حضرت محمد مصطفیٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم نے فرمایا:
یاعلی ؑ! جب تمہارے ہاں کسی لڑکے یا لڑکی کی ولادت ہو تو اس کے داہنے کان میں اذان اور بائیں میں اقامت کہا کرو، اس سے شیطان کبھی بچے کو نقصان نہیںپہنچا سکتا
تحف العقول ص13، وسائل الشیعہ 25219
من ملحقات المسألة السابقة مسألة «الصحيح و الأعمّ». فقد وقع النزاع في أنّ ألفاظ العبادات أو المعاملات أ هي أسام موضوعةٌ للمعاني الصحيحة أو للأعمّ منها و من الفاسدة. و قبل بيان المختار لا بدّ من تقديم مقدّمات:
الاولى: إنّ هذا النزاع لا يتوقّف على ثبوت الحقيقة الشرعيّة، لأنّه قد عرفت أنّ هذه الألفاظ مستعملة في لسان المتشرّعة بنحو الحقيقة و لو على نحو الوضع التعيّني عندهم. و لا ريب أنّ استعمالهم كان يتبع الاستعمال في لسان الشارع، سواء كان استعماله على نحو الحقيقة أو المجاز.
فإذا عرفنا- مثلًا- أنّ هذه الألفاظ في عرف المتشرّعة كانت حقيقة في خصوص الصحيح، يُستكشف منه أنّ المستعمل فيه في لسان الشارع هو الصحيح أيضاً، مهما كان استعماله عنده أ حقيقة كان أم مجازاً. كما انه لو عُلم أنّها كانت حقيقة في الأعمّ في عرفهم كان ذلك أمارة على كون المستعمل فيه في لسانه هو الأعمّ أيضاً و إن كان استعماله على نحو المجاز.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 85
الثانية: إنّ المراد من الصحيحة من العبادة أو المعاملة: هي الّتي تمّت أجزاؤها و كملت شروطها، و الصحيح إذاً معناه: «تامّ الأجزاء و الشرائط» فالنزاع يرجع هنا إلى أنّ الموضوع له خصوص تامّ الأجزاء و الشرائط من العبادة أو المعاملة، أو الأعمّ منه و من الناقص.
الثالثة: إنّ ثمرة النزاع هي: صحّة رجوع القائل بالوضع للأعمّ- المسمّى ب «الأعمِّي»- إلى أصالة الإطلاق، دون القائل بالوضع للصحيح- المسمّى ب «الصحيحي»- فإنّه لا يصحّ له الرجوع إلى أصالة إطلاق اللفظ.
توضيح ذلك:
أنّ المولى إذا أمرنا بإيجاد شيء و شككنا في حصول امتثاله بالإتيان بمصداق خارجي فله صورتان يختلف الحكم فيهما:
1- أن يعلم صدق عنوان المأمور به على ذلك المصداق و لكن يحتمل دخل قيد زائد في غرض المولى غير متوفّر في ذلك المصداق، كما إذا أمر المولى بعتق رقبة، فإنّه يُعلم بصدق عنوان المأمور به على الرقبة الكافرة، و لكن يشكّ في دخل وصف «الإيمان» في غرض المولى فيحتمل أن يكون قيداً للمأمور به.
فالقاعدة في مثل هذا: الرجوع إلى أصالة الإطلاق في نفي اعتبار القيد المحتمل اعتبارُه، فلا يجب تحصيله، بل يجوز الاكتفاء في الامتثال بالمصداق المشكوك، فيمتثل في المثال لو أعتق رقبة كافرة.
2- أن يشكّ في صدق نفس عنوان المأمور به على ذلك المصداق الخارجي، كما إذا أمر المولى بالتيمّم بالصعيد، و لا ندري أنّ ما عدا التراب هل يُسمّى صعيداً أولا، فيكون شكّنا في صدق «الصعيد» على غير التراب.
و في مثله لا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لإدخال المصداق المشكوك في عنوان المأمور به ليكتفى به في مقام الامتثال، بل لا بدّ
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 86
من الرجوع إلى الاصول العمليّة، مثل قاعدة الاحتياط أو البراءة.
و من هذا البيان تظهر ثمرة النزاع في المقام الّذي نحن فيه، فإنّه في فرض الأمر بالصلاة و الشكّ في أنّ السورة- مثلًا- جزء للصلاة أم لا:
إن قلنا: إنّ الصلاة اسم للأعمّ كانت المسألة من باب الصورة الاولى، لأنّه بناءً على هذا القول يعلم بصدق عنوان الصلاة على المصداق الفاقد للسورة و إنّما الشكّ في اعتبار قيد زائد على المسمّى، فيتمسّك حينئذٍ بإطلاق كلام المولى في نفي اعتبار القيد الزائد و هو كون السورة جزءاً من الصلاة و يجوز الاكتفاء في الامتثال بفاقدها.
و إن قلنا: إنّ الصلاة اسم للصحيح كانت المسألة من باب الصورة الثانية، لأنّه عند الشكّ في اعتبار السورة يشكّ في صدق عنوان المأمور به- أعني الصلاة- على المصداق الفاقد للسورة، إذ عنوان المأمور به هو الصحيح و الصحيح هو عنوان المأمور به، فما ليس بصحيح ليس بصلاة؛ فالفاقد للجزء المشكوك كما يشكّ في صحّته يشكّ في صدق عنوان المأمور به عليه.
فلا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لنفي اعتبار جزئيّة السورة حتّى يكتفى بفاقدها في مقام الامتثال، بل لا بدّ من الرجوع إلى أصالة الاحتياط أو أصالة البراءة على خلافٍ بين العلماء في مثله، سيأتي في بابه إن شاء اللَّه تعالى.
المختار في المسألة:
إذا عرفت ما ذكرنا من المقدّمات فالمختار عندنا هو الوضع للأعمّ.
و الدّليل: التبادر، و عدم صحة السلب عن الفاسد. و هما أمارتا الحقيقة، كما تقدّم.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 87
وهمٌ و دفعٌ:
الوهم: قد يعترض على المختار فيقال:
إنّه لا يمكن الوضع بإزاء الأعمّ، لأنّ الوضع له يستدعي أن نتصوّر معنىً كلّياً جامعاً بين أفراده و مصاديقه هو الموضوع له، كما في أسماء الأجناس. و كذلك الوضع للصحيح يستدعي تصوّر كلّيٍّ جامعٍ بين مراتبه و أفراده.
و لا شكّ أنّ مراتب الصلاة- مثلًا- الفاسدة و الصحيحة كثيرة متفاوتة، و ليس بينها قدر جامع يصحّ وضع اللفظ بإزائه.
توضيح ذلك: أنّ أيّ جزءٍ من أجزاء الصلاة- حتّى الأركان- إذا فُرض عدمه يصحّ صدق اسم الصلاة على الباقي بناءً على القول بالأعمّ، كما يصحّ صدقه مع وجوده و فقدان غيره من الأجزاء. وعليه يكون كلّ جزءٍ مقوّماً للصلاة عند وجوده غيرَ مقوّمٍ عند عدمه، فيلزم التبدّل في حقيقة الماهيّة. بل يلزم الترديد فيها عند وجود تمام الأجزاء، لأنّ أيّ جزءٍ منها لو فرض عدمه يبقى صدق الاسم على حاله.
و كلّ منهما- أي التبدّل و الترديد في الحقيقة الواحدة- غير معقول، إذ أنّ كلّ ماهيّة تُفرض لا بدّ أن تكون متعيّنة في حدّ ذاتها و إن كانت مبهمة من جهة تشخّصاتها الفرديّة. و التبدّل أو الترديد في ذات الماهيّة معناه إبهامها في حدّ ذاتها، و هو مستحيل.
الدفع: إنّ هذا التبادل في الأجزاء و تكثّر مراتب الفاسدة لا يمنع من فرض قدر مشترك جامع بين الأفراد، و لا يلزم التبدّل و الترديد في ذات الحقيقة الجامعة بين الأفراد. و هذا نظير لفظ «الكلمة» الموضوع لما تركّب من حرفين فصاعداً، و يكون الجامع بين الأفراد هو «ما تركّب من حرفين فصاعداً» مع أنّ الحروف كثيرة، فربما تتركّب الكلمة من الألف و الباء
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 88
ك «أب» و يصدق عليها أنّها كلمة، و ربما تتركّب من حرفين آخرين مثل «يد» و يصدق عليها أنها كلمة ... و هكذا. فكلّ حرف يجوز أن يكون داخلًا و خارجاً في مختلف الكلمات مع صدق اسم الكلمة.
و كيفيّة تصحيح الوضع في ذلك: أنّ الواضع يتصوّر- أوّلًا- جميع الحروف الهجائيّة، ثمّ يضع لفظ «الكلمة» بإزاء طبيعة المركَّب من اثنين فصاعداً إلى حدّ سبعة حروف مثلًا. و الغرض من التقييد بقولنا: «فصاعداً» بيان أنّ الكلمة تصدق على الأكثر من حرفين كصدقها على المركَّب من حرفين. و لا يلزم الترديد في الماهيّة، فإنّ الماهيّة الموضوع لها هي طبيعة اللفظ الكلّي المتركّب من حرفين فصاعداً، و التبدّل و الترديد إنّما يكون في أجزاء أفرادها. و قد يُسمّى ذلك بالكلّي في المعيّن أو الكلّي المحصور في أجزاء معيّنة. و في المثال أجزاؤه المعيَّنة هي الحروف الهجائيّة كلّها.
و على هذا ينبغي أن يقاس لفظ «الصلاة» مثلًا، فإنّه يمكن تصوّر جميع أجزاء الصلاة في مراتبها كلّها و هي- أي هذه الأجزاء- معيّنة معروفة كالحروف الهجائيّة، فيضع اللفظ بإزاء طبيعة العمل المركَّب من خمسة أجزاء منها- مثلًا- فصاعداً، فعند وجود تمام الأجزاء يصدق على المركّب أنّه صلاة، و عند وجود بعضها- و لو خمسة على أقلّ تقدير على الفرض- يصدق اسم الصلاة أيضاً.
بل الحقّ: أنّ الّذي لا يمكن تصوّر الجامع فيه هو خصوص المراتب الصحيحة. و هذا المختصر لا يسع تفصيل ذلك.
تنبيهان:
1- لا يجري النزاع في المعاملات بمعنى المسبّبات
إنّ ألفاظ المعاملات (كالبيع و النكاح) و الإيقاعات (كالطلاق و العتق) يمكن تصوير وضعها على أحد نحوين:
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 89
1- أن تكون موضوعة للأسباب الّتي تُسبّب مثلَ الملكيّة و الزوجيّة و الفراق و الحرّية و نحوها، و نعني بالسبب إنشاء العقد و الإيقاع، كالإيجاب و القبول معاً في العقود و الإيجاب فقط في الإيقاعات. و إذا كانت كذلك فالنزاع المتقدّم يصحّ أن نفرضه في ألفاظ المعاملات من كونها أسامي لخصوص الصحيحة- أعني تامّة الأجزاء و الشرائط المؤثّرة في المسبّب- أو للأعمّ من الصحيحة و الفاسدة. و نعني بالفاسدة ما لا يؤثّر في المسبّب إمّا لفقدان جزءٍ أو شرط.
2- أن تكون موضوعة للمسبّبات، و نعني بالمسبَّب نفس الملكيّة و الزوجيّة و الفراق و الحريّة و نحوها. و على هذا فالنزاع المتقدّم لا يصحّ فرضه في المعاملات، لأنّها لا تتّصف بالصحّة و الفساد، لكونها بسيطة غير مركَّبة من أجزاء و شرائط، بل إنّما تتّصف بالوجود تارةً و بالعدم اخرى.
فهذا عقد البيع- مثلًا- إمّا أن يكون واجداً لجميع ما هو معتبر في صحّة العقد أولا، فإن كان الأوّل اتّصف بالصحّة و إن كان الثاني اتّصف بالفساد.
و لكن الملكيّة المسبَّبة للعقد يدور أمرها بين الوجود و العدم، لأنّها توجد عند صحّة العقد، و عند فساده لا توجد أصلًا، لا أنّها توجد فاسدة. فإذا اريد من البيع نفس المسبَّب- و هو الملكيّة المنتقلة إلى المشتري- فلا تتّصف بالصحّة و الفساد حتّى يمكن تصوير النزاع فيها.
2- لا ثمرة للنزاع في المعاملات إلّا في الجملة
قد عرفت أنّه على القول بوضع ألفاظ العبادات للصحيحة لا يصحّ التمسّك بالإطلاق عند الشكّ في اعتبار شيء فيها، جزءاً كان أو شرطاً، لعدم إحراز صدق الاسم على الفاقد له. و إحراز صدق الاسم على الفاقد شرط في صحّة التمسّك بالإطلاق.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 90
إلّا أنّ هذا الكلام لا يجري في ألفاظ المعاملات، لأنّ معانيها غير مستحدثة، و الشارع بالنسبة إليها كواحدٍ من أهل العرف، فإذا استعمل أحدَ ألفاظها فيُحمل لفظه على معناه الظاهر فيه عندهم، إلّا إذا نصب قرينة على خلافه.
فإذا شككنا في اعتبار شيء عند الشارع في صحّة البيع- مثلًا- و لم ينصب قرينة على ذلك في كلامه، فإنّه يصحّ التمسّك بإطلاقه لدفع هذا الاحتمال، حتّى لو قلنا بأنّ ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح، لأنّ المراد من «الصحيح» هو الصحيح عند العرف العامّ، لا عند الشارع. فإذا اعتبر الشارع قيداً زائداً على ما يعتبره العرف كان ذلك قيداً زائداً على أصل معنى اللفظ، فلا يكون دخيلًا في صدق عنوان المعاملة- الموضوعة حسَبَ الفرض للصحيح- على المصداق المجرّد عن القيد. و حالها في ذلك حال ألفاظ العبادات لو كانت موضوعة للأعمّ.
نعم، إذا احتمل أنّ هذا القيد دخيل في صحّة المعاملة عند أهل العرف أنفسهم أيضاً، فلا يصحّ التمسّك بالإطلاق لدفع هذا الاحتمال بناءً على القول بالصحيح- كما هو شأن ألفاظ العبادات- لأنّ الشكّ يرجع إلى الشكّ في صدق عنوان المعاملة. و أمّا على القول بالأعمّ، فيصحّ التمسّك بالإطلاق لدفع الاحتمال.
فتظهر ثمرة النزاع- على هذا- في ألفاظ المعاملات أيضاً، و لكنّها ثمرة نادرة.
***
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 93
حوزوی کتب
اصول الفقہ حصہ اول
تعريف علم الاصول:
المقدّمة
- 2 من الواضع؟
- 3 الوضع تعيينىٌّ و تعيّنيٌ
- 4 أقسام الوضع
- 6 وقوع الوضع العامّ و الموضوع له الخاصّ و تحقيق المعنى الحرفي
- 7- الاستعمال حقيقيٌّ و مجازيٌ
- 8 الدلالة تابعة للإرادة
- 9 الوضع شخصيٌّ و نوعيٌ
- 10 وضع المركَّبات
- 11- الحقيقة و المجاز
- 12 الاصول اللفظيّة تمهيد:
- 13- الترادف و الاشتراك
استعمال اللفظ في أكثر من معنى:
- 14 الحقيقة الشرعيّة
الصحيح و الأعمّ
المقصد الأوّل: مباحث الألفاظ
الباب الأوّل: المشتقّ
- 2- جريان النزاع في اسم الزمان
- 3 اختلاف المشتقّات من جهة المبادئ
- 4 استعمال المشتقّ بلحاظ حال التلبّس حقيقة
الباب الثاني: الأوامر
المبحث الثاني: صيغة الأمر
الخاتمة: في تقسيمات الواجب
الباب الثالث: النواهي
الباب الرابع: المفاهيم
الأوّل مفهوم الشرط
الثاني مفهوم الوصف
الثالث مفهوم الغاية
الرابع مفهوم الحصر
الخامس مفهوم العدد
السادس مفهوم اللقب
خاتمة في دلالة الاقتضاء و التنبيه و الإشارة
الباب الخامس: العامّ و الخاصّ
المسألة الاولى معنى المطلق و المقيّد
الباب السابع: المجملُ و المبيّن
اصول الفقہ حصہ اول
الصحيح و الأعمّ
من ملحقات المسألة السابقة مسألة «الصحيح و الأعمّ». فقد وقع النزاع في أنّ ألفاظ العبادات أو المعاملات أ هي أسام موضوعةٌ للمعاني الصحيحة أو للأعمّ منها و من الفاسدة. و قبل بيان المختار لا بدّ من تقديم مقدّمات:
الاولى: إنّ هذا النزاع لا يتوقّف على ثبوت الحقيقة الشرعيّة، لأنّه قد عرفت أنّ هذه الألفاظ مستعملة في لسان المتشرّعة بنحو الحقيقة و لو على نحو الوضع التعيّني عندهم. و لا ريب أنّ استعمالهم كان يتبع الاستعمال في لسان الشارع، سواء كان استعماله على نحو الحقيقة أو المجاز.
فإذا عرفنا- مثلًا- أنّ هذه الألفاظ في عرف المتشرّعة كانت حقيقة في خصوص الصحيح، يُستكشف منه أنّ المستعمل فيه في لسان الشارع هو الصحيح أيضاً، مهما كان استعماله عنده أ حقيقة كان أم مجازاً. كما انه لو عُلم أنّها كانت حقيقة في الأعمّ في عرفهم كان ذلك أمارة على كون المستعمل فيه في لسانه هو الأعمّ أيضاً و إن كان استعماله على نحو المجاز.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 85
الثانية: إنّ المراد من الصحيحة من العبادة أو المعاملة: هي الّتي تمّت أجزاؤها و كملت شروطها، و الصحيح إذاً معناه: «تامّ الأجزاء و الشرائط» فالنزاع يرجع هنا إلى أنّ الموضوع له خصوص تامّ الأجزاء و الشرائط من العبادة أو المعاملة، أو الأعمّ منه و من الناقص.
الثالثة: إنّ ثمرة النزاع هي: صحّة رجوع القائل بالوضع للأعمّ- المسمّى ب «الأعمِّي»- إلى أصالة الإطلاق، دون القائل بالوضع للصحيح- المسمّى ب «الصحيحي»- فإنّه لا يصحّ له الرجوع إلى أصالة إطلاق اللفظ.
توضيح ذلك:
أنّ المولى إذا أمرنا بإيجاد شيء و شككنا في حصول امتثاله بالإتيان بمصداق خارجي فله صورتان يختلف الحكم فيهما:
1- أن يعلم صدق عنوان المأمور به على ذلك المصداق و لكن يحتمل دخل قيد زائد في غرض المولى غير متوفّر في ذلك المصداق، كما إذا أمر المولى بعتق رقبة، فإنّه يُعلم بصدق عنوان المأمور به على الرقبة الكافرة، و لكن يشكّ في دخل وصف «الإيمان» في غرض المولى فيحتمل أن يكون قيداً للمأمور به.
فالقاعدة في مثل هذا: الرجوع إلى أصالة الإطلاق في نفي اعتبار القيد المحتمل اعتبارُه، فلا يجب تحصيله، بل يجوز الاكتفاء في الامتثال بالمصداق المشكوك، فيمتثل في المثال لو أعتق رقبة كافرة. 2- أن يشكّ في صدق نفس عنوان المأمور به على ذلك المصداق الخارجي، كما إذا أمر المولى بالتيمّم بالصعيد، و لا ندري أنّ ما عدا التراب هل يُسمّى صعيداً أولا، فيكون شكّنا في صدق «الصعيد» على غير التراب.
و في مثله لا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لإدخال المصداق المشكوك في عنوان المأمور به ليكتفى به في مقام الامتثال، بل لا بدّ
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 86
من الرجوع إلى الاصول العمليّة، مثل قاعدة الاحتياط أو البراءة.
و من هذا البيان تظهر ثمرة النزاع في المقام الّذي نحن فيه، فإنّه في فرض الأمر بالصلاة و الشكّ في أنّ السورة- مثلًا- جزء للصلاة أم لا:
إن قلنا: إنّ الصلاة اسم للأعمّ كانت المسألة من باب الصورة الاولى، لأنّه بناءً على هذا القول يعلم بصدق عنوان الصلاة على المصداق الفاقد للسورة و إنّما الشكّ في اعتبار قيد زائد على المسمّى، فيتمسّك حينئذٍ بإطلاق كلام المولى في نفي اعتبار القيد الزائد و هو كون السورة جزءاً من الصلاة و يجوز الاكتفاء في الامتثال بفاقدها.
و إن قلنا: إنّ الصلاة اسم للصحيح كانت المسألة من باب الصورة الثانية، لأنّه عند الشكّ في اعتبار السورة يشكّ في صدق عنوان المأمور به- أعني الصلاة- على المصداق الفاقد للسورة، إذ عنوان المأمور به هو الصحيح و الصحيح هو عنوان المأمور به، فما ليس بصحيح ليس بصلاة؛ فالفاقد للجزء المشكوك كما يشكّ في صحّته يشكّ في صدق عنوان المأمور به عليه.
فلا يصحّ الرجوع إلى أصالة الإطلاق لنفي اعتبار جزئيّة السورة حتّى يكتفى بفاقدها في مقام الامتثال، بل لا بدّ من الرجوع إلى أصالة الاحتياط أو أصالة البراءة على خلافٍ بين العلماء في مثله، سيأتي في بابه إن شاء اللَّه تعالى.
المختار في المسألة:
إذا عرفت ما ذكرنا من المقدّمات فالمختار عندنا هو الوضع للأعمّ.
و الدّليل: التبادر، و عدم صحة السلب عن الفاسد. و هما أمارتا الحقيقة، كما تقدّم.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 87
وهمٌ و دفعٌ:
الوهم: قد يعترض على المختار فيقال:
إنّه لا يمكن الوضع بإزاء الأعمّ، لأنّ الوضع له يستدعي أن نتصوّر معنىً كلّياً جامعاً بين أفراده و مصاديقه هو الموضوع له، كما في أسماء الأجناس. و كذلك الوضع للصحيح يستدعي تصوّر كلّيٍّ جامعٍ بين مراتبه و أفراده.
و لا شكّ أنّ مراتب الصلاة- مثلًا- الفاسدة و الصحيحة كثيرة متفاوتة، و ليس بينها قدر جامع يصحّ وضع اللفظ بإزائه.
توضيح ذلك: أنّ أيّ جزءٍ من أجزاء الصلاة- حتّى الأركان- إذا فُرض عدمه يصحّ صدق اسم الصلاة على الباقي بناءً على القول بالأعمّ، كما يصحّ صدقه مع وجوده و فقدان غيره من الأجزاء. وعليه يكون كلّ جزءٍ مقوّماً للصلاة عند وجوده غيرَ مقوّمٍ عند عدمه، فيلزم التبدّل في حقيقة الماهيّة. بل يلزم الترديد فيها عند وجود تمام الأجزاء، لأنّ أيّ جزءٍ منها لو فرض عدمه يبقى صدق الاسم على حاله.
و كلّ منهما- أي التبدّل و الترديد في الحقيقة الواحدة- غير معقول، إذ أنّ كلّ ماهيّة تُفرض لا بدّ أن تكون متعيّنة في حدّ ذاتها و إن كانت مبهمة من جهة تشخّصاتها الفرديّة. و التبدّل أو الترديد في ذات الماهيّة معناه إبهامها في حدّ ذاتها، و هو مستحيل.
الدفع: إنّ هذا التبادل في الأجزاء و تكثّر مراتب الفاسدة لا يمنع من فرض قدر مشترك جامع بين الأفراد، و لا يلزم التبدّل و الترديد في ذات الحقيقة الجامعة بين الأفراد. و هذا نظير لفظ «الكلمة» الموضوع لما تركّب من حرفين فصاعداً، و يكون الجامع بين الأفراد هو «ما تركّب من حرفين فصاعداً» مع أنّ الحروف كثيرة، فربما تتركّب الكلمة من الألف و الباء
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 88
ك «أب» و يصدق عليها أنّها كلمة، و ربما تتركّب من حرفين آخرين مثل «يد» و يصدق عليها أنها كلمة ... و هكذا. فكلّ حرف يجوز أن يكون داخلًا و خارجاً في مختلف الكلمات مع صدق اسم الكلمة.
و كيفيّة تصحيح الوضع في ذلك: أنّ الواضع يتصوّر- أوّلًا- جميع الحروف الهجائيّة، ثمّ يضع لفظ «الكلمة» بإزاء طبيعة المركَّب من اثنين فصاعداً إلى حدّ سبعة حروف مثلًا. و الغرض من التقييد بقولنا: «فصاعداً» بيان أنّ الكلمة تصدق على الأكثر من حرفين كصدقها على المركَّب من حرفين. و لا يلزم الترديد في الماهيّة، فإنّ الماهيّة الموضوع لها هي طبيعة اللفظ الكلّي المتركّب من حرفين فصاعداً، و التبدّل و الترديد إنّما يكون في أجزاء أفرادها. و قد يُسمّى ذلك بالكلّي في المعيّن أو الكلّي المحصور في أجزاء معيّنة. و في المثال أجزاؤه المعيَّنة هي الحروف الهجائيّة كلّها.
و على هذا ينبغي أن يقاس لفظ «الصلاة» مثلًا، فإنّه يمكن تصوّر جميع أجزاء الصلاة في مراتبها كلّها و هي- أي هذه الأجزاء- معيّنة معروفة كالحروف الهجائيّة، فيضع اللفظ بإزاء طبيعة العمل المركَّب من خمسة أجزاء منها- مثلًا- فصاعداً، فعند وجود تمام الأجزاء يصدق على المركّب أنّه صلاة، و عند وجود بعضها- و لو خمسة على أقلّ تقدير على الفرض- يصدق اسم الصلاة أيضاً.
بل الحقّ: أنّ الّذي لا يمكن تصوّر الجامع فيه هو خصوص المراتب الصحيحة. و هذا المختصر لا يسع تفصيل ذلك.
تنبيهان:
1- لا يجري النزاع في المعاملات بمعنى المسبّبات
إنّ ألفاظ المعاملات (كالبيع و النكاح) و الإيقاعات (كالطلاق و العتق) يمكن تصوير وضعها على أحد نحوين:
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 89
1- أن تكون موضوعة للأسباب الّتي تُسبّب مثلَ الملكيّة و الزوجيّة و الفراق و الحرّية و نحوها، و نعني بالسبب إنشاء العقد و الإيقاع، كالإيجاب و القبول معاً في العقود و الإيجاب فقط في الإيقاعات. و إذا كانت كذلك فالنزاع المتقدّم يصحّ أن نفرضه في ألفاظ المعاملات من كونها أسامي لخصوص الصحيحة- أعني تامّة الأجزاء و الشرائط المؤثّرة في المسبّب- أو للأعمّ من الصحيحة و الفاسدة. و نعني بالفاسدة ما لا يؤثّر في المسبّب إمّا لفقدان جزءٍ أو شرط.
2- أن تكون موضوعة للمسبّبات، و نعني بالمسبَّب نفس الملكيّة و الزوجيّة و الفراق و الحريّة و نحوها. و على هذا فالنزاع المتقدّم لا يصحّ فرضه في المعاملات، لأنّها لا تتّصف بالصحّة و الفساد، لكونها بسيطة غير مركَّبة من أجزاء و شرائط، بل إنّما تتّصف بالوجود تارةً و بالعدم اخرى.
فهذا عقد البيع- مثلًا- إمّا أن يكون واجداً لجميع ما هو معتبر في صحّة العقد أولا، فإن كان الأوّل اتّصف بالصحّة و إن كان الثاني اتّصف بالفساد.
و لكن الملكيّة المسبَّبة للعقد يدور أمرها بين الوجود و العدم، لأنّها توجد عند صحّة العقد، و عند فساده لا توجد أصلًا، لا أنّها توجد فاسدة. فإذا اريد من البيع نفس المسبَّب- و هو الملكيّة المنتقلة إلى المشتري- فلا تتّصف بالصحّة و الفساد حتّى يمكن تصوير النزاع فيها.
2- لا ثمرة للنزاع في المعاملات إلّا في الجملة
قد عرفت أنّه على القول بوضع ألفاظ العبادات للصحيحة لا يصحّ التمسّك بالإطلاق عند الشكّ في اعتبار شيء فيها، جزءاً كان أو شرطاً، لعدم إحراز صدق الاسم على الفاقد له. و إحراز صدق الاسم على الفاقد شرط في صحّة التمسّك بالإطلاق.
أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 90
إلّا أنّ هذا الكلام لا يجري في ألفاظ المعاملات، لأنّ معانيها غير مستحدثة، و الشارع بالنسبة إليها كواحدٍ من أهل العرف، فإذا استعمل أحدَ ألفاظها فيُحمل لفظه على معناه الظاهر فيه عندهم، إلّا إذا نصب قرينة على خلافه.
فإذا شككنا في اعتبار شيء عند الشارع في صحّة البيع- مثلًا- و لم ينصب قرينة على ذلك في كلامه، فإنّه يصحّ التمسّك بإطلاقه لدفع هذا الاحتمال، حتّى لو قلنا بأنّ ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح، لأنّ المراد من «الصحيح» هو الصحيح عند العرف العامّ، لا عند الشارع. فإذا اعتبر الشارع قيداً زائداً على ما يعتبره العرف كان ذلك قيداً زائداً على أصل معنى اللفظ، فلا يكون دخيلًا في صدق عنوان المعاملة- الموضوعة حسَبَ الفرض للصحيح- على المصداق المجرّد عن القيد. و حالها في ذلك حال ألفاظ العبادات لو كانت موضوعة للأعمّ.
نعم، إذا احتمل أنّ هذا القيد دخيل في صحّة المعاملة عند أهل العرف أنفسهم أيضاً، فلا يصحّ التمسّك بالإطلاق لدفع هذا الاحتمال بناءً على القول بالصحيح- كما هو شأن ألفاظ العبادات- لأنّ الشكّ يرجع إلى الشكّ في صدق عنوان المعاملة. و أمّا على القول بالأعمّ، فيصحّ التمسّك بالإطلاق لدفع الاحتمال. فتظهر ثمرة النزاع- على هذا- في ألفاظ المعاملات أيضاً، و لكنّها ثمرة نادرة.
*** أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج1، ص: 93
مقبول
طہارۃ، استعمال طہور مشروط بالنیت
المدخل۔۔۔
الزکاۃ،کتاب الزکاۃ وفصولہ اربعۃ۔۔۔
مقدمہ و تعریف :الامرلاول تعریف علم الاصول۔۔۔
الطہارۃ و مختصر حالات زندگانی
الفصل السابع :نسخ الوجوب۔۔
الفصل الثالث؛ تقسیم القطع الی طریقی ...
مقالات
دینی مدارس کی قابل تقلید خوبیاں
ایک اچھے مدرس کے اوصاف
اسلام میں استاد کا مقام و مرتبہ
طالب علم کے لئے کامیابی کے زریں اصول