو إزالة النجاسة عن المسجد فاستأجر واحدا غیره فثواب الإنقاذ و الإزالة یقع للمستأجر دون الأجیر المباشر لهما. نعم یسقط الفعل عنه لقیام المستأجر به و لو بالاستنابة و من هذا القبیل الاستیجار للجهاد مع وجوبه کفایة على الأجیر و المستأجر.

و بالجملة فلم أجد دلیلا على هذا المطلب وافیا بجمیع أفراده عدا الإجماع الذی لم یصرح به إلا المحقق الثانی لکنه موهون ب وجود القول بخلافه من أعیان الأصحاب من القدماء و المتأخرین على ما یشهد به الحکایة و الوجدان.

إما الحکایة فقد نقل المحقق و العلامة رحمهما الله و غیرهما القول بجواز أخذ الأجرة على القضاء عن بعض. فقد قال فی الشرائع أما لو أخذ الجعل من المتحاکمین ففیه خلاف و کذلک العلامة فی المختلف. و قد حکى العلامة الطباطبائی فی مصابیحه عن فخر الدین و جماعة التفصیل بین العبادات و غیرها.

و یکفی فی ذلک ملاحظة الأقوال التی ذکرها فی المسالک فی باب المتاجر و أما ما وجدناه فهو أن ظاهر المقنعة بل النهایة و محکی المرتضى جواز الأجر على القضاء مطلقا و إن أول بعض کلامهم بإرادة الارتزاق. و قد اختار جماعة جواز أخذ الأجرة علیه إذا لم یکن متعینا أو تعین و کان القاضی محتاجا. و قد صرح فخر الدین فی الإیضاح بالتفصیل بین الکفائیة التوصلیة و غیرها فجوز أخذ الأجرة فی الأول قال فی شرح عبارة والده فی القواعد فی الاستیجار على تعلیم الفقه ما لفظه الحق عندی أن کل واجب على شخص معین لا یجوز للمکلف أخذ الأجرة علیه و الذی وجب کفایة فإن کان مما لو أوقعه بغیر نیة لم یصح و لم یزل الوجوب فلا یجوز أخذ الأجرة علیه لأنه عبادة محضة قال الله تعالى‏ و ما أمروا إلا لیعبدوا الله مخلصین له الدین‏ حصر غرض الأمر فی انحصار غایة الفعل فی الإخلاص و ما یفعل بالعوض لا یکون کذلک و غیر ذلک یجوز أخذ الأجرة علیه إلا ما نص الشارع على تحریمه کالدفن انتهى. نعم رده فی محکی جامع المقاصد لمخالفة هذا التفصیل لنص الأصحاب. أقول لا یخفى أن الفخر أعرف بنص الأصحاب من المحقق الثانی فهذا والده قد صرح فی المختلف بجواز أخذ الأجرة على القضاء إذا لم یتعین و قبله‏ المحقق فی الشرائع غیر أنه قید صورة عدم التعیین بالحاجة و لأجل ذلک اختار العلامة الطباطبائی فی مصابیحه ما اختاره فخر الدین من التفصیل و مع هذا فمن أین الوثوق على إجماع لم یصرح به إلا المحقق الثانی مع ما طعن به الشهید الثانی على إجماعاته بالخصوص فی رسالته فی صلاة الجمعة.

و الذی ینساق إلیه النظر أن مقتضى القاعدة فی کل عمل له منفعة محللة مقصودة جواز أخذ الأجرة و الجعل علیه و إن کان داخلا فی العنوان الذی أوجبه الله على المکلف ثم إن صلح ذلک الفعل المقابل بالأجرة لامتثال الإیجاب المذکور أو إسقاطه به أو عنده سقط الوجوب مع استحقاق الأجرة و إن لم یصلح استحق الأجرة و بقی الواجب فی ذمته لو بقی وقته و إلا عوقب على ترکه. و أما مانعیة مجرد الوجوب من صحة المعاوضة على الفعل فلم تثبت على الإطلاق‏، بل اللازم التفصیل فإن کان العمل واجبا عینیا تعیینیا لم یجز أخذ الأجرة لأن أخذ الأجرة علیه مع کونه واجبا مقهورا من قبل الشارع على فعله أکل للمال بالباطل لأن عمله هذا لا یکون محترما لأن استیفاءه منه لا یتوقف على طیب نفسه لأنه یقهر علیها مع عدم طیب النفس و الامتناع. و مما یشهد بما ذکرناه أنه لو فرض أن المولى أمر بعض عبیده بفعل لغرض و کان مما یرجع نفعه أو بعض نفعه إلى غیره فأخذ العبد العوض من ذلک الغیر على ذلک العمل عد أکلا للمال مجانا و بلا عوض ثم إنه لا ینافی ما ذکرناه حکم الشارع بجواز أخذ الأجرة على العمل بعد إیقاعه کما أجاز للوصی أخذ أجرة المثل أو مقدار الکفایة لأن هذا حکم شرعی لا من باب المعاوضة.

ثم لا فرق فیما ذکرناه بین التعبدی من الواجب و التوصلی‏ مضافا فی التعبدی إلى ما تقدم من منافاة أخذ الأجرة على العمل للإخلاص کما نبهنا علیه سابقا و تقدم عن الفخر و قرره علیه بعض من تأخر عنه.

و منه یظهر عدم جواز أخذ الأجرة على المندوب إذا کان عبادة یعتبر فیها التقرب. و أما الواجب التخییری فإن کان توصلیا فلا أجد مانعا عن جواز أخذ الأجرة على أحد فردیه بالخصوص بعد فرض کونه مشتملا على نفع محلل للمستأجر و المفروض أنه محترم لا یقهر المکلف علیه فجاز أخذ الأجرة بإزائه فإذا تعین دفن المیت على شخص و تردد الأمر بین حفر أحد موضعین فاختار الولی أحدهما بالخصوص لصلابته أو لغرض آخر فاستأجر ذلک لحفر ذلک الموضع بالخصوص لم یمنع من ذلک کون مطلق الحفر واجبا علیه مقدمة للدفن‏ و إن کان تعبدیا فإن قلنا بکفایة الإخلاص بالقدر المشترک و إن کان إیجاد خصوص بعض الأفراد لداع غیر الإخلاص فهو کالتوصلی و إن قلنا إن اتحاد وجود القدر المشترک مع الخصوصیة مانع عن التفکیک بینهما فی القصد کان حکمه کالتعینی.

و أما الکفائی فإن کان توصلیا أمکن أخذ الأجرة على إتیانه لأجل باذل الأجرة فهو العامل فی الحقیقة و إن کان تعبدیا لم یجز الامتثال به و أخذ الأجرة علیه. نعم یجوز النیابة إن کان مما یقبل النیابة لکنه یخرج عن محل الکلام لأن محل الکلام أخذ الأجرة على ما هو واجب على الأجیر لا على النیابة فیما هو واجب على المستأجر فافهم.

ثم إنه قد یفهم من أدلة وجوب الشی‏ء کفایة کونه حقا لمخلوق یستحقه على المکلفین فکل من أقدم علیه فقد أدى حق ذلک المخلوق فلا یجوز له أخذ الأجرة منه و لا من غیره ممن وجب علیه أیضا کفایة و لعل من هذا القبیل تجهیز المیت و إنقاذ الغریق بل و معالجة الطبیب لدفع الهلاک. ثم إن هنا إشکالا مشهورا و هو أن الصناعات التی یتوقف النظام علیها تجب کفایة لوجوب إقامة النظام بل قد یتعین بعضها على بعض المکلفین عند انحصار المکلف القادر فیه مع أن جواز أخذ الأجرة علیها مما لا کلام لهم فیه و کذا یلزم أن یحرم على الطبیب أخذ الأجرة على الطبابة لوجوبها علیه کفایة أو عینا کالفقاهة.

و قد تفصی عنه بوجوه‏:

أحدها الالتزام بخروج ذلک بالإجماع و السیرة القطعیین.

الثانی الالتزام بجواز أخذ الأجرة على الواجبات إذا لم تکن تعبدیة و قد حکاه فی المصابیح عن جماعة و هو ظاهر کل من جوز أخذ الأجرة على القضاء بقول مطلق یشمل صورة تعینه علیه کما تقدم حکایته فی الشرائع و المختلف عن بعض و فیه ما تقدم سابقا- من أن الأقوى عدم جواز أخذ الأجرة علیه.

الثالث ما عن المحقق الثانی من اختصاص جواز الأخذ بصورة قیام من به الکفایة فلا یکون حینئذ واجبا و فیه أن ظاهر العمل و الفتوى جواز الأخذ و لو مع بقاء الوجوب الکفائی بل و مع وجوبه عینا للانحصار.

الرابع ما فی مفتاح الکرامة من أن المنع مختص بالواجبات الکفائیة المقصودة لذاتهاکأحکام الموتى و تعلیم الفقه دون ما یجب لغیره کالصنائع و فیه أن هذا التخصیص إن کان لاختصاص معاقد إجماعاتهم و عنوانات کلامهم فهو خلاف الموجود منها و إن کان الدلیل یقتضی الفرق فلا بد من بیانه.

الخامس أن المنع عن أخذ الأجرة على الصناعات الواجبة لإقامة النظام یوجب اختلال النظام‏ لوقوع أکثر الناس فی المعصیة بترکها أو ترک الشاق منها و الالتزام بالأسهل فإنهم لا یرغبون بالصناعات الشاقة أو الدقیقة إلا طمعا فی الأجرة و زیادتها على ما یبذل لغیرها من الصناعات و تسویغ أخذ الأجرة علیها لطف فی التکلیف بإقامة النظام. و فیه أن المشاهد بالوجدان أن اختیار الناس للصنائع الشاقة و تحملها ناش عن الدواعی الأخر غیر زیادة الأجرة مثل عدم قابلیته لغیر ما یختار أو عدم میلة إلیه أو عدم کونه شاقا علیه لکونه ممن نشأ فی تحمل المشقة أ لا ترى أن أغلب الصنائع الشاقة من الکفائیات کالفلاحة و الحرث و الحصاد و شبه ذلک لا تزید أجرتها على الأعمال السهلة.

السادس أن الوجوب فی هذه الأمور مشروط بالعوض‏ قال بعض الأساطین بعد ذکر ما یدل على المنع عن أخذ الأجرة على الواجب أما ما کان واجبا مشروطا فلیس بواجب قبل حصول الشرط فتعلق الإجارة به قبله لا مانع منه و لو کانت هو الشرط فی وجوبه فکل ما وجب کفایة من حرف و صناعات لم تجب إلا بشرط العوض بإجارة أو جعالة أو نحوهما فلا فرق بین وجوبها العینی للانحصار و وجوبها الکفائی لتأخیر الوجوب عنها و عدمه قبلها کما أن بذل الطعام و الشراب للمضطر إن بقی على الکفایة أو تعین یستحق فیه أخذ العوض على الأصح لأن وجوبه مشروط بخلاف ما وجب مطلقا بالأصالة کالنفقات أو بالعارض کالمنذور و نحوه انتهى کلامه رحمه الله و فیه أن وجوب الصناعات لیس مشروطا ببذل العوض لأنه لإقامة النظام التی هی من الواجبات المطلقة ف إن الطبابة و الفصد و الحجامة و غیرها مما یتوقف علیه بقاء الحیاة فی بعض الأوقات واجبة بذل له العوض أم لم یبذل‏.

السابع أن وجوب الصناعات المذکورة لم یثبت من حیث ذاتها و إنما ثبت من حیث الأمر بإقامة النظام غیر متوقفة على العمل تبرعا بل یحصل به و بالعمل بالأجرة فالذی یجب على الطبیب لأجل إحیاء النفس و إقامة النظام بذل نفسه للعمل لا بشرط التبرع به بل له أن یتبرع به و له أن یطلب الأجرة و حینئذ فإن بذل المریض الأجرة وجب علیه العلاج و إن لم یبذل الأجرة و المفروض أداء ترک العلاج إلى الهلاک أجبره الحاکم حسبة على بذل الأجرة للطبیب و إن کان المریض مغمى علیه دفع عنه ولیه و إلا جاز للطبیب العمل بقصد الأجرة فیستحق الأجرة فی ماله و إن لم یکن له مال ففی ذمته فیؤدی فی حیاته أو بعد مماته من الزکاة أو غیرها.

و بالجملة فما کان من الواجبات الکفائیة ثبت من دلیله وجوب نفس ذلک العنوان فلا یجوز أخذ الأجرة علیه بناء على المشهور و أما ما أمر به من باب إقامة النظام فأقامه النظام تحصل ببذل النفس للعمل فی الجملة و أما العمل تبرعا فلا و حینئذ فیجوز طلب الأجرة من المعمول له إذا کان أهلا للطلب منه و قصدها إذا لم یکن ممن یطلب منه کالغائب الذی یعمل فیما له عمل لدفع الهلاک عنه و کالمریض المغمى علیه و فیه أنه إذا فرض وجوب إحیاء النفس و وجب العلاج مقدمة له فأخذ الأجرة علیه غیر جائز.

فالتحقیق على ما ذکرنا سابقا أن الواجب إذا کان عینیا تعینیا لم یجز أخذ الأجرة علیه و لو کان من الصناعات فلا یجوز للطبیب أخذ الأجرة على بیان الدواء أو بعد تشخیص الدواء و أما أخذ الوصی الأجرة على تولی أموال الطفل الموصى علیه الشامل بإطلاقه لصورة تعین العمل علیه فهو من جهة الإجماع و النصوص المستفیضة على أن له أن یأخذ شیئا و إنما وقع الخلاف فی تعیینه فذهب جماعة إلى أن له أجرة المثل حملا للأخبار على ذلک و لأنه إذا فرض احترام عمله بالنص و الإجماع فلا بد من کون العوض أجرة المثل. و بالجملة فملاحظة النصوص و الفتاوى فی تلک المسألة ترشد إلى خروجها عما نحن فیه و أما باذل المال للمضطر- فهو إنما یرجع بعوض المبذول لا بأجرة البذل- فلا یرد نقضا فی المسألة و أما رجوع الأم المرضعة بعض إرضاع اللبأ مع وجوبه علیها بناء على توقف حیاة الولد علیه فهو إما من قبیل بذل المال للمضطر و إما من قبیل رجوع الوصی بأجرة المثل من جهة عموم الآیة فإن أرضعن لکم فآتوهن أجورهن‏ فافهم و إن کان کفائیا جاز الاستیجار علیه فیسقط الواجب بفعل المستأجر علیه عنه و عن غیره و إن لم یحصل الامتثال. و من هذا الباب أخذ الطبیب الأجرة على حضوره عند المریض إذا تعین علیه علاجه فإن العلاج و إن کان معینا علیه إلا أن الجمع بینه و بین المریض مقدمة للعلاج واجب کفائی بینه و بین أولیاء المریض فحضوره أداء للواجب الکفائی کإحضار الأولیاء إلا أنه لا بأس بأخذ الأجرة علیه. نعم یستثنى من الواجب الکفائی ما علم من دلیله صیرورة ذلک العمل حقا للغیر یستحقه من المکلف کما قد یدعى أن الظاهر من أدلة وجوب تجهیز المیت أن للمیت حقا على الأحیاء فی التجهیز فکل من فعل شیئا منه فی الخارج فقد أدى حق المیت فلا یجوز أخذ الأجرة علیه و کذا تعلیم الجاهل أحکام عباداته الواجبة علیه و ما یحتاج إلیه کصیغة النکاح و نحوها لکن تعیین هذا یحتاج إلى لطف قریحة هذا تمام الکلام فی أخذ الأجرة على الواجب.

و أما الحرام‏ فقد عرفت عدم جواز أخذ الأجرة علیه‏.

و أما المکروه و المباح‏ فلا إشکال فی جواز أخذ الأجرة علیهما.

و أما المستحب‏ و المراد منه ما کان له نفع قابل لأن یرجع إلى المستأجر لتصح الإجارة من هذه الجهة فهو بوصف کونه مستحبا على المکلف لا یجوز أخذ الأجرة علیه لأن الموجود من هذا الفعل فی الخارج لا یتصف بالاستحباب إلا مع الإخلاص الذی ینافیه إتیان الفعل ل استحقاق المستأجر إیاه کما تقدم فی الواجب. و حینئذ فإن کان حصول النفع المذکور منه متوقفا على نیة القربة لم یجز أخذ الأجرة علیه کما إذا استأجر من یعید صلاته ندبا لیقتدی به لأن المفروض بعد الإجارة عدم تحقق الإخلاص و المفروض مع عدم تحقق الإخلاص عدم حصول نفع منه عائد إلى المستأجر و ما یخرج بالإجارة عن قابلیة انتفاع المستأجر به لم یجز الاستیجار علیه و من هذا القبیل الاستیجار على العبادة لله تعالى أصالة- لا نیابة و إهداء ثوابها إلى المستأجر فإن ثبوت الثواب للعامل موقوف على قصد الإخلاص المنفی مع الإجارة و إن کان حصول النفع غیر متوقف على الإخلاص جاز الاستیجار علیه کبناء المساجد و إعانة المحاویج فإن من بنى لغیره‏ مسجدا عاد إلى الغیر نفع بناء المسجد و هو ثوابه و إن لم یقصد البناء من عمله إلا أخذ الأجرة. و کذا من استأجر غیره لإعانة المحاویج و المشی فی حوائجهم فإن الماشی لا یقصد إلا الأجرة إلا أن نفع المشی عائد إلى المستأجر.

و من هذا القبیل استیجار الشخص للنیابة عنه فی العبادات التی تقبل النیابة کالحج و الزیارة و نحوهما فإن نیابة الشخص عن غیره فیما ذکر و إن کانت مستحبة إلا أن ترتب الثواب للمنوب عنه و حصول هذا النفع له لا یتوقف على قصد النائب الإخلاص فی نیابته بل متى جعل نفسه بمنزلة الغیر و عمل العمل بقصد التقرب الذی هو تقرب المنوب عنه بعد فرض النیابة انتفع المنوب عنه سواء فعل النائب هذه النیابة بقصد الإخلاص فی امتثال أو أمر النیابة عن المؤمن أم لم یلتفت إلیها أصلا و لم یعلم بوجودها فضلا عن أن یقصد امتثالها أ لا ترى أن أکثر العوام الذین یعملون الخیرات لأمواتهم لا یعلمون ثبوت الثواب لأنفسهم فی هذه النیابة بل یتخیلون النیابة مجرد إحسان إلى المیت لا یعود نفع منه إلى نفسه و التقرب الذی یقصده النائب بعد جعل نفسه نائبا هو تقرب المنوب عنه لا تقرب النائب فیجوز أن ینوب لأجل مجرد استحقاق الأجرة عن فلان بأن ینزل نفسه منزلته فی إتیان الفعل قربة إلى الله ثم إذا عرض هذه النیابة الوجوب بسبب الإجارة فالأجیر غیر متقرب فی نیابته لأن الفرض عدم علمه أحیانا بکون النیابة راجحة شرعا یحصل بها التقرب لکنه متقرب بعد جعل نفسه نائبا عن غیره فهو متقرب بوصف کونه بدلا و نائبا عن الغیر فالتقرب یحصل للغیر.

فإن قلت الموجود فی الخارج من الأجیر لیس إلا الصلاة عن المیت مثلا و هذا متعلق الإجارة و النیابة فإن لم یمکن الإخلاص فی متعلق الإجارة لم یترتب على تلک الصلاة نفع للمیت و إن أمکن لم یناف الإخلاص لأخذ الأجرة کما ادعیت و لیست النیابة عن المیت فی الصلاة المتقرب بها إلى الله تعالى شیئا و نفس الصلاة شیئا آخر حتى یکون الأول متعلقا للإجارة و الثانی موردا للإخلاص. قلت القربة المانع اعتبارها من تعلق الإجارة هی المعتبرة فی نفس متعلق الإجارة و إن اتحد خارجا مع ما یعتبر فیه القربة مما لا یکون متعلقا للإجارة فالصلاة الموجودة فی الخارج على جهة النیابة فعل للنائب من حیث إنها نیابة عن الغیر و بهذا الاعتبار ینقسم فی حقه إلى المباح و الراجح و المرجوح و فعل للمنوب عنه بعد نیابة النائب یعنی تنزیل نفسه منزلة المنوب عنه فی هذه الأفعال و بهذا الاعتبار تترتب علیه الآثار الدنیویة و الأخرویة لفعل المنوب عنه الذی لم یشترط فیه المباشرة و الإجارة تتعلق به بالاعتبار الأول و التقرب بالاعتبار الثانی فالموجود فی ضمن الصلاة الخارجیة فعلان نیابة صادرة عن الأجیر النائب فیقال ناب عن فلان و فعل کأنه صادر عن المنوب عنه فیمکن أن یقال على سبیل المجاز صلى فلان و لا یمکن أن یقال ناب فلان فکما جاز اختلاف هذین الفعلین فی الآثار فلا ینافی اعتبار القربة فی الثانی جواز الاستیجار على الأول الذی لا یعتبر فیه القربة.

و قد ظهر مما قررناه وجه ما اشتهر بین المتأخرین فتوى و عملا من جواز الاستیجار على العبادات للمیت و أن الاستشکال فی ذلک بمنافاة ذلک لاعتبار القربة فیها ممکن الدفع- خصوصا بملاحظة و ما ورد من الاستیجار للحج و دعوى خروجه بالنص فاسدة لأن مرجعها إلى عدم اعتبار القربة فی الحج و أضعف منها دعوى أن الاستیجار على المقدمات کما لا یخفى مع أن ظاهر ما ورد فی استیجار مولانا الصادق ع للحج عن ولده إسماعیل کون الإجارة على نفس الأفعال.

ثم اعلم أنه کما لا یستحق الغیر بالإجارة- ما وجب على المکلف على وجه العبادة کذلک لا یؤتى على وجه العبادة لنفسه ما استحقه الغیر منه بالإجارة فلو استؤجر لإطافة صبی أو مغمى علیه فلا یجوز الاحتساب فی طواف نفسه کما صرح‏ به فی المختلف بل کذلک لو استؤجر لحمل غیره فی الطواف- کما صرح به جماعة تبعا للإسکافی لأن المستأجر یستحق الحرکة المخصوصة علیه لکن ظاهر جماعة جواز الاحتساب فی هذه الصورة لأن استحقاق الحمل غیر استحقاق الإطافة به کما لو استؤجر لحمل متاع. و فی المسألة أقوال قال فی الشرائع و لو حمله حامل فی الطواف أمکن أن یحتسب کل منهما طوافه عن نفسه انتهى و قال فی المسالک هذا إذا کان الحامل متبرعا أو حاملا بجعالة أو کان مستأجرا للحمل فی طوافه أما لو استؤجر للحمل مطلقا لم یحتسب للحامل لأن الحرکة المخصوصة قد صارت مستحقة علیه لغیره فلا یجوز صرفها إلى نفسه- و فی المسألة أقوال هذا أجودها انتهى و أشار بالأقوال إلى القول بجواز الاحتساب مطلقا کما هو ظاهر الشرائع و ظاهر القواعد على إشکال. و القول الآخر ما فی الدروس من أنه یحتسب لکل من الحامل و المحمول ما لم یستأجره للحمل لا فی طوافه انتهى. و الثالث ما ذکره فی المسالک من التفصیل. و الرابع ما ذکره بعض محشی الشرائع من استثناء صورة الاستیجار على الحمل. و الخامس الفرق بین الاستیجار للطواف به و بین الاستیجار لحمله فی الطواف و هو ما اختاره فی المختلف. و بنى فخر الدین فی الإیضاح جواز الاحتساب فی صورة الاستیجار للحمل التی استشکل والده رحمه الله فیها على أن ضم نیة التبرد إلى الوضوء قادح أم لا. و المسألة مورد نظر و إن کان ما تقدم من المسالک لا یخلو عن وجه.

ثم إنه قد ظهر مما ذکرناه- من عدم جواز الاستیجار على المستحب إذا کان من العبادات أنه لا یجوز أخذ الأجرة على أذان المکلف لصلاة نفسه إذا کان مما یرجع نفع منه إلى الغیر لأجله یصح الاستیجار کالإعلام بدخول الوقت و الاجتزاء به فی الصلاة و کذا أذان المکلف للإعلام عند الأکثر کما عن الذکرى و على الأشهر کما فی الروضة و هو المشهور کما فی المختلف و مذهب الأصحاب إلا من شذ کما عنه و عن جامع المقاصد و بالإجماع کما عن محکی الخلاف بناء على أنه عبادة یعتبر فیها وقوعها لله فلا یجوز أن یستحقه الغیر.

و فی روایة زید بن علی عن أبیه عن آبائه عن علی ع: أنه أتاه رجل فقال له و الله إنی أحبک لله فقال له لکنی أبغضک لله قال و لم قال لأنک تبغی فی الأذان أجرا و تأخذ على تعلیم القرآن أجرا و فی روایة حمران الواردة فی فساد الدنیا و اضمحلال الدین و فیها قوله ع: و رأیت الأذان بالأجرة و الصلاة بالأجر و یمکن أن یقال إن مقتضى کونه عبادة عدم حصول الثواب إذا لم یتقرب به لا فساد الإجارة مع فرض کون العمل مما ینتفع به و إن لم یتقرب به نعم لو قلنا بأن الإعلام بدخول الوقت المستحب کفایة لا یتأتى بالأذان الذی لا یتقرب به صح ما ذکر لکن لیس کذلک و أما الروایة فضعیفة- و من هنا استوجه الحکم بالکراهة فی الذکرى و المسالک و مجمع البرهان و البحار بعد أن حکى عن علم الهدى رحمه الله و لو اتضحت دلالة الروایات أمکن جبر سند الأولى بالشهرة مع أن روایة حمران حسنة على الظاهر بابن هاشم‏ و من هنا یظهر وجه ما ذکروه فی هذا المقام من حرمة أخذ الأجرة على الإمامة مضافا إلى موافقتها للقاعدة المتقدمة من أن ما کان انتفاع الغیر به موقوفا على تحققه على وجه الإخلاص لا یجوز الاستیجار علیه لأن شرط العمل المستأجر علیه قابلیة إیقاعه لأجل استحقاق المستأجر له حتى یکون وفاء بالعقد و ما کان من قبیل العبادة غیر قابل لذلک‏.

ثم إن من الواجبات التی یحرم أخذ الأجرة علیها عند المشهور تحمل الشهادة بناء على وجوبه کما هو أحد الأقوال فی المسألة لقوله تعالى‏ و لا یأب الشهداء إذا ما دعوا المفسر فی الصحیح بالدعاء للتحمل و کذلک أداء الشهادة لوجوبه عینا أو کفایة و هو مع الوجوب العینی واضح و أما مع الوجوب الکفائی فلأن المستفاد من أدلة الشهادة کون التحمل و الأداء حقا للمشهود له على الشاهد فالموجود فی الخارج من الشاهد حق للمشهود له لا یقابل بعوض للزوم مقابلة حق الشخص بشی‏ء من ماله فیرجع إلى أکل المال بالباطل.

و منه یظهر أنه کما لا یجوز أخذ الأجرة من المشهود له کذلک لا یجوز من بعض من وجبت علیه کفایة إذا استأجره لفائدة إسقاطها عن نفسه ثم إنه لا فرق فی حرمة الأجرة بین توقف التحمل أو الأداء على قطع مسافة طویلة و عدمه. نعم لو احتاج إلى بذل مال فالظاهر عدم وجوبه و لو أمکن إحضار الواقعة عند من یراد تحمله للشهادة فله أن یمتنع من الحضور و یطلب الإحضار.

بقی الکلام فی شی‏ء و هو أن کثیرا من الأصحاب صرحوا فی کثیر من الواجبات و المستحبات التی یحرم أخذ الأجرة علیها بجواز ارتزاق مؤدیها من بیت المال المعد لمصالح المسلمین و لیس المراد أخذ الأجرة أو الجعل من بیت المال لأن ما دل على تحریم العوض لا فرق فیه بین کونه من بیت المال أو من غیره بل حیث استفدنا من دلیل الوجوب کونه حقا للغیر یجب أداؤه إلیه عینا أو کفایة فیکون أکل المال بإزائه أکلا له بالباطل کان إعطاؤه العوض من بیت المال أولى بالحرمة لأنه تضییع له و إعطاء مال المسلمین بإزاء ما یستحقه المسلمون على العامل بل المراد أنه إذا قام المکلف بما یجب علیه کفایة أو عینا مما یرجع إلى مصالح المؤمنین و حقوقهم کالقضاء و الإفتاء و الأذان و الإقامة و نحوها و رأى ولی المسلمین المصلحة فی تعیین شی‏ء من بیت المال له فی الیوم أو الشهر أو السنة من جهة قیامه بذلک الأمر لکونه فقیرا یمنعه القیام بالواجب المذکور عن تحصیل ضروریاته فیعین له ما یرفع حاجته و إن کان أزید من أجرة المثل أو أقل منها. و لا فرق بین أن یکون تعیین الرزق له بعد القیام أو قبله حتى أنه لو قیل له اقض فی البلد و أنا أکفیک مئونتک من بیت المال جاز و لم یکن جعالة.

و کیف کان فمقتضى القاعدة عدم جواز الارتزاق إلا مع الحاجة على وجه یمنعه القیام بتلک المصلحة عن اکتساب المئونة فالارتزاق مع الاستغناء و لو بکسب لا یمنعه القیام بتلک المصلحة غیر جائز و یظهر من إطلاق جماعة فی باب القضاء خلاف ذلک بل صرح غیر واحد بالجواز مع وجدان الکفایة. ***