حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: دین کو دنیا کا ذریعہ بناکر کاروبار کرنے والے کیلئے خدا کی طرف سے سزا جہنم ہے۔ غررالحکم حدیث2225

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك‏
و الموضع الأول و هو الشك في نفس التكليف‏
احتج للقول الأول بالأدلة الأربعة
و أما الإجماع فتقريره من وجهين‏
احتج للقول الثاني و هو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالأدلة الثلاثة
و ينبغي التنبيه على أمور
المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل
المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب و غير الحرمة من الأحكام‏
المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب و الحرمة
الموضع الثاني في الشك في المكلف به‏
و أما المقام الثاني و هو وجوب اجتناب الكل و عدمه‏
و ينبغي التنبيه على أمور
المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏
و ينبغي التنبيه على أمور
القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر
المسألة الثانية ما إذا كان الشك في الجزئية ناشئا من إجمال الدليل‏
و أما القسم الثاني و هو الشك في كون الشي‏ء قيدا للمأمور به‏
الأمر الثاني‏
خاتمة فيما يعتبر في العمل بالأصل‏
و أما البراءة
و أما الكلام في مقدار الفحص‏
قاعدة لا ضرر

رسائل حصہ دوم

القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر

و مرجعه إلى الشك في جزئية شي‏ء للمأمور به و عدمها و هو على قسمين لأن الجزء المشكوك إما جزء خارجي أو جزء ذهني و هو القيد و هو على قسمين لأن القيد إما منتزع من أمر خارجي مغاير للمأمور به في الوجود الخارجي فيرجع اعتبار ذلك القيد إلى إيجاب ذلك الأمر الخارجي كالوضوء الذي يصير منشأ للطهارة المقيد بها الصلاة و أما خصوصية متحدة في الوجود مع المأمور به كما إذا دار الأمر بين وجوب مطلق الرقبة أو رقبة خاصة و من ذلك دوران الأمر بين إحدى الخصال و بين واحدة معينة منها.

و الكلام في كل من القسمين في أربع مسائل.

أما مسائل القسم الأول و هو الشك في الجزء الخارجي‏

فالمسألة الأولى منها أن يكون ذلك مع عدم النص المعتبر في المسألة فيكون ناشئا من ذهاب جماعة إلى جزئية الأمر الفلاني كالاستعاذة قبل القراءة في الركعة الأولى مثلا على ما ذهب إليه بعض فقهائنا.

و قد اختلف في وجوب الاحتياط هنا فصرح بعض متأخري المتأخرين بوجوبه و ربما يظهر من كلام بعض القدماء كالسيد رحمه الله و الشيخ لكن لم يعلم كونه مذهبا لهما بل ظاهر كلماتهم الأخر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 460

خلافه و صريح جماعة إجراء أصالة البراءة و عدم وجوب الاحتياط و الظاهر أنه المشهور بين العامة و الخاصة المتقدمين منهم و المتأخرين كما يظهر من تتبع كتب القوم كالخلاف و السرائر و كتب الفاضلين و الشهيدين و المحقق الثاني و من تأخر عنهم.

بل الإنصاف أنه لم أعثر في كلمات من تقدم على المحقق السبزواري على من يلتزم بوجوب الاحتياط في الأجزاء و الشرائط و إن كان فيهم من يختلف كلامه في ذلك كالسيد و الشيخ الشهيد قدس سره و كيف كان فالمختار جريان أصل البراءة.

لنا على ذلك حكم العقل و ما ورد من النقل‏

أما العقل‏

فلاستقلاله بقبح مؤاخذة من كلف بمركب لم يعلم من أجزائه إلا عدة أجزاء و يشك في أنه هو هذا أو له جزء آخر و هو الشي‏ء الفلاني ثم بذل جهده في طلب الدليل على جزئية ذلك الأمر فلم يقتدر فأتى بما علم و ترك المشكوك خصوصا مع اعتراف المولى بأني ما نصبت لك عليه دلالة فإن القائل بوجوب الاحتياط لا ينبغي أن يفرق في وجوبه بين أن يكون الأمر لم ينصب دليلا أو نصب و اختفى غاية الأمر أن ترك النصب من الأمر قبيح و هذا لا يرفع التكليف بالاحتياط عن المكلف.

فإن قلت إن بناء العقلاء على وجوب الاحتياط في الأوامر العرفية الصادرة من الأطباء أو الموالي فإن الطبيب إذا أمر المريض بتركيب معجون فشك في جزئية شي‏ء له مع العلم بأنه غير ضار له فتركه المريض مع قدرته عليه استحق اللوم و كذا المولى إذا أمر عبده بذلك.

قلت أما أوامر الطبيب فهي إرشادية ليس المطلوب فيها إلا إحراز الخاصية المترتبة على ذات المأمور به و لا يتكلم فيها من حيث الإطاعة و المعصية و لذا لو كان بيان ذلك الدواء بجملة خبرية غير طلبية كان اللازم مراعاة الاحتياط فيها و إن لم يترتب على مخالفته و موافقته ثواب أو عقاب.

و الكلام في المسألة من حيث قبح عقاب الأمر على مخالفة المجهول و عدمه.

و أما أوامر الموالي الصادرة بقصد الإطاعة فنلتزم فيها بقبح المؤاخذة إذا عجز العبد عن تحصيل العلم بجزء فاطلع عليه المولى و قدر على رفع جهله و لو على بعض الوجوه الغير المتعارفة إلا أنه اكتفى بالبيان المتعارف فاختفى على العبد لبعض العوارض.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 461

نعم قد يأمر المولى بمركب يعلم أن المقصود منه تحصيل عنوان يشك في حصوله إذا أتي بذلك المركب بدون ذلك الجزء المشكوك كما إذا أمر بمعجون و علم أن المقصود منه إسبال الصفراء بحيث كان هو المأمور به في الحقيقة أو علم أنه الغرض من المأمور به فإن تحصيل العلم بإتيان المأمور به لازم كما سيجي‏ء في المسألة الرابعة. فإن قلت إن الأوامر الشرعية كلها من هذا القبيل لابتنائها على مصالح في المأمور به فالمصلحة فيها إما من قبيل العنوان في المأمور به أو من قبيل الغرض و بتقرير آخر المشهور بين العدلية أن الواجبات الشرعية إنما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقلية فاللطف إما هو المأمور به حقيقة أو غرض للآمر فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف و لا يحصل إلا بإتيان كل ما شك في مدخليته.

قلت أولا مسألة البراءة و الاحتياط غير مبنية على كون كل واجب فيه مصلحة و هو لطف في غيره فنحن نتكلم فيها على مذهب الأشاعرة المنكرين للحسن و القبح رأسا أو مذهب بعض العدلية المكتفين بوجود المصلحة في الأمر و إن لم يكن في المأمور به.

و ثانيا إن نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا و لذا لو أتي به لا على وجه الامتثال لم يصح و لم يترتب عليه لطف و لا أثر آخر من آثار العبادة الصحيحة بل اللطف إنما هو في الإتيان به على وجه الامتثال و حينئذ فيحتمل أن يكون اللطف منحصرا في امتثاله التفصيلي مع معرفة وجه الفعل ليوقع الفعل على وجه فإن من صرح من العدلية بكون العبادات السمعية إنما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقلية قد صرح بوجوب إيقاع الواجب على وجهه و وجوب اقترانه به.

و هذا متعذر فيما نحن فيه لأن الآتي بالأكثر لا يعلم أنه الواجب أو الأقل المتحقق من ضمنه و لذا صرح بعضهم كالعلامة رحمه الله و يظهر من آخر منهم وجوب تميز الأجزاء الواجبة من المستحبات لنوقع كلا على وجهه. و بالجملة فحصول اللطف بالفعل المأتي به من الجاهل فيما نحن فيه غير معلوم و إن أحرز الواقع بل ظاهرهم عدمه فلم يبق عليه إلا التخلص من تبعة مخالفة الأمر الموجه عليه فإن هذا واجب عقلي في مقام الإطاعة و المعصية و لا دخل له بمسألة اللطف بل هو جار على فرض عدم اللطف و عدم المصلحة في المأمور به رأسا و هذا التخلص يحصل بالإتيان بما يعلم أن مع تركه يستحق العقاب و المؤاخذة و أما الزائد ف يقبح المؤاخذة عليه مع عدم البيان.

فإن قلت إن ما ذكر في وجوب الاحتياط في المتباينين بعينه موجود هنا و هو أن المقتضي و هو

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 462

تعلق الوجوب الواقعي بالأمر الواقعي المردد بين الأقل و الأكثر موجود و الجهل التفصيلي به لا يصلح مانعا لا عن المأمور به و لا عن توجه الأمر كما تقدم في المتباينين حرفا بحرف.

قلت نختار هنا أن الجهل مانع عقلي عن توجه التكليف بالمجهول إلى المكلف لحكم العقل بقبح المؤاخذة على ترك الأكثر المسبب عن ترك الجزء المشكوك من دون بيان و لا يعارض بقبح المؤاخذة على ترك الأقل من حيث هو من دون بيان إذ يكفي في البيان المسوغ للمؤاخذة عليه العلم التفصيلي بأنه مطلوب للشارع بالاستقلال أو في ضمن الأكثر و مع هذا العلم لا يقبح المؤاخذة.

و ما ذكر في المتباينين سندا لمنع كون الجهل مانعا من استلزامه لجواز المخالفة القطعية و قبح خطاب الجاهل المقصر و كونه معذورا بالنسبة إلى الواقع مع أنه خلاف المشهور أو المتفق عليه غير جار فيما نحن فيه أما الأول فلأن عدم جواز المخالفة القطعية لكونها مخالفة معلومة بالتفصيل فإن وجوب الأقل بمعنى استحقاق العقاب بتركه معلوم تفصيلا و إن لم يعلم أن العقاب لأجل ترك نفسه أو لترك ما هو سبب في تركه و هو الأكثر فإن هذا العلم غير معتبر في إلزام العقل بوجوب الإتيان إذ مناط تحريك العقل إلى فعل الواجبات و ترك المحرمات دفع العقاب و لا يفرق في تحريكه بين علمه بأن العقاب لأجل هذا الشي‏ء أو لما هو مستند إليه.

و أما عدم معذورية الجاهل المقصر فهو للوجه الذي لا يعذر من أجله الجاهل بنفس التكليف المستقل و هو العلم الإجمالي بوجود واجبات و محرمات كثيرة في الشريعة و أنه لولاه لزم إخلال الشريعة لا العلم الإجمالي الموجود في المقام إذ الموجود في المقام علم تفصيلي و هو وجوب الأقل بمعنى ترتب العقاب على تركه و شك في أصل وجوب الزائد و لو مقدمة.

و بالجملة فالعلم الإجمالي فيما نحن فيه غير مؤثر في وجوب الاحتياط لكون أحد طرفيه معلوم الإلزام تفصيلا و الآخر مشكوك الإلزام رأسا و دوران الإلزام في الأقل بين كونه مقدميا أو نفسيا لا يقدح في كونه معلوما بالتفصيل لما ذكرنا من أن العقل يحكم بوجوب القيام بما علم إجمالا أو تفصيلا إلزام المولى به على أي وجه كان و يحكم بقبح المؤاخذة على ما شك في إلزامه و المعلوم إلزامه تفصيلا هو الأقل و المشكوك إلزامه رأسا هو الزائد و المعلوم إلزامه إجمالا هو الواجب النفسي المردد بين الأقل و الأكثر و لا عبرة به بعد انحلاله إلى معلوم تفصيلي و مشكوك كما في كل معلوم إجمالي كان كذلك كما لو علم إجمالا بكون أحد من الإناءين اللذين أحدهما المعين نجس خمرا فإنه يحكم بحلية الطاهر منهما و العلم الإجمالي لا يؤثر في وجوب الاجتناب عنه.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 463

و مما ذكرنا يظهر أنه يمكن التمسك في عدم وجوب الأكثر بأصالة عدم وجوبه فإنها سليمة في هذا المقام عن المعارضة بأصالة عدم وجوب الأقل لأن وجوب الأقل معلوم تفصيلا فلا يجري فيه الأصل و تردد وجوبه بين الوجوب النفسي و الغيري مع العلم التفصيلي لورود الخطاب التفصيلي بوجوبه بقوله وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ و قوله وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ و قوله فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ و قوله ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا و غير ذلك من الخطابات المتضمنة للأمر بالأجزاء لا يوجب جريان أصالة عدم الوجوب و أصالة البراءة.

لكن الإنصاف أن التمسك بأصالة عدم وجوب الأكثر لا ينفع في المقام بل هو قليل الفائدة لأنه إن قصد به نفي أثر الوجوب الذي هو استحقاق العقاب بتركه فهو و إن كان غير معارض بأصالة عدم وجوب الأقل كما ذكرنا إلا أنك قد عرفت فيما تقدم في الشك في التكليف المستقل أن استصحاب عدم التكليف المستقل وجوبا أو تحريما لا ينفع في رفع استحقاق العقاب على الترك أو الفعل لأن عدم استحقاق العقاب ليس من آثار عدم الوجوب و الحرمة الواقعيين حتى يحتاج إلى إحرازهما بالاستصحاب بل يكفي فيه عدم العلم بهما فمجرد الشك فيهما كاف في عدم استحقاق العقاب القاطع و قد أشرنا إلى ذلك عند التمسك في حرمة العمل بالظن بأصالة عدم حجيته و قلنا إن الشك في حجيته كاف في التحريم فلا يحتاج إلى إحراز عدمها بالأصل و إن قصد به نفي الآثار المترتبة على الوجوب النفسي المستقل فأصالة عدم هذا الوجوب في الأكثر معارضة بأصالة عدمه في الأقل فلا يبقى لهذا الأصل فائدة إلا في نفي ما عدا العقاب من الآثار المترتبة على مطلق الوجوب الشامل للنفسي و الغيري. ثم بما ذكرنا في منع جريان الدليل العقلي المتقدم في المتباينين فيما نحن فيه يقدر على منع سائر ما يتمسك به لوجوب الاحتياط في هذا المقام.

مثل استصحاب الاشتغال بعد الإتيان بالأقل و أن الاشتغال اليقيني يقتضي وجوب تحصيل اليقين بالبراءة. و مثل أدلة اشتراك الغائبين مع الحاضرين في الأحكام المقتضية لاشتراكنا معاشر الغائبين مع الحاضرين العالمين بالمكلف به تفصيلا.

و مثل وجوب دفع الضرر و هو العقاب المحتمل قطعا و بعبارة أخرى وجوب المقدمة العلمية للواجب. و مثل أن قصد القربة غير ممكن بالإتيان بالأقل لعدم العلم بمطلوبيته في ذاته فلا يجوز الاقتصار عليه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 464

في العبادات بل لا بد من الإتيان بالجزء المشكوك.

فإن الأول مضافا إلى منع جريانه حتى في مورد وجوب الاحتياط كما تقدم في المتباينين بأن بقاء وجوب الأمر المردد بين الأقل و الأكثر بالاستصحاب لا يجدي بعد فرض كون وجود المتيقن قبل الشك غير مجد في الاحتياط نعم لو قلنا بالأصل المثبت و أن استصحاب الاشتغال بعد الإتيان بالأقل يثبت كون الواجب هو الأكثر فيجب الإتيان به أمكن الاستدلال بالاستصحاب لكن يمكن أن يقال إنا نفينا في الزمان السابق وجوب الأكثر لقبح المؤاخذة من دون بيان فتعين الاشتغال بالأقل فهو منفي في الزمان السابق فكيف يثبت في الزمان اللاحق. و أما الثاني فهو حاصل الدليل المتقدم في المتباينين المتوهم جريانه في المقام و قد عرفت الجواب و أن الاشتغال اليقيني إنما هو بالأقل و غيره مشكوك فيه.

و أما الثالث ففيه أن مقتضى الاشتراك كون الغائبين و الحاضرين على نهج واحد مع كونهما في العلم و الجهل على صفة واحدة و لا ريب أن وجوب الاحتياط على الجاهل من الحاضرين فيما نحن فيه عين الدعوى. و أما الرابع فلأنه يكفي في قصد القربة الإتيان بما علم من الشارع الإلزام به و أداء تركه إلى استحقاق العقاب لأجل التخلص عن العقاب فإن هذا المقدار كاف في نية القربة المعتبرة في العبادات حتى لو علم بأجزائها تفصيلا. و أما الخامس فلأن وجوب المقدمة فرع وجوب ذي المقدمة و هو الأمر المتردد بين الأقل و الأكثر و قد تقدم أن وجوب المعلوم إجمالا مع كون أحد طرفيه متيقن الإلزام من الشارع و لو بالإلزام المقدمي غير مؤثر في وجوب الاحتياط لكون الطرف الغير المتيقن و هو الأكثر فيما نحن فيه مورد ا لقاعدة البراءة كما مثلنا له بالخمر المردد بين إناءين أحدهما المعين نجس.

نعم لو ثبت أن ذلك أعني تيقن أحد طرفي المعلوم بالإجمال تفصيلا و ترتب أثره عليه لا يقدح في وجوب العمل بما يقتضيه من الاحتياط فيقال في المثال إن التكليف بالاجتناب عن هذا الخمر المردد بين الإناءين يقتضي استحقاق العقاب على تناوله بتناول أي الإناءين اتفق كونه خمرا فيجب الاحتياط بالاجتناب عنهما فكذلك فيما نحن فيه. و الدليل العقلي على البراءة من هذه الجهة يحتاج إلى مزيد تأمل.

بقي الكلام في أنه كيف يقصد القربة بإتيان الأقل مع عدم العلم بكونه مقربا لتردده بين الواجب النفسي المقرب و المقدمي الغير المقرب فنقول يكفي في قصد القربة قصد التخلص من العقاب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 465

فإنها إحدى الغايات المذكورة في العبادات‏

و أما الدليل النقلي‏

فهو الأخبار الدالة على البراءة الواضحة سندا و دلالة و لذا عول عليها في المسألة من جعل مقتضى العقل فيها وجوب الاحتياط بناء على وجوب مراعاة العلم الإجمالي و إن كان الإلزام في أحد طرفيه معلوما بالتفصيل و قد تقدم أكثر تلك الأخبار في الشك في التكليف التحريمي و الوجوبي.

(منها قوله عليه السلام: ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم).

فإن وجوب الجزء المشكوك محجوب علمه عن العباد فهو موضوع عنهم فدل على أن الجزء المشكوك وجوبه غير واجب على الجاهل كما دل على أن الشي‏ء المشكوك وجوبه النفسي غير واجب في الظاهر على الجاهل. و يمكن تقريب الاستدلال بأن وجوب الأكثر مما حجب علمه فهو موضوع و لا يعارض بأن وجوب الأقل كذلك لأن العلم بوجوبه المردد بين النفسي و الغيري غير محجوب فهو غير موضوع.

(و منها قوله صلى اللَّه عليه و آله: رفع عن أمتي ... ما لا يعلمون).

فإن وجوب الجزء المشكوك مما لم يعلم فهو مرفوع عن المكلفين أو أن العقاب و المؤاخذة المترتبة على تعمد ترك الجزء المشكوك الذي هو سبب لترك الكل مرفوع عن الجاهل.

إلى غير ذلك من أخبار البراءة الجارية في الشبهة الوجوبية.

و كان بعض مشايخنا رحمه الله يدعي ظهورها في نفي الوجوب النفسي المشكوك و عدم جريانها في الشك في الوجوب الغيري.

و لا يخفى على المتأمل عدم الفرق بين الوجوبين في نفي ما يترتب عليه من استحقاق العقاب لأن ترك الواجب الغيري منشأ لاستحقاق العقاب و لو من جهة كونه منشأ لترك الواجب النفسي.

نعم لو كان الظاهر من الأخبار نفي العقاب المترتب على ترك الشي‏ء من حيث خصوص ذاته‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 466

أمكن دعوى ظهورها في ما ادعي مع إمكان أن يقال إن العقاب على ترك الجزء أيضا من حيث خصوص ذاته لأن ترك الجزء عين ترك الكل فافهم.

هذا كله إن جعلنا المرفوع الموضوع في الروايات خصوص المؤاخذة و أما لو عممناه لمطلق الآثار الشرعية المترتبة على الشي‏ء المجهول كانت الدلالة أوضح لكن سيأتي ما في ذلك.

ثم إنه لو فرضنا عدم تمامية الدليل العقلي المتقدم بل كون العقل حاكما بوجوب الاحتياط و مراعاة حال العلم الإجمالي بالتكليف المردد بين الأقل و الأكثر كانت هذه الأخبار كافية في المطلب حاكمة على ذلك الدليل العقلي لأن الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان واجبا في الواقع فلا يقتضي العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل.

(و قد توهم بعض المعاصرين عكس ذلك و حكومة أدلة الاحتياط على هذه الأخبار فقال لا نسلم حجب العلم في المقام لوجود الدليل في المقام و هي أصالة الاشتغال في الأجزاء و الشرائط المشكوكة.

ثم قال لأن ما كان لنا طريق إليه في الظاهر لا يصدق في حقه الحجب و إلا لدلت هذه الأخبار على عدم حجية الأدلة الظنية كخبر الواحد و شهادة العدلين و غيرهما.

قال و لو التزم تخصيصها بما دل على حجية تلك الطرق تعين تخصيصها أيضا بما دل على حجية أصالة الاشتغال من عمومات أدلة الاستصحاب و وجوب المقدمة العلمية.

ثم قال و التحقيق التمسك بهذه الأخبار على نفي الحكم الوضعي و هي الجزئية و الشرطية انتهى). أقول قد ذكرنا في المتباينين و فيما نحن فيه أن استصحاب الاشتغال لا يثبت لزوم الاحتياط إلا على القول باعتبار الأصل المثبت الذي لا نقول به وفاقا لهذا الفاضل و أن العمدة في وجوب الاحتياط هو حكم العقل بوجوب إحراز محتملات الواجب الواقعي بعد إثبات تنجز التكليف و أنه المؤاخذ به و المعاقب على تركه و لو حين الجهل به و تردده بين متباينين أو الأقل و الأكثر و لا ريب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 467

أن ذلك الحكم مبناه وجوب دفع العقاب المحتمل على ترك ما يتركه المكلف.

و حينئذ فإذا أخبر الشارع في قوله ما حجب الله و قوله رفع عن أمتي و غيرهما بأن الله سبحانه و تعالى لا يعاقب على ترك ما لم يعلم جزئيته فقد ارتفع احتمال العقاب في ترك ذلك المشكوك و حصل الأمن منه فلا يجري فيه حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل.

نظير ما إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الصلاة إلى جهة خاصة من الجهات لو فرض كونها القبلة الواقعية فإنه يخرج بذلك عن باب المقدمة لأن المفروض تركها لا يفضي إلى العقاب.

نعم لو كان مستند الاحتياط أخبار الاحتياط كان لحكومة تلك الأخبار على أخبار البراءة وجه أشرنا إليه في الشبهة التحريمية من أقسام الشك في التكليف.

و مما ذكرنا يظهر حكومة هذه الأخبار على استصحاب الاشتغال على تقدير القول بالأصل المثبت أيضا كما أشرنا إليه سابقا لأنه إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الأكثر الذي حجب العلم بوجوبه كان المستصحب و هو الاشتغال المعلوم سابقا غير متيقن إلا بالنسبة إلى الأقل و قد ارتفع بإتيانه و احتمال بقاء الاشتغال حينئذ من جهة الأكثر ملغى بحكم هذه الأخبار.

و بالجملة فما ذكره من حكومة أدلة الاشتغال على هذه الأخبار ضعيف جدا نظرا إلى ما تقدم.

و أضعف من ذلك أنه رحمه الله عدل من أجل هذه الحكومة التي زعمها لأدلة الاحتياط على هذه الأخبار عن الاستدلال بها لمذهب المشهور من حيث نفي الحكم التكليفي إلى التمسك بها في نفي الحكم الوضعي أعني جزئية الشي‏ء المشكوك أو شرطيته و زعم أن ماهية المأمور به تبين ظاهرا كونها للأقل بضميمة نفي جزئية المشكوك و يحكم بذلك على أصالة الاشتغال (قال في توضيح ذلك إن مقتضى هذه الروايات أن ماهيات العبادات عبارة عن الأجزاء المعلومة بشرائطها المعلومة فيتبين مورد التكليف و يرتفع منها الإجمال و الإبهام. ثم أيد هذا المعنى بل استدل عليه بفهم العلماء منها ذلك حيث قال إن من الأصول المعروفة عندهم أصالة العدم و عدم الدليل دليل العدم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 468

و يستعملونه في نفي الحكم التكليفي و الوضعي و نحن قد تفحصنا فلم نجد لهذا الأصل مستندا يمكن التمسك له غير عموم هذه الأخبار فتعين تعميمها للحكم الوضعي و لو بمساعدة أفهامهم فيتناول الجزئية المبحوث عنها في المقام انتهى).

أقول أما ما ادعاه من عموم تلك الأخبار لنفي غير الحكم الإلزامي التكليفي فلو لا عدوله عنه في باب البراءة و الاحتياط من الأدلة العقلية لذكرنا بعض ما فيه من منع العموم أولا و منع كون الجزئية أمرا مجعولا شرعيا غير الحكم التكليفي و هو إيجاب المركب المشتمل على ذلك الجزء ثانيا و أما ما استشهد به من فهم الأصحاب و ما ظهر بالتفحص ففيه أن أول ما يظهر للمتفحص في هذا المقام أن العلماء لم يستندوا في الأصلين المذكورين إلى هذه الأخبار.

أما أصل العدم فهو الجاري عندهم في غير الأحكام الشرعية أيضا من الأحكام اللفظية كأصالة عدم القرينة و غيرها فكيف يستند فيه بالأخبار المتقدمة.

و أما عدم الدليل دليل العدم فالمستند فيه عندهم شي‏ء آخر ذكره كل من تعرض لهذه القاعدة كالشيخ و ابن زهرة و الفاضلين و الشهيد و غيرهم و لا اختصاص له بالحكم التكليفي و الوضعي.

و بالجملة فلم نعثر على من يستدل بهذه الأخبار في هذين الأصلين أما رواية الحجب و نظائرها فظاهر و أما النبوي المتضمن لرفع الخطإ و النسيان و ما لا يعلمون فأصحابنا بين من يدعي ظهورها في رفع المؤاخذة و لا ينفي به غير الحكم التكليفي كأخواته من رواية الحجب و غيرها و هو المحكي عن أكثر الأصوليين و بين من يتعدى عن ذلك إلى الأحكام الغير التكليفية لكن في موارد وجود الدليل على ذلك الحكم و عدم جريان الأصلين المذكورين بحيث لو لا النبوي لقالوا بثبوت ذلك الحكم و نظرهم في ذلك أن النبوي بناء على عمومه لنفي الحكم الوضعي حاكم على تلك الأدلة المثبتة لذلك الحكم الوضعي.

و مع ما عرفت كيف يدعى أن مستند الأصلين المذكورين المتفق عليهما هو هذه الروايات التي ذهب الأكثر إلى اختصاصها بنفي المؤاخذة.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 469

نعم يمكن التمسك به أيضا في مورد جريان الأصلين المذكورين بناء على أن صدق رفع أثر هذه الأمور أعني الخطأ و النسيان و أخواتهما كما يحصل بوجود المقتضي لذلك الأثر تحقيقا كما في موارد ثبوت الدليل المثبت لذلك الأثر الشامل لصورة الخطإ و النسيان كذلك يحصل بتوهم ثبوت المقتضي و لو لم يكن عليه دليل و لا له مقتض محقق لكن تصادق بعض موارد الأصلين و الرواية مع تباينهما الجزئي لا يدل على الاستناد لهما بها بل يدل على العدم. ثم إن في الملازمة التي صرح بها في قوله و إلا لدلت هذه الأخبار على نفي حجية الطرق الظنية كخبر الواحد و غيره منعا واضحا ليس هنا محل ذكره فافهم.

و اعلم أن هنا أصولا ربما يتمسك بها على المختار منها أصالة عدم وجوب الأكثر.

و قد عرفت سابقا حالها.

و منها أصالة عدم وجوب الشي‏ء المشكوك في جزئيته.

حاله حال سابقه بل أردأ لأن الحادث المجعول هو وجوب المركب المشتمل عليه فوجوب الجزء في ضمن الكل عين وجوب الكل و وجوبه المقدمي بمعنى اللابدية لازم له غير حادث بحدوث مغاير كزوجية الأربعة و بمعنى الطلب الغيري حادث مغاير لكن لا يترتب عليه أثر يجدي فيما نحن فيه إلا على القول باعتبار الأصل المثبت ليثبت بذلك كون الماهية هي الأقل.

و منها أصالة عدم جزئية الشي‏ء المشكوك.

و فيه أن جزئية الشي‏ء المشكوك كالسورة للمركب الواقعي و عدمها ليست أمرا حادثا مسبوقا بالعدم. و إن أريد أصالة عدم صيرورة السورة جزء لمركب مأمور به ليثبت بذلك خلو المركب المأمور به منه و مرجعه إلى أصالة عدم الأمر بما يكون هذا جزء منه ففيه ما مر من أنه أصل مثبت.

و إن أريد أصالة عدم دخل هذا المشكوك في المركب عند اختراعه له الذي هو عبارة عن ملاحظة عدة أجزاء غير مرتبطة في نفسها شيئا واحدا و مرجعها إلى أصالة عدم ملاحظة هذا الشي‏ء مع المركب المأمور به شيئا واحدا فإن الماهيات المركبة لما كان تركبها جعليا حاصلا بالاعتبار و إلا فهي أجزاء لا ارتباط بينها في أنفسها و لا وحدة تجمعها إلا باعتبار معتبر توقف جزئية شي‏ء لها على ملاحظته معها و اعتبارها مع هذا الشي‏ء أمرا واحدا فمعنى جزئية السورة للصلاة ملاحظة السورة مع‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 470

باقي الأجزاء شيئا واحدا و هذا معنى اختراع الماهيات و كونها مجعولة فالجعل و الاختراع فيها من حيث التصور و الملاحظة لا من حيث الحكم حتى يكون الجزئية حكما شرعيا وضعيا في مقابل الحكم التكليفي كما اشتهر في ألسنة جماعة إلا أن يريدوا بالحكم الوضعي هذا المعنى.

و تمام الكلام يأتي في باب الاستصحاب إن شاء الله تعالى عند ذكر التفصيل بين الأحكام الوضعية و الأحكام التكليفية.

ثم إنه إذا شك في الجزئية بالمعنى المذكور فالأصل عدمها فإذا ثبت عدمها في الظاهر يترتب عليه كون الماهية المأمور بها هي الأقل لأن تعين الماهية في الأقل يحتاج إلى جنس وجودي و هي الأجزاء المعلومة و فصل عدمي هو عدم جزئية غيرها و عدم ملاحظته معها و الجنس موجود بالفرض و الفصل ثابت بالأصل فتعين المأمور به فله وجه.

إلا أن يقال إن جزئية الشي‏ء مرجعها إلى ملاحظة المركب منه و من الباقي شيئا واحدا كما أن عدم جزئيته راجع إلى ملاحظة غيره من الأجزاء شيئا واحدا.

فجزئية الشي‏ء و كلية المركب المشتمل عليه مجعول بجعل واحد فالشك في جزئية الشي‏ء شك في كلية الأكثر و نفي جزئية الشي‏ء نفي لكليته فإثبات كلية الأقل بذلك إثبات لأحد الضدين بنفي الآخر و ليس أولى من العكس. و منه يظهر عدم جواز التمسك بأصالة عدم التفات الأمر حين تصور المركب إلى هذا الجزء حتى يكون بملاحظته شيئا واحدا مركبا من ذلك و من باقي الأجزاء لأن هذا أيضا لا يثبت أنه اعتبر بالتركيب بالنسبة إلى باقي الأجزاء هذا مع أن أصالة عدم الالتفات لا تجري بالنسبة إلى الشارع المنزه عن الغفلة بل لا يجري مطلقا في ما دار أمر الجزء بين كونه جزء واجبا أو جزء مستحبا لحصول الالتفات فيه قطعا فتأمل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 471