حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: جب تمہارے حکمران نیک لوگ ہوں گے، تمہارے مالدار سخی ہوں گےاور تمہارے معاملات باہمی مشاورت سے طے پائیں گے، تو تمہارے لیے زندگی موت سے بہتر ہوگی تحف العقول ص 36، بحارالانوار کتاب الروضۃ باب7

تعريف علم الاصول:
المقدّمة
- 2 من الواضع؟
- 3 الوضع تعيينىٌّ و تعيّنيٌ‏
- 4 أقسام الوضع‏
- 6 وقوع الوضع العامّ و الموضوع له الخاصّ و تحقيق المعنى الحرفي‏
- 7- الاستعمال حقيقيٌّ و مجازيٌ‏
- 8 الدلالة تابعة للإرادة
- 9 الوضع شخصيٌّ و نوعيٌ‏
- 10 وضع المركَّبات‏
- 11- الحقيقة و المجاز
- 12 الاصول اللفظيّة تمهيد:
- 13- الترادف و الاشتراك‏
استعمال اللفظ في أكثر من معنى:
- 14 الحقيقة الشرعيّة
الصحيح و الأعمّ‏
المقصد الأوّل: مباحث الألفاظ
الباب الأوّل: المشتقّ‏
- 2- جريان النزاع في اسم الزمان‏
- 3 اختلاف المشتقّات من جهة المبادئ‏
- 4 استعمال المشتقّ بلحاظ حال التلبّس حقيقة
الباب الثاني: الأوامر
المبحث الثاني: صيغة الأمر
الخاتمة: في تقسيمات الواجب‏
الباب الثالث: النواهي‏
الباب الرابع: المفاهيم‏
الأوّل مفهوم الشرط
الثاني مفهوم الوصف‏
الثالث مفهوم الغاية
الرابع مفهوم الحصر
الخامس مفهوم العدد
السادس مفهوم اللقب‏
خاتمة في دلالة الاقتضاء و التنبيه و الإشارة
الباب الخامس: العامّ و الخاصّ‏
المسألة الاولى معنى المطلق و المقيّد
الباب السابع: المجملُ و المبيّن‏

اصول الفقہ حصہ اول

الأوّل مفهوم الشرط

تحرير محلّ النزاع:

لا شكّ في أنّ الجملة الشرطيّة يدلّ منطوقها- بالوضع- على تعليق التالي فيها على المقدّم الواقع موقعَ الفرض و التقدير. و هي على نحوين:

1- أن تكون مسوقة لبيان موضوع الحكم، أي أنّ المقدَّم هو نفس موضوع الحكم، حيث يكون الحكم في التالي منوطاً بالشرط في المقدّم على وجهٍ لا يُعقل فرض الحكم بدونه، نحو قولهم: «إن رزقت ولداً فاختنه»، فإنّه في المثال لا يعقل فرض ختان الولد إلّا بعد فرض وجوده. و منه قوله تعالى: «وَ لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً» فإنّه لا يُعقل فرض الإكراه على البغاء إلّا بعد فرض إرادة التحصّن من قِبَل الفتيات.

و قد اتّفق الاصوليّون على أنّه لا مفهوم لهذا النحو من الجملة الشرطيّة، لأنّ انتفاء الشرط معناه انتفاء موضوع الحكم، فلا معنى للحكم بانتفاء التالي على تقدير انتفاء المقدّم إلّا على نحو السالبة بانتفاء الموضوع. و لا حكم حينئذٍ بالانتفاء، بل هو انتفاء الحكم. فلا مفهوم للشرطيّة في المثالين، فلا يقال: «إن لم تُرزق ولداً فلا تختنه»، و لا يقال:

«إن لم يردن تحصّناً فأكرهوهنّ على البغاء».

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 160

2- ألّا تكون مسوقة لبيان الموضوع، حيث يكون الحكم في التالي منوطاً بالشرط على وجهٍ يمكن فرض الحكم بدونه، نحو قولهم: «إن أحسن صديقك فأحسن إليه» فإنّ فرض الإحسان إلى الصديق لا يتوقّف عقلًا على فرض صدور الإحسان منه، فإنّه يمكن الإحسان إليه أحسن أو لم يحسن.

و هذا النحو الثاني من الشرطيّة هو محلّ النزاع في مسألتنا. و مرجعه إلى النزاع في دلالة الشرطيّة على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط، بمعنى أنّه هل يُستكشف من طبع التعليق على الشرط انتفاء نوع الحكم المعلّق- كالوجوب مثلًا- على تقدير انتفاء الشرط؟

و إنّما قلنا: «نوع الحكم» لأنّ شخص كلّ حكم في القضيّة الشرطيّة أو غيرها ينتفي بانتفاء موضوعه أو أحد قيود الموضوع، سواء كان للقضيّة مفهوم أ و لم يكن.

و في مفهوم الشرطيّة قولان، أقواهما أنّها تدلّ على الانتفاء عند الانتفاء.

المناط في مفهوم الشرط:

إنّ دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم تتوقّف على دلالتها- بالوضع أو بالاطلاق- على امور ثلاثة مترتّبة: 1- دلالتها على الارتباط و الملازمة بين المقدّم و التالي.

2- دلالتها- زيادة على الارتباط و الملازمة- على أنّ التالي معلَّق على المقدّم و مترتّب عليه و تابع له، فيكون المقدَّم سبباً للتالي. و المقصود من السبب هنا هو كلّ ما يترتّب عليه الشي‏ء و إن كان شرطاً و نحوَه، فيكون أعمّ من السبب المصطلح في فنّ المعقول.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 161

3- دلالتها- زيادة على ما تقدّم- على انحصار السببيّة في المقدّم، بمعنى أنّه لا سبب بديل له يترتّب عليه التالي.

و توقّف المفهوم للجملة الشرطيّة على هذه الامور الثلاثة واضح، لأنّه لو كانت الجملة اتّفاقيّة أو كان التالي غير مترتّب على المقدّم أو كان مترتّباً و لكن لا على نحو الانحصار فيه، فإنّه في جميع ذلك لا يلزم من انتفاء المقدّم انتفاء التالي.

و إنّما الّذي ينبغي إثباته هنا، هو أنّ الجملة ظاهرة في هذه الامور الثلاثة وضعاً أو إطلاقاً لتكون حجّة في المفهوم.

و الحقّ ظهور الجملة الشرطيّة في هذه الامور وضعاً في بعضها و إطلاقاً في البعض الآخر.

1- أمّا دلالتها على الارتباط و وجود العلقة اللزوميّة بين الطرفين، فالظاهر أنّه بالوضع بحكم التبادر. و لكن لا بوضع خصوص أدوات الشرط حتّى يُنكر وضعها لذلك، بل بوضع الهيئة التركيبية للجملة الشرطيّة بمجموعها. وعليه، فاستعمالها في الاتّفاقيّة يكون بالعناية و ادّعاء التلازم و الارتباط بين المقدَّم و التالي إذا اتّفقت لهما المقارنة في الوجود.

2- و أمّا دلالتها على أنّ التالي مترتّب على المقدَّم بأيّ نحوٍ من أنحاء الترتّب فهو بالوضع أيضاً، و لكن لا بمعنى أنّها موضوعة بوضعين: وضع للتلازم و وضع آخر للترتّب، بل بمعنى أنّها موضوعة بوضعٍ واحد للارتباط الخاصّ و هو ترتّب التالي على المقدَّم.

و الدليل على ذلك هو تبادر ترتّب التالي على المقدَّم عنها «1»، فإنّها تدلّ على أنّ المقدَّم وُضع فيها موضع الفرض و التقدير، و على تقدير حصوله فالتالي حاصل عنده تبعاً، أي يتلوه في الحصول. أو فقل: إنّ‏ ______________________________ (1) في ط الاولى: منها.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 162

المتبادر منها لابدّية الجزاء عند فرض حصول الشرط. و هذا لا يمكن أن ينكره إلّا مكابر أو غافل، فإن هذا هو معنى التعليق الّذي هو مفاد الجملة الشرطيّة الّتي لا مفاد لها غيره. و من هنا سمّوا الجزء الأوّل منها شرطاً و مقدّماً، و سمّوا الجزء الثاني جزاءً و تالياً.

فإذا كانت جملة إنشائيّة- أي أنّ التالي متضمّن لإنشاء حكم تكليفي أو وضعي- فإنّها تدلّ على تعليق الحكم على الشرط، فتدلّ على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط المعلّق عليه الحكم.

و إذا كانت جملة خبريّة- أي أنّ التالي متضمّن لحكاية خبرٍ- فإنّها تدلّ على تعليق حكايته على المقدَّم، سواء كان المحكيّ عنه خارجاً و في الواقع مترتّباً على المقدَّم فتتطابق الحكاية مع المحكيّ عنه كقولنا: «إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود» أو مترتّب عليه‏ «1» بأن كان العكس كقولنا: «إن كان النهار موجوداً فالشمس طالعة» أو كان لا ترتّب بينهما كالمتضايفين في مثل قولنا: «إن كان خالد ابناً لزيد فزيد أبوه».

3- و أمّا دلالتها على أنّ الشرط منحصر، فبالإطلاق، لأنّه لو كان هناك شرط آخر للجزاء بديلٌ لذلك الشرط و كذا لو كان معه شي‏ء آخر يكونان معاً شرطاً للحكم، لاحتاج ذلك إلى بيان زائد، إمّا بالعطف ب «أو» في الصورة الاولى، أو العطف ب «الواو» في الصورة الثانية، لأنّ الترتّب على الشرط ظاهر في أنّه بعنوانه الخاصّ مستقلّاً هو الشرط المعلّق عليه الجزاء، فإذا اطلق تعليق الجزاء على الشرط، فإنّه يُستكشف منه أنّ الشرط مستقلّ لا قيد آخر معه، و أنّه منحصر لا بديل و لا عِدْل له، و إلّا لوجب على الحكيم بيانه، و هو- حسب الفرض- في مقام البيان.

______________________________ (1) كذا في ط الاولى و الثانية، و الظاهر مترتَّباً عليه.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 163

و هذا نظير ظهور صيغة «افعل» بإطلاقها في الوجوب التعيّني‏ «1» و التعييني.

و إلى هنا تمّ لنا ما أردنا أن نذهب إليه من ظهور الجملة الشرطيّة في الامور الّتي بها تكون ظاهرة في المفهوم.

و على كلّ حال، إنّ ظهور الجملة الشرطيّة في المفهوم ممّا لا ينبغي أن يتطرّق إليه الشكّ إلّا مع قرينةٍ صارفة أو تكون واردة لبيان الموضوع.

و يشهد لذلك استدلال إمامنا الصادق عليه السلام بالمفهوم في رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللَّه عن الشاة تُذبح فلا تتحرك و يهراق منها دم كثير عبيط، فقال: «لا تأكل، إنّ عليّاً كان يقول: إذا ركضت الرّجْل أو طرفت العين فكُلْ» «2» فإنّ استدلال الإمام بقول عليّ عليه السلام لا يكون إلّا إذا كان له مفهوم، و هو: إذا لم تركض الرّجْل أو لم تطرف العين فلا تأكل.

إذا تعدّد الشرط و اتّحد الجزاء:

و من لواحق مبحث «مفهوم الشرط» مسألة ما إذا وردت جملتان شرطيّتان أو أكثر، و قد تعدّد الشرط فيهما و كان الجزاء واحداً. و هذا يقع على نحوين:

1- أن يكون الجزاء غير قابل للتكرار، نحو التقصير في السفر فيما ورد: «إذا خفي الأذان فقصّر» «3» و «إذا خفيت الجدران فقصّر» «4».

2- أن يكون الجزاء قابلًا للتكرار، كما في نحو «إذا أجنبت فاغتسل»، «إذا مسست ميّتاً فاغتسل».

أمّا النحو الأوّل: فيقع فيه التعارض بين الدليلين بناءً على مفهوم‏ ______________________________ (1) كذا، و المراد به: العيني.

(2) الوسائل: ج 16 ص 321، الباب 12 من أبواب الذبائح، ح 1.

(3) الوسائل: ج 5 ص 505. الباب 6 من أبواب صلاة المسافر، ح 1، 3، 7.

(4) الوسائل: ج 5 ص 505. الباب 6 من أبواب صلاة المسافر، ح 1، 3، 7.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 164

الشرط. و لكن التعارض إنّما هو بين مفهوم كلّ منهما مع منطوق الآخر، كما هو واضح، فلا بدّ من التصرّف فيهما بأحد وجهين:

الوجه الأوّل: أن نقيّد كلّاً من الشرطين من ناحية ظهورهما في الاستقلال بالسببيّة- ذلك الظهور الناشئ من الإطلاق (كما سبق) الّذي يقابله التقييد بالعطف بالواو- فيكون الشرط في الحقيقة هو المركَّب من الشرطين، و كلّ منهما يكون جزءَ السبب، و الجملتان تكونان حينئذٍ كجملة واحدة مقدّمها المركَّب من الشرطين، بأن يكون مؤدّاهما هكذا:

«إذا خفي الأذان و الجدران معاً فقصّر».

و ربما يكون لهاتين الجملتين معاً حينئذٍ مفهوم واحد، و هو انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرطين معاً أو أحدهما، كما لو كانا جملةً واحدة.

الوجه الثاني: أن نقيّدهما من ناحية ظهورهما في الانحصار- ذلك الظهور الناشئ من الإطلاق المقابل للتقييد بأو- و حينئذٍ يكون الشرط أحدهما على البدليّة، أو الجامع بينهما على أن يكون كلّ منهما مصداقاً له، و ذلك حينما يمكن فرض الجامع بينهما و لو كان عرفيّاً.

و إذ يدور الأمر بين الوجهين في التصرّف، فأيّهما أولى؟ هل الأولى تقييد ظهور الشرطيّتين في الاستقلال، أو تقييد ظهورهما في الانحصار؟

قولان في المسألة.

و الأوجه- على الظاهر- هو التصرّف الثاني، لأنّ منشأ التعارض بينهما هو ظهورهما في الانحصار الّذي يلزم منه الظهور في المفهوم، فيتعارض منطوق كلّ منهما مع مفهوم الآخر، كما تقدّم. فلا بدّ من رفع اليد عن ظهور كلّ منهما في الانحصار بالإضافة إلى المقدار الّذي دلّ عليه منطوق الشرطيّة الاخرى، لأنّ ظهور المنطوق أقوى. أمّا ظهور كلّ من الشرطيّتين في الاستقلال فلا معارض له حتّى ترفع اليد عنه.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 165

و إذا ترجّح القول الثاني- و هو التصرّف في ظهور الشرطين في الانحصار- يكون كلّ من الشرطين مستقلّاً في التأثير. فإذا انفرد أحدهما كان له التأثير في ثبوت الحكم. و إن حصلا معاً، فإن كان حصولهما بالتعاقب كان التأثير للسابق، و إن تقارنا كان الأثر لهما معاً و يكونان كالسبب الواحد، لامتناع تكرار الجزاء حسب الفرض.

و أمّا النحو الثاني- و هو ما إذا كان الجزاء قابلًا للتكرار- فهو على صورتين:

1- أن يثبت بالدليل أنّ كلّاً من الشرطين جزء السبب. و لا كلام حينئذٍ في أنّ الجزاء واحد يحصل عند حصول الشرطين معاً.

2- أن يثبت من دليل مستقلّ أو من ظاهر دليل الشرط أنّ كلّاً من الشرطين سبب مستقلّ، سواء كان للقضيّة الشرطيّة مفهوم أم لم يكن. فقد وقع الخلاف فيما إذا اتّفق وقوع الشرطين معاً في وقتٍ واحد أو متعاقبين أنّ القاعدة أيّ شي‏ء تقتضي؟ هل تقتضي تداخل الأسباب فيكون لها جزاءٌ واحد كما في مثال تداخل موجبات الوضوء من خروج البول أو الغائط و النوم و نحوهما، أم تقتضي عدم التداخل فيتكرّر الجزاء بتكرّر «1» الشروط كما في مثال تعدّد وجوب الصلاة بتعدّد أسبابه من دخول وقت اليوميّة و حصول الآيات؟ أقول: لا شبهة في أنّه إذا ورد دليل خاصّ على التداخل أو عدمه وجب الأخذ بذلك الدليل. و أمّا مع عدم ورود الدليل الخاصّ فهو محلّ الخلاف.

و الحقّ أنّ القاعدة فيه عدم التداخل.

بيان ذلك: إنّ لكلّ شرطيّة ظهورين:

1- ظهور الشرط فيها في الاستقلال بالسببيّة. و هذا الظهور يقتضي‏

______________________________ (1) في ط 2: بتكرار.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 166

أن يتعدّد الجزاء في الشرطيّتين موضوعتي البحث، فلا تتداخل الأسباب.

2- ظهور الجزاء فيها في أنّ متعلّق الحكم فيه صِرف الوجود.

و لمّا كان صِرف الشي‏ء لا يمكن أن يكون محكوماً بحكمين، فيقتضي ذلك أن يكون لجميع الأسباب جزاءٌ واحد و حكمٌ واحد عند فرض اجتماعها. فتتداخل الأسباب.

و على هذا، فيقع التنافي بين هذين الظهورين، فإذا قدّمنا الظهور الأوّل لا بدّ أن نقول بعدم التداخل. و إذا قدّمنا الظهور الثاني لا بدّ أن نقول بالتداخل، فأيّهما أولى بالتقديم؟

و الأرجح: أنّ الأولى بالتقديم ظهور الشرط على ظهور الجزاء، لأنّ الجزاء لما كان معلّقاً على الشرط فهو تابع له ثبوتاً و إثباتاً، فإن كان واحداً كان الجزاء واحداً و إن كان متعدّداً كان متعدّداً. و إذا كان المقدّم متعدّداً- حسب فرض ظهور الشرطيّتين- كان الجزاء تبعاً له. وعليه، لا يستقيم للجزاء ظهور في وحدة المطلوب، فيخرج المقام عن باب التعارض بين الظهورين، بل يكون الظهور في التعدّد «1» رافعاً للظهور في الوحدة، لأنّ الظهور في الوحدة لا يكون إلّا بعد فرض سقوط الظهور في التعدّد «2» أو بعد فرض عدمه، أمّا مع وجوده فلا ينعقد الظهور في الوحدة.

فالقاعدة في المقام- إذاً- هي عدم التداخل. و هو مذهب أساطين العلماء الأعلام‏ «3» قدّس اللَّه تعالى أسرارهم.

______________________________ (1 و 2) في ط 2: التعداد.

(3) منهم المحقّق النائيني، فوائد الاصول: ج 2 ص 493، و المحقّق العراقي، نهاية الأفكار: ج 2 ص 488-

489. و إن شئت تفصيل البحث راجع مطارح الأنظار: ص 175.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 167

تنبيهان:

- 1 تداخل المسبَّبات‏

إنّ البحث في المسألة السابقة إنّما هو عمّا إذا تعدّدت الأسباب، فيتساءل فيها عمّا إذا كان تعدّدها «1» يقتضي المغايرةَ في الجزاء و تعدّدَ المسبَّبات- بالفتح- أو لا يقتضي فتتداخل الأسباب؟ و ينبغي أن تُسمّى ب «مسألة تداخل الأسباب».

و بعد الفراغ عن عدم تداخل الأسباب هناك، ينبغي أن يبحث أنّ تعدّد المسبّبات إذا كانت تشترك في الاسم و الحقيقة كالأغسال هل يصحّ أن يكتفى عنها بوجود واحد لها أو لا يكتفى؟

و هذه مسألة اخرى غير ما تقدّم، تُسمّى ب «مسألة تداخل المسبّبات» و هي من ملحقات الاولى. و القاعدة فيها أيضاً عدم التداخل:

و السرّ في ذلك: أنّ سقوط الواجبات المتعدّدة بفعلٍ واحد و إن اتي به بنيّة امتثال الجميع يحتاج إلى دليل خاصّ، كما ورد في الأغسال بالاكتفاء بغسل الجنابة عن باقي الأغسال‏ «2» و ورد أيضاً جواز الاكتفاء بغسلٍ واحد عن أغسال متعدّدة «3». و مع عدم ورود الدليل الخاصّ فإنّ كلّ وجوب يقتضي امتثالًا خاصّاً به لا يغني عنه امتثال الآخر و إن اشتركت الواجبات في الاسم و الحقيقة.

نعم، قد يُستثنى من ذلك ما إذا كان بين الواجبين نسبة العموم‏

______________________________ (1) لا يخفى ما في العبارة، و إن كان المقصود واضحاً.

(2 و 3) الوسائل: ج 1 ص 525- 528، الباب 43 من أبواب الجنابة.

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 168 و الخصوص من وجه و كان دليل كلّ منهما مطلقاً بالإضافة إلى مورد الاجتماع، كما إذا قال مثلًا: «تصدّق على مسكين» و قال ثانياً: «تصدّق على ابن سبيل» فجمع العنوانين شخصٌ واحد- بأن كان فقيراً و ابنَ سبيل- فإنّ التصدّق عليه يكون مسقطاً للتكليفين.

- 2 الأصل العملي في المسألتين‏

إنّ مقتضى الأصل العملي عند الشكّ في تداخل الأسباب هو التداخل، لأنّ تأثير السببين في تكليفٍ واحد متيقّن، و إنّما الشكّ في تكليفٍ ثانٍ زائد. و الأصل في مثله البراءة.

و بعكسه في مسألة تداخل المسبّبات، فإنّ الأصل يقتضي فيه عدم التداخل كما مرّت الإشارة إليه، لأنّه بعد ثبوت التكاليف المتعدّدة بتعدّد الأسباب يُشكّ في سقوط التكاليف الثابتة لو فعل فعلًا واحداً. و مقتضى القاعدة في مثله الاشتغال، بمعنى أنّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فلا يكتفى بفعلٍ واحد في مقام الامتثال.

*** أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى )، ج‏1، ص: 169

أصول الفقه ( مظفر، محمد رضا - طبع انتشارات اسلامى ) ؛ ج‏1 ؛ ص169