حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: مومن میں دو خصلتیں جمع نہیں ہوسکتیں: بخل اور رزق کے بارے میں خدا سے بدگمانی۔ بحارالانوار کتاب الروضۃ باب7 حدیث8

*کتاب المکاسب*
فی المکاسب المحرمة
تقسیم المکاسب إلى الأحکام الخمسة
النوع‏ الأول الاکتساب بالأعیان النجسة عدا ما استثنی
المسئلة الأولى یحرم المعاوضة على بول
المسئلة الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة
المسئلة الثالثة یحرم المعاوضة على الدم
المسئلة الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی‏
المسئلة الخامسة تحرم المعاوضة على المیتة
المسئلة السادسة یحرم التکسب بالکلب و الخنزیر
المسئلة السابعة یحرم التکسب بالخمر
المسئلة الثامنة یحرم المعاوضة على الأعیان المتنجسة
و أما المستثنى من الأعیان المتقدمة
المسئلة الأولى یجوز بیع المملوک الکافر
المسئلة الثانیة یجوز المعاوضة على غیر کلب الهراش
المسئلة الثالثة المعاوضة على العصیر العنبی‏
المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏
بقی الکلام فی حکم نجس العین
النوع الثانی مما یحرم التکسب به لتحریم ما یقصد به‏
القسم الأول ما لا یقصد من وجوده إلا الحرام‏
منها هیاکل العبادة المبتدعة
منها آلات القمار بأنواعه
منها آلات اللهو على اختلاف أصنافها
منها أوانی الذهب و الفضة
منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس‏
القسم الثانی ما یقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
المسئلة الأولى بیع العنب على أن یعمل خمرا
المسألة الثانیة یحرم المعاوضة على الجاریة المغنیة
المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا
القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا
النوع الثالث ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها
النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما‏
المسألة الأولى تدلیس الماشطة
المسألة الثانیة تزیبن الرجل بما یحرم علیه
المسألة الثالثة التشبیب بالمرأة
المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح
المسألة الخامسة التطفیف
المسألة السادسة التنجیم
المسألة السابعة حفظ کتب الضلال
المسألة الثامنة الرشوة
المسئلة التاسعة سب المؤمنین
المسئلة العاشرة السحر
المسئلة الحادیة عشرة الشعبذة
المسئلة الثانیة عشرة الغش
المسئلة الثالثة عشرة الغناء
المسئلة الرابعة عشرة الغیبة
المسئلة الخامسة عشرة القمار
المسئلة السادسة عشرة القیادة
المسئلة السابعة عشرة القیافة
المسئلة الثامنة عشرة الکذب
المسئلة التاسعة عشرة الکهانة
المسئلة العشرون اللهو
المسئلة الحادیة و العشرون مدح من لا یستحق المدح
المسئلة الثانیة و العشرون معونة الظالمین
المسئلة الثالثة و العشرون النجش
المسئلة الرابعة و العشرون النمیمة
المسئلة الخامسة و العشرون النوح بالباطل‏
المسئلة السادسة و العشرون الولایة من قبل الجائر
و ینبغی التنبیه على أمور
خاتمة فیما ینبغی للوالی العمل به فی نفسه و فی رعیته‏
المسئلة السابعة و العشرون هجاء المؤمن
المسئلة الثامنة و العشرون الهجر
النوع‏ الخامس حرمة التکسب بالواجبات
الأولى بیع المصحف‏
الثانیة جوائز السلطان و عماله
الثالثة ما یأخذه السلطان لأخذ الخراج و المقاسمة
التنبیه الاول
التنبیه الثانی
التنبیه الثالث
التنبیه الرابع
التنبیه الخامس
التنبیه السادس
التنبیه السابع
التنبیه الثامن

مکاسب حصہ اول

المسئلة الثالثة عشرة الغناء

المسئلة الثالثة عشرة الغناء، لا خلاف فی حرمته فی الجملة. و الأخبار بها مستفیضة و ادعى فی الإیضاح تواترها منها ما ورد مستفیضا فی تفسیر قول الزور فی قوله تعالى‏ و اجتنبوا قول الزور ففی صحیحة زید الشحام و مرسلة ابن أبی عمیر و موثقة أبی بصیر المرویات عن الکافی و روایة عبد الأعلى المحکیة عن معانی الأخبار و حسنة هشام المحکیة عن تفسیر القمی رحمه الله تفسیر قول الزور بالغناء. و منها ما ورد مستفیضا فی تفسیر لهو الحدیث کما فی صحیحة ابن مسلم و روایة مهران بن محمد و روایة الوشاء و روایة حسن بن هارون و روایة عبد الأعلى السابقة. و منها ما ورد فی تفسیر الزور فی قوله تعالى‏ و الذین لا یشهدون الزور کما فی صحیحة ابن مسلم عن أبی عبد الله ع تارة بلا واسطة و أخرى بواسطة أبی‏ الصباح الکنانی.

و قد یخدش فی الاستدلال بهذه الروایات بظهور الطائفة الأولى بل الثانیة فی أن الغناء من مقولة الکلام لتفسیر قول الزور به. و یؤیده ما فی بعض الأخبار من أن قول الزور أن تقول للذی یغنی أحسنت و یشهد له قول علی بن الحسین ع فی مرسلة الفقیه الآتیة: فی الجاریة التی لها صوت لا بأس لو اشتریتها فذکرتک الجنة یعنی بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التی لیست بغناء و لو جعل التفسیر من الصدوق دل على الاستعمال أیضا. و کذا لهو الحدیث بناء على أنه من إضافة الصفة إلى الموصوف فیختص الغناء المحرم بما کان مشتملا على الکلام الباطل فلا تدل على حرمة نفس الکیفیة و هو لم یکن فی کلام باطل و منه تظهر الخدشة فی الطائفة الثالثة حیث إن مشاهد الزور التی مدح الله تعالى من لا یشهدها هی مجالس التغنی بالأباطیل من الکلام‏.

فالإنصاف أنها لا تدل على حرمة نفس الکیفیة إلا من حیث إشعار لهو الحدیث بکون لهو الحدیث على إطلاقه مبغوضا لله تعالى. و کذا الزور بمعنى الباطل و إن تحققا فی کیفیة الکلام لا فی نفسه کما إذا تغنی فی کلام حق من قرآن أو دعاء أو مرثیة. و بالج

ملة فکل صوت یعد فی نفسه مع قطع النظر عن الکلام المتصوت به لهوا و باطلا فهو حرام‏. و مما یدل على حرمة الغناء من حیث کونه لهوا و باطلا و لغوا روایة عبد الأعلى و فیها ابن فضال قال: سألت أبا عبد الله ع عن الغناء و قلت إنهم یزعمون أن رسول الله ص رخص فی أن یقال جئناکم جئناکم حیونا حیونا نحیکم فقال کذبوا إن الله تعالى یقول‏ (ما خلقنا السماء و الأرض و ما بینهما لاعبین لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن کنا فاعلین بل نقذف بالحق على الباطل فیدمغه‏ فإذا هو زاهق و لکم الویل مما تصفون‏) ثم قال قال ویل لفلان مما یصف رجل لم یحضر المجلس إلى آخر الخبر. فإن الکلام المذکور المرخص فیه بزعمهم لیس بالباطل و اللهو اللذین یکذب الإمام ع رخصة النبی ص فیه فلیس الإنکار الشدید و جعل ما زعموا الرخصة فیه من اللهو بالباطل إلا من جهة التغنی به. و روایة یونس قال: سألت الخراسانی ص عن الغناء و قلت إن العباسی زعم أنک ترخص فی الغناء فقال کذب الزندیق ما هکذا قلت له سألنی عن الغناء فقلت له إن رجلا أتى أبا جعفر ع فسأله عن الغناء فقال له یا فلان إذا میز الله بین الحق و الباطل فأین یکون الغناء قال مع الباطل فقال ع حسبک فقد حکمت و روایة محمد بن أبی عباد و کان مستهترا بالسماع و بشرب النبیذ قال: سألت الرضا ع عن السماع قال لأهل الحجاز فیه رأى و هو فی حیز الباطل و اللهو أ ما سمعت الله عز و جل یقول‏ و إذا مروا باللغو مروا کراما. و الغناء من السماع کما نص علیه فی الصحاح و قال أیضا جاریة مسمعة أی مغنیة. و فی روایة الأعمش الواردة فی تعداد الکبائر قوله: و الملاهی التی تصد عن ذکر الله کالغناء و ضرب الأوتار و قوله ع: و قد سئل عن الجاریة المغنیة قد یکون للرجل جاریة تلهیه و ما ثمنها إلا کثمن الکلب. و ظاهر هذه الأخبار بأسرها حرمة الغناء من حیث اللهو و الباطل فالغناء و هی من مقولة الکیفیة للأصوات کما سیجی‏ء إن کان مساویا للصوت اللهوی و الباطل کما هو الأقوى و سیجی‏ء فهو و إن کان أعم وجب تقیید بما کان من هذا العنوان‏ کما أنه لو کان أخص وجب التعدی منه إلى مطلق الصوت الخارج على وجه اللهو.

و بالجملة فالمحرم هو ما کان من لحون أهل الفسوق و المعاصی التی ورد النهی عن قراءة القرآن بها سواء أ کان مساویا للغناء أم أعم أو أخص مع أن الظاهر أنه لیس الغناء إلا هو، و إن اختلفت فیه عبارات الفقهاء و اللغویین فعن المصباح أن الغناء الصوت و عن آخر أنه مد الصوت و عن النهایة عن الشافعی أنه تحسین الصوت و ترقیقه و عنها أیضا أن کل من رفع صوتا و والاه فصوته عند العرب غناء. و کل هذه المفاهیم مما یعلم عدم حرمتها و عدم صدق الغناء علیها فکلها إشارة إلى المفهوم المعین عرفا.

و الأحسن من الکل ما تقدم من الصحاح و یقرب منه المحکی عن المشهور بین الفقهاء من أنه مد الصوت المشتمل على الترجیع المطرب‏. و الطرب على ما فی الصحاح خفة تعتری الإنسان لشدة حزن أو سرور و عن الأساس للزمخشری خفة لسرور أو هم. و هذا القید هو المدخل للصوت فی أفراد اللهو و هو الذی أراده الشاعر بقوله أ طربا و أنت قنسری أی شیخ کبیر و إلا فمجرد السرور أو الحزن لا یبعد عن الشیخ الکبیر. و بالجملة فمجرد مد الصوت لا مع الترجیع المطرب أو و لو مع الترجیع لا یوجب کونه لهوا و من اکتفى بذکر الترجیع کالقواعد أراد به المقتضی للإطراب.

قال فی جامع المقاصد فی الشرح لیس مجرد مد الصوت محرما و إن مالت إلیه النفوس ما لم ینته إلى حد یکون مطربا بالترجیع المقتضی للإطراب انتهى.

ثم إن المراد بالمطرب ما کان مطربا فی الجملة بالنسبة إلى المغنی أو المستمع‏ أو ما کان من شأنه الإطراب و مقتضیا له لو لم یمنع عنه مانع من جهة قبح الصوت أو غیره. و أما لو اعتبر الإطراب فعلا خصوصا بالنسبة إلى کل أحد و خصوصا بمعنى الخفة لشدة السرور أو الحزن فیشکل ل خلو أکثر ما هو غناء عرفا عنه و کان هذا هو الذی دعا الشهید الثانی إلى أن زاد فی الروضة و المسالک بعد تعریف المشهور قوله أو ما یسمى فی العرف غناء و تبعه فی مجمع الفائدة و غیره.

و لعل هذا أیضا دعا صاحب مفتاح الکرامة إلى زعم أن الإطراب فی تعریف الغناء غیر الطرب المفسر فی الصحاح بخفة لشدة سرور أو حزن و إن توهمه صاحب مجمع البحرین و غیره من أصحابنا. و استشهد على ذلک بما فی الصحاح من أن التطریب فی الصوت مدة و تحسینه. و ما عن المصباح من أن طرب فی صوته مدة و رجعة. و فی القاموس الغناء ککساء من الصوت ما طرب به و أن التطریب الإطراب کالتطرب و التغنی. قال رحمه الله فتحصل من ذلک أن المراد بالتطریب و الإطراب غیر الطرب بمعنى الخفة لشدة حزن أو سرور کما توهمه صاحب مجمع البحرین و غیره من أصحابنا فکأنه قال فی القاموس الغناء من الصوت ما مد و حسن و رجع فانطبق على المشهور إذ الترجیع تقارب ضروب حرکات الصوت و النفس فکان لازما للإطراب و التطریب انتهى کلامه.

و فیه أن الطرب إذا کان معناه على ما تقدم من الجوهری و الزمخشری هو ما یحصل للإنسان من الخفة لا جرم یکون المراد بالإطراب و التطریب إیجاد هذه الحالة و إلا لزم الاشتراک اللفظی به مع أنهم لم یذکروا للطرب معنى آخر لیشتق منه لفظ التطریب و الإطراب.

مضافا إلى أن ما ذکر فی معنى التطریب من الصحاح و المصباح إنما هو للفعل القائم بذی الصوت لا الإطراب القائم بالصوت و هو المأخوذ فی تعریف الغناء عند المشهور دون فعل الشخص ف یمکن أن یکون معنى تطریب الشخص فی صوته إیجاد سبب الطرب بمعنى الخفة بمد الصوت و تحسینه و ترجیعه کما أن تفریح الشخص إیجاد سبب الفرح بفعل ما یوجبه فلا ینافی ذلک ما ذکر ما معنى الطرب. و کذا ما فی القاموس من قوله ما طرب به یعنی ما أوجد به الطرب‏.

مع أنه لا مجال لتوهم کون التطریب بمادته بمعنى التحسین و الترجیع‏ إذ لم یتوهم أحد کون الطرب بمعنى الحسن و الرجوع أو کون التطریب هو نفس المد فلیست هذه الأمور إلا أسبابا للطرب یراد إیجاده من فعل هذه الأسباب. هذا کله مضافا إلى عدم إمکان إرادة ما ذکر من المد و التحسین و الترجیع من المطرب فی قول الأکثر إن الغناء مد الصوت المشتمل على الترجیع المطرب کما لا یخفى مع أن مجرد المد و الترجیع و التحسین لا یوجب الحرمة قطعا لما مر و سیجی‏ء فتبین من جمیع ما ذکرنا أن المتعین حمل المطرب فی تعریف الأکثر للغناء على الطرب بمعنى الخفة. و توجیه کلامهم بإرادة ما یقتضی الطرب و یعرض له بحسب وضع نوع ذلک الترجیع و إن لم یطرب شخصه لمانع من غلظة الصوت و مج الإسماع له. و لقد أجاد فی الصحاح حیث فسر الغناء بالسماع و هو المعروف عند أهل العرف و قد تقدم فی روایة محمد بن أبی عباد المستهتر بالسماع.

و کیف کان فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فیه على سبیل اللهو فإن اللهو کما یکون بآلة من غیر صوت کضرب الأوتار و نحوه و بالصوت فی الآلة کالمزمار و القصب و نحوهما فقد یکون بالصوت المجرد فکل صوت‏

یکون لهوا بکیفیة و معدودا من ألحان أهل الفسوق و المعاصی فهو حرام و إن فرض أنه لیس بغناء و کل ما لا یعد لهوا فلیس بحرام و إن فرض صدق الغناء علیه فرضا غیر محقق لعدم الدلیل على حرمة الغناء إلا من حیث کونه باطلا و لهوا و لغوا و زورا

ثم إن اللهو یتحقق بأمرین‏ أحدهما قصد التلهی و إن لم یکن لهوا الثانی کونه لهوا فی نفسه عند المستمعین و إن لم یقصد به التلهی‏.

ثم إن المرجع فی اللهو إلى العرف‏ و الحاکم بتحققه هو الوجدان حیث یجد الصوت المذکور مناسبا لبعض آلات اللهو و الرقص و لحضور ما یستلذ القوى الشهویة من کون المغنی جاریة أو أمرد أو نحو ذلک و مراتب الوجدان المذکور مختلفة فی الوضوح و الخفاء فقد یحس بعض الترجیع من مبادی الغناء و لم یبلغه.

و ظهر مما ذکرنا أنه لا فرق بین استعمال هذه الکیفیة فی کلام حق أو باطل‏، فقراءة القرآن و الدعاء و المراثی بصوت یرجع فیه على سبیل اللهو لا إشکال فی حرمتها و لا فی تضاعف عقابها لکونها معصیة فی مقام الطاعة و استخفافا بالمقرو و المدعو و المرثی. و من أوضح تسویلات الشیطان أن الرجل المتستر- قد تدعوه نفسه لأجل التفرج و التنزه و التلذذ إلى ما یوجب نشاطه و رفع الکسالة عنه من الزمزمة الملهیة فیجعل ذلک فی بیت من الشعر المنظوم فی الحکم و المراثی و نحوها فیتغنى به أو یحضر عند من یفعل ذلک. و ربما یعد مجلسا لأجل إحضار أصحاب الألحان و یسمیه مجلس المرثیة فیحصل له بذلک ما لا یحصل له من ضرب الأوتار من النشاط و الانبساط. و ربما یبکی فی خلال ذلک- لأجل الهموم المرکوزة فی قلبه الغائبة عن خاطره‏ من فقد ما یستحضره القوى الشهویة و یتخیل أنه بکى فی المرثیة و فاز بالمرتبة العالیة و قد أشرف على النزول إلى درکات الهاویة فلا ملجأ إلا إلى الله من شر الشیطان و النفس الغاویة.

و ربما یجری على هذا عروض الشبهة فی الأزمنة المتأخرة فی هذه المسألة فتارة من حیث أصل الحکم و أخرى من حیث الموضوع و ثالثة من اختصاص الحکم ببعض الموضوع:

أما الأول فلأنه حکی عن المحدث الکاشانی- أنه خص الحرام منه بما اشتمل على محرم من خارج مثل اللعب بآلات اللهو و دخول الرجال على النساء و الکلام بالباطل و إلا فهو فی نفسه غیر محرم. و المحکی من کلامه فی الوافی أنه بعد حکایة الأخبار التی یأتی بعضها قال الذی یظهر من مجموع الأخبار الواردة فیه اختصاص حرمة الغناء و ما یتعلق به من الأجر و التعلیم و الاستماع و البیع و الشراء کلها بما کان على النحو المعهود المتعارف فی زمن الخلفاء [بنی أمیة و بنی العباس‏] من دخول الرجال علیهن و تکلمهن بالأباطیل و لعبهن بالملاهی من العیدان و القصب و غیرهما دون ما سوى ذلک من أنواعه کما یشعر به قوله ع لیست بالتی یدخل علیها الرجال إلى أن قال و على هذا فلا بأس بسماع التغنی بالأشعار المتضمنة لذکر الجنة و النار و التشویق إلى دار القرار و وصف نعم الله الملک الجبار و ذکر العبادات و الترغیب فی الخیرات و الزهد فی الفانیات و نحو ذلک کما أشیر إلیه فی حدیث الفقیه بقوله فذکرتک الجنة و ذلک لأن هذا کله ذکر الله و ربما تقشعر منه جلود الذین یخشون ربهم ثم تلین جلودهم و قلوبهم إلى ذکر الله.

و بالجملة فلا یخفى على أهل الحجى بعد سماع هذه الأخبار تمییز حق الغناء عن باطله و أن أکثر ما یتغنى به المتصوفة فی محافلهم من قبیل الباطل انتهى.

أقول لو لا استشهاده بقوله لیست بالتی یدخل علیها الرجال أمکن بلا تکلف تطبیق کلامه على ما ذکرناه من أن المحرم هو الصوت اللهوی الذی یناسبه اللعب بالملاهی و التکلم بالأباطیل و دخول الرجال على النساء لحظ السمع و البصر من شهوة الزنى دون مجرد الصوت الحسن الذی یذکر أمور الآخرة و ینسی شهوات الدنیا. إلا أن استشهاده بالروایة لیست بالتی یدخل علیها الرجال ظاهر فی التفصیل بین أفراد الغناء لا من حیث نفسه فإن صوت المغنیة التی تزف العرائس على سبیل اللهو لا محالة و لذا لو قلنا بإباحته فیما یأتی کنا قد خصصناه بالدلیل‏ و نسب القول المذکور إلى صاحب الکفایة أیضا. و الموجود فیها بعد ذکر الأخبار المتخالفة جوازا و منعا فی القرآن و غیره‏، أن الجمع بین هذه الأخبار یمکن بوجهین أحدهما تخصیص تلک الأخبار الواردة المانعة بما عدا القرآن و حمل ما یدل على ذم التغنی بالقرآن على قراءة تکون على سبیل اللهو کما یصنعه الفساق فی غنائهم و یؤیده روایة عبد الله بن سنان المذکورة: اقرءوا القرآن بألحان العرب و إیاکم و لحون أهل الفسوق و الکبائر و سیجی‏ء من بعدی أقوام یرجعون القرآن ترجیع الغناء. و ثانیهما أن یقال و حاصل ما قال حمل الأخبار المانعة على الفرد الشائع فی ذلک الزمان قال و الشائع فی ذلک الزمان الغناء على سبیل اللهو من الجواری و غیرهن فی مجالس الفجور و الخمور و العمل بالملاهی و التکلم بالباطل و إسماعهن الرجال فحمل المفرد المعرف یعنی لفظ الغناء على تلک الأفراد الشائعة فی ذلک الزمان غیر بعید. ثم ذکر روایة علی بن جعفر الآتیة و روایة اقرءوا القرآن المتقدمة و قوله‏ لیست بالتی یدخل علیها الرجال مؤیدا لهذا الحمل قال إن فیه إشعارا بأن منشأ المنع فی الغناء هو بعض الأمور المحرمة المقترنة به کالالتهاء و غیره إلى أن قال إن فی عدة من أخبار المنع عن الغناء إشعارا بکونه لهوا باطلا و صدق ذلک فی القرآن و الدعوات و الأذکار المقروة بالأصوات الطیبة المذکرة للجنة المهیجة للشوق إلى العالم الأعلى محل تأمل على أن التعارض واقع بین أخبار الغناء و الأخبار الکثیرة المتواترة الدالة على فضل قراءة القرآن و الأدعیة و الأذکار بالصوت الحسن مع عمومها لغة و کثرتها و موافقتها للأصل. و النسبة بین الموضوعین عموم من وجه فإذا لا ریب فی تحریم الغناء على سبیل اللهو و الاقتران بالملاهی و نحوهما ثم إن ثبت إجماع فی غیره و إلا بقی حکمه على الإباحة و طریق الاحتیاط واضح انتهى‏.

أقول لا یخفى أن الغناء على ما استفدناه من الأخبار بل و فتاوى الأصحاب و قول أهل اللغة هو من الملاهی نظیر ضرب الأوتار و النفخ فی القصب و المزمار و قد تقدم التصریح بذلک فی روایة الأعمش الواردة فی الکبائر فلا یحتاج فی حرمته إلى أن یقترن بالمحرمات الأخر کما هو ظاهر بعض ما تقدم من المحدثین المذکورین.

نعم لو فرض کون الغناء موضوعا لمطلق الصوت الحسن کما یظهر من بعض ما تقدم فی تفسیر معنى التطریب توجه ما ذکر بل لا أظن أحدا یفتی بإطلاق حرمة الصوت الحسن. و الأخبار بمدح الصوت الحسن و أنه من أجمل الجمال و استحباب القراءة و الدعاء به و أنه حلیة القرآن و اتصاف الأنبیاء و الأئمة به فی غایة الکثرة.

و قد جمعها فی الکفایة بعد ما ذکر أن غیر واحد من الأخبار یدل على جواز الغناء فی القرآن بل استحبابه بناء على دلالة الروایات على استحباب حسن الصوت و التحزین و الترجیع به و الظاهر أن شیئا منها لا یوجد بدون الغناء على ما استفید من کلام أهل اللغة و غیرهم على ما فصلناه فی بعض رسائلنا انتهى و قد صرح فی شرح قوله ص: اقرءوا القرآن بألحان العرب إن اللحن هو الغناء. و بالجملة فنسبة الخلاف إلیه فی معنى الغناء أولى من نسبة التفصیل إلیه بل ظاهر أکثر کلمات المحدث الکاشانی أیضا ذلک لأنه فی مقام نفی التحریم عن الصوت الحسن المذکر لأمور الآخرة المنسی لشهوات الدنیا.

نعم بعض کلماتهما ظاهرة فیما نسب إلیهما التفصیل فی الصوت اللهوی الذی لیس هو عند التأمل تفصیلا بل قول بإطلاق جواز الغناء و أنه لا حرمة فیه أصلا و إنما الحرام ما یقترن به من المحرمات فهو على تقدیر صدق نسبته إلیهما فی غایة الضعف لا شاهد له یقید الإطلاقات الکثیرة المدعى تواترها إلا بعض الروایات التی ذکراها.

منها ما عن الحمیری بسند لم یبعد فی الکفایة إلحاقه بالصحاح عن علی بن جعفر عن أخیه ع قال: سألته عن الغناء فی الفطر و الأضحى و الفرح قال لا بأس به ما لم یعص به و المراد به ظاهرا ما لم یصر الغناء سببا للمعصیة و لا مقدمة للمعاصی المقارنة له و منها ما فی کتاب علی بن جعفر عن أخیه قال: سألته عن الغناء هل یصلح فی الفطر و الأضحى و الفرح قال لا بأس ما لم یزمر به و الظاهر أن المراد بقوله ما لم یزمر به ما لم یلعب معه بالمزمار أو ما لم یکن الغناء بالمزمار و نحوه من آلات الأغانی. و روایة أبی بصیر قال: سألت أبا عبد الله ع عن کسب المغنیات فقال التی یدخل علیها الرجال حرام و التی تدعى إلى الأعراس لا بأس به و هو قول الله عز و جل‏ و من الناس من یشتری لهو الحدیث لیضل عن سبیل الله‏ و عن أبی بصیر عن أبی عبد الله ع قال: أجر المغنیة التی تزف العرائس لبس به بأس لیست بالتی یدخل علیها الرجال فإن ظاهر الثانیة و صریح الأولى أن حرمة الغناء منوطة بما یقصد منه فإن کان المقصود إقامة مجلس اللهو حرم و إلا فلا. و قوله فی الروایة و هو قول الله إشارة إلى ما ذکره من التفصیل و یظهر منه أن کلا الغناءین من لهو الحدیث لکن یقصد بأحدهما إدخال الناس فی المعاصی و الإخراج عن سبیل الحق و طریق الطاعة دون الآخر.

و أنت خبیر بعدم مقاومة هذه الأخبار للإطلاقات لعدم ظهور یعتد به فی دلالتها فإن الروایة الأولى لعلی بن جعفر ظاهرة فی تحقق المعصیة بنفس الغناء فیکون المراد بالغناء مطلق الصوت المشتمل على الترجیع و هو قد یکون مطربا ملهیا فیحرم و قد لا ینتهی إلى ذلک الحد فلا یعصى به و منه یظهر توجیه الروایة الثانیة لعلی بن جعفر ع فإن معنى قوله لم یزمر به لم یرجع فیه ترجیع المزمار أو أن المراد من الزمر التغنی على سبیل اللهو. و أما روایة أبی بصیر مع ضعفها سندا ب علی بن أبی حمزة البطائنی فلا تدل إلا على کون غناء المغنیة التی یدخل علیها الرجال داخلا فی لهو الحدیث فی الآیة و عدم دخول غناء التی تدعى إلى الأعراس فیه و هذا لا یدل على دخول ما لم یکن منهما فی القسم المباح مع کونه من لهو الحدیث قطعا فإذا فرضنا أن المغنی یغنی بإشعار باطلة فدخول هذا فی الآیة أقرب من خروجه. و بالجملة فالمذکور فی الروایة تقسیم غناء المغنیة باعتبار ما هو الغالب من أنها تطلب للتغنی إما فی المجالس المختصة بالنساء کما فی الأعراس و إما للتغنی فی مجالس الرجال. نعم الإنصاف أنه لا یخلو من إشعار بکون المحرم هو الذی یدخل فیه الرجال‏ على المغنیات لکن المنصف لا یرفع الید عن الإطلاقات لأجل هذا الإشعار خصوصا مع معارضته بما هو کالصریح فی حرمة غناء المغنیة و لو لخصوص مولاها کما تقدم من قوله ع: قد یکون للرجل الجاریة تلهیه و ما ثمنها إلا ثمن الکلب فتأمل. و بالجملة فضعف هذا القول بعد ملاحظة النصوص أظهر من أن یحتاج إلى الإظهار و ما أبعد ما بین هذا و بین ما سیجی‏ء من فخر الدین من عدم تجویز الغناء فی الأعراس لأن الروایتین و إن کانتا نصین فی الجواز إلا أنهما لا تقاومان الأخبار المانعة لتواترها. و أما ما ذکره فی الکفایة من تعارض أخبار المنع للأخبار الواردة فی فضل قراءة القرآن فیظهر فساده عند التکلم فی التفصیل‏.

و أما الثانی و هو الاشتباه فی الموضوع‏، فهو ما ظهر من بعض من لا خبرة له من طلبة زماننا تقلیدا لمن سبقه من أعیاننا من منع صدق الغناء فی المراثی و هو عجیب فإنه إن أراد أن الغناء مما یکون لمواد الألفاظ دخل فیه فهو تکذیب للعرف و اللغة. أما اللغة فقد عرفت و أما العرف فلأنه لا ریب فی أن من سمع من بعید صوتا مشتملا على الإطراب المقتضی للرقص أو ضرب آلات اللهو لا یتأمل فی إطلاق الغناء علیه إلى أن یعلم مواد الألفاظ و إن أراد أن الکیفیة التی یقرأ بها للمرثیة لا یصدق علیها تعریف الغناء فهو تکذیب للحسن.

و أما الثالث و هو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع‏، فقد حکى فی جامع المقاصد قولا لم یسم قائله باستثناء الغناء فی المراثی نظیر استثنائه فی الأعراس و لم یذکر وجهه و ربما وجهه بعض من متأخری المتأخرین لعمومات أدلة الإبکاء و الرثاء و قد أخذ ذلک مما تقدم عن صاحب الکفایة من الاستدلال بإطلاق أدلة قراءة القرآن.

و فیه أن أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات خصوصا التی تکون من مقدماتها فإن مرجع أدلة الاستحباب- إلى استحباب إیجاد الشی‏ء بسببه المباح لا بسببه المحرم أ لا ترى أنه لا یجوز إدخال السرور فی قلب المؤمن و إجابته بالمحرمات کالزنا و اللواط و الغناء و السر فی ذلک أن دلیل الاستحباب إنما یدل على کون الفعل لو خلی و طبعه خالیا عما یوجب لزوم أحد طرفیه فلا ینافی ذلک طرو عنوان من الخارج یوجب لزوم فعله أو ترکه کما إذا صار مقدمة لواجب أو صادفه عنوان محرم فأجابه المؤمن و إدخال السرور فی قلبه لیس فی نفسه شی‏ء ملزما لفعله أو ترکه فإذا تحقق فی ضمن الزنى فقد طرأ علیه عنوان ملزم لترکه کما أنه إذا أمر به الوالد أو السید طرأ علیه عنوان ملزم لفعله. و الحاصل أن جهات الأحکام الثلاثة أعنی الإباحة و الاستحباب و الکراهة لا تزاحم جهة الوجوب أو الحرمة فالحکم لهما مع اجتماع جهتیهما مع إحدى الجهات الثلاث.

و یشهد لما ذکرنا من عدم تأدی المستحبات فی ضمن المحرمات قوله ص: اقرءوا القرآن بألحان العرب و إیاکم و لحون أهل الفسوق و الکبائر و سیجی‏ء بعدی أقوام یرجعون القرآن ترجیع الغناء و النوح و الرهبانیة لا یجوز تراقیهم قلوبهم مقلوبة و قلوب من یعجبه شأنهم قال فی الصحاح اللحن واحد الألحان و اللحون و منه الحدیث اقرءوا القرآن بلحون العرب و قد لحن فی قراءته إذا طرب بها و غرد و هو ألحن الناس إذا کان أحسنهم قراءة أو غناء انتهى.

و صاحب الحدائق جعل اللحن فی هذا الخبر بمعنى اللغة أی بلغة العرب و کأنه أراد باللغة اللهجة و تخیل أن إبقاءه على معناه یوجب ظهور الخبر فی جواز الغناء فی القرآن.

و فیه ما تقدم من أن مطلق اللحن إذا لم یکن على سبیل اللهو لیس غناء. و قوله ص و إیاکم و لحون أهل الفسوق نهی عن الغناء فی القرآن ثم إن فی قوله لا یجوز تراقیهم إشارة إلى أن مقصودهم لیس تدبر معانی القرآن بل هو مجرد الصوت المطرب.

و ظهر مما ذکرنا أنه لا تنافی بین حرمة الغناء فی القرآن و ما ورد من قوله ع: و رجع بالقرآن صوتک فإن الله یحب الصوت الحسن ف إن المراد بالترجیع تردید الصوت فی الحلق و من المعلوم أن مجرد ذلک لا یکون غناء إذا لم یکن على سبیل اللهو فالمقصود من الأمر بالترجیع أن لا یقرأ کقراءة عبائر الکتب عند المقابلة لکن مجرد الترجیع لا یکون غناء و لذا جعله نوعا منه فی قوله ص یرجعون القرآن ترجیع الغناء. و فی محکی شمس العلوم أن الترجیع تردید الصوت مثل ترجیع أهل الألحان و القراءة و الغناء انتهى. و بالجملة فلا تنافی بین الخبرین و لا بینهما و بین ما دل على حرمة الغناء حتى فی القرآن کما تقدم زعمه من صاحب الکفایة فی بعض ما ذکره من عدم اللهو فی قراءة القرآن و غیره‏ تبعا لما ذکره المحقق الأردبیلی رحمه الله حیث إنه بعد ما وجه استثناء المراثی و غیرها من الغناء بأنه ما ثبت الإجماع إلا فی غیرها. و الأخبار لیست بصحیحة صریحة فی التحریم مطلقا أید استثناء المراثی بأن البکاء و التفجع مطلوب مرغوب و فیه ثواب عظیم و الغناء معین على ذلک و أنه متعارف دائما فی بلاد المسلمین من زمن المشایخ إلى زماننا هذا من غیر نکیر ثم أیده بجواز النیاحة و جواز أخذ الأجرة علیها و الظاهر أنها لا تکون إلا معه و بأن تحریم الغناء للطرب على الظاهر و لیس فی المراثی طرب بل لیس إلا الحزن انتهى.

و أنت خبیر بأن شیئا مما ذکره لا ینفع فی جواز الغناء على الوجه الذی ذکرناه‏.

أما کون الغناء معینا على البکاء و التفجع فهو ممنوع بناء على ما عرفت من کون الغناء هو الصوت اللهوی بل و على ظاهر تعریف المشهور من الترجیع المطرب لأن الطرب الحاصل منه إن کان سرورا فهو مناف للتفجیع لا معین له و إن کان حزنا ف هو على ما هو المرکوز فی النفس الحیوانیة من فقد المشتهیات النفسانیة لا على ما أصاب سادات الزمان مع أنه على تقدیر الإعانة لا ینفع فی جواز الشی‏ء کونه مقدمة لمستحب أو مباح بل لا بد من ملاحظة عموم دلیل الحرمة له فإن کان فهو و إلا فیحکم بإباحته للأصل و على أی حال فلا یجوز التمسک فی الإباحة بکونه مقدمة لغیر حرام لما عرفت‏.

ثم إنه یظهر من هذا و ما ذکر أخیرا من أن المراثی لیس فیها طرب أن نظره إلى المراثی المتعارفة لأهل الدیانة التی لا یقصدونها إلا للتفجع و کأنه لم یحدث فی عصره المراثی التی یکتفى بها أهل اللهو و المترفون من الرجال و النساء بها عن حضور مجالس اللهو و ضرب العود و الأوتار و التغنی بالقصب و المزمار کما هو الشائع فی زماننا الذی قد أخبر النبی ص بنظیره فی قوله یتخذون القرآن مزامیر کما أن زیارة سیدنا و مولانا أبی عبد الله ع صار سفرها من أسفار اللهو و النزاهة لکثیر من المترفین. و قد أخبر النبی ص بنظیره فی سفر الحج: و أنه یحج أغنیاء أمتی للنزهة و الأوساط للتجارة و الفقراء للسمعة و کان کلامه ص کالکتاب العزیز واردا فی مورد و جاریا فی نظیره. و الذی أظن أن ما ذکرناه فی معنى الغناء المحرم من أنه الصوت اللهوی أن هؤلاء و غیرهم غیر مخالفین فیه و أما ما لم یکن على جهة اللهو المناسب لسائر آلاته فلا دلیل على تحریمه لو فرض شمول الغناء له لأن مطلقات الغناء منزلة على ما دل على إناطة الحکم فیه باللهو و الباطل من الأخبار المتقدمة خصوصا مع انصرافها فی أنفسها کأخبار المغنیة إلى هذا الفرد.

بقی الکلام فیما استثناه المشهور و هو أمران‏:

أحدهما الحداء، بالضم کدعاء صوت یرجع فیه للسیر بالإبل. و فی الکفایة أن المشهور استثناؤه و قد صرح بذلک فی شهادات الشرائع و القواعد و فی الدروس و على تقدیر کونه من الأصوات اللهویة کما یشهد به استثناؤهم إیاه عن الغناء بعد أخذهم الإطراب فی تعریفه فلم أجد ما یصلح لاستثنائه مع تواتر الأخبار بالتحریم عدا روایة نبویة ذکرها فی المسالک من تقریر النبی ص لعبد الله بن رواحة حیث حدا للإبل و کان حسن الصوت و فی دلالته و سنده ما لا یخفى.

الثانی غناء المغنیة فی الأعراس‏ إذا لم یکتنف بها محرم آخر من التکلم بالأباطیل و اللعب بآلات الملاهی المحرمة و دخول الرجال على النساء و المشهور استثناؤه للخبرین المتقدمین عن أبی بصیر فی أجر المغنیة التی تزف العرائس و نحوهما ثالث عنه أیضا. و إباحة الأجر لازمة لإباحة الفعل و دعوى أن الأجر لمجرد الزف لا للغناء عنده مخالفة للظاهر لکن فی سند الروایات أبو بصیر و هو غیر صحیح و الشهرة على وجه یوجب الانجبار غیر ثابتة لأن المحکی عن المفید رحمه الله و المرتضى و ظاهر الحلبی و صریح الحلی و التذکرة و الإیضاح بل کل من لم یذکر الاستثناء بعد التعمیم المنع. لکن الإنصاف أن سند الروایات و إن انتهت إلى أبی بصیر إلا أنه لا یخلو من وثوق فالعمل بها تبعا للأکثر غیر بعید و إن کان الأحوط کما فی الدروس الترک و الله العالم‏.

***