حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: جس نے کسی مومن کو اذیت دی، اس نے مجھے اذیت دی بحارالانوار ج64 ص72، کتاب الایمان والکفر، ابواب الایمان والاسلام، باب1فضل الایمان، مستدرک الوسائل حدیث 10335

المقصد الأول في القطع‏
و ينبغي التنبيه على أمور
الثاني [هل القطع الحاصل من المقدمات العقلية حجة]
الثالث قد اشتهر في السنة المعاصرين أن قطع القطاع لا اعتبار به‏
المقام الثاني و هو كفاية العلم الإجمالي في الامتثال‏
أما المقام الأول و هو كفاية العلم الإجمالي في تنجز التكليف و اعتباره كالتفصيلي‏
المقصد الثاني في الظن‏
المقام الثاني في وقوع التعبد بالظن في الأحكام الشرعية
الظنون المعتبرة
و ينبغي التنبيه على أمور
و أما القسم الثاني و هو الظن الذي يعمل لتشخيص الظواهر
و من جملة الظنون الخارجة عن الأصل الإجماع المنقول بخبر الواحد
و من جملة الظنون التي توهم حجيتها بالخصوص الشهرة في الفتوى‏
و من جملة الظنون ا...خبر الواحد في الجملة
أما حجة المانعين فالأدلة الثلاثة
و أما المجوزون فقد استدلوا على حجيته بالأدلة الأربعة
و أما السنة ف طوائف من الأخبار
و أما الإجماع فتقريره من وجوه‏
الرابع دليل العقل‏
الثاني حجية مطلق الظن‏
المقدمة الثالثة
المقدمة الرابعة
و ينبغي التنبيه على أمور
الأمر الثاني نتيجة دليل الانسداد قضية مهملة أو كلية
المقام الثاني في أنه على أحد التقريرين السابقين
ثم إن الإشكال هنا في مقامين‏
الأمر الثالث لا فرق بين الظن من أمارة على حكم و أمارة متعلقة بألفاظ الدليل‏
الأمر الرابع الثابت بالمقدمات هو الاكتفاء بالظن في الخروج عن عهدة الأحكام‏
الأمر الخامس في اعتبار الظن في أصول الدين‏
الأمر السادس إذا بنينا على عدم حجية ظن فهل يترتب عليه آثار أخر غيرها

رسائل حصہ اول

أما المقام الأول و هو كفاية العلم الإجمالي في تنجز التكليف و اعتباره كالتفصيلي‏

أما المقام الأول و هو كفاية العلم الإجمالي في تنجز التكليف و اعتباره كالتفصيلي‏

فقد عرفت أن الكلام في اعتباره بمعنى وجوب الموافقة القطعية و عدم كفاية الموافقة الاحتمالية راجع إلى مسألة البراءة و الاحتياط و المقصود هنا بيان اعتباره في الجملة الذي أقل مراتبه حرمة المخالفة القطعية فنقول إن للعلم الإجمالي صورا كثيرة لأن الإجمال الطارئ إما من جهة متعلق الحكم من تبين نفس الحكم تفصيلا كما لو شككنا أن حكم الوجوب في يوم الجمعة يتعلق بالظهر أو الجمعة و حكم الحرمة يتعلق بهذا الموضوع الخارجي من المشتبهين أو بذاك و إما من جهة نفس الحكم مع تبين موضوعه كما لو شك في أن هذا الموضوع المعلوم الكلي أو الجزئي يتعلق به الوجوب أو الحرمة و إما من جهة الحكم و المتعلق جميعا مثل أن نعلم أن حكما من الوجوب و التحريم تعلق بأحد هذين الموضوعين.

ثم الاشتباه في كل من الثلاثة إما من جهة الاشتباه في الخطاب الصادر من الشارع كما في مثال الظهر و الجمعة و إما من جهة اشتباه مصاديق متعلق ذلك الخطاب كما في المثال الثاني‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 28

و الاشتباه في هذا القسم إما في المكلف به كما في الشبهة المحصورة و إما في المكلف و طرفا الشبهة في المكلف إما أن يكونا احتمالين في مخاطب واحد كما في الخنثى و إما أن يكونا احتمالين في مخاطبين كما في واجدي المني في الثوب المشترك.

و لا بد قبل التعرض لبيان حكم الأقسام من التعرض لأمرين أحدهما أنك قد عرفت في أول مسألة اعتبار العلم أن اعتباره قد يكون من باب محض الكشف و الطريقية و قد يكون من باب الموضوعية بجعل الشارع.

و الكلام هنا في الأول إذ اعتبار العلم الإجمالي و عدمه في الثاني تابع لدلالة ما دل على جعله موضوعا فإن دل على كون العلم التفصيلي داخلا في الموضوع كما لو فرضنا أن الشارع لم يحكم بوجوب الاجتناب إلا عما علم تفصيلا نجاسته فلا إشكال في عدم اعتبار العلم الإجمالي بالنجاسة.

الثاني أنه إذا تولد من العلم الإجمالي العلم التفصيلي بالحكم الشرعي في مورد وجب اتباعه و حرم مخالفته لما تقدم من اعتبار العلم التفصيلي من غير تقييد بحصوله من منشأ خاص فلا فرق بين من علم تفصيلا ببطلان صلاته بالحدث أو بواحد مردد بين الحدث و الاستدبار أو بين ترك ركن و فعل مبطل أو بين فقد شرط من شرائط صلاة نفسه و فقد شرط من شرائط صلاة إمامه بناء على اعتبار وجود شرائط الإمام في علم المأموم إلى غير ذلك.

و بالجملة فلا فرق بين هذا العلم التفصيلي و بين غيره من العلوم التفصيلية إلا أنه قد ورد في الشرع موارد توهم خلاف ذلك.

منها ما حكم به بعض فيما إذا اختلفت الأمة على قولين و لم يكن مع أحدهما دليل من أنه يطرح القولان و يرجع إلى مقتضى الأصل فإن إطلاقه يشمل ما لو علمنا بمخالفة مقتضى الأصل للحكم الواقعي المعلوم وجوده بين القولين بل ظاهر كلام الشيخ رحمه الله القائل بالتخيير هو التخيير الواقعي المعلوم تفصيلا مخالفته لحكم الله الواقعي في الواقعة.

و منها حكم بعض بجواز ارتكاب كلا المشتبهين في الشبهة المحصورة دفعة أو تدريجا فإنه قد يؤدي إلى العلم التفصيلي بالحرمة أو النجاسة كما لو اشترى بالمشتبهين بالميتة جارية فإنا نعلم تفصيلا بطلان البيع في تمام الجارية لكون بعض ثمنها ميتة فنعلم تفصيلا بحرمة وطئها مع أن القائل بجواز الارتكاب لم يظهر من كلامه إخراج هذه الصور.

و منها حكم بعض بصحة ائتمام أحد واجدي المني في الثوب المشترك بينهما بالآخر مع أن‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 29

المأموم يعلم تفصيلا ببطلان صلاته من جهة حدثه أو حدث إمامه.

و منها حكم الحاكم بتنصيف العين التي تداعاها رجلان بحيث يعلم صدق أحدهما و كذب الآخر فإن لازم ذلك جواز شراء ثالث للنصفين من كل منهما مع أنه يعلم تفصيلا عدم انتقال تمام المال إليه من مالكه الواقعي.

و منها حكمهم بأنه لو كان لأحد درهم و لآخر درهمان فتلف أحد الدراهم من عند الودعي أن لصاحب الاثنين واحدا و نصفا و للآخر نصفا فإنه قد يتفق إفضاء ذلك إلى مخالفة تفصيلية كما لو أخذ الدرهم المشترك بينهما ثالث فإنه يعلم تفصيلا بعدم انتقاله من مالكه الواقعي إليه.

و منها ما لو أقر بعين لشخص ثم أقر بها لآخر فإنه يغرم للثاني قيمة العين بعد دفعها إلى الأول فإنه قد يؤدي ذلك إلى اجتماع العين و القيمة عند واحد و بيعهما بثمن واحد فيعلم عدم انتقال تمام الثمن إليه لكون بعض مثمنه مال المقر في الواقع. و منها الحكم بانفساخ العقد المتنزع في تعيين ثمنه أو مثمنه على وجه يقضى فيه بالتحالف كما لو اختلفا في كون المبيع بالثمن المعين عبدا أو جارية فإن رد الثمن إلى المشتري بعد التحالف مخالف للعلم التفصيلي بصيرورته ملك البائع ثمنا للعبد أو الجارية و كذا لو اختلفا في كون ثمن الجارية المعينة عشرة دنانير أو مائة درهم فإن الحكم برد الجارية مخالف للعلم التفصيلي بدخولها في ملك المشتري.

و منها حكم بعضهم بأنه لو قال أحدهما بعتك الجارية بمائة و قال الآخر وهبتني إياها بأنهما يتحالفان و ترد الجارية إلى صاحبها مع أنا نعلم تفصيلا بانتقالها من ملك صاحبها إلى الآخر إلى غير ذلك من الموارد التي يقف عليها المتتبع. فلا بد في هذه الموارد من التزام أحد أمور على سبيل منع الخلو أحدها كون العلم التفصيلي في كل من أطراف الشبهة موضوعا للحكم بأن يقال الواجب الاجتناب عما علم كونه بالخصوص بولا فالمشتبهان طاهران في الواقع و كذا المانع للصلاة الحدث المعلوم صدوره تفصيلا من مكلف خاص فالمأموم و الإمام متطهران في الواقع.

الثاني أن الحكم الظاهري في حق كل أحد نافذ واقعا في حق الآخر بأن يقال إن من كانت صلاته بحسب الظاهر صحيحة عند نفسه فللآخر أن يترتب عليها آثار الصحة الواقعية فيجوز له الائتمام و كذا من حل له أخذ الدار ممن وصل إليه نصفه إذا لم يعلم كذبه في الدعوى بأن استند إلى بينة أو إقرار أو اعتقاد من القرائن فإنه يملك هذا النصف في الواقع و كذلك إذا اشترى‏ فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 30

النصف الآخر فيثبت ملكه للنصفين في الواقع و كذا الأخذ ممن وصل إليه نصف الدرهم في مسألة الصلح و في مسألتي التحالف.

الثالث أن يلتزم بتقييد الأحكام المذكورة بما إذا لم يفض إلى العلم التفصيلي بالمخالفة و المنع مما يستلزم المخالفة المعلومة تفصيلا كمسألة اختلاف الأمة على قولين و حمل أخذ المبيع في مسألتي التحالف على كونه تقاصا شرعيا قهريا عما يدعيه من الثمن أو انفساخ البيع بالتحالف من أصله أو من حينه و كون أخذ نصف الدرهم مصالحة قهرية.

و عليك بالتأمل في دفع الإشكال عن كل مورد بأحد الأمور المذكورة فإن اعتبار العلم التفصيلي بالحكم الواقعي و حرمة مخالفته مما لا يقبل التخصيص بإجماع أو نحوه.

إذا عرفت هذا فلنعد إلى حكم مخالفة العلم الإجمالي فنقول مخالفة الحكم المعلوم بالإجمال يتصور على وجهين أحدهما مخالفته من حيث الالتزام كالالتزام بإباحة وطء المرأة المرددة بين من حرم وطؤها بالحلف و من وجب وطؤها به مع اتحاد زماني الوجوب و الحرمة و كالالتزام بإباحة موضوع كلي مردد أمره بين الوجوب و التحريم مع عدم كون أحدهما المعين تعبديا يعتبر فيه قصد الامتثال فإن المخالفة في المثالين ليس من حيث العمل لأنه لا يخلو من الفعل الموافق للوجوب أو الترك الموافق للحرمة فلا قطع بالمخالفة إلا من حيث الالتزام بإباحة الفعل.

الثاني مخالفته من حيث العمل كترك الأمرين اللذين يعلم بوجوب أحدهما و ارتكاب فعلين يعلم بحرمة أحدهما فإن المخالفة هنا من حيث العمل.

و بعد ذلك فنقول أما المخالفة الغير العملية فالظاهر جوازها في الشبهة الموضوعية و الحكمية معا سواء كان الاشتباه و الترديد بين حكمين لموضوع واحد كالمثالين المتقدمين أو بين حكمين لموضوعين كطهارة البدن و بقاء الحدث لمن توضأ غفلة بمائع مردد بين الماء و البول.

أما في الشبهة الموضوعية فلأن الأصل فيها إنما يخرج مجراه عن موضوع التكليفين فيقال الأصل عدم تعلق الحلف بوطء هذه و عدم تعلق الحلف بترك وطئها فتخرج المرأة بذلك عن موضوع حكمي التحريم و الوجوب فيحكم بالإباحة لأجل الخروج من موضوع الوجوب و الحرمة لا لأجل طرحهما و كذا الكلام في الحكم بطهارة البدن و بقاء الحدث في الوضوء بالمائع المردد و أما الشبهة الحكمية فلأن الأصول الجارية فيها و إن لم يخرج مجراها عن موضوع الحكم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 31

الواقعي بل كانت منافية لنفس الحكم كأصالة الإباحة مع العلم بالوجوب أو الحرمة فإن الأصول في هذه منافية لنفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالا لا مخرجة عن موضوعه إلا أن الحكم الواقعي المعلوم إجمالا لا يترتب عليه أثر إلا وجوب الإطاعة و حرمة المعصية و المفروض أنه لا يلزم من إعمال الأصول مخالفة عملية له ليتحقق المعصية و وجوب الالتزام بالحكم الواقعي مع قطع النظر عن العمل غير ثابت لأن الالتزام بالأحكام الفرعية إنما يجب مقدمة للعمل و ليست كالأصول الاعتقادية يطلب فيها الالتزام و الاعتقاد من حيث الذات و لو فرض ثبوت الدليل عقلا أو نقلا على وجوب الالتزام بحكم الله الواقعي لم ينفع لأن الأصول تحكم في مجاريها بانتفاء الحكم الواقعي فهي كالأصول في الشبهة الموضوعية مخرجة لمجاريها عن موضوع ذلك الحكم أعني وجوب الأخذ بحكم الله هذا.

و لكن التحقيق أنه لو ثبت هذا التكليف أعني وجوب الأخذ بحكم الله و الالتزام مع قطع النظر عن العمل لم تجر الأصول لكونها موجبة للمخالفة العملية للخطاب التفصيلي أعني وجوب الالتزام بحكم الله و هو غير جائز حتى في الشبهة الموضوعية كما سيجي‏ء فيخرج عن المخالفة الغير العملية.

فالحق مع فرض عدم قيام الدليل على وجوب الالتزام بما جاء به الشارع على ما جاء به أن طرح الحكم الواقعي و لو كان معلوما تفصيلا ليس محرما إلا من حيث كونها معصية دل العقل على قبحها و استحقاق العقاب بها.

فإذا فرض العلم تفصيلا بوجوب الشي‏ء فلم يلتزم به المكلف إلا أنه فعله لا لداعي الوجوب لم يكن عليه شي‏ء نعم لو أخذ في ذلك الفعل بنية القربة فالإتيان به لا للوجوب مخالفة عملية و معصية لترك المأمور به و لذا قيدنا الوجوب و التحريم في صدر المسألة بغير ما علم كون أحدهما المعين تعبديا.

فإذا كان هذا حال العلم التفصيلي فإذا علم إجمالا بحكم مردد بين الحكمين و فرضنا إجراء الأصل في نفي الحكمين اللذين علم بكون أحدهما حكم الشارع و المفروض أيضا عدم مخالفتهما في العمل فلا معصية و لا قبح بل و كذلك لو فرضنا عدم جريان الأصل لما عرفت من ثبوت ذلك في العلم التفصيلي.

فملخص الكلام أن المخالفة من حيث الالتزام ليست مخالفة و مخالفة الأحكام الفرعية إنما هي في العمل و لا عبرة بالالتزام و عدمه.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 32

و يمكن أن يقرر دليل الجواز أي جواز المخالفة فيه بوجه أخصر و هو أنه لو وجب الالتزام فإن كان بأحدهما المعين واقعا فهو تكليف من غير بيان و لا يلتزمه أحد و إن كان بأحدهما على وجه التخيير فهذا لا يمكن أن يثبت بذلك الخطاب الواقعي المجمل فلا بد له من خطاب آخر.

و هو مع أنه لا دليل عليه غير معقول لأن الغرض من هذا الخطاب المفروض كونه توصليا حصول مضمونه أعني إيقاع الفعل أو الترك تخييرا و هو حاصل من دون الخطاب التخييري فيكون الخطاب طلبا للحاصل و هو محال إلا أن يقال إن المدعي للخطاب التخييري إنما يدعي ثبوته بأن يقصد منه التعبد بأحد الحكمين لا مجرد حصول مضمون أحد الخطابين الذي هو حاصل فينحصر دفعه حينئذ بعدم الدليل فافهم هذا.

و أما دليل وجوب الالتزام بما جاء به النبي صلى اللَّه عليه و آله فلا يثبت إلا الالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه لا الالتزام بأحدهما تخييرا عند الشك فافهم هذا.

و لكن الظاهر من جماعة من الأصحاب في مسألة الإجماع المركب إطلاق القول بالمنع عن الرجوع إلى حكم علم عدم كونه حكم الإمام في الواقع و عليه بنوا عدم جواز الفصل فيما علم كون الفصل فيه طرحا لقول الإمام عليه السلام. نعم صرح غير واحد من المعاصرين في تلك المسألة فيما إذا اقتضى الأصلان حكمين يعلم بمخالفة أحدهما للواقع بجواز العمل بكليهما.

و قاسه على العمل بالأصلين المتنافيين في الموضوعات.

لكن القياس في غير محله لما تقدم من أن الأصول في الموضوعات حاكمة على أدلة التكليف فإن البناء على عدم تحريم المرأة لأجل البناء بحكم الأصل على عدم تعلق الحلف بترك وطئها فهي خارجة عن موضوع الحكم بتحريم وطء من حلف على ترك وطئها و كذا الحكم بعدم وجوب وطئها لأجل البناء على عدم الحلف على وطئها فهي خارجة عن موضوع الحكم بوجوب وطء من حلف على وطئها.

و هذا بخلاف الشبهة الحكمية فإن الأصل فيها معارض لنفس الحكم المعلوم بالإجمال و ليس مخرجا لمجراه عن موضوعه حتى لا ينافيه جعل الشارع.

لكن هذا المقدار من الفرق غير مجد إذ اللازم من منافاة الأصول لنفس الحكم الواقعي حتى مع العلم التفصيلي و معارضتها له هو كون العمل بالأصول موجبا لطرح الحكم الواقعي من حيث الالتزام فإذا فرض جواز ذلك لأن العقل و النقل لم يدلا إلا على حرمة المخالفة العملية فليس‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 33

الطرح من حيث الالتزام مانعا عن إجراء الأصول المتنافية في الواقع.

و لا يبعد حمل إطلاق كلمات العلماء في عدم جواز طرح قول الإمام عليه السلام في مسألة الإجماع على طرحه من حيث العمل إذ هو المسلم المعروف من طرح قول الحجة فراجع كلماتهم فيما إذا اختلفت الأمة على قولين و لم يكن مع أحدهما دليل فإن ظاهر الشيخ رحمه الله الحكم بالتخيير الواقعي و ظاهر المنقول عن بعض طرحهما و الرجوع إلى الأصل و لا ريب أن في كليهما طرحا للحكم الواقعي لأن التخيير الواقعي كالأصل حكم ثالث.

نعم ظاهرهم في مسألة دوران الأمر بين الوجوب و التحريم الاتفاق على عدم الرجوع إلى الإباحة و إن اختلفوا بين قائل بالتخيير و قائل بتعيين الأخذ بالحرمة.

و الإنصاف أنه لا يخلو عن قوة لأن المخالفة العملية التي لا تلزم في المقام هي المخالفة دفعة و في واقعة عن قصد و عمد و أما المخالفة تدريجا و في واقعتين فهي لازمة البتة و العقل كما يحكم بقبح المخالفة دفعة عن قصد و عمد كذلك يحكم بحرمة المخالفة في واقعتين تدريجا عن قصد إليها من غير تقييد بحكم ظاهري عند كل واقعة و حينئذ فيجب بحكم العقل الالتزام بالفعل أو الترك إذ في عدمه ارتكاب لما هو مبغوض للشارع يقينا عن قصد.

و تعدد الواقعة إنما يجدي مع الإذن من الشارع عند كل واقعة كما في تخيير الشارع للمقلد بين قولي مجتهدين تخييرا مستمرا يجوز معه الرجوع عن أحدهما إلى الآخر و أما مع عدمه فالقادم على ما هو مبغوض للشارع يستحق عقلا العقاب على ارتكاب ذلك المبغوض أما لو التزم بأحد الاحتمالين قبح عقابه على مخالفة الواقع لو اتفقت.

و يمكن استفادة الحكم أيضا من فحوى أخبار التخيير عند التعارض لكن هذا الكلام لا يجري في الشبهة الواحدة التي لم تتعدد فيها الواقعة حتى تحصل المخالفة العملية تدريجا فالمانع في الحقيقة هي المخالفة العملية القطعية فتأمل جيدا و لو تدريجا مع عدم التعبد بدليل ظاهري فافهم.

هذا كله في المخالفة القطعية للحكم المعلوم إجمالا من حيث الالتزام بأن لا يلتزم به أو يلتزم بعدمه في مرحلة الظاهر إذا اقتضت الأصول ذلك.

و أما المخالفة العملية فإن كانت لخطاب تفصيلي فالظاهر عدم جوازها سواء كانت في الشبهة الموضوعية كارتكاب الإناءين المشتبهين المخالف لقول الشارع اجتنب عن النجس أو كترك القصر و الإتمام في موارد اشتباه الحكم لأن ذلك معصية لذلك الخطاب لأن المفروض وجوب الاجتناب عن النجس الموجود بين الإناءين و وجوب صلاة الظهر و العصر مثلا قصرا أو

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 34

إتماما و كذا لو قال أكرم زيدا و اشتبه بين شخصين فإن ترك إكرامهما معصية.

فإن قلت إذا أجرينا أصالة الطهارة في كل من الإناءين و أخرجناهما عن موضوع النجس بحكم الشارع فليس في ارتكابهما بناء على طهارة كل منهما مخالفة لقول الشارع اجتنب عن النجس.

قلت أصالة الطهارة في كل منهما بالخصوص إنما يوجب جواز ارتكابه من حيث هو و أما الإناء النجس الموجود بينهما فلا أصل يدل على طهارته لأنه نجس يقينا فلا بد إما من اجتنابهما تحصيلا للموافقة القطعية و إما أن يجتنب أحدهما فرارا عن المخالفة القطعية على الاختلاف المذكور في محله.

هذا مع أن حكم الشارع بخروج مجرى الأصل عن موضوع المكلف به الثابت بالأدلة الاجتهادية لا معنى له إلا رفع حكم ذلك الموضوع فمرجع أصالة الطهارة إلى عدم وجوب الاجتناب المخالف لقوله اجتنب عن النجس فافهم.

و إن كانت المخالفة مخالفة لخطاب مردد بين خطابين كما إذا علمنا بنجاسة هذا المائع أو بحرمة هذه المرأة أو علمنا بوجوب الدعاء عند رؤية هلال رمضان أو بوجوب الصلاة عند ذكر النبي صلى اللَّه عليه و آله ففي المخالفة القطعية حينئذ وجوه أحدها الجواز مطلقا لأن المردد بين الخمر و الأجنبية لم يقع النهي عنه في خطاب من الخطابات الشرعية حتى يحرم ارتكابه و كذا المردد بين الدعاء و الصلاة فإن الإطاعة و المعصية عبارة عن موافقة الخطابات التفصيلية و مخالفتها.

الثاني عدم الجواز مطلقا لأن مخالفة الشارع قبيحة عقلا مستحقة للذم عليها و لا يعذر فيها إلا الجاهل بها.

الثالث الفرق بين الشبهة في الموضوع و الشبهة في الحكم فيجوز في الأولى دون الثانية لأن المخالفة القطعية في الشبهات الموضوعية فوق حد الإحصاء بخلاف الشبهات الحكمية كما يظهر من كلماتهم في مسائل الإجماع المركب و كان الوجه ما تقدم من أن الأصول في الموضوعات تخرج مجاريها عن موضوعات أدلة التكليف بخلاف الأصول في الشبهات الحكمية فإنها منافية لنفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالا و قد عرفت ضعف ذلك و أن مرجع الإخراج الموضوعي إلى رفع الحكم المترتب على ذلك فيكون الأصل في الموضوع في الحقيقة منافيا لنفس الدليل الواقعي إلا أنه حاكم عليه لا معارض له فافهم. الرابع الفرق بين كون الحكم المشتبه في موضوعين واحدا بالنوع كوجوب أحد الشيئين و بين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 35

اختلافه كوجوب الشي‏ء و حرمة آخر.

و الوجه في ذلك أن الخطابات في الواجبات الشرعية بأسرها في حكم خطاب واحد بفعل الكل فترك البعض معصية عرفا كما لو قال المولى افعل كذا و كذا و كذا فإنه بمنزلة افعلها جميعا فلا فرق في العصيان بين ترك واحد منها معينا أو واحد غير معين عنده.

نعم في وجوب الموافقة القطعية بالإتيان بكل واحد من المحتملين كلام آخر مبني على أن مجرد العلم بالحكم الواقعي يقتضي البراءة اليقينية العلمية عنه أو يكتفى بأحدهما حذرا عن المخالفة القطعية التي هي بنفسها مذمومة عند العقلاء و يعد معصية عندهم و إن لم يلتزموا الامتثال اليقيني لخطاب مجمل.

و الأقوى من هذه الوجوه هو الوجه الثاني ثم الأول ثم الثالث ثم الرابع هذا كله في اشتباه الحكم من حيث الفعل المكلف به.

و أما الكلام في اشتباهه من حيث الشخص المكلف بذلك الحكم فقد عرفت أنه يقع تارة في الحكم الثابت لموضوع واقعي مردد بين شخصين كأحكام الجنابة المتعلقة بالجنب المردد بين واجدي المني و قد يقع في الحكم الثابت لشخص من جهة تردده بين موضوعين كحكم الخنثى المردد بين الذكر و الأنثى أما الكلام في الأول فمحصله أن مجرد تردد التكليف بين

شخصين لا يوجب على أحدهما شيئا إذ العبرة في الإطاعة و المعصية بتعلق الخطاب بالمكلف الخاص فالجنب المردد بين شخصين غير مكلف بالغسل و إن ورد من الشارع أنه يجب الغسل على كل جنب فإن كلا منهما شاك في توجه هذا الخطاب إليه فيقبح عقاب واحد من الشخصين يكون جنبا بمجرد هذا الخطاب الغير الموجه إليه نعم لو اتفق لأحدهما أو لثالث علم بتوجه الخطاب إليه دخل في اشتباه متعلق التكليف الذي تقدم حكمه بأقسامه.

و لا بأس بالإشارة إلى بعض فروع المسألة ليتضح انطباقها على ما تقدم في العلم الإجمالي بالتكليف.

فمنها حمل أحدهما الآخر و إدخاله في المسجد للطواف أو لغيره بناء على تحريم إدخال الجنب أو إدخال النجاسة الغير المتعدية.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 36

فإن قلنا إن الدخول و الإدخال متحققان بحركة واحدة دخل في المخالفة المعلومة تفصيلا و إن تردد بين كونه من جهة الدخول أو الإدخال.

و إن جعلناهما متغايرين في الخارج كما في الذهن فإن جعلنا الدخول و الإدخال راجعين إلى عنوان محرم واحد و هو القدر المشترك بين إدخال النفس و إدخال الغير كان من المخالفة المعلومة للخطاب التفصيلي نظير ارتكاب المشتبهين بالنجس. و إن جعلنا كلا منهما عنوانا مستقلا دخل في المخالفة للخطاب المعلوم بالإجمال الذي عرفت فيه الوجوه المتقدمة و كذا من جهة دخول المحمول و استئجاره الحامل مع قطع النظر عن حرمة الدخول و الإدخال عليه أو فرض عدمها حيث إنه علم إجمالا بصدور أحد المحرمين إما دخول المسجد جنبا أو استئجار جنب للدخول في المسجد إلا أن يقال بأن الاستئجار تابع لحكم الأجير فإذا لم يكن هو في تكليفه محكوما بالجنابة و أبيح له الدخول في المسجد صح استئجار الغير له. و منها اقتداء الغير بهما في صلاة أو صلاتين.

فإن قلنا بأن عدم جواز الاقتداء من أحكام الجنابة الواقعية كان الاقتداء بهما في صلاة واحدة موجبا للعلم التفصيلي ببطلان الصلاة و الاقتداء بهما في صلاتين من قبيل ارتكاب الإناءين و الاقتداء بأحدهما في صلاة واحدة كارتكاب أحد الإناءين. و إن قلنا إنه يكفي في جواز الاقتداء عدم جنابة الشخص في حكم نفسه صح الاقتداء في صلاة فضلا عن صلاتين لأنهما طاهران بالنسبة إلى حكم الاقتداء.

و الأقوى هو الأول لأن الحدث مانع واقعي لا علمي نعم لا إشكال في استئجارهما لكنس المسجد فضلا عن استئجار أحدهما لأن صحة الاستئجار تابعة لإباحة الدخول لهما لا للطهارة الواقعية و المفروض إباحته لهما.

و قس على ما ذكرنا جميع ما يرد عليك مميزا بين الأحكام المتعلقة بالجنب من حيث الحدث الواقعي و بين الأحكام المتعلقة بالجنب من حيث إنه مانع ظاهري للشخص المتصف به.

و أما الكلام في الخنثى فيقع تارة في معاملتها مع غيرها من معلوم الذكورية و الأنوثية أو مجهولهما و حكمها بالنسبة إلى التكاليف المختصة بكل من الفريقين و تارة في معاملة الغير معها و حكم الكل يرجع إلى ما ذكرنا.

في الاشتباه المتعلق بالمكلف به.

أما معاملتها مع الغير فمقتضى القاعدة احترازها عن غيرها مطلقا للعلم الإجمالي بحرمة نظرها

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 37

إلى إحدى الطائفتين فتجتنب عنهما مقدمة.

و قد يتوهم أن ذلك من باب الخطاب الإجمالي لأن الذكور مخاطبون بالغض عن الإناث و بالعكس و الخنثى شاك في دخوله في أحد الخطابين.

و التحقيق هو الأول لأنه علم تفصيلا بتكليفه بالغض عن إحدى الطائفتين و مع العلم التفصيلي لا عبرة بإجمال الخطاب كما تقدم في الدخول و الإدخال في المسجد لواجدي المني مع أنه يمكن إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد و هو تحريم نظر كل إنسان إلى كل بالغ لا يماثله في الذكورية و الأنوثية عدا من يحرم نكاحه.

و لكن يمكن أن يقال إن الكف عن النظر إلى ما عدا المحارم مشقة عظيمة فلا يجب الاحتياط فيه بل العسر فيه أولى من الشبهة الغير المحصورة أو يقال إن رجوع الخطابين إلى خطاب واحد في حرمة المخالفة القطعية لا في وجوب [- 1- 117- 1] الموافقة القطعية فافهم.

و هكذا حكم لباس الخنثى حيث إنه يعلم إجمالا بحرمة واحد من مختصات الرجال كالمنطقة و العمامة أو مختصات النساء عليه فيجتنب عنهما.

و أما حكم ستارته في الصلاة فيجتنب الحرير و يستر جميع بدنه. و أما حكم الجهر و الإخفات فإن قلنا بكون الإخفات في العشاءين و الصبح رخصة للمرأة جهر الخنثى بهما و إن قلنا إنه عزيمة لها فالتخيير إن قام الإجماع على عدم وجوب تكرار الصلاة في حقها.

و قد يقال بالتخيير مطلقا من جهة ما ورد من أن الجاهل في الجهر و الإخفات معذور.

و فيه مضافا إلى أن النص إنما دل على معذورية الجاهل بالنسبة إلى لزوم الإعادة لو خالف الواقع و أين هذا من تخيير الجاهل من أول الأمر بينهما بل الجاهل لو جهر أو أخفت مترددا بطلت صلاته إذ يجب عليه الرجوع إلى العلم أو العالم أن الظاهر من الجهل في الأخبار غير هذا الجهل.

و أما تخيير قاضي الفريضة المنسية عن الخمس في ثلاثية و رباعية و ثنائية فإنما هو بعد ورود النص في الاكتفاء بالثلاث المستلزم لإلغاء الجهر و الإخفات بالنسبة إليه فلا دلالة فيه على تخيير الجاهل بالموضوع مطلقا.

و أما معاملة الغير معها فقد يقال بجواز نظر كل من الرجل و المرأة إليها لكونها شبهة في الموضوع و الأصل الإباحة.

و فيه أن عموم وجوب الغض على المؤمنات إلا عن نسائهن أو الرجال المذكورين في الآية يدل على وجوب الغض عن الخنثى و لذا حكم في جامع المقاصد بتحريم نظر الطائفتين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 38

إليها كتحريم نظرها إليهما بل ادعى سبطه الاتفاق على ذلك فتأمل جدا.

ثم إن جميع ما ذكرنا إنما هو في غير النكاح و أما التناكح فيحرم بينه و بين غيره قطعا فلا يجوز له تزويج امرأة لأصالة عدم ذكوريته بمعنى عدم ترتب أثر الذكورية من جهة النكاح و وجوب حفظ الفرج إلا عن الزوجة و ملك اليمين و لا التزوج برجل لأصالة عدم كونه امرأة كما صرح به الشهيد لكن ذكر الشيخ مسألة فرض الوارث الخنثى المشكل زوجا أو زوجة فافهم هذا تمام الكلام في اعتبار العلم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 39