قال المصنف قدس الله لطیفه و أجزل تشریفه: { بسم الله الرحمن الرحیم }
الباء للملابسة و الظرف مستقر حال من ضمیر أبتدئ الکتاب کما فی دخلت علیه بثیاب السفر أو للاستعانة و الظرف لغو کما فی کتبت بالقلم و الأول أدخل فی التعظیم و الثانی لتمام الانقطاع لإشعاره بأن الفعل لا یتم بدون اسمه تعالى.
و إضافته إلى الله تعالى دون باقی أسمائه لأنها معان و صفات و فی التبرک بالاسم أو الاستعانة به کمال التعظیم للمسمى فلا یدل على اتحادهما بل دلت الإضافة على تغایرهما.
و الرحمن و الرحیم اسمان بنیا للمبالغة من رحم کالغضبان من غضب و العلیم من علم و الأول أبلغ لأن زیادة اللفظ تدل على زیادة المعنى و مختص به تعالى لا لأنه من الصفات الغالبة لأنه یقتضی جواز استعماله فی غیره تعالى بحسب الوضع و لیس کذلک لأن معناه المنعم الحقیقی البالغ فی الرحمة غایتها و تعقیبه بالرحیم من قبیل التتمیم فإنه لما دل على جلائل النعم و أصولها ذکر الرحیم لیتناول ما خرج منها.
{ الله أحمد } جمع بین التسمیة و التحمید فی الابتداء جریا على قضیة الأمر فی کل أمر ذی بال فإن الابتداء یعتبر فی العرف ممتدا من حین الأخذ فی التصنیف إلى الشروع فی المقصود فیقارنه التسمیة و التحمید و نحوهما و لهذا یقدر الفعل المحذوف فی أوائل التصانیف أبتدئ سواء اعتبر الظرف مستقرا أم لغوا لأن فیه امتثالا للحدیث لفظا و معنى و فی تقدیر غیره معنى فقط.
و قدم التسمیة اقتفاء لما نطق به الکتاب و اتفق علیه أولو الألباب و ابتدأ فی اللفظ باسم الله لمناسبة مرتبته فی الوجود العینی لأنه الأول فیه فناسب کون اللفظی و نحوه کذلک و قدم ما هو الأهم و إن کان حقه التأخر باعتبار المعمولیة للتنبیه على إفادة الحصر على طریقه ( إیاک نعبد ) و نسب الحمد إلیه تعالى باعتبار لفظ الله لأنه اسم للذات المقدسة بخلاف باقی أسمائه تعالى لأنها صفات کما مر و لهذا یحمل علیه و لا یحمل على شیء منها و نسبة الحمد إلى الذات باعتبار وصف تشعر بعلیته و جعل جملة الحمد فعلیة لتجدده حالا فحالا بحسب تجدد المحمود علیه و هی خبریة لفظا إنشائیة معنى للثناء على الله تعالى بصفات کماله و نعوت جلاله و ما ذکر فرد من أفراده.
و لما کان المحمود مختارا مستحقا للحمد على الإطلاق اختار الحمد على المدح و الشکر { استتماما لنعمته } نصب على المفعول له تنبیها على کونه من غایات الحمد و المراد به هنا الشکر لأنه رأسه و أظهر أفراده و هو ناظر إلى قوله تعالى ( لئن شکرتم لأزیدنکم ) لأن الاستتمام طلب التمام و هو مستلزم للزیادة و ذلک باعث على رجاء المزید و هذه اللفظة مأخوذة من کلام علی ع فی بعض خطبه و النعمة هی المنفعة الواصلة إلى الغیر على جهة الإحسان إلیه و هی موجبة للشکر المستلزم للمزید و وحدها للتنبیه على أن نعم الله تعالى أعظم من أن تستتم على عبد فإن فیضه غیر متناه کما و لا کیفا و فیها یتصور طلب تمام النعمة التی تصل إلى القوابل بحسب استعدادهم.
{ و الحمد فضله } أشار إلى العجز عن القیام بحق النعمة لأن الحمد إذا کان من جملة فضله فیستحق علیه حمدا و شکرا فلا ینقضی ما یستحقه من المحامد لعدم تناهی نعمة و اللام فی الحمد یجوز کونه للعهد الذکری و هو المحمود به أولا و للذهنی الصادر عنه أو عن جمیع الحامدین و للاستغراق لانتهائه مطلقا إلیه بواسطة أو بدونها فتکون کل قطرة من قطرات بحار فضله و لمحة من لمحات جوده و الجنس و هو راجع إلى السابق باعتبار.
{ و إیاه أشکر } على سبیل ما تقدم من الترکیب المفید لانحصار الشکر فیه لرجوع النعم کلها إلیه و إن قیل للعبد فعل اختیاری لأن آلاته و أسبابه التی یقتدر بها على الفعل لا بد أن ینتهی إلیه فهو الحقیق بجمیع أفراد الشکر و أردف الحمد بالشکر مع أنه لامح له أولا للتنبیه علیه بالخصوصیة و لمح تمام الآیة { استسلاما } أی انقیادا { لعزته } و هی غایة أخرى للشکر کما مر فإن العبد یستعد بکمال الشکر لمعرفة المشکور و هی مستلزمة للانقیاد لعزته و الخضوع لعظمته و هو ناظر إلى قوله تعالى ( و لئن کفرتم إن عذابی لشدید ) و لما تشتمل علیه الآیة من التخویف المانع من مقابلة نعمة الله بالکفران فقد جمع صدرها و عجزها بین رتبتی الخوف و الرجاء و قدم الرجاء لأنه سوط النفس الناطقة المحرک لها نحو الطماح و الخوف زمامها العاطف بها عن الجماح.
{ و الشکر طوله } أی من جملة فضله الواسع و منه السابغ فإن کل ما نتعاطاه من أفعالنا مستند إلى جوارحنا و قدرتنا و إرادتنا و سائر أسباب حرکاتنا و هی بأسرها مستندة إلى جوده و مستفادة من نعمه و کذلک ما یصدر عنا من الشکر و سائر العبادات نعمة منه فکیف تقابل نعمته بنعمته و قد روی: أن هذا الخاطر خطر لداود ع و کذا لموسى ع فقال یا رب کیف أشکرک و أنا لا أستطیع أن أشکرک إلا بنعمة ثانیة من نعمک و فی روایة أخرى: و شکری لک نعمة أخرى توجب على الشکر لک فأوحى الله تعالى إلیه إذا عرفت هذا فقد شکرتنی و فی خبر آخر: إذا عرفت أن النعم منی فقد رضیت بذلک منک شکرا.
{ حمدا و شکرا کثیرا کما هو أهله } یمکن کون الکاف فی هذا الترکیب زائدة مثلها فی ( لیس کمثله شیء ) لأن الغرض حمده بما هو أهله لا بحمد یشابه الحمد الذی هو أهله و ما موصولة و هو أهله صلتها و عائدها و التقدیر الحمد و الشکر الذی هو أهله مع منافرة تنکیرهما لجعل الموصول صفة لهما أو نکرة موصوفة بدلا من حمدا و شکرا لئلا یلزم التکرار و قد تجعل ما أیضا زائدة و التقدیر حمدا و شکرا هو أهله و یمکن کون الکاف حرف تشبیه اعتبارا بأن الحمد الذی هو أهله لا یقدر علیه هذا الحامد و لا غیره بل لا یقدر علیه إلا الله تعالى کما أشار إلیه النبی ص بقوله: لا أحصی ثناء علیک أنت کما أثنیت على نفسک و فی التشبیه حینئذ سؤال أن یلحقه الله تعالى بذلک الفرد الکامل من الحمد تفضلا منه تعالى مثله فی قولهم حمدا و شکرا ملء السموات و الأرض و حمدا یفوق حمد الحامدین و نحو ذلک و اختار الحمد بهذه الکلمة لما روی عن النبی ص: من قال الحمد لله کما هو أهله شغل کتاب السماء فیقولون اللهم إنا لا نعلم الغیب فیقول تعالى اکتبوها کما قالها عبدی و على ثوابها.
{ و أسأله تسهیل ما } أی الشیء و هو العلم الذی { یلزم حمله و تعلیم ما لا یسع } أی لا یجوز { جهله } و هو العلم الشرعی الواجب { و أستعینه على القیام بما یبقى أجره } على الدوام لأن ثوابه فی الجنة أکلها دائم و ظلها { و یحسن فی الملإ الأعلى ذکره } أصل الملإ الأشراف و الرؤساء الذین یرجع إلى قولهم و منه قوله تعالى ( أ لم تر إلى الملإ من بنی إسرائیل ) قیل لهم ذلک لأنهم ملاء بالرأی و الغناء أو أنهم یملئون العین و القلب و المراد بالملإ الأعلى الملائکة { و ترجى مثوبته و ذخره } و فی کل ذلک إشارة إلى الترغیب فیما هو بصدده من تصنیف العلم الشرعی و تحقیقه و بذل الجهد فی تعلیمه.
{ و أشهد أن لا إله إلا الله } تصریح بما قد دل علیه الحمد السابق بالالتزام من التوحید و خص هذه الکلمة لأنها أعلى کلمة و أشرف لفظة نطق بها فی التوحید منطبقة على جمیع مراتبه و لا فیها هی النافیة للجنس و إله اسمها قیل و الخبر محذوف تقدیره موجود و یضعف بأنه لا ینفی إمکان إله معبود بالحق غیره تعالى لأن الإمکان أعم من الوجود و قیل ممکن و فیه أنه لا یقتضی وجوده بالفعل و قیل مستحق للعبادة و فیه أنه لا یدل على نفی التعدد مطلقا و ذهب المحققون إلى عدم الاحتیاج إلى الخبر و أن إلا الله مبتدأ و خبره لا إله إذ کان الأصل الله إله فلما أرید الحصر زید لا و إلا و معناه الله إله و معبود بالحق لا غیره أو أنها نقلت شرعا إلى نفی الإمکان و الوجود عن إله سوى الله مع الدلالة على وجوده تعالى و إن لم تدل علیه لغة { وحده لا شریک له } تأکید لما قد استفید من التوحید الخالص حسن ذکره فی هذا المقام لمزید الاهتمام.
{ و أشهد أن محمدا نبی أرسله } قرن الشهادة بالرسالة بشهادة التوحید لأنها بمنزلة الباب لها و قد شرف الله نبینا ص بکونه لا یذکر إلا و یذکر معه و ذکر الشهادتین فی الخطبة لما روی عنه ص: من أن کل خطبة لیس فیها تشهد فهی کالید الجذماء و محمد علم منقول من اسم مفعول المضعف و سمی به نبینا ص إلهاما من الله تعالى و تفاؤلا بأنه یکثر حمد الخلق له لکثرة خصاله الحمیدة و قد قیل لجده عبد المطلب و قد سماه فی یوم سابع ولادته لموت أبیه قبلها لم سمیت ابنک محمدا و لیس من أسماء آبائک و لا قومک فقال رجوت أن یحمد فی السماء و الأرض و قد حقق الله رجاءه و النبیء بالهمز من النبإ و هو الخبر لأن النبی ص مخبر عن الله تعالى و بلا همز و هو الأکثر إما تخفیفا من المهموز بقلب همزته یاء أو أن أصله من النبوة بفتح النون و سکون الباء أی الرفعة لأن النبی ص مرفوع الرتبة على غیره من الخلق و نبه بقوله أرسله على جمعه بین النبوة و الرسالة و الأول أعم مطلقا لأنه إنسان أوحى إلیه بشرع و إن لم یؤمر بتبلیغه فإن أمر بذلک فرسول أیضا أو أمر بتبلیغه و إن لم یکن له کتاب أو نسخ لبعض شرع من قبله کیوشع ع فإن کان له ذلک فرسول أیضا و قیل هما بمعنى واحد و هو معنى الرسول على الأول { على العالمین } جمع العالم و هو اسم لما یعلم به کالخاتم و القالب غلب فیما یعلم به الصانع و هو کل ما سواه من الجواهر و الأعراض فإنها لإمکانها و افتقارها إلى مؤثر واجب لذاته تدل على وجوده و جمعه لیشمل ما تحته من الأجناس المختلفة و غلب العقلاء منهم فجمعه بالیاء و النون کسائر أوصافهم و قیل اسم وضع لذوی العلم من الملائکة و الثقلین و تناوله لغیرهم على سبیل الاستتباع و قیل المراد به الناس هاهنا فإن کل واحد منهم عالم أصغر من حیث إنه یشتمل على نظائر ما فی العالم الأکبر من الجواهر و الأعراض التی یعلم بها الصانع کما یعلم بما أبدعه فی العالم الأکبر.
{ اصطفاه } أی اختاره { و فضله } علیهم أجمعین { صلى الله علیه } من الصلاة المأمور بها فی قوله تعالى ( صلوا علیه و سلموا تسلیما ) و أصلها الدعاء لکنها منه تعالى مجاز فی الرحمة و غایة السؤال بها عائد إلى المصلی لأن الله تعالى قد أعطى نبیه ص من المنزلة و الزلفى لدیه ما لا تؤثر فیه صلاة مصل کما نطقت به الأخبار و صرح به العلماء الأخیار و کان ینبغی اتباعها بالسلام عملا بظاهر الأمر و إنما ترکه للتنبیه على عدم تحتم إرادته من الآیة لجواز کون المراد به الانقیاد بخلاف الصلاة.
{ و على آله } و هم عندنا علی و فاطمة و الحسنان و یطلق تغلیبا على باقی الأئمة ع و نبه على اختصاصهم ع بهذا الاسم بقوله { الذین حفظوا ما حمله } بالتخفیف من أحکام الدین { و عقلوا عنه ص ما عن جبرئیل عقله } و لا یتوهم مساواتهم له بذلک فی الفضیلة لاختصاصه ص عنهم بمزایا أخر تصیر بها نسبتهم إلیه کنسبة غیرهم ع من الرعیة إلیهم لأنهم ع فی وقته ص من جملة رعیته ثم نبه على ما أوجب فضیلتهم و تخصیصهم بالذکر بعده ص بقوله { حتى قرن } الظاهر عود الضمیر المستکن إلى النبی ص لأنه قرن { بینهم و بین محکم الکتاب } فی قوله ص: إنی تارک فیکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا کتاب الله و عترتی أهل بیتی الحدیث و یمکن عوده إلى الله تعالى لأن إخبار النبی ص بذلک مستند إلى الوحی الإلهی لأنه لا ینطق عن الهوى ( إن هو إلا وحی یوحى ) و هو الظاهر من قوله { و جعلهم قدوة لأولی الألباب } فإن الجاعل ذلک هو الله تعالى مع جواز أن یراد به النبی ص أیضا و الألباب العقول و خص ذویهم لأنهم المنتفعون بالعبر المقتفون لسدید الأثر { صلاة دائمة بدوام الأحقاب } جمع حقب بضم الحاء و القاف و هو الدهر و منه قوله تعالى ( أو أمضی حقبا ) أی دائمة بدوام الدهور و أما الحقب بضم الحاء و سکون القاف و هو ثمانون سنة فجمعه حقاب بالکسر مثل قف و قفاف نص علیه الجوهری.
{ أما بعد } الحمد و الصلاة و أما کلمة فیها معنى الشرط و لهذا کانت الفاء لازمة فی جوابها و التقدیر مهما یکن من شیء بعد الحمد و الصلاة فهو کذا فوقعت کلمة أما موقع اسم هو المبتدأ و فعل هو الشرط و تضمنت معناهما فلزمها لصوق الاسم اللازم للمبتدإ الأول إبقاء له بحسب الإمکان و لزمها الفاء للثانی و بعد ظرف زمان و کثیرا ما یحذف منه المضاف إلیه و ینوی معناه فیبنی على الضم .
{ فهذه } إشارة إلى العبارات الذهنیة التی یرید کتابتها إن کان وضع الخطبة قبل التصنیف أو کتبها إن کان بعده نزلها منزلة الشخص المشاهد المحسوس فأشار إلیه بهذه الموضوع للمشار إلیه المحسوس { اللمعة } بضم اللام و هی لغة البقعة من الأرض ذات الکلاء إذا یبست و صار لها بیاض و أصله من اللمعان و هو الإضاءة و البریق لأن البقعة من الأرض ذات الکلاء المذکور کأنها تضیء دون سائر البقاع و عدا ذلک إلى محاسن الکلام و بلیغة لاستنارة الأذهان به و لتمیزه عن سائر الکلام فکأنه فی نفسه ذو ضیاء و نور { الدمشقیة } بکسر الدال و فتح المیم نسبها إلى دمشق المدینة المعروفة لأنه صنفها بها فی بعض أوقات إقامته بها { فی فقه الإمامیة } الاثنی عشریة أیدهم الله تعالى { إجابة } منصوب على المفعول لأجله و العامل محذوف أی صنفها إجابة { لالتماس } و هو طلب المساوی من مثله و لو بالادعاء کما فی أبواب الخطابة { بعض الدیانین } أی المطیعین لله فی أمره و نهیه.
و هذا البعض هو شمس الدین محمد الآوی من أصحاب السلطان علی بن مؤید ملک خراسان و ما ولاها فی ذلک الوقت إلى أن استولى على بلاده تیمورلنک فصار معه قسرا إلى أن توفی فی حدود سنة خمس و تسعین و سبعمائة بعد أن استشهد المصنف قدس سره بتسع سنین.
و کان بینه و بین المصنف قدس سره مودة و مکاتبة على البعد إلى العراق ثم إلى الشام و طلب منه أخیرا التوجه إلى بلاده فی مکاتبة شریفة أکثر فیها من التلطف و التعظیم و الحث للمصنف رحمه الله على ذلک فأبى و اعتذر إلیه و صنف له هذا الکتاب بدمشق فی سبعة أیام لا غیر على ما نقله عنه ولده المبرور أبو طالب محمد و أخذ شمس الدین الآوی نسخة الأصل و لم یتمکن أحد من نسخها منه لظنته بها و إنما نسخها بعض الطلبة و هی فی ید الرسول تعظیما لها و سافر بها قبل المقابلة فوقع فیها بسبب ذلک خلل ثم أصلحه المصنف بعد ذلک بما یناسب المقام و ربما کان مغایرا للأصل بحسب اللفظ و ذلک فی سنة اثنین و ثمانین و سبعمائة.
و نقل عن المصنف رحمه الله أن مجلسه بدمشق ذلک الوقت ما کان یخلو غالبا من علماء الجمهور لخلطته بهم و صحبته لهم قال فلما شرعت فی تصنیف هذا الکتاب کنت أخاف أن یدخل على أحد منهم فیراه فما دخل على أحد منذ شرعت فی تصنیفه إلى أن فرغت منه و کان ذلک من خفی الألطاف و هو من جملة کراماته قدس الله روحه و نور ضریحه.
{ و حسبنا الله } أی محسبنا و کافینا { و نعم المعین } عطف إما على جملة حسبنا الله بتقدیر المعطوفة خبریة بتقدیر المبتدأ مع ما یوجبه أی مقول فی حقه ذلک أو بتقدیر المعطوف علیها إنشائیة أو على خبر المعطوف علیها خاصة فتقع الجملة الإنشائیة خبر المبتدأ فیکون عطف مفرد متعلقة جملة إنشائیة أو یقال إن الجملة التی لها محل من الأعراب لا حرج فی عطفها کذلک أو تجعل الواو معترضة لا عاطفة مع أن جماعة من النحاة أجازوا عطف الإنشائیة على الخبریة و بالعکس و استشهدوا علیه بآیات قرآنیة و شواهد شعریة.
{ و هی مبینة } أی مرتبة أو ما هو أعم من الترتیب { على کتب } بضم التاء و سکونها جمع کتاب و هو فعال من الکتب بالفتح و هو الجمع سمی به المکتوب المخصوص لجمعه المسائل المتکثرة و الکتاب أیضا مصدر مزید مشتق من المجرد لموافقته له فی حروفه الأصلیة و معناه.
حوزوی کتب
شرح لمعہ حصہ اول
مقدمة الشارح
مقدمة المصنف
* كتاب الطهارة *
مسائل
الفصل الأول في الوضوء
الفصل الثاني في الغسل
الفصل الثالث في التيمم
* کتاب الصلاة *
الفصل الأول فی أعدادها
الفصل الثانی فی شروطها
الفصل الثالث فی کیفیة الصلاة
الفصل الرابع فی باقی مستحباتها
الفصل الخامس فی التروک
الفصل السادس فی بقیة الصلوات
الفصل السابع فی بیان أحکام الخلل
مسائل
الفصل الثامن فی القضاء
الفصل التاسع فی صلاة الخوف
الفصل العاشر فی صلاة المسافر
الفصل الحادی عشر فی الجماعة
شرح لمعہ حصہ اول
مقدمة المصنف
قال المصنف قدس الله لطیفه و أجزل تشریفه: { بسم الله الرحمن الرحیم }
الباء للملابسة و الظرف مستقر حال من ضمیر أبتدئ الکتاب کما فی دخلت علیه بثیاب السفر أو للاستعانة و الظرف لغو کما فی کتبت بالقلم و الأول أدخل فی التعظیم و الثانی لتمام الانقطاع لإشعاره بأن الفعل لا یتم بدون اسمه تعالى.
و إضافته إلى الله تعالى دون باقی أسمائه لأنها معان و صفات و فی التبرک بالاسم أو الاستعانة به کمال التعظیم للمسمى فلا یدل على اتحادهما بل دلت الإضافة على تغایرهما.
و الرحمن و الرحیم اسمان بنیا للمبالغة من رحم کالغضبان من غضب و العلیم من علم و الأول أبلغ لأن زیادة اللفظ تدل على زیادة المعنى و مختص به تعالى لا لأنه من الصفات الغالبة لأنه یقتضی جواز استعماله فی غیره تعالى بحسب الوضع و لیس کذلک لأن معناه المنعم الحقیقی البالغ فی الرحمة غایتها و تعقیبه بالرحیم من قبیل التتمیم فإنه لما دل على جلائل النعم و أصولها ذکر الرحیم لیتناول ما خرج منها. { الله أحمد } جمع بین التسمیة و التحمید فی الابتداء جریا على قضیة الأمر فی کل أمر ذی بال فإن الابتداء یعتبر فی العرف ممتدا من حین الأخذ فی التصنیف إلى الشروع فی المقصود فیقارنه التسمیة و التحمید و نحوهما و لهذا یقدر الفعل المحذوف فی أوائل التصانیف أبتدئ سواء اعتبر الظرف مستقرا أم لغوا لأن فیه امتثالا للحدیث لفظا و معنى و فی تقدیر غیره معنى فقط.
و قدم التسمیة اقتفاء لما نطق به الکتاب و اتفق علیه أولو الألباب و ابتدأ فی اللفظ باسم الله لمناسبة مرتبته فی الوجود العینی لأنه الأول فیه فناسب کون اللفظی و نحوه کذلک و قدم ما هو الأهم و إن کان حقه التأخر باعتبار المعمولیة للتنبیه على إفادة الحصر على طریقه ( إیاک نعبد ) و نسب الحمد إلیه تعالى باعتبار لفظ الله لأنه اسم للذات المقدسة بخلاف باقی أسمائه تعالى لأنها صفات کما مر و لهذا یحمل علیه و لا یحمل على شیء منها و نسبة الحمد إلى الذات باعتبار وصف تشعر بعلیته و جعل جملة الحمد فعلیة لتجدده حالا فحالا بحسب تجدد المحمود علیه و هی خبریة لفظا إنشائیة معنى للثناء على الله تعالى بصفات کماله و نعوت جلاله و ما ذکر فرد من أفراده.
و لما کان المحمود مختارا مستحقا للحمد على الإطلاق اختار الحمد على المدح و الشکر { استتماما لنعمته } نصب على المفعول له تنبیها على کونه من غایات الحمد و المراد به هنا الشکر لأنه رأسه و أظهر أفراده و هو ناظر إلى قوله تعالى ( لئن شکرتم لأزیدنکم ) لأن الاستتمام طلب التمام و هو مستلزم للزیادة و ذلک باعث على رجاء المزید و هذه اللفظة مأخوذة من کلام علی ع فی بعض خطبه و النعمة هی المنفعة الواصلة إلى الغیر على جهة الإحسان إلیه و هی موجبة للشکر المستلزم للمزید و وحدها للتنبیه على أن نعم الله تعالى أعظم من أن تستتم على عبد فإن فیضه غیر متناه کما و لا کیفا و فیها یتصور طلب تمام النعمة التی تصل إلى القوابل بحسب استعدادهم.
{ و الحمد فضله } أشار إلى العجز عن القیام بحق النعمة لأن الحمد إذا کان من جملة فضله فیستحق علیه حمدا و شکرا فلا ینقضی ما یستحقه من المحامد لعدم تناهی نعمة و اللام فی الحمد یجوز کونه للعهد الذکری و هو المحمود به أولا و للذهنی الصادر عنه أو عن جمیع الحامدین و للاستغراق لانتهائه مطلقا إلیه بواسطة أو بدونها فتکون کل قطرة من قطرات بحار فضله و لمحة من لمحات جوده و الجنس و هو راجع إلى السابق باعتبار.
{ و إیاه أشکر } على سبیل ما تقدم من الترکیب المفید لانحصار الشکر فیه لرجوع النعم کلها إلیه و إن قیل للعبد فعل اختیاری لأن آلاته و أسبابه التی یقتدر بها على الفعل لا بد أن ینتهی إلیه فهو الحقیق بجمیع أفراد الشکر و أردف الحمد بالشکر مع أنه لامح له أولا للتنبیه علیه بالخصوصیة و لمح تمام الآیة { استسلاما } أی انقیادا { لعزته } و هی غایة أخرى للشکر کما مر فإن العبد یستعد بکمال الشکر لمعرفة المشکور و هی مستلزمة للانقیاد لعزته و الخضوع لعظمته و هو ناظر إلى قوله تعالى ( و لئن کفرتم إن عذابی لشدید ) و لما تشتمل علیه الآیة من التخویف المانع من مقابلة نعمة الله بالکفران فقد جمع صدرها و عجزها بین رتبتی الخوف و الرجاء و قدم الرجاء لأنه سوط النفس الناطقة المحرک لها نحو الطماح و الخوف زمامها العاطف بها عن الجماح.
{ و الشکر طوله } أی من جملة فضله الواسع و منه السابغ فإن کل ما نتعاطاه من أفعالنا مستند إلى جوارحنا و قدرتنا و إرادتنا و سائر أسباب حرکاتنا و هی بأسرها مستندة إلى جوده و مستفادة من نعمه و کذلک ما یصدر عنا من الشکر و سائر العبادات نعمة منه فکیف تقابل نعمته بنعمته و قد روی: أن هذا الخاطر خطر لداود ع و کذا لموسى ع فقال یا رب کیف أشکرک و أنا لا أستطیع أن أشکرک إلا بنعمة ثانیة من نعمک و فی روایة أخرى: و شکری لک نعمة أخرى توجب على الشکر لک فأوحى الله تعالى إلیه إذا عرفت هذا فقد شکرتنی و فی خبر آخر: إذا عرفت أن النعم منی فقد رضیت بذلک منک شکرا.
{ حمدا و شکرا کثیرا کما هو أهله } یمکن کون الکاف فی هذا الترکیب زائدة مثلها فی ( لیس کمثله شیء ) لأن الغرض حمده بما هو أهله لا بحمد یشابه الحمد الذی هو أهله و ما موصولة و هو أهله صلتها و عائدها و التقدیر الحمد و الشکر الذی هو أهله مع منافرة تنکیرهما لجعل الموصول صفة لهما أو نکرة موصوفة بدلا من حمدا و شکرا لئلا یلزم التکرار و قد تجعل ما أیضا زائدة و التقدیر حمدا و شکرا هو أهله و یمکن کون الکاف حرف تشبیه اعتبارا بأن الحمد الذی هو أهله لا یقدر علیه هذا الحامد و لا غیره بل لا یقدر علیه إلا الله تعالى کما أشار إلیه النبی ص بقوله: لا أحصی ثناء علیک أنت کما أثنیت على نفسک و فی التشبیه حینئذ سؤال أن یلحقه الله تعالى بذلک الفرد الکامل من الحمد تفضلا منه تعالى مثله فی قولهم حمدا و شکرا ملء السموات و الأرض و حمدا یفوق حمد الحامدین و نحو ذلک و اختار الحمد بهذه الکلمة لما روی عن النبی ص: من قال الحمد لله کما هو أهله شغل کتاب السماء فیقولون اللهم إنا لا نعلم الغیب فیقول تعالى اکتبوها کما قالها عبدی و على ثوابها. { و أسأله تسهیل ما } أی الشیء و هو العلم الذی { یلزم حمله و تعلیم ما لا یسع } أی لا یجوز { جهله } و هو العلم الشرعی الواجب { و أستعینه على القیام بما یبقى أجره } على الدوام لأن ثوابه فی الجنة أکلها دائم و ظلها { و یحسن فی الملإ الأعلى ذکره } أصل الملإ الأشراف و الرؤساء الذین یرجع إلى قولهم و منه قوله تعالى ( أ لم تر إلى الملإ من بنی إسرائیل ) قیل لهم ذلک لأنهم ملاء بالرأی و الغناء أو أنهم یملئون العین و القلب و المراد بالملإ الأعلى الملائکة { و ترجى مثوبته و ذخره } و فی کل ذلک إشارة إلى الترغیب فیما هو بصدده من تصنیف العلم الشرعی و تحقیقه و بذل الجهد فی تعلیمه.
{ و أشهد أن لا إله إلا الله } تصریح بما قد دل علیه الحمد السابق بالالتزام من التوحید و خص هذه الکلمة لأنها أعلى کلمة و أشرف لفظة نطق بها فی التوحید منطبقة على جمیع مراتبه و لا فیها هی النافیة للجنس و إله اسمها قیل و الخبر محذوف تقدیره موجود و یضعف بأنه لا ینفی إمکان إله معبود بالحق غیره تعالى لأن الإمکان أعم من الوجود و قیل ممکن و فیه أنه لا یقتضی وجوده بالفعل و قیل مستحق للعبادة و فیه أنه لا یدل على نفی التعدد مطلقا و ذهب المحققون إلى عدم الاحتیاج إلى الخبر و أن إلا الله مبتدأ و خبره لا إله إذ کان الأصل الله إله فلما أرید الحصر زید لا و إلا و معناه الله إله و معبود بالحق لا غیره أو أنها نقلت شرعا إلى نفی الإمکان و الوجود عن إله سوى الله مع الدلالة على وجوده تعالى و إن لم تدل علیه لغة { وحده لا شریک له } تأکید لما قد استفید من التوحید الخالص حسن ذکره فی هذا المقام لمزید الاهتمام. { و أشهد أن محمدا نبی أرسله } قرن الشهادة بالرسالة بشهادة التوحید لأنها بمنزلة الباب لها و قد شرف الله نبینا ص بکونه لا یذکر إلا و یذکر معه و ذکر الشهادتین فی الخطبة لما روی عنه ص: من أن کل خطبة لیس فیها تشهد فهی کالید الجذماء و محمد علم منقول من اسم مفعول المضعف و سمی به نبینا ص إلهاما من الله تعالى و تفاؤلا بأنه یکثر حمد الخلق له لکثرة خصاله الحمیدة و قد قیل لجده عبد المطلب و قد سماه فی یوم سابع ولادته لموت أبیه قبلها لم سمیت ابنک محمدا و لیس من أسماء آبائک و لا قومک فقال رجوت أن یحمد فی السماء و الأرض و قد حقق الله رجاءه و النبیء بالهمز من النبإ و هو الخبر لأن النبی ص مخبر عن الله تعالى و بلا همز و هو الأکثر إما تخفیفا من المهموز بقلب همزته یاء أو أن أصله من النبوة بفتح النون و سکون الباء أی الرفعة لأن النبی ص مرفوع الرتبة على غیره من الخلق و نبه بقوله أرسله على جمعه بین النبوة و الرسالة و الأول أعم مطلقا لأنه إنسان أوحى إلیه بشرع و إن لم یؤمر بتبلیغه فإن أمر بذلک فرسول أیضا أو أمر بتبلیغه و إن لم یکن له کتاب أو نسخ لبعض شرع من قبله کیوشع ع فإن کان له ذلک فرسول أیضا و قیل هما بمعنى واحد و هو معنى الرسول على الأول { على العالمین } جمع العالم و هو اسم لما یعلم به کالخاتم و القالب غلب فیما یعلم به الصانع و هو کل ما سواه من الجواهر و الأعراض فإنها لإمکانها و افتقارها إلى مؤثر واجب لذاته تدل على وجوده و جمعه لیشمل ما تحته من الأجناس المختلفة و غلب العقلاء منهم فجمعه بالیاء و النون کسائر أوصافهم و قیل اسم وضع لذوی العلم من الملائکة و الثقلین و تناوله لغیرهم على سبیل الاستتباع و قیل المراد به الناس هاهنا فإن کل واحد منهم عالم أصغر من حیث إنه یشتمل على نظائر ما فی العالم الأکبر من الجواهر و الأعراض التی یعلم بها الصانع کما یعلم بما أبدعه فی العالم الأکبر. { اصطفاه } أی اختاره { و فضله } علیهم أجمعین { صلى الله علیه } من الصلاة المأمور بها فی قوله تعالى ( صلوا علیه و سلموا تسلیما ) و أصلها الدعاء لکنها منه تعالى مجاز فی الرحمة و غایة السؤال بها عائد إلى المصلی لأن الله تعالى قد أعطى نبیه ص من المنزلة و الزلفى لدیه ما لا تؤثر فیه صلاة مصل کما نطقت به الأخبار و صرح به العلماء الأخیار و کان ینبغی اتباعها بالسلام عملا بظاهر الأمر و إنما ترکه للتنبیه على عدم تحتم إرادته من الآیة لجواز کون المراد به الانقیاد بخلاف الصلاة.
{ و على آله } و هم عندنا علی و فاطمة و الحسنان و یطلق تغلیبا على باقی الأئمة ع و نبه على اختصاصهم ع بهذا الاسم بقوله { الذین حفظوا ما حمله } بالتخفیف من أحکام الدین { و عقلوا عنه ص ما عن جبرئیل عقله } و لا یتوهم مساواتهم له بذلک فی الفضیلة لاختصاصه ص عنهم بمزایا أخر تصیر بها نسبتهم إلیه کنسبة غیرهم ع من الرعیة إلیهم لأنهم ع فی وقته ص من جملة رعیته ثم نبه على ما أوجب فضیلتهم و تخصیصهم بالذکر بعده ص بقوله { حتى قرن } الظاهر عود الضمیر المستکن إلى النبی ص لأنه قرن { بینهم و بین محکم الکتاب } فی قوله ص: إنی تارک فیکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا کتاب الله و عترتی أهل بیتی الحدیث و یمکن عوده إلى الله تعالى لأن إخبار النبی ص بذلک مستند إلى الوحی الإلهی لأنه لا ینطق عن الهوى ( إن هو إلا وحی یوحى ) و هو الظاهر من قوله { و جعلهم قدوة لأولی الألباب } فإن الجاعل ذلک هو الله تعالى مع جواز أن یراد به النبی ص أیضا و الألباب العقول و خص ذویهم لأنهم المنتفعون بالعبر المقتفون لسدید الأثر { صلاة دائمة بدوام الأحقاب } جمع حقب بضم الحاء و القاف و هو الدهر و منه قوله تعالى ( أو أمضی حقبا ) أی دائمة بدوام الدهور و أما الحقب بضم الحاء و سکون القاف و هو ثمانون سنة فجمعه حقاب بالکسر مثل قف و قفاف نص علیه الجوهری.
{ أما بعد } الحمد و الصلاة و أما کلمة فیها معنى الشرط و لهذا کانت الفاء لازمة فی جوابها و التقدیر مهما یکن من شیء بعد الحمد و الصلاة فهو کذا فوقعت کلمة أما موقع اسم هو المبتدأ و فعل هو الشرط و تضمنت معناهما فلزمها لصوق الاسم اللازم للمبتدإ الأول إبقاء له بحسب الإمکان و لزمها الفاء للثانی و بعد ظرف زمان و کثیرا ما یحذف منه المضاف إلیه و ینوی معناه فیبنی على الضم .
{ فهذه } إشارة إلى العبارات الذهنیة التی یرید کتابتها إن کان وضع الخطبة قبل التصنیف أو کتبها إن کان بعده نزلها منزلة الشخص المشاهد المحسوس فأشار إلیه بهذه الموضوع للمشار إلیه المحسوس { اللمعة } بضم اللام و هی لغة البقعة من الأرض ذات الکلاء إذا یبست و صار لها بیاض و أصله من اللمعان و هو الإضاءة و البریق لأن البقعة من الأرض ذات الکلاء المذکور کأنها تضیء دون سائر البقاع و عدا ذلک إلى محاسن الکلام و بلیغة لاستنارة الأذهان به و لتمیزه عن سائر الکلام فکأنه فی نفسه ذو ضیاء و نور { الدمشقیة } بکسر الدال و فتح المیم نسبها إلى دمشق المدینة المعروفة لأنه صنفها بها فی بعض أوقات إقامته بها { فی فقه الإمامیة } الاثنی عشریة أیدهم الله تعالى { إجابة } منصوب على المفعول لأجله و العامل محذوف أی صنفها إجابة { لالتماس } و هو طلب المساوی من مثله و لو بالادعاء کما فی أبواب الخطابة { بعض الدیانین } أی المطیعین لله فی أمره و نهیه.
و هذا البعض هو شمس الدین محمد الآوی من أصحاب السلطان علی بن مؤید ملک خراسان و ما ولاها فی ذلک الوقت إلى أن استولى على بلاده تیمورلنک فصار معه قسرا إلى أن توفی فی حدود سنة خمس و تسعین و سبعمائة بعد أن استشهد المصنف قدس سره بتسع سنین. و کان بینه و بین المصنف قدس سره مودة و مکاتبة على البعد إلى العراق ثم إلى الشام و طلب منه أخیرا التوجه إلى بلاده فی مکاتبة شریفة أکثر فیها من التلطف و التعظیم و الحث للمصنف رحمه الله على ذلک فأبى و اعتذر إلیه و صنف له هذا الکتاب بدمشق فی سبعة أیام لا غیر على ما نقله عنه ولده المبرور أبو طالب محمد و أخذ شمس الدین الآوی نسخة الأصل و لم یتمکن أحد من نسخها منه لظنته بها و إنما نسخها بعض الطلبة و هی فی ید الرسول تعظیما لها و سافر بها قبل المقابلة فوقع فیها بسبب ذلک خلل ثم أصلحه المصنف بعد ذلک بما یناسب المقام و ربما کان مغایرا للأصل بحسب اللفظ و ذلک فی سنة اثنین و ثمانین و سبعمائة.
و نقل عن المصنف رحمه الله أن مجلسه بدمشق ذلک الوقت ما کان یخلو غالبا من علماء الجمهور لخلطته بهم و صحبته لهم قال فلما شرعت فی تصنیف هذا الکتاب کنت أخاف أن یدخل على أحد منهم فیراه فما دخل على أحد منذ شرعت فی تصنیفه إلى أن فرغت منه و کان ذلک من خفی الألطاف و هو من جملة کراماته قدس الله روحه و نور ضریحه.
{ و حسبنا الله } أی محسبنا و کافینا { و نعم المعین } عطف إما على جملة حسبنا الله بتقدیر المعطوفة خبریة بتقدیر المبتدأ مع ما یوجبه أی مقول فی حقه ذلک أو بتقدیر المعطوف علیها إنشائیة أو على خبر المعطوف علیها خاصة فتقع الجملة الإنشائیة خبر المبتدأ فیکون عطف مفرد متعلقة جملة إنشائیة أو یقال إن الجملة التی لها محل من الأعراب لا حرج فی عطفها کذلک أو تجعل الواو معترضة لا عاطفة مع أن جماعة من النحاة أجازوا عطف الإنشائیة على الخبریة و بالعکس و استشهدوا علیه بآیات قرآنیة و شواهد شعریة.
{ و هی مبینة } أی مرتبة أو ما هو أعم من الترتیب { على کتب } بضم التاء و سکونها جمع کتاب و هو فعال من الکتب بالفتح و هو الجمع سمی به المکتوب المخصوص لجمعه المسائل المتکثرة و الکتاب أیضا مصدر مزید مشتق من المجرد لموافقته له فی حروفه الأصلیة و معناه.
***
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول