حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: عدل و انصاف سے کام لینا سب سے بڑا ثواب ہے۔ مستدرک الوسائل حدیث13125

الأول [تعريف علم الأصول و موضوعه‏]
الثاني [تعريف الوضع و أقسامه‏]
الثالث [كيفية استعمال المجازي‏]
السابع [علائم الحقيقة و المجاز]
العاشر [الصحيح و الأعم‏]
الحادي عشر [الاشتراك اللفظي‏]
الثالث عشر [المشتق‏]
المقصد الأول الأوامر
الفصل الثاني فيما يتعلق بصيغة الأمر
الفصل الثالث [في الإجزاء]
فصل في مقدمة الواجب‏
الأمر الثالث في تقسيمات الواجب‏
الأمر الرابع [تبعية المقدمة لذيها في الإطلاق و الاشتراك‏]
في تأسيس الأصل في المسألة
فصل [في مسألة الضد]
فصل إذا نسخ الوجوب‏
المقصد الثاني النواهي‏
[بعض أدلة المجوزين و المناقشة فيها]
فصل في أن النهي عن الشي‏ء هل يقتضي فساده أم لا
المقام الثاني في المعاملات‏
المقصد الثالث المفاهيم‏
بقي هاهنا أمور
فصل الظاهر أنه لا مفهوم للوصف‏
المقصد الرابع العام و الخاص‏
فصل هل يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص‏
فصل الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد
المقصد الخامس في المطلق و المقيد
فصل في المجمل و المبين‏

کفایۃ الاصول حصہ اول

الأمر الثالث في تقسيمات الواجب‏

. منها تقسيمه إلى المطلق و المشروط

و قد ذكر لكل منهما تعريفات‏ ______________ تعليقة المصنّف على فرائد الأصول، كتاب الفوائد/ 302، فائدة في تقدم الشرط على المشروط.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 95

و حدود تختلف بحسب ما أخذ فيها من القيود و ربما أطيل الكلام بالنقض و الإبرام «1» في النقض على الطرد و العكس مع أنها كما لا يخفى تعريفات لفظية لشرح الاسم و ليست بالحد و لا بالرسم و الظاهر أنه ليس لهم اصطلاح جديد في لفظ المطلق و المشروط بل يطلق كل منهما بما له من معناه العرفي كما أن الظاهر أن وصفي الإطلاق و الاشتراط وصفان إضافيان لا حقيقيان و إلا لم يكد يوجد واجب مطلق ضرورة اشتراط وجوب كل واجب ببعض الأمور لا أقل من الشرائط العامة كالبلوغ و العقل.

فالحري أن يقال إن الواجب مع كل شي‏ء يلاحظ معه إن كان وجوبه غير مشروط به فهو مطلق بالإضافة إليه و إلا فمشروط كذلك و إن كانا بالقياس إلى شي‏ء آخر كانا بالعكس.

[رجوع القيود إلى الهيئة]

ثم الظاهر أن الواجب المشروط كما أشرنا إليه أن نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط بحيث لا وجوب حقيقة و لا طلب واقعا قبل حصول الشرط كما هو ظاهر الخطاب التعليقي ضرورة أن ظاهر خطاب إن جاءك زيد فأكرمه كون الشرط من قيود الهيئة و أن طلب الإكرام و إيجابه معلق على المجي‏ء لا أن الواجب فيه يكون مقيدا به بحيث يكون الطلب و الإيجاب في الخطاب فعليا و مطلقا و إنما الواجب يكون خاصا و مقيدا و هو الإكرام على تقدير المجي‏ء

[كلام الشيخ في رجوع الشرط إلى المادة]

فيكون الشرط من قيود المادة لا الهيئة كما نسب ذلك إلى (شيخنا العلامة [1] أعلى الله مقامه مدعيا لامتناع كون الشرط من قيود الهيئة ______________ (1) مطارح الأنظار/ 43، الفصول/ 79، هداية السمترشدين/ 192، قوانين الأصول 1/ 100، البدائع/ 304.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 96

واقعا و لزوم كونه من قيود المادة لبا مع الاعتراف بأن قضية القواعد العربية أنه من قيود الهيئة ظاهرا.

أما امتناع كونه من قيود الهيئة فلأنه لا إطلاق في الفرد الموجود من الطلب المتعلق بالفعل المنشإ بالهيئة حتى يصح القول بتقييده بشرط و نحوه فكل ما يحتمل رجوعه إلى الطلب الذي يدل عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع إلى نفس المادة.

و أما لزوم كونه من قيود المادة لبا فلأن العاقل إذا توجه إلى شي‏ء و التفت إليه فإما أن يتعلق طلبه به أو لا يتعلق به طلبه أصلا لا كلام على الثاني.

و على الأول فإما أن يكون ذاك الشي‏ء موردا لطلبه و أمره مطلقا على اختلاف طوارئه أو على تقدير خاص و ذلك التقدير تارة يكون من الأمور الاختيارية و أخرى لا يكون كذلك و ما كان من الأمور الاختيارية قد يكون مأخوذا فيه على نحو يكون موردا للتكليف و قد لا يكون كذلك على اختلاف الأغراض الداعية إلى طلبه و الأمر به من غير فرق في ذلك بين القول بتبعية الأحكام للمصالح و المفاسد و القول بعدم التبعية كما لا يخفى هذا موافق لما أفاده بعض الأفاضل «1» المقرر لبحثه بأدنى تفاوت)

[إشكال المصنف على الشيخ قدس سرهما] و لا يخفى ما فيه. ______________ (1) هو العلامة الميرزا ابو القاسم النوري (ره)، على ما في مطارح الأنظار، كما تقدم آنفا.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 97

أما حديث عدم الإطلاق في مفاد الهيئة فقد حققناه سابقا «1» أن كل واحد من الموضوع له و المستعمل فيه في الحروف يكون عاما كوضعها و إنما الخصوصية من قبل الاستعمال ك الأسماء و إنما الفرق بينهما أنها وضعت لتستعمل و قصد بها المعنى بما هو هو و الحروف وضعت لتستعمل و قصد بها معانيها بما هي آلة و حالة لمعاني المتعلقات فلحاظ الآلية كلحاظ الاستقلالية ليس من طوارئ المعنى بل من مشخصات الاستعمال كما لا يخفى على أولي الدراية و النهى.

ف الطلب المفاد من الهيئة المستعملة فيه مطلق قابل لأن يقيد مع أنه لو سلم أنه فرد فإنما يمنع عن التقيد لو أنشئ أولا غير مقيد لا ما إذا أنشئ من الأول مقيدا غاية الأمر قد دل عليه بدالين و هو غير إنشائه أولا ثم تقييده ثانيا فافهم.

فإن قلت على ذلك يلزم تفكيك الإنشاء من المنشإ حيث لا طلب قبل حصول الشرط. قلت المنشأ إذا كان هو الطلب على تقدير حصوله فلا بد أن لا يكون قبل حصوله طلب و بعث و إلا لتخلف عن إنشائه و إنشاء أمر على تقدير كالإخبار به بمكان من الإمكان كما يشهد به الوجدان فتأمل جيدا.

و أما حديث «2» لزوم رجوع الشرط إلى المادة لبا ففيه أن الشي‏ء إذا توجه إليه و كان موافقا للغرض بحسب ما فيه من المصلحة أو غيرها كما يمكن أن يبعث فعلا إليه و يطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه كذلك يمكن أن يبعث إليه معلقا و يطلبه استقبالا على تقدير شرط متوقع الحصول لأجل مانع عن الطلب‏ ______________ (1) راجع صفحة 11 و 12 من هذا الكتاب، الأمر الثاني في تعريف الوضع.

(2) هذه هي الدعوى الإيجابية التي ادعاها الشيخ (قده)، من رجوع الشرط إلى المادة لبا. مطارح الأنظار/ 52، في مقدمة الواجب.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 98

و البعث فعلا قبل حصوله فلا يصح منه إلا الطلب و البعث معلقا بحصوله لا مطلقا و لو متعلقا بذاك على التقدير فيصح منه طلب الإكرام بعد مجي‏ء زيد و لا يصح منه الطلب المطلق الحالي للإكرام المقيد بالمجي‏ء هذا بناء على تبعية الأحكام لمصالح فيها في غاية الوضوح. و أما بناء على تبعيتها للمصالح و المفاسد في المأمور به و المنهي عنه فكذلك ضرورة أن التبعية كذلك إنما تكون في الأحكام الواقعية بما هي واقعية لا بما هي فعلية فإن المنع عن فعلية تلك الأحكام غير عزيز كما في موارد الأصول و الأمارات على خلافها و في بعض الأحكام في أول البعثة بل إلى يوم قيام القائم عجل الله فرجه مع أن (: حلال محمد صلى الله عليه و آله حلال إلى يوم القيامة و حرامه حرام إلى يوم القيامة) و مع ذلك ربما يكون المانع عن فعلية بعض الأحكام باقيا مر الليالي و الأيام إلى أن تطلع شمس الهداية و يرتفع «1» الظلام كما يظهر من الأخبار المروية «2» عن الأئمة عليهم السلام.

[فائدة إنشاء الوجوب المشروط]

فإن قلت فما فائدة الإنشاء إذا لم يكن المنشأ به طلبا فعليا و بعثا حاليا.

قلت كفى فائدة له أنه يصير بعثا فعليا بعد حصول الشرط بلا حاجة إلى خطاب آخر بحيث لولاه لما كان فعلا متمكنا من الخطاب هذا مع شمول الخطاب كذلك للإيجاب فعلا بالنسبة إلى الواجد للشرط فيكون بعثا فعليا بالإضافة إليه و تقديريا بالنسبة إلى الفاقد له فافهم و تأمل جيدا. ______________ (1) في «ب»: «و ارتفع الظلام).

(2) الكافي: 1، كتاب فضل العلم، باب البدع و الرأي و المقاييس الحديث 19.

الكافي: 2 كتاب الإيمان و الكفر، باب الشرائع، الحديث 2 مع اختلاف يسير. كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

99 ثم الظاهر دخول المقدمات الوجودية للواجب المشروط في محل النزاع «1» أيضا فلا وجه لتخصيصه بمقدمات الواجب المطلق غاية الأمر تكون في الإطلاق و الاشتراط تابعة لذي المقدمة كأصل الوجوب بناء على وجوبها من باب الملازمة.

و أما الشرط المعلق عليه الإيجاب في ظاهر الخطاب فخروجه مما لا شبهة فيه و لا ارتياب. أما على ما هو ظاهر المشهور و المتصور لكونه مقدمة وجوبية.

و أما على المختار لشيخنا العلامة «2» أعلى الله مقامه فلأنه و إن كان من المقدمات الوجودية للواجب إلا أنه أخذ على نحو لا يكاد يترشح عليه الوجوب منه فإنه جعل الشي‏ء واجبا على تقدير حصول ذاك الشرط فمعه كيف يترشح عليه الوجوب و يتعلق به الطلب و هل هو إلا طلب الحاصل نعم على مختاره قدس سره لو كانت له مقدمات وجودية غير معلق عليها وجوبه لتعلق بها الطلب في الحال على تقدير اتفاق وجود الشرط في الاستقبال و ذلك لأن إيجاب ذي المقدمة على ذلك حالي و الواجب إنما هو استقبالي كما يأتي في الواجب المعلق «3» فإن الواجب المشروط على مختاره هو بعينه ما اصطلح عليه صاحب الفصول «4» من المعلق فلا تغفل.

[وجوب المعرفة و التعلم‏]

هذا في غير المعرفة و التعلم من المقدمات و أما المعرفة فلا يبعد القول بوجوبها حتى في الواجب المشروط بالمعنى المختار قبل حصول شرطه لكنه لا بالملازمة بل من باب استقلال العقل بتنجز الأحكام على الأنام بمجرد قيام‏ ______________ (1) كما في مطارح الأنظار/ 44.

(2) من رجوع الشرط إلى المادة لبّا، مطارح الأنظار/ 45- 46 و 52، في مقدمة الواجب.

(3) سيأتي في الصفحة 103 من هذا الكتاب، عند قوله: و ربما أشكل ... الخ.

(4) الفصول/ 79 في آخر الصفحة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 100

احتمالها إلا مع الفحص و اليأس عن الظفر بالدليل على التكليف فيستقل بعده بالبراءة و أن العقوبة على المخالفة بلا حجة و بيان و المؤاخذة عليها بلا برهان فافهم.

تذنيب [كيفية إطلاق الواجب المنجز]

لا يخفى أن إطلاق الواجب على الواجب المشروط بلحاظ حال حصول الشرط على الحقيقة مطلقا و أما بلحاظ حال قبل حصوله فكذلك على الحقيقة على مختاره «1» قدس سره في الواجب المشروط لأن الواجب و إن كان أمرا استقباليا عليه إلا أن تلبسه بالوجوب في الحال و مجاز على المختار حيث لا تلبس بالوجوب عليه قبله كما (عن البهائي [1] رحمه الله تصريحه بأن لفظ الواجب مجاز في المشروط بعلاقة الأول أو المشارفة).

و أما الصيغة مع الشرط فهي حقيقة على كل حال لاستعمالها على مختاره «2» قدس سره في الطلب المطلق و على المختار في الطلب المقيد على نحو تعدد الدال و المدلول كما هو الحال فيما إذا أريد منها المطلق المقابل للمقيد لا المبهم المقسم فافهم.

و منها تقسيمه إلى المعلق و المنجز

(قال في الفصول «3» إنه ينقسم‏ ______________ (1) مطارح الأنظار/ 45- 46 و 52 في مقدمة الواجب.

(2) راجع المصدر المتقدم في هامش رقم (1).

(3) الفصول/ 79 آخر الصفحة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 101

باعتبار آخر إلى ما يتعلق وجوبه بالمكلف و لا يتوقف حصوله على أمر غير مقدور له كالمعرفة و ليسم منجزا و إلى ما يتعلق وجوبه به و يتوقف حصوله على أمر غير مقدور له و ليسم معلقا كالحج فإن وجوبه يتعلق بالمكلف من أول زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة و يتوقف فعله على مجي‏ء وقته و هو غير مقدور له و الفرق بين هذا النوع و بين الواجب المشروط هو أن التوقف هناك للوجوب و هنا للفعل انتهى كلامه رفع مقامه).

لا يخفى (أن شيخنا العلامة أعلى الله مقامه حيث اختار في الواجب المشروط ذاك المعنى و جعل الشرط لزوما من قيود المادة ثبوتا و إثباتا حيث ادعى امتناع كونه من قيود الهيئة كذلك أي إثباتا و ثبوتا على خلاف القواعد العربية) و (ظاهر المشهور كما يشهد به ما تقدم آنفا عن البهائي أنكر «1» على الفصول هذا التقسيم) ضرورة أن المعلق بما فسره يكون من المشروط بما اختار له من المعنى على ذلك كما هو واضح حيث لا يكون حينئذ هناك معنى آخر معقول كان هو المعلق المقابل للمشروط.

و من هنا انقدح أنه في الحقيقة إنما أنكر الواجب المشروط بالمعنى الذي يكون هو ظاهر المشهور و القواعد العربية لا الواجب المعلق بالتفسير المذكور.

و حيث قد عرفت بما لا مزيد عليه إمكان رجوع الشرط إلى الهيئة كما هو ظاهر المشهور و ظاهر القواعد فلا يكون مجال لإنكاره عليه.

نعم يمكن أن يقال إنه لا وقع لهذا التقسيم لأنه بكلا قسميه من المطلق المقابل للمشروط و خصوصية «2» كونه حاليا أو استقباليا لا توجبه ما لم‏ ______________ (1) مطارح الانظار 51- 52. في الهداية 6 من القول في وجوب مقدمة الواجب.

(2) و في‏چب»: خصوصيته.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 102

توجب الاختلاف في المهم و إلا لكثر تقسيماته لكثرة الخصوصيات و لا اختلاف فيه فإن ما رتبه عليه من وجوب المقدمة فعلا كما يأتي إنما هو من أثر إطلاق وجوبه و حاليته لا من استقبالية الواجب فافهم.

[الإشكال على الواجب المعلق و دفعه‏]

ثم إنه (ربما حكي عن بعض أهل النظر «1» من أهل العصر إشكال في الواجب المعلق و هو أن الطلب و الإيجاب إنما يكون بإزاء الإرادة المحركة للعضلات نحو المراد فكما لا تكاد تكون الإرادة منفكة عن المراد فليكن الإيجاب غير منفك عما يتعلق به فكيف يتعلق بأمر استقبالي فلا يكاد يصح الطلب و البعث فعلا نحو أمر متأخر).

قلت فيه أن الإرادة تتعلق بأمر متأخر استقبالي كما تتعلق بأمر حالي و هو أوضح من أن يخفى على عاقل فضلا عن فاضل ضرورة أن تحمل المشاق في تحصيل المقدمات فيما إذا كان المقصود بعيد المسافة و كثير المئونة ليس إلا لأجل تعلق إرادته به و كونه مريدا له قاصدا إياه لا يكاد يحمله على التحمل إلا ذلك و لعل الذي أوقعه في الغلط ما قرع سمعه من تعريف الإرادة بالشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد و توهم أن تحريكها نحو المتأخر مما لا يكاد و قد غفل عن أن كونه «2» محركا نحوه يختلف حسب اختلافه في كونه مما لا مئونة له كحركة نفس العضلات أو مما له مئونة و مقدمات قليلة أو كثيرة فحركة العضلات تكون أعم من أن تكون بنفسها مقصودة أو مقدمة له و الجامع أن يكون نحو المقصود بل مرادهم من هذا الوصف في تعريف الإرادة بيان مرتبة الشوق الذي يكون هو الإرادة و إن لم يكن هناك فعلا تحريك لكون المراد و ما اشتاق إليه كمال الاشتياق أمرا استقباليا غير محتاج إلى تهيئة مئونة أو تمهيد مقدمة ضرورة أن شوقه إليه ربما يكون أشد من الشوق‏ ______________ (1) هو المحقق النهاوندي، تشريح الاصول.

(2) و الصحيح «كونها».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 103

المحرك فعلا نحو أمر حالي أو استقبالي محتاج إلى ذلك.

هذا مع أنه لا يكاد يتعلق البعث إلا بأمر متأخر عن زمان البعث ضرورة أن البعث إنما يكون لإحداث الداعي للمكلف إلى المكلف به بأن يتصوره بما يترتب عليه من المثوبة و على تركه من العقوبة و لا يكاد يكون هذا إلا بعد البعث بزمان فلا محالة يكون البعث نحو أمر متأخر عنه بالزمان و لا يتفاوت طوله و قصره فيما هو ملاك الاستحالة و الإمكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب و لعمري ما ذكرناه واضح لا سترة عليه و الإطناب إنما هو لأجل رفع المغالطة الواقعة في أذهان بعض الطلاب.

و ربما أشكل على المعلق أيضا بعدم القدرة على المكلف به في حال البعث مع أنها من الشرائط العامة.

و فيه أن الشرط إنما هو القدرة على الواجب في زمانه لا في زمان الإيجاب و التكليف غاية الأمر يكون من باب الشرط المتأخر و قد عرفت بما لا مزيد عليه أنه كالمقارن من غير انخرام للقاعدة العقلية أصلا فراجع.

ثم لا وجه لتخصيص المعلق بما يتوقف حصوله على أمر غير مقدور بل ينبغي تعميمه إلى أمر مقدور متأخر أخذ على نحو يكون موردا للتكليف و يترشح عليه الوجوب من الواجب أو لا لعدم تفاوت فيما يهمه من وجوب تحصيل المقدمات التي لا يكاد يقدر عليها في زمان الواجب على المعلق دون المشروط لثبوت الوجوب الحالي فيه فيترشح منه الوجوب على المقدمة بناء على الملازمة دونه لعدم ثبوته فيه إلا بعد الشرط.

نعم لو كان الشرط على نحو الشرط المتأخر و فرض وجوده كان الوجوب المشروط به حاليا أيضا فيكون وجوب سائر المقدمات الوجودية للواجب أيضا حاليا و ليس الفرق بينه و بين المعلق حينئذ إلا كونه مرتبطا

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 104

بالشرط بخلافه و إن ارتبط به الواجب‏

تنبيه [وجوه دفع الإشكال في فعلية وجوب المقدمة قبل ذيها]

قد انقدح من مطاوي ما ذكرناه أن المناط في فعلية وجوب المقدمة الوجودية و كونه في الحال بحيث يجب على المكلف تحصيلها هو فعلية وجوب ذيها و لو كان أمرا استقباليا كالصوم في الغد و المناسك في الموسم كان وجوبه مشروطا بشرط موجود أخذ فيه و لو متأخرا أو مطلقا منجزا كان أو معلقا فيما إذا لم تكن مقدمة للوجوب أيضا أو مأخوذة في الواجب على نحو يستحيل أن تكون موردا للتكليف كما إذا أخذ عنوانا للمكلف كالمسافر و الحاضر و المستطيع إلى غير ذلك أو جعل الفعل المقيد باتفاق حصوله و تقدير وجوده بلا اختيار أو باختياره موردا للتكليف ضرورة أنه لو كان مقدمة الوجوب أيضا لا يكاد يكون هناك وجوب إلا بعد حصوله و بعد الحصول يكون وجوبه طلب المحال كما أنه إذا أخذ على أحد النحوين يكون كذلك فلو لم يحصل لما كان الفعل موردا للتكليف و مع حصوله لا يكاد يصح تعلقه به فافهم.

إذا عرفت ذلك فقد عرفت أنه لا إشكال أصلا في لزوم الإتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب إذا لم يقدر عليه بعد زمانه فيما كان وجوبه حاليا مطلقا و لو كان مشروطا بشرط متأخر كان معلوم الوجود فيما بعد كما لا يخفى ضرورة فعلية وجوبه و تنجزه بالقدرة عليه بتمهيد مقدمته فيترشح منه الوجوب عليها على الملازمة و لا يلزم منه محذور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها و إنما اللازم الإتيان بها قبل الإتيان به بل لزوم الإتيان بها عقلا و لو لم نقل بالملازمة لا يحتاج إلى مزيد بيان و مئونة برهان كالإتيان بسائر المقدمات في زمان الواجب قبل إتيانه.

فانقدح بذلك أنه لا ينحصر التفصي عن هذه العويصة بالتعلق بالتعليق أو بما يرجع إليه من جعل الشرط من قيود المادة في المشروط.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 105

فانقدح بذلك أنه لا إشكال في الموارد التي يجب في الشريعة الإتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب كالغسل في الليل في شهر رمضان و غيره مما وجب عليه الصوم في الغد إذ و يكشف به بطريق الإن عن سبق وجوب الواجب و إنما المتأخر هو زمان إتيانه و لا محذور فيه أصلا و لو فرض العلم بعدم سبقه لاستحالة اتصاف مقدمته بالوجوب الغيري فلو نهض دليل على وجوبها فلا محالة يكون وجوبها نفسيا [و لو] «1» تهيؤا ليتهيأ بإتيانها و يستعد لإيجاب ذي المقدمة عليه فلا محذور أيضا.

إن قلت لو كان وجوب المقدمة في زمان كاشفا عن سبق وجوب ذي المقدمة لزم وجوب جميع مقدماته و لو موسعا و ليس كذلك بحيث يجب عليه المبادرة لو فرض عدم تمكنه منها لو لم يبادر.

قلت لا محيص عنه إلا إذا أخذ في الواجب من قبل سائر المقدمات قدرة خاصة و هي القدرة عليه بعد مجي‏ء زمانه لا القدرة عليه في زمانه من زمان وجوبه فتدبر جدا.

تتمة [تردد القيد بين رجوعه إلى المادة أو الهيئة]

قد عرفت اختلاف القيود في وجوب التحصيل و كونه موردا للتكليف و عدمه فإن علم حال قيد فلا إشكال و إن دار أمره ثبوتا بين أن يكون راجعا إلى الهيئة نحو الشرط المتأخر أو المقارن و أن يكون راجعا إلى المادة على نهج يجب تحصيله أو لا يجب فإن كان في مقام الإثبات ما يعين حاله و أنه راجع إلى أيهما من القواعد العربية فهو و إلا فالمرجع هو الأصول العملية.

و ربما قيل «2» في الدوران بين الرجوع إلى الهيئة أو المادة بترجيح الإطلاق في طرف الهيئة و تقييد المادة بوجهين.

______________ (1) أثبتناها من «أ».

(2) راجع مطارح الأنظار/ 49 الهداية 5 من القول بوجوب المقدمة، في الوجه الخامس‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 106

أحدهما أن إطلاق الهيئة يكون شموليا كما في شمول العام لأفراده فإن وجوب الإكرام على تقدير الإطلاق يشمل جميع التقادير التي يمكن أن يكون تقديرا له و إطلاق المادة يكون بدليا غير شامل لفردين في حالة واحدة.

ثانيهما أن تقييد الهيئة يوجب بطلان محل الإطلاق في المادة و يرتفع به مورده بخلاف العكس و كلما دار الأمر بين تقييدين كذلك كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى.

أما الصغرى فلأجل أنه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة و بيان لإطلاق المادة لأنها لا محالة لا تنفك عن وجود قيد الهيئة بخلاف تقييد المادة فإن محل الحاجة إلى إطلاق الهيئة على حاله فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجوب القيد و عدمه.

و أما الكبرى فلأن التقييد و إن لم يكن مجازا إلا أنه خلاف الأصل و لا فرق في الحقيقة بين تقييد الإطلاق و بين أن يعمل عملا يشترك مع التقييد في الأثر و بطلان العمل به. و ما ذكرناه من الوجهين موافق لما أفاده بعض مقرري بحث الأستاذ العلامة أعلى الله مقامه و أنت خبير بما فيهما.

أما في الأول فلأن مفاد إطلاق الهيئة و إن كان شموليا بخلاف المادة إلا أنه لا يوجب ترجيحه على إطلاقها لأنه أيضا كان بالإطلاق و مقدمات الحكمة غاية الأمر أنها تارة يقتضي العموم الشمولي و أخرى البدلي كما ربما يقتضي التعيين أحيانا كما لا يخفى.

و ترجيح عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو لأجل كون دلالته بالوضع لا لكونه شموليا بخلاف المطلق فإنه بالحكمة فيكون العام أظهر منه فيقدم عليه فلو فرض أنهما في ذلك على العكس فكان عام بالوضع دل على العموم البدلي و مطلق بإطلاقه دل على الشمول لكان العام‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 107

يقدم بلا كلام.

و أما في الثاني فلأن التقييد و إن كان خلاف الأصل إلا أن العمل الذي يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة و انتفاء بعض مقدماته لا يكون على خلاف الأصل أصلا إذ معه لا يكون هناك إطلاق كي يكون بطلان العمل به في الحقيقة مثل التقييد الذي يكون على خلاف الأصل. و بالجملة لا معنى لكون التقييد خلاف الأصل إلا كونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدمات الحكمة و مع انتفاء المقدمات لا يكاد ينعقد له هناك ظهور كان ذاك العمل المشارك مع التقييد في الأثر و بطلان العمل بإطلاق المطلق مشاركا معه في خلاف الأصل أيضا. و كأنه توهم أن إطلاق المطلق كعموم العام ثابت و رفع اليد عن العمل به تارة لأجل التقييد و أخرى بالعمل المبطل للعمل به و هو فاسد لأنه لا يكون إطلاق إلا فيما جرت هناك المقدمات. نعم إذا كان التقييد بمنفصل و دار الأمر بين الرجوع إلى المادة أو الهيئة كان لهذا التوهم مجال حيث انعقد للمطلق إطلاق و قد استقر له ظهور و لو ب قرينة الحكمة فتأمل.

و منها تقسيمه إلى النفسي و الغيري‏

و حيث كان طلب شي‏ء و إيجابه لا يكاد يكون بلا داع فإن كان الداعي فيه هو التوصل به إلى واجب لا يكاد التوصل بدونه إليه لتوقفه عليه فالواجب غيري و إلا فهو نفسي سواء كان الداعي محبوبية الواجب بنفسه كالمعرفة بالله تعالى أو محبوبيته بما له من فائدة مترتبة عليه كأكثر الواجبات من العبادات و التوصليات.

هذا لكنه لا يخفى أن الداعي لو كان هو محبوبيته كذلك أي بما له من الفائدة المترتبة عليه كان الواجب في الحقيقة واجبا غيريا فإنه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازما لما دعا إلى إيجاب ذي الفائدة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 108

فإن قلت نعم و إن كان وجودها محبوبا لزوما إلا أنه حيث كانت من الخواص المترتبة على الأفعال التي ليست داخلة تحت قدرة المكلف لما كاد يتعلق [بها] بهذا الإيجاب.

قلت بل هي داخلة تحت القدرة لدخول أسبابها تحتها و القدرة على السبب قدرة على المسبب و هو واضح و إلا لما صح وقوع مثل التطهير و التمليك و التزويج و الطلاق و العتاق إلى غير ذلك من المسببات موردا لحكم من الأحكام التكليفية.

فالأولى أن يقال إن الأثر المترتب عليه و إن كان لازما إلا أن ذا الأثر لما كان معنونا بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله بل و بذم تاركه صار متعلقا للإيجاب بما هو كذلك و لا ينافيه كونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا بخلاف الواجب الغيري لتمحض وجوبه في أنه لكونه مقدمة لواجب نفسي و هذا أيضا لا ينافي أن يكون معنونا بعنوان حسن في نفسه إلا أنه لا دخل له في إيجابه الغيري و لعله مراد من فسرهما بما أمر به لنفسه و ما أمر به لأجل غيره فلا يتوجه عليه الاعتراض بأن جل الواجبات لو لا الكل يلزم أن يكون من الواجبات الغيرية فإن المطلوب النفسي قلما يوجد في الأوامر فإن جلها مطلوبات لأجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها فتأمل.

ثم إنه لا إشكال فيما إذا علم بأحد القسمين و أما إذا شك في واجب أنه نفسي أو غيري فالتحقيق أن الهيئة و إن كانت موضوعة لما يعمهما إلا أن إطلاقها يقتضي كونه نفسيا فإنه لو كان شرطا لغيره لوجب التنبيه عليه على المتكلم الحكيم.

(و أما ما قيل «1» من أنه لا وجه للاستناد إلى إطلاق الهيئة لدفع الشك‏ ______________ (1) مطارح الأنظار/ 67 في الهداية 11 من القول بوجوب المقدمة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

109 المذكور بعد كون مفادها الأفراد التي لا يعقل فيها التقييد نعم لو كان مفاد الأمر هو مفهوم الطلب صح القول بالإطلاق لكنه بمراحل من الواقع إذ لا شك في اتصاف الفعل ب المطلوبية بالطلب المستفاد من الأمر و لا يعقل اتصاف المطلوب بالمطلوبية بواسطة مفهوم الطلب فإن الفعل يصير مرادا بواسطة تعلق واقع الإرادة و حقيقتها لا بواسطة مفهومها و ذلك واضح لا يعتريه ريب).

ففيه أن مفاد الهيئة كما مرت الإشارة إليه ليس الأفراد بل هو مفهوم الطلب كما عرفت تحقيقه في وضع الحروف «1» و لا يكاد يكون فرد الطلب الحقيقي و الذي يكون بالحمل الشائع طلبا و إلا لما صح إنشاؤه بها ضرورة أنه من الصفات الخارجية الناشئة من الأسباب الخاصة. نعم ربما يكون هو السبب لإنشائه كما يكون غيره أحيانا.

و اتصاف الفعل بالمطلوبية الواقعية و الإرادة الحقيقية الداعية إلى إيقاع طلبه و إنشاء إرادته بعثا نحو مطلوبه الحقيقي و تحريكا إلى مراده الواقعي لا ينافي اتصافه بالطلب الإشائي أيضا و الوجود الإنشائي لكل شي‏ء ليس إلا قصد حصول مفهومه بلفظه كان هناك طلب حقيقي أو لم يكن بل كان إنشاؤه بسبب آخر.

و لعل منشأ الخلط و الاشتباه تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق فتوهم منه أن مفاد الصيغة يكون طلبا حقيقيا يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع و لعمري إنه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق فالطلب الحقيقي إذا لم يكن قابلا للتقييد لا يقتضي أن لا يكون مفاد الهيئة قابلا له و إن تعارف تسميته بالطلب أيضا و عدم تقييده بالإنشائي لوضوح إرادة ______________ (1) باعتبار أن الهيئة ملحقة بالحروف، راجع صفحة 11 من هذا الكتاب.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 110

خصوصه و أن الطلب الحقيقي لا يكاد ينشأ بها كما لا يخفى.

فانقدح بذلك صحة تقييد مفاد الصيغة بالشرط كما مر هاهنا بعض الكلام و قد تقدم «1» في مسألة اتحاد الطلب و الإرادة ما يجدي [في‏] المقام.

هذا إذا كان هناك إطلاق و أما إذا لم يكن فلا بد من الإتيان به فيما إذا كان التكليف بما احتمل كونه شرطا له فعليا للعلم بوجوبه فعلا و إن لم يعلم جهة وجوبه و إلا فلا لصيرورة الشك فيه بدويا كما لا يخفى.

تذنيبان‏

الأول لا ريب في استحقاق الثواب على امتثال الأمر النفسي‏

و موافقته و استحقاق العقاب على عصيانه و مخالفته عقلا و أما استحقاقهما على امتثال الغيري و مخالفته ففيه إشكال و إن كان التحقيق عدم الاستحقاق على موافقته و مخالفته بما هو موافقة و مخالفة ضرورة استقلال العقل بعدم الاستحقاق إلا لعقاب واحد أو لثواب كذلك فيما خالف الواجب و لم يأت بواحدة من مقدماته على كثرتها أو وافقه و أتاه بما له من المقدمات.

نعم لا بأس باستحقاق العقوبة على المخالفة عند ترك المقدمة و بزيادة المثوبة على الموافقة فيما لو أتى بالمقدمات بما هي مقدمات له من باب أنه يصير حينئذ من أفضل الأعمال حيث صار أشقها و عليه ينزل ما ورد في الأخبار «2» من الثواب على المقدمات أو على التفضل فتأمل جيدا و ذلك لبداهة أن موافقة الأمر الغيري بما هو أمر لا بما هو شروع في إطاعة الأمر النفسي لا توجب قربا و لا مخالفته بما هو كذلك بعدا و المثوبة و العقوبة إنما تكونان من تبعات القرب و البعد. ______________ (1) راجع صفحة 64 من الكتاب، الجهة الرابعة (في بحث الطلب و الإرادة).

(2) كامل الزيارات/ 133، فيما ورد في زيار أبي عبد اللّه، من أنه لكلّ قدم ثواب كذا.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

111 إشكال و دفع‏

أما الأول [و هو الإشكال‏]

فهو أنه إذا كان الأمر الغيري بما هو لا إطاعة له و لا قرب في موافقته و لا مثوبة على امتثاله فكيف حال بعض المقدمات كالطهارات حيث لا شبهة في حصول الإطاعة و القرب و المثوبة بموافقة أمرها هذا مضافا إلى أن الأمر الغيري لا شبهة في كونه توصليا و قد اعتبر في صحتها إتيانها بقصد القربة.

و أما الثاني [و هو الدفع‏]

فالتحقيق أن يقال إن المقدمة فيها بنفسها مستحبة و عبادة و غاياتها إنما تكون متوقفة على إحدى هذه العبادات فلا بد أن يؤتى بها عبادة و إلا فلم يؤت بما هو مقدمة لها فقصد القربة فيها إنما هو لأجل كونها في نفسها أمورا عبادية و مستحبات نفسية لا لكونها مطلوبات غيرية و الاكتفاء بقصد أمرها الغيري فإنما هو لأجل أنه يدعو إلى ما هو كذلك في نفسه حيث إنه لا يدعو إلا إلى ما هو المقدمة فافهم.

و قد تفصي عن الإشكال بوجهين آخرين. «1»

أحدهما ما ملخصه (أن الحركات الخاصة ربما لا تكون محصلة لما هو المقصود منها من العنوان الذي يكون بذاك العنوان مقدمة و موقوفا عليها فلا بد في إتيانها بذاك العنوان من قصد أمرها لكونه لا يدعو إلا إلى ما هو الموقوف عليه فيكون عنوانا إجماليا و مرآة لها فإتيان الطهارات عبادة و إطاعة لأمرها ليس لأجل أن أمرها المقدمي يقضي بالإتيان كذلك بل إنما كان لأجل إحراز نفس العنوان الذي يكون بذاك العنوان موقوفا عليها).

و فيه مضافا إلى أن ذلك لا يقتضي الإتيان بها كذلك لإمكان الإشارة إلى عناوينها التي تكون بتلك العناوين موقوفا عليها بنحو آخر و لو ______________ (1) مطارح الأنظار/ 71 في تنبيهات الهداية 12 من القول في وجوب مقدمة الواجب.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

112 بقصد أمرها وصفا لا غاية و داعيا بل كان الداعي إلى هذه الحركات الموصوفة بكونها مأمورا بها شيئا آخر غير أمرها أنه غير واف بدفع إشكال ترتب المثوبة عليها كما لا يخفى.

ثانيهما

ما محصله أن لزوم وقوع الطهارات عبادة إنما يكون لأجل أن الغرض من الأمر النفسي بغاياتها كما لا يكاد يحصل بدون قصد التقرب بموافقته كذلك لا يحصل ما لم يؤت بها كذلك لا باقتضاء أمرها الغيري.

و بالجملة وجه لزوم إتيانها عبادة إنما هو لأجل أن الغرض في الغايات لا يحصل إلا بإتيان خصوص الطهارات من بين مقدماتها أيضا بقصد الإطاعة.

و فيه أيضا أنه غير واف بدفع إشكال ترتب المثوبة عليها و أما (ما ربما قيل «1» في تصحيح اعتبار قصد الإطاعة في العبادات من الالتزام بأمرين أحدهما كان متعلقا بذات العمل و الثاني بإتيانه بداعي امتثال الأول) لا يكاد يجزي [يجدي‏] في تصحيح اعتبارها في الطهارات إذ لو لم تكن بنفسها مقدمة لغاياتها لا يكاد يتعلق بها أمر من قبل الأمر بالغايات فمن أين يجي‏ء طلب آخر من سنخ الطلب الغيري متعلق بذاتها ليتمكن به من المقدمة في الخارج هذا مع أن في هذا الالتزام ما في تصحيح اعتبار قصد الطاعة في العبادة على ما عرفته مفصلا سابقا فتذكر.

الثاني [اعتبار قصد التوصل في الطهارات و عدمه‏]

أنه قد انقدح مما هو التحقيق في وجه اعتبار قصد القربة في الطهارات صحتها و لو لم يؤت بها بقصد التوصل بها إلى غاية من غاياتها نعم لو كان المصحح لاعتبار قصد القربة فيها أمرها الغيري لكان قصد الغاية مما لا بد منه في وقوعها صحيحة فإن الأمر الغيري لا يكاد يمتثل إلا إذا قصد ______________ (1) مطارح الانظار/ 71، في تنبيهات الهداية 12.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 113

التوصل إلى الغير حيث لا يكاد يصير داعيا إلا مع هذا القصد بل في الحقيقة يكون هو الملاك لوقوع المقدمة عبادة و لو لم يقصد أمرها بل و لو لم نقل بتعلق الطلب بها أصلا.

و هذا هو السر في اعتبار قصد التوصل في وقوع المقدمة عبادة لا ما توهم «1» من أن المقدمة إنما تكون مأمورا بها بعنوان المقدمية فلا بد عند إرادة الامتثال بالمقدمة من قصد هذا العنوان و قصدها كذلك لا يكاد يكون بدون قصد التوصل إلى ذي المقدمة بها فإنه فاسد جدا ضرورة أن عنوان المقدمية ليس بموقوف عليه الواجب و لا بالحمل الشائع مقدمة له و إنما كان المقدمة هو نفس المعنونات بعناوينها الأولية و المقدمية إنما تكون علة لوجوبها.