حضرت امام جعفر صادق عليه‌السلام نے فرمایا: دنیا خدا کی پوشیدہ حجت (امام عصر ؑ) سے اسی طرح فائدہ حاصل کرے گی جس طرح بادلوںمیں چھپے ہوئے سورج سے حاصل کرتی ہے الامالی للصدوق ؒ مجلس34حدیث15

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك‏
و الموضع الأول و هو الشك في نفس التكليف‏
احتج للقول الأول بالأدلة الأربعة
و أما الإجماع فتقريره من وجهين‏
احتج للقول الثاني و هو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالأدلة الثلاثة
و ينبغي التنبيه على أمور
المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل
المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب و غير الحرمة من الأحكام‏
المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب و الحرمة
الموضع الثاني في الشك في المكلف به‏
و أما المقام الثاني و هو وجوب اجتناب الكل و عدمه‏
و ينبغي التنبيه على أمور
المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏
و ينبغي التنبيه على أمور
القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر
المسألة الثانية ما إذا كان الشك في الجزئية ناشئا من إجمال الدليل‏
و أما القسم الثاني و هو الشك في كون الشي‏ء قيدا للمأمور به‏
الأمر الثاني‏
خاتمة فيما يعتبر في العمل بالأصل‏
و أما البراءة
و أما الكلام في مقدار الفحص‏
قاعدة لا ضرر

رسائل حصہ دوم

و ينبغي التنبيه على أمور

الأول

أنه لا فرق في وجوب الاجتناب عن المشتبه الحرام بين كون المشتبهين مندرجين تحت حقيقة واحدة و غير ذلك لعموم ما تقدم من الأدلة و يظهر من كلام صاحب الحدائق التفصيل فإنه ذكر كلام صاحب المدارك في مقام تأييد ما قواه من عدم وجوب الاجتناب من المشتبهين.

و هو (أن المستفاد من قواعد الأصحاب أنه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الإناء و خارجه لم يمنع من استعماله و هو مؤيد لما ذكرناه قال مجيبا عن ذلك أولا بأنه من باب الشبهة الغير المحصورة و ثانيا أن القاعدة المذكورة إنما تتعلق بالأفراد المندرجة تحت ماهية واحدة و الجزئيات التي تحويها حقيقة واحدة إذا اشتبه طاهرها بنجسها و حلالها بحرامها فيفرق بين المحصور و غير المحصور بما تضمنه تلك الأخبار لا وقوع الاشتباه كيف اتفق انتهى كلامه رفع مقامه).

و فيه بعد منع كون ما حكاه صاحب المدارك عن الأصحاب مختصا بغير المحصور بل لو شك في وقوع النجاسة في الإناء أو ظهر الإناء فظاهرهم الحكم بطهارة الماء أيضا كما يدل عليه تأويلهم لصحيحة علي بن جعفر الواردة في الدم الغير المستبين في الماء بذلك أنه لا وجه لما ذكره من اختصاص القاعدة.

أما أولا فلعموم الأدلة المذكورة خصوصا عمدتها و هي أدلة الاجتناب من العناوين المحرمة الواقعية كالنجس و الخمر و مال الغير و غير ذلك بضميمة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل.

و أما ثانيا فلأنه لا ضابطة لما ذكره من الاندراج تحت ماهية واحدة و لم يعلم الفرق بين تردد

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 417

النجس بين ظاهر الإناء و باطنه أو بين الماء و قطعة من الأرض أو بين الماء و مائع آخر أو بين مائعين مختلفي الحقيقة و بين تردده ما بين ماءين أو ثوبين أو مائعين متحدي الحقيقة.

نعم هنا شي‏ء آخر و هو أنه هل يشترط في العنوان المحرم الواقعي و النجس الواقعي المردد بين المشتبهين أن يكون على كل تقدير متعلقا لحكم واحد أم لا مثلا إذا كان أحد المشتبهين ثوبا و الآخر مسجدا حيث إن المحرم في أحدهما اللبس و في الآخر السجدة فليس هنا خطاب جامع للنجس الواقعي بل العلم بالتكليف مستفاد من مجموع قول الشارع لا تلبس النجس في الصلاة و لا تسجد على النجس.

و أولى من ذلك بالإشكال ما لو كان المحرم على كل تقدير عنوانا غيره على التقدير الآخر كما لو دار الأمر بين كون أحد المائعين نجسا و كون الآخر مال الغير لإمكان تكليف إدراج الفرض الأول تحت خطاب الاجتناب عن النجس بخلاف الثاني.

و أولى من ذلك ما لو تردد الأمر بين كون هذه المرأة أجنبية أو كون هذا المائع خمرا.

و توهم إدراج ذلك كله في وجوب الاجتناب عن الحرام مدفوع بأن الاجتناب عن الحرام عنوان منتزع من الأدلة المتعلقة بالعناوين الواقعية فالاعتبار بها لا به كما لا يخفى.

و الأقوى أن المخالفة القطعية في جميع ذلك غير جائز و لا فرق عقلا و عرفا في مخالفة نواهي الشارع بين العلم التفصيلي بخصوص ما خالفه و بين العلم الإجمالي بمخالفة أحد النهيين أ لا ترى أنه لو ارتكب مائعا واحدا يعلم أنه مال الغير أو نجس لم يعذر لجهله التفصيلي بما خالفه فكذا حال من ارتكب النظر إلى المرأة و شرب المائع في المثال الأخير.

و الحاصل أن النواهي الشرعية بعد الاطلاع عليها بمنزلة نهي واحد عن عدة أمور.

فكما تقدم أنه لا يجتمع نهي الشارع عن أمر واقعي واحد كالخمر مع الإذن في ارتكاب المائعين المردد بينهما الخمر فكذا لا يجتمع النهي عن عدة أمور مع الإذن في ارتكاب كلا الأمرين المعلوم وجود أحد تلك الأمور فيهما. و أما الموافقة القطعية فالأقوى أيضا وجوبها لعدم جريان أدلة الحلية و لا أدلة البراءة عقليها و نقليها.

أما النقلية فلما تقدم من استوائها بالنسبة إلى كل من المشتبهين و إبقاؤهما يوجب التنافي مع أدلة تحريم العناوين الواقعية و إبقاء واحد على سبيل البدل غير جائز إذ بعد خروج كل منهما بالخصوص ليس الواحد لا بعينه فردا ثالثا يبقى تحت أصالة العموم.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 418

و أما العقلية فلمنع استقلاله في المقام بقبح مؤاخذة من ارتكب الحرام المردد بين الأمرين بل الظاهر استقلال العقل في المقام بعد عدم القبح المذكور بوجوب دفع الضرر أعني العقاب المحتمل في ارتكاب أحدهما.

و بالجملة عدم التفكيك في هذا المقام بين المخالفة القطعية و المخالفة الاحتمالية فإما أن يجوز الأولى و إما أن يمنع الثانية

الثاني‏

أن وجوب الاجتناب عن كل من ال 1 مشتبهين هل هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه حذرا من الوقوع في المؤاخذة بمصادفة ما ارتكبه للحرام الواقعي فلا مؤاخذة إلا على تقدير الوقوع في الحرام أو هو بمعنى لزوم الاحتراز عنه من حيث إنه مشتبه فيستحق المؤاخذة ب ارتكاب أحدهما و لو لم يصادف الحرام و لو ارتكبهما استحق عقابين فيه وجهان بل قولان أقواهما الأول لأن حكم العقل بوجوب دفع الضرر هو بمعنى العقاب المحتمل بل المقطوع حكم إرشادي و كذا لو فرض أمر الشارع بالاجتناب عن عقاب محتمل أو مقطوع بقوله تحرز عن الوقوع في معصية النهي عن الزنا لم يكن إلا إرشاديا و لم يترتب على موافقته و مخالفته سوى خاصية نفس المأمور به و تركه كما هو شأن الطلب الإرشادي و إلى هذا المعنى أشار صلى الله عليه و آله (بقوله: اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس) و (قوله: من ارتكب الشبهات وقع في المحرمات و هلك من حيث لا يعلم).

و من هنا ظهر أنه لا فرق في ذلك بين الاستناد في وجوب الاجتناب إلى حكم العقل و بين الاستناد فيه إلى حكم الشرع بوجوب الاحتياط و أما حكمهم بوجوب دفع الضرر المظنون شرعا و استحقاق العقاب على تركه و إن لم يصادف الواقع فهو خارج عما نحن فيه لأن الضرر الدنيوي ارتكابه مع العلم حرام شرعا و المفروض أن الظن في باب الضرر طريق شرعي فالمقدم مع الظن كالمقدم مع القطع مستحق للعقاب كما لو ظن سائر المحرمات بالظن المعتبر.

نعم لو شك في هذا الضرر يرجع إلى أصالة الإباحة و عدم الضرر لعدم استحالة ترخيص الشارع في الإقدام على الضرر الدنيوي المقطوع إذا كان في الترخيص مصلحة أخروية فيجوز ترخيصه بالإقدام على المحتمل لمصلحة و لو كانت تسهيل الأمر على المكلف بوكول الإقدام على إرادته و هذا بخلاف الضرر الأخروي فإنه على تقدير ثبوته يقبح من الشارع الترخيص فيه نعم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 419

وجوب دفعه عقلي و لو مع الشك لكن لا يترتب على ترك دفعه إلا نفسه على تقدير ثبوته واقعا حتى إنه لو قطع به ثم لم يدفعه و اتفق عدمه واقعا لم يعاقب عليه إلا من باب التجري و قد تقدم في المقصد الأول المتكفل لبيان مسائل حجية القطع الكلام فيه و سيجي‏ء أيضا.

فإن قلت قد ذكر العدلية في الاستدلال بوجوب دفع الضرر على وجوب شكر المنعم بأن في تركه احتمال المضرة و جعلوا ثمرة وجوب شكر المنعم و عدم وجوبه استحقاق العقاب على ترك الشكر لمن لم يبلغه دعوة نبي زمانه فيدل ذلك على استحقاق العقاب بمجرد ترك دفع الضرر الأخروي المحتمل.

قلت حكمهم باستحقاق العقاب على ترك الشكر بمجرد احتمال الضرر في تركه لأجل مصادفة الاحتمال للواقع فإنا لما علمنا بوجوبه عند الشارع و ترتب العقاب على تركه فإذا احتمل العاقل العقاب على تركه فإن قلنا بحكومة العقل في مسألة دفع الضرر المحتمل صح عقاب تارك الشكر من أجل إتمام الحجة عليه بمخالفة عقله و إلا فلا فغرضهم أن ثمرة حكومة العقل بدفع الضرر المحتمل إنما يظهر في الضرر الثابت شرعا مع عدم العلم به من طريق الشرع لا أن الشخص يعاقب بمخالفة العقل و إن لم يكن ضرر في الواقع و قد تقدم في بعض مسائل الشبهة التحريمية شطر من الكلام في ذلك.

و قد يتمسك لإثبات الحرمة في المقام بكونه تجريا فيكون قبيحا عقلا فيحرم شرعا و قد تقدم في فروع حجية العلم الكلام في حرمة التجري حتى مع القطع بالحرمة إذا كان مخالفا للواقع كما أفتى به في التذكرة فيما إذا اعتقد ضيق الوقت فأخر و انكشف بقاء الوقت و إن تردد في النهاية.

و أضعف من ذلك التمسك بالأدلة الشرعية الدالة على الاحتياط لما تقدم من أن الظاهر من مادة الاحتياط التحرز عن الوقوع في الحرام كما يوضح ذلك النبويان السابقان و (قولهم صلوات الله عليهم: إن الوقوف عند الشبهة أولى من الاقتحام في الهلكة)

الثالث‏

أن وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين إنما هو مع تنجز التكليف بالحرام الواقعي على كل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 420

تقدير بأن يكون كل منهما بحيث لو فرض القطع بكونه الحرام كان التكليف بالاجتناب منجزا.

فلو لم يكن كذلك بأن لم يكلف به أصلا كما لو علم بوقوع قطرة من البول في أحد الإناءين أحدهما بول أو متنجس بالبول أو كثير لا ينفعل بالنجاسة أو أحد ثوبين أحدهما نجس بتمامه لم يجب الاجتناب عن الآخر لعدم العلم بحدوث التكليف بالاجتناب عن ملاقي هذه القطرة إذ لو كان ملاقيها هو الإناء النجس لم يحدث بسببه تكليف بالاجتناب أصلا فالشك في التكليف بالاجتناب عن الآخر شك في أصل التكليف لا المكلف به.

و كذا لو كان التكليف في أحدهما معلوما لكن لا على وجه التنجز بل معلقا على تمكن المكلف منه فإن ما لا يمكن المكلف من ارتكابه لا يكلف منجزا بالاجتناب عنه كما لو علم وقوع النجاسة في أحد شيئين لا يتمكن المكلف من ارتكاب واحد معين منهما فلا يجب الاجتناب عن الآخر لأن الشك في أصل تنجز التكليف لا في المكلف به تكليفا منجزا.

و كذا لو كان ارتكاب الواحد المعين ممكنا عقلا لكن المكلف أجنبي عنه و غير مبتلى به بحسب حاله كما إذا تردد النجس بين إنائه و إناء لا دخل للمكلف فيه أصلا فإن التكليف بالاجتناب عن هذا الإناء الآخر الممكن عقلا غير منجز عرفا و لهذا لا يحسن التكليف المنجز بالاجتناب عن الطعام أو الثوب الذي ليس من شأن المكلف الابتلاء به نعم يحسن الأمر بالاجتناب عنه مقيدا بقوله إذا اتفق لك الابتلاء بذلك بعارية أو بملك أو إباحة فاجتنب عنه. و الحاصل أن النواهي المطلوب فيها حمل المكلف على الترك مختصة بحكم العقل و العرف بمن يعد مبتلى بالواقعة المنهي عنها و لذا يعد خطاب غيره بالترك مستهجنا إلا على وجه التقييد بصورة الابتلاء.

و لعل السر في ذلك أن غير المبتلى تارك للمنهي عنه بنفس عدم الابتلاء فلا حاجة إلى نهيه فعند الاشتباه لا يعلم المكلف تنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي.

و هذا باب واسع ينحل به الإشكال عما علم من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة في مواقع مثل ما إذا علم إجمالا بوقوع النجاسة في إنائه أو في موضع من الأرض التي لا يبتلى به المكلف عادة أو بوقوع النجاسة في ثوبه أو ثوب غيره فإن الثوبين لكل منهما من باب الشبهة المحصورة مع عدم وجوب اجتنابهما فإذا أجرى أحدهما في ثوبه أصالة الحل و الطهارة لم يعارض بجريانهما في ثوب غيره إذ لا يترتب على هذا المعارض ثمرة عملية للمكلف يلزم من ترتبها مع العمل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 421

بذلك الأصل طرح التكليف المنجز بالأمر المعلوم إجمالا.

أ لا ترى أن زوجة شخص لو شكت في أنها هي المطلقة أو غيرها من ضراتها جاز لها ترتيب أحكام الزوجية على نفسها و لو شك الزوج هذا الشك لم يجز له النظر إلى إحداهما و ليس ذلك إلا لأن أصالة عدم تطليقة كل منهما متعارضان في حق الزوج بخلاف الزوجة فإن أصالة عدم تطلق ضرتها لا تثمر لها ثمرة عملية نعم لو اتفق ترتب تكليف على زوجية ضرتها دخلت في الشبهة المحصورة و مثل ذلك كثير في الغاية.

و مما ذكرنا يندفع ما تقدم من صاحب المدارك رحمه الله من الاستنهاض على ما اختاره من عدم وجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة بما يستفاد من الأصحاب من عدم وجوب الاجتناب عن الإناء الذي علم بوقوع النجاسة فيه أو في خارجه إذ لا يخفى أن خارج الإناء سواء كان ظهره أو الأرض القريبة منه ليس مما يبتلى به المكلف عادة و لو فرض كون الخارج مما يسجد عليه المكلف التزمنا وجوب الاجتناب عنهما للعلم الإجمالي بالتكليف المردد بين حرمة الوضوء بالماء النجس و حرمة السجدة على الأرض النجسة.

و يؤيد ما ذكرنا (صحيح ة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام: الواردة فيمن رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه هل يصلح الوضوء منه فقال عليه السلام إن لم يكن شي‏ء يستبين في الماء فلا بأس به و إن كان شيئا بينا فلا).

حيث استدل به الشيخ قدس سره على العفو عما لا يدركه الطرف من الدم و حملها المشهور على أن إصابة الإناء لا يستلزم إصابة الماء فالمراد أنه مع عدم تبين شي‏ء في الماء يحكم بطهارته و معلوم أن ظهر الإناء و باطنه الحاوي للماء من الشبهة المحصورة.

و ما ذكرنا واضح لمن تدبر.

إلا أن الإنصاف أن تشخيص موارد الابتلاء لكل من المشتبهين و عدم الابتلاء بواحد معين منهما كثيرا ما يخفى أ لا ترى أنه لو دار الأمر بين وقوع النجاسة على الثوب و وقوعها على ظهر طائر أو حيوان قريب منه لا يتفق عادة ابتلاؤه بالموضع النجس منه لم يشك أحد في عدم وجوب الاجتناب عن الثوب أما لو كان الطرف الآخر أرضا لا يبعد ابتلاء المكلف به في السجود و التيمم و إن لم يحتج إلى ذلك فعلا ففيه تأمل.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 422

و المعيار في ذلك و إن كان صحة التكليف بالاجتناب عنه على تقدير العلم بنجاسته و حسن ذلك من غير تقييد التكليف بصورة الابتلاء و اتفاق صيرورته واقعة له إلا أن تشخيص ذلك مشكل جدا.

نعم يمكن أن يقال عند الشك في حسن التكليف التنجيزي عرفا بالاجتناب و عدم حسنه إلا معلقا لأصل البراءة من التكليف المنجز كما هو المقرر في كل ما شك فيه في كون التكليف منجزا أو معلقا على أمر محقق العدم أو علم التعليق على أمر لكن شك في تحققه أو كون المتحقق من أفراده كما في المقام.

إلا أن هذا ليس بأولى من أن يقال إن الخطابات بالاجتناب عن المحرمات مطلقة غير معلقة و المعلوم تقييدها بالابتلاء في موضع العلم بتقبيح العرف توجيهها من غير تعلق بالابتلاء كما لو قال اجتنب عن ذلك الطعام النجس الموضوع قدام أمير البلد مع عدم جريان العادة بابتلاء المكلف به أو لا تصرف في اللباس المغصوب الذي لبسه ذلك الملك أو الجارية التي غصبها الملك و جعلها من خواص نسوانه مع عدم استحالة ابتلاء المكلف بذلك كله عقلا و لا عادة إلا أنه بعيد الاتفاق و أما لو شك في قبح التنجيز فيرجع إلى الإطلاقات.

فمرجع المسألة إلى أن المطلق المقيد بقيد مشكوك التحقق في بعض الموارد لتعذر ضبط مفهومه على وجه لا يخفى مصداق من مصاديقه كما هو شأن أغلب المفاهيم العرفية هل يجوز التمسك به أو لا و الأقوى الجواز فيصير الأصل في المسألة وجوب الاجتناب إلا ما علم عدم تنجز التكليف بأحد المشتبهين على تقدير العلم بكونه الحرام إلا أن يقال إن المستفاد من صحيحة علي بن جعفر المتقدمة كون الماء و ظاهر الإناء من قبيل عدم تنجز التكليف فيكون ذلك ضابطا في الابتلاء و عدمه إذ يبعد حملها على خروج ذلك عن قاعدة الشبهة لأجل النص فافهم‏ الرابع‏

أن الثابت في كل من المشتبهين لأجل العلم الإجمالي بوجود الحرام الواقعي فيهما هو وجوب الاجتناب لأنه اللازم من باب المقدمة من التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي أما سائر الآثار الشرعية المترتبة على ذلك الحرام فلا تترتب عليهما لعدم جريان باب المقدمة فيها فيرجع فيها إلى الأصول الجارية في كل من المشتبهين بالخصوص فارتكاب أحد المشتبهين لا يوجب حد الخمر على المرتكب بل يجري أصالة عدم موجب الحد و وجوبه. و هل يحكم بتنجس ملاقيه وجهان بل قولان مبنيان على أن تنجس الملاقي إنما جاء من‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 423

وجوب الاجتناب عن ذلك النجس بناء على أن الاجتناب عن النجس يراد به ما يعم الاجتناب عن ملاقيه و لو بوسائط و لذا (استدل السيد أبو المكارم في الغنية على تنجس الماء القليل بملاقاة النجاسة بما دل على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ) و يدل عليه أيضا ما في بعض الأخبار من استدلاله عليه السلام على حرمة الطعام الذي مات فيه فأرة بأن الله سبحانه حرم الميتة فإذا حكم الشارع بوجوب هجر كل واحد من المشتبهين فقد حكم بوجوب هجر كل ما لاقاه.

و هذا معنى ما (استدل به العلامة رحمه الله في المنتهى على ذلك بأن الشارع أعطاهما حكم النجس) و إلا ف لم يقل أحد إن كلا من المشتبهين بحكم النجس في جميع آثاره و إن الاجتناب عن النجس لا يراد به إلا الاجتناب عن العين و تنجس الملاقي للنجس حكم وضعي سببي يترتب للعنوان الواقعي من النجاسات نظير وجوب الحد للخمر فإذا شك في ثبوته للملاقي جرى فيه أصل الطهارة و أصل الإباحة.

و الأقوى هو الثاني أما أولا فلما ذكر و حاصله منع ما في الغنية من دلالة وجوب هجر النجس على وجوب الاجتناب عن ملاقي الرجز إذا لم يكن عليه أثر من ذلك الرجز فتنجيسه حينئذ ليس إلا لمجرد تعبد خاص فإذا حكم الشارع بوجوب هجر المشتبه في الشبهة المحصورة فلا يدل على وجوب هجر ما يلاقيه.

نعم قد يدل بواسطة بعض الأمارات الخارجية كما استفيد نجاسة البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء من أمر الشارع بالطهارة عقيبه من جهة استظهار أن الشارع جعل هذا المورد من موارد تقديم الظاهر على الأصل فحكم بكون الخارج بولا لا أنه أوجب خصوص الوضوء بخروجه.

و به يندفع تعجب صاحب الحدائق رحمه الله من حكمهم بعدم النجاسة فيما نحن فيه و حكمهم بها في البلل مع كون كل منهما مشتبها حكم عليه ببعض أحكام النجاسة.

و أما الرواية (فهي رواية عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام: أنه أتاه رجل فقال له وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله فقال أبو جعفر عليه السلام لا تأكله فقال الرجل الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي لأجلها فقال أبو جعفر عليه السلام إنك لم تستخف بالفأرة و إنما استخففت بدينك إن الله حرم الميتة من كل شي‏ء).

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 424

وجه الدلالة أنه عليه السلام جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافا بتحريم الميتة و لو لا استلزامه لتحريم ملاقيه لم يكن أكل الطعام استخفافا بتحريم الميتة فوجوب الاجتناب عن شي‏ء يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه.

لكن الرواية ضعيفة سندا مع أن الظاهر من الحرمة فيها النجاسة لأن مجرد التحريم لا يدل على النجاسة فضلا عن تنجس الملاقي و ارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج ما عدا النجاسات من المحرمات كما ترى فالملازمة بين نجاسة الشي‏ء و تنجس ملاقيه لا حرمة الشي‏ء و حرمة ملاقيه.

فإن قلت وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه و إن لم يكن من حيث ملاقاته له إلا أنه يصير كملاقيه في العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة المشتبه الآخر فلا فرق بين الملاقيين في كون كل منها أحد طرفي الشبهة فهو نظير ما إذا قسم أحد المشتبهين قسمين و جعل كل قسم في إناء قلت ليس الأمر كذلك لأن أصالة الطهارة و الحل في الملاقي بالكسر سليم عن معارضة أصالة الطهارة للمشتبه الآخر بخلاف أصالة الطهارة و الحل في الملاقى بالفتح فإنها معارضة بها في المشتبه الآخر.

و السر في ذلك أن الشك في الملاقي بالكسر ناش عن الشبهة المتقومة بالمشتبهين فالأصل فيهما أصل في الشك السببي و الأصل فيه أصل في الشك المسبب.

و قد تقرر في محله أن الأصل في الشك السببي حاكم و وارد على الأصل في الشك المسبب سواء كان مخالفا له كما في أصل طهارة الماء الحاكمة على أصالة نجاسة الثوب النجس المغسول به أم موافقا كما في أصالة طهارة الماء الحاكمة على أصالة إباحة الشرب.

فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف جاريا لم يجر الأصل المحكوم لأن الأول رافع شرعي للشك المسبب و منزلة الدليل بالنسبة إليه و إذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع عن جريان الأصل في الشك المسبب و وجب الرجوع إليه لأنه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين.

أ لا ترى أنه يجب الرجوع عند تعارض أصالة الطهارة و النجاسة عند تتميم الماء النجس كرا بطاهر و عند غسل المحل النجس بماءين مشتبهين بالنجس إلى قاعدة الطهارة و لا تجعل القاعدة كأحد المتعارضين.

نعم ربما تجعل معاضدا لأحدهما الموافق لها بزعم كونهما في مرتبة واحدة.

لكنه توهم فاسد و لذا لم يقل أحد في مسألة الشبهة المحصورة بتقديم أصالة الطهارة في المشتبه‏ فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 425

الملاقى بالفتح لاعتضادها بأصالة طهارة الملاقي بالكسر.

فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتحاد مرتبتهما لاتحاد الموجبة لهما الرجوع إلى ما ورائهما من الأصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين فافهم و اغتنم و تمام الكلام في تعارض الاستصحابين إن شاء الله تعالى.

نعم لو حصل للأصل في هذا الملاقي بالكسر أصل آخر في مرتبته كما لو وجد معه ملاقي المشتبه الآخر كانا من الشبهة المحصورة و لو كان ملاقاة شي‏ء لأحد المشتبهين قبل العلم الإجمالي و فقد الملاقى بالفتح ثم حصل العلم الإجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه و عن الباقي لأن أصالة الطهارة في الملاقي بالكسر معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر لعدم جريان الأصل في المفقود حتى يعارضه لما أشرنا إليه في الأمر الثالث من عدم جريان الأصل فيما لا يبتلى به المكلف و لا أثر له بالنسبة إليه.

فمحصل ما ذكرنا أن العبرة في حكم الملاقي بكون أصالة الطهارة سليمة أو معارضة و لو كان العلم الإجمالي قبل فقد الملاقي و الملاقاة ففقد فالظاهر طهارة الملاقي و وجوب الاجتناب عن صاحب الملاقي و لا يخفى وجهه فتأمل جيدا

الخامس‏

لو اضطر إلى ارتكاب بعض المحتملات فإن كان بعضا معينا فالظاهر عدم وجوب الاجتناب عن الباقي إن كان الاضطرار قبل العلم أو معه لرجوعه إلى عدم تنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي لاحتمال كون المحرم هو المضطر إليه و قد عرفت توضيحه في الأمر المتقدم و إن كان بعده فالظاهر وجوب الاجتناب عن الآخر لأن الإذن في ترك بعض المقدمات العلمية بعد ملاحظة وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي يرجع إلى اكتفاء الشارع في امتثال ذلك التكليف بالاجتناب عن بعض المشتبهات و لو كان المضطر إليه بعضا غير معين وجب الاجتناب عن الباقي و إن كان الاضطرار قبل العلم الإجمالي لأن العلم حاصل بحرمة واحد من أمور لو علم حرمته تفصيلا وجب الاجتناب عنه و ترخيص بعضها على البدل موجب لاكتفاء الأمر بالاجتناب عن الباقي فإن قلت ترخيص ترك بعض المقدمات دليل على عدم إرادة الحرام الواقعي و لا تكليف بما عداه فلا مقتضي لوجوب الاجتناب عن الباقي.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 426

قلت المقدمة العلمية مقدمة للعلم و اللازم من الترخيص فيها عدم وجوب تحصيل العلم لا عدم وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي رأسا و حيث إن الحاكم بوجوب تحصيل العلم هو العقل بملاحظة تعلق الطلب الموجب للعقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا المحتمل كان الترخيص المذكور موجبا للأمن من العقاب على المخالفة الحاصلة من ترك هذا الذي رخص في تركه فيثبت من ذلك تكليف متوسط بين نفي التكليف رأسا و ثبوته معلقا بالواقع على ما هو عليه.

و حاصله ثبوت التكليف بالواقع من الطريق الذي رخص الشارع في امتثاله منه و هو ترك باقي المحتملات و هذا نظير جميع الطرق الشرعية المجعولة للتكاليف الواقعية و مرجعه إلى القناعة عن الواقع ببعض محتملاته معينا كما في الأخذ بالحالة السابقة في الاستصحاب أو مخيرا كما في موارد التخيير.

و مما ذكرنا تبين أن مقتضى القاعدة عند انسداد باب العلم التفصيلي بالأحكام الشرعية و عدم وجوب تحصيل العلم الإجمالي فيها بالاحتياط لمكان الجرح أو قيام الإجماع على عدم وجوبه أن يرجع في ما عدا البعض المرخص في ترك الاحتياط فيه أعني موارد الظن مطلقا أو في الجملة إلى الاحتياط مع أن بناء أهل الاستدلال بدليل الانسداد بعد إبطال الاحتياط و وجوب العمل بالظن مطلقا أو في الجملة على الخلاف بينهم على الرجوع في غير موارد الظن المعتبر إلى الأصول الموجودة في تلك الموارد دون الاحتياط.

نعم لو قام بعد بطلان وجوب الاحتياط دليل عقلي أو إجماع على كون الظن مطلقا أو في الجملة حجة و طريقا في الأحكام الشرعية أو منعوا أصالة وجوب الاحتياط عند الشك في المكلف به صح ما جروا عليه من الرجوع في موارد عدم وجود هذا الطريق إلى الأصول الجارية في مواردها.

لكنك خبير بأنه لم يقم و لم يقيموا على وجوب اتباع المظنونات إلا بطلان الاحتياط مع اعتراف أكثرهم بأنه الأصل في المسألة و عدم جواز ترجيح المرجوح و من المعلوم أن هذا لا يفيد إلا مخالفة الاحتياط بموافقة الطرف الراجح في المظنون دون الموهوم و مقتضى هذا لزوم الاحتياط في غير المظنونات.

السادس‏

لو كان المشتبهات مما يوجد تدريجا كما إذا كانت زوجة الرجل مضطربة في حيضها بأن تنسى وقتها و إن حفظت عددها فيعلم إجمالا أنها حائض في الشهر ثلاثة أيام مثلا فهل يجب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 427

على الزوج الاجتناب عنها تمام الشهر و يجب على الزوجة أيضا الإمساك عن دخول المسجد و قراءة العزيمة تمام الشهر أم لا و كما إذا علم التاجر إجمالا بابتلائه في يومه أو شهره بمعاملة ربوية فهل يجب عليه الإمساك عما لا يعرف حكمه من المعاملات في يومه و شهره أم لا.

التحقيق أن يقال إنه لا فرق بين الموجودات فعلا و الموجودات تدريجا في وجوب الاجتناب عن الحرام المردد بينها إذا كان الابتلاء دفعة و عدمه لاتحاد المناط في وجوب الاجتناب.

نعم قد يمنع الابتلاء دفعة في التدريجيات كما في مثال الحيض فإن تنجز تكليف الزوج بترك وطء الحائض قبل زمان حيضها ممنوع فإن قول الشارع فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ظاهر في وجوب الكف عند الابتلاء بالمحائض إذ الترك قبل الابتلاء حاصل بنفس عدم الابتلاء فلا يطلب فهذا الخطاب كما أنه مختص بذوي الأزواج و لا يشمل العزاب إلا على وجه التعليق فكذلك من لم يبتل بالمرأة الحائض.

و يشكل الفرق بين هذا و بين ما إذا نذر أو حلف في ترك الوطي في ليلة خاصة ثم اشتبهت بين ليلتين أو أزيد لكن الأظهر هنا وجوب الاحتياط و كذا في المثال الثاني من المثالين المتقدمين.

و حيث قلنا بعدم وجوب الاحتياط في الشبهة التدريجية فالظاهر جواز المخالفة القطعية لأن المفروض عدم تنجز التكليف الواقعي بالنسبة إليه فالواجب الرجوع في كل مشتبه إلى الأصل الجاري في خصوص ذلك المشتبه إباحة و تحريما.

فيرجع في المثال الأول إلى استصحاب الطهر إلى أن يبقى مدار الحيض فيرجع فيه إلى أصالة الإباحة لعدم جريان الاستصحاب و في المثال الثاني إلى أصالة الإباحة و الفساد فيحكم في كل معاملة يشك في كونها ربوية بعدم استحقاق العقاب على إيقاع عقدها و عدم ترتب الأثر عليها لأن فساد الربا ليس دائرا مدار الحكم التكليفي و لذا يفسد في حق القاصر بالجهل و النسيان و الصغر على وجه و ليس هنا مورد التمسك بعموم صحة العقود و إن قلنا بجواز التمسك بالعام عند الشك في مصداق ما خرج عنه بخروج بعض الشبهات التدريجية عن العموم لفرض العلم بفساد بعضها فيسقط العام عن الظهور بالنسبة إليها و يجب الرجوع إلى أصالة الفساد.

اللهم إلا أن يقال إن العلم الإجمالي بين المشتبهات التدريجية كما لا يقدح في إجراء الأصول العملية فيها لا يقدح في الأصول اللفظية فيمكن التمسك فيما نحن فيه بصحة كل واحد من المشتبهات بأصالة العموم لكن الظاهر الفرق بين الأصول اللفظية و العملية فتأمل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 428

السابع‏

قد عرفت أن المانع من إجراء الأصل في كل من المشتبهين بالشبهة المحصورة هو العلم الإجمالي بالتكليف المتعلق بالمكلف و هذا العلم قد ينشأ عن اشتباه المكلف به كما في المشتبه بالخمر أو النجس أو غيرهما و قد يكون من جهة اشتباه المكلف كما في الخنثى العالم إجمالا بحرمة إحدى لباسي الرجل و المرأة عليه.

و هذا من قبيل ما لو علم أن هذا الإناء خمر أو أن هذا الثوب مغصوب و قد عرفت في الأمر الأول أنه لا فرق بين الخطاب الواحد المعلوم وجود موضوعه بين المشتبهين و بين الخطابين المعلوم وجود موضوع أحدهما بين المشتبهين.

و على هذا فيحرم على الخنثى كشف كل من قبليه لأن أحدهما عورة قطعا و التكلم مع الرجال و النساء إلا لضرورة و كذا استماع صوتهما و إن جاز للرجال و النساء استماع صوتها بل النظر إليها لأصالة الحل بناء على عدم العموم في آية الغض للرجال و عدم جواز التمسك بعموم آية حرمة إبداء الزينة على النساء لاشتباه مصداق المخصص و كذا يحرم عليه التزويج و التزوج لوجوب إحراز الرجولية في الزوج و الأنوثية في الزوجة إذ الأصل عدم تأثير العقد و وجوب حفظ الفرج.

و يمكن أن يقال بعدم توجه الخطابات التكليفية المختصة إليها إما لانصرافها إلى غيرها خصوصا في حكم اللباس المستنبط مما دل على حرمة تشبه كل من الرجل و المرأة على الآخر و إما لاشتراط التكليف بعلم المكلف بتوجه الخطاب إليه تفصيلا و إن كان مرددا بين خطابين متوجهين إليه تفصيلا لأن الخطابين بشخص واحد بمنزلة خطاب واحد لشيئين إذ لا فرق بين قوله اجتنب عن الخمر و اجتنب عن مال الغير و بين قوله اجتنب عن كليهما بخلاف الخطابين الموجهين إلى صنفين يعلم المكلف دخوله تحت أحدهما.

لكن كل من الدعويين خصوصا الأخيرة ضعيفة فإن دعوى عدم شمول ما دل على وجوب حفظ الفرج عن الزنا أو العورة عن النظر للخنثى كما ترى.

و كذا دعوى اشتراط التكليف بالعلم بتوجه خطاب تفصيلي فإن المناط في وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة عدم جواز إجراء أصل البراءة في المشتبهين و هو ثابت في ما نحن فيه ضرورة عدم جواز جريان أصالة الحل في كشف كل من قبلي الخنثى للعلم بوجوب حفظ الفرج من النظر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 429

و الزنا على كل أحد فمسألة الخنثى نظير المكلف المردد بين كونه مسافرا أو حاضرا لبعض الاشتباهات فلا يجوز له ترك العمل بخطابيهما.

الثامن‏

أن ظاهر كلام الأصحاب التسوية بين كون الأصل في كل واحد من المشتبهين في نفسه هو الحل أو الحرمة لأن المفروض عدم جريان الأصل فيهما لأجل معارضته بالمثل فوجوده كعدمه.

و يمكن الفرق من المجوزين لارتكاب ما عدا مقدار الحرام و تخصيص الجواز بالصورة الأولى و يحكمون في الثانية بعدم جواز الارتكاب بناء على العمل بالأصل فيهما و لا يلزم هاهنا مخالفة قطعية في العمل و لا دليل على حرمتها إذا لم تتعلق بالعمل إذا وافق الاحتياط.

إلا أن استدلال بعض المجوزين للارتكاب بالأخبار الدالة على حلية المال المختلط بالحرام ربما يظهر منه التعميم و على التخصيص فيخرج عن محل النزاع كما لو علم بكون إحدى المرأتين أجنبية أو إحدى الذبيحتين ميتة أو أحد المالين مال الغير أو أحد الأسيرين محقون الدم أو كان الإناءان معلومي النجاسة سابقا فعلم طهارة أحدهما.

و ربما يقال إن الظاهر أن محل الكلام في المحرمات المالية و نحوها كالنجس لا في الأنفس و الأعراض فيستظهر أنه لم يقل أحد فيها بجواز الارتكاب لأن المنع في مثل ذلك ضروري.

و فيه نظر.

التاسع‏

أن المشتبه بأحد المشتبهين حكمه حكمهما لأن مقدمة المقدمة مقدمة و هو ظاهر

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏2، ص: 430