حضرت امام جعفر صادق عليه‌السلام نے فرمایا: مومن، لوگوں کا مددگار ہوتا ہے، کم خرچ ہوتا ہے، اپنے معاش کے لئے اچھی تدبیریں کرتا ہےاور ایک بل سے دو بار نہیں ڈسا جاتا ۔ مطالب السئول ص54، اصول کافی باب المومن و علاماتہ حدیث38، وسائل الشیعۃ حدیث20255

اصول الفقہ حصہ سوم

الباب الأوّل: الكتاب العزيز

تمهيد:

إنّ القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لنبيّنا محمّد صلى الله عليه و آله و سلم و الموجود بأيدي الناس بين الدفّتين هو الكتاب المنزل إلى الرسول بالحقّ، لا ريب فيه هدًى و رحمةً «وَ ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ» «1».

فهو- إذاً- الحجّة القاطعة بيننا و بينه تعالى، الّتي لا شكّ و لا ريب فيها، و هو المصدر الأوّل لأحكام الشريعة الإسلاميّة بما تضمّنته آياته من بيان ما شرّعه اللَّه للبشر. و أمّا ما سواه من سنّة أو إجماع أو عقل فإليه ينتهي و من منبعه يستقي. و لكنّ الّذي يجب أن يُعلم أنّه قطعي الحجّة من ناحية الصدور فقط لتواتره عند المسلمين جيلًا بعد جيل. و أمّا من ناحية الدلالة فليس قطعيّاً كلّه، لأنّ فيه متشابهاً و محكماً.

ثمّ «المحكم» منه ما هو نصّ، أي قطعي الدلالة.

و منه ما هو ظاهر تتوقّف حجّيته على القول بحجّية الظواهر.

و من الناس من لم يقل بحجّية ظاهره خاصّةً و إن كانت الظواهر حجّة.

______________________________ (1) يونس: 37.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 55

ثمّ إنّ فيه ناسخاً و منسوخاً، و عامّاً و خاصّاً، و مطلقاً و مقيّداً، و مجملًا و مبيّناً. و كلّ ذلك لا يجعله قطعي الدلالة في كثير من آياته.

و من أجل ذلك وجب البحث عن هذه النواحي لتكميل حجّيته. و أهمّ ما يجب البحث عنه من ناحيةٍ اصوليّة في امور ثلاثة: 1- في حجّية ظواهره. و هذا بحث ينبغي أن يلحق بمباحث الظواهر الآتية، فلنرجئه إلى هناك.

2- في جواز تخصيصه و تقييده بحجّة اخرى، كخبر الواحد و نحوه.

و قد تقدّم البحث عنه في الجزء الأوّل (ص 216).

3- في جواز نسخه. و البحث عن ذلك ليس فيه كثير فائدة في الفقه- كما ستعرف- و مع ذلك ينبغي ألّا يخلو كتابنا من الإشارة إليه بالاختصار، فنقول:

نسخ الكتاب العزيز

حقيقة النسخ: النسخ اصطلاحاً: رفع ما هو ثابت في الشريعة من الأحكام و نحوها.

و المراد من «الثبوت في الشريعة»: الثبوت الواقعي الحقيقي، في مقابل الثبوت الظاهري بسبب الظهور اللفظي؛ و لذلك فرفع الحكم الثابت بظهور العموم أو الإطلاق بالدليل المخصّص أو المقيّد لا يُسمّى نسخاً، بل يقال له: تخصيص أو تقييد أو نحوهما، باعتبار أنّ هذا الدليل الثاني المقدّم على ظهور الدليل الأوّل يكون قرينة عليه و كاشفاً عن المراد الواقعي للشارع، فلا يكون رافعاً للحكم إلّا ظاهراً، و لا رفع فيه للحكم حقيقة. بخلاف النسخ.

و من هنا يظهر الفرق الحقيقي بين النسخ و بين التخصيص و التقييد.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 56

و سيأتي مزيد إيضاح لهذه الناحية في جواب الاعتراضات على النسخ.

و قولنا: «من الأحكام و نحوها» فلبيان تعميم النسخ للأحكام التكليفيّة و الوضعيّة و لكلّ أمرٍ بيد الشارع رفعه و وضعه بالجعل التشريعي بما هو شارع.

وعليه، فلا يشمل النسخ الاصطلاحي المجعولات التكوينية الّتي بيده رفعها و وضعها بما هو خالق الكائنات.

و بهذا التعبير يشمل «النسخ» نسخ تلاوة القرآن الكريم على القول به، باعتبار أنّ القرآن من المجعولات الشرعيّة التي ينشئها الشارع بما هو شارع، و إن كان لنا كلام في دعوى نسخ التلاوة من القرآن ليس هذا موضع تفصيله. و لكن بالاختصار نقول: إنّ نسخ التلاوة في الحقيقة يرجع إلى القول بالتحريف، لعدم ثبوت نسخ التلاوة بالدليل القطعي، سواء كان نسخاً لأصل التلاوة أو نسخاً لها و لما تضمّنته من حكم معاً، و إن كان في القرآن الكريم ما يشعر بوقوع نسخ التلاوة كقوله تعالى:

«وَ إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ» «1» و قوله تعالى: «ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها» «2». و لكن ليستا صريحتين بوقوع ذلك، و لا ظاهرتين، و إنّما أكثر ما تدلّ الآيتان على إمكان وقوعه. إمكان نسخ القرآن:

قد وقعت عند بعض الناس شبهات في إمكان أصل النسخ ثمّ في إمكان نسخ القرآن خاصّة. و تنويراً للأذهان نشير إلى أهمّ الشُبه و دفعها، فنقول:

______________________________ (1) النحل: 101.

(2) البقرة: 106.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 57

1- قيل: إنّ المرفوع في النسخ إمّا حكم ثابت أو ما لا ثبات له، و الثابت يستحيل رفعه، و ما لا ثبات له لا حاجة إلى رفعه. و على هذا فلا بدّ أن يؤوّل النسخ بمعنى رفع مثل الحكم لا رفع عينه، أو بمعنى انتهاء أمد الحكم‏ «1».

و الجواب: أنّا نختار الشقّ الأوّل، و هو أنّ المرفوع ما هو ثابت، و لكن ليس معنى رفع الثابت رفعه بما هو عليه من حالة الثبوت و حين فرض ثبوته حتّى يكون ذلك مستحيلًا، بل هو من باب إعدام الموجود [و كسر الصحيح‏] «2» و ليس إعدام الموجود بمستحيل.

و الأحكام لمّا كانت مجعولة على نحو القضايا الحقيقيّة، فإنّ قوام الحكم يكون بفرض الموضوع موجوداً، و لا يتوقّف على ثبوته خارجاً تحقيقاً، فإذا انشئ الحكم كذلك فهو ثابت في عالم التشريع و الاعتبار بثبوت الموضوع فرضاً، و لا يرتفع إلّا برفعه تشريعاً. و هذا هو معنى رفع الحكم الثابت، و هو النسخ.

2- و قيل: إنّ ما أثبته اللَّه من الأحكام لا بدّ أن يكون لمصلحة أو مفسدة في متعلّق الحكم، و ما له مصلحة في ذاته لا ينقلب فيكون ذا مفسدة- و كذلك العكس- و إلّا لزم انقلاب الحسن قبيحاً و القبيح حسناً، و هو محال‏ «3». و حينئذٍ يستحيل النسخ، لأنّه يلزم منه هذا الانقلاب المستحيل، أو عدم حكمة الناسخ أو جهله بوجه الحكمة. و الأخيران مستحيلان بالنسبة إلى الشارع المقدّس.

______________________________ (1) أورده الغزالي بلفظ «فإن قيل» و أجاب عنه، راجع المستصفى: ج 1 ص 108.

(2) لم يرد في ط 2.

(3) ذكره الغزالي و أجاب عنه، راجع المستصفى: ج 1 ص 108.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 58

و الجواب واضح، بعد معرفة ما ذكرناه في الجزء الثاني في المباحث العقليّة من معاني الحسن و القبيح، فإنّ المستحيل انقلاب الحسن و القبيح الذاتيّين. و لا معنى لقياسهما على المصالح و المفاسد الّتي تتبدّل و تتغيّر بحسب اختلاف الأحوال و الأزمان. و لا يبعد أن يكون الشي‏ء ذا مصلحة في زمانٍ ذا مفسدة في زمانٍ آخر، و إن كان لا يُعلم ذلك إلّا من قِبَل الشارع العالم المحيط بحقائق الأشياء. و هذا غير معنى الحسن و القبح اللذين نقول فيها: إنّه يستحيل فيهما الانقلاب.

مضافاً إلى أنّ الأشياء تختلف فيها وجوه الحسن و القبح باختلاف الأحوال ممّا لم يكن الحسن و القبح فيه ذاتيّين، كما تقدّم هناك.

و إذا كان الأمر كذلك فمن الجائز أنّ‏ «1» الحكم المنسوخ كان ذا مصلحة ثمّ زالت في الزمان الثاني فنُسخ، أو كان ينطبق عليه عنوان حسن ثمّ زال عنه العنوان في الزمان الثاني فنُسخ. فهذه هي الحكمة في النسخ.

3- و قيل: إذا كان النسخ- كما قلتم- لأجل انتهاء أمد المصلحة، فينتهي أمد الحكم بانتهائها، فإنّه- و الحال هذه- إمّا أن يكون الشارع الناسخ قد علم بانتهاء أمد المصلحة من أوّل الأمر، و إمّا أن يكون جاهلًا به.

لا مجال للثاني، لأنّ ذلك مستحيل في حقّه تعالى، و هو البداء الباطل المستحيل، فيتعيّن الأوّل. وعليه، فيكون الحكم في الواقع موقّتاً و إن أنشأه الناسخ مطلقاً في الظاهر، و يكون الدليل على النسخ في الحقيقة مبيّناً و كاشفاً عن مراد الناسخ. و هذا هو معنى التخصيص، غاية الأمر يكون تخصيصاً بحسب الأوقات‏

______________________________ (1) في ط 2: أن يكون.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 59

لا الأحوال، فلا يكون فرق بين النسخ و التخصيص إلّا بالتسمية «1».

و الجواب: نحن نسلّم أنّ الحكم المنسوخ ينتهي أمده في الواقع و اللَّه عالم بانتهائه، و لكن ليس معنى ذلك أنّه موقَّت- أي مقيَّد إنشاءً بالوقت- بل هو قد انشئ على طبق المصلحة مطلقاً على نحو القضايا الحقيقيّة، فهو ثابت ما دامت المصلحة كسائر الأحكام المنشأة على طبق مصالحها، فلو قُدّر للمصلحة أن تستمرّ لبقي الحكم مستمرّاً، غير أنّ الشارع لمّا علم بانتهاء أمد المصلحة رفع الحكم و نسخه.

و هذا نظير أن يخلق اللَّه الشي‏ء ثمّ يرفعه بإعدامه، و ليس معنى ذلك أن يخلقه موقّتاً على وجهٍ يكون التوقيت قيداً للخلق و المخلوق بما هو مخلوق و إن علم به من الأوّل أنّ أمده ينتهي.

و من هنا يظهر الفرق جليّاً بين النسخ و التخصيص، فإنّه في التخصيص يكون الحكم من أوّل الأمر انشئ مقيَّداً و مخصَّصاً، و لكن اللفظ كان عامّاً بحسب الظاهر، فيأتي الدليل المخصّص فيكون كاشفاً عن المراد، لا أنّه مزيل و رافع لما هو ثابت في الواقع. و أمّا في النسخ فإنّه لمّا انشئ الحكم مطلقاً فمقتضاه أن يدوم لو لم يرفعه النسخ، فالنسخ يكون محواً لما هو ثابت‏ «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ ...» «2» لا أنّ الدوام و الاستمرار مدلول لظاهر الدليل بحسب إطلاقه و عمومه و المنشأ في الواقع الحكم الموقّت ثمّ يأتي الدليل الناسخ فيكشف عن المراد من الدليل الأوّل و يفسّره، بل الدوام من اقتضاء نفس ثبوت الحكم من دون أن يكون لفظ دليل الحكم دالّاً عليه بعموم أو إطلاق.

______________________________ (1) لم نظفر به بالتقرير المذكور، راجع المستصفى: ج 1 ص 111، و نهاية الوصول في علم الاصول، الورقة 97، و الفصول الغرويّة: ص 238.

(2) الرعد: 39.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 60

يعني أنّ الحكم المنشأ لو خُلّي و طبعَه مع قطع النظر عن دلالة دليله لدام و استمرّ ما لم يأت ما يزيله و يرفعه، كسائر الموجودات التي تقتضي بطبيعتها الاستمرار و الدوام.

4- و قيل: إنّ كلام اللَّه تعالى قديم، و القديم لا يتصوّر رفعه‏ «1».

و الجواب: بعد تسليم هذا الفرض و هو قدم كلام اللَّه‏ «2» فإنّ هذا يختصّ بنسخ التلاوة، فلا يكون دليلًا على بطلان أصل النسخ. مع أنّه قد تقدّم من نصّ القرآن الكريم ما يدلّ على إمكان نسخ التلاوة و إن لم يكن صريحاً في وقوعه كقوله تعالى:

«وَ إِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ...» «3» فهو إمّا أن يدلّ على أنّ كلامه تعالى غير قديم، أو أنّ القديم يمكن رفعه. مضافاً إلى أنّه ليس معنى نسخ التلاوة رفع أصل الكلام، بل رفع تبليغه و قطع علاقة المكلّفين بتلاوته.

وقوع نسخ القرآن و أصالة عدم النسخ:

هذا هو الأمر الّذي يهمّنا إثباته من ناحية اصوليّة. و لا شكّ في أنّه قد أجمع علماء الامّة الإسلاميّة على أنّه لا يصحّ الحكم بنسخ آيةٍ من القرآن إلّا بدليل قطعي، سواء كان النسخ بقرآن أيضاً أو بسنّة أو بإجماع.

كما أنّه ممّا أجمع عليه العلماء أيضاً: أنّ في القرآن الكريم ناسخاً و منسوخاً. و كلّ هذا قطعي لا شكّ فيه. و لكنّ الّذي هو موضع البحث و النظر تشخيص موارد الناسخ‏

______________________________ (1) ذكره الغزالي و أجاب عنه، راجع المستصفى: ج 1 ص 108.

(2) (*) إنّ قدم الكلام في اللَّه يرتبط بمسألة الكلام النفسي و أنّ من صفات اللَّه تعالى الذاتيّة أنّه متكلم. و الحقّ الثابت عندنا بطلان هذا الرأي في أصله و ما يتفرّع عليه من فروعٍ. و هذا أمر موكول إثباته إلى الفلسفة و علم الكلام.

(3) النحل: 101.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 61

و المنسوخ في القرآن. و إذا لم يحصل القطع بالنسخ بطل موضع الاستدلال عليه بالأدلّة الظنيّة للإجماع المتقدّم. و أمّا ما ثبت فيه النسخ منه على سبيل الجزم فهو موارد قليلة جدّاً لا تهمّنا كثيراً من ناحية فقهيّة استدلاليّة، لمكان القطع فيها.

و على هذا، فالقاعدة الاصوليّة الّتي ننتفع بها و نستخلصها هنا هي:

إنّ الناسخ إن كان قطعيّاً أخذنا به و اتّبعناه، و إن كان ظنّياً فلا حجّة فيه و لا يصحّ الأخذ به، لما تقدّم من الإجماع على عدم جواز الحكم بالنسخ إلّا بدليلٍ قطعي.

و لذا أجمع الفقهاء من جميع طوائف المسلمين على أنّ «الأصل عدم النسخ عند الشكّ في النسخ». و إجماعهم هذا ليس من جهة ذهابهم إلى حجّية الاستصحاب- كما ربما يتوهّمه بعضهم- بل حتّى من لا يذهب إلى حجّية الاستصحاب يقول بأصالة عدم النسخ، و ما ذلك إلّا من جهة هذا الإجماع على اشتراط العلم في ثبوت النسخ.

*** أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏3، ص: 64