حضرت محمد مصطفیٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نے فرمایا: تمہارے درمیان میرے اہلِ بیت علیھم السلام کی مثال سفینہ نوح ؑ کی سی ہے، جو اس پر سوار ہو ا نجات پاگیا اور جو پیچھے رہ گیا غرق ہوگیا شرح ابن ابی الحدید ج 1ص276، بحارالانوار کتاب الامامۃ باب7

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك‏
و الموضع الأول و هو الشك في نفس التكليف‏
احتج للقول الأول بالأدلة الأربعة
و أما الإجماع فتقريره من وجهين‏
احتج للقول الثاني و هو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالأدلة الثلاثة
و ينبغي التنبيه على أمور
المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل
المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب و غير الحرمة من الأحكام‏
المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب و الحرمة
الموضع الثاني في الشك في المكلف به‏
و أما المقام الثاني و هو وجوب اجتناب الكل و عدمه‏
و ينبغي التنبيه على أمور
المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏
و ينبغي التنبيه على أمور
القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر
المسألة الثانية ما إذا كان الشك في الجزئية ناشئا من إجمال الدليل‏
و أما القسم الثاني و هو الشك في كون الشي‏ء قيدا للمأمور به‏
الأمر الثاني‏
خاتمة فيما يعتبر في العمل بالأصل‏
و أما البراءة
و أما الكلام في مقدار الفحص‏
قاعدة لا ضرر

رسائل حصہ دوم

الأمر الثاني‏

الأمر الثاني‏

إذا ثبت جزئية شي‏ء أو شرطيته في الجملة فهل يقتضي الأصل جزئيته و شرطيته المطلقتين حتى إذا تعذر سقط التكليف بالكل أو المشروط أو اختصاص اعتبارها بحال التمكن فلو تعذر لم يسقط التكليف وجهان بل قولان.

للأول أصالة البراءة من الفاقد و عدم ما يصلح لإثبات التكليف كما سنبين و لا يعارضها استصحاب وجوب الباقي لأن وجوبه كان مقدمة لوجوب الكل فينتفى بانتفائه و ثبوت الوجوب النفسي له مفروض الانتفاء.

نعم إذا ورد الأمر بالصلاة مثلا و قلنا بكونها اسما للأعم كان ما دل على اعتبار الأجزاء الغير المقومة فيه من قبيل التقييد فإذا لم يكن للمقيد إطلاق بأن قام الإجماع على جزئيته في الجملة أو على وجوب المركب من هذا الجزء في حق القادر عليه كان القدر المتيقن منه ثبوت مضمونه بالنسبة إلى القادر أما العاجز فيبقى إطلاق الصلاة بالنسبة إليه سليما عن القيد و مثل ذلك الكلام في الشروط.

نعم لو ثبت الجزء و الشرط بنفس الأمر بالكل و المشروط كما لو قلنا بكون الألفاظ أسامي للصحيح لزم من انتفائهما انتفاء الأمر و لا أمر آخر بالعاري عن المفقود و كذلك لو ثبت أجزاء المركب من أوامر متعددة فإن كلا منها أمر غيري إذا ارتفع بسبب العجز ارتفع الأمر بذي المقدمة أعني الكل فينحصر الحكم بعدم سقوط الباقي في الفرض الأول كما ذكرنا و لا يلزم فيه من ذلك استعمال لفظ المطلق في المعنيين أعني المجرد عن ذلك الجزء بالنسبة إلى العاجز و المشتمل على ذلك الجزء بالنسبة إلى القادر لأن المطلق كما بين في موضعه موضوع للماهية المهملة الصادقة على المجرد عن القيد و المقيد كيف و لو كان كذلك كان كثير من المطلقات مستعملا كذلك فإن الخطاب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 497

الوارد بالصلاة قد خوطب به جميع المكلفين الموجودين أو مطلقا مع كونهم مختلفين في التمكن من الماء و عدمه و في الحضر و السفر و الصحة و المرض و غير ذلك و كذا غير الصلاة من الواجبات.

و للقول الثاني استصحاب وجوب الباقي إذا كان المكلف مسبوقا بالقدرة بناء على أن المستصحب هو مطلق الوجوب بمعنى لزوم الفعل من غير التفات إلى كونه لنفسه أو لغيره أو الوجوب النفسي المعلق بالموضوع الأعم من الجامع لجميع الأجزاء و الفاقد لبعضها و دعوى صدق الموضوع عرفا على هذا المعنى الأعم الموجود في اللاحق و لو مسامحة فإن أهل العرف يطلقون على من عجز عن السورة بعد قدرته عليها أن الصلاة كانت واجبة عليه حال القدرة على السورة و لا يعلم بقاء وجوبها بعد العجز عنها و لو لم يكف هذا المقدار في الاستصحاب لاختل جريانه في كثير من الاستصحابات مثل استصحاب كثرة الماء و قلته فإن الماء المعين الذي أخذ بعضه أو زيد عليه يقال إنه كان كثيرا أو قليلا و الأصل بقاء ما كان مع أن هذا الماء الموجود لم يكن متيقن الكثرة أو القلة و إلا لم يعقل الشك فيه فليس الموضوع فيه إلا هذا الماء مسامحة في مدخلية الجزء الناقص أو الزائد في المشار إليه و لذا يقال في العرف هذا الماء كان كذا و شك في صيرورته كذا من غير ملاحظة زيادته و نقيصته.

و يدل على المطلب أيضا النبوي و العلويان المرويان في عوالي اللئالي.

(فعن النبي صلى اللَّه عليه و آله: إذا أمرتكم بشي‏ء فأتوا منه ما استطعتم) (و عن علي عليه السلام: الميسور لا يسقط بالمعسور) و (: ما لا يدرك كله لا يترك كله) و ضعف إسنادها مجبور باشتهار التمسك بها بين الأصحاب في أبواب العبادات كما لا يخفى على المتتبع.

نعم قد يناقش في دلالتها أما الأولى فلاحتمال كون من بمعنى الباء أو بيانيا و ما مصدرية زمانية.

و فيه أن كون من بمعنى الباء مطلقا و بيانية في خصوص المقام مخالف للظاهر بعيد كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام و العجب معارضة هذا الظاهر بلزوم تقييد الشي‏ء بناء على المعنى المشهور بما كان له أجزاء حتى يصح الأمر بإتيان ما أستطيع منه ثم تقييده بصورة تعذر إتيان جميعه ثم ارتكاب التخصيص فيه بإخراج ما لا يجري فيه هذه القاعدة اتفاقا كما في كثير

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 498

من المواضع إذ لا يخفى أن التقييدين الأولين يستفادان من قوله فأتوا منه إلخ و ظهوره حاكم عليهما نعم إخراج كثير من الموارد لازم و لا بأس به في مقابل ذلك المجاز البعيد و الحاصل أن المناقشة في ظهور الرواية من اعوجاج الطريقة في فهم الخطابات العرفية و أما الثانية فلما قيل من أن معناه أن الحكم الثابت للميسور لا يسقط بسبب سقوط المعسور.

و لا كلام في ذلك لأن سقوط حكم شي‏ء لا يوجب بنفسه سقوط الحكم الثابت للآخر فتحمل الرواية على دفع توهم السقوط في الأحكام المستقلة التي يجمعها دليل واحد كما ف أكرم العلماء.

و فيه أولا أن عدم السقوط محمول على نفس الميسور لا على حكمه فالمراد به عدم سقوط الفعل الميسور بسبب سقوط المعسور يعني أن الفعل الميسور إذا لم يسقط عند عدم تعسر شي‏ء فلا يسقط بسبب تعسره و بعبارة أخرى ما وجب عند التمكن من شي‏ء آخر فلا يسقط عند تعذره و هذا الكلام إنما يقال في مقام يكون ارتباط وجوب الشي‏ء بالتمكن من ذلك الشي‏ء الآخر محققا سابقا من دليله كما في الأمر بالكل أو متوهما كما في الأمر بما له عموم أفرادي.

و ثانيا أن ما ذكر من عدم سقوط الحكم الثابت للميسور بسبب سقوط الحكم الثابت للمعسور كاف في إثبات المطلوب بناء على ما ذكرنا في توجيه الاستصحاب من أن أهل العرف يتسامحون فيعبرون عن وجوب باقي الأجزاء بعد تعذر غيرها من الأجزاء ببقاء وجوبها و عن عدم وجوبها بارتفاع وجوبها و سقوطه لعدم مداقتهم في كون الوجوب الثابت ثابتا غيريا و هذا الوجوب الذي يتكلم في ثبوته و عدمه نفسي فلا يصدق على ثبوته البقاء و لا على عدمه السقوط و الارتفاع.

فكما يصدق هذه الرواية لو شك بعد ورود الأمر بإكرام العلماء بالاستغراق الأفرادي في ثبوت حكم إكرام البعض الممكن الإكرام و سقوطه بسقوط حكم إكرام من يتعذر إكرامه كذلك يصدق لو شك بعد الأمر بالمركب في وجوب باقي الأجزاء بعد تعذر بعضه كما لا يخفى.

و بمثل ذلك يقال في دفع دعوى جريان الإيراد المذكور على تقدير تعلق السقوط بنفس الميسور لا بحكمه بأن يقال إن سقوط المقدمة لما كان لازما لسقوط ذيها فالحكم بعدم الملازمة في الخبر لا بد أن يحمل على الأفعال المستقلة في الوجوب لدفع توهم السقوط الناشئ عن إيجابها بخطاب واحد.

و أما في الثالثة فبما قيل من أن جملة لا يترك خبرية لا تفيد إلا الرجحان مع أنه لو أريد منها الحرمة لزم مخالفة الظاهر فيها إما بحمل الجملة على مطلق المرجوحية أو إخراج المندوبات و لا رجحان للتخصيص مع أنه قد يمنع كون الجملة إنشاء لإمكان كونه إخبارا عن طريقة الناس و أنهم لا يتركون الشي‏ء بمجرد عدم إدراك بعضه مع احتمال كون لفظ الكل للعموم الأفرادي‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 499

لعدم ثبوت كونه حقيقة في الكل المجموعي و لا مشتركا معنويا بينه و بين الأفرادي فلعله مشترك لفظي أو حقيقة خاصة في الأفرادي فيدل على أن الحكم الثابت لموضوع عام بالعموم الأفرادي إذا لم يمكن الإتيان به على وجه العموم لا يترك موافقته في ما أمكن من الأفراد.

و يرد على الأول ظهور الجملة في الإنشاء الإلزامي كما ثبت في محله مع أنه إذا ثبت الرجحان في الواجبات ثبت الوجوب لعدم القول بالفصل في المسألة الفرعية.

و أما دوران الأمر بين تخصيص الموصول و التجوز في الجملة فممنوع لأن المراد بالموصول في نفسه ليس هو العموم قطعا لشموله للأفعال المباحة بل المحرمة فكما يتعين حمله على الأفعال الراجحة بقرينة قوله لا يترك كذلك يتعين حمله على الواجبات بنفس هذه القرينة الظاهرة في الوجوب.

و أما احتمال كونه إخبارا عن طريقة الناس فمدفوع بلزوم الكذب أو إخراج أكثر وقائعهم.

و أما احتمال كون لفظ الكل للعموم الأفرادي فلا وجه له لأن المراد بالموصول هو فعل المكلف و كله عبارة عن مجموعه.

نعم لو قام قرينة على إرادة المتعدد من الموصول بأن أريد أن الأفعال التي لا يدرك كلها كإكرام زيد و إكرام عمرو و إكرام بكر لا يترك كلها كان لما احتمله وجه لكن لفظ الكل حينئذ أيضا مجموعي لا أفرادي إذ لو حمل على الأفرادي كان المراد ما لا يدرك شي‏ء منها لا يترك شي‏ء منها و لا معنى له فما ارتكبه في احتمال العموم الأفرادي مما لا ينبغي له لم ينفعه في شي‏ء فثبت مما ذكرنا أن مقتضى الإنصاف تمامية الاستدلال بهذه الروايات و لذا شاع بين العلماء بل جميع الناس الاستدلال بها في المطالب حتى إنه يعرفه العوام بل النسوان و الأطفال.

ثم إن الرواية الأولى و الثالثة و إن كانتا ظاهرتين في الواجبات إلا أنه يعلم جريانهما في المستحبات بتنقيح المناط العرفي مع كفاية الرواية الثانية في ذلك و أما الكلام في الشروط فنقول إن الأصل فيها ما مر في الأجزاء من كون دليل الشرط إذا لم يكن فيه إطلاق عام بصورة التعذر و كان لدليل المشروط إطلاق فاللازم الاقتصار في التقييد على حصول التمكن من الشرط.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 500

و أما القاعدة المستفادة من الروايات المتقدمة فالظاهر عدم جريانها

. أما الأولى و الثالثة فاختصاصهما بالمركب الخارجي واضح و أما الثانية فلاختصاصها كما عرفت سابقا بالميسور الذي كان له مقتض للثبوت حتى ينفي كون المعسور سببا لسقوطه و من المعلوم أن العمل الفاقد للشرط كالرقبة الكافرة مثلا لم يكن المقتضي للثبوت فيه موجودا حتى لا يسقط بتعسر الشرط و هو الإيمان هذا. و لكن الإنصاف جريانها في بعض الشروط التي يحكم العرف و لو مسامحة باتحاد المشروط الفاقد لها مع الواجد لها أ لا ترى أن الصلاة المشروطة بالقبلة أو الستر أو الطهارة إذا لم يكن فيها هذه الشروط كانت عند العرف هي التي فيها هذه الشروط فإذا تعذر أحد هذه صدق الميسور على الفاقد لها و لو لا هذه المسامحة لم يجر الاستصحاب بالتقرير المتقدم.

نعم لو كان بين واجد الشرط و فاقده تغاير كلي في العرف نظير الرقبة الكافرة بالنسبة إلى المؤمنة أو الحيوان الناهق بالنسبة إلى الناطق و كذا ماء غير الرمان بالنسبة إلى ماء الرمان لم تجر القاعدة المذكورة. و مما ذكرنا يظهر ما في كلام صاحب الرياض حيث بنى وجوب غسل الميت بالماء القراح بدل ماء السدر على أن ليس الموجود في الرواية الأمر بالغسل بماء السدر على وجه التقييد و إنما الموجود (: و ليكن في الماء شي‏ء من السدر).

توضيح ما فيه أنه لا فرق بين العبارتين فإنه إن جعلنا ماء السدر من القيد و المقيد كان قوله و ليكن فيه شي‏ء من السدر كذلك و إن كان من إضافة الشي‏ء إلى بعض أجزائه كان الحكم فيهما واحدا.

و دعوى أنه من المقيد لكن لما كان الأمر الوارد بالمقيد مستقلا فيختص بحال التمكن و يسقط حال الضرورة و يبقى المطلقات غير مقيدة بالنسبة إلى الفاقد مدفوعة بأن الأمر في هذا المقيد للإرشاد و بيان الاشتراط فلا يسقط بالتعذر و ليس مسوقا لبيان التكليف إذ التكليف المتصور هنا هو التكليف المقدمي لأن جعل السدر في الماء مقدمة للغسل بماء السدر المفروض فيه عدم التركيب الخارجي لا جزء خارجي له حتى يسقط عند التعذر و تقييده بحال التمكن ناش من تقييد وجوب ذيها فلا معنى لإطلاق أحدهما و تقييد الآخر كما لا يخفى على المتأمل.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 501

و يمكن أن يستدل على عدم سقوط المشروط بتعذر شرطه برواية عبد الأعلى مولى آل سام (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء قال يعرف هذا و أشباهه من كتاب الله عزّ و جل ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ امسح عليه).

فإن معرفة حكم المسألة أعني المسح على المرارة من آية نفي الحرج متوقفة على كون تعسر الشرط غير موجب لسقوط المشروط بأن يكون المنفي بسبب الحرج مباشرة اليد الماسحة للرجل الممسوحة و لا ينتفي بانتفائه أصل المسح المستفاد وجوبه من آية الوضوء إذ لو كان سقوط المعسور و هي المباشرة موجبا لسقوط أصل المسح لم يمكن معرفة وجوب المسح على المرارة من مجرد نفي الحرج لأن نفي الحرج يدل على سقوط المسح في هذا الوضوء رأسا فيحتاج وجوب المسح على المرارة إلى دليل خاص فرعان الأول لو دار الأمر بين ترك الجزء و ترك الشرط كما في ما إذا لم يتمكن من الإتيان بزيارة عاشوراء بجميع أجزائها في مجلس واحد على القول باشتراط اتحاد المجلس فيها فالظاهر تقديم ترك الشرط فيأتي بالأجزاء تامة في غير المجلس لأن فوات الوصف أولى من فوت الموصوف و يحتمل التخيير.

الثاني لو جعل الشارع للكل بدلا اضطراريا كالتيمم ففي تقديمه على الناقص وجهان من أن مقتضى البدلية كونه بدلا عن التام فيقدم على الناقص كالمبدل و من أن الناقص حال الاضطرار تام لانتفاء جزئية المفقود فيقدم على البدل كالتام و يدل عليه رواية عبد الأعلى المتقدمة.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 502

الأمر الثالث‏

لو دار الأمر بين الشرطية و الجزئية فليس في المقام أصل كلي يتعين به أحدهما فلا بد من ملاحظة كل حكم يترتب على أحدهما و أنه موافق للأصل أو مخالف.

الأمر الرابع‏

لو دار الأمر بين كون الشي‏ء شرطا أو مانعا أو بين كونه جزء أو كونه زيادة مبطلة ففي التخيير هنا لأنه من دوران الأمر في ذلك الشي‏ء بين الوجوب و التحريم أو وجوب الاحتياط بتكرار العبادة و فعلها مرة مع ذلك الشي‏ء و أخرى بدونه وجهان مثاله الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة حيث قيل بوجوبه و قيل بوجوب الإخفات و إبطال الجهر و كالجهر بالبسملة في الركعتين الأخيرتين و كتدارك الحمد عند الشك فيه بعد الدخول في السورة.

فقد يرجح الأول أما بناء على ما اخترناه من أصالة البراءة مع الشك في الشرطية و الجزئية فلأن المانع من إجراء البراءة عن اللزوم الغيري في كل من الفعل و الترك ليس إلا لزوم المخالفة القطعية و هي غير قادحة لأنها لا تتعلق بالعمل لأن واحدا من فعل ذلك الشي‏ء و تركه ضروري مع العبادة فلا يلزم من العمل بالأصل في كليهما معصية متيقنة كما كان يلزم في طرح المتباينين كالظهر و الجمعة.

و بتقرير آخر إذا أتي بالعبادة مع واحد منهما قبح العقاب من جهة اعتبار الآخر في الواقع لو كان معتبرا لعدم الدليل عليه و قبح المؤاخذة من دون بيان فالأجزاء المعلومة مما يعلم كون تركها منشأ للعقاب و أما هذا المردد بين الفعل و الترك فلا يصح استناد العقاب إليه لعدم العلم به و تركهما جميعا غير ممكن حتى يقال إن العقاب على تركهما معا ثابت فلا وجه لنفيه عن كل منهما.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 503

و أما بناء على وجوب الاحتياط عند الشك في الشرطية و الجزئية فلأن وجوب الاحتياط فرع بقاء وجوب الشرط الواقعي المردد بين الفعل و الترك و إيجابه مع الجهل مستلزم لإلقاء شرطية الجزم بالنية و اقتران الواجب الواقعي بنية الإطاعة به بالخصوص مع التمكن فيدور الأمر بين مراعاة ذلك الشرط المردد و بين مراعاة شرط الجزم بالنية. و بالجملة فعدم وجوب الاحتياط في المقام يكون لمنع اعتبار ذلك الأمر المردد بين الفعل و الترك في العبادة واقعا في المقام نظير القول بعدم وجوب الاحتياط بالصلاة مع اشتباه القبلة لمنع شرطية الاستقبال مع الجهل لا لعدم وجوب الاحتياط في الشك في المكلف به.

و قد يرجح الثاني و إن قلنا بعدم وجوبه في الشك في الشرطية و الجزئية لأن مرجع الشك هنا إلى المتباينين لمنع جريان أدلة نفي الجزئية و الشرطية عند الشك في المقام من العقل و النقل.

و ما ذكر من أن إيجاب الأمر الواقعي المردد بين الفعل و الترك مستلزم لإلغاء الجزم بالنية مدفوع بالتزام ذلك و لا ضير فيه و لذا وجب تكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين و إلى الجهات الأربع و تكرار الوضوء بالماءين عند اشتباه المطلق و المضاف مع وجودهما و الجمع بين الوضوء و التيمم إذا فقد أحدهما مع أن ما ذكرنا في نفي كل من الشرطية و المانعية بالأصل إنما يستقيم لو كان كل من الفعل و الترك توصليا على تقدير الاعتبار و إلا فيلزم من العمل بالأصلين مخالفة عملية كما لا يخفى.

و التحقيق أنه إن قلنا بعدم وجوب الاحتياط في الشك في الشرطية و الجزئية و عدم حرمة المخالفة القطعية للواقع إذا لم تكن عملية فالأقوى التخيير هنا و إلا تعين الجمع بتكرار العبادة و وجهه يظهر مما ذكرنا

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 505

المطلب الثالث في اشتباه الواجب بالحرام‏

بأن يعلم أن أحد الفعلين واجب و الآخر محرم و اشتبه أحدهما بالآخر.

و أما لو علم أن واحدا من الفعل و الترك واجب و الآخر محرم فهو خارج عن هذا المطلب.

لأنه من دوران الأمر بين الوجوب و الحرمة الذي تقدم حكمه في المطلب الثالث من مطالب الشك في التكليف. و الحكم فيما نحن فيه وجوب الإتيان بأحدهما و ترك الآخر مخيرا في ذلك.

لأن الموافقة الاحتمالية في كلا التكليفين أولى من الموافقة القطعية في أحدهما مع المخالفة القطعية في الآخر. و منشأ ذلك أن الاحتياط لدفع الضرر المحتمل لا يحسن بارتكاب الضرر المقطوع و الله أعلم.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 506