حضرت امام جعفر صادق عليه‌السلام نے فرمایا: بخیل وہ ہوتا ہے جو سلام کرنے میں بخل سے کام لے۔ بحارالانوار کتاب الایمان والکفر باب136 حدیث27

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك‏
و الموضع الأول و هو الشك في نفس التكليف‏
احتج للقول الأول بالأدلة الأربعة
و أما الإجماع فتقريره من وجهين‏
احتج للقول الثاني و هو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالأدلة الثلاثة
و ينبغي التنبيه على أمور
المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل
المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب و غير الحرمة من الأحكام‏
المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب و الحرمة
الموضع الثاني في الشك في المكلف به‏
و أما المقام الثاني و هو وجوب اجتناب الكل و عدمه‏
و ينبغي التنبيه على أمور
المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏
و ينبغي التنبيه على أمور
القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر
المسألة الثانية ما إذا كان الشك في الجزئية ناشئا من إجمال الدليل‏
و أما القسم الثاني و هو الشك في كون الشي‏ء قيدا للمأمور به‏
الأمر الثاني‏
خاتمة فيما يعتبر في العمل بالأصل‏
و أما البراءة
و أما الكلام في مقدار الفحص‏
قاعدة لا ضرر

رسائل حصہ دوم

المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل

إما بأن يكون اللفظ الدال على الحكم مجملا كالنهي المجرد عن القرينة إذا قلنا باشتراكه لفظا بين الحرمة و الكراهة و إما بأن يكون الدال على متعلق الحكم كذلك سواء كان الإجمال في وضعه كالغناء إذا قلنا بإجماله [فيكون المشكوك في كونه غناء محتمل الحرمة أم كان الإجمال في المراد منه كما إذا شك في شمول الخمر للخمر الغير المسكر و لم يكن هناك إطلاق يؤخذ به و لحكم في ذلك كله كما في المسألة الأولى و الأدلة المذكورة من الطرفين جارية هنا.

و ربما يتوهم أن الإجمال إذا كان في متعلق الحكم كالغناء و شرب الخمر الغير المسكر كان ذلك داخلا في الشبهة في طريق الحكم [و هو فاسد.

المسألة الثالثة أن يدور حكم الفعل بين الحرمة و غير الوجوب من جهة تعارض النصين و عدم ثبوت ما يكون مرجحا لأحدهما

و الأقوى فيه أيضا عدم وجوب الاحتياط لعدم الدليل عليه عدا ما تقدم من الوجوه المذكورة التي عرفت حالها و بعض ما ورد في خصوص تعارض النصين مثل (ما في عوالي اللئالي من مرفوعة العلامة رحمه الله إلى زرارة عن مولانا أبي جعفر عليه السلام قال: قلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ فقال يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك و اترك الشاذ النادر فقلت يا سيدي إنهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم فقال خذ بما يقوله‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 366

أعدلهما عندك و أوثقهما في نفسك فقلت إنهما معا عدلان مرضيان موثقان عندي فقال انظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه و خذ بما خالفهم فإن الحق فيما خالفهم قلت ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين لهم فكيف نصنع قال فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ما خالف الاحتياط فقلت إنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان فكيف أصنع قال إذن فتخير أحدهما فتأخذ به و تدع الآخر الحديث).

و هذه الرواية و إن كانت أخص من أخبار التخيير إلا أنها ضعيفة السند و قد طعن صاحب الحدائق فيها و في كتاب العوالي و صاحبه فقال إن الرواية المذكورة لم نقف عليها في غير كتاب العوالي مع ما هي عليها من الإرسال و ما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الأخبار و الإهمال و خلط غثها بسمينها و صحيحها بسقيمها كما لا يخفى على من لاحظ الكتاب المذكور انتهى.

ثم إذا لم نقل بوجوب الاحتياط ففي كون أصل البراءة مرجحا لما يوافقه أو كون الحكم الوقف أو التساقط و الرجوع إلى الأصل أو التخيير بين الخبرين في أول الأمر أو دائما وجوه ليس هنا محل ذكرها فإن المقصود هنا نفي وجوب الاحتياط و الله العالم.

بقي هنا شي‏ء و هو أن الأصوليين عنونوا في باب التراجيح الخلاف في تقديم الخبر الموافق للأصل على المخالف و نسب تقديم المخالف و هو المسمى بالناقل إلى أكثر الأصوليين بل إلى جمهورهم منهم العلامة قدس سره و عنونوا أيضا مسألة تقديم الخبر الدال على الإباحة على الدال على الحظر و الخلاف فيه و نسب تقديم الحاظر على المبيح إلى المشهور بل يظهر من المحكي عن بعضهم عدم الخلاف في ذلك و الخلاف في المسألة الأولى ينافي الوفاق في الثانية كما أن قول الأكثر فيهما مخالف لما يشاهد من عمل علمائنا على تقديم المخالف للأصل بل التخيير أو الرجوع إلى الأصل الذي هو وجوب الاحتياط عند الأخباريين و البراءة عند المجتهدين حتى العلامة مضافا إلى ذهاب جماعة من أصحابنا في المسألتين إلى التخيير.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 367

و يمكن أن يقال إن مرادهم من الأصل في الناقل و المقرر أصالة البراءة من الوجوب لا أصالة الإباحة فيفارق مسألة تعارض المبيح و الحاظر و إن حكم أصحابنا بالتخيير أو الاحتياط لأجل الأخبار الواردة لا لمقتضى نفس مدلولي الخبرين من حيث هما فيفارق المسألتين.

لكن هذا الوجه قد يأباه مقتضى أدلتهم فلاحظ و تأمل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 368

المسألة الرابعة دوران الحكم بين الحرمة و غير الوجوب مع كون الشك في الواقعة الجزئية لأجل الاشتباه في بعض الأمور الخارجية

كما إذا شك في حرمة شرب مائع أو إباحته للتردد في أنه خل أو خمر و في حرمة لحم لتردده بين كونه من الشاة أو من الأرنب.

و الظاهر عدم الخلاف في أن مقتضى الأصل فيه الإباحة للأخبار الكثيرة في ذلك مثل (قوله عليه السلام: كل شي‏ء لك حلال حتى تعلم أنه حرام) (و: كل شي‏ء فيه حلال و حرام فهو لك حلال).

و استدل العلامة رحمه الله في التذكرة على ذلك (برواية مسعدة بن صدقة: كل شي‏ء لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و ذلك مثل الثوب يكون عليك و لعله سرقة أو العبد يكون عندك لعله حر قد باع نفسه أو قهر فبيع أو خدع فبيع أو امرأة تحتك و هي أختك أو رضيعتك و الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البينة).

و تبعه عليه جماعة من المتأخرين و لا إشكال في ظهور صدرها في المدعى إلا أن الأمثلة المذكورة فيها ليس الحل فيها مستندا إلى أصالة الحلية فإن الثوب و العبد إن لوحظا باعتبار اليد عليهما حكم بحل التصرف فيهما لأجل اليد و إن لوحظا مع قطع النظر عن اليد كان الأصل فيهما حرمة التصرف لأصالة بقاء الثوب على ملك الغير و أصالة الحرية في الإنسان المشكوك في رقيته.

و كذا الزوجة إن لوحظ فيها أصل عدم تحقق النسب أو الرضاع فالحلية مستندة إليه و إن قطع النظر عن هذا الأصل فالأصل عدم تأثير العقد فيها فيحرم وطؤها.

و بالجملة فهذه الأمثلة الثلاثة بملاحظة الأصل الأولى محكومة بالحرمة و الحكم بحليتها إنما هو

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 369

من حيث الأصل الموضوعي الثانوي فالحل غير مستند إلى أصالة الإباحة في شي‏ء منها هذا و لكن في باقي الأخبار المتقدمة بل جميع الأدلة المتقدمة من الكتاب و العقل كفاية مع أن صدرها و ذيلها ظاهران في المدعى.

و توهم عدم جريان قبح التكليف من غير بيان هنا نظرا إلى أن الشارع بين حكم الخمر مثلا فيجب حينئذ اجتناب كل ما يحتمل كونه خمرا من باب المقدمة العلمية فالعقل لا يقبح العقاب خصوصا على تقدير مصادفة الحرام مدفوع بأن النهي عن الخمر يوجب حرمة الأفراد المعلومة تفصيلا و المعلومة إجمالا بين محصورين و الأول لا يحتاج إلى مقدمة علمية و الثاني يتوقف على الاجتناب من أطراف الشبهة لا غير. و أما ما احتمل كونه خمرا من دون علم إجمالي فلم يعلم من النهي تحريمه و ليس مقدمة للعلم باجتناب فرد محرم يحسن العقاب عليه فلا فرق بعد فرض عدم العلم بحرمته و لا بتحريم خمر يتوقف العلم باجتنابه على اجتنابه بين هذا الفرد المشتبه و بين الموضوع الكلي المشتبه حكمه كشرب التتن في قبح العقاب عليه.

و ما ذكر من التوهم جار فيه أيضا لأن العمومات الدالة على حرمة الخبائث و الفواحش و ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا تدل على حرمة أمور واقعية يحتمل كون شرب التتن منها.

و منشأ التوهم المذكور ملاحظة تعلق الحكم بكلي مردد بين مقدار معلوم و بين أكثر منه فيتخيل أن الترديد في المكلف به فمع العلم بالتكليف يجب الاحتياط.

و نظير هذا قد وقع في الشبهة الوجوبية حيث تخيل بعض أن دوران ما فات من الصلاة بين الأقل و الأكثر موجب للاحتياط من باب وجوب المقدمة العلمية و قد عرفت و سيأتي اندفاعه.

فإن قلت الضرر محتمل في هذا الفرد المشتبه لاحتمال كونه محرما فيجب دفعه.

قلت إن أريد بالضرر العقاب و ما يجري مجراه من الأمور الأخروية فهو مأمون بحكم العقل بقبح العقاب من غير بيان و إن أريد ما لا يدفع العقل ترتبه من غير بيان كما في المضار الدنيوية ف وجوب دفعه عقلا لو سلم كما تقدم من الشيخ و جماعة لم يسلم وجوبه شرعا لأن الشارع صرح بحلية ما لم يعلم حرمته فلا عقاب عليه كيف و قد يحكم الشرع بجواز ارتكاب الضرر القطعي الغير المتعلق بأمر المعاد كما هو المفروض في الضرر المحتمل في المقام.

فإن قيل نختار أولا احتمال الضرر المتعلق بأمور الآخرة و العقل لا يدفع ترتبه من دون بيان لاحتمال المصلحة في عدم البيان و وكول الأمر إلى ما يقتضيه العقل كما صرح في العدة في جواب‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 370

ما ذكره القائلون بأصالة الإباحة من أنه لو كان هناك في الفعل مضرة آجلة لبينها.

و ثانيا المضرة الدنيوية و تحريمه ثابت شرعا لقوله تعالى وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ كما استدل به الشيخ أيضا في العدة على دفع أصالة الإباحة و هذا الدليل و مثله رافع للحلية الثابتة بقولهم عليهم السلام (: كل شي‏ء لك حلال حتى تعرف أنه حرام).

قلت لو سلمنا احتمال المصلحة في عدم بيان الضرر الأخروي إلا أن (قولهم عليهم السلام: كل شي‏ء لك حلال) بيان لعدم الضرر الأخروي و أما الضرر الغير الأخروي فوجوب دفع المشكوك منه ممنوع و آية التهلكة مختصة بمظنة الهلاك و قد صرح الفقهاء في باب المسافر بأن سلوك الطريق الذي يظن معه العطب معصية دون مطلق ما يحتمل فيه ذلك و كذا في باب التيمم و الإفطار لم يرخصوا إلا مع ظن الضرر الموجب لحرمة العبادة دون الشك.

نعم ذكر قليل من متأخري المتأخرين انسحاب حكم الإفطار و التيمم مع الشك أيضا لكن لا من جهة حرمة ارتكاب مشكوك الضرر بل لدعوى تعلق الحكم في الأدلة بخوف الضرر الصادق مع الشك بل مع بعض أفراد الوهم أيضا.

لكن الإنصاف إلزام العقل بدفع الضرر المشكوك فيه كالحكم بدفع الضرر المتيقن كما يعلم بالوجدان عند وجود مائع محتمل السمية إذا فرض تساوي الاحتمالين من جميع الوجوه لكن حكم العقل بوجوب دفع الضرر المتيقن إنما هو بملاحظة نفس الضرر الدنيوي من حيث هو كما يحكم بوجوب دفع الضرر الأخروي كذلك إلا أنه قد يتحد مع الضرر الدنيوي عنوان يترتب عليه نفع أخروي فلا يستقل العقل بوجوب دفعه و لذا لا ينكر العقل أمر الشارع بتسليم النفس للحدود و القصاص و تعريضها له في الجهاد و الإكراه على القتل أو على الارتداد و حينئذ فالضرر الدنيوي المقطوع يجوز أن يبيحه الشارع لمصلحة فإباحته للضرر المشكوك لمصلحة الترخيص على العباد أو لغيرها من المصالح أولى بالجواز: فإن قلت إذا فرضنا قيام أمارة غير معتبرة على الحرمة فيظن الضرر فيجب دفعه مع انعقاد الإجماع على عدم الفرق بين الشك و الظن الغير المعتبر. قلنا الظن بالحرمة لا يستلزم الظن بالضرر أما الأخروي فلأن المفروض عدم البيان فيقبح و أما الدنيوي فلأن الحرمة لا تلازم الضرر الدنيوي بل القطع بها أيضا لا يلازمه لاحتمال انحصار المفسدة فيما يتعلق بالأمور الأخروية و لو فرض حصول الظن بالضرر الدنيوي فلا محيص عن التزام حرمته كسائر ما ظن فيه الضرر الدنيوي من الحركات و السكنات‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 371

و ينبغي التنبيه على أمور

الأول‏

أن محل الكلام في الشبهة الموضوعية المحكومة بالإباحة ما إذا لم يكن هناك أصل موضوعي يقضي بالحرمة فمثل المرأة المرددة بين الزوجة و الأجنبية خارج عن محل الكلام لأن أصالة عدم علاقة الزوجية المقتضية للحرمة بل استصحاب الحرمة حاكمة على أصالة الإباحة و نحوها المال المردد بين مال نفسه و ملك الغير مع سبق ملك الغير له.

و أما مع عدم سبق ملك أحد عليه فلا ينبغي الإشكال في عدم ترتب أحكام ملكه عليه من جواز بيعه و نحوه مما يعتبر فيه تحقق المالية.

و أما إباحة التصرفات الغير المترتبة في الأدلة على ماله و ملكه فيمكن القول به للأصل و يمكن عدمه لأن الحلية في الأملاك لا بد لها من سبب محلل بالاستقراء (و لقوله عليه السلام: لا يحل مال إلا من حيث أحله الله).

و مبنى الوجهين أن إباحة التصرف هي المحتاجة إلى السبب فيحرم مع عدمه و لو بالأصل و أن حرمة التصرف محمولة في الأدلة على ملك الغير فمع عدم تملك الغير و لو بالأصل ينتفي الحرمة. و من قبيل ما لا يجري فيه أصالة الإباحة اللحم المردد بين المذكى و الميتة فإن أصالة عدم التذكية المقتضية للحرمة و النجاسة حاكمة على أصالة الإباحة و الطهارة.

و ربما يتخيل خلاف ذلك تارة لعدم حجية استصحاب عدم التذكية و أخرى لمعارضة أصالة عدم التذكية بأصالة عدم الموت و الحرمة و النجاسة من أحكام الميتة.

و الأول مبني على عدم حجية الاستصحاب و لو في الأمور العدمية.

و الثاني مدفوع أولا بأنه يكفي في الحكم بالحرمة عدم التذكية و لو بالأصل و لا يتوقف على‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 372

ثبوت الموت حتى ينتفي بانتفائه و لو بحكم الأصل و الدليل عليه استثناء ما ذكيتم من قوله و ما أكل السبع فلم يبح الشارع إلا ما ذكي و إناطة إباحة الأكل بما ذكر اسم الله عليه و غيره من الأمور الوجودية المعتبرة في التذكية فإذا انتفى بعضها و لو بحكم الأصل انتفت الإباحة.

و ثانيا أن الميتة عبارة عن غير المذكى إذ ليست الميتة خصوص ما مات حتف أنفه بل كل زهاق روح انتفى فيه شرط من شروط التذكية فهي ميتة شرعا و تمام الكلام في الفقه.

الثاني‏

أن الشيخ الحر قدس سره أورد في بعض كلماته اعتراضا على معاشر الأخباريين و حاصله أنه ما الفرق بين الشبهة في نفس الحكم و بين الشبهة في طريقه حيث أوجبتم الاحتياط في الأول دون الثاني و أجاب بما لفظه:

أن حد الشبهة في الحكم ما اشتبه حكمه الشرعي أعني الإباحة و التحريم و حد الشبهة في طريق الحكم الشرعي ما اشتبه فيه موضوع الحكم كاللحم المشتري من السوق لا يعلم أنه مذكى أو ميتة مع العلم بحكم المذكى و الميتة و يستفاد هذا التقسيم من أحاديث و من وجوه عقلية مؤيدة لتلك الأحاديث و يأتي بعضها و قسم متردد بين القسمين و هي الأفراد التي ليست بظاهرة الفردية لبعض الأنواع و ليس اشتباهها بسبب شي‏ء من الأمور الدنيوية كاختلاط الحلال بالحرام بل اشتباهها لأمر ذاتي أعني اشتباه صنفها في نفسها كبعض أفراد الغناء الذي قد ثبت تحريم نوعه و اشتبه أنواعه في أفراد يسيرة و بعض أفراد الخبائث الذي قد ثبت تحريم نوعه و اشتبه بعض أفراده حتى اختلف العقلاء فيها و منها شرب التتن و هذا النوع يظهر من الأخبار دخوله في الشبهات التي ورد الأمر باجتنابها.

و هذه التفاصيل يستفاد من مجموع الأحاديث و نذكر مما يدل على ذلك وجوها (منها قوله عليه السلام: كل شي‏ء فيه حلال و حرام فهو لك حلال) فهذا و أشباهه صادق على الشبهة في طريق الحكم (إلى أن قال: و إذا حصل الشك في تحريم الميتة لم يصدق عليها أن فيها حلالا و لا حراما) أقول كان مطلبه أن هذه الرواية و أمثالها مخصصة لعموم ما دل على وجوب التوقف و الاحتياط

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 373

في مطلق الشبهة و إلا فجريان أصالة الإباحة في الشبهة الموضوعية لا ينفي جريانها في الشبهة الحكمية مع أن سياق أخبار التوقف و الاحتياط يأبى عن التخصيص من حيث اشتمالها على العلة العقلية لحسن التوقف و الاحتياط أعني الحذر من الوقوع في الحرام و الهلكة فحملها على الاستحباب أولى. (ثم قال (و منها قوله صلى اللَّه عليه و آله: حلال بين و حرام بين و شبهات) و هذا إنما ينطبق على الشبهة في نفس الحكم و إلا لم يكن الحلال البين و لا الحرام البين و لا يعلم أحدهما من الآخر إلا علام الغيوب و هذا ظاهر واضح) أقول فيه مضافا إلى ما ذكرنا من إباء سياق الخبر عن التخصيص أن رواية التثليث التي هي العمدة من أدلتهم ظاهرة في حصر ما يبتلى به المكلف من الأفعال في ثلاثة فإن كانت عامة للشبهة الموضوعية أيضا صح الحصر و إن اختصت بالشبهة الحكمية كان الفرد الخارجي المردد بين الحلال و الحرام قسما رابعا لأنه ليس حلالا بينا و لا حراما بينا و لا مشتبه الحكم و لو استشهد بما قبل النبوي من قول الصادق عليه السلام إنما الأمور ثلاثة كان ذلك أظهر في الاختصاص بالشبهة الحكمية إذ المحصور في هذه الفقرة الأمور التي يرجع فيها إلى بيان الشارع فلا يرد إخلاله بكون الفرد الخارجي المشتبه أمرا رابعا للثلاثة.

و أما ما ذكره من المانع لشمول النبوي للشبهة الموضوعية من أنه لا يعلم الحلال من الحرام إلا علام الغيوب ففيه أنه إن أريد عدم وجودهما ففيه ما لا يخفى و إن أريد ندرتهما ففيه أن الندرة تمنع من اختصاص النبوي بالنادر لا من شمولها له مع أن دعوى كون الحلال البين من حيث الحكم أكثر من الحلال البين من حيث الموضوع قابلة للمنع بل المحرمات الخارجية المعلومة أكثر بمراتب من المحرمات الكلية المعلوم تحريمها.

(ثم قال و منها ما ورد من الأمر البليغ باجتناب ما يحتمل الحرمة و الإباحة بسبب تعارض الأدلة و عدم النص و ذلك واضح الدلالة على اشتباه نفس الحكم الشرعي).

أقول ما دل على التخيير و التوسعة مع التعارض و على الإباحة مع عدم ورود النهي و إن لم يكن في الكثرة بمقدار أدلة التوقف و الاحتياط إلا أن الإنصاف أن دلالتها على الإباحة و الرخصة أظهر من دلالة تلك الأخبار على وجوب الاجتناب.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 374

(قال و منها أن ذلك وجه للجمع بين الأخبار لا يكاد يوجد وجه أقرب منه).

أقول مقتضى الإنصاف أن حمل أدلة الاحتياط على الرجحان المطلق أقرب مما ذكره.

(ثم قال ما حاصله و منها أن الشبهة في نفس الحكم يسأل عنها الإمام عليه السلام بخلاف الشبهة في طريق الحكم لعدم وجوب السؤال عنه بل علمهم بجميع أفراده غير معلوم أو معلوم العدم لأنه من علم الغيب فلا يعلمه إلا الله و إن كانوا يعلمون منه ما يحتاجون إليه و إذا شاءوا أن يعلموا شيئا علموه انتهى). أقول ما ذكر 2 من الفرق لا مدخل له فإن طريق الحكم لا يجب الفحص عنه و إزالة الشبهة فيه لا من الإمام عليه السلام و لا من غيره من الطريق المتمكن منها و الرجوع إلى الإمام عليه السلام إنما يجب فيما تعلق التكليف فيه بالواقع على وجه لا يعذر الجاهل المتمكن من العلم و أما مسألة مقدار معلومات الإمام عليه السلام من حيث العموم و الخصوص و كيفية علمه بها من حيث توقفه على مشيتهم أو على التفاتهم إلى نفس الشي‏ء أو عدم توقف على ذلك فلا يكاد يظهر من الأخبار المختلفة في ذلك ما يطمئن به النفس فالأولى وكول علم ذلك إليهم صلوات الله عليهم أجمعين.

(ثم قال و منها أن اجتناب الشبهة في نفس الحكم أمر ممكن مقدور لأن أنواعه محصورة بخلاف الشبهة في طريق الحكم فاجتنابها غير ممكن لما أشرنا إليه من عدم وجود الحلال البين و لزوم تكليف ما لا يطاق و الاجتناب عما يزيد على قدر الضرورة حرج عظيم و عسر شديد لاستلزامه الاقتصار في اليوم و الليلة على لقمة واحدة و ترك جميع الانتفاعات انتهى).

أقول لا ريب أن أكثر الشبهات الموضوعية لا يخلو عن أمارات الحل و الحرمة كيد المسلم و السوق و أصالة الطهارة و قول المدعي بلا معارض و الأصول العدمية المجمع عليها عند المجتهدين و الأخباريين على ما صرح به المحدث الأسترآبادي كما سيجي‏ء نقل كلامه في الاستصحاب و بالجملة فلا يلزم حرج من الاجتناب في الموارد الخالية عن هذه الأمارات لقلتها.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 375

(قال و منها أن اجتناب الحرام واجب عقلا و نقلا و لا يتم إلا باجتناب ما يحتمل التحريم مما اشتبه حكمه الشرعي و من الأفراد الغير الظاهرة بالفردية و ما لا يتم الواجب إلا به و كان مقدورا فهو واجب إلى غير ذلك من الوجوه و إن أمكن المناقشة في بعضها فمجموعها دليل كاف شاف في هذا المقام و الله أعلم بحقائق الأمور و الأحكام انتهى).

أقول الدليل المذكور أولى بالدلالة على وجوب الاجتناب من الشبهة في طريق الحكم بل لو تم لم يتم إلا فيه لأن وجوب الاجتناب عن الحرام لم يثبت إلا بدليل حرمة ذلك الشي‏ء أو أمر وجوب إطاعة الأوامر و النواهي مما ورد في الشرع و حكم به العقل فهي كلها تابعة لتحقق الموضوع أعني الأمر و النهي و المفروض الشك في تحقق النهي و حينئذ فإذا فرض عدم الدليل على الحرمة فأين وجوب ذي المقدمة حتى يثبت وجوبها.

نعم يمكن أن يقال في الشبهة في طريق الحكم بعد ما قام الدليل على حرمة الخمر يثبت وجوب الاجتناب عن جميع أفرادها الواقعية و لا يحصل العلم بموافقة هذا الأمر العام إلا بالاجتناب عن كل ما احتمل حرمته. لكنك عرفت الجواب عنه سابقا و أن التكليف بذي المقدمة غير محرز إلا بالعلم التفصيلي أو الإجمالي فالاجتناب عما يحتمل الحرمة احتمالا مجردا عن العلم الإجمالي لا يجب لا نفسا و لا مقدمة و الله العالم.

الثالث‏

أنه لا شك في حكم العقل و النقل برجحان الاحتياط مطلقا حتى فيما كان هناك أمارة على الحل مغنية عن أصالة الإباحة إلا أنه لا ريب في أن الاحتياط في الجميع موجب لاختلال النظام كما ذكره المحدث المتقدم بل يلزم أزيد مما ذكره فلا يجوز الأمر به من الحكيم لمنافاته للغرض و التبعيض بحسب الموارد و استحباب الاحتياط حتى يلزم الاختلال أيضا مشكل لأن تحديده في غاية التعسر فيحتمل التبعيض بحسب الاحتمالات فيحتاط في المظنونات.

و أما المشكوكات فضلا عن انضمام الموهومات إليها فالاحتياط فيها حرج مخل بالنظام و يدل على هذا العقل بعد ملاحظة حسن الاحتياط مطلقا و استلزام كليته الاختلال و يحتمل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 376

التبعيض بحسب المحتملات فالحرام المحتمل إذا كان من الأمور المهمة في نظر الشارع كالدماء و الفروج بل مطلق حقوق الناس بالنسبة إلى حقوق الله تعالى يحتاط فيه و إلا فلا.

و يدل على هذا جميع ما ورد من التأكيد في أمر النكاح و أنه شديد و أنه يكون منه الولد.

منها ما تقدم من (قوله عليه السلام: لا تجامعوا على النكاح بالشبهة) (قال عليه السلام: فإذا بلغك امرأة أرضعتك إلى أن قال إن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة).

و قد تعارض هذه بما دل على وجوب السؤال و التوبيخ عليه و عدم قبول قول من يدعي حرمة المعقودة مطلقا أو بشرط عدم كونه ثقة و غير ذلك.

و فيه أن مساقها التسهيل و عدم وجوب الاحتياط فلا ينافي الاستحباب و يحتمل التبعيض بين مورد الأمارة على الإباحة و مورد لا يوجد إلا أصالة الإباحة فيحمل ما ورد من الاجتناب عن الشبهات و الوقوف عند الشبهات على الثاني دون الأول لعدم صدق الشبهة بعد الأمارة الشرعية على الإباحة فإن الأمارات في الموضوعات بمنزلة الأدلة في الأحكام مزيلة للشبهة خصوصا إذا كان المراد من الشبهة ما يتحير في حكمه و لا بيان من الشارع لا عموما و لا خصوصا بالنسبة إليه دون مطلق ما فيه الاحتمال و هذا بخلاف أصالة الإباحة فإنها حكم في مورد الشبهة لا مزيلة لها هذا و لكن أدلة الاحتياط لا تنحصر في ما ذكر فيه لفظ الشبهة بل العقل مستقل بحسن الاحتياط مطلقا فالأولى الحكم الاحتياط في كل موضع لا يلزم منه الحرام و ما ذكر من أن تحديد الاستحباب بصورة لزوم الاختلال عسر فهو إنما يقدح في وجوب الاحتياط لا في حسنه.

الرابع‏

إباحة ما يحتمل الحرمة غير مختصة بالعاجز عن الاستعلام بل تشمل القادر على تحصيل العلم بالواقع لعموم أدلته من العقل و النقل (و قوله عليه السلام في ذيل رواية مسعدة بن صدقة:

و الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غيره أو تقوم به البينة) فإن ظاهره حصول الاستبانة و قيام البينة لا بالتحصيل (و قوله: هو لك حلال حتى يجيئك شاهدان) لكن هذا و أشباهه مثل قوله عليه السلام في اللحم المشترى من السوق كل و لا تسأل و (قوله عليه السلام: ليس عليكم المسألة إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم) و قوله عليه السلام في حكاية المنقطعة التي تبين لها زوج لم سألت واردة في موارد وجود الأمارة الشرعية على الحلية فلا يشمل ما نحن فيه إلا أن المسألة غير خلافية مع كفاية الإطلاقات‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 377