حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: یہ تجارت نہیں ہے کہ تم اپنی جان کو تو دنیا کی کم قیمت کے بدلے بیچ ڈالو اور اپنے مال کا معاوضہ خدا سے مانگو۔ نھج البلاغہ خطبہ34

کفایۃ الاصول حصہ دوم

فصل [أصالة الاحتياط]

لو شك في المكلف به مع العلم ب التكليف من الإيجاب أو التحريم فتارة لتردده بين المتباينين و أخرى بين الأقل و الأكثر الارتباطيين فيقع الكلام في مقامين.

المقام الأول في دوران الأمر بين المتباينين.

لا يخفى أن التكليف المعلوم بينهما مطلقا و لو كانا فعل أمر و ترك آخر إن كان فعليا من جميع الجهات بأن يكون واجدا لما هو العلة التامة للبعث أو الزجر الفعلي مع ما هو [عليه‏] «1» من الإجمال و التردد و الاحتمال فلا محيص عن تنجزه و صحة العقوبة على مخالفته و حينئذ لا محالة يكون ما دل بعمومه على الرفع أو الوضع أو السعة أو الإباحة مما يعم أطراف العلم مخصصا عقلا لأجل مناقضتها معه.

و إن لم يكن فعليا كذلك و لو كان بحيث لو علم تفصيلا لوجب امتثاله و صح العقاب على مخالفته لم يكن هناك مانع عقلا و لا شرعا عن شمول أدلة البراءة الشرعية للأطراف.

و من هنا انقدح أنه لا فرق بين العلم التفصيلي و الإجمالي إلا أنه لا مجال‏ ______________ (1) زيادة يقتضيها السياق.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 359

للحكم الظاهري مع التفصيلي فإذا كان الحكم الواقعي فعليا من سائر الجهات لا محالة يصير فعليا معه من جميع الجهات و له مجال مع الإجمالي فيمكن أن لا يصير فعليا معه لإمكان جعل الظاهري في أطرافه و إن كان فعليا من غير هذه الجهة فافهم.

ثم إن الظاهر أنه لو فرض أن المعلوم بالإجمال كان فعليا من جميع الجهات لوجب عقلا موافقته مطلقا و لو كانت أطرافه غير محصورة و إنما التفاوت بين المحصورة و غيرها هو أن عدم الحصر ربما يلازم ما يمنع عن فعلية المعلوم مع كونه فعليا لولاه من سائر الجهات.

و بالجملة لا يكاد يرى العقل تفاوتا بين المحصورة و غيرها في التنجز و عدمه فيما كان المعلوم إجمالا فعليا يبعث المولى نحوه فعلا أو يزجر عنه كذلك مع ما هو عليه من كثرة أطرافه.

و الحاصل أن اختلاف الأطراف في الحصر و عدمه لا يوجب تفاوتا في ناحية العلم و لو أوجب تفاوتا فإنما هو في ناحية المعلوم في فعلية البعث أو الزجر مع الحصر و عدمها مع عدمه فلا يكاد يختلف العلم الإجمالي باختلاف الأطراف قلة و كثرة في التنجيز و عدمه ما لم يختلف المعلوم في الفعلية و عدمها بذلك و قد عرفت آنفا أنه لا تفاوت بين التفصيلي و الإجمالي في ذلك ما لم يكن تفاوت في طرف المعلوم أيضا فتأمل تعرف.

و قد انقدح أنه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعية مع حرمة مخالفتها ضرورة أن التكليف المعلوم إجمالا لو كان فعليا لوجب موافقته قطعا و إلا لم يحرم مخالفته كذلك أيضا.

و منه ظهر أنه لو لم يعلم فعلية التكليف مع العلم به إجمالا إما من جهة عدم الابتلاء ببعض أطرافه أو من جهة الاضطرار إلى بعضها معينا أو مرددا أو من جهة تعلقه بموضوع يقطع بتحققه إجمالا في هذا الشهر كأيام حيض المستحاضة

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 360

مثلا لما وجب موافقته بل جاز مخالفته و أنه لو علم فعليته و لو كان بين أطراف تدريجية لكان منجزا و وجب موافقته فإن التدرج لا يمنع عن الفعلية ضرورة أنه كما يصح التكليف بأمر حالي كذلك يصح بأمر استقبالي كا لحج في الموسم للمستطيع فافهم.

تنبيهات [الاشتغال‏]

الأول [الاضطرار إلى بعض الأطراف معينا أو مرددا]

أن الاضطرار كما يكون مانعا عن العلم بفعلية التكليف لو كان إلى واحد معين كذلك يكون مانعا لو كان إلى غير معين ضرورة أنه مطلقا موجب لجواز ارتكاب أحد الأطراف أو تركه تعيينا أو تخييرا و هو ينافي العلم بحرمة المعلوم أو بوجوبه بينها فعلا و كذلك لا فرق بين أن يكون الاضطرار كذلك سابقا على حدوث العلم أو لاحقا و ذلك لأن [1] التكليف المعلوم بينها من أول الأمر كان محدودا بعدم عروض الاضطرار إلى متعلقه فلو عرض على بعض أطرافه لما كان التكليف به معلوما لاحتمال أن يكون هو المضطر إليه فيما كان الاضطرار إلى المعين أو يكون هو المختار فيما كان إلى بعض الأطراف بلا تعيين.

لا يقال الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلا كفقد بعضها فكما لا إشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي مع الفقدان كذلك لا ينبغي الإشكال في لزوم رعايته مع الاضطرار فيجب الاجتناب عن الباقي أو ارتكابه خروجا عن‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 361

عهدة ما تنجز عليه قبل عروضه.

فإنه يقال حيث إن فقد المكلف به ليس من حدود التكليف به و قيوده كان التكليف المتعلق به مطلقا فإذا اشتغلت الذمة به كان قضية الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك و هذا بخلاف الاضطرار إلى تركه فإنه من حدود التكليف به و قيوده و لا يكون الاشتغال به من الأول إلا مقيدا بعدم عروضه فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به إلا إلى هذا الحد فلا يجب رعايته فيما بعده و لا يكون إلا من باب الاحتياط في الشبهة البدوية فافهم و تأمل فإنه دقيق جدا.

الثاني [شرطية الابتلاء بتمام الأطراف‏]

أنه لما كان النهي عن الشي‏ء [1] إنما هو لأجل أن يصير داعيا للمكلف نحو تركه لو لم يكن له داع آخر و لا يكاد يكون ذلك إلا فيما يمكن عادة ابتلاؤه به و أما ما لا ابتلاء به بحسبها فليس للنهي عنه موقع أصلا ضرورة أنه بلا فائدة و لا طائل بل يكون من قبيل طلب الحاصل كان الابتلاء بجميع الأطراف مما لا بد منه في تأثير العلم فإنه بدونه لا علم بتكليف فعلي لاحتمال تعلق الخطاب بما لا ابتلاء به.

و منه قد انقدح أن الملاك في الابتلاء المصحح لفعلية الزجر و انقداح طلب تركه في نفس المولى فعلا هو ما إذا صح انقداح الداعي إلى فعله في نفس العبد مع اطلاعه على ما هو عليه من الحال و لو شك في ذلك كان المرجع هو البراءة لعدم القطع بالاشتغال لا إطلاق الخطاب «1» ضرورة أنه لا مجال للتشبث به إلا فيما إذا شك في التقييد بشي‏ء «2» بعد الفراغ عن صحة الإطلاق بدونه لا فيما شك في اعتباره في صحته تأمل [2] لعلك تعرف إن شاء الله تعالى.

______________ (1) تعريض بما قد يظهر من الشيخ، فرائد الأصول/ 252.

(2) هكذا صححه المصنف في «ب»، و في «أ»: به.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

362 الثالث [الشبهة غير المحصورة]

أنه قد عرفت أنه مع فعلية التكليف المعلوم لا تفاوت بين أن تكون أطرافه محصورة و أن تكون غير محصورة.

نعم ربما تكون كثرة الأطراف في مورد موجبة لعسر موافقته القطعية باجتناب كلها أو ارتكابه أو ضرر فيها أو غيرهما مما لا يكون معه التكليف فعليا بعثا أو زجرا فعلا و ليس بموجبة لذلك في غيره كما أن نفسها ربما يكون موجبة لذلك و لو كانت قليلة في مورد آخر فلا بد من ملاحظة ذاك الموجب لرفع فعلية التكليف المعلوم بالإجمال أنه يكون أو لا يكون في هذا المورد أو يكون مع كثرة أطرافه و ملاحظة أنه مع أية مرتبة من كثرتها كما لا يخفى.

و لو شك في عروض الموجب فالمتبع هو إطلاق دليل التكليف لو كان و إلا ف البراءة لأجل الشك في التكليف الفعلي هذا هو حق القول في المقام و ما قيل «1» في ضبط المحصور و غيره لا يخلو من الجزاف.

الرابع [ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة التي تنجز فيها التكليف‏]

أنه إنما يجب عقلا رعاية الاحتياط في خصوص الأطراف مما يتوقف على اجتنابه أو ارتكابه حصول العلم بإتيان الواجب أو ترك الحرام المعلومين في البين دون غيرها و إن كان حاله حال بعضها في كونه محكوما بحكمه واقعا.

و منه ينقدح الحال في مسألة ملاقاة شي‏ء مع أحد أطراف النجس المعلوم بالإجمال و أنه تارة يجب الاجتناب عن الملاقي دون ملاقيه فيما كانت الملاقاة بعد العلم إجمالا بالنجس بينها فإنه إذا اجتنب عنه و طرفه اجتنب عن النجس في البين قطعا و لو لم يجتنب عما يلاقيه فإنه على تقدير نجاسته لنجاسته كان فردا آخر من النجس قد شك في وجوده كشي‏ء آخر شك في نجاسته بسبب آخر. ______________ (1) راجع فرائد الأصول/ 260- 262.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 363

و منه ظهر أنه لا مجال لتوهم «1» أن قضية تنجز الاجتناب عن المعلوم هو الاجتناب عنه أيضا ضرورة أن العلم به إنما يوجب تنجز الاجتناب عنه لا تنجز الاجتناب عن فرد آخر لم يعلم حدوثه و إن احتمل.

و أخرى يجب الاجتناب عما لاقاه دونه فيما لو علم إجمالا نجاسته أو نجاسة شي‏ء آخر ثم حدث [العلم ب] «2» الملاقاة و العلم بنجاسة الملاقي أو ذاك الشي‏ء أيضا فإن حال [1] الملاقي في هذه الصورة بعينها حال ما لاقاه في الصورة السابقة في عدم كونه طرفا للعلم الإجمالي و أنه فرد آخر على تقدير نجاسته واقعا غير معلوم النجاسة أصلا لا إجمالا و لا تفصيلا و كذا لو علم بالملاقاة ثم حدث العلم الإجمالي و لكن كان الملاقي خارجا عن محل الابتلاء في حال حدوثه و صار مبتلى به بعده.

و ثالثة يجب الاجتناب عنهما فيما لو حصل العلم الإجمالي بعد العلم بالملاقاة ضرورة أنه حينئذ نعلم إجمالا إما بنجاسة الملاقي و الملاقى أو بنجاسة الآخر كما لا يخفى فيتنجز التكليف بالاجتناب عن النجس في البين و هو الواحد أو الاثنان «3».