حضرت امام موسیٰ کاظم عليه‌السلام نے فرمایا: جب انسان کا پیٹ بھر جاتا ہے تو وہ خدا سے بہت دور ہوجاتا ہے مستدرک الوسائل حدیث19618، بحارانوار ج63ص331، تتمۃ کتاب السماء والعالم، ابواب آداب الاکل، باب5ذم کثرۃ الأکل

کفایۃ الاصول حصہ دوم

فصل في الوجوه «1» التي أقاموها على حجية الظن‏

و هي أربعة.

الأول [قاعدة وجوب دفع الضرر المظنون‏]

أن في مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبي أو التحريمي مظنة للضرر و دفع الضرر المظنون لازم.

أما الصغرى فلأن الظن بوجوب شي‏ء أو حرمته يلازم الظن بالعقوبة على مخالفته أو الظن بالمفسدة فيها بناء على تبعية الأحكام للمصالح و المفاسد.

و أما الكبرى فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون و لو لم نقل بالتحسين و التقبيح «2» لوضوح عدم انحصار ملاك حكمه بهما بل يكون التزامه بدفع الضرر المظنون بل المحتمل بما هو كذلك و لو لم يستقل بالتحسين و التقبيح مثل الالتزام بفعل ما استقل بحسنه إذا قيل باستقلاله و لذا أطبق العقلاء عليه مع خلافهم في استقلاله بالتحسين و التقبيح فتدبر جيدا.

و الصواب في الجواب هو منع الصغرى أما العقوبة فلضرورة عدم الملازمة بين الظن بالتكليف و الظن بالعقوبة على مخالفته لعدم الملازمة بينه و العقوبة على مخالفته و إنما الملازمة بين خصوص معصيته و استحقاق العقوبة عليها لا بين‏ ______________ (1) ذكر الشيخ (قده) هذه الوجوه أيضا، فرائد الأصول/ 106.

(2) هذا رد على الحاجبي: العضدي في شرحه، شرح العضدي على مختر الأصول: 1/ 163

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 309

مطلق المخالفة و العقوبة بنفسها و بمجرد «1» الظن به بدون دليل على اعتباره لا يتنجز به كي يكون مخالفته عصيانه.

إلا أن يقال إن العقل و إن لم يستقل بتنجزه بمجرده بحيث يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفته إلا أنه لا يستقل أيضا بعدم استحقاقها معه فيحتمل العقوبة حينئذ على المخالفة و دعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك ك المظنون قريبة جدا لا سيما إذا كان هو العقوبة الأخروية كما لا يخفى.

و أما المفسدة ف لأنها و إن كان الظن بالتكليف يوجب الظن بالوقوع فيها لو خالفه إلا أنها ليست بضرر على كل حال ضرورة أن كل ما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله بل ربما يوجب حزازة و منقصة في الفعل بحيث يذم عليه فاعله بلا ضرر عليه أصلا كما لا يخفى.

و أما تفويت المصلحة ف لا شبهة في أنه ليس فيه مضرة بل ربما يكون في استيفائها المضرة كما في الإحسان بالمال.

هذا مع منع كون الأحكام تابعة للمصالح و المفاسد في المأمور به «2» و المنهي عنه «3» بل إنما هي تابعة لمصالح فيها كما حققناه في بعض فوائدنا «4».

و بالجملة ليست المفسدة و لا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال و أنيط بهما الأحكام بمضرة و ليس مناط حكم العقل بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة من الأفعال على القول باستقلاله بذلك هو كونه ذا ضرر وارد على فاعله أو نفع عائد إليه و لعمري هذا أوضح من أن يخفى فلا مجال لقاعدة رفع‏ ______________ (1) في «ب»: و مجرد.

(2) أنث الضمير في النسخ، و الصواب ما أثبتناه.

(3) أنث الضمير في النسخ، و الصواب ما أثبتناه.

(4) الفوائد: 337، فائدة في اقتضاء الأفعال للمدح و الذم، عند قوله: فيمكن أن يكون صورية ... و يمكن أن يكون حقيقة. و راجع ما ذكره في حاشيته على الرسائل: 76، عند قوله: مع احتمال عدم كون الأحكام تابعة لهما، بل تابعة لما في انفسهما من المصلحة ... الخ.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

310 الضرر المظنون هاهنا أصلا و لا استقلال للعقل بقبح فعل ما فيه احتمال المفسدة أو ترك ما فيه احتمال المصلحة فافهم.

الثاني‏

أنه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح و هو قبيح.

و فيه أنه لا يكاد يلزم منه ذلك إلا فيما إذا كان الأخذ بالظن أو بطرفه لازما مع عدم إمكان الجمع بينهما عقلا أو عدم وجوبه شرعا ليدور الأمر بين ترجيحه و ترجيح طرفه و لا يكاد يدور الأمر بينهما إلا ب مقدمات دليل الانسداد و إلا كان اللازم هو الرجوع إلى العلم أو العلمي أو الاحتياط أو البراءة أو غيرهما على حسب اختلاف الأشخاص أو الأحوال في اختلاف المقدمات على ما ستطلع على حقيقة الحال.

الثالث‏

(ما عن السيد الطباطبائي [1] قدس سره من.

أنه لا ريب في وجود واجبات و محرمات كثيرة بين المشتبهات و مقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل الوجوب و لو موهوما و ترك ما يحتمل الحرمة كذلك و لكن مقتضى قاعدة نفي الحرج عدم وجوب ذلك كله لأنه عسر أكيد و حرج شديد فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط و انتفاء الحرج العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات و الموهومات لأن الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات و إدخال بعض المشكوكات و الموهومات باطل‏

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

311 إجماعا «1».) و لا يخفى ما فيه من القدح و الفساد فإنه بعض مقدمات دليل الانسداد و لا يكاد ينتج بدون سائر مقدماته و معه لا يكون دليل آخر بل ذاك الدليل.

الرابع دليل الانسداد

و هو مؤلف من مقدمات‏

[مقدمات دليل الانسداد و الجواب عنه‏]

يستقل العقل مع تحققها بكفاية الإطاعة الظنية حكومة أو كشفا على ما تعرف و لا يكاد يستقل بها بدونها و هي خمس «2».

أولها أنه يعلم إجمالا بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة.

ثانيها أنه قد انسد علينا باب العلم و العلمي إلى كثير منها.

ثالثها أنه لا يجوز لنا إهمالها و عدم التعرض لامتثالها أصلا.

رابعها أنه لا يجب علينا الاحتياط في أطراف علمنا بل لا يجوز في الجملة كما لا يجوز الرجوع إلى الأصل في المسألة من استصحاب و تخيير و براءة و احتياط و لا إلى فتوى العالم بحكمها. خامسها أنه كان ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا فيستقل العقل حينئذ بلزوم الإطاعة الظنية لتلك التكاليف المعلومة و إلا لزم بعد انسداد باب العلم و العلمي بها إما إهمالها و إما لزوم الاحتياط في أطرافها و إما الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مسألة مع قطع النظر عن العلم بها أو التقليد فيها أو الاكتفاء بالإطاعة الشكية أو الوهمية مع التمكن من الظنية. ______________ (1) حكى هذا القول الشيخ الأنصاري (قدس سره) في فرائد الأصول/ 111، نقلا عن أستاذه شريف العلماء عن أستاذه السيّد الأجل الاقا ميرزا سيد علي الطباطبائي (قدس سره) «صاحب الرياض» في مجلس المذاكرة، كما صرح بذلك العلامة المرحوم الميرزا محمد حسن الاشتياني (قدس سره) راجع بحر الفوائد 189.

(2) الصواب ما اثبتناه و في النسخ: خمسة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 312

و الفرض بطلان كل واحد منها.

أما المقدمة الأولى [انحلال العلم الإجمالي الكبير بما في الأخبار]

فهي و إن كانت بديهية إلا أنه قد عرفت انحلال العلم الإجمالي بما في الأخبار الصادرة عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام التي تكون فيما بأيدينا من الروايات في الكتب المعتبرة و معه لا موجب للاحتياط إلا في خصوص ما في الروايات و هو غير مستلزم للعسر فضلا عما يوجب الاختلال و لا إجماع على عدم وجوبه و لو سلم الإجماع على عدم وجوبه لو لم يكن هناك انحلال.

و أما المقدمة الثانية [انسداد باب العلم و انفتاح باب العلمي‏]

أما بالنسبة إلى العلم فهي بالنسبة إلى أمثال زماننا بينة وجدانية يعرف الانسداد كل من تعرض للاستنباط و الاجتهاد.

و أما بالنسبة إلى العلمي فالظاهر أنها غير ثابتة لما عرفت من نهوض الأدلة على حجية خبر يوثق بصدقه و هو بحمد الله واف بمعظم الفقه لا سيما بضميمة ما علم تفصيلا منها كما لا يخفى.

و أما المقدمة الثالثة [عدم جواز إهمال الأحكام‏]

فهي قطعية و لو لم نقل بكون العلم الإجمالي منجزا مطلقا أو فيما جاز أو وجب الاقتحام في بعض أطرافه كما في المقام حسب ما يأتي و ذلك لأن إهمال معظم الأحكام و عدم الاجتناب كثيرا عن الحرام مما يقطع بأنه مرغوب عنه شرعا و مما يلزم تركه إجماعا.

إن قلت إذا لم يكن العلم بها منجزا لها للزوم الاقتحام في بعض الأطراف كما أشير إليه فهل كان العقاب على المخالفة في سائر الأطراف حينئذ على تقدير المصادفة إلا عقابا بلا بيان و المؤاخذة عليها إلا مؤاخذة بلا برهان.

قلت هذا إنما يلزم لو لم يعلم بإيجاب الاحتياط و قد علم به بنحو اللم حيث علم اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه بحيث ينافيه عدم إيجابه الاحتياط الموجب للزوم المراعاة و لو كان بالالتزام ببعض المحتملات مع صحة دعوى الإجماع على عدم جواز الإهمال في هذا الحال و أنه مرغوب عنه شرعا قطعا و أما

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 313

مع استكشافه «1» فلا يكون المؤاخذة و العقاب حينئذ بلا بيان و بلا برهان كما حققناه في البحث و غيره.

و أما المقدمة الرابعة [عدم وجوب الاحتياط التام‏]

فهي بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التام بلا كلام فيما يوجب عسرة اختلال النظام و أما فيما لا يوجب ف محل نظر بل منع لعدم حكومة قاعدة نفي العسر و الحرج على قاعدة الاحتياط و ذلك لما حققناه «2» في معنى ما دل على نفي الضرر و العسر من أن التوفيق بين دليلهما و دليل التكليف أو الوضع المتعلقين بما يعمهما هو نفيهما عنهما بلسان نفيهما فلا يكون له حكومة على الاحتياط العسر إذا كان بحكم العقل لعدم العسر في متعلق التكليف و إنما هو في الجمع بين محتملاته احتياطا.

[منع حكومة قاعدة الحرج على قاعدة الاحتياط]

نعم لو كان معناه نفي الحكم الناشئ من قبله العسر كما قيل «3» لكانت قاعدة نفيه محكمة على قاعدة الاحتياط لأن العسر حينئذ يكون من قبل التكاليف المجهولة فتكون منفية بنفيه. و لا يخفى أنه على هذا لا وجه لدعوى استقلال العقل بوجوب الاحتياط في بعض الأطراف بعد رفع اليد عن الاحتياط في تمامها بل لا بد من دعوى وجوبه شرعا كما أشرنا إليه في بيان المقدمة الثالثة فافهم و تأمل جيدا.

و أما الرجوع إلى الأصول فبالنسبة إلى الأصول المثبتة من احتياط أو استصحاب مثبت للتكليف فلا مانع عن إجرائها عقلا مع حكم العقل و عموم النقل هذا و لو قيل بعدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي‏ ______________ (1) هذكا في «أ» و شطب عليها في «ب».

(2) تعرض المصنف لقاعد ةلا ضرر في ص 72 (الكتاب) فليراجع عند قوله أن الظاهر أن يكون لا لنفي الحقيقة ادعاء .. و قوله بعد أسطر ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر. إلخ‏

(3) القائل هو الشيخ الأنصاري (قدس سره) انظر، فرائد الأصول/ 314 و رسالة قاعدة نفي الضرر في مكاسبه، المكاسب/ 372.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 314

لاستلزام شمول دليله لها التناقض في مدلوله بداهة تناقض حرمة النقض في كل منها بمقتضى (: لا تنقض) لوجوبه في البعض كما هو قضية (: و لكن تنقضه بيقين آخر) و ذلك لأنه إنما يلزم فيما إذا كان الشك في أطرافه فعليا.

و أما إذا لم يكن كذلك بل لم يكن الشك فعلا إلا في بعض أطرافه و كان بعض أطرافه الأخر غير ملتفت إليه فعلا أصلا كما هو حال المجتهد في مقام استنباط الأحكام كما لا يخفى فلا يكاد يلزم ذلك فإن قضية (: لا تنقض) ليس حينئذ إلا حرمة النقض في خصوص الطرف المشكوك و ليس فيه علم بالانتقاض كي يلزم التناقض في مدلول دليله من شموله له فافهم.

و منه قد انقدح ثبوت حكم العقل و عموم النقل بالنسبة إلى الأصول النافية أيضا و أنه لا يلزم محذور لزوم التناقض من شمول الدليل لها لو لم يكن هناك 6 مانع عقلا أو شرعا من إجرائها و لا مانع كذلك لو كانت موارد الأصول المثبتة بضميمة ما علم تفصيلا أو نهض عليه علمي بمقدار المعلوم إجمالا بل بمقدار لم يكن معه مجال لاستكشاف إيجاب الاحتياط و إن لم يكن بذاك المقدار و من الواضح أنه يختلف باختلاف الأشخاص و الأحوال.

و قد ظهر بذلك أن العلم الإجمالي بالتكاليف ربما ينحل ببركة جريان الأصول المثبتة و تلك الضميمة فلا موجب حينئذ للاحتياط عقلا و لا شرعا أصلا كما لا يخفى.

كما ظهر أنه لو لم ينحل بذلك كان خصوص موارد أصول النافية مطلقا و لو من مظنونات عدم «1» التكليف محلا للاحتياط فعلا و يرفع اليد عنه فيها كلا أو بعضا بمقدار رفع الاختلال أو رفع العسر على ما عرفت لا محتملات التكليف مطلقا.

______________ (1) أثبتناها من «ب».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 315

و أما الرجوع إلى فتوى العالم فلا يكاد يجوز ضرورة أنه لا يجوز إلا للجاهل لا للفاضل الذي يرى خطأ من يدعي انفتاح باب العلم أو العلمي فهل يكون رجوعه إليه بنظره إلا من قبيل رجوع الفاضل إلى الجاهل.

و أما المقدمة الخامسة [قبح ترجيح المرجوح على الراجح‏]

ف لاستقلال العقل بها و أنه لا يجوز التنزل بعد عدم التمكن من الإطاعة العلمية أو عدم وجوبها إلا إلى الإطاعة الظنية دون الشكية أو الوهمية لبداهة مرجوحيتها بالإضافة إليها و قبح ترجيح المرجوح على الراجح لكنك عرفت عدم وصول النوبة إلى الإطاعة الاحتمالية مع دوران الأمر بين الظنية و الشكية أو الوهمية من جهة ما أوردناه على المقدمة الأولى من انحلال العلم الإجمالي بما في أخبار الكتب المعتبرة و قضيته الاحتياط بالإلزام عملا بما فيها من التكاليف و لا بأس به حيث لا يلزم منه عسر فضلا عما يوجب اختلال النظام.

و ما أوردنا على المقدمة الرابعة من جواز الرجوع إلى الأصول مطلقا و لو كانت نافية لوجود المقتضي و فقد المانع عنه لو كان التكليف في موارد الأصول المثبتة و ما علم منه تفصيلا أو نهض عليه دليل معتبر بمقدار المعلوم بالإجمال و إلا ف إلى الأصول المثبتة وحدها و حينئذ كان خصوص موارد الأصول النافية محلا لحكومة العقل و ترجيح مظنونات التكليف فيها على غيرها و لو بعد استكشاف وجوب الاحتياط في الجملة شرعا بعد عدم وجوب الاحتياط التام شرعا أو عقلا على ما عرفت تفصيله هذا هو التحقيق على ما يساعد عليه النظر الدقيق فافهم و تدبر جيدا.

فصل [الظن بالطريق و الظن بالواقع‏]

هل قضية المقدمات على تقدير سلامتها هي حجية الظن بالواقع أو بالطريق أو بهما أقوال. و التحقيق أن يقال إنه لا شبهة في أن هم العقل في كل حال إنما هو

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 316

تحصيل الأمن من تبعة التكاليف المعلومة من العقوبة على مخالفتها كما لا شبهة في استقلاله في تعيين ما هو المؤمن منها و في أن كلما كان القطع به مؤمنا في حال الانفتاح كان الظن به مؤمنا حال الانسداد جزما و أن المؤمن في حال الانفتاح هو القطع بإتيان المكلف به الواقعي بما هو كذلك [هو] لا بما هو معلوم و مؤدى الطريق و متعلق العلم و هو طريق شرعا و عقلا أو بإتيانه الجعلي و ذلك لأن العقل قد استقل بأن الإتيان بالمكلف به الحقيقي بما هو هو لا بما هو مؤدى الطريق مبرئ للذمة قطعا.

كيف و قد عرفت أن القطع بنفسه طريق لا يكاد تناله يد الجعل إحداثا و إمضاء إثباتا و نفيا و لا يخفى أن قضية ذلك هو التنزل إلى الظن بكل واحد من الواقع و الطريق و لا منشأ لتوهم الاختصاص بالظن بالواقع إلا توهم أنه قضية اختصاص المقدمات بالفروع لعدم انسداد باب العلم في الأصول و عدم إلجاء في التنزل إلى الظن فيها و الغفلة عن أن جريانها في الفروع موجب لكفاية الظن بالطريق في مقام يحصل الأمن من عقوبة التكاليف و إن كان باب العلم في غالب الأصول مفتوحا و ذلك لعدم التفاوت في نظر العقل في ذلك بين الظنين كما أن منشأ توهم الاختصاص بالظن بالطريق وجهان.

[الوجه الأول دليل اختصاص مفاد المقدمات بالظن بالواقع‏]

أحدهما ما أفاده بعض الفحول «1» و تبعه في الفصول «2» قال فيها. (إنا كما نقطع بأنا مكلفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة لا سبيل لنا بحكم العيان و شهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع و لا بطريق معين يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه أو قيام طريقه مقام القطع و لو عند تعذره كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طريقا مخصوصا ______________ (1) هو العلامة المحقق الشيخ اسد اللّه الشوشتري، كشف القناع عن وجوه حجية الإجماع/ 460.

(2) الفصول/ 277، مع اختلاف في الألفاظ.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 317

و كلفنا تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة و حيث إنه لا سبيل غالبا إلى تعيينها بالقطع و لا بطريق يقطع من السمع بقيامه بالخصوص أو قيام طريقه كذلك مقام القطع و لو بعد تعذره فلا ريب أن الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنما هو الرجوع في تعيين ذلك الطريق إلى الظن الفعلي الذي لا دليل على عدم «1» حجيته لأنه أقرب إلى العلم و إلى إصابة الواقع مما عداه.) و فيه أولا بعد تسليم العلم بنصب طرق خاصة باقية فيما بأيدينا من الطرق الغير العلمية و عدم وجود المتيقن بينها أصلا أن قضية ذلك هو الاحتياط في أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال لا تعيينها بالظن.

لا يقال «2» الفرض هو عدم وجوب الاحتياط بل عدم جوازه لأن الفرض إنما هو عدم وجوب الاحتياط التام في أطراف الأحكام مما يوجب العسر المخل بالنظام لا الاحتياط في خصوص ما بأيدينا من الطرق.

فإن قضية هذا الاحتياط هو جواز رفع اليد عنه في غير مواردها و الرجوع إلى الأصل فيها و لو كان نافيا للتكليف و كذا فيما إذا نهض الكل على نفيه و كذا فيما إذا تعارض فردان من بعض الأطراف فيه نفيا و إثباتا مع ثبوت المرجح للنافي بل مع عدم رجحان المثبت في خصوص الخبر منها و مطلقا في غيره بناء على عدم ثبوت الترجيح على تقدير الاعتبار في غير الأخبار و كذا لو تعارض اثنان منها في الوجوب و التحريم فإن المرجع في جميع ما ذكر من موارد التعارض هو الأصل الجاري فيها و لو كان نافيا لعدم نهوض طريق معتبر و لا ما هو من أطراف العلم به على خلافه فافهم.

و كذا كل مورد لم يجر فيه الأصل المثبت ل لعلم بانتقاض الحالة السابقة فيه‏ ______________ (1) أثبتناه الزيادة من الفصول.

(2) إيراد ذكره الشيخ (قدس سره) و أمر بالتأمل فيه، فرائد الأصول/ 132، عند قوله: اللهم إلّا أن يقال إنه يلزم الحرج ... إلخ.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

318 إجمالا بسبب العلم به أو ب قيام أمارة معتبرة عليه في بعض أطرافه بناء على عدم جريانه بذلك. و ثانيا لو سلم أن قضيته «1» لزوم التنزل إلى الظن فتوهم أن الوظيفة حينئذ هو خصوص الظن بالطريق فاسد قطعا و ذلك لعدم كونه أقرب إلى العلم و إصابة الواقع من الظن بكونه مؤدى طريق معتبر من دون الظن بحجية طريق أصلا و من الظن بالواقع كما لا يخفى.

لا يقال إنما لا يكون أقرب من الظن بالواقع إذا لم يصرف التكليف الفعلي عنه إلى مؤديات الطرق و لو بنحو التقييد ف إن الالتزام به بعيد إذ الصرف لو لم يكن تصويبا محالا فلا أقل من كونه مجمعا على بطلانه ضرورة أن القطع بالواقع يجدي في الإجزاء بما هو واقع لا بما هو مؤدى طريق القطع كما عرفت.

و من هنا انقدح أن التقييد أيضا غير سديد مع أن الالتزام بذلك غير مفيد ف إن الظن بالواقع فيما ابتلي به من التكاليف لا يكاد ينفك عن الظن بأنه مؤدى طريق معتبر و الظن بالطريق ما لم يظن بإصابته «2» الواقع غير مجد بناء على التقييد لعدم استلزامه الظن بالواقع المقيد به بدونه. هذا مع عدم مساعدة نصب الطريق على الصرف و لا على التقييد غايته أن العلم الإجمالي بنصب طرق وافية يوجب انحلال العلم بالتكاليف الواقعية إلى العلم بما هو مضامين الطرق المنصوبة من التكاليف الفعلية و الانحلال و إن كان يوجب عدم تنجز ما لم يؤد إليه الطريق من التكاليف الواقعية إلا أنه إذا كان رعاية العلم بالنصب لازما و الفرض عدم اللزوم بل عدم الجواز. و عليه يكون التكاليف الواقعية كما إذا لم يكن هناك علم بالنصب في كفاية ______________ (1) في «ب»: قضية.

(2) في «ب»: بإصابة.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 319

الظن بها حال انسداد باب العلم كما لا يخفى و لا بد حينئذ من عناية أخرى [1] في لزوم رعاية الواقعيات بنحو من الإطاعة و عدم إهمالها رأسا كما أشرنا إليها «1» و لا شبهة في أن الظن بالواقع لو لم يكن أولى حينئذ لكونه أقرب في التوسل به إلى ما به الاهتمام من فعل الواجب و ترك الحرام من الظن بالطريق فلا أقل من كونه مساويا فيما يهم العقل من تحصيل الأمن من العقوبة في كل حال هذا مع ما عرفت من أنه عادة يلازم الظن بأنه مؤدى طريق و هو بلا شبهة يكفي و لو لم يكن هناك ظن بالطريق فافهم فإنه دقيق.

[الوجه الثاني مما استدل به لحجية الظن بالطريق دون غيره‏]

ثانيهما ما اختص به بعض المحققين «2» قال. (لا ريب في كوننا مكلفين بالأحكام الشرعية و لم يسقط عنا التكليف بالأحكام الشرعية و أن الواجب علينا أولا هو تحصيل العلم بتفريغ الذمة في حكم المكلف بأن يقطع معه بحكمه بتفريغ ذمتنا عما كلفنا به و سقوط تكليفنا عنا سواء حصل العلم معه بأداء الواقع أو لا حسب ما مر تفصيل القول فيه.

فحينئذ نقول إن صح لنا تحصيل العلم بتفريغ ذمتنا في حكم الشارع فلا إشكال في وجوبه و حصول البراءة به و إن انسد علينا سبيل العلم كان الواجب‏ ______________ (1) راجع صفحة/ 312.

(2) و هو العلامة المحقق الشيخ محمد تقي الأصفهاني، هداية المسترشدين/ 391.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

320 علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه إذ هو الأقرب إلى العلم به فيتعين الأخذ به عند التنزل من العلم في حكم العقل بعد انسداد سبيل العلم و القطع ببقاء التكليف دون ما يحصل معه الظن بأداء الواقع كما يدعيه القائل بأصالة حجية الظن انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علو مقامه.) و فيه أولا أن الحاكم على الاستقلال في باب تفريغ الذمة بالإطاعة و الامتثال إنما هو العقل و ليس للشارع في هذا الباب حكم مولوي يتبعه حكم العقل و لو حكم في هذا الباب كان بتبع حكمه إرشادا إليه و قد عرفت استقلاله بكون الواقع بما هو هو «1» مفرغ و أن القطع به حقيقة أو تعبدا مؤمن جزما و أن المؤمن في حال الانسداد هو الظن بما كان القطع به مؤمنا حال الانفتاح فيكون الظن بالواقع أيضا مؤمنا حال الانسداد.

و ثانيا سلمنا ذلك لكن حكمه بتفريغ الذمة فيما إذا أتى المكلف بمؤدى الطريق المنصوب ليس إلا بدعوى أن النصب يستلزمه مع أن دعوى أن التكليف بالواقع يستلزم حكمه بالتفريغ فيما إذا أتى به أولى كما لا يخفى فيكون الظن به ظنا بالحكم بالتفريغ أيضا.

إن قلت كيف يستلزمه «2» الظن بالواقع مع أنه ربما يقطع بعدم حكمه به معه كما إذا كان من القياس و هذا بخلاف الظن بالطريق فإنه يستلزمه و لو كان من القياس.

قلت الظن بالواقع أيضا يستلزم [1] الظن بحكمه بالتفريغ «3» على الأقوى و لا ينافي‏ ______________ (1) أثبتنا الزيادة من «أ».

(2) في «ب»: يستلزم.

(3) كذا في النسخة المصححة، و في «أ»: الظن بهما على الأقوى يستلزم الحكم بالتفريغ.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

321 القطع بعدم حجيته لدى الشارع و عدم كون المكلف معذورا إذا عمل به فيهما فيما أخطأ بل كان مستحقا للعقاب و لو فيما أصاب لو بنى على حجيته و الاقتصار عليه لتجريه فافهم.

و ثالثا سلمنا أن الظن بالواقع لا يستلزم الظن به لكن قضيته ليس إلا التنزل إلى الظن بأنه مؤدى طريق معتبر لا خصوص الظن بالطريق و قد عرفت أن الظن بالواقع لا يكاد ينفك عن الظن بأنه مؤدى الطريق غالبا.