حضرت امام علی عليه‌السلام نے فرمایا: راہِ خدا میں بھائی چارہ، برادری میں اضافے کا موجب ہوتا ہے غررالحکم حدیث4225

*کتاب المکاسب*
فی المکاسب المحرمة
تقسیم المکاسب إلى الأحکام الخمسة
النوع‏ الأول الاکتساب بالأعیان النجسة عدا ما استثنی
المسئلة الأولى یحرم المعاوضة على بول
المسئلة الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة
المسئلة الثالثة یحرم المعاوضة على الدم
المسئلة الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی‏
المسئلة الخامسة تحرم المعاوضة على المیتة
المسئلة السادسة یحرم التکسب بالکلب و الخنزیر
المسئلة السابعة یحرم التکسب بالخمر
المسئلة الثامنة یحرم المعاوضة على الأعیان المتنجسة
و أما المستثنى من الأعیان المتقدمة
المسئلة الأولى یجوز بیع المملوک الکافر
المسئلة الثانیة یجوز المعاوضة على غیر کلب الهراش
المسئلة الثالثة المعاوضة على العصیر العنبی‏
المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏
بقی الکلام فی حکم نجس العین
النوع الثانی مما یحرم التکسب به لتحریم ما یقصد به‏
القسم الأول ما لا یقصد من وجوده إلا الحرام‏
منها هیاکل العبادة المبتدعة
منها آلات القمار بأنواعه
منها آلات اللهو على اختلاف أصنافها
منها أوانی الذهب و الفضة
منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس‏
القسم الثانی ما یقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
المسئلة الأولى بیع العنب على أن یعمل خمرا
المسألة الثانیة یحرم المعاوضة على الجاریة المغنیة
المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا
القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا
النوع الثالث ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها
النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما‏
المسألة الأولى تدلیس الماشطة
المسألة الثانیة تزیبن الرجل بما یحرم علیه
المسألة الثالثة التشبیب بالمرأة
المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح
المسألة الخامسة التطفیف
المسألة السادسة التنجیم
المسألة السابعة حفظ کتب الضلال
المسألة الثامنة الرشوة
المسئلة التاسعة سب المؤمنین
المسئلة العاشرة السحر
المسئلة الحادیة عشرة الشعبذة
المسئلة الثانیة عشرة الغش
المسئلة الثالثة عشرة الغناء
المسئلة الرابعة عشرة الغیبة
المسئلة الخامسة عشرة القمار
المسئلة السادسة عشرة القیادة
المسئلة السابعة عشرة القیافة
المسئلة الثامنة عشرة الکذب
المسئلة التاسعة عشرة الکهانة
المسئلة العشرون اللهو
المسئلة الحادیة و العشرون مدح من لا یستحق المدح
المسئلة الثانیة و العشرون معونة الظالمین
المسئلة الثالثة و العشرون النجش
المسئلة الرابعة و العشرون النمیمة
المسئلة الخامسة و العشرون النوح بالباطل‏
المسئلة السادسة و العشرون الولایة من قبل الجائر
و ینبغی التنبیه على أمور
خاتمة فیما ینبغی للوالی العمل به فی نفسه و فی رعیته‏
المسئلة السابعة و العشرون هجاء المؤمن
المسئلة الثامنة و العشرون الهجر
النوع‏ الخامس حرمة التکسب بالواجبات
الأولى بیع المصحف‏
الثانیة جوائز السلطان و عماله
الثالثة ما یأخذه السلطان لأخذ الخراج و المقاسمة
التنبیه الاول
التنبیه الثانی
التنبیه الثالث
التنبیه الرابع
التنبیه الخامس
التنبیه السادس
التنبیه السابع
التنبیه الثامن

مکاسب حصہ اول

المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏

المسئلة الرابعة یجوز المعاوضة على الدهن المتنجس‏ على المعروف من مذهب الأصحاب و جعل هذا من المستثنى عن بیع الأعیان النجسة مبنی على المنع من الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدلیل أو على المنع من بیع المتنجس و إن جاز الانتفاع به نفعا مقصودا محللا و إلا کان الاستثناء منقطعا من حیث إن المستثنى منه ما لیس فیه منفعة محللة مقصودة من النجاسات و المتنجسات و قد تقدم أن المنع عن بیع النجس فضلا عن المتنجس لیس إلا من حیث حرمة المنفعة المقصودة فإذا فرض حلها فلا مانع من البیع و یظهر من الشهید الثانی فی المسالک‏ خلاف ذلک و أن جواز بیع الدهن للنص لا لجواز الانتفاع به و إلا لاطرد الجواز فی غیر الدهن أیضا و أما حرمة الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدلیل فسیجی‏ء الکلام فیه إن شاء الله تعالى و کیف کان فلا إشکال فی جواز بیع الدهن المذکور و عن جماعة الإجماع علیه فی الجملة.

و الأخبار به مستفیضة منها الصحیح عن معاویة بن وهب عن أبی عبد الله ع قال: قلت له جرذ مات فی سمن أو زیت أو عسل قال ع أما السمن و العسل فیؤخذ الجرذ و ما حوله و الزیت یستصبح به و زاد فی المحکی عن التهذیب أنه یبیع ذلک الزیت و یبینه لمن اشتراه لیستصبح به و لعل الفرق بین الزیت و أخویه من جهة کونه مائعا غالبا بخلاف السمن و العسل و فی روایة إسماعیل الآتیة إشعار بذلک و منها الصحیح عن سعید الأعرج عن أبی عبد الله ع: فی الفأرة و الدابة تقع فی الطعام و الشراب فتموت فیه قال ع إن کان سمنا أو عسلا أو زیتا فإنه ربما یکون بعض هذا فإن کان الشتاء فانزع ما حوله و کله و إن کان الصیف فادفعه حتى یسرج به و منها ما عن أبی بصیر فی الموثق: عن الفأرة تقع فی السمن أو فی الزیت فتموت فیه قال ع إن کان جامدا فلیطرحها و ما حولها و یؤکل ما بقی و إن کان ذائبا فأسرج به و أعلمهم إذا بعته و منها روایة إسماعیل بن عبد الخالق قال: سأله سعید الأعرج السمان و أنا حاضر عن السمن و الزیت و العسل تقع فیه الفأرة فتموت کیف یصنع به قال ع أما الزیت فلا تبعه إلا أن تبین له فیبتاع للسراج و أما الأکل فلا و أما السمن فإن کان ذائبا فکذلک و إن کان جامدا و الفأرة فی أعلاه فیؤخذه ما تحتها و ما حولها ثم لا بأس به و العسل کذلک إن کان جامدا.

إذا عرفت هذا فالإشکال یقع فی مواضع‏:

الأول أن صحة بیع هذا الدهن هل هی مشروطة باشتراط الاستصباح به‏ صریحا أو یکفی قصدهما لذلک أو لا یشترط أحدهما ، ظاهر الحلی فی السرائر الأول- فإنه بعد ذکر جواز الاستصباح بالأدهان المتنجسة جمع قال و یجوز بیعها بهذا الشرط عندنا و ظاهر المحکی عن الخلاف الثانی حیث قال جاز بیعه لمن یستصبح به تحت السماء دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم و قال أبو حنیفة یجوز مطلقا و نحوه مجردا عن دعوى الإجماع عبارة المبسوط و زاد أنه لا یجوز بیعه إلا لذلک و ظاهره کفایة القصد و هو ظاهر غیره ممن عبر بقوله جاز بیعه للاستصباح- کما فی الشرائع و القواعد و غیرهما. نعم ذکر المحقق الثانی ما حاصله أن التعلیل راجع إلى الجواز یعنی یجوز لأجل تحقق فائدة الاستصباح بیعه و کیف کان فقد صرح جماعة بعدم اعتبار قصد الاستصباح.

و یمکن أن یقال باعتبار قصد الاستصباح إذا کانت المنفعة المحللة منحصرة فیه و کان من منافعه النادرة التی لا تلاحظ فی مالیته کما فی دهن اللوز و البنفسج و شبههما و وجهه أن مالیة الشی‏ء إنما هی باعتبار منافعه المحللة المقصودة منه لا باعتبار مطلق الفوائد غیر الملحوظة فی مالیته و لا باعتبار الفوائد الملحوظة المحرمة فإذا فرض أن لا فائدة فی الشی‏ء محللة ملحوظة فی مالیته فلا یجوز بیعه على الإطلاق لأن الإطلاق ینصرف إلى کون الثمن بإزاء المنافع المقصودة منه و المفروض حرمتها فیکون أکلا للمال بالباطل و لا على قصد الفائدة النادرة المحللة لأن قصد الفائدة النادرة لا یوجب کون الشی‏ء مالا. ثم إذا فرض ورود النص الخاص على جواز بیعه کما فیما نحن فیه فلا بد من حمله على إرادة صورة قصد الفائدة النادرة لأن أکل المال حینئذ لیس بالباطل‏ بحکم الشارع بخلاف صورة عدم القصد لأن المال فی هذه الصورة مبذول فی مقابل المطلق المنصرف إلى الفوائد المحرمة فافهم و حینئذ فلو لم یعلم المتبایعان جواز الاستصباح بهذا الدهن و تعاملا من غیر قصد إلى هذه الفائدة کانت المعاملة باطلة لأن المال مبذول مع الإطلاق فی مقابل الشی‏ء باعتبار الفوائد المحرمة. ثم لو علمنا عدم التفات المتعاملین إلى المنافع أصلا أمکن صحتها لأنه مال واقعی شرعا قابل لبذل المال بإزائه و لم یقصد به ما لا یصح بذل المال بإزائه من المنافع المحرمة و مرجع هذا فی الحقیقة إلى أنه لا یشترط إلا عدم قصد المنافع المحرمة فافهم.

و أما فیما کان الاستصباح منفعة غالبة بحیث کان مالیة الدهن باعتباره کالأدهان المعدة للإسراج فلا یعتبر فی صحة بیعه قصده أصلا لأن الشارع قد قرر مالیته العرفیة بتجویز الاستصباح به و إن فرض حرمة سائر منافعه بناء على أضعف الوجهین من وجوب الاقتصار فی الانتفاع بالنجس على مورد النص. و کذا إذا کان الاستصباح منفعة مقصودة مساویة لمنفعة الأکل المحرم کالألیة و الزیت و عصارة السمسم فلا یعتبر قصد المنفعة المحللة فضلا عن اشتراطه إذ یکفی فی مالیته وجود المنفعة المقصودة المحللة غایة الأمر کون حرمة منفعته الأخرى المقصودة نقصا فیه یوجب الخیار للجاهل‏.

نعم یشترط عدم اشتراط المنفعة المحرمة بأن یقول بعتک بشرط أن تأکله و إلا فسد العقد ب فساد الشرط بل یمکن الفساد و إن لم نقل بإفساد الشرط الفاسد لأن مرجع الاشتراط فی هذا الفرض إلى تعیین المنفعة المحرمة علیه فیکون أکل الثمن أکلا بالباطل لأن حقیقة النفع العائد إلى المشتری بإزاء ثمنه هو النفع المحرم فافهم بل یمکن القول بالبطلان بمجرد القصد و إن لم یشترط فی متن العقد و بالجملة فکل بیع قصد فیه منفعة محرمة بحیث قصد أکل الثمن أو بعضه بإزاء المنفعة المحرمة کان باطلا کما یومئ‏

إلى ذلک ما ورد فی تحریم شراء الجاریة المغنیة و بیعها و صرح فی التذکرة بأن الجاریة المغنیة إذا بیعت بأکثر مما یرغب فیها لو لا الغناء فالوجه التحریم انتهى.

ثم إن الأخبار المتقدمة خالیة عن اعتبار قصد الاستصباح‏ لأن موردها مما یکون الاستصباح فیه منفعة مقصودة منها کافیة فی مالیتها العرفیة و ربما یتوهم من قوله ع- فی روایة الأعرج المتقدمة تبینه لمن یشتریه فیبتاع للسراج اعتبار القصد و یدفعه أن الابتیاع للسراج إنما جعل غایة للإعلام بمعنى أن المسلم إذا اطلع على نجاسته فیشتریه للإسراج نظیر قوله ع فی روایة معاویة بن وهب: یبینه لمن اشتراه لیستصبح به.

الثانی أن ظاهر بعض الأخبار وجوب الإعلام فهل یجب مطلقا أم لا- و هل وجوبه نفسی أم شرطی‏ بمعنى اعتبار اشتراطه فی صحة البیع الذی ینبغی أن یقال إنه لا إشکال فی وجوب الإعلام إن قلنا باعتبار اشتراط الاستصباح فی العقد أو تواطئهما علیه من الخارج لتوقف القصد على العلم بالنجاسة و أما إذا لم نقل باعتبار اشتراط الاستصباح فی العقد فالظاهر وجوب الإعلام وجوبا نفسیا- قبل العقد أو بعده لبعض الأخبار المتقدمة- و فی قوله ع: یبینه لمن اشتراه لیستصبح به إشارة إلى وجوب الإعلام لئلا یأکله فإن الغایة للإعلام لیس هو تحقق الاستصباح إذ لا ترتب بینهما شرعا و لا عقلا و لا عادة- بل الفائدة حصر الانتفاع فیه بمعنى عدم الانتفاع به فی غیره‏ ففیه إشارة إلى وجوب إعلام الجاهل بما یعطى إذا کان الانتفاع الغالب به محرما بحیث یعلم عادة وقوعه فی الحرام لو لا الإعلام فکأنه قال أعلمه لأن لا یقع فی الحرام الواقعی بترکک الإعلام‏.

و یشیر إلى هذه القاعدة کثیر من الأخبار المتفرقة الدالة على حرمة تعزیر الجاهل بالحکم أو الموضوع فی المحرمات مثل ما دل على أن من أفتى بغیر علم لحقه وزر من عمل بفتیاه فإن إثبات الوزر للمباشر من جهة فعل القبیح‏ الواقعی و حمله على المفتی من حیث التسبیب و التغریر و مثل قوله ع: ما من إمام صلى بقوم فیکون فی صلاتهم تقصیر- إلا کان علیه أوزارهم: و فی روایة أخرى: فیکون فی صلاته و صلاتهم تقصیر إلا کان إثم ذلک علیه: و فی روایة أخرى: لا یضمن الإمام صلاتهم إلا أن یصلی بهم جنبا و مثل روایة أبی بصیر المتضمنة لکراهة أن تسقى البهیمة أو تطعم ما لا یحل للمسلم أکله أو شربه فإن فی کراهة ذلک فی البهائم إشعارا بحرمته بالنسبة إلى المکلف و یؤیده أن أکل الحرام و شربه من القبیح و لو فی حق الجاهل و لذا یکون الاحتیاط فیه مطلوبا مع الشک إذ لو کان للعلم دخل فی قبحه لم یحسن الاحتیاط و حینئذ فیکون إعطاء النجس للجاهل المذکور إغراء بالقبیح و هو قبیح عقلا. بل قد یقال بوجوب الإعلام و إن لم یکن منه تسبیب کما لو رأى نجسا فی یده یرید أکله و هو الذی صرح به العلامة رحمه الله فی أجوبة المسائل المهنائیة حیث سأله السید المهنا عمن رأى فی ثوب المصلی نجاسة فأجاب بأنه یجب الإعلام لوجوب النهی عن المنکر لکن إثبات هذا مشکل‏.

و الحاصل أن هنا أمورا أربعة. أحدها أن یکون فعل الشخص علة تامة لوقوع الحرام فی الخارج کما إذا أکره غیره على المحرم و لا إشکال فی حرمته و کون وزر الحرام علیه بل أشد لظلمة. و ثانیها أن یکون فعله سببا للحرام کمن قدم إلى غیره محرما و مثله ما نحن فیه و قد ذکرنا أن الأقوى فیه التحریم لأن استناد الفعل إلى السبب أقوى- فنسبة فعل الحرام إلیه أولى و لذا یستقر الضمان على السبب دون المباشر الجاهل بل قیل إنه لا ضمان ابتداء إلا علیه. الثالث أن یکون شرطا لصدور الحرام و هذا یکون على وجهین أحدهما أن یکون من قبیل إیجاد الداعی على المعصیة إما لحصول الرغبة فیها کترغیب الشخص على المعصیة و إما لحصول العناد من الشخص حتى یقع فی المعصیة کسب آلهة الکفار الموجب لإلقائهم فی سب الحق عنادا أو سب آباء الناس الموقع لهم فی سب أبیه و الظاهر حرمة القسمین و قد ورد فی ذلک عدة من الأخبار. ثانیهما أن یکون بإیجاد شرط آخر غیر الداعی کبیع العنب ممن یعلم أنه یجعله خمرا و سیأتی الکلام فیه. الرابع أن یکون من قبیل عدم المانع و هذا یکون تارة مع الحرمة الفعلیة فی حق الفاعل کسکوت الشخص عن المنع من المنکر و لا إشکال فی الحرمة بشرائط النهی عن المنکر و أخرى مع عدم الحرمة الفعلیة بالنسبة إلى الفاعل کسکوت العالم عن إعلام الجاهل کما فیما نحن فیه فإن صدور الحرام منه مشروط بعدم إعلامه‏.

فهل یجب دفع الحرام بترک السکوت أم لا؟ فیه إشکال إلا إذا علمنا من الخارج وجوب دفع ذلک لکونه فسادا قد أمر بدفعه کل من قدر علیه کما لو اطلع على عدم إباحة دم من یرید الجاهل قتله أو عدم إباحة عرضه له أو لزم من سکوته ضرر مالی قد أمرنا بدفعه عن کل أحد فإنه یجب الإعلام و الردع لو لم یرتدع بالإعلام بل الواجب هو الردع و لو بدون الإعلام ففی الحقیقة الإعلام بنفسه غیر واجب. و أما فیما تعلق بغیر الثلاثة من حقوق الله فوجوب دفع مثل هذا الحرام مشکل لأن الظاهر من أدلة النهی عن المنکر وجوب الردع عن المعصیة فلا یدل على وجوب إعلام الجاهل بکون فعله معصیة نعم وجب ذلک فیما إذا کان الجهل بالحکم لکنه من حیث وجوب تبلیغ التکالیف لیستمر التکلیف إلى آخر الأبد بتبلیغ الشاهد الغائب فالعالم فی الحقیقة مبلغ عن الله لیتم الحجة على الجاهل و یتحقق فیه قابلیة الإطاعة و المعصیة.

ثم إن بعضهم استدل على وجوب الإعلام بأن النجاسة عیب‏ خفی فیجب إظهارها و فیه مع أن وجوب الإعلام على القول به لیس مختصا بالمعاوضات بل یشمل مثل الإباحة و الهبة من المجانیات أن کون النجاسة عیبا لیس إلا لکونه منکرا واقعیا و قبیحا فإن ثبت ذلک حرم الإلقاء فیه مع قطع النظر عن مسألة وجوب إظهار العیب و إلا لم یکن عیبا فتأمل.

الثالث المشهور بین الأصحاب وجوب کون الاستصباح تحت السماء بل فی السرائر أن الاستصباح به تحت الظلال محظور بغیر خلاف و فی المبسوط أنه روى أصحابنا أنه یستصبح به تحت السماء دون السقف لکن الأخبار المتقدمة على کثرتها و ورودها فی مقام البیان ساکتة عن هذا القید و لا مقید لها من الخارج عدا ما یدعى من مرسلة الشیخ- المنجبرة بالشهرة المحققة و الاتفاق المحکی لکن لو سلم الانجبار فغایة الأمر دورانه بین تقیید المطلقات المتقدمة أو حمل الجملة الخبریة على الاستحباب أو الإرشاد لئلا یتأثر السقف بدخان النجس الذی هو نجس بناء على ما ذکره الشیخ من دلالة المرسلة على نجاسة الدخان النجس إذ قد لا یخلو من أجزاء لطیفة دهنیة تتصاعد بواسطة الحرارة و لا ریب أن مخالفة الظاهر فی المرسلة خصوصا بالحمل على الإرشاد دون الاستحباب أولى خصوصا مع ابتناء التقیید إما على ما ذکره الشیخ من دلالة الروایة على نجاسة الدخان المخالفة للمشهور و إما على کون الحکم تعبدا محضا و هو فی غایة البعد. و لعله لذلک أفتى فی المبسوط بالکراهة مع روایته للمرسلة.

و الإنصاف أن المسألة لا تخلو عن إشکال‏ من حیث ظاهر الروایات البعیدة عن التقیید لإبائها فی أنفسها عنه و إباء المقید عنه و من حیث الشهرة المحققة و الاتفاق المنقول و لو رجع إلى أصالة البراءة حینئذ لم یکن إلا بعیدا عن الاحتیاط و جرأة على مخالفة المشهور.

ثم إن العلامة فی المختلف فصل‏ بین ما إذا علم بتصاعد شی‏ء من أجزاء الدهن و ما إذا لم یعلم فوافق المشهور فی الأول و هو مبنی على ثبوت حرمة تنجیس السقف و لم یدل علیه دلیل و إن کان ظاهر کل من حکم بکون الاستصباح تحت السماء تعبدا لا لنجاسة الدخان معللا بطهارة دخان النجس التسالم على حرمة التنجیس و إلا لکان الأولى تعلیل التعبد به لا بطهارة الدخان کما لا یخفى‏.

الرابع هل یجوز الانتفاع بهذا الدهن فی غیر الاستصباح‏ بأن یعمل صابونا أو یطلى به الأجرب أو السفن قولان مبنیان على أن الأصل فی المتنجس جواز الانتفاع إلا ما خرج بالدلیل کالأکل و الشرب و الاستصباح تحت الظل أو أن القاعدة فیه المنع عن التصرف إلا ما خرج بالدلیل کالاستصباح تحت السماء و بیعه لیعمل صابونا على روایة ضعیفة تأتی‏.

و الذی صرح به فی مفتاح الکرامة هو الثانی و وافقه بعض مشایخنا المعاصرین و هو ظاهر جماعة من القدماء کالشیخین و السیدین و الحلی و غیرهم. قال فی الانتصار و مما انفردت به الإمامیة أن کل طعام عالجه أهل الکتاب و من ثبت کفرهم بدلیل قاطع لا یجوز أکله و لا الانتفاع به و اختلف باقی الفقهاء فی ذلک و قد دللنا على ذلک فی کتاب الطهارة حیث دللنا على أن سؤر الکفار نجس.

و قال فی المبسوط فی الماء المضاف إنه مباح التصرف فیه بأنواع التصرف ما لم تقع فیه نجاسة فإن وقعت فیه نجاسة لم یجز استعماله على حال و قال فی حکم الماء المتغیر بالنجاسة إنه لا یجوز استعماله إلا عند الضرورة للشرب لا غیر و قال فی النهایة و إن کان ما حصل فیه المیتة مائعا لم یجز استعماله و وجب إهراقه انتهى و قریب منه عبارة المقنعة.

و قال فی الخلاف فی حکم السمن و البذر و الشیرج و الزیت إذا وقعت فیه فأرة إنه جاز الاستصباح به و لا یجوز أکله و لا الانتفاع به بغیر الاستصباح و به قال الشافعی و قال قوم من أصحاب الحدیث لا ینتفع به بحال لا باستصباح و لا غیره بل یراق کالخمر و قال أبو حنیفة یستصبح به و یباع لذلک مطلقا و قال ابن داود إن کان المائع سمنا لم ینتفع به و إن کان غیره من الأدهان لم ینجس بموت الفأرة فیه و یحل أکله و شربه لأن الخبر ورد فی السمن فحسب دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم‏.

و فی السرائر فی حکم الدهن المتنجس أنه لا یجوز الادهان به و لا استعماله فی شی‏ء من الأشیاء عدا الاستصباح تحت السماء انتهى و ادعى فی موضع آخر أن الاستصباح به تحت الظلال محظور بغیر خلاف‏.

و قال ابن زهرة بعد أن اشترط فی المبیع أن یکون مما ینتفع به منفعة محللة و شرطنا فی المنفعة أن تکون مباحة تحفظا من المنافع المحرمة و یدخل فی ذلک کل نجس لا یمکن تطهیره عدا ما استثنی من بیع الکلب المعلم للصید و الزیت النجس للاستصباح به تحت السماء و هو إجماع الطائفة ثم استدل على جواز بیع الزیت بعد الإجماع بأن النبی ص أذن فی الاستصباح به تحت السماء قال و هذا یدل على جواز بیعه لذلک انتهى‏.

و لکن الأقوى وفاقا لأکثر المتأخرین جواز الانتفاع إلا ما خرج بالدلیل‏ و یدل علیه أصالة الجواز و قاعدة حل الانتفاع بما فی الأرض و لا حاکم علیها سوى ما یتخیل من بعض الآیات و الأخبار و دعوى الجماعة المتقدمة الإجماع على المنع‏ و الکل غیر قابل لذلک.

أما الآیات فمنها قوله تعالى‏ إنما الخمر و المیسر و الأنصاب و الأزلام‏ رجس من عمل الشیطان فاجتنبوه‏ دل بمقتضى التفریع على وجوب اجتناب‏ کل رجس و فیه أن الظاهر من الرجس ما کان کذلک فی ذاته لا ما عرض له ذلک فیختص بالعناوین النجسة و هی النجاسات العشر مع أنه لو عم المتنجس لزم أن یخرج عنه أکثر الأفراد فإن أکثر المتنجسات لا یجب الاجتناب عنه مع أن وجوب الاجتناب ثابت فیما کان رجسا من عمل الشیطان یعنی من مبتدعاته فیختص وجوب الاجتناب المطلق بما کان من عمل الشیطان سواء أ کان نجسا کالخمر أم قذرا معنویا مثل المیسر. و من المعلوم أن المائعات المتنجسة کالدهن و الطین و الصبغ و الدبس إذا تنجست لیست من أعمال الشیطان و إن أرید من عمل الشیطان عمل المکلف المتحقق فی الخارج بإغوائه لیکون المراد بالمذکورات استعمالها على النحو الخاص فالمعنى أن الانتفاع بهذه المذکورات رجس من عمل الشیطان کما یقال فی سائر المعاصی إنها من عمل الشیطان فلا تدل أیضا على وجوب الاجتناب عن استعمال المتنجس إلا إذا ثبت کون الاستعمال رجسا و هو أول الکلام و کیف کان فالآیة لا تدل على المطلوب و من بعض ما ذکرنا یظهر ضعف الاستدلال على ذلک بقوله تعالى‏ و الرجز فاهجر بناء على أن الرجز هو الرجس و أضعف من الکل الاستدلال بآیة تحریم الخبائث بناء على أن کل متنجس خبیث و التحریم المطلق یفید عموم الانتفاع إذ لا یخفى أن المراد هنا حرمة الأکل بقرینة مقابلته بحلیة الطیبات.

و أما الأخبار فمنها ما تقدم فی روایة تحف العقول حیث علل النهی عن بیع وجوه النجس بأن ذلک کله محرم أکله و شربه و إمساکه و جمیع التقلب فیه. فجمیع التقلب فی ذلک حرام و فیه ما تقدم من أن المراد بوجوه النجس عنواناته المعهودة لأن الوجه هو العنوان و الدهن لیس عنوانا للنجاسة و الملاقی للنجس و إن کان عنوانا للنجاسة لکنه لیس وجها من وجوه النجاسة فی مقابلة غیره و لذا لم یعدوه عنوانا فی مقابل العناوین النجسة مع ما عرفت من لزوم تخصیص الأکثر لو أرید به المنع عن استعمال کل متنجس. و منها ما دل على الأمر بإهراق المائعات الملاقیة للنجاسة و إلقاء ما حول الجامد من الدهن و شبهه و طرحه و قد تقدم بعضها فی مسألة الدهن و بعضها الآخر متفرقة مثل قوله یهریق المرق و نحو ذلک و فیه أن طرحها کنایة عن عدم الانتفاع بها فی الأکل فإن ما أمر بطرحه من جامد الدهن و الزیت یجوز الاستصباح به إجماعا فالمراد اطراحه من ظرف الدهن و ترک الباقی للأکل.

و أما الإجماعات ففی دلالتها على المدعى نظر یظهر من ملاحظتها فإن الظاهر من کلام السید المتقدم أن مورد الإجماع هو نجاسة ما باشره أهل الکتاب و أما حرمة الأکل و الانتفاع فهی من فروعها المتفرعة على النجاسة لا أن معقد الإجماع حرمة الانتفاع بالنجس فإن خلاف باقی الفقهاء فی أصل النجاسة فی أهل الکتاب لا فی أحکام النجس. و أما إجماع الخلاف فالظاهر أن معقده ما وقع الخلاف فیه بینه و بین من ذکر من المخالفین إذ فرق بین دعوى الإجماع على محل النزاع بعد تحریره و بین دعواه ابتداء على الأحکام المذکورات فی عنوان المسألة فإن الثانی یشمل الأحکام کلها و الأول لا یشمل إلا الحکم الواقع مورد الخلاف- لأنه الظاهر من قوله دلیلنا إجماع الفرقة فافهم و اغتنم و أما إجماع السید فی الغنیة فهو فی أصل مسألة تحریم بیع النجاسات و استثناء الکلب المعلم و الزیت المتنجس لا فیما ذکره من أن حرمة بیع المتنجس من حیث دخوله فیما یحرم الانتفاع نعم هو قائل بذلک و بالجملة فلا ینکر ظهور کلام السید فی حرمة الانتفاع بالنجس الذاتی و العرضی و لکن دعواه الإجماع على ذلک بعیدة عن مدلول کلامه جدا و کذلک لا ینکر کون السید و الشیخ قائلین‏ بحرمة الانتفاع بالمتنجس کما هو ظاهر المفید و صریح الحلی لکن دعواهما الإجماع على ذلک ممنوعة عند المتأمل المنصف ثم على تقدیر تسلیم دعواهم الإجماعات فلا ریب فی وهنها بما یظهر من أکثر المتأخرین من قصر حرمة الانتفاع على أمور خاصة.

قال فی المعتبر فی أحکام الماء القلیل المتنجس و کل ماء حکم بنجاسته لم یجز استعماله إلى أن قال و نرید بالمنع عن استعماله الاستعمال فی الطهارة و إزالة الخبث و الأکل و الشرب دون غیره مثل بل الطین و سقی الدابة انتهى. أقول إن بل الصبغ و الحناء بذلک الماء داخل فی الغیر فلا یحرم الانتفاع بهما.

و أما العلامة فقد قصر حرمة استعمال الماء المتنجس فی التحریر و القواعد و الإرشاد على الطهارة و الأکل و الشرب و جوز فی المنتهى الانتفاع بالعجین النجس فی علف الدواب محتجا بأن المحرم على المکلف تناوله و بأنه انتفاع فیکون سائغا للأصل و لا یخفى أن کلا دلیلیه صریح فی حصر التحریم فی أکل العجین المتنجس.

و قال الشهید فی قواعده النجاسة ما حرم استعماله فی الصلاة و الأغذیة ثم ذکر ما یؤید المطلوب. و قال فی الذکرى فی أحکام النجاسة تجب إزالة النجاسة عن الثوب و البدن ثم ذکر المساجد و غیرها إلى أن قال و عن کل مستعمل فی أکل أو شرب أو ضوء تحت ظل للنهی عن النجس و للنص انتهى و مراده بالنهی عن النجس النهی عن أکله و مراده بالنص ما ورد عن النهی عن الاستصباح بالدهن المتنجس تحت السقف فانظر إلى صراحة کلامه فی أن المحرم من الدهن المتنجس بعد الأکل و الشرب خصوص الاستضاءة تحت الظل للنص‏.

و هو المطابق لما حکاه المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد عنه قدس سره فی بعض فوائده من جواز الانتفاع‏ بالدهن المتنجس فی جمیع ما یتصور من فوائده. و قال المحقق و الشهید الثانیان فی المسالک و حاشیة الإرشاد عند قول المحقق و العلامة قدس سرهما تجب إزالة النجاسة عن الأوانی إن هذا إذا استعملت فیما یتوقف استعماله على الطهارة کالأکل و الشرب و سیأتی عن المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد فی مسألة الانتفاع بالإصباغ المتنجسة ما یدل على عدم توقف جواز الانتفاع بها على الطهارة.

و فی المسالک فی ذیل قول المحقق قدس سره و کل مائع نجس عدا الأدهان قال لا فرق فی عدم جواز بیعها على القول بعدم قبولها للطهارة بین صلاحیتها للانتفاع على بعض الوجوه و عدمه و لا بین الإعلام بحالها و عدمه على ما نص علیه الأصحاب و أما الأدهان المتنجسة بنجاسة عارضیة کالزیت تقع فیه الفأرة فیجوز بیعها لفائدة الاستصباح بها و إنما خرج هذا الفرد بالنص و إلا فکان ینبغی مساواتها لغیرها من المائعات المتنجسة التی یمکن الانتفاع بها فی بعض الوجوه و قد ألحق بعض الأصحاب ب بیعها للاستصباح بیعها لیعمل صابونا أو یطلى بها الأجرب و نحو ذلک و یشکل بأنه خروج عن مورد النص المخالف للأصل فإن جاز لتحقق المنفعة فینبغی مثله فی المائعات النجسة التی ینتفع بها کالدبس یطعم للنحل و نحوه و لا یخفى ظهوره فی جواز الانتفاع بالمتنجس و کون المنع من بیعه لأجل النص یقتصر على مورده و کیف کان فالمتتبع فی کلام المتأخرین یقطع بما استظهرناه من کلماتهم و الذی أظن و إن کان الظن لا یغنی لغیری شیئا أن کلمات القدماء یرجع إلى ما ذکره المتأخرون و أن المراد بالانتفاع فی کلمات القدماء الانتفاعات الراجعة إلى الأکل و الشرب و إطعام الغیر و بیعه على نحو بیع ما یحل أکله ثم لو فرضنا مخالفة القدماء کفى موافقة المتأخرین فی دفع الوهن عن الأصل و القاعدة السالمین عما یرد علیهما.

ثم إن على تقدیر جواز غیر الاستصباح من الانتفاعات فالظاهر جواز بیعه لهذه الانتفاعات‏ وفاقا للشهید و المحقق الثانی قدس سرهما قال الثانی فی حاشیة الإرشاد فی ذیل قول العلامة إلا الدهن للاستصباح إن فی بعض الحواشی المنسوبة إلى شیخنا الشهید إن الفائدة لا تنحصر فی ذلک إذ مع فرض فائدة أخرى للدهن لا تتوقف على طهارته یمکن بیعه لها کاتخاذ الصابون منه قال و هو مروی و مثله طلی الدواب. أقول لا بأس بالمصیر إلى ما ذکره شیخنا و قد ذکر أن به روایة انتهى أقول و الروایة إشارة إلى ما عن الراوندی فی کتاب النوادر بإسناده عن أبی الحسن موسى بن جعفر ع و فیه: سئل ع عن الشحم یقع فیه شی‏ء له دم فیموت قال ع تبیعه لمن یعمله صابونا إلى آخر الخبر.

ثم لو قلنا بجواز البیع فی الدهن لغیر المنصوص من الانتفاعات المباحة فهل یجوز بیع غیره من المتنجسات المنتفع بها فی المنافع المقصودة المحللة کالصبغ و الطین و نحوهما أم یقتصر على المتنجس المنصوص و هو الدهن غایة الأمر التعدی من حیث غایة البیع- إلى غیر الاستصباح إشکال‏ من ظهور استثناء الدهن فی کلام المشهور فی عدم جواز بیع ما عداه بل عرفت من المسالک نسبه عدم الفرق بین ما له منفعة محللة و ما لیست له إلى نص الأصحاب‏

مما تقدم فی مسألة جلد المیتة- من أن الظاهر من کلمات جماعة من القدماء و المتأخرین کالشیخ فی الخلاف و ابن زهرة و العلامة و ولده و الفاضل المقداد و المحقق الثانی و غیرهم دوران المنع عن بیع النجس مدار جواز الانتفاع به و عدمه إلا ما خرج بالنص کألیات المیتة مثلا أو مطلق نجس العین على ما سیأتی من الکلام فیه و هذا هو الذی یقتضیه استصحاب الحکم قبل التنجس و هی القاعدة المستفادة من قوله ع فی روایة تحف العقول: أن کل شی‏ء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات فذلک کله حلال. و ما تقدم من روایة دعائم الإسلام من حل بیع کل ما یباح الانتفاع به و أما قوله تعالى‏ فاجتنبوه‏ و قوله تعالى‏ و الرجز فاهجر

قد عرفت أنهما لا تدلان على حرمة الانتفاع بالمتنجس فضلا عن حرمة البیع على تقدیر جواز الانتفاع. و من ذلک یظهر عدم صحة الاستدلال فیما نحن فیه بالنهی فی روایة تحف العقول عن بیع شی‏ء من وجوه النجس بعد ملاحظة تعلیل المنع فیها بحرمة الانتفاع‏.

یمکن حمل کلام من أطلق المنع عن بیع النجس إلا الدهن لفائدة الاستصباح على إرادة المائعات النجسة التی لا ینتفع بها فی غیر الأکل و الشرب منفعة محللة مقصودة من أمثالها و یؤیده تعلیل استثناء الدهن ل فائدة الاستصباح نظیر استثناء بول الإبل للاستشفاء و إن احتمل أن یکون ذکر الاستصباح لبیان ما یشترط أن یکون غایة للبیع. قال فی جامع المقاصد فی شرح قول العلامة قدس سره إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة قال لیس المراد بخاصة بیان حصر الفائدة فی الاستصباح کما هو الظاهر و قد ذکر شیخنا الشهید فی حواشیه أن فی روایة جواز اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس و صرح مع ذلک بجواز الانتفاع به فیما یتصور من فوائده به کطلی الدواب إن قیل إن العبارة تقتضی حصر الفائدة لأن الاستثناء فی سیاق النفی یفید الحصر فإن المعنى فی العبارة إلا الدهن المتنجس لهذه الفائدة قلنا لیس المراد ذلک لأن الفائدة بیان لوجه الاستثناء أی إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح و هذا لا یستلزم الحصر و یکفی فی صحة ما قلنا تطرق الاحتمال فی العبارة المقتضی لعدم الحصر انتهى. و کیف کان فالحکم بعموم کلمات هؤلاء لکل مائع متنجس مثل الطین و الجص المائعین و الصبغ و شبه ذلک محل تأمل و ما نسبه فی المسالک من عدم فرقهم فی المنع عن بیع المتنجس بین ما یصلح للانتفاع به و ما لا یصلح فلم یثبت صحته مع ما عرفت من کثیر من الأصحاب من إناطة الحکم فی کلامهم مدار الانتفاع‏.

و لأجل ذلک استشکل المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد فیما ذکره العلامة بقوله و لا بأس بیع ما عرض له التنجیس مع قبول الطهارة حیث قال مقتضاه أنه لو لم یکن قابلا للطهارة لم یجز بیعه و هو مشکل إذ الأصباغ المتنجسة لا تقبل عند الأکثر و الظاهر جواز بیعها لأن منافعها لا تتوقف على الطهارة اللهم إلا أن یقال إنها تئول إلى حاله یقبل معها التطهیر لکن بعد جفافها بل ذلک هو المقصود منها فاندفع الإشکال. أقول لو لم یعلم من مذهب العلامة- الا أن یقال دوران المنع عن بیع المتنجس مدار حرمة الانتفاع لم یرد على عبارته إشکال لأن المفروض حینئذ التزامه بجواز الانتفاع بالإصباغ مع عدم جواز بیعها إلا أن یرجع الإشکال إلى حکم العلامة و أنه مشکل على مختار المحقق لا إلى کلامه و أن الحکم مشکل على مذهب المتکلم فافهم ثم إن ما دفع به الإشکال من جعل الأصباغ قابلة للطهارة إنما ینفع فی خصوص الأصباغ. و أما مثل بیع الصابون المتنجس فلا یندفع الإشکال عنه بما ذکره- و قد تقدم منه سابقا جواز بیع الدهن المتنجس لیعمل صابونا بناء على أنه من فوائده المحللة. مع أن ما ذکره من قبول الصبغ التطهیر بعد الجفاف محل نظر قد یدعى الانتفاع المحلل لأن المقصود من قبوله الطهارة قبولها قبل الانتفاع و هو مفقود فی الأصباغ لأن الانتفاع بها و هو الصبغ قبل الطهارة و أما ما یبقى منها بعد الجفاف و هو اللون فهی نفس المنفعة لا الانتفاع مع أنه لا یقبل التطهیر و إنما القابل هو الثوب. ***