حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: تنگ دل انسان کو اپنا امین نہ بناؤ۔ نھج البلاغۃ حکمت211

*کتاب المکاسب*
فی المکاسب المحرمة
تقسیم المکاسب إلى الأحکام الخمسة
النوع‏ الأول الاکتساب بالأعیان النجسة عدا ما استثنی
المسئلة الأولى یحرم المعاوضة على بول
المسئلة الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة
المسئلة الثالثة یحرم المعاوضة على الدم
المسئلة الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی‏
المسئلة الخامسة تحرم المعاوضة على المیتة
المسئلة السادسة یحرم التکسب بالکلب و الخنزیر
المسئلة السابعة یحرم التکسب بالخمر
المسئلة الثامنة یحرم المعاوضة على الأعیان المتنجسة
و أما المستثنى من الأعیان المتقدمة
المسئلة الأولى یجوز بیع المملوک الکافر
المسئلة الثانیة یجوز المعاوضة على غیر کلب الهراش
المسئلة الثالثة المعاوضة على العصیر العنبی‏
المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏
بقی الکلام فی حکم نجس العین
النوع الثانی مما یحرم التکسب به لتحریم ما یقصد به‏
القسم الأول ما لا یقصد من وجوده إلا الحرام‏
منها هیاکل العبادة المبتدعة
منها آلات القمار بأنواعه
منها آلات اللهو على اختلاف أصنافها
منها أوانی الذهب و الفضة
منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس‏
القسم الثانی ما یقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
المسئلة الأولى بیع العنب على أن یعمل خمرا
المسألة الثانیة یحرم المعاوضة على الجاریة المغنیة
المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا
القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا
النوع الثالث ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها
النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما‏
المسألة الأولى تدلیس الماشطة
المسألة الثانیة تزیبن الرجل بما یحرم علیه
المسألة الثالثة التشبیب بالمرأة
المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح
المسألة الخامسة التطفیف
المسألة السادسة التنجیم
المسألة السابعة حفظ کتب الضلال
المسألة الثامنة الرشوة
المسئلة التاسعة سب المؤمنین
المسئلة العاشرة السحر
المسئلة الحادیة عشرة الشعبذة
المسئلة الثانیة عشرة الغش
المسئلة الثالثة عشرة الغناء
المسئلة الرابعة عشرة الغیبة
المسئلة الخامسة عشرة القمار
المسئلة السادسة عشرة القیادة
المسئلة السابعة عشرة القیافة
المسئلة الثامنة عشرة الکذب
المسئلة التاسعة عشرة الکهانة
المسئلة العشرون اللهو
المسئلة الحادیة و العشرون مدح من لا یستحق المدح
المسئلة الثانیة و العشرون معونة الظالمین
المسئلة الثالثة و العشرون النجش
المسئلة الرابعة و العشرون النمیمة
المسئلة الخامسة و العشرون النوح بالباطل‏
المسئلة السادسة و العشرون الولایة من قبل الجائر
و ینبغی التنبیه على أمور
خاتمة فیما ینبغی للوالی العمل به فی نفسه و فی رعیته‏
المسئلة السابعة و العشرون هجاء المؤمن
المسئلة الثامنة و العشرون الهجر
النوع‏ الخامس حرمة التکسب بالواجبات
الأولى بیع المصحف‏
الثانیة جوائز السلطان و عماله
الثالثة ما یأخذه السلطان لأخذ الخراج و المقاسمة
التنبیه الاول
التنبیه الثانی
التنبیه الثالث
التنبیه الرابع
التنبیه الخامس
التنبیه السادس
التنبیه السابع
التنبیه الثامن

مکاسب حصہ اول

المسئلة الثامنة عشرة الکذب

المسئلة الثامنة عشرة الکذب و هو حرام بضرورة العقول و الأدیان‏، و یدل علیه‏ الأدلة الأربعة إلا أن الذی ینبغی الکلام فیه مقامان أحدهما فی أنه من الکبائر، ثانیهما فی مسوغاته‏:

أما الأول فالظاهر من غیر واحد من الأخبار کالمروی فی العیون بسنده عن الفضل بن شاذان لا یقصر عن الصحیح و المروی عن الأعمش فی حدیث شرائع الدین عده من الکبائر. و فی الموثقة ب عثمان بن عیسى: إن الله تعالى جعل للشر أقفالا و جعل مفاتیح تلک الأقفال الشراب و الکذب شر من الشراب و أرسل عن رسول الله ص: أ لا أخبرکم بأکبر الکبائر الإشراک بالله و عقوق الوالدین و قول الزور أی الکذب و عنه ص: إن المؤمن إذا کذب بغیر عذر لعنه سبعون ألف ملک خرج من قلبه نتن حتى یبلغ العرش و کتب علیه بتلک الکذبة سبعین زنیة أهونها کمن یزنی مع أمه و یؤیده ما عن العسکری ع: جعلت الخبائث کلها فی بیت واحد و جعل مفتاحها الکذب إلى آخر الحدیث فإن مفتاح الخبائث کلها کبیرة لا محالة. و یمکن الاستدلال على کونه من الکبائر بقوله تعالى‏ إنما یفتری الکذب الذین لا یؤمنون بآیات الله‏ فجعل الکاذب غیر مؤمن بآیات الله کافرا بها و لذلک کله أطلق جماعة کالفاضلین و الشهید الثانی فی ظاهر کلماتهم کونه من الکبائر من غیر فرق بین أن یترتب على الخبر الکاذب مفسدة أو لا یترتب علیه شی‏ء أصلا. و یؤیده ما روی: عن النبی ص فی وصیته لأبی ذر ویل للذی یحدث فیکذب لیضحک القوم ویل له ویل له ویل له فإن الأکاذیب المضحکة لا یترتب علیها غالبا إیقاع فی المفسدة.

نعم فی الأخبار ما یظهر من عدم کونه على الإطلاق کبیرة- مثل روایة أبی خدیجة عن أبی عبد الله ع: إن الکذب على الله و على رسوله من الکبائر فإنها ظاهرة باختصاص الکبیرة بهذا الکذب الخاص لکن یمکن حملها على کون هذا الکذب الخاص من الکبائر الشدیدة العظیمة و لعل هذا أولى من تقیید المطلقات المتقدمة. و فی مرسلة سیف بن عمیرة عن أبی جعفر ع قال: کان علی بن الحسین ع یقول لولده اتقوا الکذب الصغیر منه و الکبیر فی کل جد و هزل فإن الرجل إذا کذب فی الصغیر اجترأ على الکبیر- إلى آخر الخبر و یستفاد منه أن عظم الکذب باعتبار ما یترتب علیه من المفاسد.

و فی صحیحة ابن الحجاج: قلت لأبی عبد الله ع الکذاب هو الذی یکذب فی الشی‏ء قال لا ما من أحد إلا یکون ذاک منه و لکن المطبوع على الکذب فإن قوله ما من أحد إلا یکون ذاک منه یدل على أن الکذب- من اللمم التی تصدر من کل أحد لا من الکبائر. و عن الحارث الأعور عن علی ع قال: لا یصلح من الکذب جد و لا هزل و أن لا یعد أحدکم صبیه ثم لا یفی له إن الکذب یهدی إلى الفجور و الفجور یهدی إلى النار و ما زال أحدکم یکذب حتى یقال کذب و فجر إلى آخر الخبر و فیه أیضا إشعار بأن مجرد الکذب لیس فجورا.

و قوله و لا أن یعد أحدکم صبیه ثم لا یفی له لا بد أن یراد منه النهی عن الوعد مع إضمار عدم الوفاء و هو المراد ظاهرا بقوله تعالى‏ کبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون‏ بل الظاهر عدم کونه کذبا حقیقیا و أن إطلاق الکذب علیه فی الروایة- لکونه فی حکمه من حیث الحرمة أو لأن الوعد مستلزم للإخبار بوقوع‏ الفعل کما أن سائر الإنشاءات کذلک و لذا ذکر بعض الأساطین أن الکذب و إن کان من صفات الخبر إلا أن حکمه یجری فی الإنشاء المنبئ عنه کمدح المذموم و ذم الممدوح و تمنی المکاره و ترجی غیر المتوقع و إیجاب غیر الموجب و ندب غیر النادب و وعد غیر العازم‏. و کیف کان فالظاهر عدم دخول خلف الوعد فی الکذب لعدم کونه من مقولة الکلام. نعم هو کذب للوعد بمعنى جعله مخالفا للواقع کما أن إنجاز الوعد صدق له بمعنى جعله مطابقا للواقع ف یقال صادق الوعد و وعد غیر مکذوب و الکذب بهذا المعنى لیس محرما على المشهور و إن کان غیر واحد من الأخبار ظاهرا فی حرمته و فی بعضها الاستشهاد بالآیة المتقدمة.

ثم إن ظاهر الخبرین الأخیرین خصوصا المرسلة حرمة الکذب حتى فی الهزل و یمکن أن یراد بها الکذب فی مقام الهزل. و أما نفس الهزل و هو الکلام الفاقد للقصد إلى تحقق مدلوله فلا یبعد أنه غیر محرم مع نصب القرینة على إرادة الهزل کما صرح به بعض و لعله لانصراف الکذب إلى الخبر المقصود و للسیرة و یمکن حمل الخبرین على مطلق المرجوحیة- و یحتمل غیر بعید حرمته لعموم ما تقدم خصوصا الخبرین الأخیرین- و النبوی فی وصیة أبی ذر لأن الأکاذیب المضحکة أکثرها من قبیل الهزل. و عن الخصال بسنده عن رسول الله ص: أنا زعیم بیت فی أعلى الجنة و بیت فی وسط الجنة و بیت فی ریاض الجنة لمن ترک المراء و إن کان محقا و لمن ترک الکذب و إن کان هازلا و لمن حسن خلقه و قال أمیر المؤمنین ص: لا یجد الرجل طعم الإیمان حتى یترک الکذب هزله و جده‏.

ثم إنه لا ینبغی الإشکال فی أن المبالغة فی الادعاء و إن بلغت ما بلغت لیست من الکذب‏ و ربما یدخل فیه إذا کانت فی غیر محلها کما لو مدح إنسانا قبیح المنظر و شبه وجهه بالقمر إلا إذا بنی على کونه کذلک فی نظر المادح فإن الأنظار تختلف فی التحسین و التقبیح کالذائقات فی المطعومات.

و أما التوریة و هو أن یرید بلفظ معنى مطابقا للواقع و قصد من إلقائه أن یفهم المخاطب منه خلاف ذلک مما هو ظاهر فیه عند مطلق المخاطب أو المخاطب الخاص کما لو قلت فی مقام إنکار ما قلته فی حق أحد علم الله ما قلته و أردت بکلمة ما الموصولة و فهم المخاطب النافیة و کما لو استأذن رجل بالباب فقال الخادم له ما هو هاهنا و أشار إلى موضع فارغ فی البیت و کما لو قلت الیوم ما أکلت الخبز تعنی بذلک حالة النوم أو حالة الصلاة إلى غیر ذلک فلا ینبغی الإشکال فی عدم کونها من الکذب و لذا صرح الأصحاب فیما سیأتی من وجوب التوریة عند الضرورة بأنه یؤدی بما یخرجه عن الکذب بل اعترض جامع المقاصد على قول العلامة فی القواعد فی مسألة الودیعة إذا طالبها ظالم بأنه یجوز الحلف کاذبا و تجب التوریة على العارف بها بأن العبارة لا تخلو عن مناقشة حیث تقتضی ثبوت الکذب مع التوریة و معلوم أن لا کذب معها انتهى. و وجه ذلک أن الخبر باعتبار معناه و هو المستعمل فیه کلامه لیس مخالفا للواقع و إنما فهم المخاطب من کلامه أمرا مخالفا للواقع لم یقصده المتکلم من اللفظ. نعم لو ترتبت علیها مفسدة حرمت من تلک الجهة اللهم إلا أن یدعى أن مفسدة الکذب و هو الإغراء موجودة فیها و هی ممنوعة لأن الکذب محرم لا لمجرد الإغراء.

و ذکر بعض الأفاضل أن المعتبر فی اتصاف الخبر بالصدق و الکذب هو ما یفهم من ظاهر الکلام لا ما هو المراد منه فلو قال رأیت حمارا و أراد منه البلید من دون نصب قرینة فهو متصف بالکذب و إن لم یکن المراد مخالفا للواقع انتهى موضع الحاجة.

أقول فإن أراد اتصاف الخبر فی الواقع فقد تقدم أنه دائر مدار موافقة المخبر و مخالفته للواقع لأنه معنى الخبر و المقصود منه دون ظاهره الذی لم یقصد. و إن أراد اتصافه عند الواصف فهو حق مع فرض جهله بإرادة خلاف الظاهر. لکن توصیفه حینئذ باعتقاد أن هذا هو مراد المخبر و مقصوده فیرجع الأمر إلى إناطة الاتصاف بمراد المتکلم و إن کان الطریق إلیه اعتقاد المخاطب.

و مما یدل على سلب الکذب عن التوریة ما روی فی الاحتجاج: أنه سئل الإمام الصادق ع عن قول الله عز و جل فی قصة إبراهیم على نبینا و آله و علیه السلام‏ بل فعله کبیرهم هذا فسئلوهم إن کانوا ینطقون‏ قال ما فعله کبیرهم و ما کذب إبراهیم قیل و کیف ذلک فقال إنما قال إبراهیم فسئلوهم إن کانوا ینطقون أی إن نطقوا فکبیرهم فعل- و إن لم ینطقوا فلم یفعل کبیرهم شیئا فما نطقوا و ما کذب إبراهیم: و سئل [أبو عبد الله ع‏] عن قول الله تعالى [فی یوسف‏] أیتها العیر إنکم لسارقون‏ قال إنهم سرقوا یوسف من أبیه أ لا ترى أنهم قالوا نفقد صواع الملک و لم یقولوا سرقتم صواع الملک: و سئل عن قول الله عز و جل حکایة عن إبراهیم ع‏ إنی سقیم‏ قال ما کان إبراهیم سقیما و ما کذب إنما عنى سقیما فی دینه أی مرتادا و فی مستطرفات السرائر من کتاب ابن کثیر قال: قلت لأبی عبد الله ع الرجل یستأذن علیه فیقول للجاریة قولی لیس هو هاهنا فقال ع لا بأس لیس بکذب فإن سلب الکذب مبنی على أن المشار إلیه بقوله هاهنا موضع‏ خال من الدار إذ لا وجه له سوى ذلک. و روی فی باب الحیل من کتاب الطلاق للمبسوط: أن واحدا من الصحابة صحب واحدا آخر فاعترضهما فی الطریق أعداء المصحوب فأنکر الصاحب أنه هو فأحلفوه فحلف لهم أنه أخوه فلما أتى النبی ص قال له صدقت المسلم أخو المسلم إلى غیر ذلک مما یظهر منه ذلک‏.

أما الکلام فی المقام الثانی و هی مسوغات الکذب‏:

فاعلم أنه یسوغ الکذب لوجهین‏:

أحدهما الضرورة إلیه‏، فیسوق معها بالأدلة الأربعة قال الله تعالى‏ إلا من أکره‏ و قلبه مطمئن بالإیمان‏ و قال تعالى‏ لا یتخذ المؤمنون‏ الکافرین أولیاء من دون المؤمنین و من یفعل ذلک فلیس من الله فی شی‏ء إلا أن تتقوا منهم تقاة. و قوله ع: ما من شی‏ء إلا و قد أحله الله لمن اضطر إلیه و قد اشتهر أن الضرورات تبیح المحظورات. و الأخبار فی ذلک أکثر من أن تحصى و قد استفاضت أو تواترت بجواز الحلف کاذبا لدفع الضرر البدنی أو المالی عن نفسه أو أخیه. و الإجماع أظهر من أن یدعى أو یحکى و العقل مستقل بوجوب ارتکاب أقل القبیحین مع بقائه على قبحه أو انتفاء قبحه لغلبة الآخر علیه على القولین و هما کون القبح العقلی مطلقا أو فی خصوص الکذب لأجل الذات فیختلف بالوجوه و الاعتبارات و لا إشکال فی ذلک‏.

و إنما الإشکال و الخلاف فی أنه هل یجب حینئذ التوریة لمن یقدر علیها أم لا ظاهر المشهور هو الأول کما یظهر من المقنعة و المبسوط و الغنیة و السرائر و الشرائع و القواعد و اللمعة و شرحها و التحریر و جامع المقاصد و الریاض و محکی مجمع البرهان فی مسألة جواز الحلف لدفع الظالم عن الودیعة.

قال فی المقنعة من کانت عنده أمانة فطالبه ظالم بتسلیمها إلیه و خیانة صاحبها فیها فلیجحدها لیحفظها على المؤتمن له علیها و إن استحلفه على ذلک فلیحلف و یوری فی نفسه بما یخرجه عن الکذب فلیجهد و إن استحلفه ظالم على ذلک فلیحلف و یوری فی نفسه بما یخرجه عن الکذب إلى أن قال فإن لم یحسن التوریة و کانت نیته حفظ الأمانة أجزأته النیة و کان مأجورا انتهى. و قال فی هذه المسألة أعنی مطالبة الظالم الودیعة فإن قنع الظالم منه بیمینه فله أن یحلف و یوری فی ذلک انتهى. و فی الغنیة فی هذه المسألة و یجوز له أن یحلف أنه لیس عنده ودیعة و یوری فی یمینه بما یسلم به من الکذب بدلیل إجماع الشیعة انتهى و قال فی المختصر النافع حلف موریا و فی القواعد و تجب التوریة على العارف بها انتهى و فی السرائر فی باب الحیل من کتاب الطلاق لو أنکر الاستدانة خوفا من الإقرار بالإبراء أو القضاء جاز الحلف مع صدقه بشرط التوریة بما یخرجه عن الکذب انتهى و فی اللمعة یحلف علیه فیوری و قریب منه فی شرحها و فی جامع المقاصد فی باب المکاسب تجب التوریة بما یخرجه عن الکذب انتهى.

و وجه ما ذکروه أن الکذب حرام و لم یحصل الاضطرار إلیه مع القدرة على التوریة فیدخل تحت العمومات مع أن قبح الکذب عقلی فلا یسوغ إلا مع تحقق عنوان حسن فی ضمنه یغلب حسنه على قبحه و یتوقف تحققه على تحققه و لا یکون التوقف إلا مع العجز عن التوریة.

و هذا الحکم جید إلا أن مقتضى إطلاقات أدلة الترخیص فی الحلف کاذبا لدفع الضرر البدنی أو المالی عن نفسه أو أخیه عدم اعتبار ذلک. ففی روایة السکونی عن الإمام الصادق عن أبیه عن آبائه عن علی ع‏ قال قال رسول الله ص: احلف بالله کاذبا و نج أخاک من القتل و صحیحة إسماعیل بن سعد الأشعری عن أبی الحسن الرضا ع قال: سألته عن رجل یخاف على ماله من السلطان فیحلف له لینجو به منه قال لا بأس و سألته هل یحلف الرجل على مال أخیه کما یحلف على مال نفسه قال نعم و عن الفقیه قال قال الصادق ع: الیمین على وجهین إلى أن قال فأما الیمین التی یؤجر علیها الرجل إذا حلف کاذبا و لم تلزمه الکفارة فهو أن یحلف الرجل فی خلاص امرأ مسلم أو خلاص ماله من متعد یتعدى علیه من لص أو غیره و فی موثقة زرارة بابن بکیر: أنا نمر على هؤلاء القوم فیستحلفوننا على أموالنا و قد أدینا زکاتها فقال یا زرارة إذا خفت فاحلف لهم بما شاءوا و روایة سماعة عن أبی عبد الله ع: إذا حلف الرجل تقیة لم یضره إذا هو أکره أو اضطر إلیه و قال لیس شی‏ء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إلیه إلى غیر ذلک من الأخبار الواردة فی هذا الباب و فیما یأتی من جواز الکذب فی الإصلاح التی یصعب على الفقیه التزام تقییدها بصورة عدم القدرة على التوریة. و أما حکم العقل بقبح الکذب فی غیر مقام توقف تحقق المصلحة الراجحة علیه فهو و إن کان مسلما إلا أنه یمکن القول بالعفو عنه شرعا- للأخبار المذکورة کما عفی عن الکذب فی الإصلاح و عن السب و التبری مع الإکراه مع أنه قبیح عقلا أیضا مع أن إیجاب التوریة على القادر لا یخلو عن الالتزام بالعسر کما لا یخفى‏.

فلو قیل بتوسعة الشارع على العباد بعدم ترتب الآثار على الکذب فیما نحن فیه و إن قدر على التوریة کان حسنا إلا أن الاحتیاط فی خلافه بل هو المطابق للقواعد لو لا استبعاد التقیید فی هذه المطلقات لأن النسبة بین هذه المطلقات‏ و بین ما دل کالروایة الأخیرة و غیرها على اختصاص الجواز بصورة الاضطرار المستلزم للمنع مع عدمه مطلقا عموم من وجه فیرجع إلى عمومات حرمة الکذب فتأمل. هذا مع إمکان منع الاستبعاد المذکور لأن مورد الأخبار عدم التفات إلى التوریة فی مقام الضرورة إلى الکذب إذ مع الالتفات فالغالب اختیارها إذ لا داعی إلى العدول عنها إلى الکذب‏.

ثم إن أکثر الأصحاب مع تقییدهم جواز الکذب بعدم القدرة على التوریة أطلقوا القول بلغویة ما أکره علیه من العقود و الإیقاعات و الأقوال المحرمة کالسب و التبری من دون تقیید بصورة عدم التمکن من التوریة بل صرح بعض هؤلاء کالشهید فی الروضة و المسالک فی باب الطلاق بعدم اعتبار العجز عنها بل فی کلام بعض ما یشعر بالاتفاق علیه مع أنه یمکن أن یقال إن المکره على البیع إنما أکره على التلفظ بالصیغة. و أما إرادة المعنى فمما لا یقبل الإکراه فإذا أراده مع القدرة على عدم إرادته فقد اختاره فالإکراه على البیع الواقعی یختص بغیر القادر على التوریة لعدم المعرفة بها أو عدم الالتفات إلیها کما أن الاضطرار إلى الکذب یختص بغیر القادر علیها.

و یمکن أن یفرق بین المقامین بأن الإکراه إنما یتعلق بالبیع الحقیقی أو الطلاق الحقیقی غایة الأمر قدرة المکره على التفصی عنه بإیقاع الصورة من دون إرادة المعنى لکنه غیر المکره علیه. و حیث إن الأخبار خالیة عن اعتبار العجز عن التفصی بهذا الوجه لم یعتبر ذلک فی حکم الإکراه و هذا بخلاف الکذب فإنه لم یسوغ إلا عند الاضطرار إلیه و لا اضطرار مع القدرة. نعم لو کان الإکراه من أفراد الاضطرار بأن کان المعتبر فی تحقق موضوعه‏ عرفا أو لغة العجز عن التفصی کما ادعاه بعض أو قلنا باختصاص رفع حکمه بصورة الاضطرار بأن کان عدم ترتب الأثر على المکره علیه من حیث إنه مضطر إلیه لدفع الضرر المتوعد علیه به عن النفس و المال کان ینبغی فیه اعتبار العجز من التوریة لعدم اضطرار مع القدرة علیها. و الحاصل أن المکره إذا قصد المعنى مع التمکن من التوریة صدق على ما أوقع أنه مکره علیه فیدخل فی عموم رفع ما أکرهوا علیه. و أما المضطر فإذا کذب مع القدرة على التوریة لم یصدق أنه مضطر إلیه فلا یدخل فی عموم رفع ما اضطروا إلیه هذا کله على مذاق المشهور من انحصار جواز الکذب بصورة الاضطرار إلیه حتى من جهة العجز عن التوریة. و أما على ما استظهرناه من الأخبار کما اعترف به جماعة من جوازه مع الاضطرار إلیه من غیر جهة العجز عن التوریة فلا فرق بینه و بین الإکراه کما أن الظاهر أن أدلة نفی الإکراه راجعة إلى الاضطرار لکن من غیر جهة التوریة. فالشارع رخص فی ترک التوریة فی کل کلام مضطر إلیه للإکراه علیه أو دفع الضرر به هذا و لکن الأحوط التوریة فی البابین‏.

ثم إن الضرر المسوغ للکذب هو المسوغ لسائر المحرمات‏، نعم یستحب تحمل الضرر المالی الذی لا یجحف و علیه یحمل قول أمیر المؤمنین ع فی نهج البلاغة: علامة الإیمان أن تؤثر الصدق حیث یضرک على الکذب حیث ینفعک.

ثم إن الأقوال الصادرة عن أئمتنا فی مقام التقیة فی بیان الأحکام مثل قولهم: لا بأس بالصلاة فی ثوب أصابه خمر و نحو ذلک و إن أمکن حمله على الکذب لمصلحة بناء على ما استظهرنا جوازه من الأخبار إلا أن الألیق بشأنهم ع هو الحمل على إرادة خلاف ظواهرها من دون نصب قرینة بأن یرید من جواز الصلاة فی الثوب المذکور جوازها عند تعذر الغسل و الاضطرار إلى‏ اللبس و قد صرحوا بإرادة المحامل البعیدة فی بعض الموارد مثل أنه: ذکر ع أن النافلة فریضة ففزع المخاطب ثم قال إنما أردت صلاة الوتر على النبی ص‏.

و من هنا یعلم أنه إذا دار الأمر فی بعض المواضع بین الحمل على التقیة و الحمل على الاستحباب‏ کما فی الأمر بالوضوء عقیب بعض ما قال العامة بکونه حدثا تعین الثانی لأن التقیة تتأدى بإرادة المجاز و إخفاء القرینة.

الثانی من مسوغات الکذب إرادة الإصلاح‏ و قد استفاضت الأخبار بجواز الکذب عند إرادة الإصلاح.

ففی صحیحة معاویة بن عمار: المصلح لیس بکذاب و نحوها روایة معاویة بن حکم عن أبیه عن جده عن أبی عبد الله ع. و فی روایة عیسى بن حسان فی الوسائل عن الصادق ع: کل کذب مسئول عنه صاحبه یوما إلا کذبا فی ثلاثة رجل کائد فی حربه فهو موضوع عنه أو رجل أصلح بین اثنین یلقى هذا بغیر ما یلقى به هذا یرید بذلک الإصلاح أو رجل وعد أهله و هو لا یرید أن یتم لهم و بمضمون هذه الروایة فی استثناء هذه الثلاثة روایات. و فی مرسلة الواسطی عن أبی عبد الله ع قال: الکلام ثلاثة صدق و کذب و إصلاح بین الناس قال قیل له جعلت فداک ما الإصلاح بین الناس قال تسمع من الرجل کلاما یبلغه فتخبث نفسه فیقول سمعت من فلان قال فیک من الخیر کذا و کذا خلاف ما سمعت منه و عن الصدوق فی کتاب الإخوان بسنده عن أبی الحسن الرضا ع قال: إن الرجل لیصدق على أخیه فیصیبه عنت من صدقه فیکون کذابا عند الله و إن الرجل لیکذب على أخیه یرید به نفعه فیکون عند الله صادقا ثم إن ظاهر الأخبار المذکورة عدم وجوب التوریة و لم أر من اعتبر العجز عنها فی جواز الکذب فی هذا المقام. و تقیید الأخبار المذکورة بصورة العجز عنها فی غایة البعد و إن کان مراعاته مقتضى الاحتیاط. ثم إنه قد ورد فی أخبار کثیرة جواز الوعد الکاذب مع الزوجة بل مطلق الأهل و الله العالم‏.

***