حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: جو پختہ تجربہ کرلیتا ہے وہ ہلاکتوں سے بچ جاتا ہے اور جو تجربہ کی ضرورت محسوس نہیں کرتا وہ انجام سے اندھا ہوجاتا ہے۔ غررالحکم حدیث10161

المقام الثاني في (الاستصحاب‏
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام‏
[أدلة حجية الاستصحاب‏]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس‏
حجة القول الثامن‏
حجة القول التاسع‏
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني‏
الأمر الثالث‏
الأمر السادس‏
الأمر السابع‏
الأمر التاسع‏
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين‏
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث‏
خاتمة في التعادل و الترجيح‏
المقام الأول في المتكافئين‏
المقام الثاني في التراجيح‏
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات‏
بقي في المقام شي‏ء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث‏
بقي هنا شي‏ء
المصادر

رسائل حصہ سوم

المقام الرابع في بيان المرجحات‏

و هي على قسمين أحدهما ما يكون داخليا و هي كل مزية غير مستقلة في نفسه بل متقومة بما فيه و ثانيهما ما يكون خارجيا بأن يكون أمرا مستقلا بنفسه و لو لم يكن هناك خبر سواء كان معتبرا كالأصل و الكتاب أو غير معتبر في نفسه كالشهرة و نحوها.

ثم المعتبر إما أن يكون مؤثرا في أقربية أحد الخبرين إلى الواقع كالكتاب و الأصل بناء على إفادة الظن أو غير مؤثر ككون الحرمة أولى بالأخذ من الوجوب و الأصل بناء على كونه من باب التعبد الظاهري و جعل المستقل المعتبر مطلقا خصوصا ما لا يؤثر في الخبر من المرجحات لا يخلو عن مسامحة.

أما المرجح الداخلي فهو على أقسام‏

لأنه إما أن يكون راجعا إلى الصدور فيفيد المرجح كون الخبر أقرب إلى الصدور و أبعد عن الكذب سواء كان راجعا إلى سنده كصفات الراوي أو إلى متنه كالأفصحية و هذا لا يكون إلا في أخبار الآحاد و إما أن يكون راجعا إلى وجه الصدور ككون أحدهما مخالفا للعامة أو لعمل سلطان الجور أو قاضي الجور بناء على احتمال كون مثل هذا الخبر صادرا لأجل التقية و إما أن يكون راجعا إلى مضمونه كالمنقول باللفظ بالنسبة إلى المنقول بالمعنى إذ يحتمل الاشتباه في التعبير فيكون مضمون المنقول باللفظ أقرب إلى الواقع و كمخالفة العامة بناء على أن الوجه في الترجيح بها في أكثر الروايات من أن خلافهم أقرب إلى الحق و كالترجيح بشهرة الرواية و نحوها.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 784

ترجيح الرواية باعتبار قوة الدلالة

. و هذه الأنواع الثلاثة كلها متأخرة عن الترجيح باعتبار قوة الدلالة فإن الأقوى دلالة مقدم على ما كان أصح سندا و موافقا للكتاب و مشهور الرواية بين الأصحاب لأن صفات الرواية لا تزيده على المتواتر و موافقة الكتاب لا تجعله أعلى من الكتاب و قد تقرر في محله تخصيص الكتاب و المتواتر بأخبار الآحاد فكل ما يرجع التعارض إلى تعارض الظاهر و الأظهر فلا ينبغي الارتياب في عدم ملاحظة المرجحات الأخر.

و السر في ذلك ما أشرنا إليه سابقا من أن مصب الترجيح بها هو ما إذا لم يمكن الجمع بوجه عرفي يجري في كلامين مقطوعي الصدور على غير جهة التقية بل في جزئي كلام واحد.

و بتقرير آخر إذا أمكن فرض صدور الكلامين على غير جهة التقية و صيرورتهما كالكلام الواحد على ما هو مقتضى دليل وجوب التعبد بصدور الخبرين فيدخل في (قوله عليه السلام: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا) إلى آخر الرواية المتقدمة (و قوله عليه السلام: إن في كلامنا محكما و متشابها فردوا متشابهها إلى محكمها).

و لا يدخل ذلك في مورد السؤال عن علاج المتعارضين بل موارد السؤال عن العلاج مختص بما إذا كان المتعارضان لو فرض صدورهما بل اقترانهما تحير السائل فيهما و لم يظهر المراد منهما إلا ببيان آخر لأحدهما أو لكليهما نعم يقع الكلام في ترجيح بعض الظواهر على بعض و تعيين الأظهر و هذا خارج عما نحن فيه.

و ما ذكرناه مما لا خلاف فيه كما استظهر بعض مشايخنا المعاصرين و يشهد له ما يظهر من مذاهبهم في الأصول و طريقتهم في الفروع.

نعم قد يظهر من عبارة الشيخ قدس سره في الإستبصار خلاف ذلك بل يظهر منه أن الترجيح بالمرجحات يلاحظ بين النص و الظاهر فضلا من الظاهر و الأظهر فإنه قدس سره بعد ذكر حكم الخبر الخالي عما يعارضه (قال و إن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ينظر في المتعارضين فيعمل على أعدل الرواة في الطريق و إن كانا سواء في العدالة عمل على أكثر الرواة عددا و إن كانا متساويين في العدالة و العدد و كانا عاريين عن القرائن التي ذكرناها ينظر فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على بعض الوجوه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 785

و ضرب من التأويل كان العمل به أولى من العمل بالآخر الذي يحتاج مع العمل به إلى طرح الخبر الآخر لأنه يكون العامل به عاملا بالخبرين معا و إن كان الخبران يمكن العمل بكل منهما كما في العموم من وجه و حمل الآخر على بعض الوجوه من التأويل و كان لأحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه صريحا او تلويحا لفظا او منطوقا أو دليل الخطاب و كان الآخر عاريا عن ذلك كان العمل به أولى من العمل بما لا يشهد له شي‏ء من الأخبار و إذا لم يشهد لأحد التأويلين خبر آخر و كانا متحاذيين كان العامل مخيرا في العمل بأيهما شاء انتهى موضع الحاجة) (و قال في العدة و أما الأخبار إذا تعارضت و تقابلت فإنه يحتاج في العمل ببعضها إلى ترجيح و الترجيح يكون بأشياء منها أن يكون أحد الخبرين موافقا للكتاب أو السنة المقطوع بها و الآخر مخالفا فإنه يجب العمل بما وافقهما و ترك ما خالفهما و كذلك إن وافق أحدهما إجماع الفرقة المحقة و الآخر يخالفه وجب العمل بما يوافقه و ترك ما يخالفهم فإن لم يكن مع أحد الخبرين شي‏ء من ذلك و كانت فتيا الطائفة مختلفة نظر في حال رواتهما فإن كان رواته عدلا وجب العمل به و ترك غير العدل و سنبين القول في العدالة المرعية في هذا الباب) (فإن كان رواتهما جميعا عدلين نظر في أكثرهما رواه و عمل به و ترك العمل بقليل الرواة فإن كان رواتهما متساويين في العدد و العدالة عمل بأبعدهما من قول العامة و ترك العمل بما يوافقهم و إن كان الخبران موافقين للعامة أو مخالفين لهم نظر في حالهما فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه و ضرب من التأويل و إذا عمل بالخبر الآخر لا يمكن العمل بهذا الخبر وجب العمل بالخبر الذي يمكن مع العمل به العمل بالخبر الآخر لأن الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما و ليس هنا قرينة تدل على صحة أحدهما و لا ما يرجح أحدهما على الآخر فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن و لا يعمل بالخبر الذي إذا عمل به وجب إطراح العمل بالآخر و إن لم يمكن العمل بهما جميعا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 786

لتضادهما و تنافيهما أو أمكن حمل كل واحد منهما على ما يوافق الآخر على وجه كان الإنسان مخيرا في العمل بأيهما شاء انتهى) و هذا كله كما ترى يشمل حتى تعارض العام و الخاص مع الاتفاق فيه على الأخذ بالنص و قد صرح في العدة في باب بناء العام على الخاص بأن الرجوع إلى الترجيح و التخيير إنما هو في تعارض العامين دون العام و الخاص بل لم يجعلهما من المتعارضين أصلا.

و استدل على العمل بالخاص بما حاصله أن العمل بالخاص ليس طرحا للعام بل حمل له على ما يمكن أن يريده الحكيم و أن العمل بالترجيح و التخيير فرع التعارض الذي لا يجري فيه الجمع و هو مناقض صريح لما ذكره هنا من أن الجمع من جهة عدم ما يرجح أحدهما على الآخر.

و قد يظهر ما في العدة من كلام بعض المحدثين حيث أنكر حمل الخبر الظاهر في الوجوب أو التحريم على الاستحباب أو الكراهة لمعارضته خبر الرخصة زاعما أنه طريق جمع لا إشارة إليه في أخبار الباب بل ظاهرها تعين الرجوع إلى المرجحات المقررة.

ربما يلوح هذا أيضا من كلام المحقق القمي في باب بناء العام على الخاص فإنه بعد ما حكم بوجوب البناء (قال و قد يستشكل بأن الأخبار قد وردت في تقديم ما هو مخالف للعامة أو موافق للكتاب أو نحو ذلك و هذا يقتضي تقديم العام لو كان هو الموافق للكتاب أو المخالف للعامة أو نحو ذلك.

و فيه أن البحث منعقد لملاحظة العام و الخاص من حيث العموم و الخصوص لا بالنظر إلى المرجحات الخارجية إذ قد يصير التجوز في الخاص أولى من التخصيص في العام من جهة مرجح خارجي و هو خارج عن المتنازع انتهى). و التحقيق أن هذا كله خلاف ما يقتضيه الدليل لأن الأصل في الخبرين الصدق و الحكم بصدورهما فيفرضان كالمتواترين و لا مانع عن فرض صدورهما حتى يحصل التعارض و لهذا لا يطرح الخبر الواحد الخاص بمعارضة العام المتواتر.

و إن شئت قلت إن مرجع التعارض بين النص و الظاهر إلى التعارض بين أصالة الحقيقة في الظاهر و دليل حجية النص و من المعلوم ارتفاع الأصل بالدليل و كذا الكلام في الظاهر و الأظهر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 787

فإن دليل حجية الأظهر يجعل قرينة صارفة عن إرادة الظاهر و لا يمكن طرحه لأجل أصالة الظهور و لا طرح ظهوره لظهور الظاهر فتعين العمل به و تأويل الظاهر منهما و قد تقدم في إبطال الجمع بين الدليلين ما يوضح ذلك. نعم يبقى الإشكال في الظاهرين اللذين يمكن التصرف في كل واحد منهما بما يرفع منافاته لظاهر الآخر فيدور الأمر بين الترجيح من حيث السند و طرح المرجوح و بين الحكم بصدورهما و إرادة خلاف الظاهر في أحدهما. فعلى ما ذكرنا من أن دليل حجية المعارض لا يجوز طرحه لأجل أصالة الظهور في صاحبه بل الأمر بالعكس لأن الأصل لا يزاحم الدليل يجب الحكم في المقام بالإجمال لتكافؤ أصالتي الحقيقة في كل منهما مع العلم إجمالا بإرادة خلاف الظاهر من أحدهما فيتساقط الظهوران من الطرفين فيصيران مجملين بالنسبة إلى مورد التعارض فهما كظاهري مقطوعي الصدور أو ككلام واحد تصادم فيه ظاهران و يشكل ب صدق التعارض بينهما عرفا و دخولهما في الأخبار العلاجية إذ تخصيصها بخصوص المتعارضين اللذين لا يمكن الجمع بينهما إلا بإخراج كليهما عن ظاهريهما خلاف الظاهر مع أنه لا محصل للحكم بصدور الخبرين و التعبد بكليهما لأجل أن يكون كل منهما مسببا لإجمال الآخر ف يتوقف في العمل بهما فيرجع إلى الأصل إذ لا يترتب حينئذ ثمرة على الأمر بالعمل بهما نعم كلاهما دليل واحد على نفي الثالث كما في المتباينين و هذا هو المتعين و لذا استقرت طريقة العلماء على ملاحظة المرجحات السندية في مثل ذلك إلا أن اللازم من ذلك وجوب التخيير بينهما عند فقد المرجحات كما هو ظاهر آخر عبارتي العدة و الإستبصار المتقدمتين كما أن اللازم على الأول التوقف من أول الأمر و الرجوع إلى الأصل إن لم يكن مخالفا لهما و إلا فالتخيير من جهة العقل بناء على القول به في دوران الأمر بين احتمالين مخالفين للأصل كالوجوب و الحرمة.

و قد أشرنا سابقا إلى أنه قد يفصل في المسألة بين ما إذا كان لكل من المتعارضين مورد سليم عن التعارض كما في العامين من وجه حيث إن الرجوع إلى المرجحات السندية فيها على الإطلاق يوجب طرح الخبر المرجوح في مادة الافتراق و لا وجه له و الاقتصار في الترجيح بها في خصوص مادة الاجتماع التي هي محل المعارضة و طرح المرجوح بالنسبة إليها مع العمل به في مادة الافتراق بعيد عن ظاهر الأخبار العلاجية و بين ما إذا لم يكن لهما مورد سليم مثل قوله اغتسل للجمعة الظاهر في الوجوب و قوله ينبغي غسل الجمعة الظاهر في الاستحباب فيطرح الخبر المرجوح رأسا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 788

لأجل بعض المرجحات. لكن الاستبعاد المذكور في الأخبار العلاجية إنما هو من جهة أن بناء العرف في العمل بأخبارهم من حيث الظن بالصدور فلا يمكن التبعض في صدور العامين من وجه من حيث مادتي الافتراق و مادة الاجتماع كما أشرنا سابقا إلى أن الخبرين المتعارضين من هذا القبيل.

و أما إذا تعبدنا الشارع بصدور الخبر الجامع للشرائط فلا مانع من تعبده ببعض مضمون الخبر دون بعض و كيف كان فترك التفصيل أوجه منه و هو أوجه من إطلاق إهمال المرجحات.

و أما ما ذكرنا في وجهه من عدم جواز طرح دليل حجية أحد الخبرين لأصالة ظهور الآخر فهو إنما يحسن إذا كان ذلك الخبر بنفسه قرينة على خلاف الظاهر في الآخر و أما إذا كان محتاجا إلى دليل ثالث يوجب صرف أحدهما فحكمهما حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما إلى شاهدين في أن العمل بكليهما مع تعارض ظاهريهما يعد غير ممكن فلا بد من طرح أحدهما معينا للترجيح أو غير معين للتخيير و لا يقاس حالهما على حال مقطوعي الصدور في الالتجاء إلى الجمع بينهما كما أشرنا إلى دفع ذلك عند الكلام في أولوية الجمع على الطرح و المسألة محل الإشكال.

و قد تلخص مما ذكرنا أن تقديم النص على الظاهر خارج عن مسألة الترجيح بحسب الدلالة إذ الظاهر لا يعارض النص حتى يرجح النص عليه نعم النص الظني السند يعارض دليل سنده لدليل حجية الظهور لكنه حاكم على دليل اعتبار الظاهر فينحصر الترجيح بحسب الدلالة في تعارض الظاهر و الأظهر نظرا إلى احتمال خلاف الظاهر في كل منهما بملاحظة نفسه.

غاية الأمر ترجيح الأظهر.

و لا فرق في الظاهر و النص بين العام و الخاص المطلقين إذا فرض عدم احتمال في الخاص يبقى معه ظهور العام لئلا يدخل في تعارض الظاهرين أو تعارض الظاهر و الأظهر و بين ما يكون التوجيه فيه قريبا و بين ما يكون التوجيه فيه بعيدا مثل صيغة الوجوب مع دليل نفي البأس عن الترك لأن العبرة بوجود احتمال في أحد الدليلين لا يحتمل ذلك في الآخر و إن كان ذلك الاحتمال بعيدا في الغاية لأن مقتضى الجمع بين العام و الخاص بعينه موجود فيه و قد يظهر خلاف ما ذكرنا في حكم النص و الظاهر من بعض الأصحاب في كتبهم الاستدلالية مثل حمل الخاص المطلق على التقية لموافقته لمذهب العامة.

منها ما يظهر من الشيخ رحمه الله في مسألة من زاد في صلاته ركعة حيث حمل ما ورد في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 789

صحة صلاة من جلس في الرابعة بقدر التشهد على التقية و عمل على عمومات إبطال الزيادة و تبعه بعض متأخري المتأخرين لكن الشيخ رحمه الله كأنه بنى على ما تقدم عن العدة و الإستبصار من ملاحظة المرجحات قبل حمل أحد الخبرين على الآخر أو على استفادة التقية من قرائن أخر غير موافقة مذهب العامة.

و منها ما تقدم عن بعض المحدثين من مؤاخذة حمل الأمر و النهي على الاستحباب و الكراهة.

و قد يظهر من بعض الفرق بين العام و الخاص و الظاهر في الوجوب و النص الصريح في الاستحباب و ما يتلوهما في قرب التوجيه و بين غيرهما مما كان تأويل الظاهر فيه بعيدا حيث (قال بعد نفي الإشكال عن الجمع بين العام و الخاص و الظاهر في الوجوب و الصريح في الاستحباب.

استشكل الجمع في مثل ما إذا دل الدليل على أن القبلة أو مس باطن الفرج لا ينقض الوضوء و دل دليل آخر على أن الوضوء يعاد منها و قال إن الحكم بعدم وجوب الوضوء في المقام مستند إلى النص المذكور و أما الحكم باستحباب الوضوء فليس له مستند ظاهر لأن تأويل كلامهم لم يثبت حجيته إلا إذا فهم من الخارج إرادته و الفتوى و العمل به محتاج إلى مستند شرعي و مجرد أولوية الجمع غير صالح).

أقول بعد ما ذكرنا من أن الدليل الدال على وجوب الجمع بين العام و الخاص و شبهه بعينه جار فيما نحن فيه و ليس الوجه في الجمع شيوع التخصيص بل المدار على احتمال موجود في أحد الدليلين مفقود في الآخر مع أن حمل ظاهر وجوب إعادة الوضوء على الاستحباب أيضا شائع على ما اعترف به سابقا و ليت شعري ما الذي أراد بقوله تأويل كلامهم لم يثبت حجيته إلا إذا فهم من الخارج إرادته.

فإن بنى على طرح ما دل على وجوب إعادة الوضوء و عدم البناء على أنه كلامهم عليه السلام فأين كلامهم حتى يمنع من تأويله إلا بدليل و ليس و هل هو إلا طرح السند لأجل الفرار عن تأويله و هو غير معقول.

و إن بنى على عدم طرحه و على التعبد بصدوره ثم حمله على التقية فهذا أيضا قريب من الأول إذ لا دليل على وجوب التعبد بخبر يتعين حمله على التقية على تقدير الصدور بل لا معنى‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 790

لوجوب التعبد به إذ لا أثر في العمل يترتب عليه.

و بالجملة إن الخبر الظني إذا دار الأمر بين طرح سنده و حمله و تأويله فلا ينبغي التأمل في أن المتعين تأويله و وجوب العمل على طبق التأويل و لا معنى لطرحه أو الحكم بصدوره تقية فرارا عن تأويله و سيجي‏ء زيادة توضيح ذلك إن شاء الله.

فلنرجع إلى ما كنا فيه من بيان المرجحات في الدلالة و مرجعها إلى ترجيح الأظهر على الظاهر و الأظهرية قد تكون بملاحظة خصوص المتعارضين من جهة القرائن الشخصية و هذا لا يدخل تحت ضابطة و قد تكون بملاحظة نوع المتعارضين كأن يكون أحدهما ظاهرا في العموم و الآخر جملة شرطية ظاهرة في المفهوم فيتعارضان كتعارض مفهوم إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‏ء و منطوق عموم خلق الله الماء طهورا فيقع الكلام في ترجيح المفهوم على العموم و كتعارض التخصيص و النسخ في بعض أفراد العام و الخاص و التخصيص و التقييد و قد تكون باعتبار الصنف كترجيح أحد العامين أو المطلقين على الآخر لبعد التخصيص و التقييد فيه.

و لنشر إلى جملة من هذه المرجحات النوعية لظاهر أحد المتعارضين في مسائل.

منها لا إشكال في تقديم ظهور الحكم الملقى من الشارع في مقام التشريع في استمراره باستمرار الشريعة على ظهور العام في العموم الأفرادي و يعبر عن ذلك بأن التخصيص أولى من النسخ من غير فرق بين أن يكون احتمال المنسوخية في العام أو في الخاص و المعروف تعليل ذلك بشيوع التخصيص و ندرة النسخ و قد وقع الخلاف في بعض الصور و تمام ذلك في بحث العام و الخاص من مباحث الألفاظ و كيف كان فلا إشكال في أن احتمال التخصيص مشروط بعدم ورود الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام كما أن احتمال النسخ مشروط بورود الناسخ بعد الحضور فالخاص الوارد بعد حضور وقت العمل بالعام يتعين فيه النسخ.

و أما ارتكاب كون الخاص كاشفا عن قرينة كانت مع العام و اختفت فهو خلاف الأصل.

و الكلام في علاج المتعارضين من دون التزام وجود شي‏ء زائد عليهما.

نعم لو كان هناك دليل على امتناع النسخ وجب المصير إلى التخصيص مع التزام اختفاء القرينة حين العمل أو جواز إرادة خلاف الظاهر من المخاطبين واقعا مع مخاطبتهم بالظاهر الموجبة لعملهم بظهوره و بعبارة أخرى تكليفهم ظاهرا هو العمل بالعموم.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 791

و من هنا يقع الإشكال في تخصيص العمومات المتقدمة في كلام النبي أو الوصي أو بعض الأئمة عليهم السلام بالمخصصات الواردة بعد ذلك بمدة عن باقي الأئمة عليهم السلام فإنه لا بد أن يرتكب فيه النسخ أو كشف الخاص عن قرينة مع العام مختفية أو كون المخاطبين بالعام تكليفهم ظاهرا العمل بالعموم المراد به الخصوص واقعا أما النسخ فبعد توجيه وقوعه بعد النبي صلى اللَّه عليه و آله بإرادة كشف ما بينه النبي صلى اللَّه عليه و آله للوصي عن غاية الحكم الأول و ابتداء الحكم الثاني مدفوع بأن غلبة هذا النحو من التخصيصات يأبى عن حملها على ذلك مع أن الحمل على النسخ يوجب طرح ظهور كلا الخبرين في كون مضمونهما حكما مستمرا من أول الشريعة إلى آخرها إلا أن يفرض المتقدم ظاهرا في الاستمرار و المتأخر غير ظاهر بالنسبة إلى ما قبل صدوره.

فحينئذ يوجب طرح ظهور المتقدم لا المتأخر كما لا يخفى و هذا لا يحصل في كثير من الموارد بل أكثرها و أما اختفاء المخصصات فيبعده بل يحيله عادة عموم البلوى بها من حيث العلم و العمل مع إمكان دعوى العلم بعدم علم أهل العصر المتقدم و عملهم بها بل المعلوم جهلهم بها فالأوجه هو الاحتمال الثالث فكما أن رفع مقتضى البراءة العقلية ببيان التكليف كان على التدريج كما يظهر من الأخبار و الآثار مع اشتراك الكل في الأحكام الواقعية فكذلك ورود التقييد و التخصيص للعمومات و المطلقات فيجوز أن يكون الحكم الظاهري للسابقين الترخيص في ترك بعض الواجبات و فعل بعض المحرمات الذي يقتضيه العمل بالعمومات و إن كان المراد منها الخصوص الذي هو الحكم المشترك.

و دعوى الفرق بين إخفاء التكليف الفعلي و إبقاء المكلف على ما كان عليه من الفعل و الترك بمقتضى البراءة العقلية و بين إنشاء الرخصة له في فعل الحرام و ترك الواجب ممنوعة غاية الأمر أن الأول من قبيل عدم البيان و الثاني من قبيل بيان العدم و لا قبح فيه بعد فرض المصلحة مع أن بيان العدم قد يدعى وجوده في الكل بمثل (قوله صلى اللَّه عليه و آله في خطبة الغدير في حجة الوداع:

معاشر الناس ما من شي‏ء يقربكم إلى الجنة و يباعدكم عن النار إلا و قد أمرتكم به و ما من شي‏ء يباعدكم من الجنة و يقربكم إلى النار إلا و قد نهيتكم عنه).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 792

بل يجوز أن يكون مضمون العموم و الإطلاق هو الحكم الإلزامي و اختفاء القرينة المتضمنة لنفي الإلزام فيكون التكليف حينئذ لمصلحة فيه لا في المكلف به.

فالحاصل أن المستفاد من التتبع في الأخبار و الظاهر من خلو العمومات و المطلقات عن القرينة أن النبي صلى اللَّه عليه و آله جعل الوصي عليه السلام مبينا لجميع ما أطلقه و أطلق في الكتاب الكريم و أودعه علم ذلك و غيره و كذلك الوصي بالنسبة إلى من بعده من الأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين فبينوا ما رأوا فيه المصلحة و أخفوا ما رأوا المصلحة في إخفائه فإن قلت اللازم من ذلك عدم جواز التمسك بأصالة عدم التخصيص في العمومات بناء على اختصاص الخطاب بالمشافهين أو فرض الخطاب في غير الكتاب إذ لا يلزم من عدم المخصص لها في الواقع إرادة العموم لأن المفروض حينئذ جواز تأخير المخصص عن وقت العمل بالخطاب.

قلت المستند في إثبات أصالة الحقيقة بأصالة عدم القرينة قبح الخطاب بالظاهر المجرد و إرادة خلافه بضميمة أن الأصل الذي استقر عليه طريقة التخاطب هو أن المتكلم لا يلقي الكلام إلا لأجل إرادة تفهيم معناه الحقيقي أو المجازي فإذا لم ينصب قرينة على إرادة تفهيم المجاز تعين إرادة الحقيقة فعلا و حينئذ فإن اطلعنا على التخصيص المتأخر كان هذا كاشفا عن مخالفة المتكلم لهذا الأصل لنكتة و أما إذا لم نطلع عليه و نفيناه بالأصل فاللازم الحكم بإرادة تفهيم الظاهر من المخاطبين فيشترك الغائبون معهم.

و منها تعارض الإطلاق و العموم فيتعارض تقييد المطلق و تخصيص العام و لا إشكال في ترجيح التقييد على ما حققه سلطان العلماء من كونه حقيقة لأن الحكم بالإطلاق من حيث عدم البيان و العام بيان فعدم البيان للتقييد جزء من مقتضى الإطلاق و البيان للتخصيص مانع عن اقتضاء العام للعموم.

فإذا دفعنا المانع عن العموم بالأصل و المفروض وجود المقتضي له ثبت بيان التقييد و ارتفع المقتضي للإطلاق فالمطلق دليل تعليقي و العام دليل تنجيزي و العمل بالتعليقي موقوف على طرح التنجيزي لتوقف موضوعه على عدمه فلو كان طرح التنجيزي متوقفا على العمل بالتعليقي و مسببا عنه لزم الدور بل هو يتوقف على حجة أخرى راجحة عليه فالمطلق دليل تعليقي و العام دليل تنجيزي.

و أما على القول بكونه مجازا فالمعروف في وجه تقديم التقييد كونه أغلب من التخصيص.

و فيه تأمل نعم إذا استفيد العموم الشمولي من دليل الحكمة كانت الإفادة غير مستندة إلى الوضع كمذهب السلطان في العموم البدلي و مما ذكرنا يظهر حال التقييد مع سائر المجازات.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 793

و منها تعارض العموم مع غير الإطلاق من الظواهر و الظاهر المعروف تقديم التخصيص لغلبة شيوعه و قد يتأمل في بعضها مثل ظهور الصيغة في الوجوب فإن استعمالها في الاستحباب شائع أيضا بل قيل بكونه مجازا مشهورا و لم يقل ذلك في العام المخصص فتأمل.

و منها تعارض ظهور بعض ذوات المفهوم من الجمل مع بعض و الظاهر تقديم الجملة الغائية على الشرطية و الشرطية على الوصفية.

و منها تعارض ظهور الكلام في استمرار الحكم مع غيره من الظهورات فيدور الأمر بين النسخ و ارتكاب خلاف ظاهر آخر و المعروف ترجيح الكل على النسخ لغلبتها بالنسبة إليه. و قد يستدل على ذلك (بقولهم عليهم السلام: حلال محمد صلى اللَّه عليه و آله حلال إلى يوم القيامة و حرامه حرام إلى يوم القيامة).

و فيه أن الظاهر سوقه لبيان استمرار أحكام محمد صلى اللَّه عليه و آله نوعا من قبل الله جل ذكره إلى يوم القيامة في مقابل نسخها بدين آخر لا بيان استمرار أحكامه الشخصية إلا ما خرج بالدليل فالمراد أن حلاله صلى اللَّه عليه و آله حلال من قبل الله جل ذكره إلى يوم القيامة لا أن الحلال من قبله صلى اللَّه عليه و آله حلال من قبله إلى يوم القيامة ليكون المراد استمرار حليته.

و أضعف من ذلك التمسك باستصحاب عدم النسخ في المقام لأن الكلام في قوة أحد الظاهرين و ضعف الآخر فلا وجه لملاحظة الأصول العملية في هذا المقام مع أنا إذا فرضنا عاما متقدما و خاصا متأخرا فالشك في تكليف المتقدمين بالعام و عدم تكليفهم فاستصحاب الحكم السابق لا معنى له فيبقى ظهور الكلام في عدم النسخ معارضا بظهوره في العموم ثم إن هذا التعارض إنما هو مع عدم ظهور الخاص في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء و إلا تعين التخصيص نعم لا يجري في مثل العام المتأخر عن الخاص.

و منها ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي و عبروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز و رجحوها عليه.

فإن أرادوا أنه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي و بين طرح مقتضى القرينة في الظهور المجازي بإرادة المعنى الحقيقي فلا أعرف له وجها لأن ظهور اللفظ في المعنى المجازي إن كان مستندا إلى قرينة لفظية فظهوره مستند إلى الوضع و إن استند إلى حال أو قرينة

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 794

منفصلة قطعيّة فلا يقصر عن الوضع و إن كان ظنا معتبرا فينبغي تقديمه على الظهور اللفظي المعارض كما يقدم على ظهور اللفظ المقرون به إلا أن يفرض ظهوره ضعيفا يقوى عليه بخلاف ظهور الدليل المعارض فيدور الأمر بين ظاهرين أحدهما أقوى من الآخر.

و إن أرادوا به معنى آخر فلا بد من التأمل فيه هذا بعض الكلام في تعارض النوعين المختلفين من الظهور.

أما الصنفان المختلفان من نوع واحد فالمجاز الراجح الشائع مقدم على غيره و لذا يحمل الأسد في أسد يرمي على الرجل الشجاع دون الرجل الأبخر و يحمل الأمر المصروف عن الوجوب على الاستحباب دون الإباحة.

و أما تقديم بعض أفراد التخصيص على بعض فقد يكون بقوة عموم أحد العامين على الآخر إما لنفسه كتقديم الجمع المحلى باللام على المفرد المعرف و نحو ذلك و إما بملاحظة المقام فإن العام المسوق لبيان الضابط أقوى من غيره و نحو ذلك و قد يكون لقرب أحد التخصيصين و بعد الآخر كما يقال إن تخصيص الأقل أفرادا مقدم على غيره فإن العرف يقدم عموم يجوز أكل كل رمان على عموم النهي عن أكل كل حامض لأنه أقل فردا فيكون أشبه بالنص و كما إذا كان التخصيص في أحدهما تخصيصا لكثير من الأفراد بخلاف الآخر.