حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: جو شخص اہلِ تہمت کے ساتھ اٹھتا بیٹھتا ہے وہ اس بات کا زیادہ حقدار ہے کہ اس پر بھی تہمت لگائی جائے۔ من لا یحضرہ الفقیہ حدیث5840

المقام الثاني في (الاستصحاب‏
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام‏
[أدلة حجية الاستصحاب‏]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس‏
حجة القول الثامن‏
حجة القول التاسع‏
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني‏
الأمر الثالث‏
الأمر السادس‏
الأمر السابع‏
الأمر التاسع‏
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين‏
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث‏
خاتمة في التعادل و الترجيح‏
المقام الأول في المتكافئين‏
المقام الثاني في التراجيح‏
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات‏
بقي في المقام شي‏ء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث‏
بقي هنا شي‏ء
المصادر

رسائل حصہ سوم

تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.

ثم إنه لا ريب في تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة أعني البراءة و الاحتياط و التخيير إلا أنه قد يختفي وجهه على المبتدئ.

فلا بد من التكلم هنا في مقامات.

الأول في عدم معارضة الاستصحاب لبعض الأمارات التي يتراءى كونها من الأصول كاليد و نحوها.

الثاني في حكم معارضة الاستصحاب للقرعة و نحوها.

الثالث في عدم معارضة سائر الأصول للاستصحاب.

أما الكلام في المقام الأول و هو عدم معارضة الاستصحاب لبعض الأمارات‏

فيقع في مسائل‏

المسألة الأولى أن اليد مما لا يعارضها الاستصحاب بل هي حاكمة عليه‏

بيان ذلك أن اليد إن قلنا بكونها من الأمارات المنصوبة دليلا على الملكية من حيث كون الغالب في مواردها كون صاحب اليد مالكا أو نائبا عنه و أن اليد المستقلة الغير المالكية قليلة بالنسبة إليها و أن الشارع إنما اعتبر هذه الغلبة تسهيلا على العباد فلا إشكال في تقديمها على الاستصحاب على ما عرفت من حكومة أدلة الأمارات على أدلة الاستصحاب.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 707

و إن قلنا بأنها غير كاشفة بنفسها عن الملكية أو أنها كاشفة لكن اعتبار الشارع له ليس من هذه الحيثية بل جعلها في محل الشك تعبدا لتوقف استقامة نظام معاملات العباد على اعتبارها نظير أصالة الطهارة (كما يشير قوله عليه السلام: في ذيل رواية حفص بن غياث الدالة على الحكم بالملكية على ما في يد المسلمين و لو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق) فالأظهر أيضا تقديمها على الاستصحاب إذ لو لا هذا لم يجز التمسك بها في أكثر المقامات فيلزم المحذور المنصوص و هو اختلال السوق و بطلان الحقوق إذ الغالب العلم بكون ما في اليد مسبوقا بكونه ملكا للغير كما لا يخفى و أما حكم المشهور بأنه لو اعترف ذو اليد بكونه سابقا ملكا للمدعي انتزع عنه العين إلا أن يقيم البينة على انتقالها إليه فليس من تقديم الاستصحاب بل لأجل أن دعواه الملكية في الحال إذا انضمت إلى إقراره بكونه قبل ذلك للمدعي ترجع إلى دعوى انتقالها إليه فينقلب مدعيا و المدعي منكرا و لذا لو لم يكن في مقابله مدع لم يقدح هذه الدعوى منه في الحكم بملكيته أو كان في مقابله مدع لكن أسند الملك السابق إلى غيره كما لو قال في جواب زيد المدعي اشتريته من عمرو بل يظهر مما ورد في محاجة علي عليه السلام مع أبي بكر في أمر فدك المروية في الاحتجاج أنه لم يقدح في تشبث الزهراء عليها السلام باليد دعواها عليه السلام تلقي الملك من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله مع أنه قد يقال إنها حينئذ صارت مدعية لا تنفعها اليد.

و كيف كان فاليد على تقدير كونها من الأصول التعبدية أيضا مقدمة على الاستصحاب و إن جعلناها من الأمارات الظنية لأن الشارع نصبها في مورد الاستصحاب و إن شئت قلت إن دليله أخص من عمومات الاستصحاب هذا مع أن الظاهر من الفتوى و النص الوارد في اليد مثل رواية حفص بن غياث أن اعتبار اليد أمر كان مبنى عمل الناس في أمورهم و قد أمضاه الشارع و لا يخفى أن عمل العرف عليه من باب الأمارة لا من باب الأصل التعبدي. و أما تقديم البينة على اليد و عدم ملاحظة التعارض بينهما أصلا فلا يكشف عن كونها من الأصول لأن اليد إنما جعلت أمارة على الملك عند الجهل بسببها و البينة مبينة لسببها.

و السر في ذلك أن مستند الكشف في اليد هي الغلبة و الغلبة إنما توجب إلحاق المشكوك بالأعم الأغلب فإذا كان في مورد الشك أمارة معتبرة تزيل الشك فلا يبقى مورد للإلحاق و حال اليد مع البينة حال أصالة الحقيقة في الاستعمال على مذهب السيد مع أمارات المجاز بل حال مطلق الظاهر و النص فافهم.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص:

708 المسألة الثانية في أن أصالة الصحة في العمل بعد الفراغ عنه لا يعارض بها الاستصحاب‏

إما لكونها من الأمارات كما يشعر به (قوله صلى اللَّه عليه و آله في بعض روايات الأصل: هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) و إما لأنها و إن كانت من الأصول إلا أن الأمر بالأخذ بها في مورد الاستصحاب يدل على تقديمها عليه و هي خاصة بالنسبة إليه يخصص بأدلتها أدلته و لا إشكال في شي‏ء من ذلك.

إنما الإشكال في تعيين مورد ذلك الأصل من وجهين.

أحدهما من جهة تعيين معنى الفراغ و التجاوز المعتبر في الحكم بالصحة و أنه هل يكتفى به أو يعتبر الدخول في غيره و أن المراد بالغير ما هو.

الثاني من جهة أن الشك في وصف الصحة للشي‏ء ملحق بالشك في أصل الشي‏ء أم لا.

و توضيح الإشكال من الوجهين موقوف على ذكر الأخبار الواردة في هذه القاعدة ليزول ببركة تلك الأخبار كل شبهة حدثت أو تحدث في هذا المضمار فنقول مستعينا بالله.

(روى زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا خرجت من شي‏ء و دخلت في غيره فشكك ليس بشي‏ء) (و روى إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و إن شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شي‏ء شك فيه و قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه) و هاتان الروايتان ظاهرتان في اعتبار الدخول في غير المشكوك.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 709

(و في الموثقة: كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو) و هذه الموثقة ظاهرة في عدم اعتبار الدخول في الغير.

(و في موثقة ابن أبي يعفور: إذا شككت في شي‏ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فشكك ليس بشي‏ء إنما الشك إذا كنت في شي‏ء لم تجزه) و ظاهر صدر هذه الموثقة كالأوليين و ظاهر عجزها كالثالثة. هذا تمام ما وصل إلينا من الأخبار العامة.

و ربما يستفاد العموم من بعض ما ورد في الموارد الخاصة.

مثل قوله عليه السلام في الشك في فعل الصلاة بعد خروج الوقت (من قوله عليه السلام:

و إن كان بعد ما خرج وقتها فقد دخل حائل فلا إعادة) و (قوله عليه السلام: كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه كما هو) و (قوله عليه السلام: فيمن شك في الوضوء بعد ما فرغ هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) و لعل المتتبع يعثر على أزيد من ذلك و حيث إن مضمونها لا يختص بالطهارة و الصلاة بل يجري في غيرها كالحج فالمناسب الاهتمام في تنقيح مضامينها و دفع ما يتراءى من التعارض بينها فنقول مستعينا بالله فإنه ولي التوفيق.

إن الكلام يقع في مواضع‏

الموضع الأول‏

. أن الشك في الشي‏ء ظاهر لغة و عرفا في الشك في وجوده إلا أن تقييد ذلك في الروايات بالخروج عنه و مضيه و التجاوز عنه ربما يصير قرينة على إرادة كون وجود أصل الشي‏ء مفروغا عنه و كون الشك فيه باعتبار الشك في بعض ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا.

نعم لو أريد الخروج و التجاوز عن محله أمكن إرادة المعنى الظاهر من الشك في الشي‏ء و هذا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 710

هو المتعين لأن إرادة الأعم من الشك في وجود الشي‏ء و الشك الواقع في الشي‏ء الموجود في استعمال واحد غير صحيح و كذا إرادة خصوص الثاني لأن مورد غير واحد من تلك الأخبار هو الأول و لكن يبعد ذلك في ظاهر موثقة محمد بن مسلم من جهة قوله فامضه كما هو بل لا يصح ذلك في موثقة ابن أبي يعفور كما لا يخفى.

لكن الإنصاف إمكان تطبيق موثقة ابن مسلم على ما في الروايات و أما هذه الموثقة فسيأتي توجيهها على وجه لا يعارض الروايات إن شاء الله.

الموضع الثاني‏

أن المراد بمحل الفعل المشكوك في وجوده هو الموضوع الذي لو أتي به فيه لم يلزم منه اختلاف في الترتيب المقرر و بعبارة أخرى محل الشي‏ء هي المرتبة المقررة له بحكم العقل أو بوضع الشارع أو غيره و لو كان نفس المكلف من جهة اعتياده بإتيان ذلك المشكوك في ذلك المحل.

فمحل تكبيرة الإحرام قبل الشروع في الاستعاذة لأجل القراءة بحكم الشارع و محل كلمة أكبر قبل تحلل الفصل الطويل بينه و بين لفظ الجلالة بحكم الطريقة المألوفة في نظم الكلام.

و محل الراء من أكبر قبل أدنى فصل يوجب الابتداء بالساكن بحكم العقل و محل غسل الجانب الأيسر أو بعضه في غسل الجنابة لمن اعتاد الموالاة فيه قبل تخلل فصل يخل بما اعتاده من الموالاة.

هذا كله مما لا إشكال فيه إلا الأخير فإنه ربما يتخيل انصراف إطلاق الأخبار إلى غيره.

مع أن فتح هذا الباب بالنسبة إلى العادة يوجب مخالفة إطلاقات كثيرة فمن اعتاد الصلاة في أول وقتها أو مع الجماعة فشك في فعلها بعد ذلك فلا يجب عليه الفعل و كذا من اعتاد فعل شي‏ء بعد الفراغ من الصلاة فرأى نفسه فيه و شك في فعل الصلاة و كذا من اعتاد الوضوء بعد الحدث بلا فصل يعتد به أو قبل دخول الوقت للتهيؤ فشك بعد ذلك في الوضوء إلى غير ذلك من الفروع التي يبعد التزام الفقيه بها.

نعم ذكر جماعة من الأصحاب مسألة معتاد الموالاة في غسل الجنابة إذا شك في الجزء الأخير كالعلامة و ولده و الشهيدين و المحقق الثاني و غيرهم قدس الله أسرارهم.

و استدل فخر الدين على مختاره في المسألة بعد صحيحة زرارة المتقدمة بأن خرق العادة على خلاف الأصل و لكن لا يحضرني كلام منهم في غير هذا المقام فلا بد من التتبع و التأمل.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 711

و الذي يقرب في نفسي عاجلا هو الالتفات إلى الشك و إن كان الظاهر من (قوله عليه عليه السلام:

فيما تقدم هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) أن هذه القاعدة من باب تقديم الظاهر على الأصل فهو دائر مدار الظهور النوعي و لو كان من العادة لكن العمل بعموم ما يستفاد من الرواية أيضا مشكل فتأمل و الأحوط ما ذكرنا الموضع الثالث‏

الدخول في غير المشكوك إن كان محققا للتجاوز عن المحل فلا إشكال في اعتباره و إلا فظاهر الصحيحتين الأوليين اعتباره و ظاهر إطلاق موثقة ابن مسلم عدم اعتباره و يمكن حمل التقييد في الصحيحتين على الغالب خصوصا في أفعال الصلاة فإن الخروج من أفعالها يتحقق غالبا بالدخول في الغير و حينئذ فيلغو القيد و يحتمل ورود المطلق على الغالب فلا يحكم بالإطلاق.

و يؤيد الأول ظاهر التعليل المستفاد من (قوله: هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) (و قوله عليه السلام: إنما الشك إذا كنت في شي‏ء لم تجزه) بناء على ما سيجي‏ء من التقريب (و قوله عليه السلام: كل ما مضى من صلاتك و طهورك الخبر) لكن الذي يبعده أن الظاهر من الغير (في صحيحة إسماعيل بن جابر: إن شك في الركوع بعد ما سجد و إن شك في السجود بعد ما قام فليمض) بملاحظة مقام التحديد و مقام التوطئة للقاعدة المقررة بقوله بعد ذلك كل شي‏ء شك فيه الخبر كون السجود و القيام حدا للغير الذي يعتبر الدخول فيه و أنه لا غير أقرب من الأول بالنسبة إلى الركوع و من الثاني بالنسبة إلى السجود إذ لو كان الهوي للسجود كافيا عند الشك في الركوع و النهوض للقيام كافيا عند الشك في السجود قبح في مقام التوطئة للقاعدة الآتية التحديد بالسجود و القيام و لم يكن وجه لجزم المشهور بوجوب الالتفات إذا شك قبل الاستواء قائما.

و مما ذكرنا يظهر أن ما ارتكبه بعض من تأخر من التزام عموم الغير و إخراج الشك في السجود قبل تمام القيام بمفهوم الرواية ضعيف جدا لأن الظاهر أن القيد وارد في مقام التحديد و الظاهر أن التحديد بذلك توطئة للقاعدة و هي بمنزلة ضابطة كلية كما لا يخفى على من له أدنى ذوق في فهم الكلام فكيف يجعل فردا خارجا بمفهوم الغير عن عموم القاعدة.

فالأولى أن يجعل هذا كاشفا عن خروج مقدمات أفعال الصلاة عن عموم الغير فلا يكفي في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 712

الصلاة مجرد الدخول و لو في فعل غير أصلي فضلا عن كفاية مجرد الفراغ.

و الأقوى اعتبار الدخول في الغير و عدم كفاية مجرد الفراغ إلا أنه قد يكون الفراغ عن الشي‏ء ملازما للدخول في غيره كما لو فرغ عن الصلاة و الوضوء فإن حالة عدم الاشتغال بها تعد مغايرة لحالهما و إن لم يشتغل بفعل وجودي فهو دخول في الغير بالنسبة إليهما.

و أما التفصيل بين الصلاة و الوضوء بالتزام كفاية مجرد الفراغ من الوضوء و لو مع الشك في الجزء الأخير منه فيرده اتحاد الدليل في البابين لأن ما ورد من (قوله عليه السلام: فيمن شك في الوضوء بعد ما فرغ من الوضوء هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك) عام بمقتضى التعليل لغير الوضوء أيضا و لذا استفيد منه حكم الغسل و الصلاة أيضا. و كذلك موثقة ابن أبي يعفور المتقدمة صدرها دال على اعتبار الدخول في الغير في الوضوء و ذيلها يدل على عدم العبرة بالشك بمجرد التجاوز مطلقا من غير تقييد بالوضوء بل ظاهرها يأبى عن التقييد و كذلك روايتا زرارة و أبي بصير المتقدمتان آبيتان عن التقييد.

و أصرح من جميع ذلك في الإباء عن التفصيل بين الوضوء و الصلاة (قوله عليه السلام في الرواية المتقدمة: كل ما مضى من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه)

الموضع الرابع.

قد خرج من الكلية المذكورة أفعال الطهارات الثلاث فإنهم أجمعوا على أن الشاك في فعل من أفعال الوضوء قبل إتمام الوضوء يأتي به و إن دخل في فعل آخر و أما الغسل و التيمم فقد صرح بذلك فيهما بعضهم على وجه يظهر منه كونه من المسلمات و قد نص على الحكم في الغسل جمع ممن تأخر عن المحقق كالعلامة و ولده و الشهيدين و المحقق الثاني و نص غير واحد من هؤلاء على كون التيمم كذلك.

و كيف كان فمستند الخروج قبل الإجماع الأخبار الكثيرة المخصصة للقاعدة المتقدمة إلا أنه يظهر من رواية ابن أبي يعفور المتقدمة و هي (قوله: إذا شككت في شي‏ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فشكك ليس بشي‏ء إنما الشك إذا كنت في شي‏ء لم تجزه) أن حكم الوضوء من باب القاعدة لا خارج عنها بناء على عود ضمير غيره إلى الوضوء لئلا يخالف الإجماع على وجوب الالتفات إذا دخل في غير المشكوك من أفعال الوضوء و حينئذ فقوله عليه السلام إنما الشك‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 713

مسوق لبيان قاعدة الشك المتعلق بجزء من أجزاء عمل و أنه إنما يعتبر إذا كان مشتغلا بذلك العمل غير متجاوز عنه هذا.

و لكن الاعتماد على ظاهر ذيل الرواية مشكل من جهة أنه يقتضي بظاهر الحصر أن الشك الواقع في غسل اليد باعتبار جزء من أجزائه لا يعتنى به إذا جاوز غسل اليد مضافا إلى أنه معارض للأخبار السابقة فيما إذا شك في جزء من الوضوء بعد الدخول في جزء آخر قبل الفراغ منه لأنه باعتبار أنه شك في وجود شي‏ء بعد تجاوز محله يدخل في الأخبار السابقة و من حيث إنه شك في أجزاء عمل قبل الفراغ منه يدخل في هذا الخبر.

و يمكن أن يقال لدفع جميع ما في الخبر من الإشكال إن الوضوء بتمامه في نظر الشارع فعل واحد باعتبار وحدة مسببه و هي الطهارة فلا يلاحظ كل فعل منه بحاله حتى يكون موردا لتعارض هذا الخبر مع الأخبار السابقة و لا يلاحظ بعض أجزائه كغسل اليد مثلا شيئا مستقلا يشك في بعض أجزائه قبل تجاوزه أو بعده ليوجب ذلك الإشكال في الحصر المستفاد من الذيل.

و بالجملة إذا فرض الوضوء فعلا واحدا لم يلاحظ الشارع أجزاءه أفعالا مستقلة يجري فيها حكم الشك بعد تجاوز المحل لم يتوجه شي‏ء من الإشكالين في الاعتماد على الخبر و لم يكن حكم الوضوء مخالفا للقاعدة إذ الشك في أجزاء الوضوء قبل الفراغ ليس إلا شكا واقعا في الشي‏ء قبل التجاوز عنه و القرينة على هذا الاعتبار جعل القاعدة ضابطة لحكم الشك في أجزاء الوضوء قبل الفراغ عنه أو بعده.

ثم إن فرض الوضوء فعلا واحدا لا يلاحظ حكم الشك بالنسبة إلى أجزائه ليس أمرا غريبا فقد ارتكب المشهور مثله في الأخبار السابقة بالنسبة إلى أفعال الصلاة حيث لم يجروا حكم الشك بعد التجاوز في كل جزء من أجزاء القراءة حتى الكلمات و الحروف بل الأظهر عندهم كون الفاتحة فعلا واحدا بل جعل بعضهم القراءة فعلا واحدا و قد عرفت النص في الروايات على عدم اعتبار الهوي للسجود و النهوض للقيام.

و مما يشهد لهذا التوجيه إلحاق المشهور الغسل و التيمم بالوضوء في هذا الحكم إذ لا وجه له ظاهرا إلا ملاحظة كون الوضوء أمرا واحدا يطلب منه أمر واحد غير قابل للتبعيض أعني الطهارة

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 714

الموضع الخامس.

(ذكر بعض الأساطين أن حكم الشك في الشروط بالنسبة إلى الفراغ عن المشروط بل الدخول فيه بل الكون على هيئة الداخل حكم الأجزاء في عدم الالتفات فلا اعتبار بالشك في الوقت و القبلة و اللباس و الطهارة بأقسامها و الاستقرار و نحوها بعد الدخول في الغاية و لا فرق بين الوضوء و غيره انتهى) و تبعه بعض من تأخر عنه.

و استقرب في مقام آخر إلغاء الشرط في الشك بالنسبة إلى غير ما دخل فيه من الغايات.

و ما أبعد ما بينه و بين ما ذكره بعض الأصحاب من اعتبار الشك في الشرط حتى بعد الفراغ عن المشروط فأوجب إعادة المشروط.

و الأقوى التفصيل بين الفراغ عن المشروط فيلغو الشك في الشرط بالنسبة إليه لعموم لغوية الشك في الشي‏ء بعد التجاوز عنه أما بالنسبة إلى مشروط آخر لم يدخل فيه فلا ينبغي الإشكال في اعتبار الشك فيه لأن الشرط المذكور من حيث كونه شرطا لهذا المشروط لم يتجاوز عنه بل محله باق فالشك في تحقق شرط هذا المشروط شك في الشي‏ء قبل تجاوز محله.

و ربما بنى بعضهم ذلك على أن معنى عدم العبرة بالشك في الشي‏ء بعد تجاوز المحل هو البناء على الحصول مطلقا أو يختص بالمدخول.

أقول لا إشكال في أن معناه البناء على حصول المشكوك فيه لكن بعنوانه الذي يتحقق معه تجاوز المحل لا مطلقا ف لو شك في أثناء العصر في فعل الظهر بنى على تحقق الظهر بعنوان أنه شرط للعصر و لعدم وجوب العدول إليه لا على تحققه مطلقا حتى لا يحتاج إلى إعادتها بعد فعل العصر فالوضوء المشكوك فيما نحن فيه إنما فات محله من حيث كونه شرطا للمشروط المتحقق لا من حيث كونه شرطا للمشروط المستقبل.

و من هنا يظهر أن الدخول في المشروط أيضا لا يكفي في إلغاء الشك في الشرط بل لا بد من الفراغ عنه لأن نسبة الشرط إلى جميع أجزاء المشروط نسبة واحدة و تجاوز محله باعتبار كونه شرطا للأجزاء الماضية فلا بد من إحرازه للأجزاء المستقبلة نعم ربما يدعى في مثل الوضوء أن محل إحرازه لجميع أجزاء الصلاة قبل الصلاة لا عند كل جزء.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 715

و من هنا قد يفصل بين ما كان من قبيل الوضوء مما يكون محل إحرازه قبل الدخول في العبادة و بين غيره مما ليس كذلك كالاستقبال و الستر فإن إحرازهما ممكن في كل جزء و ليس المحل الموظف لإحرازهما قبل الصلاة بالخصوص بخلاف الوضوء و حينئذ فلو شك في أثناء الصلاة في الستر أو الساتر وجب عليه إحرازه في أثناء الصلاة للأجزاء المستقبلة.

و المسألة لا تخلو عن إشكال إلا أنه ربما يشهد لما ذكرنا من التفصيل بين الشك في الوضوء في أثناء الصلاة و فيه بعده (صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون على وضوء ثم يشك على وضوء هو أم لا قال إذا ذكرها و هو في صلاته انصرف و أعادها و إن ذكر و قد فرغ من صلاته أجزأه ذلك) بناء على أن مورد السؤال الكون على الوضوء باعتقاده ثم شك في ذلك‏

الموضع السادس.

أن الشك في صحة الشي‏ء المأتي به حكمه حكم الشك في الإتيان بل هو هو لأن مرجعه إلى الشك في وجود الشي‏ء الصحيح و محل الكلام ما لا يرجع فيه الشك إلى الشك في ترك بعض ما يعتبر في الصحة كما لو شك في تحقق الموالاة المعتبرة في حروف الكلمة أو كلمات الآية.

لكن الإنصاف أن الإلحاق لا يخلو عن إشكال لأن الظاهر من أخبار الشك في الشي‏ء أنه مختص بغير هذه الصورة إلا أن يدعى تنقيح المناط أو يستند فيه إلى بعض ما يستفاد منه العموم مثل موثقة ابن أبي يعفور أو يجعل أصالة الصحة في فعل الفاعل المريد للصحيح أصلا برأسه و مدركه ظهور حال المسلم.

(قال فخر الدين في الإيضاح في مسألة الشك في بعض أفعال الطهارة إن الأصل في فعل العاقل المكلف الذي يقصد براءة ذمته بفعل صحيح و هو يعلم الكيفية و الكمية الصحة انتهى).

و يمكن استفادة اعتباره من عموم التعليل المتقدم في قوله هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك فإنه بمنزلة صغرى لقوله فإذا كان أذكر فلا يترك ما يعتبر في صحة عمله الذي يريد به‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 716

إبراء ذمته لأن الترك سهوا خلاف فرض الذكر و عمدا خلاف إرادة الإبراء.

الموضع السابع‏

الظاهر أن المراد بالشك في موضع هذا الأصل هو الشك الطارئ بسبب الغفلة عن صورة العمل فلو علم كيفية غسل اليد و أنه كان بارتماسها في الماء لكن شك في أن ما تحت خاتمه ينغسل بالارتماس أم لا ففي الحكم بعدم الالتفات وجهان من إطلاق بعض الأخبار و من التعليل بقوله هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك فإن التعليل يدل على تخصيص الحكم بمورده مع عموم السؤال فيدل على نفيه عن غير مورد العلة نعم لا فرق بين أن يكون المحتمل ترك الجزء نسيانا أو تركه تعمدا و التعليل المذكور بضميمة الكبرى المتقدمة يدل على نفي الاحتمالين و لو كان الشك من جهة احتمال وجود الحائل على البدن ففي شمول الأخبار له الوجهان نعم قد يجري هنا أصالة عدم الحائل فيحكم بعدمه حتى لو لم يفرغ عن الوضوء بل لم يشرع في غسل موضع احتمال الحائل لكنه من الأصول المثبتة و قد ذكرنا بعض الكلام في ذلك في بعض الأمور المتقدمة.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 717