حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: علی ؑ کی محبت گناہوں کو اس طرح کھاجاتی ہے جیسے لکڑیوں کو آگ کنز العمال حدیث32021

المقام الثاني في (الاستصحاب‏
بقي الكلام في أمور
السادس في تقسيم الاستصحاب إلى أقسام‏
[أدلة حجية الاستصحاب‏]
[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]
حجة من أنكر اعتبار الاستصحاب في الأمور الخارجية
حجة القول السادس‏
حجة القول الثامن‏
حجة القول التاسع‏
حجة القول الحادي عشر
و ينبغي التنبيه على أمور.
الأمر الثاني‏
الأمر الثالث‏
الأمر السادس‏
الأمر السابع‏
الأمر التاسع‏
الأمر العاشر.
خاتمة
تقديم الاستصحاب على الأصول الثلاثة.
المسألة الثالثة في أصالة الصحة في فعل الغير
المقام الثاني في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة
و أما الكلام في تعارض الاستصحابين‏
و أما القسم الثاني و هو ما إذا كان الشك في كليهما مسببا عن أمر ثالث‏
خاتمة في التعادل و الترجيح‏
المقام الأول في المتكافئين‏
المقام الثاني في التراجيح‏
المقام الثالث في عدم جواز الاقتصار على المرجحات المنصوصة
المقام الرابع في بيان المرجحات‏
بقي في المقام شي‏ء
مرجحات الرواية من الجهات الأخر
بقي في هذا المقام أمور
المقام الثالث‏
بقي هنا شي‏ء
المصادر

رسائل حصہ سوم

[أدلة الأقوال في الاستصحاب‏]

احتج للقول الأول بوجوه‏

منها أنه لو لم يكن الاستصحاب حجة لم يستقم استفادة الأحكام من الأدلة اللفظية لتوقفها على أصالة عدم القرينة و المعارض و المخصص و المقيد و الناسخ و غير ذلك.

و فيه أن تلك الأصول قواعد لفظية مجمع عليها بين العلماء و جميع أهل اللسان في باب الاستفادة مع أنها أصول عدمية لا يستلزم القول بها القول باعتبار الاستصحاب مطلقا إما لكونها مجمعا عليها بالخصوص و إما لرجوعها إلى الشك في الرافع.

(و منها ما ذكره المحقق في المعارج و هو أن المقتضي للحكم الأول ثابت و العارض لا يصلح رافعا فيجب الحكم بثبوته في الآن الثاني أما أن المقتضي ثابت فلأنا نتكلم على هذا التقدير و أما أن العارض لا يصلح رافعا فلأن العارض احتمال تجدد ما يوجب زوال الحكم لكن احتمال ذلك معارض باحتمال عدمه فيكون كل منهما مدفوعا بمقابله فيبقى الحكم الثابت سليما عن الرافع انتهى).

و فيه أن المراد بالمقتضي إما العلة التامة للحكم أو للعلم به أعني الدليل أو المقتضي بالمعنى الأخص. و على التقدير الأول فلا بد من أن يراد من ثبوته ثبوته في الزمان الأول و من المعلوم عدم اقتضاء ذلك لثبوت المعلول أو المدلول في الزمان الثاني أصلا.

و على الثاني فلا بد من أن يراد ثبوته في الزمان الثاني مقتضيا للحكم و فيه مع أنه أخص من المدعى أن مجرد احتمال عدم الرافع لا يثبت العلم و لا الظن بثبوت المقتضى بالفتح.

و المراد من معارضة احتمال الرافع باحتمال عدمه الموجبة للتساقط إن كان سقوط الاحتمالين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 577

فلا معنى له و إن كان سقوط المحتملين عن الاعتبار حتى لا يحكم بالرفع و لا بعدمه فمعنى ذلك التوقف عن الحكم بثبوت المقتضى بالفتح لا ثبوته.

و ربما يحكى إبدال قوله فيجب الحكم بثبوته بقوله فيظن ثبوته و يتخيل أن هذا أبعد عن الإيراد و مرجعه إلى دليل آخر ذكره العضدي و غيره و هو أن ما ثبت في وقت و لم يظن عدمه فهو مظنون البقاء و سيجي‏ء ما فيه. ثم إن ظاهر هذا الدليل دعوى القطع ببقاء الحالة السابقة واقعا و لم يعرف هذه الدعوى من أحد و اعترف بعدمه في المعارج في أجوبة النافين و صرح بدعوى رجحان البقاء.

و يمكن أن يريد به إثبات البناء على الحالة السابقة و لو مع عدم رجحانه و هو في غاية البعد عن عمل العقلاء بالاستصحاب في أمورهم.

و الظاهر أن مرجع هذا الدليل إلى أنه إذا أحرز المقتضي و شك في المانع بعد تحقق المقتضي و عدم المانع في السابق بني على عدمه و وجود المقتضي.

و يمكن أن يستفاد من كلامه السابق في قوله و الذي نختاره أن مراده بالمقتضي للحكم دليله و أن المراد بالعارض احتمال طرو المخصص لذلك الدليل فمرجعه إلى أن الشك في تخصيص العام أو تقييد المطلق لا عبرة به كما يظهر من تمثيله بالنكاح و الشك في حصول الطلاق ببعض الألفاظ فإنه إذا دل الدليل على أن عقد النكاح يحدث علاقة الزوجية و علم من الدليل دوامها و وجد في الشرع ما ثبت كونه رافعا لها و شك في شي‏ء آخر أنه رافع مستقل أو فرد من ذلك الرافع أم لا وجب العمل بدوام الزوجية عملا بالعموم إلى أن يثبت المخصص و هذا حق و عليه عمل العلماء كافة.

نعم لو شك في صدق الرافع على موجود خارجي لشبهة كظلمة أو عدم الخبرة ففي العمل بالعموم حينئذ و عدمه كما إذا قيل أكرم العلماء إلا زيدا و شك في إنسان أنه زيد أو عمرو قولان في باب العام المخصص أصحهما عدم الاعتبار بذلك العام لكن كلام المحقق قدس سره في الشبهة الحكمية بل مفروض كلام القوم أيضا اعتبار الاستصحاب المعدود من أدلة الأحكام فيها دون مطلق الشبهة الشامل للشبهة الخارجية.

هذا غاية ما أمكنا من توجيه الدليل المذكور.

لكن الذي يظهر بالتأمل عدم استقامته في نفسه و عدم انطباقه على قوله المتقدم و الذي نختاره و إخراجه للمدعى عن عنوان الاستصحاب كما نبه عليه في المعالم و تبعه غيره فتأمل.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 578

و منها أن الثابت في الزمان الأول ممكن الثبوت في الآن الثاني و إلا لم يحتمل البقاء فيثبت بقاؤه ما لم يتجدد مؤثر العدم لاستحالة خروج الممكن عما عليه بلا مؤثر فإذا كان التقدير تقدير عدم العلم بالمؤثر فالراجح بقاؤه فيجب العمل عليه.

و فيه منع استلزام عدم العلم بالمؤثر رجحان عدمه المستلزم لرجحان البقاء مع أن مرجع هذا الوجه إلى ما ذكره العضدي و غيره من أن ما تحقق وجوده و لم يظن أو لم يعلم عدمه فهو مظنون البقاء.

و محصل الجواب عن هذا و أمثاله من أدلتهم الراجعة إلى دعوى حصول ظن البقاء منع كون مجرد وجود الشي‏ء سابقا مقتضيا لظن بقائه كما يشهد له تتبع موارد الاستصحاب.

مع أنه إن أريد اعتبار الاستصحاب من باب الظن النوعي يعني لمجرد كونه لو خلي و طبعه يفيد الظن بالبقاء و إن لم يفده فعلا لمانع ففيه أنه لا دليل على اعتباره أصلا.

و إن أريد اعتباره عند حصول الظن فعلا منه فهو و إن استقام على ما يظهر من بعض من قارب عصرنا من أصالة حجية الظن إلا أن القول باعتبار الاستصحاب بشرط حصول الظن الشخصي منه حتى إنه في المورد الواحد يختلف الحكم باختلاف الأشخاص و الأزمان و غيرها لم يقل به أحد فيما أعلم عدا ما يظهر من شيخنا البهائي قدس سره في عبارته المتقدمة و ما ذكره قدس سره مخالف للإجماع ظاهرا لأن بناء العلماء في العمل بالاستصحاب في الأحكام الجزئية و الكلية و الموضوعات خصوصا العدميات على عدم مراعاة الظن الفعلي.

ثم إن ظاهر كلام العضدي حيث أخذ في إفادته الظن بالبقاء عدم الظن بالارتفاع أن الاستصحاب أمارة حيث لا أمارة و ليس في الأمارات ما يكون كذلك نعم لا يبعد أن يكون الغلبة كذلك.

و كيف كان فقد عرفت منع إفادة مجرد اليقين بوجود الشي‏ء للظن ببقائه و قد استظهر بعض تبعا لبعض بعد الاعتراف بذلك أن المنشأ في حصول الظن غلبة البقاء في الأمور القارة.

(قال السيد الشارح للوافية بعد دعوى رجحان البقاء إن الرجحان لا بد له من موجب لأن وجود كل معلول يدل على وجود علة له إجمالا و ليست هي اليقين المتقدم بنفسه لأن ما ثبت جاز أن يدوم و جاز أن لا يدوم و يشبه أن يكون هي كون الأغلب في أفراد الممكن القار أن يستمر وجوده بعد التحقق فيكون رجحان وجود هذا الممكن الخاص للإلحاق بالأعم الأغلب هذا إذا لم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 579

يكن رجحان الدوام مؤيدا بعادة أو أمارة و إلا فيقوى بهما و قس على الوجود حال العدم إذا كان يقينيا انتهى كلامه) رفع مقامه و فيه أن المراد بغلبة البقاء ليس غلبة البقاء أبد الآباد بل المراد البقاء على مقدار خاص من الزمان و لا ريب أن ذلك المقدار الخاص ليس أمرا مضبوطا في الممكنات و لا في المستصحبات و القدر المشترك بين الكل أو الأغلب منه معلوم التحقق في موارد الاستصحاب و إنما الشك في الزائد.

و إن أريد بقاء الأغلب إلى زمان الشك فإن أريد أغلب الموجودات السابقة بقول مطلق.

ففيه أولا أنا لا نعلم بقاء الأغلب في زمان الشك و ثانيا لا ينفع بقاء الأغلب في إلحاق المشكوك للعلم بعدم الرابط بينها و عدم استناد البقاء فيها إلى جامع كما لا يخفى بل البقاء في كل واحد منها مستند إلى ما هو مفقود في غيره نعم بعضها مشترك في مناط البقاء.

و بالجملة فمن الواضح أن بقاء الموجودات المشاركة مع نجاسة الماء المتغير في الوجود من الجواهر و الأعراض في زمان الشك في النجاسة لذهاب التغير المشكوك مدخليته في بقاء النجاسة لا يوجب الظن ببقائها و عدم مدخلية التغير فيها.

و هكذا الكلام في كل ما شك في بقائه لأجل الشك في استعداده للبقاء.

و إن أريد به ما وجه به كلام السيد المتقدم (صاحب القوانين بعد ما تبعه في الاعتراف بأن هذا الظن ليس منشؤه محض الحصول في الآن السابق لأن ما ثبت جاز أن يدوم و جاز أن لا يدوم قال بل لأنا لما فتشنا الأمور الخارجية من الأعدام و الموجودات وجدناها مستمرة بوجودها الأول على حسب استعداداتها و تفاوتها في مراتبها فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه في الغالب إلحاقا له بالأعم الأغلب.

ثم إن كل نوع من أنواع الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب في أفراد ذلك النوع فالاستعداد الحاصل للجدران القويمة يقتضي مقدارا من البقاء بحسب العادة و الاستعداد الحاصل للإنسان يقتضي مقدارا منه و للفرس‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 580

مقدارا آخر و للحشرات مقدارا آخر و لدود القز و البق و الذباب مقدارا آخر و كذلك الرطوبة في الصيف و الشتاء. فهاهنا مرحلتان الأولى إثبات الاستمرار في الجملة الثانية إثبات مقدار الاستمرار ففيما جهل حاله من الممكنات القارة يثبت ظن الاستمرار في الجملة بملاحظة حال أغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت أنواعها و ظن مقدار خاص من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذي هو من جملتها.

فالحكم الشرعي مثلا نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن و قد لا يلاحظ من جهة الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد و قد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الأحكام الشرعية فإذا أردنا التكلم في إثبات الحكم الشرعي فنأخذ الظن الذي ادعيناه من ملاحظة أغلب الأحكام الشرعية لأنه الأنسب به و الأقرب إليه و إن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي و عزائم سائر العباد.

ثم إن الظن الحاصل من الغلبة في الأحكام الشرعية محصله أنا نرى أغلب الأحكام الشرعية مستمرة بحسب دليله الأول بمعنى أنها ليست أحكاما آنية مختصة بآن الصدور بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنه يريد استمرار ذلك الحكم الأول من دون دلالة الحكم الأول على الاستمرار فإذا رأينا منه في مواضع عديدة أنه اكتفى في إبداء الحكم بالأمر المطلق القابل للاستمرار و عدمه ثم علمنا أن مراده من الأمر الأول الاستمرار نحكم فيما لم يظهر مراده بالاستمرار إلحاقا بالأغلب فقد حصل الظن بالدليل و هو قول الشارع بالاستمرار و كذلك الكلام في موضوعات الأحكام من الأمور الخارجية فإن غلبة البقاء تورث الظن القوي بالبقاء انتهى).

فيظهر وجه ضعف هذا التوجيه مما أشرنا إليه.

توضيحه أن الشك في الحكم الشرعي قد يكون من جهة الشك في مقدار استعداده و قد يكون من جهة الشك في تحقق الرافع.

أما الأول فليس فيه نوع و لا صنف مضبوط من حيث مقدار الاستعداد مثلا إذا شككنا في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 581

مدخلية التغيير في النجاسة حدوثا و ارتفاعا و عدمها فهل ينفع في حصول الظن بعدم المدخلية تتبع الأحكام الشرعية الأخر مثل أحكام الطهارات و النجاسات فضلا عن أحكام المعاملات و السياسات فضلا عن أحكام الموالي إلى العبيد.

و بالجملة فكل حكم شرعي أو غيره تابع لخصوص ما في نفس الحاكم من الأغراض و المصالح و متعلق بما هو موضوع له و له دخل في تحققه و لا دخل لغيره من الحكم المغاير له و لو اتفق موافقته له كان بمجرد الاتفاق من دون ربط.

و من هنا لو شك واحد من العبيد في مدخلية شي‏ء في حكم مولاه حدوثا و ارتفاعا فتتبع لأجل الظن بعدم المدخلية و بقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك الشي‏ء أحكام سائر الموالي بل أحكام هذا المولى المغايرة للحكم المشكوك موضوعا و محمولا عد من أسفه السفهاء.

و أما الثاني و هو الشك في الرافع فإن كان الشك في رافعية الشي‏ء للحكم فهو أيضا لا دخل له بسائر الأحكام أ لا ترى أن الشك في رافعية المذي للطهارة لا ينفع فيه تتبع موارد الشك في الرافعية مثل ارتفاع النجاسة بالغسل مرة أو نجاسة الماء بالإتمام كرا أو ارتفاع طهارة الثوب و البدن بعصير العنب أو الزبيب أو التمر و أما الشك في وجود الرافع و عدمه فالكلام فيه هو الكلام في الأمور الخارجية.

و محصل الكلام أنه إن أريد أنه يحصل الظن بالبقاء إذا فرض له صنف أو نوع يكون الغالب في أفراده البقاء فلا ننكره و لذا يحكم بظن عدم النسخ عند الشك فيه.

لكنه يحتاج إلى ملاحظة الصنف و التأمل حتى لا يحصل التغاير فإن المتطهر في الصبح إذا شك في وقت الضحى في بقاء طهارته و أراد إثبات ذلك بالغلبة فلا ينفعه تتبع الموجودات الخارجية مثل بياض ثوبه و طهارته و حياة زيد و قعوده و عدم ولادة الحمل الفلاني و نحو ذلك.

نعم لو لوحظ صنف هذا المتطهر في وقت الصبح المتحد أو المتقارب فيما له مدخل في بقاء الطهارة و وجد الأغلب متطهرا في هذا الزمان حصل الظن ببقاء طهارته.

و بالجملة فما ذكره من ملاحظة أغلب الصنف فحصول الظن به حق إلا أن البناء على هذا في الاستصحاب يسقطه عن الاعتبار في أكثر موارده.

و إن بنى على ملاحظة الأنواع البعيدة و الجنس البعيد أو الأبعد و هو الممكن القار كما هو ظاهر كلام السيد المتقدم ففيه ما تقدم من القطع بعدم جامع بين مورد الشك و موارد الاستقراء يصلح لاستناد البقاء إليه و في مثله لا يحصل الظن بالإلحاق لأنه لا بد في الظن بلحوق المشكوك‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 582

بالأغلب من الظن أولا بثبوت الحكم أو الوصف الجامع فيحصل الظن بثبوته في الفرد المشكوك.

و مما يشهد بعدم حصول الظن بالبقاء اعتبار الاستصحاب في موردين يعلم بمخالفة أحدهما للواقع فإن المتطهر بمائع شك في كونه بولا أو ماء يحكم باستصحاب طهارة بدنه و بقاء حدثه مع أن الظن بهما محال و كذا الحوض الواحد إذا صب فيه الماء تدريجا فبلغ إلى موضع شك في بلوغ مائه كرا فإنه يحكم حينئذ ببقاء قلته فإذا امتلأ و أخذ منه الماء تدريجا إلى ذلك الموضع فيشك حينئذ في نقصه عن الكر فيحكم ببقاء كريته مع أن الظن بالقلة في الأول و بالكرية في الثاني محال.

ثم إن إثبات حجية الظن المذكور على تقدير تسليمه دونه خرط القتاد خصوصا في الشبهة الخارجية التي لا يعتبر فيها الغلبة اتفاقا فإن اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظن الحاصل من الغلبة و عدم اعتبار الظن بنجاسته من غلبة أخرى كطين الطريق مثلا مما لا يجتمعان و كذا اعتبار قول المنكر من باب الاستصحاب مع الظن بصدق المدعي لأجل الغلبة.

و منها بناء العقلاء على ذلك في جميع أمورهم كما ادعاه العلامة في النهاية و أكثر من تأخر عنه.

و زاد بعضهم أنه لو لا ذلك لاختل نظام العالم و أساس عيش بني آدم و زاد آخر أن العمل على الحالة السابقة أمر مركوز في النفوس حتى الحيوانات أ لا ترى أن الحيوانات تطلب عند الحاجة المواضع التي عهدت فيها الماء و الكلاء و الطيور تعود من الأماكن البعيدة إلى أوكارها و لو لا البناء على إبقاء ما كان على ما كان لم يكن وجه لذلك. و الجواب أن بناء العقلاء إنما يسلم في موضع يحصل لهم الظن بالبقاء لأجل الغلبة فإنهم في أمورهم عاملون بالغلبة سواء وافقت الحالة السابقة أو خالفتها.

أ لا ترى أنهم لا يكاتبون من عهدوه في حال لا يغلب فيه السلامة فضلا عن المهالك إلا على سبيل الاحتياط لاحتمال الحياة و لا يرسلون إليه البضائع للتجارة و لا يجعلونه وصيا في الأموال أو قيما على الأطفال و لا يقلدونه في هذا الحال إذا كان من أهل الاستدلال.

و تراهم لو شكوا في بقاء الحكم الشرعي أو نسخه يبنون على البقاء و لو شكوا في رافعية المذي شرعا للطهارة فلا يبنون على عدمها و بالجملة فالذي أظن أنهم غير بانين في الشك في الحكم الشرعي من غير جهة النسخ على الاستصحاب.

نعم الإنصاف أنهم لو شكوا في بقاء حكم شرعي فليس عندهم كالشك في حدوثه في البناء على العدم و لعل هذا من جهة عدم وجدان الدليل بعد الفحص فإنها أمارة على العدم لما علم من بناء الشارع على التبليغ فظن عدم الورود يستلزم الظن بعدم الوجود و الكلام في اعتبار

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 583

هذا الظن بمجرده من غير ضم حكم العقل بقبح التعبد بما لا يعلم في باب أصل البراءة.

(قال في العدة بعد ما اختار عدم اعتبار الاستصحاب في مثل المتيمم الداخل في الصلاة و الذي يمكن أن ينتصر به طريقة استصحاب الحال ما أومأنا إليه من أن يقال لو كانت الحالة الثانية مغيرة للحكم الأول لكان عليه دليل و إذا تتبعنا جميع الأدلة فلم نجد فيها ما يدل على أن الحالة الثانية مخالفة للحالة الأولى دل على أن حكم الحالة الأولى باق على ما كان.

فإن قيل هذا رجوع إلى الاستدلال بطريق آخر و ذلك خارج عن استصحاب الحال.

قيل إن الذي نريد باستصحاب الحال هذا الذي ذكرناه و أما غير ذلك فلا يكاد يحصل غرض القائل به انتهى)

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 584

احتج النافون بوجوه‏

(منها ما عن الذريعة و في الغنية من أن المتعلق بالاستصحاب يثبت الحكم عند التحقيق من غير دليل توضيح ذلك أنهم يقولون قد ثبت بالإجماع على من شرع في الصلاة بالتيمم وجوب المضي فيها قبل مشاهدة الماء فيجب أن يكون على هذا الحال بعد المشاهدة و هذا منهم جمع بين الحالتين في حكم من غير دليل يقتضي الجمع بينهما لأن اختلاف الحالتين لا شبهة فيه لأن المصلي غير واجد للماء في إحداهما و واجد له في الأخرى فلا يجوز التسوية بينهما من غير دلالة فإذا كان الدليل لا يتناول إلا الحالة الأولى و كانت الحالة الأخرى عارية منه لم يجز أن يثبت فيها مثل الحكم انتهى).

أقول إن كان محل الكلام فيها كان الشك لتخلف وصف وجودي أو عدمي متحقق سابقا يشك في مدخليته في أصل الحكم أو بقائه فالاستدلال المذكور متين جدا لأن المفروض عدم دلالة دليل الحكم الأول و فقد دليل عام يدل على انسحاب كل حكم ثبت في الحالة الأولى في الحالة الثانية لأن عمدة ما ذكروه من الدليل هي الأخبار المذكورة و قد عرفت اختصاصها بمورد يتحقق معنى النقض و هو الشك من جهة الرافع.

نعم قد يتخيل كون مثال التيمم من قبيل الشك من جهة الرافع لأن الشك في انتقاض التيمم بوجدان الماء في الصلاة كانتقاضه بوجدانه قبلها سواء قلنا بأن التيمم رافع للحدث أم قلنا إنه مبيح لأن الإباحة أيضا مستمرة إلى أن تنتقض بالحدث أو يوجد الماء.

و لكنه فاسد من حيث إن وجدان الماء ليس من الروافع و النواقض بل الفقدان الذي هو

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 585

وصف المكلف لما كان مأخوذا في صحة التيمم حدوثا و بقاء في الجملة كان الوجدان رافعا لوصف الموضوع الذي هو المكلف فهو نظير التغير الذي يشك في زوال النجاسة بزواله فوجدان الماء ليس كالحدث و إن قرن به في قوله عليه السلام حين سئل عن جواز الصلوات المتعددة بتيمم واحد نعم ما لم يحدث أو يجد ماء لأن المراد من ذلك تحديد الحكم بزوال المقتضي أو طرو الرافع.

و كيف كان فإن كان محل الكلام في الاستصحاب ما كان من قبيل هذا المثال فالحق مع المنكرين لما ذكروه و إن شمل ما كان من قبيل تمثيلهم الآخر و هو الشك في ناقضية الخارج من غير السبيلين قلنا إن إثبات الحكم بعد خروج الخارج ليس من غير دليل بل الدليل ما ذكرنا من الوجوه الثلاثة مضافا إلى إمكان التمسك بما ذكرنا في توجيه كلام المحقق في المعارج لكن عرفت ما فيه من التأمل.

(ثم إنه أجاب في المعارج عن الدليل المذكور بأن قوله عمل بغير دليل غير مستقيم لأن الدليل دل على أن الثابت لا يرتفع إلا برافع فإذا كان التقدير تقدير عدمه كان بقاء الثابت راجحا في نظر المجتهد و العمل بالراجح لازم انتهى).

و كان مراده بتقدير عدم الرافع عدم العلم به و قد عرفت ما في دعوى حصول الظن بالبقاء بمجرد ذلك إلا أن يرجع إلى عدم الدليل بعد الفحص الموجب للظن بالعدم.

و منها أنه لو كان الاستصحاب حجة لوجب فيمن علم زيدا في الدار و لم يعلم بخروجه منها أن يقطع ببقائه فيها و كذا كان يلزم إذا علم بأنه حي ثم انقضت مدة لم يعلم فيها بموته أن يقطع ببقائه و هو باطل.

(و قال في محكي الذريعة قد ثبت في العقول أن من شاهد زيدا في الدار ثم غاب عنه لن يحسن اعتقاد استمرار كونه في الدار إلا بدليل متجدد و لا يجوز استصحاب الحالة الأولى و قد صار كونه في الدار في الزمان الثاني و قد زالت الرؤية بمنزلة كون عمرو فيها) (و أجاب في المعارج عن ذلك بأنا لا ندعي القطع لكن ندعي رجحان‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 586

الاعتقاد ببقائه و هذا يكفي في العمل به) أقول قد عرفت مما سبق منع حصول الظن كلية و منع حجيته.

و منها أنه لو كان حجة لزم التناقض إذ كما يقال كان للمصلي قبل وجدان الماء المضي في صلاته فكذا بعد الوجدان كذلك يقال إن وجدان الماء قبل الدخول في الصلاة كان ناقضا للتيمم فكذا بعد الدخول أو يقال الاشتغال بصلاة متيقنة ثابت قبل فعل هذه الصلاة فيستصحب.

(قال في المعتبر استصحاب الحال ليس حجة لأن شرعية الصلاة بشرط عدم الماء لا تستلزم الشرعية معه ثم مثل هذا لا يسلم عن المعارض لأنك تقول الذمة مشغولة بالصلاة قبل الإتمام فكذا بعده انتهى) (و أجاب عن ذلك في المعارج بمنع وجود المعارض في كل مقام و وجود المعارض في الأدلة المظنونة لا يوجب سقوطها حيث يسلم عن المعارض).

أقول لو بني على معارضة الاستصحاب بمثل استصحاب الاشتغال لم يسلم الاستصحاب في أغلب الموارد عن المعارض إذ قلما ينفك مستصحب عن أثر حادث يراد ترتبه على بقائه فيقال الأصل عدم ذلك الأثر.

و الأولى في الجواب أنا إذا قلنا باعتبار الاستصحاب لإفادته الظن بالبقاء فإذا ثبت ظن البقاء في شي‏ء لزمه عقلا ظن ارتفاع كل أمر فرض كون بقاء المستصحب رافعا له أو جزء أخيرا له فلا يعقل الظن ببقائه فإن ظن بقاء طهارة ماء غسل به ثوب نجس أو توضأ به محدث مستلزم عقلا لطهارة ثوبه و بدنه و براءة ذمته بالصلاة بعد تلك الطهارة و كذا الظن بوجوب المضي في الصلاة يستلزم الظن بارتفاع اشتغال الذمة بمجرد إتمام تلك الصلاة.

و توهم إمكان العكس مدفوع بما سيجي‏ء توضيحه من عدم إمكانه و كذا إذا قلنا باعتباره من باب التعبد بالنسبة إلى الآثار الشرعية المترتبة على وجود المستصحب أو عدمه لما ستعرف من عدم إمكان شمول الروايات إلا للشك السببي و منه يظهر حال معارضة استصحاب وجوب المضي باستصحاب انتقاض التيمم بوجدان الماء.

و منها أنه لو كان الاستصحاب حجة لكان بينة النفي أولى و أرجح من بينة الإثبات‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 587

لاعتضادها باستصحاب النفي.

و الجواب عنه أولا اشتراك هذا الإيراد بناء على ما صرح به جماعة من كون استصحاب النفي المسمى بالبراءة الأصلية معتبرا إجماعا اللهم إلا أن يقال إن اعتبارها ليس لأجل الظن أو يقال إن الإجماع إنما هو على البراءة الأصلية في الأحكام الكلية فلو كان أحد الدليلين معتضدا بالاستصحاب أخذ به لا في باب الشك في اشتغال ذمة الناس فإنه من محل الخلاف في باب الاستصحاب.

و ثانيا بما ذكره جماعة من أن تقديم بينة الإثبات لقوتها على بينة النفي و إن اعتضد بالاستصحاب إذ رب دليل أقوى من دليلين نعم لو تكافأ دليلان رجح موافق الأصل به لكن بينة النفي لا تكافئ بينة الإثبات إلا أن يرجع أيضا إلى نوع من الإثبات فيتكافئان و حينئذ فالوجه تقديم بينة النفي لو كان الترجيح في البينات كالترجيح في الأدلة منوطا بقوة الظن مطلقا أو في غير الموارد المنصوصة على الخلاف كتقديم بينة الخارج.

و ربما تمسكوا بوجوه أخر يظهر حالها بملاحظة ما ذكرنا في ما ذكرنا من أدلتهم هذا ملخص الكلام في أدلة المثبتين و النافين مطلقا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 588

بقي الكلام في حجج المفصلين‏

فنقول أما التفصيل بين العدمي و الوجودي بالاعتبار في الأول و عدمه في الثاني فهو الذي ربما (يستظهر من كلام التفتازاني حيث استظهر من عبارة العضدي في نقل الخلاف أن خلاف منكري الاستصحاب إنما هو في الإثبات دون النفي).

و ما استظهره التفتازاني لا يخلو ظهوره عن تأمل مع أن هنا إشكالا آخر قد أشرنا إليه في تقسيم الاستصحاب في تحرير محل النزاع و هو أن القول باعتبار الاستصحاب في العدميات يغني عن التكلم في اعتباره في الوجوديات إذ ما من مستصحب وجودي إلا و في مورده استصحاب عدمي يلزم من الظن ببقائه الظن ببقاء المستصحب الوجودي و أقل ما يكون عدم ضده فإن الطهارة لا تنفك عن عدم النجاسة و الحياة لا تنفك عن عدم الموت و الوجوب أو غيره من الأحكام لا ينفك عن عدم ما عداه من أضداده و الظن ببقاء هذه الأعدام لا ينفك عن الظن ببقاء تلك الوجودات فلا بد من القول باعتباره خصوصا بناء على ما هو الظاهر المصرح به في كلام العضدي و غيره من أن إنكار الاستصحاب لعدم إفادته الظن بالبقاء و إن كان ظاهر بعض النافين كالسيد قدس سره و غيره استنادهم إلى عدم إفادته للعلم بناء على أن عدم اعتبار الظن عندهم مفروغ عنه في أخبار الآحاد فضلا عن الظن الاستصحابي.

و بالجملة فإنكار الاستصحاب في الوجوديات و الاعتراف به في العدميات لا يستقيم بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظن.

نعم لو قلنا باعتباره من باب التعبد من جهة الأخبار صح أن يقال إن ثبوت العدم بالاستصحاب لا يوجب ثبوت ما قارنه من الوجودات فاستصحاب عدم أضداد الوجوب لا يثبت‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 589

الوجوب في الزمان اللاحق كما أن عدم ما عدا زيد من أفراد الإنسان في الدار لا يثبت باستصحابه ثبوت زيد فيها كما سيجي‏ء تفصيله إن شاء الله تعالى.

لكن المتكلم في الاستصحاب من باب التعبد و الأخبار بين العلماء في غاية القلة إلى زمان متأخري المتأخرين مع أن بعض هؤلاء وجدناهم لا يفرقون في مقارنات المستصحب بين أفرادها و يثبتون بالاستصحاب جميع ما لا ينفك عن المستصحب على خلاف التحقيق الآتي في التنبيهات الآتية إن شاء الله.

و دعوى أن اعتبار الاستصحابات العدمية لعله ليس لأجل الظن حتى يسري إلى الوجوديات المقارنة معها بل لبناء العقلاء عليها في أمورهم بمقتضى جبلتهم مدفوعة بأن عمل العقلاء في معاشهم على ما لا يفيد الظن بمقاصدهم و المضي في أمورهم بمحض الشك و التردد في غاية البعد بل خلاف ما نجده من أنفسنا معاشر العقلاء.

و أضعف من ذلك أن يدعى أن المعتبر عند العقلاء من الظن الاستصحابي هو الحاصل بالشي‏ء من تحققه السابق لا الظن الساري من هذا الظن إلى شي‏ء آخر.

و حينئذ فنقول العدم المحقق سابقا يظن بتحققه لاحقا ما لم يعلم أو يظن تبدله بالوجود بخلاف الوجود المحقق سابقا فإنه لا يحصل الظن ببقائه لمجرد تحققه السابق.

و الظن الحاصل ببقائه من الظن الاستصحابي المتعلق بالعدمي المقارن له غير معتبر إما مطلقا أو إذا لم يكن ذلك الوجودي من آثار العدمي المترتبة عليه من جهة الاستصحاب.

و لعله المراد بما حكاه التفتازاني عن الحنفية من أن حياة الغائب بالاستصحاب إنما يصلح عندهم من جهة الاستصحاب لعدم انتقال إرثه إلى وارثه لا انتقال إرث مورثه إليه فإن معنى ذلك أنه يعتبرون ظن عدم انتقال مال الغائب إلى وارثه لا انتقال مال مورثه إليه و إن كان أحد الظنين لا ينفك عن الآخر.

ثم إن معنى عدم اعتبار الاستصحاب في الوجودي إما عدم الحكم ببقاء المستصحب الوجودي و إن كان لترتب أمر عدمي عليه كترتب عدم جواز تزويج امرأة المفقود زوجها المترتب على حياته و إما عدم ثبوت الأمر الوجودي لأجل الاستصحاب و إن كان المستصحب عدميا فلا يترتب انتقال مال قريب الغائب إليه و إن كان مترتبا على استصحاب عدم موته و لعل هذا هو المراد بما (حكاه التفتازاني عن الحنفية من أن الاستصحاب حجة في النفي دون الإثبات).

و بالجملة فلم يظهر لي ما يدفع هذا الإشكال عن القول بعدم اعتبار الاستصحاب في‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 590

الإثبات و اعتباره في النفي من باب الظن.

نعم قد أشرنا فيما مضى إلى أنه لو قيل باعتباره في النفي من باب التعبد لم يغن ذلك عن التكلم في الاستصحاب الوجودي بناء على ما سنحققه من أنه لا يثبت بالاستصحاب إلا آثار المستصحب المترتبة عليه شرعا.

لكن يرد على هذا أن هذا التفصيل مساو للتفصيل المختار المتقدم و لا يفترقان فيغني أحدهما عن الآخر إذ الشك في بقاء الأعدام السابقة من جهة الشك في تحقق الرافع لها و هي علة الوجود و الشك في بقاء الأمر الوجودي من جهة الشك في الرافع لا ينفك عن الشك في تحقق الرافع.

فيستصحب عدمه و يترتب عليه بقاء ذلك الأمر الوجودي.

و تخيل أن الأمر الوجودي قد لا يكون من الآثار الشرعية لعدم الرافع فلا يغني العدمي عن الوجودي مدفوع بأن الشك إذا فرض من جهة الرافع فيكون الأحكام الشرعية المترتبة على ذلك الأمر الوجودي مستمرة إلى تحقق ذلك الرافع فإذا حكم بعدمه عند الشك يترتب عليه شرعا جميع تلك الأحكام فيغني ذلك عن الاستصحاب الوجودي. و حينئذ فيمكن أن يحتج لهذا القول أما على عدم الحجية في الوجوديات فبما تقدم في أدلة النافين و أما على الحجية في العدميات فبما تقدم في أدلة المختار من الإجماع و الاستقراء و الأخبار بناء على أن الشي‏ء المشكوك في بقائه من جهة الرافع إنما يحكم ببقائه لترتبه على استصحاب عدم وجود الرافع لا لاستصحابه في نفسه فإن الشاك في بقاء الطهارة من جهة الشك في وجود الرافع يحكم بعدم الرافع فيحكم من أجله ببقاء الطهارة.

و حينئذ (فقوله عليه السلام: و إلا فإنه على يقين من وضوئه و لا ينقض اليقين بالشك) (و قوله: لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت و ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين) و غيرهما مما دل على أن اليقين لا ينقض أو لا يدفع بالشك يراد منه أن احتمال طرو الرافع لا يعتنى به و لا يترتب عليه أثر النقض فيكون وجوده كالعدم فالحكم ببقاء الطهارة السابقة من جهة استصحاب العدم لا من جهة استصحابها.

و الأصل في ذلك أن الشك في بقاء الشي‏ء إذا كان مسببا عن الشك في شي‏ء آخر فلا يجتمع معه في الدخول تحت عموم لا تنقض سواء تعارض مقتضى اليقين السابق فيهما أم تعاضدا بل الداخل هو الشك السببي و معنى عدم الاعتناء به زوال الشك المسبب به و سيجي‏ء توضيح ذلك هذا.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 591

و لكن يرد عليه أنه قد يكون الأمر الوجودي أمرا خارجيا كالرطوبة يترتب عليها آثار شرعية فإذا شك في وجود الرافع لها لم يجز أن يثبت به الرطوبة حتى يترتب عليه أحكامها لما سيجي‏ء من أن المستصحب لا يترتب عليه إلا آثار الشرعية المترتبة عليه بلا واسطة أمر عقلي أو عادي فيتعين حينئذ استصحاب نفس الرطوبة.

و أصالة عدم الرافع إن أريد بها أصالة عدم ذات الرافع كالريح المجفف للرطوبة مثلا لم ينفع في الأحكام المترتبة شرعا على نفس الرطوبة بناء على عدم اعتبار الأصل المثبت كما سيجي‏ء.

و إن أريد بها أصالة عدمه من حيث وصف الرافعية و مرجعها إلى أصالة عدم ارتفاع الرطوبة فهي و إن لم يكن يترتب عليها إلا الأحكام الشرعية للرطوبة لكنها عبارة أخرى عن استصحاب نفس الرطوبة.

فالإنصاف افتراق القولين في هذا القسم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 592