حضرت امام موسیٰ کاظم عليهالسلام نے فرمایا:
جو شخص اپنے بھائیوں (دوستوں) اور گھر والوں کے ساتھ نیکی کا سلوک کرتا ہے اس کی عمر میں اضافہ ہوجاتا ہے۔
مستدرک الوسائل حدیث 14498
عرّفوا المجمل اصطلاحاً «بأنّه ما لم تتّضح دلالته» و يقابله المبيّن.
و قد ناقشوا هذا التعريف بوجوهٍ لا طائل في ذكرها.
و المقصود من المجمل على كلّ حال: ما جُهل فيه مراد المتكلّم و مقصوده إذا كان لفظاً، و ما جُهل فيه مراد الفاعل و مقصوده إذا كان فعلًا.
و مرجع ذلك إلى أنّ المجمل هو اللفظ أو الفعل الّذي لا ظاهر له. وعليه، يكون المبيّن ما كان له ظاهر يدلّ على مقصود قائله أو فاعله على وجه الظنّ أو اليقين، فالمبيّن يشمل الظاهر و النصّ معاً.
و من هذا البيان نعرف: أنّ المجمل يشمل اللفظ و الفعل و اصطلاحاً، و إن قيل: إنّ المجمل اصطلاحاً مختصّ بالألفاظ و من باب التسامح يُطلق على الفعل «1». و معنى كون الفعل مجملًا أن يُجهل وجه وقوعه، كما لو توضّأ الإمام عليه السلام- مثلًا- بحضور واحد يتّقى منه أو يحتمل أنّه يتّقيه، فيحتمل أنّ وضوءه وقع على وجه التقيّة فلا يُستكشف مشروعيّة الوضوء على الكيفيّة الّتي وقع عليها، و يحتمل أنّه وقع على وجه الامتثال للأمر الواقعي فيُستكشف منه مشروعيّته. و مثل ما إذا فعل الإمام شيئاً في
______________________________
(1) احتمله في الفصول الغرويّة: ص 224.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 249
الصلاة كجلسة الاستراحة- مثلًا- فلا يُدرى أنّ فعله كان على وجه الوجوب أو الاستحباب، فمن هذه الناحية يكون مجملًا، و إن كان من ناحية دلالته على جواز الفعل في مقابل الحرمة يكون مبيّناً.
و أمّا اللفظ فإجماله يكون لأسباب كثيرة قد يتعذّر إحصاؤها «1» فإذا كان مفرداً فقد يكون إجماله لكونه لفظاً مشتركاً و لا قرينة على أحد معانيه، كلفظ «عين» و كلمة «تضرب» المشتركة بين المخاطب و الغائبة، و «المختار» المشترك بين اسم الفاعل و اسم المفعول.
و قد يكون إجماله لكونه مجازاً، أو لعدم معرفة عود الضمير فيه الّذي هو من نوع «مغالطة المماراة» «2» مثل قول القائل لمّا سُئل عن فضل أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فقال: «من بنته في بيته» «3» و كقول عقيل: «أمرني معاوية أن أسبّ عليّاً، ألا فالعنوه!» «4».
و قد يكون الإجمال لاختلال التركيب، كقوله:
و ما مثلُه في الناس إلّا مملّكا أبو امّه حيّ أبوه يقاربه
و قد يكون الإجمال لوجود ما يصلح للقرينة، كقوله تعالى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ...» الآية «5» فإنّ هذا الوصف في الآية يدلّ على عدالة جميع من كان مع النبيّ من أصحابه، إلّا أنّ ذيل الآية «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً» صالح لأن يكون قرينة على أنّ المراد بجملة «وَ الَّذِينَ مَعَهُ» بعضهم لا جميعهم، فتصبح الآية مجملة من هذه الجهة.
______________________________
(1) (*) راجع بحث المغالطات اللفظيّة من الجزء الثالث من كتاب المنطق للمؤلّف ص 483 تجد ما يعينك على إحصاء أسباب إجمال اللفظ.
(2) راجع المنطق للمؤلّف قدس سره: ص 486.
(3) القائل هو ابن الجوزي كما في الكنى و الألقاب: ج 1 ص 237.
(4) راجع العقد الفريد: ج 4 ص 31.
(5) الفتح: 29.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 250
و قد يكون الإجمال لكون المتكلّم في مقام الإهمال و الإجمال. إلى غير ذلك من موارد الإجمال ممّا لا فائدة كبيرة في إحصائه و تعداده هنا.
ثمّ اللفظ قد يكون مجملًا عند شخص مبيّناً عند شخصٍ آخر. ثمّ المبيّن قد يكون في نفسه مبيّناً، و قد يكون مبيّناً بكلام آخر يوضح المقصود منه.
- 2- المواضع الّتي وقع الشكّ في إجمالها
لكلّ من المجمل و المبيّن أمثلة من الآيات و الروايات. و الكلام العربي لا حصر لها، و لا تخفى على العارف بالكلام. إلّا أنّ بعض المواضع قد وقع الشكّ في كونها مجملة أو مبيّنة، و المتعارف عند الاصوليّين أن يذكروا بعض الأمثلة من ذلك لشحذ الذهن و التمرين، و نحن نذكر بعضها اتّباعاً لهم. و لا تخلو من فائدة للطلّاب المبتدئين.
فقد ذهب جماعة إلى أنّ هذه الآية من المجمل المتشابه «2» إمّا من جهة لفظ «القطع» باعتبار أنّه يطلق على الإبانة و يطلق على الجرح كما يقال لمن جرح يده بالسكّين: قطعها، كما يقال لمن أبانها كذلك. و إمّا من جهة لفظ «اليد» باعتبار أنّ «اليد» تطلق على العضو المعروف كلّه، و على الكفّ إلى اصول الأصابع، و على العضو إلى الزند، و إلى المرفق، فيقال مثلًا: «تناولت بيدي» و إنّما تناول بالكفّ بل بالأنامل فقط.
و الحقّ أنّها من ناحية لفظ «القطع» ليست مجملة، لأنّ المتبادر من
______________________________
(1) المائدة: 38.
(2) منهم السيّد المرتضى في الذريعة إلى اصول الشريعة: 350، و الشيخ في العدّة: ج 1 ص 412.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 251
لفظ «القطع» هو الإبانة و الفصل، و إذا اطلق على الجرح فباعتبار أنّه أبان قسماً من اليد، فتكون المسامحة في لفظ «اليد» عند وجود القرينة، لا أنّ «القطع» استعمل في مفهوم «الجرح» فيكون المراد في المثال من «اليد» بعضها، كما تقول: «تناولت بيدي» و في الحقيقة إنّما تناولت ببعضها.
و أمّا من ناحية «اليد» فإنّ الظاهر أنّ اللفظ لو خُلّي و نفسه يستفاد منه إرادة تمام العضو المخصوص، و لكنّه غير مراد يقيناً في الآية، فيتردّد بين المراتب العديدة من الأصابع إلى المرافق، لأنّه بعد فرض عدم إرادة تمام العضو لم تكن ظاهرة في واحدة من هذه المراتب. فتكون الآية مجملة في نفسها من هذه الناحية، و إن كانت مبيّنة بالأحاديث عن آل البيت عليهم السلام «1» الكاشفة عن إرادة القطع من اصول الأصابع.
و منها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» «2» و أمثاله من المركّبات الّتي تشتمل على كلمة «لا» الّتي لنفي الجنس، نحو «لا صلاة إلّا بطهور» «3» و «لا بيع إلّا في ملك» «4» و «لا صلاة لمن جاره المسجد إلّا في المسجد» «5» و «لا غيبة لفاسق» «6» و «لا جماعة في نافلة» «7» و نحو ذلك.
فإنّ النفي في مثل هذه المركّبات موجّه ظاهراً لنفس الماهيّة و الحقيقة. و قالوا: إنّ إرادة نفي الماهيّة متعذّر فيها، فلا بدّ أن يقدّر- بطريق المجاز- وصف للماهيّة هو المنفيّ حقيقة، نحو: الصحّة، و الكمال، و الفضيلة، و الفائدة، و نحو ذلك. و لمّا كان المجاز مردّداً بين عدّة معانٍ كان
______________________________
(1) الوسائل: ج 18 ص 489 الباب 4 من أبواب حدّ السرقة.
(2) عوالي اللئالي: ج 1 ص 196 ح 2 و ج 2 ص 218 ح 13 و ج 3 ص 82 ح 65.
(3) الوسائل: ج 1 ص 256، الباب 6 من أبواب الوضوء ح 1.
(4) عوالي اللئالي: ج 2 ص 247 ح 16.
(5) دعائم الإسلام: ج 1 ص 148.
(6) عوالي اللئالي: ج 1 ص 438 ح 153.
(7) الوسائل: ج 5 ص 182 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 6.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 252
الكلام مجملًا، و لا قرينة في نفس اللفظ تُعيّن واحداً منها، فإنّ نفي الصحّة ليس بأولى من نفي الكمال أو الفضيلة، و لا نفي الكمال بأولى من نفي الفائدة ... و هكذا.
و أجاب بعضهم: بأنّ هذا إنّما يتمّ إذا كانت ألفاظ العبادات و المعاملات موضوعة للأعمّ فلا يمكن فيها نفي الحقيقة. و أمّا إذا قلنا بالوضع للصحيح فلا يتعذّر نفي الحقيقة، بل هو المتعيّن على الأكثر، فلا إجمال.
و أمّا في غير الألفاظ الشرعيّة مثل قولهم «لا علم إلّا بعمل» فمع عدم القرينة يكون اللفظ مجملًا، إذ يتعذّر نفي الحقيقة «1».
أقول: و الصحيح في توجيه البحث أن يقال: إنّ «لا» في هذه المركّبات لنفي الجنس، فهي تحتاج إلى اسمٍ و خبرٍ على حسب ما تقتضيه القواعد النحوية. و لكنّ الخبر محذوف حتّى في مثل «لا غيبة لفاسق» فإنّ «الفاسق» ظرف مستقرّ متعلّق بالخبر المحذوف. و هذا الخبر المحذوف لا بدّ له من قرينة، سواء كان كلمة «موجود» أو «صحيح» أو «مفيد» أو «كامل» أو «نافع» أو نحوها. و ليس هو مجازاً في واحد من هذه الامور الّتي يصحّ تقديرها.
و القصد أنّه سواء كان المراد نفي الحقيقة أو نفي الصحّة و نحوها، فإنّه لا بدّ من تقدير خبرٍ محذوفٍ بقرينةٍ، و إنّما يكون مجملًا إذا تجرّد عن القرينة. و لكنّ الظاهر أنّ القرينة حاصلة على الأكثر و هي القرينة العامّة في مثله، فإنّ الظاهر من نفي الجنس أنّ المحذوف فيه هو لفظ «موجود» و ما بمعناه من نحو لفظ «ثابت» و «متحقّق».
فإذا تعذّر تقدير هذا اللفظ العامّ لأيّ سبب كان، فإنّ هناك قرينة موجودة غالباً، و هي: «مناسبة الحكم و الموضوع» فإنّها تقتضي غالباً
______________________________
(1) ذكره المحقّق القمّي في تحرير القول بالتفصيل، راجع القوانين: ج 1 ص 338.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 253
تقدير لفظ خاصّ مناسب مثل «لا علم إلّا بعمل» فإنّ المفهوم منه أنّه لا علم نافع. و المفهوم من نحو «لا غيبة لفاسق» لا غيبة محرّمة. و المفهوم من نحو «لا رضاع بعد فطام» «1» لا رضاع سائغ. و من نحو «لا جماعة في نافلة» لا جماعة مشروعة. و من نحو «لا إقرار لمن أقرّ بنفسه على الزنا» لا إقرار نافذ أو معتبر. و من نحو «لا صلاة إلّا بطهور» بناء على الوضع للأعمّ لا صلاة صحيحة. و من نحو «لا صلاة لحاقن» لا صلاة كاملة، بناءً على قيام الدليل على أنّ الحاقن لا تفسد صلاته ... و هكذا.
و هذه القرينة و هي قرينة «مناسبة الحكم للموضوع» لا تقع تحت ضابطة معيّنة، و لكنّها موجودة على الأكثر، و يحتاج إدراكها إلى ذوقٍ سليم.
تنبيه و تحقيق:
ليس من البعيد أن يقال: إنّ المحذوف في جميع مواقع «لا» الّتي هي لنفي الجنس هو كلمة «موجود» أو ما هو بمعناها، غاية الأمر أنّه في بعض الموارد تقوم القرينة على عدم إرادة نفي الوجود و التحقّق حقيقة، فلا بدّ حينئذ من حملها على نفي التحقّق ادّعاءً و تنزيلًا بأن ننزّل الموجود منزلة المعدوم باعتبار عدم حصول الأثر المرغوب فيه أو المتوقّع منه.
يعني يدّعى أنّ الموجود الخارجي ليس من أفراد الجنس الّذي تعلّق به النفي تنزيلًا، و ذلك لعدم حصول الأثر المطلوب منه، فمثل «لا علم إلّا بعمل» معناه: أنّ العلم بلا عمل كلا علم، إذ لم تحصل الفائدة المترقّبة منه.
و مثل «لا إقرار لمن أقرّ بنفسه على الزنا» معناه: أنّ إقراره كلا إقرار باعتبار عدم نفوذه عليه. و مثل «لا سهو لمن كثر عليه السهو» معناه:
______________________________
(1) الكافي: ج 5 ص 443.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 254
أنّ سهوه كلا سهو باعتبار عدم ترتّب آثار السهو عليه من سجودٍ أو صلاةٍ أو بطلان الصلاة.
هذا إذا كان النفي من جهة تكوين الشيء.
و أمّا إذا كان النفي راجعاً إلى عالم التشريع، فإن كان النفي متعلّقاً بالفعل دلّ نفيه على عدم ثبوت حكمه في الشريعة، مثل «لا رهبانيّة في الإسلام» «1» فإنّ معنى عدم ثبوتها عدم تشريع الرهبانية و أنّه غير مرخّص بها. و مثل «لا غيبة لفاسق» فإنّ معنى عدم ثبوتها: عدم حرمة غيبة الفاسق.
و كذلك نحو: «لا نجش في الإسلام» «2» و «لا غشّ في الإسلام» «3» و «لا عمل في الصلاة» «4» و «فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ» «5» و «لا جماعة في نافلة» فإنّ كلّ ذلك معناه: عدم مشروعية هذه الأفعال.
و إن كان النفي متعلّقاً بعنوان يصحّ انطباقه على الحكم، فيدلّ النفي على عدم تشريع حكم ينطبق عليه هذا العنوان، كما في قوله: «لا حرج في الدين» «6» و «لا ضرر و لا ضرار في الإسلام» «7».
و على كل حال: فإنّ مثل هذه الجمل و المركّبات ليست مجملة في حدّ أنفسها. و قد يتّفق لها أن تكون مجملة إذا تجرّدت عن القرينة الّتي تُعيّن أنّها لنفي تحقّق الماهيّة حقيقة أو لنفيها ادّعاءً و تنزيلًا.
______________________________
(1) البحار 70: 115، و فيه: ليس في امّتي رهبانيّة.
(2) لم يرد فى ط 2.
(3) سنن الدارمي: ج 2 ص 248، و فيه: لا غشّ بين المسلمين.
(4) الوسائل: ج 4 ص 1264، الباب 15 من أبواب قواطع الصلاة ح 4، و فيه: ليس في الصلاة عمل.
(5) البقرة: 197.
(6) الوسائل: ج 1 ص 114، الباب 8 من أبواب الماء المطلق ح 5 و فيه: ما جعل عليكم في الدين من حرج.
(7) الوسائل: ج 17 ص 341، الباب 12 من أبواب إحياء الموات ح 3 و 5، و ص 319 باب 5 من أبواب الشفعة ح 1.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 255
و منها: مثل قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ» «1» و قوله تعالى:
«أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ» «2» ممّا اسند الحكم فيه كالتحريم و التحليل إلى العين.
فقد قال بعضهم بإجمالها «3» نظراً إلى أنّ إسناد التحريم و التحليل لا يصحّ إلّا إلى الأفعال الاختياريّة، أمّا الأعيان فلا معنى لتعلّق الحكم بها، بل يستحيل؛ و لذا تُسمّى الأعيان موضوعات للأحكام، كما أنّ الأفعال تُسمّى متعلّقات.
وعليه، فلا بدّ أن يقدّر في مثل هذه المركّبات فعل تصحّ إضافته إلى العين المذكورة في الجملة و يصحّ أن يكون متعلّقاً للحكم، ففي مثل الآية الاولى يقدّر كلمة «نكاح» مثلًا، و في الثانية «أكل». و في مثل «وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها» «4» يقدّر ركوبها، و في مثل «النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ» «5»* يقدّر قتلها ... و هكذا.
و لكن التركيب في نفسه ليس فيه قرينة على تعيين نوع المحذوف، فيكون في حدّ نفسه مجملًا، فلا يُدرى فيه هل أنّ المقدّر كلّ فعل تصحّ إضافته إلى العين المذكورة في الجملة و يصحّ تعلّق الحكم به، أو أنّ المقدّر فعل مخصوص كما قدّرناه في الأمثلة المتقدّمة؟
و الصحيح في هذا الباب أن يقال: إنّ نفس التركيب مع قطع النظر عن ملاحظة الموضوع و الحكم و عن أيّة قرينة خارجيّة، هو في نفسه يقتضي الإجمال لو لا أنّ الإطلاق يقتضي تقدير كلّ فعل صالح للتقدير، إلّا إذا
______________________________
(1) النساء: 23.
(2) المائدة: 1.
(3) حُكي عن أبي عبد الله البصري و أبي الحسن الكرخي و عن قوم من القدريّة، راجع مفاتيح الاصول: ص 227.
(4) الأنعام: 138.
(5) الإسراء: 33.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 256
قامت قرينة خاصّة على تعيين نوع الفعل المقدّر. و غالباً لا يخلو مثل هذا التركيب من وجود القرينة الخاصّة، و لو قرينة «مناسبة الحكم و الموضوع». و يشهد لذلك: أنّا لا نتردّد في تقدير الفعل المخصوص في الأمثلة المذكورة في صدر البحث و مثيلاتها، و ما ذلك إلّا لما قلناه من وجود القرينة الخاصّة و لو «مناسبة الحكم و الموضوع».
و يشبه أن يكون هذا الباب نظير باب «لا» المحذوف خبرها.
ألهمنا اللَّه تعالى الصواب، و دفع عنّا الشبهات، و هدانا الصراط المستقيم.
انتهى الجزء الأوّل
و يليه الجزء الثاني في بحث الملازمات العقليّة
مظفر، محمد رضا، أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، 4جلد، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، مؤسسة النشر الإسلامي - قم - ايران، چاپ: 5.`
حوزوی کتب
اصول الفقہ حصہ اول
تعريف علم الاصول:
المقدّمة
- 2 من الواضع؟
- 3 الوضع تعيينىٌّ و تعيّنيٌ
- 4 أقسام الوضع
- 6 وقوع الوضع العامّ و الموضوع له الخاصّ و تحقيق المعنى الحرفي
- 7- الاستعمال حقيقيٌّ و مجازيٌ
- 8 الدلالة تابعة للإرادة
- 9 الوضع شخصيٌّ و نوعيٌ
- 10 وضع المركَّبات
- 11- الحقيقة و المجاز
- 12 الاصول اللفظيّة تمهيد:
- 13- الترادف و الاشتراك
استعمال اللفظ في أكثر من معنى:
- 14 الحقيقة الشرعيّة
الصحيح و الأعمّ
المقصد الأوّل: مباحث الألفاظ
الباب الأوّل: المشتقّ
- 2- جريان النزاع في اسم الزمان
- 3 اختلاف المشتقّات من جهة المبادئ
- 4 استعمال المشتقّ بلحاظ حال التلبّس حقيقة
الباب الثاني: الأوامر
المبحث الثاني: صيغة الأمر
الخاتمة: في تقسيمات الواجب
الباب الثالث: النواهي
الباب الرابع: المفاهيم
الأوّل مفهوم الشرط
الثاني مفهوم الوصف
الثالث مفهوم الغاية
الرابع مفهوم الحصر
الخامس مفهوم العدد
السادس مفهوم اللقب
خاتمة في دلالة الاقتضاء و التنبيه و الإشارة
الباب الخامس: العامّ و الخاصّ
المسألة الاولى معنى المطلق و المقيّد
الباب السابع: المجملُ و المبيّن
اصول الفقہ حصہ اول
الباب السابع: المجملُ و المبيّن
`و فيه مسائل:
- 1- معنى المجمل و المبيّن
عرّفوا المجمل اصطلاحاً «بأنّه ما لم تتّضح دلالته» و يقابله المبيّن.
و قد ناقشوا هذا التعريف بوجوهٍ لا طائل في ذكرها.
و المقصود من المجمل على كلّ حال: ما جُهل فيه مراد المتكلّم و مقصوده إذا كان لفظاً، و ما جُهل فيه مراد الفاعل و مقصوده إذا كان فعلًا.
و مرجع ذلك إلى أنّ المجمل هو اللفظ أو الفعل الّذي لا ظاهر له. وعليه، يكون المبيّن ما كان له ظاهر يدلّ على مقصود قائله أو فاعله على وجه الظنّ أو اليقين، فالمبيّن يشمل الظاهر و النصّ معاً.
و من هذا البيان نعرف: أنّ المجمل يشمل اللفظ و الفعل و اصطلاحاً، و إن قيل: إنّ المجمل اصطلاحاً مختصّ بالألفاظ و من باب التسامح يُطلق على الفعل «1». و معنى كون الفعل مجملًا أن يُجهل وجه وقوعه، كما لو توضّأ الإمام عليه السلام- مثلًا- بحضور واحد يتّقى منه أو يحتمل أنّه يتّقيه، فيحتمل أنّ وضوءه وقع على وجه التقيّة فلا يُستكشف مشروعيّة الوضوء على الكيفيّة الّتي وقع عليها، و يحتمل أنّه وقع على وجه الامتثال للأمر الواقعي فيُستكشف منه مشروعيّته. و مثل ما إذا فعل الإمام شيئاً في
______________________________ (1) احتمله في الفصول الغرويّة: ص 224.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 249
الصلاة كجلسة الاستراحة- مثلًا- فلا يُدرى أنّ فعله كان على وجه الوجوب أو الاستحباب، فمن هذه الناحية يكون مجملًا، و إن كان من ناحية دلالته على جواز الفعل في مقابل الحرمة يكون مبيّناً.
و أمّا اللفظ فإجماله يكون لأسباب كثيرة قد يتعذّر إحصاؤها «1» فإذا كان مفرداً فقد يكون إجماله لكونه لفظاً مشتركاً و لا قرينة على أحد معانيه، كلفظ «عين» و كلمة «تضرب» المشتركة بين المخاطب و الغائبة، و «المختار» المشترك بين اسم الفاعل و اسم المفعول.
و قد يكون إجماله لكونه مجازاً، أو لعدم معرفة عود الضمير فيه الّذي هو من نوع «مغالطة المماراة» «2» مثل قول القائل لمّا سُئل عن فضل أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فقال: «من بنته في بيته» «3» و كقول عقيل: «أمرني معاوية أن أسبّ عليّاً، ألا فالعنوه!» «4».
و قد يكون الإجمال لاختلال التركيب، كقوله:
و ما مثلُه في الناس إلّا مملّكا أبو امّه حيّ أبوه يقاربه
و قد يكون الإجمال لوجود ما يصلح للقرينة، كقوله تعالى: «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ...» الآية «5» فإنّ هذا الوصف في الآية يدلّ على عدالة جميع من كان مع النبيّ من أصحابه، إلّا أنّ ذيل الآية «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً» صالح لأن يكون قرينة على أنّ المراد بجملة «وَ الَّذِينَ مَعَهُ» بعضهم لا جميعهم، فتصبح الآية مجملة من هذه الجهة.
______________________________ (1) (*) راجع بحث المغالطات اللفظيّة من الجزء الثالث من كتاب المنطق للمؤلّف ص 483 تجد ما يعينك على إحصاء أسباب إجمال اللفظ.
(2) راجع المنطق للمؤلّف قدس سره: ص 486.
(3) القائل هو ابن الجوزي كما في الكنى و الألقاب: ج 1 ص 237.
(4) راجع العقد الفريد: ج 4 ص 31.
(5) الفتح: 29.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 250
و قد يكون الإجمال لكون المتكلّم في مقام الإهمال و الإجمال. إلى غير ذلك من موارد الإجمال ممّا لا فائدة كبيرة في إحصائه و تعداده هنا.
ثمّ اللفظ قد يكون مجملًا عند شخص مبيّناً عند شخصٍ آخر. ثمّ المبيّن قد يكون في نفسه مبيّناً، و قد يكون مبيّناً بكلام آخر يوضح المقصود منه.
- 2- المواضع الّتي وقع الشكّ في إجمالها
لكلّ من المجمل و المبيّن أمثلة من الآيات و الروايات. و الكلام العربي لا حصر لها، و لا تخفى على العارف بالكلام. إلّا أنّ بعض المواضع قد وقع الشكّ في كونها مجملة أو مبيّنة، و المتعارف عند الاصوليّين أن يذكروا بعض الأمثلة من ذلك لشحذ الذهن و التمرين، و نحن نذكر بعضها اتّباعاً لهم. و لا تخلو من فائدة للطلّاب المبتدئين.
فمنها: قوله تعالى: «وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» «1».
فقد ذهب جماعة إلى أنّ هذه الآية من المجمل المتشابه «2» إمّا من جهة لفظ «القطع» باعتبار أنّه يطلق على الإبانة و يطلق على الجرح كما يقال لمن جرح يده بالسكّين: قطعها، كما يقال لمن أبانها كذلك. و إمّا من جهة لفظ «اليد» باعتبار أنّ «اليد» تطلق على العضو المعروف كلّه، و على الكفّ إلى اصول الأصابع، و على العضو إلى الزند، و إلى المرفق، فيقال مثلًا: «تناولت بيدي» و إنّما تناول بالكفّ بل بالأنامل فقط. و الحقّ أنّها من ناحية لفظ «القطع» ليست مجملة، لأنّ المتبادر من
______________________________ (1) المائدة: 38.
(2) منهم السيّد المرتضى في الذريعة إلى اصول الشريعة: 350، و الشيخ في العدّة: ج 1 ص 412.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 251
لفظ «القطع» هو الإبانة و الفصل، و إذا اطلق على الجرح فباعتبار أنّه أبان قسماً من اليد، فتكون المسامحة في لفظ «اليد» عند وجود القرينة، لا أنّ «القطع» استعمل في مفهوم «الجرح» فيكون المراد في المثال من «اليد» بعضها، كما تقول: «تناولت بيدي» و في الحقيقة إنّما تناولت ببعضها.
و أمّا من ناحية «اليد» فإنّ الظاهر أنّ اللفظ لو خُلّي و نفسه يستفاد منه إرادة تمام العضو المخصوص، و لكنّه غير مراد يقيناً في الآية، فيتردّد بين المراتب العديدة من الأصابع إلى المرافق، لأنّه بعد فرض عدم إرادة تمام العضو لم تكن ظاهرة في واحدة من هذه المراتب. فتكون الآية مجملة في نفسها من هذه الناحية، و إن كانت مبيّنة بالأحاديث عن آل البيت عليهم السلام «1» الكاشفة عن إرادة القطع من اصول الأصابع.
و منها: قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» «2» و أمثاله من المركّبات الّتي تشتمل على كلمة «لا» الّتي لنفي الجنس، نحو «لا صلاة إلّا بطهور» «3» و «لا بيع إلّا في ملك» «4» و «لا صلاة لمن جاره المسجد إلّا في المسجد» «5» و «لا غيبة لفاسق» «6» و «لا جماعة في نافلة» «7» و نحو ذلك.
فإنّ النفي في مثل هذه المركّبات موجّه ظاهراً لنفس الماهيّة و الحقيقة. و قالوا: إنّ إرادة نفي الماهيّة متعذّر فيها، فلا بدّ أن يقدّر- بطريق المجاز- وصف للماهيّة هو المنفيّ حقيقة، نحو: الصحّة، و الكمال، و الفضيلة، و الفائدة، و نحو ذلك. و لمّا كان المجاز مردّداً بين عدّة معانٍ كان
______________________________ (1) الوسائل: ج 18 ص 489 الباب 4 من أبواب حدّ السرقة.
(2) عوالي اللئالي: ج 1 ص 196 ح 2 و ج 2 ص 218 ح 13 و ج 3 ص 82 ح 65.
(3) الوسائل: ج 1 ص 256، الباب 6 من أبواب الوضوء ح 1.
(4) عوالي اللئالي: ج 2 ص 247 ح 16.
(5) دعائم الإسلام: ج 1 ص 148.
(6) عوالي اللئالي: ج 1 ص 438 ح 153.
(7) الوسائل: ج 5 ص 182 الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 6.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 252
الكلام مجملًا، و لا قرينة في نفس اللفظ تُعيّن واحداً منها، فإنّ نفي الصحّة ليس بأولى من نفي الكمال أو الفضيلة، و لا نفي الكمال بأولى من نفي الفائدة ... و هكذا.
و أجاب بعضهم: بأنّ هذا إنّما يتمّ إذا كانت ألفاظ العبادات و المعاملات موضوعة للأعمّ فلا يمكن فيها نفي الحقيقة. و أمّا إذا قلنا بالوضع للصحيح فلا يتعذّر نفي الحقيقة، بل هو المتعيّن على الأكثر، فلا إجمال. و أمّا في غير الألفاظ الشرعيّة مثل قولهم «لا علم إلّا بعمل» فمع عدم القرينة يكون اللفظ مجملًا، إذ يتعذّر نفي الحقيقة «1».
أقول: و الصحيح في توجيه البحث أن يقال: إنّ «لا» في هذه المركّبات لنفي الجنس، فهي تحتاج إلى اسمٍ و خبرٍ على حسب ما تقتضيه القواعد النحوية. و لكنّ الخبر محذوف حتّى في مثل «لا غيبة لفاسق» فإنّ «الفاسق» ظرف مستقرّ متعلّق بالخبر المحذوف. و هذا الخبر المحذوف لا بدّ له من قرينة، سواء كان كلمة «موجود» أو «صحيح» أو «مفيد» أو «كامل» أو «نافع» أو نحوها. و ليس هو مجازاً في واحد من هذه الامور الّتي يصحّ تقديرها.
و القصد أنّه سواء كان المراد نفي الحقيقة أو نفي الصحّة و نحوها، فإنّه لا بدّ من تقدير خبرٍ محذوفٍ بقرينةٍ، و إنّما يكون مجملًا إذا تجرّد عن القرينة. و لكنّ الظاهر أنّ القرينة حاصلة على الأكثر و هي القرينة العامّة في مثله، فإنّ الظاهر من نفي الجنس أنّ المحذوف فيه هو لفظ «موجود» و ما بمعناه من نحو لفظ «ثابت» و «متحقّق».
فإذا تعذّر تقدير هذا اللفظ العامّ لأيّ سبب كان، فإنّ هناك قرينة موجودة غالباً، و هي: «مناسبة الحكم و الموضوع» فإنّها تقتضي غالباً
______________________________ (1) ذكره المحقّق القمّي في تحرير القول بالتفصيل، راجع القوانين: ج 1 ص 338.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 253
تقدير لفظ خاصّ مناسب مثل «لا علم إلّا بعمل» فإنّ المفهوم منه أنّه لا علم نافع. و المفهوم من نحو «لا غيبة لفاسق» لا غيبة محرّمة. و المفهوم من نحو «لا رضاع بعد فطام» «1» لا رضاع سائغ. و من نحو «لا جماعة في نافلة» لا جماعة مشروعة. و من نحو «لا إقرار لمن أقرّ بنفسه على الزنا» لا إقرار نافذ أو معتبر. و من نحو «لا صلاة إلّا بطهور» بناء على الوضع للأعمّ لا صلاة صحيحة. و من نحو «لا صلاة لحاقن» لا صلاة كاملة، بناءً على قيام الدليل على أنّ الحاقن لا تفسد صلاته ... و هكذا.
و هذه القرينة و هي قرينة «مناسبة الحكم للموضوع» لا تقع تحت ضابطة معيّنة، و لكنّها موجودة على الأكثر، و يحتاج إدراكها إلى ذوقٍ سليم.
تنبيه و تحقيق:
ليس من البعيد أن يقال: إنّ المحذوف في جميع مواقع «لا» الّتي هي لنفي الجنس هو كلمة «موجود» أو ما هو بمعناها، غاية الأمر أنّه في بعض الموارد تقوم القرينة على عدم إرادة نفي الوجود و التحقّق حقيقة، فلا بدّ حينئذ من حملها على نفي التحقّق ادّعاءً و تنزيلًا بأن ننزّل الموجود منزلة المعدوم باعتبار عدم حصول الأثر المرغوب فيه أو المتوقّع منه.
يعني يدّعى أنّ الموجود الخارجي ليس من أفراد الجنس الّذي تعلّق به النفي تنزيلًا، و ذلك لعدم حصول الأثر المطلوب منه، فمثل «لا علم إلّا بعمل» معناه: أنّ العلم بلا عمل كلا علم، إذ لم تحصل الفائدة المترقّبة منه.
و مثل «لا إقرار لمن أقرّ بنفسه على الزنا» معناه: أنّ إقراره كلا إقرار باعتبار عدم نفوذه عليه. و مثل «لا سهو لمن كثر عليه السهو» معناه:
______________________________ (1) الكافي: ج 5 ص 443.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 254
أنّ سهوه كلا سهو باعتبار عدم ترتّب آثار السهو عليه من سجودٍ أو صلاةٍ أو بطلان الصلاة.
هذا إذا كان النفي من جهة تكوين الشيء.
و أمّا إذا كان النفي راجعاً إلى عالم التشريع، فإن كان النفي متعلّقاً بالفعل دلّ نفيه على عدم ثبوت حكمه في الشريعة، مثل «لا رهبانيّة في الإسلام» «1» فإنّ معنى عدم ثبوتها عدم تشريع الرهبانية و أنّه غير مرخّص بها. و مثل «لا غيبة لفاسق» فإنّ معنى عدم ثبوتها: عدم حرمة غيبة الفاسق.
و كذلك نحو: «لا نجش في الإسلام» «2» و «لا غشّ في الإسلام» «3» و «لا عمل في الصلاة» «4» و «فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ» «5» و «لا جماعة في نافلة» فإنّ كلّ ذلك معناه: عدم مشروعية هذه الأفعال.
و إن كان النفي متعلّقاً بعنوان يصحّ انطباقه على الحكم، فيدلّ النفي على عدم تشريع حكم ينطبق عليه هذا العنوان، كما في قوله: «لا حرج في الدين» «6» و «لا ضرر و لا ضرار في الإسلام» «7».
و على كل حال: فإنّ مثل هذه الجمل و المركّبات ليست مجملة في حدّ أنفسها. و قد يتّفق لها أن تكون مجملة إذا تجرّدت عن القرينة الّتي تُعيّن أنّها لنفي تحقّق الماهيّة حقيقة أو لنفيها ادّعاءً و تنزيلًا.
______________________________ (1) البحار 70: 115، و فيه: ليس في امّتي رهبانيّة.
(2) لم يرد فى ط 2.
(3) سنن الدارمي: ج 2 ص 248، و فيه: لا غشّ بين المسلمين.
(4) الوسائل: ج 4 ص 1264، الباب 15 من أبواب قواطع الصلاة ح 4، و فيه: ليس في الصلاة عمل.
(5) البقرة: 197.
(6) الوسائل: ج 1 ص 114، الباب 8 من أبواب الماء المطلق ح 5 و فيه: ما جعل عليكم في الدين من حرج.
(7) الوسائل: ج 17 ص 341، الباب 12 من أبواب إحياء الموات ح 3 و 5، و ص 319 باب 5 من أبواب الشفعة ح 1.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 255
و منها: مثل قوله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ» «1» و قوله تعالى:
«أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ» «2» ممّا اسند الحكم فيه كالتحريم و التحليل إلى العين.
فقد قال بعضهم بإجمالها «3» نظراً إلى أنّ إسناد التحريم و التحليل لا يصحّ إلّا إلى الأفعال الاختياريّة، أمّا الأعيان فلا معنى لتعلّق الحكم بها، بل يستحيل؛ و لذا تُسمّى الأعيان موضوعات للأحكام، كما أنّ الأفعال تُسمّى متعلّقات.
وعليه، فلا بدّ أن يقدّر في مثل هذه المركّبات فعل تصحّ إضافته إلى العين المذكورة في الجملة و يصحّ أن يكون متعلّقاً للحكم، ففي مثل الآية الاولى يقدّر كلمة «نكاح» مثلًا، و في الثانية «أكل». و في مثل «وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها» «4» يقدّر ركوبها، و في مثل «النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ» «5»* يقدّر قتلها ... و هكذا. و لكن التركيب في نفسه ليس فيه قرينة على تعيين نوع المحذوف، فيكون في حدّ نفسه مجملًا، فلا يُدرى فيه هل أنّ المقدّر كلّ فعل تصحّ إضافته إلى العين المذكورة في الجملة و يصحّ تعلّق الحكم به، أو أنّ المقدّر فعل مخصوص كما قدّرناه في الأمثلة المتقدّمة؟
و الصحيح في هذا الباب أن يقال: إنّ نفس التركيب مع قطع النظر عن ملاحظة الموضوع و الحكم و عن أيّة قرينة خارجيّة، هو في نفسه يقتضي الإجمال لو لا أنّ الإطلاق يقتضي تقدير كلّ فعل صالح للتقدير، إلّا إذا
______________________________ (1) النساء: 23.
(2) المائدة: 1.
(3) حُكي عن أبي عبد الله البصري و أبي الحسن الكرخي و عن قوم من القدريّة، راجع مفاتيح الاصول: ص 227.
(4) الأنعام: 138.
(5) الإسراء: 33.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 256
قامت قرينة خاصّة على تعيين نوع الفعل المقدّر. و غالباً لا يخلو مثل هذا التركيب من وجود القرينة الخاصّة، و لو قرينة «مناسبة الحكم و الموضوع». و يشهد لذلك: أنّا لا نتردّد في تقدير الفعل المخصوص في الأمثلة المذكورة في صدر البحث و مثيلاتها، و ما ذلك إلّا لما قلناه من وجود القرينة الخاصّة و لو «مناسبة الحكم و الموضوع».
و يشبه أن يكون هذا الباب نظير باب «لا» المحذوف خبرها.
ألهمنا اللَّه تعالى الصواب، و دفع عنّا الشبهات، و هدانا الصراط المستقيم.
انتهى الجزء الأوّل
و يليه الجزء الثاني في بحث الملازمات العقليّة
مظفر، محمد رضا، أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، 4جلد، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، مؤسسة النشر الإسلامي - قم - ايران، چاپ: 5.`
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول