حضرت امام محمد باقر عليه‌السلام نے فرمایا: خدا کی قسم! گناہوں سے صرف وہی شخص نجات حاصل کرسکتا ہے جو گناہوں کا اقرار کرتا ہو۔ اصول کافی کتاب الایمان والکفر حدیث1

المقام الثاني في (الاستصحاب‏
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام‏
[أدلة حجية الاستصحاب‏]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس‏
حجة القول الثامن‏
حجة القول التاسع‏
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني‏
الأمر الثالث‏
الأمر السادس‏
الأمر السابع‏
الأمر التاسع‏
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين‏
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث‏
خاتمة في التعادل و الترجيح‏
المقام الأول في المتكافئين‏
المقام الثاني في التراجيح‏
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات‏
بقي في المقام شي‏ء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث‏
بقي هنا شي‏ء
المصادر

رسائل حصہ سوم

حجة القول السادس‏

على تقدير وجود القائل به على ما سبق التأمل فيه تظهر مع جوابها مما تقدم في القولين السابقين.

حجة القول السابع‏

(الذي نسبه الفاضل التوني قدس سره إلى نفسه و إن لم يلزم مما حققه في كلامه ما ذكره في كلام طويل له فإنه بعد الإشارة إلى الخلاف في المسألة قال و لتحقيق المقام لا بد من إيراد كلام يتضح به حقيقة الحال فنقول الأحكام الشرعية تنقسم إلى ستة أقسام الأول و الثاني الأحكام الاقتضائية المطلوب فيها الفعل و هي الواجب و المندوب و الثالث و الرابع الأحكام الاقتضائية المطلوب فيها الترك و هي الحرام و المكروه و الخامس الأحكام التخييرية الدالة على الإباحة و السادس الأحكام الوضعية كالحكم على الشي‏ء بأنه سبب لأمر أو شرط له أو مانع له و المضايقة بمنع أن الخطاب الوضعي داخل في الحكم الشرعي مما لا يضر فيما نحن بصدده.

إذا عرفت هذا فإذا ورد أمر بطلب شي‏ء فلا يخلو إما أن يكون موقتا أم لا.

و على الأول يكون وجوب ذلك الشي‏ء أو ندبه في كل جزء من أجزاء الوقت ثابتا بذلك الأمر فالتمسك في ثبوت ذلك الحكم في الزمان الثاني بالنص لا بالثبوت في الزمان الأول حتى يكون استصحابا و هو ظاهر. و على الثاني أيضا كذلك إن قلنا بإفادة الأمر التكرار و إلا فذمة المكلف‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 599

مشغولة حتى يأتي به في أي زمان كان و نسبة أجزاء الزمان إليه نسبة واحدة في كونه أداء في كل جزء منها سواء قلنا بأن الأمر للفور أم لا.

و التوهم بأن الأمر إذا كان للفور يكون من قبيل الموقت المضيق اشتباه غير خفي على المتأمل فهذا أيضا ليس من الاستصحاب في شي‏ء.

و لا يمكن أن يقال إثبات الحكم في القسم الأول فيما بعد وقته من الاستصحاب فإن هذا لم يقل به أحد و لا يجوز إجماعا و كذا الكلام في النهي بل هو الأولى بعدم توهم الاستصحاب فيه لأن مطلقه يفيد التكرار و التخييري أيضا كذلك.

فالأحكام التكليفية الخمسة المجردة عن الأحكام الوضعية لا يتصور فيها الاستدلال بالاستصحاب.

و أما الأحكام الوضعية فإذا جعل الشارع شيئا سببا لحكم من الأحكام الخمسة كالدلوك لوجوب الظهر و الكسوف لوجوب صلاته و الزلزلة لصلاتها و الإيجاب و القبول لإباحة التصرفات و الاستمتاعات في الملك و النكاح و فيه لتحريم أم الزوجة و الحيض و النفاس لتحريم الصوم و الصلاة إلى غير ذلك فينبغي أن ينظر إلى كيفية سببية السبب هل هي على الإطلاق كما في الإيجاب و القبول فإن سببيته على نحو خاص و هو الدوام إلى أن يتحقق المزيل و كذا الزلزلة أو في وقت معين كالدلوك و نحوه مما لم يكن السبب وقتا و كالكسوف و الحيض و نحوهما مما يكون السبب وقتا للحكم فإن السببية في هذه الأشياء على نحو آخر فإنها أسباب للحكم في أوقات معينة و جميع ذلك ليس من الاستصحاب في شي‏ء فإن ثبوت الحكم في شي‏ء من أجزاء الزمان الثابت فيه الحكم ليس تابعا للثبوت في جزء آخر بل نسبة السبب في محل اقتضاء الحكم في كل جزء نسبة واحدة و كذلك الكلام في الشرط و المانع. فظهر مما ذكرناه أن الاستصحاب المختلف فيه لا يكون إلا في الأحكام الوضعية أعني الأسباب و الشرائط و الموانع للأحكام الخمسة من حيث إنها كذلك و وقوعه في الأحكام الخمسة إنما هو بتبعيتها.

كما يقال في الماء الكر المتغير بالنجاسة إذا زال تغيره من قبل نفسه فإنه يجب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 600

الاجتناب عنه في الصلاة لوجوبه قبل زوال تغيره فإن مرجعه إلى أن النجاسة كانت ثابتة قبل زوال تغيره فكذلك يكون بعده.

و يقال في المتيمم إذا وجد الماء في أثناء الصلاة إن صلاته كانت صحيحة قبل الوجدان فكذا بعده أي كان مكلفا و مأمورا بالصلاة بتيممه قبله فكذا بعده فإن مرجعه إلى أنه كان متطهرا قبل وجدان الماء فكذا بعده و الطهارة من الشروط) (فالحق مع قطع النظر عن الروايات عدم حجية الاستصحاب لأن العلم بوجود السبب أو الشرط أو المانع في وقت لا يقتضي العلم بل و لا الظن بوجوده في غير ذلك الوقت كما لا يخفى فكيف يكون الحكم المعلق عليه ثابتا في غير ذلك الوقت.

فالذي يقتضيه النظر دون ملاحظة الروايات أنه إذا علم تحقق العلاقة الوضعية تعلق الحكم بالمكلف و إذا زال ذلك العلم بطرو الشك بل الظن أيضا يتوقف عن الحكم بثبوت ذلك الحكم الثابت أولا إلا أن الظاهر من الأخبار أنه إذا علم وجود شي‏ء فإنه يحكم به حتى يعلم زواله انتهى كلامه رفع مقامه).

و في كلامه أنظار يتوقف بيانها على ذكر كل فقرة هي مورد للنظر ثم توضيح النظر فيه بما يخطر في الذهن القاصر فنقول قوله أولا و المضايقة بمنع أن الخطاب الوضعي داخل في الحكم الشرعي لا يضر فيما نحن بصدده. فيه أن المنع المذكور لا يضر فيما يلزم من تحقيقه الذي ذكره و هو اعتبار الاستصحاب في موضوعات الأحكام الوضعية أعني نفس السبب و الشرط و المانع لا في التفصيل بين الأحكام الوضعية أعني سببية السبب و شرطية الشرط و الأحكام التكليفية و كيف لا يضر في هذا التفصيل منع كون الحكم الوضعي حكما مستقلا و تسليم أنه أمر اعتباري منتزع من التكليف تابع له حدوثا و بقاء و هل يعقل التفصيل مع هذا المنع.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 601

الحكم الوضعي حكم مستقل أو مرجعه إلى الحكم التكليفي ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان أن الحكم الوضعي حكم مستقل مجعول كما اشتهر في ألسنة جماعة أو لا و إنما مرجعه إلى الحكم التكليفي فنقول إن المشهور كما في شرح الزبدة بل الذي استقر عليه رأي المحققين كما في شرح الوافية للسيد صدر الدين أن الخطاب الوضعي مرجعه إلى الخطاب الشرعي و أن كون الشي‏ء سببا لواجب هو الحكم بوجوب ذلك الواجب عند حصول ذلك الشي‏ء فمعنى قولنا إتلاف الصبي سبب لضمانه أنه يجب عليه غرامة المثل أو القيمة إذا اجتمع فيه شرائط التكليف من البلوغ و العقل و اليسار و غيرها.

فإذا خاطب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله اغرم ما أتلفته في حال صغرك انتزع من هذا الخطاب معنى يعبر عنه بسببية الإتلاف للضمان و يقال إنه ضامن بمعنى أنه يجب عليه الغرامة عند اجتماع شرائط التكليف و لم يدع أحد إرجاع الحكم الوضعي إلى التكليف الفعلي المنجر حال استناد الحكم الوضعي إلى الشخص حتى يدفع ذلك بما ذكره بعض من غفل عن مراد النافين من أنه قد يتحقق الحكم الوضعي في مورد غير قابل للحكم التكليفي كالصبي و النائم و شبههما.

و كذا الكلام في غير السبب فإن شرطية الطهارة للصلاة ليست مجعولة بجعل مغاير لإنشاء وجوب الصلاة الواقعة حال الطهارة و كذا مانعية النجاسة ليست إلا منتزعة من المنع عن الصلاة في النجس و كذا الجزئية منتزعة من الأمر بالمركب.

و العجب ممن ادعى بداهة بطلان ما ذكرنا مع ما عرفت من أنه المشهور و الذي استقر عليه رأي المحققين (فقال قدس سره في شرحه على الوافية تعريضا على السيد الصدر و أما من زعم أن الحكم الوضعي عين الحكم التكليفي على ما هو ظاهر قولهم إن كون الشي‏ء سببا لواجب هو الحكم بوجوب الواجب عند حصول ذلك الشي‏ء فبطلانه غني عن البيان إذ الفرق بين الوضع و التكليف مما لا يخفى على من له أدنى مسكة و التكاليف المبنية على الوضع غير الوضع و الكلام إنما هو في نفس الوضع و الجعل و التقرير و بالجملة فقول الشارع دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة و الحيض مانع منها خطاب وضعي و إن استتبع‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 602

تكليفا و هو إيجاب الصلاة عند الزوال و تحريمها عند الحيض كما أن قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (و قوله صلى اللَّه عليه و آله: دعي الصلاة أيام أقرائك) خطاب تكليفي و إن استتبع وضعا و هو كون الدلوك سببا و الأقراء مانعا و الحاصل أن هناك أمرين متباينين كل منهما فرد للحكم فلا يغني استتباع أحدهما للآخر عن مراعاته و احتسابه في عداد الأحكام انتهى كلامه رفع مقامه).

أقول لو فرض نفسه حاكما بحكم تكليفي و وضعي بالنسبة إلى عبده لوجد من نفسه صدق ما ذكرنا فإنه إذا قال لعبده أكرم زيدا إن جاءك فهل يجد المولى من نفسه أنه أنشأ إنشاءين و جعل أمرين أحدهما وجوب إكرام زيد عند مجيئه و الآخر كون مجيئه سببا لوجوب إكرامه أو أن الثاني مفهوم منتزع من الأول لا يحتاج إلى جعل مغاير لجعله و لا إلى بيان مخالف لبيانه و لهذا اشتهر في ألسنة الفقهاء سببية الدلوك و مانعية الحيض و لم يرد من الشارع إلا إنشاء طلب الصلاة عند الأول و طلق تركها عند الثاني فإن أراد تباينهما مفهوما فهو أظهر من أن يخفى كيف و هما محمولان مختلفا الموضوع و إن أراد كونهما مجعولين بجعلين فالحوالة على الوجدان لا البرهان و كذا لو أراد كونهما مجعولين بجعل واحد فإن الوجدان شاهد على أن السببية و المانعية في المثالين اعتباران منتزعان كالمسببية و المشروطية و الممنوعية مع أن قول الشارع دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة ليس جعلا للإيجاب استتباعا كما ذكره بل هو إخبار عن تحقق الوجوب عند الدلوك.

هذا كله مضافا إلى أنه لا معنى لكون السببية مجعولة فيما نحن فيه حتى يتكلم أنه بجعل مستقل أو لا فإنا لا نعقل من جعل الدلوك سببا للوجوب خصوصا عند من لا يرى كالأشاعرة الأحكام منوطة بالمصالح و المفاسد الموجودة في أفعال إلا إنشاء الوجوب عند الدلوك و إلا فالسببية القائمة بالدلوك ليست من لوازم ذاته بأن يكون فيه معنى يقتضي إيجاب الشارع فعلا عند حصوله و لو كانت لم تكن مجعولة من الشارع و لا نعقلها أيضا صفة أوجدها الشارع فيه باعتبار الفصول المنوعة و لا الخصوصيات المصنفة أو المشخصة.

هذا كله في السبب و الشرط و المانع و الجزء.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 603

و أما الصحة و الفساد فهما في العبادات موافقة الفعل المأتي به للفعل المأمور به أو مخالفته له و من المعلوم أن هاتين الموافقة و المخالفة ليستا بجعل جاعل و أما في المعاملات فهما ترتب الأثر عليها و عدمه فمرجع ذلك إلى سببية هذه المعاملة لأثرها و عدم سببية تلك.

فإن لوحظت المعاملة سببا لحكم تكليفي كالبيع لإباحة التصرفات و النكاح لإباحة الاستمتاعات فالكلام فيها يعرف مما سبق في السببية و أخواتها.

و إن لوحظت سببا لأمر آخر كسببية البيع للملكية و النكاح للزوجية و العتق للحرية و سببية الغسل للطهارة فهذه الأمور بنفسها ليست أحكاما شرعية نعم الحكم بثبوتها شرعي و حقائقها إما أمور اعتبارية منتزعة من الأحكام التكليفية كما يقال الملكية كون الشي‏ء بحيث يجوز الانتفاع به و بعوضه و الطهارة كون الشي‏ء بحيث يجوز استعماله في الأكل و الشرب و الصلاة نقيض النجاسة و إما أمور واقعية كشف عنها الشارع.

فأسبابها على الأول في الحقيقة أسباب للتكاليف فيصير سببية تلك الأسباب كمسبباتها أمورا انتزاعية و على الثاني يكون أسبابها كنفس المسببات أمورا واقعية مكشوفا عنها ببيان الشارع.

و على التقديرين فلا جعل في سببية هذه الأسباب.

و مما ذكرنا تعرف الحال في غير المعاملات من أسباب هذه الأمور كسببية الغليان في العصير للنجاسة و كالملاقاة لها و السبي للرقية و التنكيل للحرية و الرضاع لانفساخ الزوجية و غير ذلك فافهم و تأمل في المقام فإنه من مزال الأقدام.

قوله و على الأول يكون وجوب ذلك الشي‏ء أو ندبه في كل جزء من أجزاء ذلك الوقت ثابتا بذلك الأمر فالتمسك في ثبوت الحكم في الزمان الثاني بالنص لا بثبوته في الزمان الأول حتى يكون استصحابا.

أقول فيه أن الموقت قد يتردد وقته بين زمان و ما بعده فيجري الاستصحاب.

و أورد عليه تارة بأن الشك قد يكون في النسخ و أخرى بأن الشك قد يحصل في التكليف كمن شك في وجوب إتمام الصوم لحصول مرض يشك في كونه مبيحا للإفطار و ثالثة بأنه قد يكون أول الوقت و آخره معلوما و لكنه يشك في حدوث الآخر و الغاية فيحتاج المجتهد في الحكم بالوجوب أو الندب أو الحكم بعدمهما عند عروض ذلك الشك إلى دليل عقلي أو نقلي غير ذلك الأمر هذا.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 604

و لكن الإنصاف عدم ورود شي‏ء من ذلك عليه.

أما الشك في النسخ فهو خارج عما نحن فيه لأن كلامه في الموقت من حيث الشك في بعض أجزاء الوقت كما إذا شك في جزء مما بين الظهر و العصر في الحكم المستفاد من قوله اجلس في المسجد من الظهر إلى العصر و هو الذي ادعي أن وجوبه في الجزء المشكوك ثابت بنفس الدليل.

و أما الشك في ثبوت هذا الحكم الموقت لكل يوم أو نسخه في هذا اليوم فهو شك لا من حيث توقيت للحكم بل من حيث نسخ الموقت فإن وقع الشك في النسخ الاصطلاحي لم يكن استصحاب عدمه من الاستصحاب المختلف فيه لأن إثبات الحكم في الزمان الثاني لعموم الأمر الأول للأزمان و لو كان فهم هذا العموم من استمرار طريقة الشارع بل كل شارع على إرادة دوام الحكم ما دامت تلك الشريعة لا من عموم لفظي زماني.

و كيف كان فاستصحاب عدم النسخ لدفع احتمال حصول التخصيص في الأزمان كاستصحاب عدم التخصيص لدفع احتمال التخصيص في الأفراد و استصحاب عدم التقييد لدفع إرادة المقيد من المطلق و الظاهر أن مثل هذا ليس محلا لإنكاره و ليس إثباتا للحكم في الزمان الثاني لوجوده في الزمان الأول بل لعموم دليله الأول كما لا يخفى. و بالجملة فقد صرح هذا المفصل بأن الاستصحاب المختلف فيه لا يجري في التكليفيات و مثل هذا الاستصحاب مما انعقد على اعتباره الإجماع بل الضرورة كما تقدم في كلام المحدث الأسترآبادي و لو فرض الشك في النسخ في ارتفاع حكم لم يثبت له من دليله و لا من الخارج عموم زماني فهو خارج عن النسخ الاصطلاحي داخل فيما ذكره من أن الأمر إذا لم يكن للتكرار إلخ يكفي فيه المرة و لا وجه للنقض به في مسألة الموقت فتأمل.

و أما الشك في تحقق المانع كالمرض المبيح للإفطار و السفر الموجب له و للقصر و الضرر المبيح لتناول المحرمات فهو الذي ذكره المفصل في آخر كلامه بجريان الاستصحاب في الحكم التكليفي تبعا للحكم الوضعي فإن السلامة من المرض الذي يضر به الصوم شرط في وجوبه و كذا الحضر و كذا الأمن من الضرر في ترك المحرم.

فإذا شك في وجود شي‏ء من ذلك استصحب الحالة السابقة له وجودا أو عدما و يتبعه بقاء الحكم التكليفي السابق بل قد عرفت فيما مر عدم جريان الاستصحاب في الحكم التكليفي إلا مع قطع النظر عن استصحاب موضوعه و هو الحكم الوضعي في المقام.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 605

مثلا إذا أوجب الشارع الصوم إلى الليل على المكلف بشرط سلامته من المرض الذي يتضرر بالصوم فإذا شك في بقائها و حدوث المرض المذكور و أحرز الشرط بالاستصحاب أغنى عن استصحاب المشروط بل لم يبق مجرى له لأن معنى استصحاب الشرط ترتيب آثار وجوده و هو ثبوت المشروط مع فرض وجود باقي العلل الناقصة و حينئذ فلا يبقى الشك في بقاء المشروط.

و بعبارة أخرى الشك في بقاء المشروط مسبب عن الشك في بقاء الشرط و الاستصحاب في الشرط وجودا أو عدما مبين لبقاء المشروط أو ارتفاعه فلا يجري فيه الاستصحاب لا معارضا لاستصحاب الشرط لأنه مزيل له و لا معاضدا كما فيما نحن فيه و سيتضح ذلك في مسألة الاستصحاب في الأمور الخارجية و في بيان اشتراط الاستصحاب ببقاء الموضوع إن شاء الله.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن النقض الثالث عليه بما إذا كان الشك في بقاء الوقت المضروب للحكم التكليفي فإنه إن جرى معه استصحاب الوقت أغنى عن استصحاب الحكم التكليفي كما عرفت في الشرط فإن الوقت شرط أو سبب و إلا لم يجر استصحاب الحكم التكليفي لأنه كان متحققا بقيد ذلك الوقت فالصوم المقيد وجوبه بكونه في النهار لا ينفع استصحاب وجوبه في الزمان المشكوك كونه عن النهار.

و أصالة بقاء الحكم المقيد بالنهار في هذا الزمان لا يثبت كون هذا الزمان نهارا كما سيجي‏ء توضيحه في نفي الأصول المثبتة إن شاء الله.

اللهم إلا أن يقال إنه يكفي في الاستصحاب تنجز التكليف سابقا و إن كان لتعليقه على أمر حاصل فيقال عرفا إذا ارتفع الاستطاعة المعلق عليها وجوب الحج إن الوجوب ارتفع فإذا شك في ارتفاعها يكون شكا في ارتفاع الحكم المنجز و بقائه و إن كان الحكم المعلق لا يرتفع بارتفاع المعلق عليه لأن ارتفاع الشرط لا يوجب ارتفاع الشرطية إلا أن استصحاب وجود ذلك الأمر المعلق عليه كاف في عدم جريان الاستصحاب المذكور فإنه حاكم عليه كما ستعرف.

نعم لو فرض في مقام عدم جريان الاستصحاب في الشك في الوقت كما لو كان الوقت مرددا بين أمرين كذهاب الحمرة و استتار القرص انحصر الأمر حينئذ في إجراء استصحاب التكليف فتأمل.

و الحاصل أن النقض عليه بالنسبة إلى الحكم التكليفي المشكوك بإبقائه من جهة الشك في سببه أو شرطه أو مانعة غير متجه لأن مجرى الاستصحاب في هذه الموارد أولا و بالذات هو نفس السبب و الشرط و المانع و يتبعه إبقاء الحكم التكليفي و لا يجوز إجراء الاستصحاب في الحكم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 606

التكليفي ابتداء إلا إذا فرض انتفاء استصحاب الأمر الوضعي.

قوله و على الثاني أيضا كذلك إن قلنا بإفادة الأمر التكرار إلخ.

قد يكون التكرار مرددا بين وجهين كما إذا علمنا بأنه ليس للتكرار الدائمي و لكن العدد المتكرر كان مرددا بين الزائد و الناقص.

و هذا الإيراد لا يندفع بما ذكره قدس سره من أن الحكم في التكرار كالأمر الموقت كما لا يخفى فالصواب أن يقال إذا ثبت وجوب التكرار فالشك في بقاء ذلك الحكم من هذه الجهة مرجعه إلى الشك في مقدار التكرار لتردده بين الزائد و الناقص و لا يجري فيه الاستصحاب لأن كل واحد من المكرر إن كان تكليفا مستقلا فالشك في الزائد شك في التكليف المستقل و حكمه النفي بأصالة البراءة لا الإثبات بالاستصحاب كما لا يخفى و إن كان الزائد على تقدير وجوبه جزء من المأمور به بأن يكون الأمر بمجموع العدد المتكرر من حيث إنه مركب واحد فمرجعه إلى الشك في جزئية شي‏ء للمأمور به و عدمها و لا يجري فيه أيضا الاستصحاب لأن ثبوت الوجوب لباقي الأجزاء لا يثبت وجوب هذا الشي‏ء المشكوك في جزئيته بل لا بد من الرجوع إلى البراءة أو قاعدة الاحتياط.

قوله و إلا فذمة المكلف مشغولة حتى يأتي بها في أي زمان كان.

قد يورد عليه النقض بما عرفت حاله في العبارة الأولى.

ثم إنه لو شك في كون الأمر للتكرار أو المرة كان الحكم كما ذكرنا في تردد التكرار بين الزائد و الناقص و كذا لو أمر المولى بفعل له استمرار في الجملة كالجلوس في المسجد و لم يعلم مقدار استمراره فإن الشك بين الزائد و الناقص يرجع مع فرض كون الزائد المشكوك واجبا مستقلا على تقدير وجوبه إلى أصالة البراءة و مع فرض كونه جزء يرجع إلى مسألة الشك في الجزئية و العدم فإن فيها البراءة أو وجوب الاحتياط.

قوله و توهم أن الأمر إذا كان للفور يكون من قبيل الموقت المضيق اشتباه غير خفي على المتأمل. الظاهر أنه دفع اعتراض على تسويته في ثبوت الوجوب في كل جزء من الوقت بنفس الأمر بين كونه للفور و عدمه و لا دخل له بمطلبه و هو عدم جريان الاستصحاب في الأمر الفوري لأن كونه من قبيل الموقت المضيق لا يوجب جريان الاستصحاب فيه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 607

لأن الفور المنزل عند المتوهم منزلة الموقت المضيق إما أن يراد به المسارعة في أول أزمنة الإمكان و إن لم يسارع ففي ثانيها و هكذا و إما أن يراد به خصوص الزمان الأول فإذا فات لم يثبت بالأمر وجوب الفعل في الآن الثاني لا فورا و لا متراخيا و إما أن يراد به ثبوته في الآن الثاني متراخيا.

و على الأول فهو في كل جزء من الوقت من قبيل الموقت المضيق و على الثاني فلا معنى للاستصحاب بناء على ما سيذكره من أن الاستصحاب لم يقل به أحد فيما بعد الوقت و على الثالث يكون في الوقت الأول كالمضيق و فيما بعده كالأمر المطلق (و قد ذكر بعض شراح هذا الكتاب أن دفع هذا التوهم لأجل استلزامه الاحتياج إلى الاستصحاب لإثبات الوجوب في ما بعد الوقت الأول) و لم أعرف له وجها قوله و كذا النهي لا يخفى أنه قدس سره لم يستوف أقسام الأمر لأن منها ما يتردد الأمر بين الموقت بوقت فيرتفع الأمر بفواته و بين المطلق الذي يجوز امتثاله بعد ذلك الوقت كما إذا شككنا في أن الأمر بالغسل في يوم الجمعة مطلق فيجوز الإتيان به في كل جزء من النهار أو موقت إلى الزوال و كذا وجوب الفطرة بالنسبة إلى يوم العيد فإن الظاهر أنه لا مانع من استصحاب الحكم التكليفي هنا ابتداء قوله بل هو أولى لأن مطلقه إلخ.

كأنه قدس سره لم يلاحظ إلا الأوامر و النواهي اللفظية البينة المدلول و إلا فإذا قام الإجماع أو دليل لفظي مجمل على حرمة شي‏ء في زمان و لم يعلم بقاؤها بعده كحرمة الوطء للحائض المرددة بين اختصاصها بأيام رؤية الدم فيرتفع بعد النقاء و شمولها لزمان بقاء حدث الحيض فلا يرتفع إلا بالاغتسال و كحرمة العصير العنبي بعد ذهاب ثلثيه بغير النار و حلية عصير الزبيب و التمر بعد غليانهما إلى غير ذلك مما لا يحصى فلا مانع في ذلك كله من الاستصحاب.

قوله فينبغي أن ينظر إلى كيفية سببية السبب هل هي على الإطلاق إلخ.

الظاهر أن مراده من سببية السبب تأثيره لا كونه سببا في الشرع و هو الحكم الوضعي لأن‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 608

هذا لا ينقسم إلى ما ذكره من الأقسام لكونه دائميا في جميع الأسباب إلى أن ينسخ فإن أراد من النظر في كيفية سببية السبب تحصيل مورد يشك في كيفية السببية ليكون موردا للاستصحاب في المسبب فهو مناف لما ذكره من عدم جريان الاستصحاب في التكليفيات إلا تبعا لجريانه للوضعيات.

و إن أراد من ذلك نفي مورد يشك في كيفية سببية السبب ليجري الاستصحاب في المسبب فأنت خبير بأن موارد الشك كثيرة فإن المسبب قد يتردد بين الدائم و الموقت كالخيار المسبب عن الغبن المتردد بين كونه دائما لو لا المسقط و بين كونه فوريا و كالشفعة المرددة بين كونه مستمرا إلى الصبح لو علم به ليلا أم لا و هكذا و الموقت قد يتردد بين وقتين كالكسوف الذي هو سبب لوجوب الصلاة المردد وقتها بين الأخذ في الانجلاء و تمامه. قوله و كذا الكلام في الشرط و المانع إلى آخره.

لم أعرف المراد من إلحاق الشرط و المانع بالسبب فإن شيئا من الأقسام المذكورة في السبب لا يجري في الشرط و المانع و إن جرى كلها أو بعضها في المانع إن لوحظ كونه سببا للعدم لكن المانع بهذا الاعتبار يدخل في السبب و كذا عدم الشرط إذا لوحظ كونه سببا لعدم الحكم.

و كذا ما ذكره في وجه عدم جريان الاستصحاب بقوله فإن ثبوت الحكم إلخ.

فإن الحاصل من النظر في كيفية شرطية الشرط أنه قد يكون نفس الشي‏ء شرطا لشي‏ء على الإطلاق كالطهارة من الحدث الأصغر للمس و من الأكبر للمكث في المساجد و من الحيض للوطء و وجوب العبادة و قد يكون شرطا في حال دون حال كاشتراط الطهارة من الخبث في الصلاة مع التمكن لا مع عدمه و قد يكون حدوثه في زمان ما شرطا للشي‏ء فيبقى المشروط و لو بعد ارتفاع الشرط كالاستطاعة للحج و قد يكون تأثير الشرط بالنسبة إلى فعل دون آخر كالوضوء العذري المؤثر فيما يأتي به حال العذر.

فإذا شككنا في مسألة الحج في بقاء وجوبه بعد ارتفاع الاستطاعة فلا مانع من استصحابه و كذا لو شككنا في اختصاص الاشتراط بحال التمكن من الشرط كما إذا ارتفع التمكن من إزالة النجاسة في أثناء الوقت فإنه لا مانع من استصحاب الوجوب.

و كذا لو شككنا في أن الشرط في إباحة الوطء الطهارة بمعنى النقاء من الحيض أو ارتفاع حدث الحيض و كذا لو شككنا في بقاء إباحة الصلاة أو المس بعد الوضوء العذري إذا كان الفعل المشروط به بعد زوال العذر.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 609

و بالجملة فلا أجد كيفية شرطية الشرط مانعة عن إجراء الاستصحاب في المشروط بل قد يوجب إجراؤه فيه. قوله فظهر مما ذكرنا أن الاستصحاب المختلف فيه لا يجري إلا في الأحكام الوضعية أعني نفس الأسباب و الشروط و الموانع.

لا يخفى ما في هذا التفريع فإنه لم يظهر من كلامه جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية بمعنى نفس الأسباب و الشروط و الموانع و لا عدمه فيها بالمعنى المعروف نعم علم من كلامه عدم الجريان أيضا في المسببات أيضا لزعمه انحصارها في المؤبد و الموقت بوقت محدود معلوم.

فبقي أمران أحدهما نفس الحكم الوضعي و هو جعل الشي‏ء سببا لشي‏ء أو شرطا و اللازم عدم جريان الاستصحاب فيها لعين ما ذكره في الأحكام التكليفية و الثاني نفس الأسباب و الشروط.

و يرد عليه أن نفس السبب و الشرط و المانع إن كان أمرا غير شرعي فظاهر كلامه حيث جعل محل الكلام في الاستصحاب المختلف فيه هي الأمور الشرعية خروج مثل هذا عنه كحياة زيد و رطوبة ثوبه و إن كان أمرا شرعيا كالطهارة و النجاسة فلا يخفى أن هذه الأمور الشرعية مسببة عن أسباب فإن النجاسة التي مثل بها في الماء المتغير مسببة عن التغير و الطهارة التي مثل بها في مسألة المتيمم مسببة عن التيمم فالشك في بقائهما لا يكون إلا للشك في كيفية سببية السبب الموجب لإجراء الاستصحاب في المسبب أعني النجاسة و الطهارة و قد سبق منه المنع عن جريان الاستصحاب في المسبب.

(و دعوى أن الممنوع في كلامه جريان الاستصحاب في الحكم التكليفي المسبب عن الأسباب إلا تبعا لجريانه في نفس الأسباب) مدفوعة بأن النجاسة كما حكاه المفصل عن الشهيد ليست إلا عبارة عن وجوب الاجتناب و الطهر الحاصل من التيمم ليس إلا إباحة الدخول في الصلاة المستلزمة لوجوب المضي فيها بعد الدخول فهما اعتباران منتزعان من الحكم التكليفي.

قوله و وقوعه في الأحكام الخمسة إنما هو بتبعيتها إلخ.

قد عرفت و ستعرف أيضا أنه لا خفاء في أن استصحاب النجاسة لا يعقل له معنى إلا ترتيب أثرها أعني وجوب الاجتناب في الصلاة و الأكل و الشرب فليس هنا استصحاب للحكم التكليفي لا ابتداء و لا تبعا و هذا كاستصحاب حياة زيد فإن حقيقة ذلك هو الحكم بتحريم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 610

عقد زوجته و التصرف في ماله و ليس هذا استصحابا لهذا التحريم بل التحقيق كما سيجي‏ء عدم جواز إجراء الاستصحاب في الأحكام التي تستصحب موضوعاتها لأن استصحاب وجوب الاجتناب مثلا إن كان بملاحظة استصحاب النجاسة فقد عرفت أنه لا يبقى لهذه الملاحظة شك في وجوب الاجتناب لما عرفت من أن حقيقة حكم الشارع باستصحاب النجاسة هو حكمه بوجوب الاجتناب حتى يحصل اليقين بالطهارة. و إن كان مع قطع النظر عن استصحابها فلا يجوز الاستصحاب فإن وجوب الاجتناب سابقا عن الماء المذكور إنما كان من حيث كونه نجسا لأن النجس هو الموضوع لوجوب الاجتناب فما لم يحرز الموضوع في حال الشك لم يجر الاستصحاب كما سيجي‏ء في مسألة اشتراط القطع ببقاء الموضوع في الاستصحاب.

ثم اعلم أنه بقي هنا شبهه أخرى في منع جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفية مطلقا و هي أن الموضوع للحكم التكليفي ليس إلا فعل المكلف و لا ريب أن الشارع بل كل حاكم إنما يلاحظ الموضوع بجميع مشخصاته التي لها دخل في ذلك الحكم ثم يحكم عليه.

و حينئذ فإذا أمر الشارع بفعل كالجلوس في المسجد مثلا فإن كان الموضوع فيه هو مطلق الجلوس فيه الغير المقيد بشي‏ء أصلا فلا إشكال في عدم ارتفاع وجوبه إلا بالإتيان به إذ لو ارتفع الوجوب بغيره كان ذلك الرافع من قيود الفعل و كان الفعل المطلوب مقيدا بعدم هذا القيد من أول الأمر و المفروض خلافه.

و إن كان الموضوع فيه هو الجلوس المقيد بقيد كان عدم ذلك القيد موجبا لانعدام الموضوع فعدم مطلوبيته ليس بارتفاع الطلب عنه بل لم يكن مطلوبا من أول الأمر.

و حينئذ فإذا شك في الزمان المتأخر في وجوب الجلوس يرجع الشك إلى الشك في كون الموضوع للوجوب هو الفعل المقيد أو الفعل المعرى عن هذا القيد.

و من المعلوم عدم جريان الاستصحاب هنا لأن معناه إثبات حكم كان متيقنا لموضوع معين عند الشك في ارتفاعه عن ذلك الموضوع و هذا غير متحقق فيما نحن فيه.

و كذا الكلام في غير الوجوب من الأحكام الأربعة الأخر لاشتراك الجميع في كون الموضوع لها هو فعل المكلف الملحوظ للحاكم خصوصا الحكيم بجميع مشخصاته خصوصا عند القائل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 611

بالتحسين و التقبيح لمدخلية المشخصات في الحسن و القبح حتى الزمان.

و به يندفع ما يقال إنه كما يمكن أن يجعل الزمان ظرفا للفعل بأن يقال إن التبريد في زمان الصيف مطلوب فلا يجري الاستصحاب إذا شك في مطلوبيته في زمان آخر أمكن أن يقال إن التبريد مطلوب في الصيف على أن يكون الموضوع نفس التبريد و الزمان قيدا للطلب.

و حينئذ فيجوز استصحاب الطلب إذا شك في بقائه بعد الصيف إذ الموضوع باق على حاله في الحالتين. توضيح الاندفاع أن القيد في الحقيقة راجع إلى الموضوع و تقييد الطلب به أحيانا في الكلام مسامحة في التعبير كما لا يخفى فافهم.

و بالجملة ف ينحصر مجرى الاستصحاب في الأمور القابلة للاستمرار في موضوع و للارتفاع عن ذلك الموضوع بعينه كالطهارة و الحدث و النجاسة و الملكية و الزوجية و الرطوبة و اليبوسة و نحو ذلك و من ذلك يظهر عدم جريان الاستصحاب في الحكم الوضعي أيضا إذا تعلق بفعل الشخص هذا.

و الجواب عن ذلك أن مبنى الاستصحاب خصوصا إذا استند فيه إلى الأخبار على القضايا العرفية المتحققة في الزمان السابق التي ينتزعها العرف من الأدلة الشرعية فإنهم لا يرتابون في أنه إذا ثبت تحريم فعل في زمان ثم شك في بقائه بعده فإن الشك في هذه المسألة في استمرار الحرمة لهذا الفعل و ارتفاعها و إن كان مقتضى المداقة العقلية كون الزمان قيدا للفعل و كذلك الإباحة و الكراهة و الاستحباب.

نعم قد يتحقق في بعض الواجبات مورد لا يحكم العرف بكون الشك في الاستمرار مثلا إذا ثبت في يوم وجوب فعل عند الزوال ثم شككنا في الغد أنه واجب اليوم عند الزوال فلا يحكمون باستصحاب ذلك و لا يبنون على كونه مما شك في استمراره و ارتفاعه بل يحكمون في الغد بأصالة عدم الوجوب قبل الزوال أما لو ثبت ذلك مرارا ثم شك فيه بعد أيام فالظاهر حكمهم بأن هذا الحكم كان مستمرا و شك في ارتفاعه فيستصحب.

و من هنا ترى الأصحاب يتمسكون باستصحاب وجوب التمام عند الشك في حدوث التكليف بالقصر و باستصحاب وجوب العبادة عند شك المرأة في حدوث الحيض لا من جهة أصالة عدم السفر الموجب للقصر و عدم الحيض المقتضي لوجوب العبادة حتى يحكم بوجوب التمام لأنه من آثار عدم السفر الشرعي الموجب للقصر و بوجوب العبادة لأنه من آثار عدم الحيض بل من جهة

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 612

كون التكليف بالإتمام و بالعبادة عند زوال كل يوم أمرا مستمرا عندهم و إن كان التكليف يتجدد يوما فيوما فهو في كل يوم مسبوق بالعدم فينبغي أن يرجع إلى استصحاب عدمه لا إلى استصحاب وجوده.

و الحاصل أن المعيار حكم العرف بأن الشي‏ء الفلاني كان مستمرا فارتفع و انقطع و أنه مشكوك الانقطاع و لو لا ملاحظة هذا التخيل العرفي لم يصدق على النسخ أنه رفع للحكم الثابت أو لمثله فإن عدم التكليف في وقت الصلاة بالصلاة إلى القبلة المنسوخة دفع في الحقيقة للتكليف لا رفع.

و نظير ذلك في غير الأحكام الشرعية ما سيجي‏ء من إجراء الاستصحاب في مثل الكرية و عدمها و في الأمور التدريجية المتجددة شيئا فشيئا و في مثل وجوب الناقص بعد تعذر بعض الأجزاء فيما لا يكون الموضوع فيه باقيا إلا بالمسامحة العرفية كما سيجي‏ء إن شاء الله تعالى.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 613