حضرت امام جعفر صادق عليه‌السلام نے فرمایا: مومن تو ترازو کے پلڑے کی مانند ہوتا ہے، اُس کا ایمان جتنا زیادہ ہوتا جائے گا، اُس کی آزمائش میں بھی اُتنا ہی اضافہ ہوتا جائے گا۔ وسائل الشیعۃ حدیث3595

المقصد الثالث من مقاصد الكتاب في الشك‏
و الموضع الأول و هو الشك في نفس التكليف‏
احتج للقول الأول بالأدلة الأربعة
و أما الإجماع فتقريره من وجهين‏
احتج للقول الثاني و هو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالأدلة الثلاثة
و ينبغي التنبيه على أمور
المسألة الثانية ما إذا كان دوران حكم الفعل
المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب و غير الحرمة من الأحكام‏
المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب و الحرمة
الموضع الثاني في الشك في المكلف به‏
و أما المقام الثاني و هو وجوب اجتناب الكل و عدمه‏
و ينبغي التنبيه على أمور
المقام الثاني في الشبهة الغير المحصورة
المطلب الثاني في اشتباه الواجب بغير الحرام‏
و ينبغي التنبيه على أمور
القسم الثاني فيما إذا دار الأمر في الواجب بين الأقل و الأكثر
المسألة الثانية ما إذا كان الشك في الجزئية ناشئا من إجمال الدليل‏
و أما القسم الثاني و هو الشك في كون الشي‏ء قيدا للمأمور به‏
الأمر الثاني‏
خاتمة فيما يعتبر في العمل بالأصل‏
و أما البراءة
و أما الكلام في مقدار الفحص‏
قاعدة لا ضرر

رسائل حصہ دوم

و ينبغي التنبيه على أمور

الأول‏

أن المحكي عن المحقق التفصيل في اعتبار أصل البراءة بين ما يعم به البلوى و غيره فيعتبر في الأول دون الثاني و لا بد من حكاية كلامه رحمه الله في المعتبر و المعارج حتى يتضح حال النسبة.

(قال في المعتبر الثالث يعني من أدلة العقل الاستصحاب و أقسامه ثلاثة الأول استصحاب حال العقل و هو التمسك بالبراءة الأصلية كما يقال الوتر ليس واجبا لأن الأصل براءة الذمة و منه أن يختلف العلماء في حكم الدية المترددة بين الأقل و الأكثر كما في دية عين الدابة المترددة بين النصف و الربع إلى أن قال الثاني أن يقال عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه و هذا يصح فيما يعلم أنه لو كان هنا دليل لظفر به أما لا مع ذلك فيجب التوقف و لا يكون ذلك الاستدلال حجة و منه القول بالإباحة لعدم دليل الوجوب و الحظر الثالث استصحاب حال الشرع ثم اختار أنه ليس بحجة انتهى موضع الحاجة من كلامه رحمه الله) (و ذكر في المعارج على ما حكي عنه أن الأصل خلو الذمة عن الشواغل الشرعية فإذا ادعى مدع حكما شرعيا جاز لخصمه أن يتمسك في انتفائه بالبراءة الأصلية فيقول لو كان ذلك الحكم ثابتا لكان عليه دلالة شرعية لكن ليس كذلك فيجب نفيه و هذا الدليل لا يتم إلا ببيان مقدمتين إحداهما أنه لا دلالة عليه شرعا بأن ينضبط طرق الاستدلالات الشرعية و يبين عدم دلالتها عليه.

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 357

و الثانية أن يبين أنه لو كان هذا الحكم ثابتا لدلت عليه إحدى تلك الدلائل لأنه لو لم يكن عليه دلالة لزم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به و هو تكليف بما لا يطاق و لو كانت عليه دلالة غير تلك الأدلة لما كانت الدلالات منحصرة فيها لكنا بينا انحصار الأحكام في تلك الطرق و عند ذلك يتم كون ذلك دليلا على نفي الحكم انتهى) (و حكي عن المحدث الأسترآبادي في فوائده أن تحقيق هذا الكلام هو أن المحدث الماهر إذا تتبع الأحاديث المروية عنهم في مسألة لو كان فيها حكم مخالف للأصل لاشتهر لعموم البلوى بها فإذا لم يظفر بحديث دل على ذلك الحكم ينبغي أن يحكم قطعا عاديا بعدمه لأن جما غفيرا من أفاضل علمائنا أربعة آلاف منهم تلامذة الصادق عليه السلام كما في المعتبر كانوا ملازمين لأئمتنا عليهم السلام في مدة تزيد على ثلاثمائة سنة و كان هممهم و همم الأئمة عليهم السلام إظهار الدين عندهم و تأليفهم كل ما يسمعون منهم في الأصول لئلا يحتاج الشيعة إلى سلوك طريق العامة و لتعمل بما في تلك الأصول في زمان الغيبة الكبرى فإن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام لم يضيعوا من في أصلاب الرجال من شيعتهم كما في الروايات المتقدمة ففي مثل تلك الصورة يجوز التمسك بأن نفي ظهور دليل على حكم مخالف للأصل دليل على عدم ذلك الحكم في الواقع إلى أن قال و لا يجوز التمسك في غير المسألة المفروضة إلا عند العامة القائلين بأنه صلى اللَّه عليه و آله أظهر عند أصحابه كل ما جاء به و توفرت الدواعي على جهة واحدة على نشره و ما خص صلى الله عليه و آله أحدا بتعليم شي‏ء لم يظهره عند غيره و لم يقع بعده ما اقتضى اختفاء ما جاء به انتهى).

أقول المراد بالدليل المصحح للتكليف حتى لا يلزم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به هو ما تيسر للمكلف الوصول إليه و الاستفادة منه فلا فرق بين ما لم يكن في الواقع دليل شاف أصلا أو كان و لم يتمكن المكلف من الوصول إليه أو تمكن لكن بمشقة رافعة للتكليف أو تيسر و لم يتم دلالته في نظر المستدل فإن الحكم الفعلي في جميع هذه الصور قبيح على ما صرح به المحقق‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 358

رحمه الله في كلامه السابق سواء قلنا بأن وراء الحكم الفعلي حكما آخر يسمى حكما واقعيا أو حكما شأنيا على ما هو مقتضى مذهب المخطئة أم قلنا بأنه ليس وراءه حكم آخر للاتفاق على أن مناط الثواب و العقاب و مدار التكليف هو الحكم الفعلي.

و حينئذ فكل ما تتبع المستنبط في الأدلة الشرعية في نظره إلى أن علم من نفسه عدم تكليفه بأزيد من هذا المقدار من التتبع و لم يجد فيها ما يدل على حكم مخالف للأصل صح له دعوى القطع بانتفاء الحكم الفعلي و لا فرق في ذلك بين العام البلوى و غيره و لا بين العامة و الخاصة و لا بين المخطئة و المصوبة و لا بين المجتهدين و الأخباريين و لا بين أحكام الشرع و غيرها من أحكام سائر الشرائع و سائر الموالي بالنسبة إلى عبيدهم هذا بالنسبة إلى الحكم الفعلي و أما بالنسبة إلى الحكم الواقعي النازل به جبرئيل على النبي صلى اللَّه عليه و آله لو سميناه حكما بالنسبة إلى الكل فلا يجوز الاستدلال على نفيه بما ذكره المحقق رحمه الله من لزوم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به لأن المفروض عدم إناطة التكليف به.

نعم قد يظن من عدم وجدان الدليل عليه بعدمه بعموم البلوى به لا بمجرده بل مع ظن عدم المانع من نشره في أول الأمر من الشارع أو خلفائه أو من وصل إليه لكن هذا الظن لا دليل على اعتباره و لا دخل له بأصل البراءة التي هي من الأدلة العقلية و لا بمسألة التكليف بما لا يطاق و لا بكلام المحقق رحمه الله فما تخيله المحدث تحقيقا لكلام المحقق رحمه الله مع أنه غير تام في نفسه أجنبي عنه بالمرة.

نعم قد يستفاد من استصحاب البراءة السابقة الظن بها فيما بعد الشرع كما سيجي‏ء عن بعضهم لكن لا من باب لزوم التكليف بما لا يطاق الذي ذكره المحقق رحمه الله.

و من هنا يعلم أن تغاير القسمين الأولين من الاستصحاب باعتبار كيفية الاستدلال حيث إن مناط الاستدلال في هذا القسم الملازمة بين عدم الدليل و عدم الحكم مع قطع النظر عن ملاحظة الحالة السابقة فجعله من أقسام الاستصحاب مبني على إرادة مطلق الحكم على طبق الحالة السابقة عند الشك و لو لدليل آخر غير الاتكال على الحالة السابقة فيجري فيما لم يعلم فيه الحالة السابقة و مناط الاستدلال في القسم الأول ملاحظة الحالة السابقة حتى مع عدم العلم بعدم الدليل على الحكم. و يشهد لما ذكرنا من المغايرة الاعتبارية أن الشيخ لم يقل بوجوب مضي المتيمم الواجد للماء في أثناء صلاته لأجل الاستصحاب و قال به لأجل أن عدم الدليل دليل العدم نعم هذا القسم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 359

الثاني أعم موردا من الأول لجريانه في الأحكام العقلية و غيرها كما ذكره جماعة من الأصوليين. و الحاصل أنه لا ينبغي الشك في أن بناء المحقق رحمه الله على التمسك بالبراءة الأصلية مع الشك في الحرمة كما يظهر من تتبع فتاويه في المعتبر

الثاني‏

مقتضى الأدلة المتقدمة كون الحكم الظاهري في الفعل المشتبه الحكم هي الإباحة من غير ملاحظة الظن بعدم تحريمه في الواقع.

فهذا الأصل يفيد القطع بعدم اشتغال الذمة لا الظن بعدم الحكم واقعا و لو أفاده لم يكن معتبرا إلا أن الذي يظهر من جماعة كونه من الأدلة الظنية منهم صاحب المعالم رحمه الله عند دفع الاعتراض عن بعض مقدمات الدليل الرابع الذي ذكره لحجية خبر الواحد و منهم شيخنا البهائي رحمه الله.

و لعل هذا هو المشهور بين الأصوليين حيث لا يتمسكون فيها إلا باستصحاب البراءة السابقة بل ظاهر المحقق رحمه الله في المعارج الإطباق على التمسك بالبراءة الأصلية حتى يثبت الناقل و ظاهره أن اعتمادهم في الحكم بالبراءة على كونها هي الحالة السابقة الأصلية.

و التحقيق أنه لو فرض حصول الظن من الحالة السابقة فلا يعتبر و الإجماع ليس على اعتبار هذا الظن و إنما هو العمل على طبق الحالة السابقة و لا يحتاج إليه بعد قيام الأخبار المتقدمة و حكم العقل. الثالث‏

لا إشكال في رجحان الاحتياط عقلا و نقلا كما يستفاد من الأخبار المذكورة و غيرها.

و هل الأوامر الشرعية للاستحباب فيثاب عليه و إن لم يحصل به الاجتناب عن الحرام الواقعي أو غيري بمعنى كونه مطلوبا لأجل التحرز عن الهلكة المحتملة و الاطمئنان بعدم وقوعه فيها فيكون الأمر به إرشاديا لا يترتب على موافقته و مخالفته سوى الخاصية المترتبة على الفعل أو الترك نظير أوامر الطبيب و نظير الأمر بالإشهاد عند المعاملة لئلا يقع التنازع وجهان من ظاهر الأمر بعد فرض عدم إرادة الوجوب و من سياق جل الأخبار الواردة في ذلك فإن الظاهر كونها مؤكدة لحكم العقل بالاحتياط و الظاهر أن حكم العقل بالاحتياط من حيث هو احتياط على تقدير كونه إلزاميا لمحض الاطمئنان و دفع احتمال العقاب.

و كما أنه إذا تيقن بالضرر يكون إلزام العقل لمحض الفرار عن العقاب المتيقن فكذلك طلبه‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 360

الغير الإلزامي إذا احتمل الضرر.

بل و كما أن أمر الشارع بالإطاعة في قوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ* لمحض الإرشاد لئلا يقع العبد في عقاب المعصية و يفوته ثواب الطاعة و لا يترتب على مخالفته سوى ذلك فكذلك أمره بالأخذ بما يأمن معه الضرر لا يترتب على موافقته سوى الأمان المذكور و لا على مخالفته سوى الوقوع في الحرام الواقعي على تقدير تحققه.

و يشهد لما ذكرنا أن ظاهر الأخبار حصر حكمه الاجتناب عن الشبهة في التفصي عن الهلكة الواقعية لئلا يقع فيها من حيث لا يعلم و اقتر انه مع الاجتناب عن الحرام المعلوم في كونه ورعا.

و من المعلوم أن الأمر باجتناب المحرمات في هذه الأخبار ليس إلا للإرشاد لا يترتب على مخالفتها و موافقتها سوى الخاصية الموجودة في المأمور به و هو الاجتناب عن الحرام أو فوتها فكذلك الأمر باجتناب الشبهة لا يترتب على موافقته سوى ما يترتب على نفس الاجتناب لو لم يأمر به الشارع بل فعله المكلف حذرا من الوقوع في الحرام.

و لا يبعد التزام ترتب الثواب عليه من حيث إنه انقياد و إطاعة حكمية.

فيكون حينئذ حال الاحتياط و الأمر به حال نفس الإطاعة الحقيقية و الأمر بها في كون الأمر لا يزيد فيه على ما ثبت فيه من المدح أو الثواب لو لا الأمر هذا.

و لكن الظاهر من بعض الأخبار المتقدمة مثل (قوله عليه السلام: من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرمات) و (قوله: من ترك الشبهات كان لما استبان له من الإثم أترك) و (قوله: من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه) هو كون الأمر به للاستحباب و حكمته أن لا يهون عليه ارتكاب المحرمات المعلومة و لازم ذلك استحقاق الثواب على إطاعة أوامر الاحتياط مضافا إلى الخاصية المترتبة على نفسه. ثم لا فرق فيما ذكرناه من حسن الاحتياط بالترك بين أفراد المسألة حتى مورد دوران الأمر بين الاستحباب و التحريم بناء على أن دفع المفسدة الملزمة للترك أولى من جلب المصلحة الغير الملزمة و ظهور الأخبار المتقدمة في ذلك أيضا.

و لا يتوهم أنه يلزم من ذلك عدم حسن الاحتياط فيما احتمل كونه من العبادات المستحبة بل حسن الاحتياط بتركه إذ لا ينفك ذلك عن احتمال كون فعله تشريعا محرما لأن محرمة التشريع تابعة لتحققه و مع إتيان ما احتمل كونه عبادة لداعي هذا الاحتمال لا يتحقق موضوع التشريع و لذا قد يجب الاحتياط مع هذا الاحتمال كما في الصلاة إلى أربع جهات أو في الثوبين‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 361

المشتبهين و غيرهما و سيجي‏ء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.

الرابع‏

(نسب الوحيد البهبهاني رحمه الله إلى الأخباريين مذاهب أربعة فيما لا نص فيه التوقف و الاحتياط و الحرمة الظاهرية و الحرمة الواقعية) فيحتمل رجوعها إلى معنى واحد و كون اختلافها في التعبير لأجل اختلاف ما ركنوا إليه من أدلة القول بوجوب اجتناب الشبهة فبعضهم ركن إلى أخبار التوقف و آخر إلى أخبار الاحتياط و ثالث إلى أوامر ترك الشبهات مقدمة لتجنب المحرمات كحديث التثليث و رابع إلى أوامر ترك المشتبهات من حيث إنها مشتبهات فإن هذا الموضوع في نفسه حكمه الواقعي الحرمة. و الأظهر أن التوقف أعم بحسب المورد من الاحتياط لشموله الأحكام المشتبهة في الأموال و الأعراض و النفوس مما يجب فيها الصلح أو القرعة فمن عبر به أراد وجوب التوقف في جميع الوقائع الخالية عن النص العام و الخاص.

و الاحتياط أعم من موارد احتمال فمن عبر به أراد الأعم من محتمل التحريم و محتمل الوجوب مثل وجوب السورة أو وجوب الجزاء المردد بين نصف الصيد و كله.

و أما الحرمة الظاهرية و الواقعية فيحتمل الفرق بينهما بأن المعبر بالأولى قد لاحظ الحرمة من حيث عروضها لموضوع محكوم بحكم واقعي فالحرمة ظاهرية و المعبر بالثانية قد لاحظها من حيث عروضها لمشتبه الحكم و هو موضوع من الموضوعات الواقعية فالحرمة واقعية أو بملاحظة أنه إذا منع الشارع من حيث إنه جاهل بالحكم من الفعل فلا يعقل إباحته له واقعا لأن معنى الإباحة الإذن و الترخيص فتأمل.

و يحتمل الفرق بأن القائل بالحرمة الظاهرية يحتمل أن يكون الحكم في الواقع هي الإباحة إلا أن أدلة الاجتناب عن الشبهات حرمتها ظاهرا و القائل بالحرمة الواقعية إنما يتمسك في ذلك بأصالة الحظر في الأشياء من باب قبح التصرف فيما يختص بالغير بغير إذنه.

و يحتمل الفرق بأن معنى الحرمة الظاهرية حرمة الشي‏ء في الظاهر فيعاقب عليه مطلقا و إن كان مباحا في الواقع و القائل بالحرمة الواقعية يقول بأنه لا حرمة ظاهرا أصلا فإن كان في الواقع حراما استحق المؤاخذة عليه و إلا فلا و ليس معناها أن المشتبه حرام واقعا بل معناه أنه ليس فيه إلا الحرمة الواقعية على تقدير ثبوتها فإن هذا أحد الأقوال للأخباريين في المسألة على ما ذكر العلامة الوحيد المتقدم في موضع آخر حيث قال بعد رد خبر التثليث المتقدم بأنه لا يدل على‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 362

الحظر أو وجوب التوقف بل مقتضاه أن من ارتكب شبهة و اتفق كونه حراما في الواقع يهلك لا مطلقا و يخطر بخاطري أن من الأخباريين من يقول بهذا المعنى انتهى.

و لعل هذا القائل اعتمد في ذلك على ما ذكرنا سابقا من أن الأمر العقلي و النقلي بالاحتياط للإرشاد من قبيل أوامر الطبيب لا يترتب على موافقتها و مخالفتها عدا ما يترتب على نفس الفعل المأمور به أو تركه لو لم يكن أمر نعم الإرشاد على مذهب هذا الشخص على وجه اللزوم كما في بعض أوامر الطبيب لا للأولوية كما اختاره القائلون بالبراءة.

و أما ما يترتب على نفس الاحتياط فليس إلا التخلص من الهلاك المحتمل في الفعل نعم فاعله يستحق المدح من حيث تركه لما يحتمل أن يكون تركه مطلوبا عند المولى ففيه نوع من الانقياد و يستحق عليه المدح و الثواب و أما تركه فليس فيه إلا التجري بارتكاب ما يحتمل أن يكون مبغوضا للمولى و لا دليل على حرمة التجري على هذا الوجه و استحقاق العقاب عليه بل عرفت في مسألة حجية العلم المناقشة في حرمة التجري بما هو أعظم من ذلك كأن يكون الشي‏ء مقطوع الحرمة بالجهل المركب و لا يلزم من تسليم استحقاق الثواب على الانقياد بفعل الاحتياط استحقاق العقاب بترك الاحتياط و التجري بالإقدام على ما يحتمل كونه مبغوضا و سيأتي تتمة توضيح ذلك في الشبهة المحصورة إن شاء الله تعالى‏

الخامس‏

أن أصل الإباحة في مشتبه الحكم 2 إنما هو مع عدم أصل موضوعي حاكم عليه فلو شك في حل أكل حيوان مع العلم بقبوله التذكية جرى أصالة الحل و إن شك فيه من جهة الشك في قبوله للتذكية فالحكم الحرمة لأصالة عدم التذكية لأن من شرائطها قابلية المحل و هي مشكوكة فيحكم بحرمتها و كون الحيوان ميتة.

و يظهر من المحقق و الشهيد الثانيين قدس سرهما فيما إذا شك في حيوان متولد من طاهر و نجس لا يتبعهما في الاسم و ليس له مماثل أن الأصل فيه الطهارة و الحرمة.

فإن كان الوجه فيه أصالة عدم التذكية فإنما يحسن مع الشك في قبول التذكية و عدم عموم يدل على جواز تذكية كل حيوان إلا ما خرج كما ادعاه بعض.

و إن كان الوجه فيه أصالة حرمة أكل لحمه قبل التذكية ففيه أن الحرمة قبل التذكية لأجل‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 363

كونه من الميتة فإذا فرض إثبات جواز تذكيته خرج عن الميتة فيحتاج حرمته إلى موضوع آخر و لو شك في قبول التذكية رجع إلى الوجه السابق و كيف كان فلا يعرف وجه لرفع اليد عن أصالة الحل و الإباحة. نعم ذكر شارح الروضة هنا وجها آخر و نقله بعض محشيها عن تمهيد القواعد (قال شارح الروضة إن كلا من النجاسات و المحللات محصورة فإذا لم يدخل في المحصور منها كان الأصل طهارته و حرمة لحمه و هو ظاهر انتهى).

و يمكن منع حصر المحللات بل المحرمات محصورة و العقل و النقل دل على إباحة ما لم يعلم حرمته و لذا يتمسكون كثيرا بأصالة الحل في باب الأطعمة و الأشربة.

و لو قيل إن الحل إنما في قوله تعالى قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ المفيد للحصر في مقام الجواب عن الاستفهام فكل ما شك في كونه طيبا فالأصل عدم إحلال الشارع له.

قلنا إن التحريم محمول في القرآن على الخبائث و الفواحش فإذا شك فيه فالأصل عدم التحريم و مع تعارض الأصلين يرجع إلى أصالة الإباحة و عموم قوله تعالى قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ (و قوله عليه السلام: ليس الحرام إلا ما حرم الله تعالى) مع أنه يمكن فرض كون الحيوان مما ثبت كونه طيبا بل الطيب ما لا يستقذر فهو أمر عدم ي يمكن إحرازه بالأصل عند الشك فتدبر.

السادس‏

(حكي عن بعض الأخباريين كلام لا يخلو إيراده عن فائدة و هو أنه هل يجوز أحد أن يقف عبد من عباد الله فيقال له بما كنت تعمل في الأحكام الشرعية فيقول كنت أعمل بقول المعصوم و أقتفي أثره و ما يثبت من المعلوم فإن اشتبه على شي‏ء عملت بالاحتياط أ فيزل قدم هذا العبد عن الصراط و يقابل بالإهانة و الإحباط فيؤمر به إلى النار و يحرم مرافقة الأبرار هيهات هيهات أن يكون أهل التسامح و التساهل في الدين في الجنة خالدين و أهل الاحتياط في النار معذبين انتهى كلامه).

أقول لا يخفى على العوام فضلا عن غيرهم أن أحدا لا يقول بحرمة الاحتياط و لا ينكر حسنه و

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 364

أنه سبيل النجاة و أما الإفتاء بوجوب الاحتياط فلا إشكال في أنه غير مطابق للاحتياط لاحتمال حرمته فإن ثبت وجوب الإفتاء فالأمر يدور بين الوجوب و التحريم و إلا فالاحتياط في ترك الفتوى و حينئذ فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله فإن التفت إلى قبح العقاب من غير بيان لم يكن عليه بأس في ارتكاب المشتبه و إن لم يلتفت إليه و احتمل العقاب كان مجبولا على الالتزام بتركه كمن احتمل أن فيما يريد سلوكه من الطريق سبعا و على كل تقدير فلا ينفع قول الأخباريين له إن العقل يحكم بوجوب الاحتياط من باب وجوب دفع الضرر المحتمل و لا قول الأصولي له إن العقل يحكم بنفي البأس مع الاشتباه.

و بالجملة فالمجتهدون لا ينكرون على العامل بالاحتياط و الإفتاء بوجوبه من الأخباريين نظير الإفتاء بالبراءة من المجتهدين و لا متيقن من الأمرين في البين و مفاسد الالتزام بالاحتياط ليست بأقل من مفاسد ارتكاب المشتبه كما لا يخفى فما ذكره هذا الأخباري من الإنكار لم يعلم توجهه إلى أحد و الله العالم و هو الحاكم‏

فرائد الاصول (طبع انتشارات اسلامى)، ج‏1، ص: 365