حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: راہِ خدا میں جس قدر مجھے اذیت پہنچائی گئی ہے کسی اور کو نہیں پہنچائی گئی کنزالعمال حدیث5818

المقام الثاني في (الاستصحاب‏
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام‏
[أدلة حجية الاستصحاب‏]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس‏
حجة القول الثامن‏
حجة القول التاسع‏
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني‏
الأمر الثالث‏
الأمر السادس‏
الأمر السابع‏
الأمر التاسع‏
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين‏
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث‏
خاتمة في التعادل و الترجيح‏
المقام الأول في المتكافئين‏
المقام الثاني في التراجيح‏
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات‏
بقي في المقام شي‏ء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث‏
بقي هنا شي‏ء
المصادر

رسائل حصہ سوم

المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير

و هي في الجملة من الأصول 503 المجمع عليها فتوى و عملا بين المسلمين فلا عبرة في موردها بأصالة الفساد المتفق عليها عند الشك.

إلا أن معرفة مواردها و مقدار ما يترتب عليها من الآثار و معرفة حالها عند مقابلتها لما عدا أصالة الفساد من الأصول يتوقف على بيان مدركها من الأدلة الأربعة.

و لا بد من تقديم ما فيه إشارة إلى هذه القاعدة في الجملة من الكتاب و السنة.

أما الكتاب فمنه آيات.

منها قوله تعالى وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً بناء على تفسيره بما في الكافي من (قوله عليه السلام:

لا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو) و لعل مبناه على إرادة الظن و الاعتقاد من القول.

و منها قوله تعالى اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ فإن ظن السوء إثم و إلا لم يكن شي‏ء من الظن إثما. و منها قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بناء على أن الخارج من عمومه ليس إلا ما علم فساده لأنه المتيقن و كذا قوله تعالى إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ.

و الاستدلال به يظهر من المحقق الثاني حيث تمسك في مسألة بيع الراهن مدعيا بسبق إذن المرتهن و أنكر المرتهن بأن الأصل صحة البيع و لزومه و وجوب الوفاء بالعقد.

لكن لا يخفى ما فيه من الضعف و أضعف منه دعوى دلالة الآيتين الأوليين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 718 و أما السنة.

فمنها (ما في الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك عنه و لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء و أنت تجد لها في الخير سبيلا) و منها (قول الصادق عليه السلام لمحمد بن الفضل: يا محمد كذب سمعك و بصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة أنه قال و قال لم أقل فصدقه و كذبهم) و منها (ما ورد مستفيضا: إن المؤمن لا يتهم أخاه و إنه إذا اتهم أخاه انماث الإيمان في قلبه كانمياث الملح في الماء و إن من اتهم أخاه فلا حرمة بينهما و إن من اتهم أخاه فهو ملعون ملعون) إلى غير ذلك من الأخبار المشتملة على هذه المضامين أو ما يقرب منها هذا.

و لكن الإنصاف عدم دلالة هذه الأخبار إلا على أنه لا بد من أن يحمل ما يصدر عن الفاعل على الوجه الحسن عند الفاعل و لا يحمله على الوجه القبيح عنده و هذه غير ما نحن بصدده فإنه إذا فرض دوران العقد الصادر منه بين كونه صحيحا أو فاسدا لا على وجه قبيح بل فرضنا الأمرين في حقه مباحا كبيع الراهن بعد رجوع المرتهن عن الإذن واقعا أو قبله فإن الحكم بأصالة عدم ترتب الأثر على البيع مثلا لا يوجب خروجا عن الأخبار المتقدمة الآمرة بحسن الظن بالمؤمن في المقام خصوصا إذا كان المشكوك فعل غير المؤمن أو فعل المؤمن الذي يعتقد بصحة ما هو الفاسد عند الحامل.

ثم لو فرضنا أنه يلزم من الحسن ترتيب الآثار و من القبيح عدم الترتيب كالمعاملة المرددة بين الربوية و غيرها لم يلزم من الحمل على الحسن بمقتضى تلك الأخبار الحكم بترتب الآثار لأن مفادها الحكم بصفة الحسن في فعل المؤمن بمعنى عدم الجرح في فعله لا ترتيب جميع آثار ذلك الفعل الحسن أ لا ترى أنه لو دار الأمر بين كون الكلام المسموع من مؤمن بعيد سلاما أو تحية أو شتما لم يلزم من الحمل على الحسن وجوب رد السلام.

و مما يؤيد ما ذكرنا جمع الإمام عليه السلام في رواية محمد بن الفضل بين تكذيب خمسين قسامة أعني البينة العادلة و تصديق الأخ المؤمن فإنه مما لا يمكن إلا بحمل تصديق المؤمن على‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 719

الحكم بمطابقة الواقع المستلزم لتكذيب القسامة بمعنى المخالفة للواقع مع الحكم بصدقهم في اعتقادهم لأنهم أولى بحسن الظن بهم من المؤمن الواحد فالمراد من تكذيب السمع و البصر تكذيبهما فيما يفهمان من ظواهر بعض الأفعال من القبح كما إذا ترى شخصا ظاهر الصحة يشرب الخمر في مجلس يظن أنه مجلس الشرب و كيف كان فعدم وفاء الأخبار بما نحن بصدده أوضح من أن يحتاج إلى البيان حتى المرسل الأول بقرينة ذكر الأخ و قوله و لا تظنن الخبر.

و مما يؤيد ما ذكرنا أيضا ما ورد في غير واحد من الروايات من عدم جواز الوثوق بالمؤمن كل الوثوق.

(مثل رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تثقن بأخيك كل الثقة فإن صرعة الاسترسال لا تستقال) (و ما في نهج البلاغة: إذا استولى الصلاح على الزمان و أهله ثم أساء رجل الظن برجل لم يظهر منه خزية فقد ظلم و إذا استولى الفساد على الزمان و أهله ثم أحسن رجل الظن برجل فقد غرر) (و في معناه قول أبي الحسن عليه السلام في رواية محمد بن هارون الجلاب: إذا كان الجور أغلب من الحق لا يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يعرف ذلك منه) إلى غير ذلك مما يجده المتتبع فإن الجمع بينها و بين الأخبار المتقدمة يحصل بأن يراد من الأخبار ترك ترتيب آثار التهمة و الحمل على الوجه الحسن من حيث مجرد الحسن و التوقف فيه من حيث ترتيب سائر الآثار.

و يشهد له ما ورد من (: أن المؤمن لا يخلو عن ثلاثة الظن و الحسد و الطيرة فإذا حسدت فلا تبغ و إذا ظننت فلا تحقق و إذا تطيرت فامض)

الثالث الإجماع القولي و العملي‏

أما القولي فهو مستفاد من تتبع فتاوى الفقهاء في موارد كثيرة فإنهم لا يختلفون في أن قول مدعي الصحة في الجملة مطابق للأصل و إن اختلفوا في ترجيحه على سائر الأصول كما ستعرف.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 720

و أما العملي فلا يخفى على أحد أن سيرة المسلمين في جميع الأعصار على حمل الأعمال على الصحيح و ترتيب آثار الصحة في عباداتهم و معاملاتهم و لا أظن أحدا ينكر ذلك إلا مكابرة

الرابع العقل المستقل‏

العقل المستقل الحاكم بأنه لو لم يبن علي هذا الأصل لزم اختلال نظام المعاد و المعاش بل الاختلال الحاصل من ترك العمل بهذا الأصل أزيد من الاختلال الحاصل من ترك العمل بيد المسلمين.

مع (: أن الإمام عليه السلام قال لحفص بن غياث بعد الحكم بأن اليد دليل الملك و يجوز الشهادة بالملك بمجرد اليد أنه لو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق) فيدل بفحواه على اعتبار أصالة الصحة في أعمال المسلمين مضافا إلى دلالته بظاهر اللفظ أن الظاهر أن كل ما لولاه لزم الاختلال فهو حق لأن الاختلال باطل و المستلزم للباطل باطل فنقيضه حق و هو اعتبار أصالة الصحة عند الشك في صحة ما صدر عن الغير.

و يشير إليه أيضا ما ورد من نفي الحرج و توسعة الدين و ذم من ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 721

و ينبغي التنبيه على أمور

الأول أن المحمول عليه فعل المسلم هل الصحة باعتقاد الفاعل أو الصحة الواقعية

فلو علم أن معتقد الفاعل اعتقادا يعذر فيه صحة البيع أو النكاح بالفارسي فشك فيما صدر عنه مع اعتقاد الشاك اعتبار العربية فهل يحمل على كونه واقعا بالعربي حتى إذا ادعى عليه أنه أوقعه بالفارسي و ادعى هو أنه أوقعه بالعربي فهل يحكم الحاكم المعتقد لفساد الفارسي بوقوعه بالعربي أم لا وجهان بل قولان.

ظاهر المشهور الحمل على الصحة الواقعية فإذا شك المأموم في أن الإمام المعتقد لعدم وجوب السورة قرأها أم لا جاز له الائتمام به و إن لم يكن له ذلك إذا علم بتركها.

و يظهر من بعض المتأخرين خلافه.

(قال في المدارك في شرح قول المحقق و لو اختلف الزوجان فادعى أحدهما وقوع العقد في حال الإحرام و أنكر الآخر فالقول قول من يدعي الإحلال ترجيحا لجانب الصحة) (قال إن الحمل على الصحة إنما يتم إذا كان المدعي لوقوع الفعل في حال الإحرام عالما بفساد ذلك أما مع اعترافه بالجهل فلا وجه للحمل على الصحة انتهى) و يظهر ذلك من بعض من عاصرناه في أصوله و فروعه حيث تمسك في هذا الأصل بالغلبة بل و يمكن إسناد هذا القول إلى كل من استند في هذا الأصل إلى ظاهر حال المسلم كالعلامة و جماعة ممن تأخر عنه فإنه لا يشمل صورة اعتقاد الصحة خصوصا إذا كان قد أمضاه الشارع لاجتهاد أو تقليد أو قيام بينة أو غير ذلك.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 722

و المسألة محل إشكال من إطلاق الأصحاب و من عدم مساعدة أدلتهم فإن العمدة الإجماع و لزوم الاختلال و الإجماع الفتوائي مع ما عرفت مشكل و العملي في مورد العلم باعتقاد الفاعل للصحة أيضا مشكل و الاختلال يندفع بالحمل على الصحة في غير المورد المذكور.

و تفصيل المسألة أن الشاك في الفعل الصادر من غيره إما أن يكون عالما بعلم الفاعل بصحيح الفعل و فاسده و إما أن يكون عالما بجهله و إما أن يكون جاهلا بحاله.

فإن علم بعلمه بالصحيح و الفاسد فإما أن يعلم بمطابقة اعتقاده لاعتقاد الشاك أو يعلم مخالفته أو يجهل الحال لا إشكال في الحمل في الصورة الأولى و أما الثانية فإن لم يتصادق اعتقادهما بالصحة في فعل كأن اعتقد أحدهما وجوب الجهر بالقراءة يوم الجمعة و الآخر وجوب الإخفات فلا إشكال في وجوب الحمل على الصحيح باعتقاد الفاعل و إن تصادقا كما في العقد بالعربي و الفارسي فإن قلنا إن العقد بالفارسي منه سبب لترتب الآثار عليه من كل أحد حتى المعتقد بفساده فلا ثمرة في الحمل على معتقد الحامل أو الفاعل و إن قلنا بالعدم كما هو الأقوى ففيه الإشكال المتقدم من تعميم الأصحاب في فتاويهم و في بعض معاقد إجماعاتهم على تقديم قول مدعي الصحة و من اختصاص الأدلة بغير هذه الصورة.

و إن جهل الحال فالظاهر الحمل لجريان الأدلة بل يمكن جريان الحمل على الصحة في اعتقاده فيحمل على كونه مطابقا لاعتقاد الحامل لأنه الصحيح و سيجي‏ء الكلام.

و إن كان عالما بجهله بالحال و عدم علمه بالصحيح و الفاسد ففيه أيضا الإشكال المتقدم خصوصا إذا كان جهله مجامعا لتكليفه بالاجتناب كما إذا علمنا أنه أقدم على بيع أحد المشتبهين بالنجس إلا أنه يحتمل أن يكون قد اتفق المبيع غير نجس.

و كذا إن كان جاهلا بحاله إلا أن الإشكال في بعض هذه الصور أهون منه في بعض فلا بد من التتبع و التأمل‏ الأمر الثاني.

أن الظاهر من المحقق الثاني أن أصالة الصحة إنما تجري في العقود بعد استكمال العقد للأركان (قال في جامع المقاصد فيما لو اختلف الضامن و المضمون له فقال الضامن ضمنت و أنا صبي بعد

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 723

ما رجح تقديم قول الضامن ما هذا لفظه فإن قلت للمضمون له أصالة الصحة في العقود و ظاهر حال البالغ أنه لا يتصرف باطلا.

قلنا إن الأصل في العقود الصحة بعد استكمال أركانها لتحقق وجود العقد أما قبله فلا وجود له فلو اختلفا في كون المعقود عليه هو الحر أو العبد حلف منكر وقوع العقد على العبد و كذا الظاهر إنما يتم مع الاستكمال المذكور لا مطلقا انتهى) (و قال في باب الإجارة ما هذا لفظه لا شك في أنه إذا حصل الاتفاق على حصول جميع الأمور المعتبرة في العقد من الإيجاب و القبول من الكاملين و جريانهما على العوضين المعتبرين و وقع الاختلاف في شرط مفسد فالقول قول مدعي الصحة بيمينه لأنه الموافق للأصل لأن الأصل عدم ذلك المفسد و الأصل في فعل المسلم الصحة أما إذا حصل شك في الصحة و الفساد في بعض الأمور المعتبرة و عدمه فإن الأصل لا يثمر هنا فإن الأصل عدم السبب الناقل و من ذلك ما لو ادعى أني اشتريت العبد فقال بعتك الحر انتهى) و يظهر هذا من بعض كلمات العلامة رحمه الله (قال في القواعد لا يصح ضمان الصبي و لو أذن له الولي فإن اختلفا قدم قول الضامن لأصالة براءة الذمة و عدم البلوغ و ليس لمدعي الصحة أصل يستند إليه و لا ظاهر يرجع إليه بخلاف ما لو ادعى شرطا فاسدا لأن الظاهر أنهما لا يتصرفان باطلا و كذا البحث في من عرف له حالة جنون انتهى) (و قال في التذكرة لو ادعى المضمون له أن الضامن ضمن بعد البلوغ و قال الضامن بل ضمنت لك قبله فإن عينا له وقتا لا يحتمل بلوغه فيه قدم قول الصبي إلى أن قال و إن لم يعينا وقتا له فالقول قول الضامن بيمينه و به قال الشافعي لأصالة عدم البلوغ و قال أحمد القول قول المضمون له لأن الأصل صحة الفعل و سلامته كما لو اختلفا في شرط مبطل و الفرق أن المختلفين في الشرط

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 724

المفسد يقدم فيه قول مدعي الصحة لاتفاقهما على أهلية التصرف إذ من له أهلية التصرف لا يتصرف إلا تصرفا صحيحا فكان القول قول مدعي الصحة لأنه مدع للظاهر و هنا اختلفا في أهلية التصرف فليس مع من يدعي الأهلية ظاهر يستند إليه و لا أصل يرجع إليه و كذا لو ادعى أنه ضمن بعد البلوغ و قبل الرشد انتهى موضع الحاجة) (و لكن لم يعلم الفرق بين دعوى الضامن الصغر و بين دعوى البائع إياه حيث صرح العلامة و المحقق الثاني بجريان أصالة الصحة و إن اختلفا بين من عارضها بأصالة عدم البلوغ و بين من ضعف هذه المعارضة) (و قد حكي عن قطب الدين أنه اعترض على شيخه العلامة في مسألة الضمان بأصالة الصحة فعارضها بأصالة عدم البلوغ و بقي أصالة البراءة سليمة عن المعارض).

أقول و الأقوى بالنظر إلى الأدلة السابقة من السيرة و لزوم الاختلال هو التعميم و لذا لو شك المكلف أن هذا الذي اشتراه هل اشتراه في حال صغره بنى على الصحة و لو قيل إن ذلك من حيث الشك في تمليك البائع البالغ و أنه كان في محله أم كان فاسدا جرى مثل ذلك في مسألة التداعي أيضا.

(ثم إن ما ذكره جامع المقاصد من أنه لا وجود للعقد قبل استكمال أركانها) إن أراد الوجود الشرعي فهو عين الصحة و إن أراد الوجود العرفي فهو يتحقق مع الشك بل مع القطع بالعدم.

(و أما ما ذكره من الاختلاف في كون المعقود عليه هو الحر أو العبد) فأراد به حرا معينا كزيد و عبدا معينا كسعيد فإن كان الدعوى على مجرد تمليك أحدهما بأن قال أحدهما لمولى العبد ملكتني عبدك و قال المولى ملكتك زيدا الحر فلا إشكال في كون القول قول منكر تمليك العبد لأن صاحبه يدعي عليه تمليك عبده فيحلف على عدمه و أما هو فلا يدعي على صاحبه شيئا لأن دعوى تمليك الحر لا يتضمن مطالبة المدعي بشي‏ء و إن أراد به التداعي في كون أحد العوضين للآخر المملوك حرا أو عبدا فهو داخل في المسألة المعنونة في كلام القدماء و المتأخرين و هي ما لو قال بعتك بعبد فقال بل بحر فراجع كتب الفاضلين و الشهيدين و سيأتي الكلام فيه إن شاء الله.

(و أما ما ذكره من أن الظاهر إنما يتم مع الاستكمال المذكور لا مطلقا) فهو إنما يتم إذا كان‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 725

الشك من جهة بلوغ الفاعل و لم يكن هناك طرف آخر معلوم البلوغ يستلزم صحة فعله صحة فعل هذا الفاعل كما لو شك في أن الإبراء أو الوصية هل صدر منه حال البلوغ أم قبله أما إذا كان الشك في ركن آخر من العقد كأحد العوضين أو في أهلية أحد طرفي العقد فيمكن أن يقال إن الظاهر من الفاعل في الأول و من الطرف الآخر في الثاني أنه لا يتصرف فاسدا.

نعم مسألة الضمان يمكن أن يكون من الأول إذا فرض وقوعه بغير إذن من المديون و لا قبول من الغريم فإن الضمان حينئذ فعل واحد شك في صدوره من بالغ أو غيره و ليس له طرف آخر فلا ظهور في عدم كون تصرفه فاسدا. لكن الظاهر أن المحقق لم يرد خصوص ما كان من هذا القبيل بل يشمل كلامه الصورتين الأخيرتين فراجع نعم يحتمل ذلك في عبارة التذكرة.

ثم إن تقديم قول منكر الشرط المفسد ليس لتقديم قول مدعي الصحة بل لأن القول قول منكر الشرط صحيحا كان أو فاسدا لأصالة عدم الاشتراط و لا دخل لهذا بحديث أصالة الصحة و إن كان مؤداه صحة العقد فيما كان الشرط المدعى مفسدا هذا و لا بد من التأمل و التتبع‏

الثالث‏

أن هذا الأصل إنما يثبت صحة الفعل إذا وقع الشك في بعض الأمور المعتبرة شرعا في صحته بمعنى ترتب الأثر المقصود منه عليه فصحة كل شي‏ء بحسبه.

مثلا صحة الإيجاب عبارة عن كونه بحيث لو تعقبه قبول صحيح لحصل أثر العقد في مقابل فاسده الذي لا يكون كذلك كالإيجاب بالفارسي بناء على القول باعتبار العربية فلو تجرد الإيجاب عن القبول لم يوجب ذلك فساد الإيجاب.

فإذا شك في تحقق القبول من المشتري بعد العلم بصدور الإيجاب من البائع فلا يقتضي أصالة الصحة في الإيجاب بوجود القبول لأن القبول معتبر في العقد لا في الإيجاب.

و كذا لو شك في تحقق القبض في الهبة أو في الصرف أو السلم بعد العلم بتحقق الإيجاب و القبول لم يحكم بتحققه من حيث أصالة صحة العقد.

و كذا لو شك في إجازة المالك لبيع الفضولي لم يصح إحرازها بأصالة الصحة و أولى بعدم الجريان ما لو كان العقد في نفسه لو خلي و طبعه مبنيا على الفساد بحيث يكون المصحح طارئا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 726

عليه كما لو ادعى بائع الوقف وجود المصحح له و كذا الراهن أو المشتري من الفضولي إجازة المرتهن و المالك. و مما يتفرع على ذلك أيضا أنه لو اختلف المرتهن الآذن في بيع الرهن و الراهن البائع له بعد اتفاقهما على رجوع المرتهن عن إذنه في تقديم الرجوع على البيع فيفسد أو تأخره فيصح فلا يمكن أن يقال كما قيل من أن أصالة صحة الإذن تقضي بوقوع البيع صحيحا و لا أن أصالة صحة الرجوع تقضي بكون البيع فاسدا لأن الإذن و الرجوع كلاهما قد فرض وقوعهما على الوجه الصحيح و هو صدوره عمن له أهلية ذلك و التسلط عليه.

فمعنى ترتب الأثر عليهما أنه لو وقع فعل المأذون عقيب الإذن ترتب عليه الأثر و لو وقع فعله بعد الرجوع كان فاسدا أما لو لم يقع عقيب الأول فعل بل وقع في زمان ارتفاعه ففساد هذا الواقع لا يخل بصحة الإذن و كذا لو فرض عدم وقوع الفعل عقيب الرجوع فانعقد صحيحا فليس هذا من جهة فساد الرجوع كما لا يخفى نعم بقاء الإذن إلى أن يقع البيع قد يقضي بصحته و كذا أصالة عدم البيع قبل الرجوع ربما يقال إنها تقضي بفساده لكنهما لو تما لم يكونا من أصالة صحة الإذن بناء على أن عدم وقوع البيع بعده يوجب لغويته و لا من أصالة صحة الرجوع التي تمسك بهما بعض المعاصرين تبعا لبعض.

و الحق في المسألة ما هو المشهور من الحكم بفساد البيع و عدم جريان أصالة الصحة في المقام لا في البيع كما استظهره الكركي و لا في الإذن و لا في الرجوع.

أما في البيع فلأن الشك إنما وقع في رضاء من له الحق و هو المرتهن و قد تقدم أن صحة الإيجاب و القبول لا يقضي بتحقق الرضا ممن يعتبر رضاه سواء كان مالكا كما في البيع الفضولي أم كان له حق في المبيع كالمرتهن. و أما في الإذن فلما عرفت من أن صحته تقضي بصحة البيع إذا فرض وقوعه عقيبه لا بوقوعه عقيبه كما أن صحة الرجوع تقضي بفساد ما يفرض وقوعه بعده لا أن البيع وقع بعده و المسألة بعد محتاجة إلى التأمل بعد التتبع في كلمات الأصحاب.

الرابع‏

أن مقتضى الأصل ترتيب الشاك جميع ما هو من آثار الفعل الصحيح عنده فلو صلى شخص على ميت سقط عنه و لو غسل ثوبا بعنوان التطهير حكم بطهارته و إن شك في شروط الغسل من‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 727

إطلاق الماء و وروده على النجاسة لا إن علم بمجرد غسله فإن الغسل من حيث هو ليس فيه صحيح و فاسد و لذا لو شوهد من يأتي بصورة عمل من صلاة أو طهارة أو نسك حج و لم يعلم قصده تحقق هذه العبادات لم يحمل على ذلك نعم لو أخبر بأنه كان بعنوان تحققه أمكن قبول قوله من حيث إنه مخبر عادل أو من حيثية أخرى. و قد يشكل الفرق بين ما ذكر من الاكتفاء بصلاة الغير على الميت بحمله على الصحيح و بين الصلاة عن الميت تبرعا أو بالإجارة فإن المشهور عدم الاكتفاء بها إلا أن يكون عادلا و لو فرق بينهما بأنا لا نعلم وقوع الصلاة من النائب في مقام إبراء الذمة و إتيان الصلاة على أنها صلاة لاحتمال تركه بها بالمرة أو إتيانه بمجرد الصورة لا بعنوان أنها صلاة عنه اختص الإشكال بما إذا علم من حاله كونه في مقام الصلاة و إبراء ذمة الميت إلا أنه يحتمل عدم مبالاته بما يخل بالصلاة كما يحتمل ذلك في الصلاة على الميت إلا أن يلتزم بالعمل على الصحة في هذه الصورة و لهذا يجب عليه مراعاة الأجزاء و الشروط المعتبرة في المباشر و لهذا الاعتبار قد حكم بعضهم باشتراط العدالة فيمن توضأ العاجز عن الوضوء إذا لم يعلم العاجز لصدور الفعل عن المتوضئ صحيحا و لعله لعدم إحراز كونه في مقام إبراء ذمة العاجز لا لمجرد احتمال عدم مبالاته في الأجزاء و الشرائط كما قد لا يبالي في وضوء نفسه. و يمكن أن يقال فيما إذا كان الفعل الصادر من المسلم على وجه النيابة عن الغير المكلف بالعمل أولا و بالذات كالعاجز عن الحج إن لفعل النائب عنوانين.

أحدهما من حيث إنه فعل من أفعال النائب و لهذا يجب عليه مراعاة الأجزاء و الشروط و بهذا الاعتبار يترتب عليه جميع آثار صدور الفعل الصحيح منه مثل استحقاق الأجرة و جواز استئجاره ثانيا بناء على اشتراط فراغ ذمة الأجير في صحة استئجاره ثانيا.

و الثاني من حيث إنه فعل للمنوب عنه حيث إنه بمنزلة الفاعل بالتسبيب أو الآلة و كان الفعل بعد قصد النيابة و البدلية قائما بالمنوب عنه و بهذا الاعتبار يراعى فيه القصر و الإتمام في الصلاة و التمتع و القران في الحج و الترتيب في الفوائت و الصحة من الحيثية الأولى لا تثبت الصحة من هذه الحيثية الثانية بل لا بد من إحراز صدور الفعل الصحيح عنه على وجه التسبيب.

و بعبارة أخرى إن كان فعل الغير يسقط التكليف عنه من حيث إنه فعل الغير كفت أصالة الصحة في السقوط كما في الصلاة على الميت و كما في فعل الوكيل و الأجير الذي لا يعتبر فيه قصد النيابة.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 728

و إن كان إنما يسقط التكليف عنه من حيث اعتبار كونه فعلا له و لو على وجه التسبيب كما إذا كلف بتحصيل فعل بنفسه أو ببدل غيره كما في استنابة العاجز للحج لم تنفع أصالة الصحة في سقوطه بل يجب التفكيك بين أثري الفعل من الحيثيتين فيحكم باستحقاق النائب الأجرة و عدم براءة ذمة المنوب عنه من الفعل و كما في استئجار الولي للعمل عن الميت.

لكن يبقى الإشكال في استئجار الولي للعمل عن الميت إذ لا يعتبر فيه قصد النيابة عن الولي و براءة ذمة الميت من آثار صحة فعل الغير من حيث هو فعله لا من حيث اعتباره فعلا للولي فلا بد أن يكتفى فيه بإحراز إتيان صورة الفعل بقصد إبراء ذمة الميت و يحمل على الصحيح من حيث الاحتمالات الأخر.

و لا بد من التأمل في هذا المقام أيضا بعد التتبع التام في كلمات الأعلام.

الخامس‏

أن الثابت من القاعدة المذكورة الحكم بوقوع الفعل بحيث يترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على العمل الصحيح أما ما يلازم الصحة من الأمور الخارجة عن حقيقة الصحيح فلا دليل على ترتبها عليه فلو شك في أن الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك كالخمر و الخنزير أو بعين من أعيان ماله فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته بل يحكم بصحة الشراء و عدم انتقال شي‏ء من تركته إلى البائع لأصالة عدمه.

و هذا نظير ما ذكرنا سابقا من أنه لو شك في صلاة العصر أنه صلى الظهر أم لا يحكم بفعل الظهر من حيث كونه شرطا لصلاة العصر لا فعل الظهر من حيث هو حتى لا يجب إتيانه ثانيا إلا أن يجري قاعدة الشك في الشي‏ء بعد التجاوز عنه.

(قال العلامة في القواعد في آخر كتاب الإجارة لو قال آجرتك كل شهر بدرهم فقال بل سنة بدينار ففي تقديم قول المستأجر نظر فإن قدمنا قول المالك فالأقوى صحة العقد في الشهر الأول و كذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادعى أجرة مدة معلومة أو عوضا معينا و أنكر المالك التعيين فيهما و الأقوى التقديم فيما لم يتضمن دعوى انتهى)

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 729

السادس في بيان ورود هذا الأصل على الاستصحاب‏

فنقول أما تقديمه على استصحاب الفساد و نحوه فواضح لأن الشك في بقاء الحالة السابقة على الفعل المشكوك أو ارتفاعها ناش عن الشك في سببية هذا الفعل و تأثيره فإذا حكم بتأثيره فلا حكم لذلك الشك خصوصا إذا جعلنا هذا الأصل من الظواهر المعتبرة فيكون نظير حكم الشارع بكون الخارج قبل الاستبراء بولا الحاكم على أصالة بقاء الطهارة.

لأن هذا الأصل إن كان من الظواهر المعتبرة فهو كاليد دليل اجتهادي لا يقاومه الاستصحاب و إن كان أصلا تعبديا فهو حاكم على أصالة الفساد لأن مرجعها إلى استصحاب عدم تحقق الأثر عقيب الفعل المشكوك في تأثيره و إذا ثبت التأثير شرعا بهذا الأصل فيترك العدم السابق و أما تقديمه على الاستصحابات الموضوعية المترتب عليها الفساد كأصالة عدم البلوغ و عدم اختبار المبيع بالرؤية أو الكيل أو الوزن فقد اضطرب فيه كلمات الأصحاب خصوصا العلامة و بعض من تأخر عنه.

و التحقيق أنه إن جعلنا هذا الأصل من الظواهر كما هو ظاهر كلمات جماعة بل الأكثر فلا إشكال في تقديمه على تلك الاستصحابات و إن جعلناه من الأصول فإن أريد بالصحة في قولهم إن الأصل الصحة نفس ترتب الأثر فلا إشكال في تقديم الاستصحاب الموضوعي عليها لأنه مزيل بالنسبة إليها و إن أريد بها كون الفعل على وجه يترتب عليه الأثر فيكون الأصل مشخصا للموضوع من حيث ثبوت الصحة له لا مطلقا ففي تقديمه على الاستصحاب الموضوعي نظر لأنه إذا شك في بلوغ البائع فالشك في كون الواقع البيع الصحيح بمعنى كونه بحيث يترتب عليه الأثر شك في كون البيع صادرا من بالغ أو غيره و هذا مرجعه إلى الشك في بلوغ البائع فالشك في كون البيع الصادر من شخص صادرا من بالغ الذي هو مجرى أصالة الصحة و الشك في بلوغ الشخص الصادر منه العقد الذي هو مجرى الاستصحاب مرجعهما إلى أمر واحد و ليس الأول مسببا عن الثاني فإن الشك في المقيد باعتبار القيد شك في القيد.

فمقتضى الاستصحاب ترتب أحكام العقد الصادر من غير بالغ و مقتضى هذا الأصل ترتب الحكم الصادر من بالغ فكما أن هذا الأصل معين ظاهري للموضوع و طريق جعلي إليه فكذلك استصحاب عدم البلوغ طريق ظاهري للموضوع فإن أحكام العقد الصادر من غير البالغ لا تترتب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 730

عند الشك في البلوغ إلا بواسطة ثبوت موضوعها بحكم الاستصحاب نعم لو قيل بتقديم المثبت على الثاني عند تعارض الأصلين تعين ترجيح أصالة الصحة لكنه محل تأمل.

و يمكن أن يقال هنا إن أصالة عدم البلوغ يوجب الفساد لا من حيث الحكم شرعا بصدور العقد من غير بالغ بل من حيث الحكم بعدم صدور عقد من بالغ فإن بقاء الآثار السابقة للعوضين مستند إلى عدم السبب الشرعي لا إلى عدم السببية شرعا في ما وقع.

نعم لما كان المفروض انحصار الواقع في ما حكم شرعا بعدم سببية تحقق البقاء فعدم سببية هذا العقد للأثر الذي هو مقتضى الاستصحاب لا يترتب عليه عدم الأثر و إنما يترتب على عدم وقوع السبب المقارن لهذا العقد فلا أثر لأصالة عدم البلوغ المقتضية لعدم سببية العقد المذكور حتى تعارض أصالة الصحة المقتضية لسببيته و أصالة الصحة تثبت تحقق العقد الصادر عن بالغ و لا معارضة في الظاهر بين عدم سببية هذا العقد الذي هو مقتضى الاستصحاب و بين وقوع العقد الصادر عن بالغ الذي يقتضيه أصالة الصحة لأن وجود السبب ظاهرا لا يعارضه عدم سببية شي‏ء و إن امتنع اجتماعهما في الواقع من حيث إن الصادر شي‏ء واحد.

لكن يدفع هذا أن مقتضى أصالة الصحة ليس وقوع فعل صحيح في الواقع بل يقتضي كون الواقع هو الفرد الصحيح فإذا فرض نفي السببية عن هذا الواقع بحكم الاستصحاب حصل التنافي و إن قيل إن الاستصحاب لا يقتضي نفي السببية لأن السببية ليست من المجعولات بل يثبت بقاء الآثار السابقة.

قلنا كذلك أصالة الصحة لا تثبت وقوع السبب و إنما تثبت حدوث آثار السبب و كيف كان فدفع التنافي بين الأصلين و إثبات حكومة أحدهما على الآخر في غاية الإشكال‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 731

بقي الكلام في أصالة الصحة في الأقوال و الاعتقادات.

أما الأقوال فالصحة فيها تكون من وجوه.

الأول من حيث كونه حركة من حركات المكلف فيكون الشك من حيث كونه مباحا أو محرما و لا إشكال في الحمل على الصحة من هذه الحيثية.

الثاني من حيث كونه كاشفا عن مقصود المتكلم.

و الشك من هذه الحيثية يكون من وجوه.

أحدهما من جهة أن المتكلم بذلك القول قصد الكشف بذلك عن معنى أم لم يقصد بل تكلم به من غير قصد لمعنى و لا إشكال في أصالة الصحة من هذه الجهة بحيث لو ادعى كون التكلم لغوا أو غلطا لم يسمع منه.

الثاني من جهة أن المتكلم صادق في اعتقاده و معتقد لمؤدى ما يقوله أم هو كاذب في هذا التكلم في اعتقاده و لا إشكال في أصالة الصحة هنا أيضا فإذا أخبر بشي‏ء جاز نسبة اعتقاد مضمون الخبر إليه و لا يسمع دعوى أنه غير معتقد لما يقوله و كذا إذا قال افعل كذا جاز أن يسند إليه أنه طالبه في الواقع لا أنه مظهر للطلب صورة لمصلحة كالتوطين أو لمفسدة و هذان الأصلان مما قامت عليهما السيرة القطعية مع إمكان إجراء ما سلف من أدلة تنزيه فعل المسلم عن القبيح في المقام لكن المستند فيه ليس تلك الأدلة.

الثالث من جهة كونه صادقا في الواقع أو كاذبا و هذا معنى حجية خبر المسلم لغيره فمعنى حجية خبره صدقه و الظاهر عدم الدليل على وجوب الحمل على الصحيح و الظاهر عدم الخلاف في ذلك إذ لم يقل أحد بحجية كل خبر صدر من مسلم و لا دليل يفي بعموم عليه حتى ترتكب دعوى خروج ما خرج بالدليل من الداخل.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 732

و ربما يتوهم وجود الدليل العام من مثل الأخبار المتقدمة الآمرة بوجوب حمل أمر المسلم على أحسنه و ما دل على وجوب تصديق المؤمن و عدم اتهامه عموما و خصوصا (قوله عليه السلام: إذا شهد عندك المسلمون فصدقهم) و غير ذلك مما ذكرنا في بحث حجية خبر الواحد و ذكرنا عدم دلالتها مع أنه لو فرض دليل عام على حجية خبر كل مسلم كان الخارج منه أكثر من الداخل لقيام الإجماع على عدم اعتباره في الشهادات و لا في الروايات إلا مع شروط خاصة و لا في الحدسيات و النظريات إلا في موارد خاصة مثل الفتوى و شبهها.

نعم يمكن أن يدعى أن الأصل في خبر العدل الحجية لجملة مما ذكرناه في أخبار الآحاد و ذكرنا ما يوجب تضعيف ذلك فراجع.

و أما الاعتقادات فنقول إذا كان الشك في أن اعتقاده ناش عن مدرك صحيح من دون تقصير عنه في مقدماته أو من مدرك فاسد لتقصير منه في مقدماته فالظاهر وجوب الحمل على الصحيح لظاهر بعض ما مر من وجوب حمل أمور المسلمين على الحسن دون القبيح.

و أما إذا شك في صحته بمعنى المطابقة للواقع فلا دليل على وجوب الحمل على ذلك و لو ثبت ذلك أوجب حجية كل خبر أخبر به المسلم لما عرفت من أن الأصل في الخبر كونه كاشفا عن اعتقاد المخبر أما لو ثبت حجية خبره فقد يعلم أن العبرة باعتقاده بالمخبر به كما في المفتي و غيره ممن يعتبر نظره في المطلب فيكون خبره كاشفا عن الحجة لا نفسها و قد يعلم من الدليل حجية خصوص إخباره بالواقع حتى لا يقبل منه قوله اعتقد بكذا و يدل الدليل على حجية خصوص شهادته المتحققة تارة بالإخبار عن الواقع و أخرى بالإخبار بعلمه به و المتبع في كل مورد ما دل عليه الدليل و قد يشتبه مقدار دلالة الدليل و يترتب على ما ذكرنا قبول تعديلات أهل الرجال المكتوبة في كتبهم و صحة التعويل في العدالة على اقتداء العدلين.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 733