حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: حق کی بات کرو اور اجر کے لیے کام کرو نہج البلاغہ وصیت 47، مستدرک الوسائل حدیث 13821

المقام الثاني في (الاستصحاب‏
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام‏
[أدلة حجية الاستصحاب‏]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس‏
حجة القول الثامن‏
حجة القول التاسع‏
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني‏
الأمر الثالث‏
الأمر السادس‏
الأمر السابع‏
الأمر التاسع‏
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين‏
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث‏
خاتمة في التعادل و الترجيح‏
المقام الأول في المتكافئين‏
المقام الثاني في التراجيح‏
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات‏
بقي في المقام شي‏ء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث‏
بقي هنا شي‏ء
المصادر

رسائل حصہ سوم

المقام الثاني في التراجيح‏

الترجيح تقديم إحدى الأمارتين على الأخرى في العمل لمزية لها عليها بوجه من الوجوه و فيه مقامات الأول في وجوب ترجيح لأحد الخبرين بالمزية الداخلية أو الخارجية الموجودة فيه.

الثاني في ذكر المزايا المنصوصة و الأخبار الواردة.

الثالث في وجوب الاقتصار عليها أو التعدي إلى غيرها.

الرابع في بيان المرجحات من الداخلية و الخارجية.

أما المقام الأول و هو ترجيح أحد الخبرين بالمزية الداخلية أو الخارجية

. فالمشهور فيه وجوب الترجيح و حكي عن جماعة منهم الباقلاني و الجبائيان عدم الاعتبار بالمزية و جريان حكم التعادل و يدل على المشهور مضافا إلى الإجماع المحقق و السيرة القطعية و المحكية عن الخلف و السلف و تواتر الأخبار بذلك أن حكم المتعارضين من الأدلة على ما عرفت بعد عدم جواز طرحهما معا إما التخيير لو كانت الحجية من باب الموضوعية و السببية و إما التوقف لو كانت حجيتها من باب الطريقية و مرجع التوقف أيضا إلى التخيير إذا لم نجعل الأصل من المرجحات أو فرضنا الكلام في مخالفي الأصل إذ على تقدير الترجيح بالأصل يخرج صورة مطابقة أحدهما للأصل عن مورد التعادل فالحكم بالتخيير على تقدير فقده أو كونه مرجعا بناء على أن الحكم في المتعادلين مطلقا التخيير لا الأصل المطابق لأحدهما

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 767

و التخيير إما بالنقل و إما بالعقل أما النقل فقد قيد فيه التخيير بفقد المرجح و به يقيد ما أطلق فيه التخيير و أما العقل فلا يدل على التخيير بعد احتمال اعتبار الشارع للمزية و تعيين العمل بذيها و لا يندفع هذا الاحتمال بإطلاق أدلة العمل بالأخبار لأنها في مقام تعيين العمل بكل من المتعارضين مع الإمكان لكن صورة التعارض ليست من موارد إمكان العمل بكل منهما و إلا لتعين العمل بكليهما و العقل إنما يستفيد من ذلك الحكم المعلق بالإمكان عدم جواز طرح كليهما لا التخيير بينهما و إنما يحكم بالتخيير بضميمة أن تعيين أحدهما ترجيح بلا مرجح فإن استقل بعدم المرجح حكم بالتخيير لأنه نتيجة عدم إمكان الجمع و عدم جواز الطرح و عدم وجود المرجح لأحدهما و إن لم يستقل بالمقدمة الثالثة توقف عن التخيير فيكون العمل بالراجح معلوم الجواز و العمل بالمرجوح مشكوكة. فإن قلت أولا إن كون الشي‏ء مرجحا مثل كون الشي‏ء دليلا يحتاج إلى دليل لأن التعبد بخصوص الراجح إذا لم يعلم من الشارع كان الأصل عدمه بل العمل به مع الشك يكون تشريعا كالتعبد بما لم يعلم حجيته و ثانيا إذا دار الأمر بين وجوب أحدهما على التعين و أحدهما على البدل فالأصل براءة الذمة عن خصوص الواحد المعين كما هو مذهب جماعة في مسألة دوران الأمر بين التخيير و التعيين.

قلت أما كون الترجيح كالحجية أمرا يجب ورود التعبد به من الشارع فمسلم إلا أن الالتزام بالعمل بما علم جواز العمل به من الشارع من دون استناد الالتزام إلى إلزام الشارع احتياط لا يجري فيه ما تقرر في وجه حرمة العمل بما وراء العلم فراجع نظير الاحتياط بالتزام ما دل أمارة غير معتبرة على وجوبه مع احتمال الحرمة أو العكس. و أما إدراج المسألة في مسألة دوران المكلف به بين أحدهما المعين و أحدهما على البدل ففيه أنه لا ينفع بعد ما اخترنا في تلك المسألة وجوب الاحتياط و عدم جريان قاعدة البراءة و الأولى منع إدراجها في تلك المسألة لأن مرجع الشك في المقام إلى الشك في جواز العمل بالمرجوح و لا ريب أن مقتضى القاعدة المنع عما لم يعلم جواز العمل به من الأمارات و هي ليست مختصة بما إذا شك في أصل الحجية ابتداء بل تشمل ما إذا شك في الحجية الفعلية مع إحراز الحجية الشأنية فإن المرجوح و إن كان حجة في نفسه إلا أن حجيته فعلا مع معارضة الراجح بمعنى جواز العمل به فعلا غير معلوم فالأخذ به و الفتوى بمؤداه تشريع محرم بالأدلة الأربعة هذا.

و التحقيق أنا إن قلنا بأن العمل بأحد المتعارضين في الجملة مستفاد من حكم الشارع به‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 768

بدليل الإجماع و الأخبار العلاجية كان اللازم الالتزام بالراجح و طرح المرجوح و إن قلنا بأصالة البراءة عند دوران الأمر في المكلف به بين التعيين و التخيير لما عرفت من أن الشك في جواز العمل بالمرجوح فعلا و لا ينفع وجوب العمل به عينا في نفسه مع قطع النظر عن المعارض فهو كأمارة لم يثبت حجيتها أصلا.

و إن لم نقل بذلك بل قلنا باستفادة العمل بأحد المتعارضين من نفس أدلة العمل بالأخبار فإن قلنا بما اخترناه من أن الأصل التوقف بناء على اعتبار الأخبار من باب الطريقية و الكشف الغالبي عن الواقع فلا دليل على وجوب الترجيح بمجرد قوة في أحد الخبرين لأن كلا منهما جامع لشرائط الطريقية و التمانع يحصل بمجرد ذلك فيجب الرجوع إلى الأصول الموجودة في تلك المسألة إذا لم يخالف كلا المتعارضين فرفع اليد عن مقتضى الأصل المحكم في كل ما لم يكن طريق فعلي على خلافه بمجرد مزية لم يعلم اعتبارها لا وجه له لأن المعارض المخالف بمجرده ليس طريقا فعليا لابتلائه بالمعارض الموافق للأصل و المزية الموجودة لم يثبت تأثيرها في دفع المعارض.

و توهم استقلال العقل بوجوب العمل بأقرب الطريقين إلى الواقع و هو الراجح مدفوع بأن ذلك إنما هو فيما كان بنفسه طريقا كالأمارات المعتبرة لمجرد إفادة الظن و أما الطرق المعتبرة شرعا من حيث إفادة نوعها الظن و ليس اعتبارها منوطا بالظن فالمتعارضان المفيدان منها بالنوع للظن في نظر الشارع سواء و ما نحن فيه من هذا القبيل لأن المفروض أن المعارض المرجوح لم يسقط من الحجية الشأنية كما يخرج الأمارة المعتبرة بوصف الظن عن الحجية إذا كان معارضها أقوى و بالجملة فاعتبار قوة الظن في الترجيح في تعارض ما لم ينط اعتباره بإفادة الظن أو بعدم الظن على الخلاف لا دليل عليه و إن قلنا بالتخيير بناء على اعتبار الأخبار من باب السببية و الموضوعية فالمستفاد بحكم العقل من دليل وجوب العمل بكل من المتعارضين مع الإمكان كون وجوب العمل بكل منهما عينا مانعا عن وجوب العمل بالآخر كذلك و لا تفاوت بين الوجوبين في المانعية قطعا و مجرد مزية أحدهما على الآخر بما يرجع إلى أقربيته إلى الواقع لا يوجب كون وجوب العمل بالراجح مانعا عن وجوب العمل بالمرجوح دون العكس لأن المانع بحكم العقل هو مجرد الوجوب و المفروض وجوده في المرجوح و ليس في هذا الحكم العقلي إهمال و إجمال و واقع مجهول حتى يحتمل تعيين الراجح و وجوب طرح المرجوح.

و بالجملة فحكم العقل بالتخيير نتيجة وجوب العمل بكل منهما في حد ذاته و هذا الكلام‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 769

مطرد في كل واجبين متزاحمين.

نعم لو كان الوجوب في أحدهما آكد و المطلوبية فيه أشد استقل العقل عند التزاحم بوجوب ترك غيره و كون وجوب الأهم مزاحما لوجوب غيره من دون عكس و كذا لو احتمل الأهمية في أحدهما دون الآخر و ما نحن فيه ليس كذلك قطعا فإن وجوب العمل بالراجح من الخبرين ليس آكد من وجوب العمل بغيره هذا.

و قد عرفت فيما تقدم أنا لا نقول بأصالة التخيير في تعارض الأخبار بل و لا غيرها من الأدلة بناء على أن الظاهر من أدلتها و أدلة حكم تعارضها كونها من باب الطريقية و لازمه التوقف و الرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما أو أحدهما المطابق للأصل إلا أن الدليل الشرعي دل على وجوب العمل بأحد المتعارضين في الجملة و حيث كان ذلك بحكم الشرع فالمتيقن من التخيير هو صورة تكافؤ الخبرين.

أما مع مزية أحدهما على الآخر من بعض الجهات فالمتيقن هو جواز العمل بالراجح.

و أما العمل بالمرجوح فلم يثبت فلا يجوز الالتزام فصار الأصل وجوب العمل بالمرجح و هو أصل ثانوي بل الأصل فيما يحتمل كونه مرجحا الترجيح به إلا أن يرد عليه إطلاقات التخيير بناء على وجوب الاقتصار في تقييدها على ما علم كونه مرجحا.

و قد يستدل على وجوب الترجيح بأنه لو لا ذلك لاختل نظم الاجتهاد بل نظام الفقه من حيث لزوم التخيير بين الخاص و العام و المطلق و المقيد و غيرهما من الظاهر و النص المتعارضين.

و فيه أن الظاهر خروج مثل هذه المعارضات عن محل النزاع فإن الظاهر لا يعد معارضا للنص إما لأن العمل به لأصالة عدم الصارف المندفعة بوجود النص و إما لأن ذلك لا يعد تعارضا في العرف و محل النزاع في غير ذلك. و كيف كان فقد ظهر ضعف القول المزبور و ضعف دليله المذكور له و هو عدم الدليل على الترجيح بقوة الظن. و أضعف من ذلك (ما حكي عن النهاية من احتجاجه بأنه لو وجب الترجيح بين الأمارات في الأحكام لوجب عند تعارض البينات و التالي باطل لعدم تقديم شهادة الأربعة على الاثنين و أجاب عنه في محكي النهاية و المنية بمنع بطلان التالي و أنه يقدم شهادة الأربعة على الاثنين سلمنا لكن عدم الترجيح في الشهادة ربما كان مذهب أكثر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 770

الصحابة و الترجيح هنا مذهب الجميع انتهى) و مرجع الأخير إلى أنه لو لا الإجماع حكمنا بالترجيح في البينات أيضا و يظهر ما فيه مما ذكرنا سابقا فإنا لو بنينا على أن حجية البينة من باب الطريقية فاللازم مع التعارض التوقف و الرجوع إلى ما يقتضيه الأصول في ذلك المورد من التحالف أو القرعة أو غير ذلك.

و لو بني على حجيتها من باب السببية و الموضوعية فقد ذكرنا أنه لا وجه للترجيح بمجرد أقربية أحدهما إلى الواقع لعدم تفاوت الراجح و المرجوح في الدخول فيما دل على كون البينة سببا للحكم على طبقها و تمانعهما مستند إلى مجرد سببية كل منهما كما هو المفروض فجعل أحدهما مانعا دون الآخر لا يحتمله العقل ثم إنه يظهر من السيد الصدر الشارح للوافية الرجوع في المتعارضين من الأخبار إلى التخيير أو التوقف و الاحتياط و حمل أخبار الترجيح على الاستحباب حيث (قال بعد إيراد إشكالات على العمل بظاهر الأخبار إن الجواب عن الكل ما أشرنا إليه من أن الأصل التوقف في الفتوى و التخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع و أن الترجيح هو الأفضل و الأولى) و لا يخفى بعده عن مدلول أخبار الترجيح و كيف يحمل الأمر بالأخذ بمخالف العامة و طرح ما وافقهم على الاستحباب خصوصا مع التعليل بأن الرشد في خلافهم و أن قولهم في المسائل مبني على مخالفة أمير المؤمنين عليه السلام فيما يسمعونه منه و كذا الأمر بطرح الشاذ النادر و بعدم الاعتناء و الالتفات إلى حكم غير الأعدل و الأفقه من الحكمين.

مع أن في سياق تلك المرجحات موافقة الكتاب و السنة و مخالفتهما و لا يمكن حمله على الاستحباب فلو حمل غيره عليه لزم التفكيك فتأمل.

و كيف كان فلا شك أن التفصي عن الإشكالات الداعية له إلى ذلك أهون من هذا الحمل لما عرفت من عدم جواز الحمل على الاستحباب.

ثم لو سلمنا دوران الأمر بين تقييد أخبار التخيير و بين حمل أخبار الترجيح على الاستحباب فلو لم يكن الأول أقوى وجب التوقف فيجب العمل بالترجيح لما عرفت من أن حكم الشارع بأحد المتعارضين إذا كان مرددا بين التخيير و التعيين وجب التزام ما احتمل تعيينه.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 771

المقام الثاني في ذكر الأخبار الواردة في أحكام المتعارضين و هي أخبار

الأول (ما رواه المشايخ الثلاثة بإسنادهم عن عمر بن حنظلة: قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أ يحل ذلك قال عليه السلام من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت و ما يحكم له فإنما يأخذه سحتا و إن كان حقه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت و إنما أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قلت فكيف يصنعان قال ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف و علينا قد رد و الراد علينا الراد على الله و هو على حد الشرك بالله قلت فإن كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا في ما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم قال الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما و أصدقهما في الحديث و أورعهما و لا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر قال ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 772

بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه و إنما الأمور ثلاثة أمر بين رشده فيتبع و أمر بين غيه فيجتنب و أمر مشكل يرد حكمه إلى الله قال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات و من أخذ بالشبهات وقع في المحرمات و هلك من حيث لا يعلم قال قلت فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب و السنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف الكتاب و السنة و وافق العامة قلت جعلت فداك أ رأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب و السنة فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة و الآخر مخالفا بأي الخبرين يؤخذ قال ما خالف العامة ففيه الرشاد فقلت جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعا قال ينظر إلى ما هم أميل إليه حكامهم و قضاتهم فيترك و يؤخذ بالآخر قلت فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا قال إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات).

و هذه الرواية الشريفة و إن لم تخل عن الإشكال بل الإشكالات من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة و قطع المنازعة فلا يناسبها التعدد و لا غفلة الحكمين عن التعارض الواضح لمدرك حكمه و لا اجتهاد المترافعين و تحريهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الآخر و لا جواز الحكم من أحدهما بعد حكم الآخر مع بعد فرض وقوعهما دفعة مع أن الظاهر حينئذ تساقطهما و الحاجة إلى حكم ثالث ظاهرة بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجحات بين المتعارضين فإن تلك الإشكالات لا تدفع هذا الظهور بل الصراحة.

نعم يرد عليه بعض الإشكالات في ترتب المرجحات فإن ظاهر الرواية تقديم الترجيح من‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 773

حيث صفات الراوي على الترجيح بالشهرة و الشذوذ مع أن عمل العلماء قديما و حديثا على العكس على ما يدل عليه المرفوعة الآتية فإن العلماء لا ينظرون عند تعارض المشهور و الشاذ إلى صفات الراوي أصلا اللهم إلا أن يمنع ذلك فإن الراوي إذا فرض كونه أفقه و أصدق و أورع لم يبعد ترجيح روايته و إن انفرد بها على الرواية المشهورة بين الرواة لكشف اختياره إياها مع فهمه و ورعه عن اطلاعه على قدح في الرواية المشهورة مثل صدورها عن تقية أو تأويل لم يطلع عليه غيره لكمال فقاهته و تنبهه لدقائق الأمور و جهات الصدور نعم مجرد أصدقية الراوي و أورعيته لا يوجب ذلك ما لم ينضم إليه الأفقهية هذا.

و لكن الرواية مطلقة فتشمل الخبر المشهور روايته بين الأصحاب حتى بين من هو أفقه من هذا المتفرد برواية الشاذ و إن كان هو أفقه من صاحبه المرضي بحكومته مع أن أفقهية الحاكم بإحدى الروايتين لا تستلزم أفقهية جميع رواتها فقد يكون من عداه مفضولا بالنسبة إلى رواة الأخرى إلا أن ينزل الرواية على غير هاتين الصورتين. و بالجملة فهذا الإشكال أيضا لا يقدح في ظهور الرواية بل صراحتها في وجوب الترجيح بصفات الراوي و بالشهرة من حيث الرواية و بموافقة الكتاب و مخالفة العامة نعم المذكور في الرواية الترجيح باجتماع صفات الراوي من العدالة و الفقاهة و الصداقة و الورع لكن الظاهر إرادة بيان جواز الترجيح بكل منها و لذا لم يسأل الراوي عن صورة وجود بعض الصفات دون بعض أو تعارض الصفات بعضها مع بعض بل ذكر في السؤال أنهما معا عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه فقد فهم أن الترجيح بمطلق التفاضل.

و كذا يوجه الجمع بين موافقة الكتاب و السنة و مخالفة العامة مع كفاية واحدة منها إجماعا.

الثاني (ما رواه ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللئالي عن العلامة مرفوعا إلى زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام فقلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران و الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ فقال عليه السلام يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك و دع الشاذ النادر فقلت يا سيدي إنهما معا مشهوران مأثوران عنكم فقال خذ بما يقول أعدلهما عندك و أوثقهما في نفسك فقلت إنهما معا عدلان مرضيان موثقان‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 774

فقال انظر ما وافق منهما العامة فاتركه و خذ بما خالف فإن الحق فيما خالفهم قلت ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع قال إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك الآخر قلت فإنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع فقال إذن فتخير أحدهما و تأخذ به و دع الآخر) الثالث (ما رواه الصدوق بإسناده عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث طويل قال فيه:

فما ورد عليكم من حديثين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب و ما لم يكن في الكتاب فاعرضوهما على سنن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام أو مأمورا به عن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي النبي صلى اللَّه عليه و آله و أمره و ما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر خلافه فذلك رخصة في ما عافه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و كرهه و لم يحرمه فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا و بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم و الاتباع و الرد إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و ما لم تجدوه في شي‏ء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك و لا تقولوا فيه بآرائكم و عليكم بالكف و التثبت و الوقوف و أنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا) الرابع (ما عن رسالة القطب الراوندي بسنده الصحيح عن الصادق عليه السلام:

إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فذروه فإن لم تجدوه في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه و ما خالف أخبارهم فخذوه) الخامس (ما بسنده أيضا عن الحسين السري قال أبو عبد الله عليه السلام:

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 775

إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم) السادس (ما بسنده أيضا عن الحسن بن الجهم في حديث:

قلت له يعني العبد الصالح عليه السلام يروي عن أبي عبد الله عليه السلام شي‏ء و يروي عنه أيضا خلاف ذلك فبأيهما نأخذ قال خذ بما خالف القوم و ما وافق القوم فاجتنبه) السابع (ما بسنده أيضا عن محمد بن عبد الله: قال قلت للرضا عليه السلام كيف نصنع بالخبرين المختلفين قال إذا ورد عليكم خبران مختلفان فانظروا ما خالف منهما العامة فخذوه و انظروا ما يوافق أخبارهم فذروه) الثامن (ما عن الاحتجاج بسنده عن سماعة بن مهران: قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به و الآخر ينهانا قال لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأل قلت لا بد أن نعمل بواحد منهما قال خذ بما خالف العامة) التاسع (ما عن الكافي بسنده عن المعلى بن خنيس:

قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا جاء حديث عن أولكم و حديث عن آخركم بأيهما نأخذ قال خذوا به حتى يبلغكم عن الحي فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله قال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام إنا و الله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم) العاشر (ما عنه بسنده إلى الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام: قال يا أبا عمرو أ رأيت لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثم جئت بعد ذلك تسألني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيهما كنت تأخذ قلت بأحدثهما و أدع الآخر قال قد أصبت يا أبا عمرو أبى الله إلا أن يعبد سرا أما و الله لئن فعلتم ذلك إنه لخير لي و لكم أبى الله لنا في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 776

دينه إلا التقية) الثاني عشر (ما عنه بسنده الموثق عن محمد بن مسلم:

قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما بال أقوام يروون عن فلان عن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله لا يتهمون بالكذب فيجي‏ء منكم خلافه قال إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن) الثالث عشر (ما بسنده الحسن عن أبي حيون مولى الرضا عليه السلام:

إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن و متشابها كمتشابه القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها و لا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا) الرابع عشر (ما عن معاني الأخبار بسنده عن داود بن فرقد:

قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا إن الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء و لا يكذب) و في هاتين الروايتين الأخيرتين دلالة على وجوب الترجيح بحسب قوة الدلالة.

هذا ما وقفنا عليه من الأخبار الدالة على التراجيح.

إذا عرفت ما تلوناه عليك من الأخبار فلا يخفى عليك أن ظواهرها متعارضة فلا بد من علاج ذلك و الكلام في ذلك يقع في مواضع.

الأول في علاج تعارض مقبولة ابن حنظلة و مرفوعة زرارة حيث إن الأولى صريحة في تقديم الترجيح بصفات الراوي على الترجيح بالشهرة و الثانية بالعكس و هي و إن كانت ضعيفة السند إلا أنها موافقة لسيرة العلماء في باب الترجيح فإن طريقتهم مستمرة على تقديم المشهور على الشاذ و المقبولة و إن كانت مشهورة بين العلماء حتى سميت مقبولة إلا أن عملهم على طبق المرفوعة و إن كانت شاذة من حيث الرواية حيث لم توجد مروية في شي‏ء من جوامع الأخبار المعروفة و لم يحكها إلا ابن أبي جمهور عن العلامة مرفوعا إلى زرارة إلا أن يقال إن المرفوعة تدل على تقديم المشهور رواية على غيره و هي هنا المقبولة و لا دليل على الترجيح بالشهرة العملية مع أنا نمنع أن عمل المشهور على تقديم الخبر المشهور رواية على غيره إذا كان الغير أصح منه من حيث صفات الراوي خصوصا صفة الأفقهية

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 777

و يمكن أن يقال إن السؤال لما كان عن الحكمين كان الترجيح فيهما من حيث الصفات (فقال عليه السلام: الحكم ما حكم به أعدلهما إلخ) مع أن السائل ذكر أنهما اختلفا في حديثكم و من هنا اتفق الفقهاء على عدم الترجيح بين الحكام إلا بالفقاهة و الورع فالمقبولة نظير رواية داود بن الحصين الواردة في اختلاف الحكمين من دون تعرض الراوي لكون منشإ اختلافهما الاختلاف في الروايات حيث (قال عليه السلام: ينظر إلى أفقههما و أعلمهما و أورعهما فينفذ حكمه) و حينئذ فيكون الصفات من مرجحات الحكمين.

نعم لما فرض الراوي تساويهما أرجعه الإمام عليه السلام إلى ملاحظة الترجيح في مستنديهما و أمره بالاجتهاد و العمل في الواقعة على طبق الراجح من الخبرين مع إلغاء حكومة الحكمين كليهما فأول المرجحات الخبرية هي الشهرة بين الأصحاب فينطبق على المرفوعة.

نعم قد يورد على هذا الوجه أن اللازم على قواعد الفقهاء الرجوع مع تساوي الحاكمين إلى اختيار المدعي.

و يمكن التقصي عنه بمنع جريان هذا الحكم في قاضي التحكيم و كيف كان فهذا التوجيه غير بعيد.

الثاني أن الحديث الثامن و هي رواية الاحتجاج عن سماعة يدل على وجوب التوقف أولا ثم مع عدم إمكانه يرجع إلى الترجيح بموافقة العامة و مخالفتهم و أخبار التوقف على ما عرفت و ستعرف محمولة على صورة التمكن من العلم فتدل الرواية على أن الترجيح بمخالفة العامة بل غيرها من المرجحات إنما يرجع إليها بعد العجز عن تحصيل العلم في الواقعة بالرجوع إلى الإمام عليه السلام كما ذهب إليه بعض.

و هذا خلاف ظاهر الأخبار الآمرة بالرجوع إلى المرجحات ابتداء بقول مطلق بل بعضها صريح في ذلك حتى مع التمكن من العلم كالمقبولة الآمرة بالرجوع إلى المرجحات ثم بالإرجاء حتى يلقى الإمام فيكون وجوب الرجوع إلى الإمام بعد فقد المرجحات و الظاهر لزوم طرحها لمعارضتها بالمقبولة الراجحة عليها فيبقى إطلاقات الترجيح سليمة.

الثالث أن مقتضى القاعدة تقييد إطلاق ما اقتصر فيها على بعض المرجحات بالمقبولة إلا أنه قد يستبعد ذلك لورود تلك المطلقات في مقام الحاجة فلا بد من جعل المقبولة كاشفة عن قرينة متصلة فهم منها الإمام عليه السلام أن مراد الراوي تساوي الروايتين من سائر الجهات كما

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 778

يحمل إطلاق أخبار التخيير على ذلك.

الرابع أن الحديث الثاني عشر الدال على نسخ الحديث بالحديث على تقدير شموله للروايات الإمامية بناء على القول بكشفهم عليهم السلام عن الناسخ الذي أودعه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله عندهم هل هو مقدم على باقي الترجيحات أو مؤخر وجهان من أن النسخ من جهات التصرف في الظاهر لأنه من قبيل تخصيص الأزمان و لذا ذكروه في تعارض الأحوال و قد مر و سيجي‏ء تقديم الجمع بهذا النحو على الترجيحات الأخر و من أن النسخ على فرض ثبوته في غاية القلة فلا يعتنى به في مقام الجمع و لا يحكم به العرف فلا بد من الرجوع إلى المرجحات الأخر كما إذا امتنع الجمع و سيجي‏ء بعض الكلام في ذلك.

الخامس أن الروايتين الأخيرتين ظاهرتان في وجوب الجمع بين الأقوال الصادرة عن الأئمة صلوات الله عليهم برد المتشابه إلى المحكم و المراد بالمتشابه بقرينة قوله و لا تتبعوا متشابهها فتضلوا هو الظاهر الذي أريد منه خلافه إذ المتشابه إما المجمل و إما المؤول و لا معنى للنهي عن اتباع المجمل فالمراد إرجاع الظاهر إلى النص أو إلى الأظهر.

و هذا المعنى لما كان مركوزا في أذهان أهل اللسان و لم يحتج إلى البيان في الكلام المعلوم الصدور عنهم فلا يبعد إرادة ما يقع من ذلك في الكلمات المحكية عنهم بإسناد الثقات التي نزلت منزلة المعلوم الصدور. فالمراد أنه لا يجوز المبادرة إلى طرح الخبر المنافي لخبر آخر أرجح منه إذا أمكن رد المتشابه منها إلى المحكم و أن الفقيه من تأمل في أطراف الكلمات المحكية عنهم و لم يبادر إلى طرحها لمعارضتها بما هو أرجح منها. و الغرض من الروايتين الحث على الاجتهاد و استفراغ الوسع في معاني الروايات و عدم المبادرة إلى طرح الخبر بمجرد مرجح لغيره عليه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 779