حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: کسی مسلمان کے لیے جائز نہیں ہے کہ وہ کسی مسلمان کو خوفزدہ کرے عیون اخبارالرضا ؑج2ص71 وسائل الشیعۃحدیث 16284

کفایۃ الاصول حصہ دوم

فصل المشهور بين الأصحاب حجية خبر الواحد في الجملة

بالخصوص و لا يخفى أن هذه المسألة من أهم المسائل الأصولية و قد عرفت في أول الكتاب «1» أن الملاك في الأصولية صحة وقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط و لو لم يكن البحث فيها عن الأدلة الأربعة و إن اشتهر في ألسنة الفحول كون الموضوع في علم الأصول هي الأدلة و عليه لا يكاد يفيد في ذلك أي كون هذه المسألة أصولية تجشم دعوى «2» (أن البحث عن دليلية الدليل بحث عن أحوال الدليل) ضرورة أن البحث في المسألة ليس عن دليلية الأدلة بل عن حجية الخبر الحاكي عنها كما لا يكاد يفيد عليه تجشم دعوى «3» (أن مرجع هذه المسألة إلى أن السنة و هي قول الحجة أو فعله أو تقريره هل تثبت بخبر الواحد أو لا تثبت إلا بما يفيد القطع من التواتر أو القرينة) ف إن التعبد بثبوتها مع الشك فيها لدى الإخبار بها ليس من عوارضها بل من عوارض مشكوكها كما لا يخفى مع أنه لازم لما يبحث عنه في المسألة من حجية الخبر و المبحوث عنه في المسائل إنما هو الملاك في أنها من المباحث أو من غيره لا ما هو لازمه كما هو واضح. ______________ (1) راجع ص 9.

(2) انظر دعوى صاحب الفصول، الفصول/ 12.

(3) راجع فرائد الأصول/ 67، في الخبر الواحد.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 294

[أدلة المنكرين لحجية الخبر الواحد و المناقشة فيها]

و كيف كان فالمحكي عن السيد [1] و القاضي [2] و ابن زهرة [3] و الطبرسي [4] و ابن إدريس «1» عدم حجية الخبر و استدل «2» لهم ب الآيات الناهية «3» عن اتباع غير العلم و الروايات «4» الدالة على رد ما لم يعلم أنه قولهم عليهم‏ ______________ (1) السرائر: 5.

(2) المعتمد 2: 124.

(3) الإسراء: 36، النجم: 28.

(4) مستدرك الوسائل 3: 186، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 10.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

295 السلام أو لم يكن عليه شاهد من كتاب الله أو شاهدان «1» أو لم يكن موافقا للقرآن إليهم «2» أو على بطلان ما لا يصدقه كتاب الله «3» أو على أن ما لا يوافق كتاب الله زخرف «4» أو على النهي عن قبول حديث إلا ما وافق الكتاب أو السنة «5» إلى غير ذلك «6».

و الإجماع المحكي «7» عن السيد في مواضع من كلامه بل حكي «8» عنه أنه جعله بمنزلة القياس في كون تركه معروفا من مذهب الشيعة.

و الجواب أما عن الآيات فبأن الظاهر منها أو المتيقن من إطلاقاتها هو اتباع غير العلم في الأصول الاعتقادية لا ما يعم الفروع الشرعية و لو سلم عمومها لها فهي مخصصة بالأدلة الآتية على اعتبار الأخبار.

و أما عن الروايات فبأن الاستدلال بها خال عن السداد فإنها أخبار آحاد.

لا يقال إنها و إن لم تكن متواترة لفظا و لا معنى إلا أنها متواترة إجمالا للعلم الإجمالي بصدور بعضها لا محالة.

فإنه يقال إنها و إن كانت كذلك إلا أنها لا تفيد إلا فيما توافقت عليه و هو غير مفيد في إثبات السلب كليا كما هو محل الكلام و مورد النقض و الإبرام و إنما تفيد عدم حجية الخبر المخالف للكتاب و السنة و الالتزام به ليس بضائر بل‏ ______________ (1) وسائل الشيعة 18: 80، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 18.

(2) مستدرك السوئال 3: 186، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 5

. (3) المحاسن 1/ 221.

(4) وسائل الشيعة 18: 78، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 12.

(5) وسائل الشيعة: 18: 78، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 11.

(6) راجع وسائل الشيعة 18: 75: أحاديث باب 9 من أبواب صفات القاضي.

(7) أجوبة المسائل التبانيات 1: 24، الفصل الثاني.

(8) رسائل السيد المرتضى 3: 309، رسالة إبطال العمل بالخبر الواحد.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

296 لا محيص عنه في مقام المعارضة.

و أما عن الإجماع فبأن المحصل منه غير حاصل و المنقول منه للاستدلال به غير قابل خصوصا في المسألة كما يظهر وجهه للمتأمل مع أنه معارض بمثله و موهون بذهاب المشهور إلى خلافه. و قد استدل للمشهور بالأدلة الأربعة.

فصل في الآيات التي استدل بها

فمنها آية النبإ

قال الله تبارك و تعالى إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا «1» و يمكن تقريب الاستدلال بها من وجوه «2» أظهرها أنه من جهة مفهوم الشرط و أن تعليق الحكم بإيجاب التبين عن النبإ الذي جي‏ء به على كون الجائي به الفاسق «3» يقتضي انتفاءه عند انتفائه.

و لا يخفى أنه على هذا التقرير لا يرد أن الشرط في القضية لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم له أو مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع فافهم.

نعم لو كان الشرط هو نفس تحقق النبإ و مجي‏ء الفاسق به كانت القضية الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضوع مع أنه يمكن أن يقال إن القضية و لو كانت مسوقة لذلك إلا أنها ظاهرة في انحصار موضوع وجوب التبين في النبإ الذي جاء به الفاسق ف يقتضي انتفاء وجوب التبين عند انتفائه و وجود موضوع آخر فتدبر.

و لكنه يشكل «4» بأنه ليس لها هاهنا مفهوم و لو سلم أن أمثالها ظاهرة في‏ ______________ (1) الحجرات: 6.

(2) ذكر الوجوه في حاشية الفرائد/ 60.

(3) في متهى الدراية 4/ 441: فاسقا.

(4) و للمزيد راجع فرائد الأصول/ 72، و عدة الأصول 1/ 44، و معارج الأصول/ 145.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

297 المفهوم لأن التعليل بإصابة القوم بالجهالة المشترك بين المفهوم و المنطوق يكون قرينة على أنه ليس لها مفهوم.

و لا يخفى أن الإشكال إنما يبتني على كون الجهالة بمعنى عدم العلم مع أن دعوى أنها بمعنى السفاهة و فعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل غير بعيدة.

[إشكال عدم شمول الآية للروايات مع الواسطة]

ثم إنه لو سلم تمامية دلالة الآية على حجية خبر العدل ربما أشكل شمول مثلها للروايات الحاكية لقول الإمام عليه السلام بواسطة أو وسائط فإنه كيف يمكن الحكم بوجوب التصديق الذي ليس إلا بمعنى وجوب ترتيب ما للمخبر به من الأثر الشرعي بلحاظ نفس هذا الوجوب فيما كان المخبر به خبر العدل أو عدالة المخبر لأنه و إن كان أثرا شرعيا لهما إلا أنه بنفس الحكم في مثل الآية بوجوب تصديق خبر العدل حسب الفرض.

نعم لو أنشأ هذا الحكم ثانيا فلا بأس في أن يكون بلحاظه أيضا حيث إنه صار أثرا بجعل آخر فلا يلزم اتحاد الحكم و الموضوع بخلاف ما إذا لم يكن هناك إلا جعل واحد فتدبر. [ذب الإشكال‏]

و يمكن ذب الإشكال «1» ب أنه إنما يلزم إذا لم يكن القضية طبيعية و الحكم فيها بلحاظ طبيعة الأثر بل بلحاظ أفراده و إلا فالحكم بوجوب التصديق يسري إليه سراية حكم الطبيعة إلى أفراده بلا محذور لزوم اتحاد الحكم و الموضوع.

هذا مضافا إلى القطع بتحقق ما هو المناط في سائر الآثار في هذا الأثر أي وجوب التصديق بعد تحققه بهذا الخطاب و إن كان لا يمكن أن يكون ملحوظا «2» لأجل المحذور و إلى عدم القول بالفصل بينه و بين سائر الآثار في وجوب الترتيب لدى الإخبار بموضوع صار أثره الشرعي وجوب التصديق و هو خبر العدل و لو بنفس الحكم في الآية به فافهم. ______________ (1) الصحيح ما أثبتناه و ما في النسخ المطبوعة خطأ ظاهر.

(2) الصحيح ما أثبتناه و ما في النسخ المطبوعة خطأ ظاهر.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

298 و لا يخفى أنه لا مجال بعد اندفاع الإشكال بذلك للإشكال في خصوص الوسائط من الأخبار كخبر الصفار المحكي بخبر المفيد مثلا بأنه لا يكاد يكون خبرا تعبدا إلا بنفس الحكم بوجوب تصديق العادل الشامل للمفيد فكيف يكون هذا الحكم المحقق لخبر الصفار تعبدا مثلا حكما له أيضا و ذلك لأنه إذا كان خبر العدل ذا أثر شرعي حقيقة بحكم الآية وجب ترتيب أثره عليه عند إخبار العدل به كسائر ذوات الآثار من الموضوعات لما عرفت من شمول مثل الآية للخبر الحاكي للخبر بنحو القضية الطبيعية أو لشمول الحكم فيها له مناطا و إن لم يشمله لفظا أو لعدم القول بالفصل فتأمل جيدا.

و منها آية النفر

قال الله تبارك و تعالى فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ «1» الآية و ربما يستدل بها من وجوه. أحدها أن كلمة لعل و إن كانت مستعملة على التحقيق في معناه الحقيقي و هو الترجي الإيقاعي الإنشائي إلا أن الداعي إليه حيث يستحيل في حقه تعالى أن يكون هو الترجي الحقيقي كان هو محبوبية التحذر عند الإنذار و إذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه شرعا لعدم الفصل و عقلا لوجوبه مع وجود ما يقتضيه و عدم حسنه بل عدم إمكانه بدونه.

ثانيها أنه لما وجب الإنذار لكونه غاية للنفر الواجب كما هو قضية كلمة لو لا التحضيضية وجب التحذر و إلا لغا وجوبه.

ثالثها أنه جعل غاية للإنذار الواجب و غاية الواجب واجب.

و يشكل الوجه الأول بأن التحذر لرجاء إدراك الواقع و عدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة حسن و ليس بواجب فيما لم يكن هناك حجة على التكليف و لم يثبت هاهنا عدم الفصل غايته عدم‏ ______________ (1) التوبة: 122.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 299

القول بالفصل.

و الوجه الثاني و الثالث بعدم انحصار فائدة الإنذار بإيجاب «1» التحذر تعبدا لعدم إطلاق يقتضي وجوبه على الإطلاق ضرورة أن الآية مسوقة لبيان وجوب النفر لا لبيان غايتية التحذر و لعل وجوبه كان مشروطا بما إذا أفاد العلم لو لم نقل بكونه مشروطا به فإن النفر إنما يكون لأجل التفقه و تعلم معالم الدين و معرفة ما جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه و آله و سلم كي ينذروا بها المتخلفين أو النافرين على الوجهين في تفسير الآية لكي يحذروا إذا أنذروا بها و قضيته إنما هو وجوب الحذر عند إحراز أن الإنذار بها كما لا يخفى.

ثم إنه أشكل أيضا بأن الآية لو سلم دلالتها على وجوب الحذر مطلقا فلا دلالة لها على حجية الخبر بما هو خبر حيث إنه ليس شأن الراوي إلا الإخبار بما تحمله لا التخويف و الإنذار و إنما هو شأن المرشد أو المجتهد بالنسبة إلى المسترشد أو المقلد.

قلت لا يذهب عليك أنه ليس حال الرواة في الصدر الأول في نقل ما تحملوا من النبي صلى الله عليه و على أهل بيته الكرام أو الإمام عليه السلام من الأحكام إلى الأنام إلا كحال نقلة الفتاوى إلى العوام.

و لا شبهة في أنه يصح منهم التخويف في مقام الإبلاغ و الإنذار و التحذير بالبلاغ فكذا من الرواة فالآية لو فرض دلالتها على حجية نقل الراوي إذا كان مع التخويف كان نقله حجة بدونه أيضا لعدم الفصل بينهما جزما فافهم.

و منها آية الكتمان‏

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا «2» الآية.

و تقريب الاستدلال بها أن حرمة الكتمان تستلزم وجوب «3» القبول عقلا ______________ (1) اثبتناها من «ب».

(2) البقرة: 159.

(3) أثبتناها من «أ».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 300

للزوم لغويته بدونه و لا يخفى أنه لو سلمت هذه الملازمة لا مجال «1» للإيراد على هذه الآية بما أورد على آية النفر من دعوى الإهمال أو استظهار الاختصاص بما إذا أفاد العلم فإنها تنافيهما كما لا يخفى لكنها ممنوعة فإن اللغوية غير لازمة لعدم انحصار الفائدة بالقبول تعبدا و إمكان أن تكون حرمة الكتمان لأجل وضوح الحق بسبب كثرة من أفشاه و بينه لئلا يكون للناس على الله حجة بل كان له عليهم الحجة البالغة.

و منها آية السؤال عن أهل الذكر

فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* «2» و تقريب الاستدلال بها ما في آية الكتمان. و فيه أن الظاهر منها إيجاب السؤال لتحصيل العلم لا للتعبد بالجواب.

و قد أورد «3» عليها ب أنه لو سلم دلالتها على التعبد بما أجاب أهل الذكر فلا دلالة لها على التعبد بما يروي الراوي فإنه بما هو راو لا يكون من أهل الذكر و العلم فالمناسب إنما هو الاستدلال بها على حجية الفتوى لا الرواية.

و فيه أن كثيرا من الرواة يصدق عليهم أنهم أهل الذكر و الاطلاع على رأي الإمام عليه السلام كزرارة و محمد بن مسلم و مثلهما و يصدق على السؤال عنهم أنه السؤال عن أهل «4» الذكر و العلم و لو كان السائل من أضرابهم فإذا وجب قبول روايتهم في مقام الجواب بمقتضى هذه الآية وجب قبول روايتهم و رواية غيرهم من العدول مطلقا لعدم الفصل جزما في وجوب القبول بين المبتدئ و المسبوق بالسؤال و لا بين أضراب زرارة و غيرهم ممن لا يكون من أهل‏ ______________ (1) دفع لما أورده الشيخ- من الإشكالين الأولين في آية النفر- على الاستدلال بهذه الآية، فرائد الأصول/ 81.

(2) النحل: 43، الأنبياء: 7.

(3) هذا هو الإيراد الثالث للشيخ على الاستدلال بالآية، فرائد الأصول/ 82.

(4) أثبتناها من «ب».

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

301 الذكر و إنما يروي ما سمعه أو رآه فافهم.

و منها آية الأذن‏

وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ «1» فإنه تبارك و تعالى مدح نبيه بأنه يصدق المؤمنين و قرنه بتصديقه تعالى.

و فيه أولا أنه إنما مدحه بأنه أذن و هو سريع القطع لا الأخذ بقول الغير تعبدا.

و ثانيا أنه إنما المراد بتصديقه للمؤمنين هو ترتيب خصوص الآثار التي تنفعهم و لا تضر غيرهم لا التصديق بترتيب جميع الآثار كما هو المطلوب في باب حجية الخبر و يظهر ذلك من تصديقه للنمام بأنه ما نمه و تصديقه لله تعالى بأنه نمه كما هو المراد من التصديق في (قوله عليه السلام: فصدقه و كذبهم) حيث (قال علي ما في الخبر «2»: يا أبا محمد «3» كذب سمعك و بصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة أنه قال قولا و قال لم أقله فصدقه و كذبهم) فيكون مراده تصديقه بما ينفعه و لا يضرهم و تكذيبهم فيما يضره و لا ينفعهم و إلا فكيف يحكم بتصديق الواحد و تكذيب خمسين و هكذا المراد بتصديق المؤمنين في قصة إسماعيل «4» فتأمل جيدا.

فصل في الأخبار التي دلت على اعتبار أخبار الآحاد

. و هي و إن كانت طوائف كثيرة كما يظهر من مراجعة الوسائل «5» و غيرها ______________ (1) التوبة: 61.

(2) عقاب الأعمال/ 295، الحديث 1، الكافي 8/ 147، الحديث 125.

(3) في «أوب»: يا أبا محمد و الصحيح ما أثبتناه، لأنه خطاب لمحمد بن فضيل المكني بأبي جعفر.

(4) الكافي 5/ 299، باب حفظ المال و كراهة الاضاعة من كتاب المعيشة، الحديث 1.

(5) الوسائل 18: 72 الباب 8 من أبواب صفات القاضي و الباب 9، الحديث 5 و الباب 11، الحديث 4 و 40.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 302

إلا أنه يشكل الاستدلال بها على حجية أخبار الآحاد ب أنها أخبار آحاد فإنها غير متفقة على لفظ و لا على معنى فتكون متواترة لفظا أو معنى.

و لكنه مندفع بأنها و إن كانت كذلك إلا أنها متواترة إجمالا ضرورة أنه يعلم إجمالا بصدور بعضها منهم عليهم السلام و قضيته و إن كان حجية خبر دل على حجيته أخصها مضمونا «1» إلا أنه يتعدى عنه فيما إذا كان بينها ما كان بهذه الخصوصية و قد دل على حجية ما كان أعم فافهم.

فصل في الإجماع على حجية الخبر. و تقريره‏ من وجوه.

أحدها [عدم تحقق الإجماع المحصل و المنقول بالتواتر]

دعوى الإجماع من تتبع فتاوى الأصحاب على الحجية من زماننا إلى زمان الشيخ فيكشف رضاه عليه السلام بذلك و يقطع به أو من تتبع الإجماعات المنقولة على الحجية و لا يخفى مجازفة هذه الدعوى لاختلاف الفتاوى فيما أخذ في اعتباره من الخصوصيات و معه لا مجال لتحصيل القطع برضاه عليه السلام من تتبعها و هكذا حال تتبع الإجماعات المنقولة اللهم إلا أن يدعى تواطؤها على الحجية في الجملة و إنما الاختلاف في الخصوصيات المعتبرة فيها و لكن دون إثباته خرط القتاد.

[التقريب الثاني للإجماع و الجواب عنه‏]

ثانيها دعوى اتفاق العلماء عملا بل كافة المسلمين على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية كما يظهر من أخذ فتاوى المجتهدين من الناقلين لها. ______________ (1) في الحقائق 2: 132، و إن كان ججية خبر أخصها مضمونا ... الخ.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

303 و فيه مضافا إلى ما عرفت مما يرد على الوجه الأول أنه لو سلم اتفاقهم على ذلك لم يحرز أنهم اتفقوا بما هم مسلمون و متدينون بهذا الدين أو بما هم عقلاء و لو لم يلتزموا بدين كما هم لا يزالون يعملون بها في غير الأمور الدينية من الأمور العادية ف يرجع إلى ثالث الوجوه و هو دعوى استقرار سيرة العقلاء من ذوي الأديان و غيرهم على العمل بخبر الثقة و استمرت إلى زماننا و لم يردع عنه نبي و لا وصي نبي ضرورة أنه لو كان لاشتهر و بان و من الواضح أنه يكشف عن رضا الشارع به في الشرعيات أيضا.

إن قلت يكفي في الردع الآيات الناهية و الروايات المانعة عن اتباع غير العلم و ناهيك قوله تعالى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ «1» و قوله تعالى وَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً «2».

قلت لا يكاد يكفي تلك الآيات في ذلك فإنه مضافا إلى أنها وردت إرشادا إلى عدم كفاية الظن في أصول الدين و لو سلم ف إنما المتيقن لو لا أنه المنصرف إليه إطلاقها هو خصوص الظن الذي لم يقم على اعتباره حجة لا يكاد يكون الردع بها إلا على وجه دائر و ذلك لأن الردع بها يتوقف على عدم تخصيص عمومها أو تقييد إطلاقها بالسيرة على اعتبار خبر الثقة و هو يتوقف على الردع عنها بها و إلا لكانت مخصصة أو مقيدة لها كما لا يخفى.

[الاستدلال بسيرة العقلاء على حجية الخبر الواحد]

لا يقال علي هذا لا يكون اعتبار خبر الثقة بالسيرة أيضا إلا على وجه دائر فإن اعتباره بها فعلا يتوقف على عدم الردع بها عنها و هو يتوقف على تخصيصها بها و هو يتوقف على عدم الردع بها عنها.

فإنه يقال إنما يكفي في حجيته بها عدم ثبوت الردع عنها لعدم نهوض ما يصلح لردعها كما يكفي في تخصيصها لها ذلك كما لا يخفى ضرورة أن ما ______________ (1) الإسراء: 36.

(2) النجم: 28.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 304

جرت عليه السيرة المستمرة في مقام الإطاعة و المعصية و في استحقاق العقوبة بالمخالفة و عدم استحقاقها مع الموافقة و لو في صورة المخالفة عن الواقع «1» يكون عقلا في الشرع متبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتباعه في الشرعيات فافهم و تأمل [3- 342- 255] [1]. فصل في الوجوه العقلية التي أقيمت على حجية الخبر «2» الواحد.

أحدها [العلم الإجمالي بصدور جملة من الأخبار]

أنه يعلم إجمالا بصدور كثير مما بأيدينا من الأخبار من الأئمة الأطهار عليهم السلام بمقدار واف بمعظم الفقه بحيث لو علم تفصيلا ذاك المقدار لانحل علمنا الإجمالي بثبوت التكاليف بين الروايات و سائر الأمارات إلى‏ ______________ (1) الصواب: المخالفة للواقع.

(2) أثبتناه من هامش نسخة «ب»، و في «أ»: خبر الواحد.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 305

العلم التفصيلي بالتكاليف في مضامين الأخبار الصادرة المعلومة تفصيلا و الشك البدوي في ثبوت التكليف في مورد سائر الأمارات الغير المعتبرة و لازم ذلك لزوم العمل على وفق جميع الأخبار المثبتة و جواز العمل على طبق النافي منها فيما إذا لم يكن في المسألة أصل مثبت له [يثبت له‏] من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب بناء على جريانه في أطراف ما «1» علم إجمالا بانتقاض الحالة السابقة في بعضها أو قيام أمارة معتبرة على انتقاضها فيه و إلا لاختص عدم جواز العمل على وفق النافي بما إذا كان على خلاف قاعدة الاشتغال.

و فيه أنه لا يكاد ينهض على حجية الخبر بحيث يقدم تخصيصا أو تقييدا أو ترجيحا على غيره من عموم أو إطلاق أو مثل مفهوم و إن كان يسلم عما أورد عليه «2» من أن لازمه الاحتياط في سائر الأمارات لا في خصوص الروايات لما عرفت من انحلال العلم الإجمالي بينهما بما علم بين الأخبار بالخصوص و لو بالإجمال فتأمل جيدا.

ثانيها ما ذكره في الوافية «3» مستدلا على حجية الأخبار الموجودة في الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الأربعة مع عمل جمع به من غير رد ظاهر و هو (أنا نقطع ببقاء التكليف إلى يوم القيامة سيما بالأصول الضرورية كالصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و المتاجر و الأنكحة و نحوها مع أن جل أجزائها و شرائطها و موانعها إنما يثبت بالخبر الغير القطعي بحيث نقطع بخروج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور عند ترك العمل بخبر الواحد و من أنكر فإنما ينكره باللسان و قلبه مطمئن بالإيمان انتهى.) و أورد «4» عليه أولا بأن العلم الإجمالي حاصل بوجود الأجزاء و الشرائط ______________ (1) الزيادة من «ب».

(2) أورده الشيخ على الوجه الأول بتقريره فليلاحظ، فرائد الأصول/ 103.

(3) الوافية/ 75.

(4) إشارة إلى ما أورده الشيخ (قده)، فرائد الأصول/ 105، في جوابه عن التقرير الثاني من دليل العقل.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 306

بين جميع الأخبار لا خصوص الأخبار المشروطة بما ذكره فاللازم حينئذ إما الاحتياط و العمل بكل خبر دل على جزئية شي‏ء أو شرطيته و إما العمل بكل خبر ظن صدوره مما دل على الجزئية أو الشرطية [إما الاحتياط أو العمل بكل ما دل على جزئية شي‏ء أو شرطيته‏] «1».

قلت يمكن أن يقال إن العلم الإجمالي و إن كان حاصلا بين جميع الأخبار إلا أن العلم بوجود الأخبار الصادرة عنهم عليهم السلام بقدر الكفاية بين تلك الطائفة أو العلم باعتبار طائفة كذلك بينها يوجب انحلال ذاك العلم الإجمالي و صيرورة غيره خارجا عن طرف العلم كما مرت إليه الإشارة في تقريب الوجه الأول اللهم إلا أن يمنع عن ذلك و ادعي «2» عدم الكفاية فيما علم بصدوره أو اعتباره أو ادعي «3» العلم بصدور أخبار أخر بين غيرها فتأمل.

و ثانيا بأن قضيته إنما هو العمل بالأخبار المثبتة للجزئية أو الشرطية دون الأخبار النافية لهما. و الأولى أن يورد عليه بأن قضيته إنما هو الاحتياط بالأخبار المثبتة فيما لم تقم حجة معتبرة على نفيهما من عموم دليل أو إطلاقه لا الحجية بحيث يخصص أو يقيد بالمثبت منها أو يعمل بالنافي في قبال حجة على الثبوت و لو كان أصلا كما لا يخفى.

ثالثها ما أفاده بعض المحققين «4»

بما ملخصه (أنا نعلم بكوننا مكلفين بالرجوع إلى الكتاب و السنة إلى يوم القيامة فإن تمكنا من الرجوع إليهما على نحو يحصل العلم بالحكم أو ما بحكمه فلا بد من الرجوع إليهما كذلك و إلا فلا ______________ (1) كذا في النسختين، و الموجود في الرسائل: (فاللازم حينئذ: إما الاحتياط، و العمل بكل خبر دل على جزئية شي‏ء أو شرطيته، و إما العمل بكل خبر ظن صدوره مما دل على الجزئية أو الشرطية)، راجع فرائد الأصول/ 105.

(2) الأولى في الموردين: يدعى.

(3) الأولى في الموردين: يدعى.

(4) هو العلّامة الشيخ محمد تقي الاصفهاني في هداية المسترشدين/ 397، السادس من وجوه حجية الخبر.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص:

307 محيص عن الرجوع على نحو يحصل الظن به في الخروج عن عهدة هذا التكليف فلو لم يتمكن من القطع بالصدور أو الاعتبار فلا بد من التنزل إلى الظن بأحدهما.) و فيه أن قضية بقاء التكليف فعلا بالرجوع إلى الأخبار الحاكية للسنة كما صرح [- 4- 547- 2] بأنها المراد منها في ذيل كلامه زيد في علو مقامه إنما هي الاقتصار في الرجوع إلى الأخبار المتيقن الاعتبار فإن وفى و إلا أضيف إليه الرجوع إلى ما هو المتيقن اعتباره بالإضافة لو كان و إلا ف الاحتياط بنحو عرفت لا الرجوع إلى ما ظن اعتباره و ذلك للتمكن من الرجوع علما تفصيلا أو إجمالا فلا وجه معه من الاكتفاء بالرجوع إلى ما ظن اعتباره.

هذا مع أن مجال المنع عن ثبوت التكليف بالرجوع إلى السنة بذاك المعنى فيما لم يعلم بالصدور و لا بالاعتبار بالخصوص واسع.

و أما الإيراد «1» عليه برجوعه إما إلى دليل الانسداد لو كان ملاكه دعوى العلم الإجمالي بتكاليف واقعية و إما إلى الدليل الأول لو كان ملاكه دعوى العلم بصدور أخبار كثيرة بين ما بأيدينا من الأخبار.

ففيه أن ملاكه إنما هو دعوى العلم بالتكليف بالرجوع إلى الروايات في الجملة إلى يوم القيامة فراجع تمام كلامه تعرف حقيقة مرامه.

______________ (1) المستشكل عليه هو الشيخ (قده)، فرائد الأصول/ 106.

كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص: 308